الخميس، 15 يونيو 2017

هل ينضم لبنان إلى التطبيع المحتمل مع إسرائيل؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

مصادر عربية في واشنطن: «حزب الله» لا يريد رؤية دولة لبنانية قوية ومتعافية لأنها تعيق من سيطرته الكاملةالحديث عن سلام عربي مع اسرائيل يسبق قيام دولة فلسطين بدأ رسميا مع زيارة رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو الى البيت الابيض، في فبراير الماضي، حينما كرر ان الخوف المشترك لدى بلاده والدول العربية من خطر ايران دفعهما الى التقارب والى اقامة علاقات سرية يمكن ان تفضي الى سلام بينهما. ووافق الرئيس دونالد ترامب يومذاك مضيفه بالقول انه يعمل على سلام كبير يتضمن اسرائيل ودولا عربية عدة.

ومنذ وصوله البيت الابيض في يناير، وزيارته السعودية واسرائيل الشهر الماضي، لم يتفوه ترامب حتى الآن بعبارة «دولة فلسطينية»، رغم تكراره الحديث عن السلام المزمع عقده، فيما رافق ترامب في سفرته صهره اليهودي الارثوذوكسي جارد كوشنير، صاحب الاستثمارات في المستوطنات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس. كذلك رفاق ترامب في رحلته الرئاسية مستشار العائلة لشؤون السلام، اليهودي الارثوذوكسي ايضا، جايسون غرينبلات، الذي شارك في اجتماعات ترامب الثنائية في الرياض، والذي يعتقد كثيرون ان خطة السلام العربي مع اسرائيل، قبل الفلسطينيين، هي من بنات افكاره.

ووسط البلبلة التي احدثها الحديث عن القنوات السرية العربية -الاسرائيلية، ووسط الحديث المتواصل عن سلام مزمع عقده، ووسط العاصفة السياسية التي تعاني منها حركة «حماس» الفلسطينية على رغم تقديمها بيانا سياسيا جديدا اعلنت فيها ركونها لفكرة قيام دولة فلسطينية في حدود 1967، يبدو ان لبنان - احد اكثر الدول العربية انخراطا في مواجهات عسكرية مع اسرائيل - دخل معمعة التطبيع العربي مع الدولة العبرية.

وكان لبنان وقع اتفاقية سلام مع اسرائيل في 17 مايو 1982، على اثر اجتياح اسرائيل لبنان ووصولها بيروت. الا ان ضغط سورية وايران والميليشيات الموالية لها اجبر الرئيس السابق امين الجميل على اجهاض الاتفاقية قبل ان تتم المصادقة عليها في «مجلس النواب» اللبناني.

ويتم التداول في اوساط العاصمة الاميركية ان مدخل التطبيع اللبناني مع اسرائيل يتمحور حول امكانية التوصل الى تسوية حول منطقة حدودية بحرية بين البلدين يعتقد انها تحوي مخزونا كبيرا من الغاز.

وتعمل الحكومة اللبنانية على منح عقود اكتشاف واستخراج في 11 مربعا يعتقد ان الحدودي منها مع اسرائيل يحوي اكبر احتياطي غاز.

وتعاني حكومة لبنان من فساد مزمن ومدقع تغرق فيه، فـ «جمعية الشفافية الدولية» تصنف لبنان في المركز 136 في لائحة الفساد من بين 176 دولة في العالم، فيما يحل لبنان في المركز الثاني، بعد اليابان، كأكثر دولة مديونة في العالم مقارنة بالناتج القومي المحلي.

وبسبب الفساد والمديونية، قد تجد الدولة اللبنانية خلاصها في تسوية حول المنطقة البحرية المتنازع عليها مع اسرائيل، التي اشترطت بدورها التوصل الى تسوية في حال وافقت بيروت على قيام تل ابيب بمد انبوب غاز من اسرائيل الى تركيا، عبر المياه الاقليمية اللبنانية، اذ ان انبوب من هذا النوع يوفّر على الاسرائيليين مبالغ طائلة بدلا من تمديده في المياه العميقة في البحر المتوسط باتجاه قبرص.

ورغم حالة الحرب القائمة بين لبنان واسرائيل، تتداول بعض الاوساط الاميركية انها سمعت من مسؤولين لبنانيين استعدادهم للبحث في تسوية مع اسرائيل حول موضوع الغاز، على الرغم من ان اي تسوية من هذا النوع من المتوقع ان تثير ثائرة «حزب الله»، المعارض لأي تسوية مع الاسرائيليين.

وتعمل بعض الديبلوماسية العربية على دعم فكرة التسوية اللبنانية الاسرائيلية في موضوع الغاز «من دون التوصل الى اي تطبيع او سلام بينهما». وينقل اميركيون عن هذه المصادر العربية في واشنطن ان الدولة اللبنانية تحتاج الى اي نوع دعم اقتصادي يمكنها الحصول عليه، وان «حزب الله لا يريد رؤية دولة لبنانية قوية ومعافية لأنها تعيق من سيطرته الكاملة على البلاد».

على ان غالبية الخبراء الاميركيين المعنيين بسياسة الشرق الاوسط يرون استحالة التوصل الى اي اتفاقية بين لبنان واسرائيل، في الغاز او في اي أمر آخر، اذ ان مفاتيح الحلّ والربط في لبنان هي فعليا في ايدي «حزب الله»، ويستحيل ان يوافق الاخير على اي تسويات مع الاسرائيليين، مباشرة او غير مباشرة، ولو جاءت هذه التسويات بوساطة ورعاية دول عربية، مثل مصر.

هل يفيد اللبنانيون من رياح التطبيع التي تهب في منطقة الشرق الاوسط لتسوية مع الاسرائيليين بعيدة عن الاضواء، ام ان «حزب الله» يعطّل أي تسويات من هذا النوع حتى لو كلّف ذلك اللبنانيين المزيد من المتاعب الاقتصادية؟

الرهان الاميركي هو على سطوة «حزب الله» وعرقلته اي تسوية مع الاسرائيليين، لكن نفر من اللبانيين وبعض الديبلوماسيين العرب يعتقدون ان الحزب قد يتغاضى عما من شأنه ان ينقذ دولة لبنان من واحدة من الازمات العديدة التي تواجهها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق