الجمعة، 29 ديسمبر 2017

واشنطن تربط خروجها من سورية برحيل الأسد

واشنطن - من حسين عبدالحسين

عكست التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وكرر فيها اتهامات موسكو لواشنطن بتسليح «إرهابيين سابقين» وإبقاء قوات لها في الأراضي السورية، من دون مسوغ شرعي ومن دون موافقة الحكومة السورية، عكست الإحباط الروسي من إصرار أميركا على الحفاظ على وجود عسكري لها ولحلفائها في سورية، حتى بعد القضاء على تنظيم «داعش» كلياً، وربط هذا الوجود برحيل الرئيس بشار الأسد. 
ويعتقد ديبلوماسيون أوروبيون في واشنطن أن موسكو أعطت «الضوء الأخضر» لقوات الأسد، والميليشيات الموالية لإيران، بشن هجوم لاستعادة أراض من المعارضة السورية المسلحة في الغوطة الغربية لدمشق على الحدود مع لبنان واسرائيل، علماً أن هذا الهجوم يمثل اختراقاً للهدنة التي كانت إسرائيل وسورية والأردن وأميركا وروسيا قد توصلت إليها في نوفمبر الماضي، وتقضي بوقف إطلاق النار في محافظة القنيطرة.
وسعت تل أبيب لوقف القتال في المناطق السورية المتاخمة للجولان السوري، الذي تحتله إسرائيل، بهدف وقف زحف الميليشيات الموالية لايران صوب الحدود السورية - الاسرائيلية، وإقامة بنية تحتية عسكرية هناك، يمكن من خلالها تهديد الشمال الاسرائيلي.
غير أن مصادر أميركية لا توافق رأي الديبلوماسيين الأوروبيين من أن هجوم الأسد وميليشيات إيران قرب الحدود اللبنانية والاسرائيلية هو نتيجة عدم الانسحاب الاميركي من مناطق سورية شرق الفرات. ويشير الأميركيون إلى أن النظام يقصف المناطق التي شارف على استعادتها من المعارضة المسلحة منذ ثمانية أسابيع، وأن عملية استعادة هذه المناطق ليست ردة فعل، بل تتطلب خطة مدروسة مسبقاً.
وتضيف المصادر الاميركية أن روسيا وعدت إسرائيل بوقف زحف إيران وميليشياتها في الجنوب السوري، وفي هذا السياق كانت هدنة القنيطرة التي وقعتها اسرائيل واميركا. ولطالما ردد الرئيس الأميركي دونالد ترامب انه يعتقد أن الحل ممكن بالتوافق مع الروس.
لكن المؤسسات الأميركية لا يبدو أنها توافق رأي رئيسها، وهي باتت على قناعة بأن روسيا لا تستطيع وقف التمدد الإيراني عبر الحدود العراقية إلى شرق سورية، ومن دمشق جنوباً باتجاه اسرائيل، وهو ما يُملي على القوات الاميركية وحلفائها من المعارضين السوريين فرض معادلات جديدة على الأرض. وفي هذا السياق، جاء توقيع ترامب، في السابع من ديسمبر الجاري، مرسوم تسليح المعارضين السوريين وتمويلهم، إذ بلغ حجم الأموال الأميركية المرصودة لهذا الغرض 393 مليون دولار.
ويبدو أن واشنطن قررت أن تحذو حذو الإيرانيين لناحية تشكيل ميليشيات محلية من المقاتلين، ونشر المستشارين العسكريين والخبراء في صفوفها لإدارتها وقيادتها للانتصار في معاركها، على غرار التجربة الاميركية في الحرب ضد «داعش».
لكن وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) بحاجة إلى مسوّغ يبرر بقاء قرابة ألفي مستشار عسكري اميركي على الاراضي السورية، وهو ما دفع الادارة الاميركية إلى ربط هذا البقاء بحجة منع عودة التنظيمات الإرهابية عموماً، الأمر الذي أجبر الإدارة الاميركية على اعتبار أن لا شريك سورياً يمكن تسليمه الأرض المستعادة من «داعش»، وأن الأسد هو أحد أسباب قيام التنظيم الإرهابي، وتالياً، لا يمكن الركون إليه كشريك يمكن تسليمه الأراضي التي تمت استعادتها.
هكذا، في خضم السباق مع الإيرانيين لاستقطاب حلفاء محليين والسيطرة على مساحات سورية، وجدت أميركا نفسها مجبرة على إعلان أن الأسد «غير صالح» في مرحلة ما بعد الحرب على الارهاب، وهو ما يربط أي انسحاب اميركي برحيله عن الحكم.
المعادلة الأميركية الجديدة لم ترُق لموسكو، التي تراهن على الأسد كرجلها الوحيد في سورية، مع وجود بعض «الشخصيات الاحتياطية»، مثل نائب الرئيس فاروق الشرع والضابط سهيل الحسن، حسب اعتقاد المصادر الاميركية. 
وتقول المصادر نفسها ان واشنطن أبلغت موسكو بأن رحيل الأسد شرط لخروج القوات الأميركية من سورية، واندماج حلفائها في قوى نظامية جديدة، يتم تشكيلها بعد رحيل الرئيس السوري عن الحكم، وهو موقف يبدو أنه أغضب الروس ودفع لافروف إلى شن هجومه الأخير ضد الادارة الاميركية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق