السبت، 2 يونيو 2018

واشنطن: اتفاق موسكو - تل أبيب بشأن سورية ليس شاملاً... بل محدود برقعة جغرافية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

لا تفاصيل لدى العاملين في الإدارة الاميركية حول الاتفاقية بين روسيا وإسرائيل على رعاية عودة قوات الرئيس السوري بشار الأسد إلى جنوب البلاد وانتشارها على مسافة تبعد 24 كيلومتراً عن المنطقة المنزوعة السلاح، التي تشرف عليها قوات حفظ السلام الأممية «اندوف» منذ سنة 1974. 
غياب الولايات المتحدة عن تفاصيل اتفاقية حليفتها إسرائيل مع روسيا يشي بأن الاتفاقية ليست جزءاً من رؤية متكاملة حول مستقبل الأسد أو الدور الايراني في سورية، بل هي «اتفاقية محدودة برقعة جغرافية سورية محددة، تهدف من خلالها موسكو إلى تبديد مخاوف تل أبيب من إنشاء الميليشيات الموالية لإيران بنية عسكرية متطورة على مقربة من الشمال الاسرائيلي، على غرار (حزب الله لاند) في لبنان». وتعبير «حزب الله لاند» هو استعادة لتسمية «فتح لاند» يوم كانت التنظيمات الفلسطينية المسلحة تسيطر على الجنوب اللبناني في السبعينات.
وفي انتظار ورود التفاصيل من الاسرائيليين، تسجل المصادر الاميركية بعض الملاحظات، في طليعتها ان «الغالبية العظمى للضربات التي قامت بها المقاتلات الاسرائيلية ضد أهداف ايرانية داخل سورية كانت في مناطق خارج الحزام الأمني الذي توافقت روسيا وإسرائيل على السماح للأسد بإقامته».
ثانياً، تلفت المصادر إلى أن الحزام المذكور لا يكفي لمنع مخاطر إنشاء إيران بنية عسكرية متطورة جنوب سورية، فمعظم الصواريخ التي تزودها طهران للميليشيات الحليفة لها في منطقة الشرق الاوسط يتخطى مداها مسافة 24 كيلومتراً، بما في ذلك صواريخ «كاتيوشا» معدلة يصل مداها 40 كيلومتراً، وصواريخ «فجر» التي يتراوح مداها بين 45 و72 كيلومتراً.
ثالثاً، تعتقد المصادر الاميركية أن «الأسد صار مديونا في بقائه لإيران، وأن استمرار وجوده في الحكم في دمشق يعني أن عليه ان يستجيب لمطالب الايرانيين، بما في ذلك استمرار بقاء قواتهم والميليشيات الموالية لهم في سورية، وهو ما يعاكس المصلحة الاسرائيلية المعلنة». 
ومع دخول الاتفاقية الاسرائيلية - الروسية لانتشار قوات الأسد جنوب سورية حيز التنفيذ، ومع تكرار المسؤولين الروس تصريحاتهم حول ضرورة انسحاب كل القوات الاجنبية من سورية، بالتزامن مع تصريحات الأسد، بل تهديداته باقتلاع المجموعات الكردية المنتشرة برعاية أميركية شرق الفرات، يرى المسؤولون الاميركيون ان هدف موسكو من الحديث عن «انسحاب القوات الأجنبية» من الجنوب السوري لا يستهدف الايرانيين، بل هو إشارة إلى رغبة موسكو في رؤية الولايات المتحدة تفكك البنية التحتية لانتشارها العسكري مع حلفائها في قاعدة التنف على ملتقى الحدود العراقية - السورية - الاردنية.
ويقول المسؤولون الاميركيون ان طريق بغداد - دمشق يسيطر عليها حالياً الأسد وحلفاؤه، بما في ذلك معبر البوكمال، مروراً بتدمر وغرباً باتجاه دمشق. ما يزعج الايرانيين والروس، هي التنف، التي «تسمح لنا بمراقبة الحدود العراقية - السورية لتأكيد عدم عودة إرهابيي داعش إلى تشكيل أنفسهم».
وبعدما أبدى الرئيس دونالد ترامب رغبة بانسحاب ألفي جندي أميركي ينتشرون في سورية، يبدو أن الرئيس الأميركي تراجع عن موقفه، خصوصاً في ظلّ اعتقاد كبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع أن القيمة الاستراتيجية لانتشار هذه القوات تفوق بكثير تكلفتها المالية أو السياسية. 
ويؤكد المسؤولون الاميركيون ان القوات الاميركية والمجموعات المتحالفة معها ستحافظ على أماكن انتشارها حتى التوصل إلى تسوية سياسية سورية كاملة، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة ستواصل سيطرتها على مصادر النفط السورية الوحيدة، وتبقيها خارج الخدمة، وهو ما يحرم الأسد ونظامه موارد طاقة ومال يحتاج إليها بشدةّ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق