السبت، 29 أكتوبر 2016

ترامب «الكريم» يتبرّع بـ 31 ألف دولار فقط لحملته الانتخابية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

اثار المبلغ الذي تبرع به المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، رجل الاعمال دونالد ترامب الى حملته الانتخابية، سخرية الاميركيين، اذ بلغ 31 الف دولار فقط، بعدما كان ترامب وعد مرارا بتمويل كل حملته الرئاسية من جيبه الخاص، مرددا انه خصص 100 مليون دولار لتمويل حملته بهدف المحافظة على استقلاليته بعدم تلقيه اموالا من متبرعين يسعون لشراء النفوذ بتبرعاتهم.

ويتباهي ترامب انه بنى امبراطورية قيمتها 10 مليار دولار، وانه بدأ بناء امبراطوريته المزعومة بقرض من والده بلغ «مليون دولار فقط»، حسب تعبيره، في السبعينات. الا ان عددا من الخبراء الاميركيين يعتقدون ان ثروة ترامب، الذي واجه الافلاس مرات عدة، هي أقل بكثير مما يزعمه المرشح الجمهوري.

ويبدو ان فرخ البط عوام، فاولاد ترامب، الذين يعملون في مؤسساته بمرتبات مرتفعة، لا يبدو انهم تبرعوا لحملة ابيهم الانتخابية، اذ تظهر التقارير ان ابنه اريك ترامب قدم 376 دولار فقط ثمن «وجبات انتخابية»، لكن يبدو ان ترامب الصغير استعاد امواله التي انفقها انتخابيا لمصلحة حملة ابيه من الموازنة العامة للحملة. اما ابنة ترامب، ايفانكا، والتي تظهر التقارير انها تبرعت في الماضي لحملات مرشحين للرئاسة منهم هيلاري كلينتون وجون ماكين، فلا يبدو انها قدمت هذه الدورة الانتخابية اي تبرعات لحملة ابيها الرئاسية.

وكانت تقارير سابقة اظهرت ان حملة ترامب الانتخابية تسدد فواتيرها الى مصالح ترامب التجارية. مثلا، تتحمل الحملة الرئاسية للمرشح الجمهوري تكاليف طائرة ترامب وسفراته المتعددة في ارجاء البلاد. حتى «الأمن السري» الذي تقدمه الحكومة الفيديرالية والمولج حماية ترامب، يسدد ثمن السفر بطائرة ترامب عن المرافقين الذين خصصهم هذا الجهاز لحماية المرشح الجمهوري.

وذاعت انباء بخل الملياردير ترامب واولاده مع اصدار الهيئة الناظمة للانفاق الانتخابي تقاريرها المالية الدورية، والتي جاء فيها انه قبل تسعة ايام من الانتخابات، تتمتع حملة المرشحة الديموقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون برصيد يبلغ 153 مليون دولار، وهو ما يسمح لها بانفاق 17 مليون دولار يوميا على الدعاية الانتخابية وعلى تمويل نشاطات حملتها والمؤيدين لها الذين سيقومون بالقرع على ابواب الاميركيين لحثهم على التصويت لها.

اما رصيد حملة ترامب المالي فبلغ 54 مليون دولار فقط، أي اقل من كلينتون بـ 99 مليون دولار. وعانى ترامب خصوصا بعد احجام معظم المتبرعين الجمهوريين الكبار عن دعم حملته، وتحويلهم تبرعاتهم الانتخابية الى الانتخابات الأقل شأنا، مثل انتخابات الكونغرس والمحافظين ومجالس الولايات، خصوصا بعدما اظهرت استطلاعات الرأي ان تهالك ترامب في استطلاعات الرأي أثر سلبا في حظوظ كل المرشحين الجمهوريين في عموم البلاد.

ويعتقد الخبراء انه عندما يتأكد الناخبون ان مرشحهم لن ينجح، فهم عادة ما يحجمون عن الاقتراع، فيحرمون ترامب اصواتهم، ويحرمونها بذلك للمرشحين الجمهوريين الى المراكز الاخرى. كذلك، يقول الخبراء ان ثقة مؤيدي كلينتون بفوزها له اثار سلبية، اذ هو يؤدي الى تقاعس بين الناخبين المؤيدين لها، وهو ما دفع ماكينة كلينتون الانتخابية الى تصميم ما يعرف باللغة الانتخابية الاميركية «عملية برية» مخصصة «لاخراج الاصوات» من منازلهم الى صناديق الاقتراع يوم 8 نوفمبر.

لكن ترامب لا «عملية برية» لديه، وهو لو كان لديه اي خطة انتخابية من هذا النوع، لتعذر عليه تمويلها بسبب شح موازنة حملته، وهو بالكاد يقوى على تمويل دعايات انتخابية في الولايات المتأرجحة، التي ارتفع عددها بسبب انخفاض شعبيته من 8 الى 13. ويسعى ترامب الى التأثير على 16.5 مليون صوت يعتقد انهم لم يحسموا امرهم بعد، لكن مع التفوق المالي لكلينتون، من غير الواضح كيف يمكن لترامب استقطاب هؤلاء من دون ان تتصدى حملة كلينتون لأي مجهود من هذا النوع قد يقوم به المرشح الجمهوري.

وكان ترامب ادلى بتصريح دعا فيه الى الغاء الانتخابات وتنصيبه رئيسا لأن سياسات كلينتون رديئة جدا، فيما استمر المقربون بترداد مقولة ان ارقام استطلاعات الرأي، التي تشير الى تأخره بنسب كبيرة عن كلينتون، لا تعكس حقيقة رأي الاميركيين، وان ترامب يتمتع بكمية كبيرة من «الاصوات السرية» التي ستقترع لمصلحته يوم الانتخابات وستؤدي الى فوزه بالرئاسة.

الى ذلك، تساءلت حملة المرشحة الديموقراطية، عن تحرك مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) بدراسة ومراجعة المزيد من رسائل البريد الإلكتروني فيما يتعلق باستخدام كلينتون خادم البريد الإلكتروني الخاص بينما كانت وزيرة للخارجية، وطالبت المسؤولين عن إنفاذ القانون بمزيد من المعلومات حول التحقيق.

وقال مدير الحملة، جون بودستا، في بيان (وكالات) «من غير العادي أن نرى شيئا من هذا القبيل قبل 11 يوما فقط من الانتخابات الرئاسية». أضاف أن مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي جيمس كومي «مدين للشعب الأميركي بتوفير التفاصيل الكاملة لما يدرس الآن فورا. ونحن واثقون من أن هذا لن يسفر عن أي استنتاج مختلف عما توصل إليه مكتب التحقيقات الاتحادي في يوليو الماضي».

وتساءل بودستا عن التوقيت الذي دفع المكتب الى اعلان ما اعلنه، وهو ما من شأنه ان يؤدي الى تأثيرات سياسية وانتخابية، مشيرا الى أن الجمهوريين من المرجح أساءوا تفسير ما يحقق فيه مكتب التحقيقات الاتحادي بسبب ما قدمه كومي من معلومات قليلة جدا عن التحقيق.

وفي وقت سابق، دعت كلينتون مكتب التحقيقات الاتحادي إلى الافراج عن «الحقائق الكاملة والتامة» وراء مراجعته لاستخدامها خادم بريد إلكتروني خاص عندما كانت وزيرة للخارجية. وقالت خلال مؤتمر صحافي مقتضب في دي موين في ولاية ايوا «التصويت جار، وبالتالي فإن الشعب الأميركي يستحق الحصول على الحقائق الكاملة والتامة على الفور».

وقالت إنها لا تعرف محتوى الرسائل التي تتم مراجعتها قائلة «في الوقت الراهن، تخمينكم مثل تخميني... ولا أعتقد أن هذا أمر جيد بما فيه الكفاية.»وأعربت عن ثقتها في أنه «أيا كانت (طبيعة رسائل البريد الإلكتروني) فلن تغير من النتيجة التي تم توصل إليها في تيوليو»، في إشارة الى توصية مكتب التحقيقات الاتحادي آنذاك بعدم توجيه اتهامات جنائية ضد كلينتون بسبب هذه القضية.

وكان جهاز «اف بي آي»، في معرض التحقيق مع عضو الكونغرس السابق الديموقراطي عن ولاية نيويورك انتوني وينر للاشتباه بقيامه بارسال صور ورسائل الكترونية ذات طابع جنسي الى مراهقة بعمر ١٥ عاما، وهو ما يحاسب القانون عليه بتهمة «علاقة مع قاصر»، صادرت اجهزة تابعة لوينر، ولزوجته هوما عابدين، وهي اليد اليمنى لكلينتون.

وكتب كومي رسالة الى اعضاء الكونغرس قال فيها ان مكتبه عثر على ايميلات جديدة، ولكنه لا يعلم ان كان لهذه الايميلات الجديدة «اي اهمية».

على الفور تلقف ترامب، الذي يعاني من تأخره امام كلينتون حسب استطلاعات الرأي، الموضوع، واثنى على مكتب التحقيقات معتبرا ان في اعادة فتح التحقيق ادانة لكلينتون واثبات لعدم اهليتها للرئاسة وعدم صدقها.

ورغم ان ما قدمه كومي حتى الآن لا يدين كلينتون، لكن الجو السلبي الذي تولده اخبار من هذا النوع تفتح فرصة امام الجمهوريين وترامب لمحاولة استقطاب غير الحزبيين او المقترعين ممن لم يحسموا خيارهم بعد، خصوصا في الولايات المعروفة بالولايات المتأرجحة.

وكان «اف ابي آي» اجرى تحقيقا مطولا في استخدام كلينتون ايميلا شخصيا اثناء عملها وزيرة للخارجية، وتوصل الى خلاصة مفادها ان ما فعلته كلينتون لا يرقى لكونه عملا جرميا، ولا يتطلب اي ادعاء ضدها، واكتفى بوصفه بأنه عمل «شديد الاهمال».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق