الاثنين، 30 أبريل 2018

واشنطن «ترفع الحرارة» في سورية لتحريك التسوية... السياسية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

شهدت الأيام القليلة الماضية نشاطاً غير مسبوق في أروقة الأمم المتحدة وبين العواصم الغربية بشأن الملف السوري، حيث برز إجماع على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية تنهي سبعة أعوام من الحرب والدماء والدمار، لكن الخلاف استمر حيال شكل التسوية بين مجموعتين بشكل أساسي.
مجموعة أولى يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حمل معه إلى العاصمة الأميركية فكرة التوصل لتسوية شاملة مع الإيرانيين، ما يتطلب مقايضات: تتنازل طهران عن صواريخها البالستية وطموحاتها النووية، وتفوز بالوصاية على سورية، بما في ذلك رغبتها في الابقاء على الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم. 
وبالاتفاق مع ايران، يمكن فرض تسوية بين الأسد ومعارضيه، محورها إقامة حكومة وحدة وطنية في سورية، تقوم بكتابة دستور جديد وتشرف على استفتاء بشأنه كما تشرف على انتخابات رئاسية جديدة، وهذه كلها من مطالب الأسد، الذي يعتقد أن بإمكانه البقاء في الحكم والترشح لولاية خامسة، مع حصر التسوية مع معارضيه بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
و«تسوية ماكرون» تعني حُكماً ترجيح كفة طهران على موسكو، التي تصبح في هذه الحالة الخاسر الأكبر، لأن قواعدها في سورية ستكون تحت رحمة الوصاية الإيرانية على الأسد.
المجموعة الثانية، تهيمن عليها إسرائيل خلف الكواليس، وهي لا تُمانع بقاء الأسد، لكن بشرط انفصاله التام عن إيران وطرده الميليشيات الموالية لها المنتشرة على الاراضي السورية. هذه التسوية تعني ترجيح كفة روسيا على ايران، وإعطاء موسكو الكلمة الفصل، وتتوافق مع الخيارات السياسية للرئيس الاميركي دونالد ترامب، الذي يصرّ - لأسباب غير معروفة حتى الآن - على الحفاظ على صداقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من التوتر الواضح في العلاقات بين حكومتيهما.
وتقول المصادر الأميركية إن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين يعتقدون أن «التسوية مستحيلة في سورية مع بقاء الأسد»، وأن أي حلّ يشترط رحيله. 
وتعتقد المصادر أيضاً أن بوتين ليس متمسكاً بالأسد، لكنه يرى أن الأسد ورقة مناسبة لمفاوضة الغرب على قبول احتلال روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، مقابل قيام موسكو باستبدال الأسد بعسكري آخر، يبدو حتى الآن أنه العميد سهيل الحسن، الملقّب بـ «النمر».
لكن قبول أميركا وأوروبا باحتلال بوتين القرم الأوكرانية أمر مستحيل أكثر من موضوع الأسد، فضم أراض بقوة الأمر الواقع يُذكّر الأميركيين والأوروبيين بشكل فوري بطاغية ألمانيا النازي أدولف هتلر، وهو ما يجعل انتزاع روسيا القرم أمراً يتعارض مع الثقافة السياسية والذاكرة الأميركية والاوروبية برمّتها.
هي شبكة من المصالح المتضاربة، دولياً وإقليمياً ومحلياً، تجعل من التوصل إلى تسوية تنهي الحرب السورية أمراً متعذراً في الوقت الراهن، على الرغم من توافر إجماع دولي على ضرورة هذه التسوية. 
على أن العارفين في شؤون السياسة الدولية يرددون أن التسويات لا تأتي وسط تعادل القوى، بل عندما تدرك جهة أن تمسكها بموقفها يحمل سلبيات أكثر من الايجابيات. 
وفي هذه الحالة، «على واشنطن أن ترفع الحرارة تحت أقدام بعض اللاعبين في سورية لدفعهم إلى إبداء مرونة والدخول في تسويات بعيداً عن تمسك كل منهم بأقصى سقف مطالب يمكنهم الحصول عليه»، حسب المصادر، التي تختم بالقول ان «ميزان القوى في سورية ثابت، ومن المتوقع أن يُحافظ على ثباته في المدى المنظور، وان تمسك كل طرف بمطالبه يعني أن التسوية ما تزال بعيدة ومتعذرة، حتى لو جعلها ماكرون أولوية أثناء محادثاته مع ترامب».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق