الاثنين، 7 أغسطس 2017

استياء شعبي أميركي من علاقة ترامب بروسيا

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بلغ الاستياء الشعبي الاميركي من علاقة الرئيس دونالد ترامب بروسيا ذروته، حسب استطلاعات الرأي، خصوصا بعدما تفادى ترامب الادلاء بأي تعليق او ادانة ضد قيام موسكو بطرد أكثر من 700 ديبلوماسي اميركي عامل في روسيا، من دون ان يفوت الرئيس الاميركي فرصة انتقاد الكونغرس بغرفتيه، الذي كان صوّت بغالبية ساحقة لاقرار عقوبات جديدة ضد روسيا الاتحادية وايران وكوريا الشمالية.

وكتب ترامب في تغريدة ان «الكونغرس يساهم في تأزيم العلاقة الاميركية - الروسية ودفعها الى مراحل في غاية الخطورة». وجاءت تغريدة ترامب بعدما اجبره الكونغرس على التوقيع على قانون عقوبات مع بند يمنع البيت الابيض من رفعها الا بموافقة الكونغرس، في خطوة اعتبرها كثيرون بمثابة تأنيب أميركي لترامب على علاقته غير المبررة بموسكو.

ولاحظ الخبراء الاميركيون ان «ترامب كان وحيدا في استماتته في الدفاع عن روسيا، اذ ان نائبه مايك بنس زار استونيا، وأدلى بتصريحات قاسية بحق موسكو وسياساتها في اوكرانيا وفي دول البلطيق».

كذلك ترافق الغضب الشعبي ضد علاقة ترامب مع روسيا بكشف صحيفة «واشنطن بوست» ان ترامب كان منع مستشاريه من كشف تفاصيل لقاء نجله دونالد جونيور وصهره ومستشاره جارد كوشنر ومدير حملته الانتخابية بول مانوفورت مع محامية روسية كانت تعمل على تقويض «قانون ماغنتسكي»، الذي اصدره الكونغرس في العام 2012، والذي يفرض عقوبات مالية على مجموعة من المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي هذا السياق، مازالت الكلمة التي القاها رجل الاعمال البريطاني من اصل اميركي، وليام برودر، تلقى اعجاب عدد كبير من الاميركيين، الذين تداولوها، ولايزالون، على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان برودر قدم شهادة امام لجنة العدل في مجلس الشيوخ في 26 يوليو الماضي، وصف خلالها، بالتفصيل، السبب الذي أدى الى صدور «قانون ماغنتسكي» في الكونغرس في العام 2012، والسبب الذي يحمل بوتين على شن حرب شعواء لنسف القانون وتقويضه حتى اليوم.

وقال برودر انه اقام شركة استثمارات في لندن وموسكو في العام 1996، وان شركته التي تحمل اسم «هيرميتاج كابيتال» تحولت الى اكبر شركة استثمارية في موسكو، مع حجم استثمارات في سوق المال الروسية بلغ 4 مليارات دولار.

ومع حلول العام 2000، وصل فلايديمير بوتين الى الرئاسة، وشن حملة ضد اثرياء روسيا ممن كان يعتقد انهم صادروا صلاحيات الرئاسة، وهي حملة لاءمت مصالح برودر في مكافحة فساد اثرياء ما بعد انهيار الشيوعية وابعادهم عن اعماله واستثمارات شركته.

«كل ذلك تغير في العام 2003»، يقول برودر، على اثر القاء بوتين القبض على الملياردير ميخائيل خودروفسكي، ومحاكمته بطريقة علنية مذلة ورميه في السجن. وارسلت تلك المحاكمة رسالة الى كل الاثرياء الروس، الذين ركضوا نحو بوتين للتفاهم معه، فطالبهم بالحصول على 50 في المئة من ارباحهم.

وحسب التصنيفات الاميركية، يحل بوتين في المركز الاول بين اثرياء العالم بثروة تقدر بأكثر من 200 مليار دولار.

ومع حلول العام 2005، تم اعتقال برودر لمدة 15 ساعة ابان وصوله مطار موسكو، ثم تم ترحيله، بعد مصادرة شركته والاستيلاء على اسهمها واسهم مستثمريها واموالها. وعيّن برودر المحامي الروسي سيرجي ماغنتسكي، الذي اكتشف ان مقربين من بوتين اختلسوا 230 مليون دولار من ضرائب الشركات المطلوبة للخزينة الروسية، فاعتقلت موسكو المحامي الروسي، ورمته في السجن وعذبته، ما ادى الى وفاته في العام 2009. كذلك، يعتقد برودر ان السلطات الروسية قامت بتصفية عدد ممن كانوا يعملون الى جانب ماغنتسكي، فالقت واحدا من شرفة منزله، وسممت آخر، واغتالت ثالث في شارع على مقربة من الكرملين.

وقال برودر انه يتلقى اتصالات تهديدية بشكل متواصل من جهات روسية، وان رئيس حكومة روسيا توجه الى الصحافيين في احدى مؤتمرات دافوس بالقول انه «من المؤسف ان ماغنتسكي مات فيما برودر حي يرزق»، في تصريح اعتبره رجل الاعمال البريطاني تهديدا صريحا ضد حياته.

وتابع: «يقوم بوتين وغالبية المحيطين به بتخزين اموالهم في مصارف أجنبية ويشترون عقارات في الدول الغربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة».

ولمكافحة تبييض الاموال، التقى برودر عضوي مجلس الشيوخ الجمهوري جون ماكين والديموقراطي بن كاردن، واقنعهما بضرورة اصدار قانون يوقف فساد بوتين حول العالم، وهو ما حصل في العام 2012، فغضب بوتين، لأن القانون يحرمه والمقربين منه من اموالهم المكدسة حول العالم، كما يطول القانون المقربين من بوتين، وهو ما يضعف من ولائهم له.

ومما قاله برودر في افادته في الكونغرس ان المحامية المكلفة القضاء على «قانون ماغنتسكي» تشتري نفوذ شركات لوبي اميركية لهذا الغرض، وهي نفس المحامية التي التقت ابن ترامب وصهره ومدير حملته في نيويورك. وكان في اللقاء ايضا، حسب وسائل الاعلام الاميركية، روسي معروف لدى السلطات الاميركية بتبييض الاموال حول العالم.

ومع تسليط الضوء على فساد بوتين الذي يبدو انه دفعه الى المراهنة على وصول ترامب الى الرئاسة، ومع انكشاف تفاصيل نشاطات مجموعتي بوتين وترامب، ومع مضي لجنة التحقيق، التي يقودها مدير «اف بي آي» السابق جيمس مولر، في التحري حول تدخل روسيا في الانتخابات الاميركية، ومع سريان الانباء ان مولر يغوص في حسابات ترامب العائدة الى سنوات في بحث عن علاقات الرئيس المالية مع موسكو، ومع اصرار ترامب على الدفاع عن روسيا وحيدا، بدأت الصورة تكتمل حول رئيس أميركي «لديه ما يخفيه»، حسب تعبير معظم الخبراء الاميركيين، وهي صورة لا تنذر بأن الايام المقبلة ستكون يسيرة على ترامب او المقربين منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق