الجمعة، 28 أكتوبر 2016

رابحاً أم خاسراً... ترامب يتطلّع إلى قيادة الجمهوريين بعد الانتخابات

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

ما زالت «الحرب الأهلية» تعصف داخل الحزب الجمهوري الأميركي بقيادة مرشحه للرئاسة رجل الأعمال دونالد ترامب. فرئيس الكونغرس بول ريان، أسرّ لمقربين منه انه ينوي التنحي عن منصبه مع بدء الدورة الجديدة للكونغرس مطلع العام. وريان مازال حديث العهد في موقعه الذي تسلمه خلفا لجون باينر، والاخير كانت افلتت الغالبية في الكونغرس من يديه بسبب تطرف الجناح اليميني، ما اضطره للاستقالة العام الماضي، قبل نهاية ولايته بعام.

ويترافق الاضطراب الذي يسود داخل الحزب الجمهوري مع انكفاء غالبية ممولي الحزب عن تقديم التبرعات، مثل الاخوين كوك، وهما من أغنى 10 رجال في العالم بسبب امبراطوريتهما النفطية، وهما لعبا دورا بارزا في تمويل صعود جناح «حفلة الشاي» اليميني المتطرف، ونجحا في دفع الحزب الجمهوري الى استعادة غالبية مجلس النواب في 2010، وغالبية مجلس الشيوخ في العام 2014.

إلا أن الثورة اليمينية داخل الحزب الجمهوري يبدو انها بدأت تأكل أبناءها، مثل الاخوين كوك، فانتقلت دفة القيادة الى ترامب، الذي تواترت التقارير ان استطلاعات الرأي الخاصة، التي تجريها حملته الانتخابية، تظهر تأخره عن منافسته الجمهورية هيلاري كلينتون في الانتخابات المقررة بعد عشرة أيام.

تقارير اخرى تشير الى ان ترامب، الذي تأذت مصالحه بشكل واسع بسبب حملة مقاطعة شنها الاميركيون ضد فنادقه ومبيعاته، يعمل على خطة «ما بعد الانتخابات الرئاسية»، وهي خطة تنصبه زعيما دائما للحزب الجمهوري، حتى في حال خسارته الانتخابات، كما تقدم له سوقا لمنتجاته الحالية او منتجاته المستقبلية.

ويبدو أن أول المنتجات التي سيعمل ترامب على استغلالها ستأتي على شكل شبكة تلفزيون تحمل اسم «تلفزيون ترامب»، وتقدم برامج سياسية يمينية متطرفة تشبه الخطاب الذي قدمه ترامب اثناء فترة ترشيحه على مدى العام الماضي.

أما آخر تجليات «الحرب الأهلية» داخل الحزب الجمهوري فظهرت أثناء مقابلة استضافت فيها المذيعة على شبكة «فوكس» اليمينية ميغن كيلي، رئيس الكونغرس السابق نيوت غنغريتش، والذي يؤيد ترامب ويطوف البلاد والوسائل الاعلامية لحشد التأييد له. واثناء مشاركته في برنامج كيلي، تطرق النقاش الى موضوع حقوق المرأة الاميركية، فاحتدمت المواجهة الكلامية بينهما، وهو ما ينذر بأن المواجهات بين ابرز الجمهوريين هي في طريقها الى المزيد من التفاقم.

ويساند ترامب قلة من كبار الجمهوريين، مثل زميل كيلي الاعلامي في قناة «فوكس» شون هانيتي، والذي ينصب نفسه قائد الحملة الشعبية ضد المؤسسة الحاكمة داخل الحزب الجمهوري.

وقال هانيتي، ان نتائج الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري أظهرت ان 65 في المئة من الجمهوريين لا يثقون بقيادة الحزب في واشطن، في وقت يكرر ترامب ومجموعته ان ابرز دلائل تعثر المؤسسة الحاكمة للحزب تجلت في الاداء السيئ الذي قدمه المرشح جب بوش اثناء الانتخابات التمهيدية، والذي نال خلاله بضعة موفدين مقابل مبالغ خيالية انفقها على ماكينته الانتخابية.

أما ترامب، فنال ما بين 30 الى 40 في المئة من أصوات الحزبيين بموازنة انتخابية ضئيلة.

لكن القوة التي يستعرضها ترامب داخل حزبه لا تنعكس على صعيد الولايات المتحدة، فاستطلاعات الرأي تشير الى انه قد يتكبد هزيمة تاريخية من نوعها أمام كلينتون. لكن ترامب لا يثق باستطلاعات الرأي، حتى التي يشرف على إجرائها مسؤولو حملته الانتخابية، وهو يعتقد ان جزءا كبيرا من مؤيديه يخجلون من إعلان تأييدهم، لكنهم سيقترعون لمصلحته في كل الاحوال وسيقلبون التوقعات.

وكان ترامب استقدم من بريطانيا خبراء عملوا في حملة انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي، وهو يعتقد انه يمكنه تكرار التجربة البريطانية نفسها، اذ كانت استطلاعات الرأي، عشية الاستفتاء، تشير الى تأخر مؤيدي الانفصال بأربع نقاط مئوية. لكن نتيجة التصويت جاءت معاكسة لكل استطلاعات الرأي، ومفاجئة لكل الخبراء، وأخرجت تاليا بريطانيا من الاتحاد.

ويعتقد مقربون من ترامب ان المرشح الجمهوري، في حال خسارته، ينوي اما السيطرة على الحزب الجمهوري، او اقامة حزب يميني جديد على أنقاض الحزب الجمهوري المتهالك. وربما يتوصل ترامب الى انشاء حزب يميني عنصري بزعامته، على غرار الاحزاب الاوروبية اليمينية المتطرفة التي تتمتع بتأييد كتل متراصة من الناخبين، لكنها كتل شعبية غير كافية للاستيلاء على الحكم عبر صناديق الاقتراع.

ويقول ستيفن بانون، مؤسس موقع «برايتبارت» الاعلامي اليميني المتطرف، وهو احد كبار قادة حملة ترامب الرئاسية، ان المرشح الجمهوري معروف بتأسيسه امبراطوريات عقارية ومالية، وانه يعتقد انه يمكن لترامب ان يؤسس حزبا سياسيا ناجحا على غرار نجاحه في اعماله. لكن ماذا لو تبين ان نجاحات ترامب المالية ليس من الضروري ان تنعكس في السياسة، وهو ما سيتم تأكيده في حال خسارته الانتخابات الرئاسية؟

مؤيدو ترامب يحاولون تفادي الإجابة عن سؤال من هذا النوع، على الأقل حتى تنجلي نتائج الانتخابات المقررة في الثامن من الشهر المقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق