الأحد، 14 يناير 2018

«التحقيق الروسي» يُضيِّق الخناق على ترامب

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بدأ المحقق الخاص روبرت مولر بتضييق الخناق على الرئيس دونالد ترامب ومساعديه في التحقيق بشأن إمكانية تورطهم مع روسيا في اختراق حسابات البريد الالكتروني لمنافسي ترامب الديموقراطيين في انتخابات العام 2016.
وعقد فريق مولر سلسلة من اللقاءات مع فريق المحامين المكلفين الدفاع عن ترامب من دون التوصل إلى نتيجة. ومن المتوقع أن يلتقي الفريقان يوم غد لمتابعة البحث في كيفية التحقيق مع الرئيس. 
وحاول فريق الدفاع حصر أسئلة لجنة التحقيق بأسئلة مكتوبة يجيب عنها الرئيس خطياً كذلك، لكن التحقيق لم يوافق على هذا النوع من الاستجواب، وطالب بعقد لقاء وجهاً لوجه مع الرئيس.
ويتمحور التحقيق في امكانية تورط ترامب مع الروس حول محورين: الاول امكانية تعاونه مع الروس ضد الديموقراطيين في العام 2016، وهي تهمة بمثابة الخيانة الوطنية في حال ثبوتها. والثاني احتمال قيام ترامب بمحاولة عرقلة مسار العدالة مرات عدة بعد توليه الرئاسة مطلع 2017، من خلال خطوات أبرزها طرد مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) جيمس كومي، بعدما رفض الأخير تعطيل التحقيقات في الموضوع الروسي، واخرى في قيام ترامب، وهو على متن الطائرة الرئاسية، بتدبيج نص بيان، أصدره ابنه دونالد جونيور، وحاول فيه تضليل الرأي العام حول ما دار في لقاء بين الابن ومجموعة من الروس من المقربين من الكرملين، في برج ترامب في نيويورك صيف العام 2016.
ولطالما سعى ترامب والجمهوريون إلى تشتيت الانظار عن احتمال تورط الرئيس مع موسكو، وحاولوا ابتكار ما اعتبروها فضائح لناحية تعاون مزعوم للمرشحة الديموقراطية السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون مع الروس. وبلغ الضغط الجمهوري في الكونغرس والبيت الابيض حدا دفع وزارة العدل، التي تعمل عادة باستقلالية عن الحكومة، الى اعادة فتح «ملف البريد الالكتروني» لكلينتون، وكذلك البحث في امكانية تقاضي «جمعية كلينتون» مبالغ من جهات خارجية أثناء عملها وزيرة للخارجية للانحياز لهذه الجهات. لكن التحقيقات في كل الامور المتعلقة بكلينتون جرت على مدى أعوام، ومعظمها تم إغلاقه من دون العثور على أي عمل جرمي، وهو ما يعني أن إعادة وزارة العدل فتح هذه الملفات هو محاولة أخرى من الجمهوريين لتشتيت الانظار عن مشاكل ترامب القضائية مع تحقيق مولر.
وكان الجمهوريون وترامب حاولوا الانتقاص من مصداقية التحقيق بالاشارة الى ان محققي «اف بي آي» باشروا التحقيق في امكانية تورط ترامب مع الروس على اثر تسلمهم ملفاً من شركة تحريات خاصة، هي «فيوجن جي بي اس»، التي كانت وظّفت عميل استخبارات بريطاني سابق يتمتع بعلاقات وثيقة داخل روسيا، يدعى مايكل ستيل.
واستدعت لجنة العدل في مجلس الشيوخ رئيس الشركة غلين سمبسون في محاولة لاستخلاص ما يمكن استخدامه لادانته والتحقيق بأكمله، لكن شهادة رئيس الشركة، التي استمرت عشر ساعات، انقلبت على الجمهوريين، إذ أظهرت صحة معظم مزاعم تحقيقات الشركة، فعمد رئيس اللجنة السيناتور الجمهوري تشاك غراسلي الى حظر نشر محاضر جلسة الاستماع المغلقة.
وشن الجمهوريون إذ ذاك حملة ضد التحقيق، فما كان من كبيرة الاعضاء الديموقراطيين في اللجنة السيناتور دايان فاينستاين إلا أن قامت بنشر محاضر الجلسة المغلقة مع سمبسون، وهو ما دحض الكثير من مزاعم الجمهوريين عن تحقيقات ستيل و«فيوجن جي بي اس».
في هذه الاثناء، حاول ترامب الايحاء بأنه لن يوافق على المثول أمام لجنة التحقيق في مقابلة وجهاً لوجه، لكنه لم يجزم بأنه لن يوافق على المقابلة، على الأرجح بناء على نصيحة محاميه بتفادي اتخاذ أي مواقف من التحقيق قد ينجم عنها عواقب قانونية سلبية ترتد على الرئيس الاميركي في ما بعد.
وفي وسط الضجيج حول نية ترامب تعديل الاتفاق النووي مع ايران، والضجيج الذي أثاره إطلاق ترامب تسمية «حثالة» أو «قذارة» على بعض الدول التي يفد منها مهاجرون الى الولايات المتحدة، ووسط عدد كبير من التغريدات الاستفزازية التي تبقي وكالات الانباء الاميركية مشغولة بأقوال الرئيس المثيرة للجدل دائماً، هناك ثابتة واحدة لم تتغير منذ وصول ترامب الى السلطة، هي التحقيقات في مدى تورطه مع الحكومة الروسية، ولاحقاً في إمكانية قيامه بعرقلة مسار هذه التحقيقات. 
هذه الثابتة هي التي تشغل بال ترامب بشكل متواصل، وتدفعه بين الحين والآخر الى مهاجمة التحقيق، ووصفه بالتحقيق المنحاز الذي يستهدفه ورئاسته، ودعوة الجمهوريين في الكونغرس الى التصدي للتحقيق، وربما طرد مولر. لكن حتى الآن، ما زال مولر يعمل، وما زال الخناق يشتد حول عنق الرئيس الاميركي، ومازال ترامب يثير جدالات في تصريحاته وسياساته، في الغالب لإبعاد كأس التحقيق المرة عنه وعن عائلته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق