الأحد، 24 مارس 2019

جدية أميركية في تطبيق العقوبات على ايران

واشنطن - من حسين عبدالحسين

من يراقب عمل الوزارات والوكالات الفيديرالية للحكومة الاميركية، لا بد من ان يلاحظ تغيراً كبيراً في أسلوب عملها وسعيها لفرض أقسى عقوبات ممكنة على ايران. وفي وقت تعاني معظم دوائر ادارة الرئيس دونالد ترامب من فراغ مكاتبها وندرة موظفيها... وفي وقت لا وزير دفاع ولا رئيس موظفين للبيت الابيض ولا مبعوث دائم للأمم المتحدة، قامت الادارة بتعزيز صفوف المتخصصين في شؤون العقوبات الدولية في وزارات الخزانة والعدل والخارجية، بما يشي ان السياسة الاميركية القاضية بفرض اقسى العقوبات الممكنة على نظام الجمهورية الاسلامية هي سياسة طويلة الأمد، يديرها محترفون بعيدا عن السياسة، وهي على الارجح ستستمر لزمن طويل بعد خروج ترامب من الحكم. 
ويسعى جيش الموظفين الاميركيين المتفرغين لفرض العقوبات على ايران الى مراقبة كل تفصيل من التفاصيل، بما في ذلك كل تحويل مصرفي، من او الى ايران وحلفائها، بمن فيهم الرئيس السوري بشار الأسد و«حزب الله» اللبناني وميليشيات عراقية. وتراقب الحكومة الاميركية «عملية انتاج كل نقطة نفط او غاز ايراني»، ومسار هذا الانتاج، وتوزيعه، واحتمال تصديره في عملية يطلق عليها المسؤولون الاميركيون اسم «عملية تبييض النفط».
وفي«تبييض النفط»، تخزّن ايران نفطها المعد للتصدير على متن ناقلات نفط تسير خارج المياه الاقليمية الايرانية، وتحاول ان تركن في نقاط بحرية بعيدة عن عيون المراقبة الدولية. هناك، يتم نقل النقط الى ناقلة ثانية، ومنها الى ناقلة ثالثة. ويعمد الايرانيون الى تعطيل جهاز المستجيب في الناقلات الثلاثة لمنع تعقبها، وهو ما يخالف قوانين النقل البحري ويهدد سلامة الملاحة بسبب احتمال حصول حوادث. 
لكن الوكالات الحكومية تراقب هذه السفن، وعدد منها غير ايراني، وتهدد اصحابها بفرض عقوبات عليهم. كذلك، نجحت الادارة في حمل حكومة بناما على التوقف عن السماح لطهران برفع علم بناما على ناقلاتها النفطية، في وقت يسعى المسؤولون الاميركيون لدى دول اخرى لحضهم على حذو حذو البناميين. 
ومن الاجراءات العقابية التي تفرضها واشنطن، بصرامة، وضعها عددا كبيرا من الكيانات، من المؤسسات والافراد، من غير الايرانيين ممن يتعاملون مع طهران، على لائحة العقوبات، بصفتهم طرف ثالث. وطالت العقوبات على المتعاملين مع ايران وكالة المرافئ الروسية، ومصرف «اركوسويوز» الروسي، وشركة صينية، واخرى سنغافورية، فضلا عن شركات «قاطرجي» في سورية، و«ناسكو» و«آبار»في لبنان، وشركتين للطاقة والاستثمارات. 
هكذا تراقب واشنطن كل سفينة، وكل شركة تأمين، وكل مصرف، وكل فرد ممن يعملون على مساعدة نظام ايران في عملية انتاج او تصدير او بيع الطاقة، او يساهمون - كطرف ثالث - في تبييض النفط الايراني لبيعه في الاسواق العالمية كمجهول المصدر، او تبييض عائدات النفط بتقاضيها وتمريرها للايرانيين بطريقة او بأخرى. 
هكذا انخفضت صادرات ايران من النفط بنحو النصف، لتصل الى مليون برميل هذا الشهر، ومن المتوقع ان تنخفض اكثر بكثير مع حلول شهر مايو المقبل، ومعها انخفضت عائدات إيران من العملات الاجنبية، وتراجعت قيمة العملة الوطنية، وارتفع التضخم، وتقلصت قيمة مداخيل الايرانيين، وتدهور مستوى معيشتهم. 
الصرامة غير المسبوقة في العقوبات التي تفرضها واشنطن على النظام الايراني وحلفائه حملت المرشد الأعلى علي خامنئي على الاعتراف علناً امام الايرانيين ان العقوبات قاسية، وانها ستؤذي الايرانيين. ومثله فعل الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي قال ان العقوبات على«حزب الله» لا تؤذي الحزب المذكور وحده، بل تؤذي لبنان بأكمله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق