الأحد، 13 نوفمبر 2016

ترامب يتخلّى عن وعود انتخابية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في مفاجأة لا تقل أهمية عن مفاجأة انتخابه رئيسا، وفي أقل من اسبوع على انتخابه، أدلى الرئيس الاميركي المنتخب الجمهوري دونالد ترامب بسلسلة من المواقف أظهرته وكأنه تخلى عن معظم وعوده الانتخابية، وكأنه غادر موقعه السياسي في اقصى اليمين في اتجاه يمين الوسط، وهو ما يجعله يتماهى مع «المؤسسة الحاكمة» في الحزب الجمهوري، على عكس وعده لناخبيه بالانتفاض على واشنطن وتحطيمه كل «المؤسسة الحاكمة» (استابلشمنت) فيها.

أول الوعود التي نقضها ترامب، تراجعه عن إصراره القاطع على انهاء قانون الرعاية الصحية، الذي اقرّه الرئيس باراك أوباما العام 2010 وحمل اسمه «أوباما كير».

وقال ترامب انه لا يمانع في اعادة النظر في القانون، وفي الابقاء على بعض مواده وتعديل مواد اخرى.

ومن المعروف ان القضاء على القانون بأكمله من شأنه ان يضع 20 مليون اميركي من دون تأمين صحي، والقضاء على القانون هو المطلب الذي حمله الجمهوريون منذ يوم إقراره قبل ستة اعوام، معتبرين القانون معوقا للنمو الاقتصادي الاميركي.

ثاني الوعود التي تخلى عنها ترامب، قوله انه بعد انتخابه، سيعمد الى ترحيل كل المسلمين من الولايات المتحدة، واقفال الحدود في وجههم، وتسجيل المسلمين الاميركيين في قاعدة بيانات خاصة لدى اجهزة الاستخبارات الأميركية.

ومنذ اليوم الذي تلى انتخابه الاسبوع الماضي، رفع فريق ترامب بند حظر دخول المسلمين الى الولايات المتحدة عن موقع الحملة الانتخابي، ثم على اثر سؤال احد الصحافيين لترامب حول قاعدة بيانات للمسلمين الاميركيين، قال ترامب انه ما زال يؤيد إنشاءها، لتتراجع حملته عن التصريح، وتعتبر في بيان ان «المراسل هو الذي اقترح قاعدة بيانات للمسلمين وليس الرئيس المنتخب».

ثالث الوعود الانتخابية التي تخلى عنها ترامب، إصراره على بناء سور عملاق على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، واجبار الاخيرة على تسديد تكاليفه المقدرة بعشرين مليار دولار.

وسبق لحملة ترامب ان قالت انها تنوي استصدار قانون في الكونغرس يمول بناء السور، مع بند يجبر المكسيك على تسديد النفقات، لكن محامي الكونغرس لفتوا نظر الاعضاء إلى ان قوانين الكونغرس ليست ملزمة - حسب القانون الدولي - للحكومة المكسيكية. لذلك تراجع ترامب عن المشروع المكلف، وبدأت حملته تصدر تصريحات مفادها ان ترامب سيفعّل مراقبة حدود البلاد الجنوبية الى اقصى حدود لمنع المهاجرين غير الشرعيين من دخول البلاد.

رابع الوعود الانتخابية التي تخلى عنها ترامب، وعده بتعيين مدع عام يخصصه لملاحقة منافسته السابقة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون بتهم فساد، ورميها في السجن.

وعلى العكس من ذلك، وصف ترامب اتصال كلينتون له لتهنئته بالفوز انه كان «اتصالا لطيفا جدا».

ولدى سؤال صحافيين لترامب حول وعده بسجن كلينتون، تفادى الرئيس الاميركي المنتخب الاجابة بالقول انه يتفرغ حاليا لأولويات اكثر اهمية مثل تعديل قانون الرعاية الصحية ودفع الاقتصاد الى النمو وخلق وظائف.

وحدها سورية مازالت على حالها في خطاب ترامب، الانتخابي والرئاسي، اذ كرر الرئيس المنتخب قوله ان الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا يحاربان الارهابيين، بمن فيهم تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، وان توجيه القوة الأميركية ضد من يحارب «داعش» يضعف الجبهة ضد هذا التنظيم. لذا، من الطبيعي ان تساند أميركا كل من يدير بنادقه ضد الارهابيين، حتى لو كانت روسيا والأسد، حسب ترامب وأعوانه.

هذه التراجعات السريعة والحادة التي ناقض فيها ترامب الرئيس وعود ترامب المرشح تصدّرت الحوار المندلع في دوائر السياسة الأميركية، فعلى لوائح البريد الالكتروني التي تدور عليها النقاشات السياسية «الواشنطونية»، اعتبرت مجموعة من السياسيين الجمهوريين انهم كانوا على حق بمراهنتهم على ترامب، وان الاخير ليس الرئيس «الذي سيحرق المنزل بأكمله»، بل انه استخدم خطابا متطرفا للوصول الى البيت الابيض فحسب، وهو ما حدا بمعارضي الرئيس المنتخب الى الرد بالقول «وما ضمانتنا ان كان هذا الرئيس يغير مواقفه بهذه السرعة انه لن ينقلب على اي اتفاقية ندخل معه فيها؟».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق