الخميس، 29 نوفمبر 2018

المحقق مولر يقارب الاختراق وترامب يكثّف عرقلة العدالة

حسين عبدالحسين

ضجّت وسائل الإعلام الأميركية، بخرق قانوني غير معهود قام به محامي بول مانوفورت، رئيس حملة دونالد ترامب الانتخابية، بإحاطته محاميي الرئيس الأميركي، بآخر مداولاته مع فريق التحقيق الخاص، في إمكانية تواطؤ الحملة مع روسيا، في الانتخابات الرئاسية قبل عامين. 
وكان مانوفورت وقّع وثيقة تعاون مع فريق التحقيق، الذي يقوده المدير السابق لـ«مكتب التحقيقات الفيديرالي» (اف بي آي) روبرت مولر، أقرّ فيها بالذنب، وتعهد بالتعاون مع المحققين للتوصل الى الحقيقة، مقابل تخفيف مدة الحكم بالسجن، الذي سيطلبه مولر من القاضي بحق مانوفورت. 
ويجبر التعاون محامي مانوفورت الانفصال عن نظرائه ممن كان يشترك معهم بوثيقة دفاع مشترك، خصوصا محاميي ترامب، لكن المحامي تجاهل التعهد، وواصل التنسيق مع فريق محاميي ترامب حول التحقيقات مع مولر، وهو ما يعطي المحامين الرئاسيين لمحة عمّا يعرفه المحقق الخاص، ويسمح لهم بتدبير دفاع قوي لا يمكن اختراقه عن طريق عنصر المفاجأة. 
إلا أن مولر يبدو انه ردّ على مفاجأة تنسيق محاميي مانوفورت وترامب بتفجير مفاجأة من ناحيته، أورد فيها ان مانوفورت لم يلتزم الاتفاقية مع فريق التحقيق لأنه «قام بالكذب» على هذا الفريق. أما أبرز كذبة أدلى بها أمام المحققين، فتمثلت بنفيه وجود أي تنسيق مع مؤسس موقع «ويكيليكس» الأسترالي اللاجئ في السفارة الإكوادورية في لندن جوليان اسانج. 
ويعتقد فريق مولر أن اسانج يعمل بإمرة الاستخبارات الروسية، التي تزوده بالوثائق الأميركية المسروقة، التي عمد إلى نشرها على مدى السنوات الماضية، وكان آخرها مراسلات البريد الإلكتروني للمرشحة الديموقراطية للرئاسة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وكان ذلك قبل الانتخابات بخمسة أسابيع، وهي الخطوة التي يعتقد الخبراء انها رجحت كفة ترامب على كلينتون. 
وكانت وزارة العدل أصدرت مذكرة توقيف غيابية بحق اسانج. ويبدو أن الضغط الأميركي على حكومة الإكوادور لتسليم مؤسس موقع «ويكيليكس» بدأ يؤتي ثماره، مع قيام الرئيس الإكوادوري لينين مورينو بتنحية سفيره في لندن، صديق اسانج، كارلوس اورتيز، في خطوة بدت وكأنها تمهيد لنقل المؤسس الى الولايات المتحدة، حيث ستتم محاكمته واستنطاقه حول موضوع علاقته بروسيا وبمسؤولين في حملة ترامب. 
في هذه الأثناء، قام ناشط آخر من حملة ترامب، واسمه جيري كورسي، برفض اتفاقية اعتراف بالذنب كان مقبلاً على توقيعها مع مولر. 
وأظهر نص الاتفاقية اعترافاً بتنسيق كورسي في التواصل بين اسانج وروجر ستون، وهو من كبار المشاركين في حملة ترامب. 
وتكمن المفاجأة في حيازة مولر على مراسلات إلكترونية كان حاول كورسي إخفاءها والكذب في شأنها، وهو ما يبدو أنه اثبت لترامب أن مولر يعرف، ولديه إثباتات، اكثر بكثير مما يعتقد كثيرون، ما قد يكون دفع الرئيس إلى الإمعان في محاولاته عرقلة العدالة، وهي العملية التي بدأها بعد فترة قصيرة من دخوله البيت الأبيض، حسب ما يرى بعض المراقبين، وتجلى ذلك بقيام ترامب بطرد وزيرة العدل بالوكالة سالي يايتس، فمدير «اف بي آي» جيمس كومي، ثم كرت السبحة لتطول وزير العدل الذي كان عينه الرئيس نفسه، جيف سيشنز. 
بعد كل عملية طرد، كان ترامب يصرّح بأن دافعه هو «التحقيق في موضوع التواطؤ مع روسيا»، الأمر الذي يعتبره القضاء الأميركي قيام الرئيس بممارسة صلاحياته التنفيذية لإعاقة مسار تحقيق يطوله. 
من يفوز في السباق بين المحقق الخاص والرئيس ترامب؟ يبدو أن ترامب يتمتع بأفضلية موارد الرئاسة وصلاحياتها، لكن يبدو أيضاً ان مولر صار يعرف الكثير، ومن الأسئلة التي وجهها لترامب تمحورت حول ان كان يعرف أن مانوفورت التقى اسانج ثلاث مرات. على هذا السؤال، أجاب ترامب أنه «لا يتذكر». 
لكن مولر قد يكون بحوزته دلائل دفعته الى توجيه سؤاله المذكور، وهي دلائل قد لا تطيح برئيس تحتاج الإطاحة به الى صوت 67 سناتوراً، فيما يقتصر عدد الشيوخ الديموقراطيين على 47. 
حتى لو لم تؤد إثباتات مولر، حول تورط ترامب مع روسيا، الى الإطاحة بالرئيس الأميركي، لكن ظهورها الى العلن، في وقت لاحق، قد يكون كفيلاً بإنهاء رئاسة ترامب، بعد ولاية واحدة، بعدما ينفك عنه مؤيدوه لثبات ضلوعه في مؤامرة ضد الوطن، ومحاولته في وقت لاحق التستر عليها واعاقة مجرى العدالة لكشفها. 
لكن ترامب، لم يستبعد إصدار عفو رئاسي عن مدير حملته السابق. وقال لصحيفة «نيويورك بوست» في حديث في مكتبه الأربعاء «لم نناقش ذلك من قبل لكنني لم أستبعد (هذا الخيار)، لماذا سأفعل ذلك»؟
ويشبه الرئيس الأميركي، المدعي الخاص بالسناتور الجمهوري السابق جوزف ماكارثي الذي أطلق في خمسينات القرن الماضي حملة تهدف إلى إقصاء أي شخص يشتبه بأنه شيوعي أو يتعاطف مع النظام السوفياتي.
وأمس، أقر مايكل كوهين، المحامي السابق لترامب، بذنبه بأنّه أدلى بإفادة كاذبة أمام مجلس الشيوخ خلال جلسة استماع حول اتصالاته بروسيا.
وكوهين الملاحق بتهم جنائية عدّة سبق له وأن أقرّ في نهاية أغسطس بأنّه مذنب بتهم عديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق