الاثنين، 5 نوفمبر 2018

اليوم... حكم الناخب الأميركي على الرئيس

واشنطن - من حسين عبدالحسين

من المتوقع ان يتوجه اليوم نحو 150 مليون أميركي لاختيار اعضاء مجلس النواب في الكونغرس، والبالغ عددهم 438، لولاية مدتها سنتان، ولانتخاب 35 عضواً في مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100، لولاية مدتها ست سنوات، فضلا عن انتخاب محافظين لـ36 ولاية من الولايات الـ50. وسبق ان ادلى 37 مليوناً بأصواتهم في فترة الانتخابات المبكرة، وهو رقم غير مسبوق، يشي بأن تحقق نسبة المقترعين اليوم رقماً قياسياً في هذه الدورة الانتخابية، المعروفة بـ«النصفية». 
وينتخب الاميركيون اليوم، مجالس تشريع محلية في الولايات، وقضاة، واعضاء مجالس تربوية تدير المدارس العامة. كما يدلون بأصواتهم لمصلحة عدد من الاستفتاءات، التي تؤدي الى تعديلات في دساتير الولايات، وهذه تختلف عن الدستور الفيديرالي للبلاد.
الاضواء تتسلط على انتخابات الكونغرس، المسماة «نصفية» لانها تصادف مع منتصف الولاية الرئاسية. وتسيطر حاليا على الكونغرس، بغرفتيه النواب والشيوخ، غالبية من الحزب الجمهوري، الذي يشغل كذلك البيت الابيض مع وجود الرئيس دونالد ترامب فيه. 
الانتخابات النصفية غالباً ما تكون بمثابة استفتاء على اداء الرئيس، وغالبا ما يخسرها حزبه، باستثناء الرئيس الديموقراطي السابق بيل كلينتون، الذي استعاد حزبه الغالبية في انتخابات 1998 النصفية، والرئيس الجمهوري السابق جورج بوش الابن، الذي حافظ حزبه على الغالبية في الكونغرس في انتخابات 2002 النصفية، قبل ان يخسرها الجمهوريون في انتخابات 2006، التي صادفت مع منتصف ولاية بوش الرئاسية الثانية. 
وواصل ترامب جولته في أنحاء الولايات المتّحدة لمنع فوز الديموقراطيّين، فيما دعا سلفه باراك أوباما إلى مواجهة أكاذيب الجمهوريّين «الوقحة».
وجاب جيش من الناشطين والمرشّحين الديموقراطيّين والجمهوريّين الولايات المتّحدة الأحد، للحشد للانتخابات التي تأمل المعارضة الديموقراطيّة في تحويلها إلى رفض وطني لترامب بعد عامين من انتخابه. 
هكذا، قد يتكبد ترامب مساء اليوم خسارة سياسية واضحة ستؤدي الى تراجع مقدرته على الحكم واستصدار القوانين، في حال خسر الجمهوريون الغالبية في اي من غرفتي الكونغرس، في وقت ترجح استطلاعات الرأي ان ينتزع الديموقراطيون الغالبية في مجلس النواب، مع شبه استحالة استعادتها في الشيوخ، حيث تشير الترجيحات إلى ان ميزان القوى سيبقى على حاله بواقع 51 مقعداً للغالبية الجمهورية، او ان الجمهوريين سيفوزون بمقعد او اثنين فيوسعون غالبيتهم. 
المؤشر الثاني الذي سيؤكد تراجع السطوة الشعبية للجمهوريين - التي بلغت ذروتها مع فوز ترامب بالرئاسة قبل عامين وحفاظ حزبه على غالبية الكونغرس بغرفتيه - هو انتخابات المحافظين، اذ يسيطر الجمهوريون حالياً على 33 محافظا، مقابل 17 للديموقراطيين. وترجح استطلاعات الرأي ان تفضي انتخابات اليوم الى اعادة توزيع المحافظين الى 26 للجمهوريين و24 للديموقراطيين، ما يعني ان الديموقراطيين سيحكمون 194 مليوناً، او ثلثي عدد الاميركيين، مقابل 135 مليوناً سيعيشون تحت حكم جمهوري محلي. 
الاسلوب الانتخابي يتباين بين الحزبين. الديموقراطيون يعدون الناخبين بالدفاع عن قانون الرعاية الصحية، الذي أقروه اثناء سيطرتهم على البيت الابيض والكونغرس، في زمن باراك أوباما في العام 2009، وهو قانون صار يتمتع بشعبية واسعة، خصوصا بعدما سعى الجمهوريون لتقويضه. كذلك، يعد الديموقراطيون بالدفاع عن الاقليات، وعن حقوق المرأة، والوقوف في وجه المتحرشين جنسياً. 
اما الجمهوريون، فهم تبنوا خطاب ترامب، المبني على تحريض الغالبية البيضاء ضد الهجرة والمهاجرين والاقليات، ما ادى الى شرخ كبير بين الناخبين، وضع النساء البيض والاقليات العرقية خلف الديموقراطيين، ووضع غالبية الرجال البيض خلف الجمهوريين. 
ومع ان الانتخابات النصفية تتركز في غالبها حول مواضيع داخلية، الا ان استعادة الديموقراطيين الغالبية في مجلس النواب يهدد بعاصفة من الاستجوابات حول علاقات ترامب بالحكومات الاجنبية، خصوصا في الشق المالي. 
وكانت زعيمة الديموقراطيين نانسي بيلوسي، التي ستعود رئيسة للكونغرس في حال فوز حزبها بمجلس النواب، وعدت بعدم شن معركة لعزل ترامب على خلفية امكانية تعاونه مع حكومات اجنبية، لكنه وعد مدفوع باعتقاد بيلوسي ان حزبها لن يسيطر على الشيوخ، وهو المطلوب للتصويت على أي قانون عزل يقره النواب. 
ومع تراجع مقدرة ترامب على التأثير في الشؤون الداخلية، من المرجح ان يفرد اهتمامه للسياسة الخارجية، التي يتمتع فيها باستقلالية كبيرة عن الكونغرس، ما يعني انه قد يسعى لاتمام «صفقة القرن» للسلام العربي - الاسرائيلي، فضلا عن زيادته الضغط على الايرانيين، وهو ما يعني أيضاً ان مشكلة من ينتظرون، حول العالم، نهاية رئاسة ترامب، تكمن في رئاسته نفسها، بغض النظر عمّن يسيطر على الكونغرس، وهي رئاسة قد ينجح بتمديدها بعد عامين، حتى لو حافظ الديموقراطيون على سطوتهم الشعبية في الكونغرس والولايات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق