السبت، 24 فبراير 2018

ترامب سرَّعَ نقل السفارة إلى القدس طمعاً بأصوات وأموال... يهود أميركا

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تسلّم العاملون في القنصلية الأميركية في القدس الغربية مذكرة من وزارة الخارجية تم إعلامهم فيها انه ابتداء من 14 مايو المقبل، الذي يصادف الذكرى السبعين لقيام دولة إسرائيل، سيتحول مبنى قنصليتهم الى مبنى «سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل»، عملاً بقرار الرئيس دونالد ترامب نقل السفارة من تل أبيب الى القدس.
ومع التغيير الذي أعلنته إدارة ترامب عبر قنواتها، تصبح السفارة الأميركية الحالية في تل أبيب فرعاً من السفارة المزمع إعلانها في القدس الغربية.
قرار ترامب لا يتعارض مع قرار القمة الطارئة لـ «منظمة التعاون الاسلامي»، التي انعقدت في اسطنبول في ديسمبر من العام الماضي، وأصدرت بياناً ختامياً أكدت فيه أنها تعتبر القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين المزمع قيامها. 
وفي السياق نفسه، تداولت أوساط وزارة الخارجية الأميركية أن قنصليتها الثانية الواقعة على الخط الأخضر، الذي قسّم القدس في العام 1948 إلى غربية للاسرائيليين وشرقية للفلسطينيين، ستواصل خدماتها القنصلية للفلسطينيين حسب المعتاد. 
والقنصلية الأميركية العامة تعمل بمثابة بعثة ديبلوماسية أميركية معتمدة لدى السلطة الفلسطينية، ويترأسها القنصل العام دونالد بلوم، وهي تتبع لوزارة الخارجية الأميركية بشكل مباشر، من دون أن تمر بالسفارة الأميركية المعتمدة لدى إسرائيل، في تدبير فريد من نوعه، ولا يماثله إلا القنصلية الأميركية العامة في هونغ كونغ، التابعة للصين نظرياً والتي تتمتع باستقلال ذاتي.
ومع اختيار إدارة ترامب القدس الغربية موقعاً لسفارتها بدلاً من تل أبيب، تكون الولايات المتحدة اختارت البقاء ضمن الأطر المتفق عليها دولياً، وبذلك تترك موضوع تقسيم السيادة على القدس رهن توصل الطرفين، الفلسطيني والاسرائيلي، إلى تسوية سلام نهائية.
وغير الذكرى السبعين للاستقلال الاسرائيلي، لا تبدو هناك مبررات كثيرة للسرعة الأميركية في نقل السفارة، إذ سبق للمسؤولين الأميركيين، بمن فيهم نائب الرئيس مايك بنس، أن أبلغوا الإسرائيليين بأن نقل السفارة سيتم «قبل نهاية العام 2019».
على أن السبب الأرجح خلف السرعة الأميركية هو المشهد السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، في ظل الاستعدادات للانتخابات النصفية المقررة في نوفمبر المقبل، وهي انتخابات تثير ذعر الجمهوريين، بعد سلسلة من الخسارات الفادحة في دوائر انتخابية كان ترامب والجمهوريين حققوا فيها انتصارات كاسحة في انتخابات 2016. 
ويبدو أن ترامب يعتقد ان نيله حظوة الاسرائيليين قد يدفع أصوات اليهود الاميركيين وأموالهم الانتخابية، خصوصاً أموال الملياردير اليهودي شلدون ادلسون، تجاه الحزب الجمهوري، وهو ما قد يساعد في محاولة احتفاظ الجمهوريين بالغالبية في الكونغرس بغرفتيه. 
ومساء أول من أمس، أوضحت الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت ان السفارة المقبلة ستكون ضمن مجمع كبير موجود أصلاً ويضم انشطة القنصلية الاميركية العامة في إسرائيل، في حي أرنونا.
واشارت إلى أنه «في المرحلة الاولى» سينتقل إلى السفارة السفير ديفيد فريدمان، المدافع الشرس عن مبدأ نقل السفارة الى القدس، إضافة الى فريق صغير.
وأضافت: «ننوي فتح جناح جديد في مجمع أرنونا بحلول نهاية العام الحالي، لكي تكون للسفير وفريقه مكاتب أوسع. وفي موازاة ذلك باشرنا البحث عن موقع يكون المقر الدائم لسفارتنا»، مشيرة إلى أن بناءه «سيستغرق وقتاً».
وفي مقابل الترحيب الاسرائيلي العارم، دانت القيادة الفلسطينية القرار، مؤكدة أنه يشكل «استفزازاً للعرب».
وندد أمين سر «منظمة التحرير» الفلسطينية صائب عريقات «بأشد العبارات بقرار الإدارة الأميركية نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس في اليوم الذي تتزامن فيه ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني».
وقال لوكالة «فرانس بريس» إن «هذا القرار مخالفة فاضحة للقانون الدولي والشرعية الدولية وتدمير كامل لكل اتفاقيات السلام الموقعة مع إسرائيل»، كما أنه «استفزاز لمشاعر العرب والمسلمين والمسيحيين». 
واعتبر أن إدارة ترامب «بهذه الخطوة تكون عزلت نفسها كلياً وأصبحت جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من الحل».
من جهتها، قال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود، في بيان أمس، إن نقل السفارة يشكل «مساساً بهوية شعبنا العربي الفلسطيني ووجوده، ومساساً مباشراً ومتعمدًا بمشاعر أبناء شعبنا وأمتنا العربية».
بدورها، اعتبرت حركة «حماس» أن نقل السفارة إلى القدس و«تحديد موعد تنفيذ ذلك في ذكرى تهجير الشعب الفلسطيني ونكبته، يمثل تحدياً صارخاً لشعبنا»، ويعد «اعتداءاً جديداً على حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية، واستفزاز لمشاعر أمتنا العربية والإسلامية».
وفي حين وصفت تركيا القرار الأميركي بأنه «مقلق للغاية» متهمة واشنطن بـ«القضاء» على آمال السلام، أعلنت مصر أمس عقد اجتماع عربي - أوروبي على مستوى وزراء الخارجية غداً الاثنين في بروكسيل، لبحث تداعيات قرار واشنطن بشأن القدس، وسبل إحياء عملية السلام.
وأوضحت الخارجية المصرية، في بيان، أن الاجتماع سيضم وزراء خارجية اللجنة السداسية العربية ونظراءهم من دول في الاتحاد الأوروبي، على أن يعقد بمقر مفوضية الاتحاد بالعاصمة البلجيكية.
واللجنة الوزارية السداسية تتكون من وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والسعودية والمغرب وفلسطين، إضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق