الاثنين، 19 ديسمبر 2016

رفع الفائدة الأميركية يثير جدلاً مع ترامب

واشنطن - حسين عبدالحسين

اتخذت خطوة مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي برفع الفائدة شكلاً سياسياً أكثر منه اقتصادياً، إذ اعتبر الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب دونالد ترامب أن المصرف المركزي رفع الفائدة من 0.5 إلى 0.75 في المئة، للمرة الثانية منذ العام 2007، من أجل كبح جماح نمو الناتج المحلي وقائياً قبل نحو شهر على دخول الرئيس المنتخب إلى البيت الأبيض.

وعزا المصرف المركزي خطوة رفع الفائدة إلى إظهار البيانات الاقتصادية نمواً في الناتج المحلي بلغ 3.2 في المئة في الربع الثالث من العام الحالي، فضلاً عن انخفاض معدل البطالة إلى 4.6 في المئة، وهو مستوى لم تشهده الولايات المتحدة منذ ما قبل «الركود الكبير» في أيلول (سبتمبر) 2008.


وتوقع «المركزي» أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2 في المئة في العامين المقبلين. وبالتزامن مع المؤشرات الأخرى، رجّح ارتفاع نسبة التضخم، ما يدفع الاقتصاد الأميركي نحو دائرة «الحماوة الزائدة»، ما يحتم عليه رفع الفائدة بهدف لجم التضخم المتوقع، وتفادي نمو فقاعات اقتصادية محتملة.

لكن الأسباب التي ساقها المصرف لم تعجب الفريق الرئاسي الانتقالي، الذي اتهه بـ «التسييس» وبمحاولة استباق الفورة الاقتصادية، التي يَعد بها الرئيس المنتخب.

وكان ترامب عمد الى مهاجمة الاحتياط الفيديرالي ورئيسته جانيت يلين، معيباً عليها إبقاءها الفائدة منخفضة في شكل غير مسبوق، من أجل تمويل نمو مصطنع في الناتج المحلي في عهد الرئيس باراك أوباما. واتهم ترامب يلين بأنها تنتمي إلى الحزب الديموقراطي المعارض، وأنها تسعى الى تقويض حكمه وحكم حزبه الجمهوري.

وسبق لترامب أن كرر مراراً أنه «رجل الفائدة المنخفضة» أي انه كرجل أعمال، يؤيد إبقاء الفائدة متدنية لتنشيط رأس المال والاقتصاد، وهو على الأرجح سيمارس ضغوطاً كبيرة على يلين ومجلس الاحتياط لإبقاء الفائدة منخفضة، تزامناً مع البرامج الحافزة الأخرى التي يتطلع الى القيام بها، وفي طليــعتها وعــده بإنفاق تريليون دولار على ترميم البنية التحتية المتهالكة وتوسيعها على مدى العقد المقبل.

ووعد ترامب بخفض ضرائب الشركات والمتمولين الكبار من 35 إلى 15 في المئة، بالتزامن مع خفض ضرائب الدخل على الأميركيين لتشجيع الاستهلاك وتالياً النمو. وكان كرر وعوده بأن الناتج المحلي الأميركي سيعود الى النمو بنسبة 4 في المئة سنوياً في عهده. لكن الخبراء يرون أن أسباباً كثيرة تعوّق وصول الولايات المتحدة إلى نسب مرتفعة من هذا النوع، في صدارتها شيخوخة السكان التي تفرض خروج عدد كبير منهم إلى التقاعد، واستنادهم الى تقديمات صناديق الرعاية الاجتماعية، بدلاً من مساهمتهم في الإنتاج الاقتصادي.

وعلّق الخبراء بالقول إن النسبة البسيطة في رفع الفائدة لن تؤثر في خطط ترامب، التي لا يرى الخبراء انها ستحقق نسبة نمو 4 في المئة. وكان مجلس الاحتياط وعد بايصال الفائدة إلى نحو 1.9 في المئة مع نهاية عام 2018، وهو موعد نهاية ولاية يلين، التي يبدو من شبه المؤكد أن ترامب سيستبدل بها اقتصاديين أكثر قرباً منه، في محاولة لتقويض الاستقلالية التي يتمتع بها الاحتياط الفيديرالي منذ تأسيسه.

لكن معلّقين اقتصاديين يمينيين، اعتبروا أن في رفع الفائدة إيجابيات، منها أنها تجبر البيت الأبيض على الاتكال على خططه الاقتصادية القاضية بخفض الضرائب وتعزيز رأس المال، بدلاً من التراخي والاستناد إلى الفائدة المتدنية، التي يعتقد هؤلاء بأنها غطّت على عيوب أوباما الاقتصادية، وسمحت بنمو اقتصادي خجول، على رغم سياساته التي يصفونها بالـ «معادية للاقتصاد والنمو».

وكتب المعلّق الاقتصادي اليميني في قناة «فوكس نيوز» بيتر موريشي، موضحاً أن «رفع الفائدة في شكل طفيف هذا الأسبوع، على طريق إعادتها إلى معدلاتها الطبيعية في 2017 و2018، هي خطوة جيدة لإنهاء التمادي في السياسة المالية الذي سمح لأوباما بترؤس اقتصاد بائس، وستجبر ترامب على الوفاء بوعوده».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق