الاثنين، 8 أكتوبر 2018

هل يستطيع رئيس الوزراء العراقي الجديد إجراء إصلاحات ومكافحة الفساد؟

حسين عبدالحسين

كتب “عادل عبد المهدي، قبل ثلاثة أسابيع من اعلانه رئيس الوزراء، مقالة افتتاحية له وأشار فيها إلى أنه لا يجب أن يكون المقصود بالمنصب ذلك الشخص المكلف بالمهام، بل المنصب هو جميع ما يخص “القواعد والمؤسسات.” وأضاف عادل، أنه من الواجب بمكان أن يلتزم الوزراء باللوائح، وتوفير سلطة قضائية مستقلة، وتأسيس قوات شرطة لمكافحة الفساد، وتوفير مراجعين ماليين لمراقبة الحكومة. ورغم ذلك، وبالنظر إلى الكتل البرلمانية والتي وافقت هذا الأسبوع على اختيار “عبد المهدي” رئيسًا للجمهورية فضلاً عن اعتماد أداؤه السابق، أعرب العديد من العراقيين عن شكوكهم إيذاء ما يمكن أن يقدمه هذا الرئيس لمكافحة الفساد.

وشغل عبد المهدي في وقت سابق منصب نائب رئيس الجمهورية من الفترة 2014 حتى 2016، وعمل وزيرًا للنفط.

وتسائل “حارث حسن القروي”، زميل في الجامعة الأوروبية المركزية في “بودابست”، كيف للجماعات التي طرحت اسم “عبد المهدي” لمنصب الرئيس أن تسمح له بالبدء في إجراء التغيير الهيكلي الذي تحتاج إليه العراق بشدة. وتولى “عبد المهدي” رئاسة الوزراء بموجب صفقة ويبدو أنها لن تدوم طويلاً، وقد يجد نفسه وحيدًا دون أن تدعمه أي كتلة سياسية في البرلمان.” واستطرد “القروي” قائلاً، “بدون كتلة برلمانية تسانده، كيف سيحصل على الدعم….، وفي الوقت نفسه يبدأ في إجراء الإصلاحات بالهجوم على الكتل البرلمانية التي تدعمه”؟

وما يزيد مهام الرئيس “عبد المهدي” تعقيدًا، وفقًا لأحد العلماء العراقيين، ذلك العامل الجديد وهو الشارع العراقي المضطرب.” فعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، شهدت محافظة البصرة والعددي من المدن العراقية في الجنوب أعمال شغب والتي تحولت في بعض الأحيان إلى مواجهات دامية.

ويبدو أن تجربة الدول الأخرى والتي شهدت تغييرات جذرية قد تكون مفيدة. ويحدث التغيير عادة بسبب تحول في الثقافة السياسية، وفي هذا إشارة إلى تأرجح المزاج الشعبي. ولو كان “عبد المهدي” قد وضع التغيير على رأس حركة الإصلاح عند توليه رئاسة الوزراء، أو أنشئ تحالفًا برلمانيًا ليحتضن رؤيته عن الإصلاح، على النحو الذي صرح به في مقالته الافتتاحية، فمن المعقول أن يحدث التغيير. بيد أنه من غير الممكن أن يتمكن رئيس الوزراء، والذي حصل على وظيفته بفضل تلك المجموعات المتهمة بإفساد الدولة، فكيف لهم ان يتمكنوا من اصلاحها.

وبالنظر إلى تجربتهم السابقة مع “عبد المهدي”، يعتقد العديد من العراقيين أنه لا ينوي حتى مجرد الإصلاح، ومن هنا كانت وسائل التواصل الاجتماعي تعج بالتكهنات. ويتسائل “حيدر حسان كاظم”، لاعب كرة قدم، ويتابعه العديد عبر منصة التواصل الاجتماعي “تويتر”، عن الحكمة من “مكافئة” عبد المهدي. وغرد قائلاً “لقد عمل وزيرًا للمالية، ووزيرًا للنفط، ونائبًا لرئيس الجمهورية”، “فما هي إنجازاته في مهامه السابقة”؟ وهل نجح قبل ذلك حتى نكافئه ونجعله رئيسًا للوزراء؟”

ولم يكن تخوف العراقيين من الفشل السابق الذي حققه “عبد المهدي” في مهامه، بل أيضًا من ذلك الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي وفيه يظهر “عبد المهدي” برفقة مقاتلي ميليشيا “بدر”، وهي جماعة برلمانية ترعاها إيران.

ويشهد العراق أيضًا حالة اضطراب بسبب الانتهازية السياسية الظاهرة التي ينتهجها “عبد المهدي”. فعلى مدار مسيرته المهنية الطويلة، كان رئيس الوزراء المعين والبالغ من العمر “76” عامًا كثيرًا ما يغير مواقفه بسهولة، فقد بدأ حياته السياسية ضمن حزب البعث، ثم أصبح شيوعيًا قبل أن يعلن عنه كونه “إسلاميًا”. وفي العام 2003، أعلن “عبد المهدي” إنه إسلاميًا معتدلاً، بل وصف نفسه بأنه الشخص الذي يستطيع التوسط بين واشنطن وطهران، وهو الدور الذي يتسابق لممارسته الكثير من السياسيين العراقيين، على أمل أن يتمكن هؤلاء الساسة من خلال هذا النهج الثلاثي من كسب تأييد أمريكا وإيران على السواء، وبالتالي إعلانهم “المرشحين التوافقيين” للمناصب الحكومية. وبالطبع فإن “المرشحين التوافقيين”، أمثال “عبد المهدي”، يكونون عادة أفراد عديمي الجدوى ويتجنبون اتخاذ مواقف متشددة في القضايا المتساوية في الصعوبة – والتي يعج بها العراق، ولهذا فإن وضع رئيس الوزراء لا يبشر بالخير.

ولم يتبقى أمام العراقيين المنهكين من الفساد المتفشي وفشل الحكومات المتعاقبة سوى أن يأملوا بأن يكون أي نوع من التغيير هو تغيير نحو الأفضل، حتى وإن كان هذا التغيير يقتضي تنصيب أحد الساسة البارزين في موقع القيادة. ولكن في ظل وجود شخص لم يحقق سوى القليل أثناء توليه منصبه من أمثال “عبد المهدي” ويدين برئاسته للوزارة إلى الساسة الفاسدين والذي وعد بالقضاء عليهم، فإنه من الطبيعي أن يعبر العراقيين عن شكوكهم في قدرته لتولي منصبه، او رفضه صراحة.

لا يمثل “عبد المهدي” للعديد من العراقيين مصدر إلهام للتغيير، لأنه ببساطة مثل الذي سبقوه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق