الجمعة، 7 يوليو 2017

دفاعا عن رضوان زيادة

حسين عبدالحسين

يتعرض الصديق رضوان زيادة لظلم كبير من الحكومة الاميركية التي رفضت طلب لجوئه السياسي. وتتهم السلطات الاميركية ضمنيا زيادة بالعمل مع، او ربما العضوية في “الاخوان المسلمين”، التنظيم الذي لا تضعه وزارة الخارجية الاميركية على لائحتها للتنظيمات الارهابية الاجنبية، ولكنها مع ذلك تتعامل معه بصورة متذبذة تتراوح بين اتهامه سياسيا ومهادنته قانونيا. 

على انه لو كان رضوان عضوا في “الاخوان المسلمين”، لكان ذلك شهادة امتياز للتنظيم نفسه، لا وصمة عار للرجل، فمن يعرف رضوان، يعرف انه يتمتع باخلاق عالية، وصدق، ويعرف ان الرجل يجتهد في عمله، وانه يقدم كتابات ذات مستوى عال، من كتابه حول سوريا الأسد، الى دراساته المتعددة الصادرة في مراكز الابحاث الاميركية والاوروبية المعروفة، وكلها كتابات تأتي غالبا على شكل اعمال لافتة ذات اراء ثاقبة ومعلومات دقيقة.

رضوان زيادة، طبيب الاسنان بالدراسة، كان معارضا للرئيس السوري بشار الأسد قبل ان تندلع الثورة السورية بقرابة عقد. ربما صدّق رضوان ان “رجل الانترنت” بشار الأسد، الذي ورث رئاسة سوريا عن ابيه الراحل حافظ، قابل للانفتاح والقيام باصلاحات، بما فيها اصلاحات سياسية تمنح السوريين هامشا من الحرية، او على ما كان يردد العزيز الراحل صادق جلال العظم ان الحركة السورية المعارضة للأسد ترضى بهامش حرية، وان كان في حدود 20 في المئة افضل من السائد.

او ربما لم يصدّق رضوان خزعبلات الأسد الابن عن سوريا الجديدة في عهده، وربما عرف رضوان ان سوريا بشار الأسد هي نفسها سوريا حافظ الأسد، مع فارق ان لسوريا الجديدة مجتمعاً مدنياً تملكه زوجته اسماء الأسد، وان سوريا الجديدة مفتوحة للاعمال التجارية، التي تقتصر على ابن خال بشار الأسد رامي مخلوف. ربما كان رضوان يدرك ذلك ويحاول في الوقت نفسه استغلال اي ثغرة ممكنة في نظام الأسد، الذي يحكم سوريا بالحديد والنار منذ اربعة عقود.

تزاملت ورضوان زيادة في مركز باحث زائر في معهد تشاتهام هاوس البريطاني صيف2009. كانت “الثورة الخضراء” الايرانية في ذروتها، وكان لبنان يصارع نظام الأسد، الذي كان قد تحول الى وحش جريح رافض لقبول أفوله في لبنان، فلم تنحسر سيطرته على اللبنانيين الا بعدما أثخنهم بالجراح. منذ ذلك الحين ونحن نتحاور، ندردش. نتشارك في بعض هموم الديكتاتورية والأمل بالحرية. 

في قرابة العقد الذي عرفت فيه رضوان، لم اسمع منه يوما ما قد يتعارض مع مبادئ الحرية او الديموقراطية. لم يرض الرجل يوما بالواقع او بانصاف الحلول. بعد اندلاع الثورة السورية في العام 2011، كان من أول الناشطين وابرزهم واكثرهم حماسة. وبعدما فرض الأسد على الثوار مواجهة عسكرية أدماهم فيها وحول منازلهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم الى ركام على رؤوسهم، ظل رضوان متمسكا بأمله، على الرغم من حزنه على ضحايا سوريا ودمارها. كان يائسا بعض الشيء، لكنه كان يدرك ان البديل الوحيد لوقف السوريين نضالهم يتمثل، لا بعودتهم الى العيش في الذلّ تحت اقدام النظام فحسب، بل في عودتهم للعيش مع قاتل اخوانهم وابنائهم وازواجهم واطفالهم.

لا يستحق رضوان زيادة الظلم الذي تنزله به حكومة الولايات المتحدة، فالرجل تنطبق عليه مواصفات اللاجئ السياسي بامتياز، بل يمكنه الفوز بلقب عميد اللاجئين السوريين بسبب غربته القسرية منذ سنوات طويلة. كذلك، من المعيب ان تمنع الحكومة الاميركية، القائمة على اساس ان البلاد هي ملجأ المضطهدين، منذ فرار الاصلاحيين البروتستانت من ظلم الكنيسة الكاثوليكية الاوروبية، ومنذ فرار الكاثوليك من ظلم الكنيسة الانكليزية البروتستانتية، لجوء شخص مثل رضوان اليها.

رضوان زيادة مواطن سوري هجر بلاده التي ضاقت عليه بسبب جور حكامها، والولايات المتحدة هي ارض اللاجئين المظلومين، ولا سبب للتآمر السياسي على رجل صار الآن يعاني ظلما على ظلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق