الخميس، 7 سبتمبر 2017

هايلي: تجميل الاتفاق النووي مع طهران كـ «وضع أحمر شفاه على خنزير»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

اختصرت سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة نيكي هايلي الاتفاقية النووية التي توصل إليها المجتمع الدولي مع إيران بقولها إن هذه الاتفاقية لم تنه البرنامج النووي الإيراني، كما وعدت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، بل جمّدت هذا البرنامج لفترة محدودة.

وقالت المسؤولة الأميركية، في خطاب لها بمركز أبحاث «أميريكان انتربرايز انستيتيوت» اليميني، ليل أول من أمس، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعتقد أن طهران ستعاود التخصيب ومحاولة الحصول على سلاح نووي مع انتهاء مفاعيل الاتفاقية في مهلة عشر سنوات، من دون أن تعود العقوبات الدولية عليها.

وإذ اعتبرت أن الاتفاقية، إذا بقيت من دون تغيير، قد تسمح لطهران بتشكيل نفس التهديد الذي تشكله كوريا الشمالية للمدن الأميركية، رأت هايلي أن الاتفاقية لا يمكن تجميلها لتبدو أفضل مما هي عليه فعلياً، واصفة محاولة القيام بذلك بـ«وضع أحمر شفاه على خنزير».

وقالت في هذا السياق: «يجب إدراك أنه لا يمكن وضع أحمر شفاه على خنزير. لذلك، مهما فعلنا، لا يمكننا أن نجعل هذه الصفقة تبدو بمظهر أفضل مما هي عليه فعلياً. علينا أن ننظر إلى واقع أن هذه الصفقة معيبة».

على أن هايلي لا تعتقد أن مشكلة العالم وأميركا مع إيران نووية فحسب، بل إن السلاح النووي الذي تسعى إيران للحصول عليه هو مجرد واحدة من الأدوات التي تستخدمها طهران لتصدير ثورتها الاسلامية وتطرفها حول العالم.

ولفتت المسؤولة الاميركية إلى أن أولى نتاجات ثورة إيران كان «الحرس الثوري»، الذي وصفته بالمنظمة التي تصدر الإرهاب حول العالم، بما في ذلك إقامة فرع له في لبنان تحت اسم «حزب الله». وعددت هايلي الهجمات التي تعتبرها واشنطن إرهابية وتتهم الحزب اللبناني بتنفيذها، بدءاً بتفجيري السفارة الاميركية وثكنة «المارينز» في بيروت في العام 1983، وصولاً إلى مشاركة الحزب في الحرب السورية الى جانب الرئيس السوري بشار الأسد.

وألمحت هايلي إلى أن ترامب لن يمنح، الشهر المقبل، إعفاء ثالثاً للعقوبات الأميركية التي كانت مفروضة على ايران، وتم رفعها بموجب الاتفاقية النووية، بيد أنها أوضحت أن عدم تجديد الإعفاءات لا يعني حُكماً خروج أميركا من الاتفاقية الدولية.

وانتقدت إدارة أوباما لموافقتها على التوصل للاتفاقية مع ايران، معتبرة أن الرئيس السابق وعد بأن الاتفاقية ستعيد الإيرانيين كلاعبين في لعبة الأمم حسب الأصول، وأنهم سيحترمون القوانين الدولية، إلا أن ذلك لم يحصل، مع استمرار ما أسمتها خروقات ايران المتكررة للاتفاقية المكرسة في قرار مجلس الأمن الدولي 2233.

وعددت الخروقات بالقول ان إيران أنتجت مياهاً ثقيلة أكثر من المتفق عليه في مفاعل أراك، على الأقل مرتين، مضيفة ان طهران تسمح فقط بالمراقبة المتواصلة للمواقع النووية التي أعلنت عنها، فيما ترفض السماح للمفتشين الدوليين بالدخول إلى مواقع يشتبه بأن الإيرانيين كانوا أجروا، أو أنهم يجرون حالياً، تجارب نووية فيها، خصوصا المواقع العسكرية مثل بارشين.

وكانت هايلي زارت، قبل أسبوعين، الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، حيث عقدت محادثات مع كبار المسؤولين والمفتشين المعنيين بالملف الايراني. وحاولت الحصول على تقارير عن خروقات تدين الإيرانيين، الا انها لم تحصل إلا على خرقي «المياه الثقيلة». ولا يعتبر الخبراء أن هذين الخرقين يعدان سبباً كافياً لإدانة الايرانيين، بل يعتبرون ان زيادة الإنتاج أمر روتيني، وأنه يمكن التعامل مع الفائض والتخلص منه.

لكن ترامب وإدارته يبحثان عن تقارير قد تدين إيران وتثبت تجاوزها الاتفاقية بشكل يعيد العقوبات الدولية، وهما عثرا في هذا السياق على بعض التجاوزات، مثل قيام طهران بإرسال مقاتلين في الميليشيات التابعة لها إلى سورية على متن طائرات مدنية تتلقى قطع غيار من أوروبا واميركا، وهو ما يتجاوز أحد بنود الاتفاقية.

كذلك، تردد في الأوساط الاميركية ان إدارة ترامب كلّفت وكالات الاستخبارات التحري عن أي أنشطة إيرانية غير مشروعة في مواقع لا تراقبها الأمم المتحدة، حتى يُصار إلى الطلب رسمياً إلى الايرانيين فتح هذه المواقع، بموجب الاتفاقية، التي تمنح ايران ثلاثة أسابيع للتجاوب أو يتم تقديم عدم تجاوبها الى مجلس الأمن.

الإصرار الأميركي على توتير الأجواء مع ايران لا يبدو أنه يرتبط بالموضوع النووي، وهو ما قالته هايلي صراحة في خطابها، بل يرتبط باعتبار إدارة ترامب أن الإدارت السابقة، من الحزبين، انتهجت سياسة تقارب مع الإيرانيين واعتبار أنه يمكن إقناعهم بالعودة الى تحالفهم الذي انهار مع واشنطن في العام 1979. وتعتقد إدارة ترامب أن على واشنطن التخلي عن الطموح بإعادة ما انكسر مع الايرانيين، وتبني سياسات تعتبر ان إيران دولة عدوة يفترض على أميركا مواجهتها بكل السبل التي تملكها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق