الخميس، 8 مارس 2018

الديمقراطية لم تنجح قط في لبنان، ونجاحها شرط رئيسي لازدهار البلاد

حسين عبد الحسين
سينديكايشن بيرو

إن لبنان لم يكن قط دولة ديمقراطية، والمشكلة هي أن اللبنانيين لا يدركون ذلك تماماً، فهم يعتقدون أنهم يختارون قادتهم فعلياً من خلال الانتخابات المتفرقة التي ينظمونها بين الحين والآخر. أمَّا الفهم السليم للغليان السياسي المستمر في لبنان فقد يؤدي على الأقل إلى إزالة اللبس عن خبايا حالة الأزمة الدائمة في البلاد، إن لم يكن سيوضحها بشكل تام. فإذا أخذنا على سبيل المثال ما جرى مع رئيس الوزراء سعد الحريري، الذي لم يلبث أن قدم استقالته حتى هَمَّ بسحبها، سنجد أن وضعية الحريري هي بالفعل دليل على اللبس الذي يهيمن على السياسة في لبنان. وإذا كانت الدولة اللبنانية تسعى بالفعل إلى تحقيق ذاتها من خلال الطاقات التي تزعم أنها تمتلكها، فإن هناك حاجة ماسة لاتخاذ خطوات جادة من أجل إصلاح حالة البلاد، مع العلم أن الانتخابات المقبلة من المقرر انعقادها هذا الصيف، ولكنها لا تعِد بالشيء الكثير.

من أجل فهم السياسة اللبنانية، لننطلق من الاسم الذي أطلقه اللبنانيون على النظام السائد في بلادهم: “الديمقراطية التوافقية”. اسم يعتبر تناقضاً في حد ذاته، ففي حين يتطلب التوافق موافقة الجميع، فإن الديمقراطية هي حكم الأغلبية، حتى وإن تمثلت في الحصول على نسبة 50 بالمائة زائد واحد فقط. لكن نرجع ونقول إن الديمقراطية التوافقية في لبنان في حقيقتها لا هي ديمقراطية ولا هي توافقية. وأبسط مثال على ذلك هو عندما أوعز النظام الحاكم في سوريا إلى البرلمان اللبناني تمديد فترة ولاية الرئيس السابق إميل لحود سنة 2004، صوت الدروز، وهم من أهم الفرق اللبنانية، ضد هذا الاقتراح الذي واجه معارضة كبيرة من قبل المسيحيين، إلا أن النظام السوري وحلفاؤه، وفي مقدمتهم “حزب الله”، قالوا إن “الديمقراطية قد تحققت”، وتم منح لحود استثناءً دستورياً شرعياً للبقاء في كرسي الرئاسة لثلاث سنوات إضافية، لذلك فلا وجود للتوافق في هذه الحالة.

لكن “حزب الله” لم يكن من أشد مناصري الديمقراطية حين فاز غرماؤه المعروفون بحركة “14 آذار” بالأغلبية البرلمانية سنة 2009. ورغم أن زعيم الحزب حسن نصر الله قد صرَّح عشية الانتخابات بأن حزبه سيحترم قرار الأغلبية، إلا أنه تراجع عن وعده هذا وطلب من حركة “14 آذار” تقديم تنازلات لصالح “حزب الله” والأقلية عن طريق تشكيل “حكومة وحدة وطنية”، إذ ليس هناك مجال لحكم لبنان إلا عن طريق التوافق، أو هكذا قال نصر الله. وقد أصر “حزب الله” على موقفه هذا حتى أرغم حركة “14 آذار” على انتخاب المرشح المفضل للحزب، وهو الجنرال السابق المسيحي ميشال عون، رئيساً للبلاد. لا أثر للديمقراطية في هذه العملية كذلك.

وبين الديمقراطية والتوافق يوجد عامل آخر شديد الأهمية. إن لبنان، في واقع الحال، بلد يحكمه منطق القوة، و”حزب الله” وميليشياته المهيبة هو الوحيد الذي يقرر متى يحين وقت “الديمقراطية” ومتى يجب اللجوء “للتوافق”.

لقراءة المقالة كاملة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق