الثلاثاء، 2 أكتوبر 2018

الانتخابات النصفية... فضائح إدارة ترامب في مواجهة الأداء القوي للاقتصاد الأميركي

واشنطن - من حسين عبدالحسين

كان من المفترض أن تتحول المصادقة في مجلس الشيوخ، على تعيين برت كافانو قاضياً في المحكمة الفيديرالية العليا، استعراضا للقوة للرئيس دونالد وترامب وحزبه الجمهوري، وتأكيد جنوح الحزب نحو اليمين أكثر فأكثر، عبر تعيين قاض تشير آراؤه الى انه من المحافظين المتشددين. 
لكن استعراض القوة المتوقع للحزب الجمهوري انقلب كابوسا على البيت الابيض والحزب، بعد قيام ثلاث نسوة بتوجيه اتهامات اعتداءات جنسية يفترض ان كافانو، الذي يعمل حاليا في منصب قاض فيديرالي لمدينة واشنطن، قام بها قبل عقود. ومع ظهور الاتهامات، حاول الجمهوريون في مجلس الشيوخ الاسراع في عملية الاقرار، بالتزامن مع رفضهم والبيت الابيض احالة الاتهامات الى مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) للتحقيق. 
على ان الاداء المثير للتعاطف، الذي قدمته الضحية المزعومة دكتورة العلوم النفسية بلايزي فورد، اثناء مثولها للشهادة في مجلس الشيوخ، والارتباك والعدوانية في اداء كافانو، دفعا السناتور الجمهوري الخارج الى التقاعد مع نهاية العام جيف فلايك الى ربط موافقته على كافانو باجراء «اف بي آي» تحقيقا اضافيا، مدته اسبوع، للتحقق من صحة الاتهامات، فباشر المكتب الامني المذكور عملية التحقيق.
هكذا، يحبس الاميركيون، من الحزبين، أنفاسهم، بانتظار نتائج التحقيق، فان اظهر صحة الاتهامات، سيجد البيت الابيض نفسه مجبرا على سحب ترشيح كافانو. اما ان اعتبر التحقيق ان لا دلائل على صحة الاتهامات، يفتح بذلك الطريق امام مجلس الشيوخ للموافقة على التعيين، ويمنح البيت الابيض نصرا معتبرا، وان بتكلفة كبيرة أدت الى تلطيخ صورة القاضي واستهلاك رصيد لا بأس به من شعبية ترامب وبعض الشيوخ الجمهوريين ممن سيقترعون لمصلحة الموافقة على التعيين. 
وفيما ستنحسر قضية كافانو، ان بتعيينه او باستبدال ترشيحه، من المتوقع ان يعود الى دائرة الاضواء التحقيق الخاص في امكانية تورط ترامب ومساعديه ومستشاريه مع الحكومة الروسية في التلاعب في نتائج الانتخابات قبل عامين. 
وكانت «صحيفة نيويورك تايمز» نشرت تقريرا زعمت فيه انه سبق لوكيل وزارة الخارجية والمشرف على التحقيق رود روزنستاين ان ابلغ زملاءه في الوزارة نيته تسجيل حواراته مع ترامب بهدف ادانته واستخدام المادة 25 من الدستور لعزله. التقرير ادى الى تكهنات مفادها بان الرئيس الاميركي سيستند الى ما كتبته الصحيفة لتعليل طرده لروزنستاين، وتاليا استبداله بمسؤول اكثر تأييدا لترامب يقوم بالتضييق على التحقيق وانهائه. 
لكن المشرعين، وفي طليعتهم الشيوخ الجمهوريون، حذروا البيت الابيض من مغبة طرد روزنستاين، وهو تحذير يبدو ان ترامب اخذه على محمل الجد، وتراجع بموجبه عن نية انهاء عمل وكيل الخارجية، على الأقل في المدى المنظور، الى ان تتسنى فرصة ثانية للرئيس للانقضاض على التحقيق واصحابه. 
وبين الكدمات التي تلقتها ادارة ترامب والحزب الجمهوري في عملية المصادقة على تعيين كافانو، وبين الهزّات التي يتعرض لها البيت الابيض بشكل متواصل بسبب التحقيقات المتواصلة، والادانات القضائية، واعترافات كبار مساعدي ترامب بالذنب في مواضيع متنوعة تتعلق به، من المرجح ان يتواصل اهتزاز شعبية الرئيس وحزبه الجمهوري، قبل أقل من خمسة اسابيع على موعد الانتخابات النصفية المقررة في 6 نوفمبر، في وقت تشير استطلاعات الرأي، بشكل متصاعد، إلى احتمال حصول «موجة زرقاء»، أي موجة اصوات مؤيدة للحزب الديموقراطي، تكتسح مجلس النواب وعددا كبيرا من مجالس الولايات ومناصب المحافظين لمصلحة الحزب المعارض. 
اما المؤشر الايجابي الوحيد الذي يصب في مصلحة ترامب وحزبه، فهو الاداء القوي الذي يقدمه الاقتصاد، والذي يدفع النمو الى نسبة 3 في المئة هذا العام، ونسبة البطالة الى 3،5، وهي الادنى لها منذ اكثر من عقد... فهل تهزم الفضائح المتكررة ترامب والجمهوريين أم ينقذهم الاقتصاد ويطيل في امد انفرادهم في حكم البلاد؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق