الجمعة، 23 ديسمبر 2016

ترامب سيشدّد العقوبات على طهران حتى «تكسر» الاتفاقية النووية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في الفترة التي كان يسود فيها اجماع على حتمية فوز هيلاري كلينتون بالرئاسة، قدمت اسرائيل واصدقاءها في واشنطن مجموعة من الاقتراحات الى فريق السياسة الخارجية في فريق المرشحة الديموقراطية للرئاسة. كان يمكن تلخيص الاقتراحات الاسرائيلية الى كلينتون على انها بمثابة «تحطيم ايران مقابل سلام اسرائيلي مع الفلسطينيين».

وكان الاسرائيليون يعلمون ان كلينتون متمسكة بالاتفاقية النووية مع الايرانيين، خصوصا ان ابرز مهندسيها، جايك سوليفان وويندى شيرمان، كانا من كبار وجوه الحملة الرئاسية لكلينتون، وكان من المرشح ان يشغلا مناصب قيادية في الفريق الحكومي المقبل. لذا، عرض الاسرائيليون الانخراط الجدي مع الفلسطينيين والتوصل الى سلام فعلي، مقابل انخراط الاميركيين في زيادة الضغط على نظام «الجمهورية الاسلامية في ايران»، من اجل منعها من التسلح او تجربة صواريخ باليستية، ومنعها من دعم ميليشياتها في المنطقة، وخصوصا «حزب الله» اللبناني المرابض على حدود اسرائيل الشمالية.

لكن الفوز غير المتوقع للمرشح الجمهوري دونالد ترامب اطاح بالعرض الاسرائيلي للاميركيين، اذ سبق لترامب ان وعد «بتمزيق» الاتفاقية النووية مع الايرانيين، ووعد بنقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، واطلاق يد الحكومة الاسرائيلية تماما في تعزيز نشاطاتها الاستيطانية في اراضي الفلسطينيين.

ويمكن ان فوز ترامب فاجأ، الى الاسرائيليين، ترامب نفسه وفريقه المكلف صناعة سياسة خارجية جديدة، فتمزيق الاتفاقية النووية مع ايران يعني عودة طهران الى عملية التخصيب وزيادة عدد الطرود المركزية وتوسيع برنامجها النووي، من دون امكانية لوقفها غير توجيه ضربة عسكرية لها. وأي عمل عسكري أميركي من هذا القبيل من شأنه ان يثير حنق غالبية الاميركيين، وان يؤدي الى غرق ترامب والحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية في العام 2018، وبعدها في الانتخابات الرئاسية في العام 2020.

لذلك، كان لا بد امام فريق ترامب من تحويل وعوده الانتخابية غير الواقعية الى سياسات ممكنة ضد ايران. ويشارك الاسرائيليون في صناعة هذه السياسة ضد النظام الايراني، الذي يعتبرونه بمثابة الخطر الوجودي الوحيد الذي يتهدد الدولة العبرية.

ويقول اصدقاء اسرائيل ان محاولة التوصل الى اتفاقية نووية بديلة أمر شبه مستحيل سياسيا، فلا دوافع لايران للحضور الى طاولة المفاوضات، ولا دوافع لدى المجتمع الدولي لاعادة فرض عقوبات عليها واعادة الانخراط في مفاوضات مضنية كالتي سبقت التوصل للاتفاقية الحالية.

اما البديل، حسب الاسرائيليين، فيقضي بتأكيد تطبيق الاتفاقية النووية التي وقعها أوباما، والتي هاجمها الاسرائيليون والحزب الجمهوري في الماضي القريب ووعدوا بتخريبها «في اليوم الاول» لاستعادتهم البيت الابيض. لكن تقارير المراقبين الامميين تشير الى تجاوب ايراني كامل مع بنود الاتفاقية، وهو ما يحرم ترامب واسرائيل العثور على ثغرات يمكن من خلالها اعادة التفاوض، او على الاقل الغاء الاتفاقية والعودة الى مرحلة العقوبات الدولية على ايران.

ولأن ايران ملتزمة القرارات الدولية فيما يتعلق بملفها النووي، يعتقد اصدقاء اسرائيل انه على فريق ترامب الالتفات الى «نشاطات ايران المزعزعة» في المنطقة، واقرار عقوبات في الكونغرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون بغرفتيه، ضد «ممارسات ايران الارهابية».

في هذا السياق، يقول مؤيدو اسرائيل من الاميركيين ان واشنطن تفرض حاليا عقوبات على 25 مؤسسة ايرانية تابعة للـ «الحرس الثوري الايراني». ويعد هؤلاء بتقديم لائحة بحوزتهم فيها 575 مؤسسة ايرانية تابعة للحرس، وهو ما يرفع عدد المؤسسات الايرانية الخاضعة للعقوبات الى 600.

ويبدو ان فريق ترامب - اسرائيل يعتقد ان من شأن تشديد العقوبات استفزاز الايرانيين الى درجة تحملهم على الاخلال ببنود الاتفاقية النووية، وهو ما يقدم فرصة لواشنطن للانقضاض على الاتفاقية، و«تمزيقها»، واعادة فرض عقوبات اقسى، والدخول في مفاوضات اكثر تشددا من التي خاضها أوباما وفريقه.

سياسة ترامب المقبلة حيال ايران مازلت قيد الاعداد. على ان الثابت الوحيد في هذه السياسة المتوقعة هو ان ترامب ومجموعته يعادون «الجمهورية الاسلامية» بالمطلق، وهو عداء يزكيه اصدقاء اسرائيل من الاميركيين واسرائيل نفسها، وهو ما يفتح الطريق امام انتاج سياسة اميركية تجاه طهران غير مسبوقة لناحية تشددها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق