الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

عودة الصراع الأميركي مع إيران يعطّل فرص الحسم الروسي في سورية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تل أبيب رسمت «خطوطها الحمر» بنفسها بقصف أهداف داخل سورية لمنع «حزب الله» من التوغل جنوباًيعتقد مسؤولون في السياسة الخارجية الاميركية ان الايام الثلاثة والاربعين المتبقية قبل دخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب الى البيت الابيض قد تكون كافية لتكتسح قوات روسيا وايران والرئيس السوري بشار الأسد ما تبقى من مدينة حلب تحت سيطرة المعارضة السورية، بعدما نجحت هذه القوات في انتزاع ثلثي المساحة التي سيطر عليها المعارضون، شرق حلب، على مدى الاعوام الخمسة الماضية.

لكن بعد تسلّم ترامب الحكم، قد تتغير الصورة في شكل كبير، خصوصا اذا ما توصل الفريق الرئاسي المقبل الى نتيجة مفادها ان ايران تسيطر على الاراضي السورية، وهو ما من شأنه ان يشعل الصراع مجددا، هذه المرة على شكل حرب بالوكالة بين ايران واميركا على الأرض السورية.

وكان ترامب أعلن مرارا نيته خوض مواجهة شرسة ضد الايرانيين، بما في ذلك محاولة «تمزيق» الاتفاقية النووية الموقعة معهم العام الماضي.

في هذه الاثناء، يقول المسؤولون الاميركيون، الذين يعانون من الاداء غير المحترف الذي يقدمه ترامب في تعاطيه مع السياسة الخارجية، ان موسكو تعتقد انها باكتساحها حلب، لن يتبقى تحت سيطرة معارضي الأسد الا محافظة ادلب المجاورة، والتي تعتقد روسيا ان اجماعا دوليا يسود حول وقوعها تحت سيطرة (تنظيم القاعدة)، وهو ما يجعلها هدفا سهلا لاجماع دولي وتحالف عسكري يخرج المسلحين منها.

في الاراضي السورية الواقعة شرق الفرات، والخاضعة لسيطرة تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، هناك اجماع دولي ايضا على ان مسؤولية القضاء على التنظيم هي بعهدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. ويبدو ان موسكو تراهن، حسب المتابعين الاميركيين، اما على تعثر جهود استعادة الاراضي السورية من «داعش»، بعد اتمام حلفاء أميركا وايران استعادتهم الاراضي العراقية التي يسيطر عليها التنظيم، او ان التحالف الدولي الذي تقوده أميركا سيحتاج الى قوات سورية لتثبيت الاوضاع في الاراضي السورية شرق الفرات بعد طرد «داعش»، وهو ما يضع الأسد في وضع ممتاز لاعادة بسط سيطرته على هذا الجزء الشرقي من سورية، وبرعاية دولية.

تبقى بعض جيوب المعارضة في الوسط، في محافظتي حمص وحماة، وكذلك في الجنوب السوري. في وسط البلاد، يرجح المسؤولون الاميركيون ان تتحول الحرب الى كرّ وفرّ بين قوات الأسد وحلفائه، من جهة، ومعارضيه، من جهة اخرى.

في الجنوب، يوجد اتفاق ضمني روسي - اسرائيلي بابقاء هذه المناطق السورية خارج دائرة الحرب الدائرة في عموم البلاد، حسب المسؤولين الاميركيين، اذ ان اي محاولة لاستعادتها من قبل قوات الأسد ستسمح للقوات المتحالفة معه، وخصوصا «حزب الله» اللبناني، بدخول هذه المساحات المتاخمة للجولان السوري الذي تحتله اسرائيل. لذا، دأبت اسرائيل على «رسم خطوطها الحمر بنفسها» بقيام مقاتلاتها بقصف اهداف عسكرية داخل سورية لمنع مقاتلي «حزب الله» من التوغل جنوباً.

هذه هي الصورة التي تحاول موسكو التوصل اليها مع حلول مساء 20 المقبل، وهو اليوم الذي سيشهد تسلم ترامب المكتب البيضاوي من سلفه أوباما. وهدف الروس في ذلك، حسب المسؤولين الاميركيين، هو القضاء على امكانية وجود اي موطئ قدم لمجموعات سورية مسلحة قد يحاول ترامب دعمها للانقضاض على الميليشيات الموالية لايران، وتاليا لمواجهة الأسد، «الذي فقد غالبية قواته الارضية وصار يعتمد حكما على هذه الميليشيات الايرانية».

لكن المسؤولين الاميركيين لا يرون ان «اقفال سورية عسكرياً امر متاح للروس»، وانه حتى لو استعادت قوات الأسد المدن الكبرى ومساحات واسعة كانت خسرتها للمعارضة، يمكن للمعارضين عكس الاوضاع مع توافر الظروف الملائمة دوليا مع دخول ترامب البيت الابيض.

«مشكلة روسيا الكبرى في سورية»، يختم المسؤولون الاميركيون، «هي ان موسكو تحاول الاستيلاء على سورية من دون قوات أرضية، وتعتقد انه يمكنها ان تقوم في ذلك بالاستناد الى مقاتلي ايران». لكن اشراك الميليشيات الموالية لايران يستدعي حكما تحويل الصراع من محاولة روسيا اثبات استعادتها امبراطوريتها العالمية الى آخر غير مباشر بين ايران واعدائها.

روسيا ستحاول تثبيت الوضع السوري في ايدي الأسد الذي تعتقده تابعا لها، فيما سورية ستبقى مسرحا لمواجهة ايران ضد خصومها، وهو ما يعني انه «على رغم كل المحاولات الروسية، لا يزال الحسم العسكري متعذرا، حتى لو استعادت قوات الأسد سيطرتها على 90 في المئة من البلاد».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق