الخميس، 23 مايو 2019

إيران فتحت قناة اتصال مباشر مع واشنطن... بمعرفة ترامب

واشنطن - من حسين عبدالحسين

أوردت صحيفة «بوليتيكو» ان السناتور عن ولاية كاليفورنيا الديموقراطية دايان فاينستاين التقت وزير خارجية ايران جواد ظريف، في غداء عمل، اثناء زيارة الاخير الى الأمم المتحدة في نيويورك، قبل شهر، للمشاركة في اليوم العالمي للتعددية والديبلوماسية. 
وكان الاعلاميون لاحظوا، قبل ايام، اسم ظريف وتفاصيل الاتصال به على شاشة تلفون فاينستاين اثناء مرورها في احد اروقة الكونغرس. وبعد التحري، توصلت «بوليتيكو» الى ان فاينستاين وظريف التقيا، اثناء زيارة الاخير نيويورك، وهو ما اكده مكتب فاينستاين، وقال انه لقاء حصل بمعرفة والتنسيق مع وزارة الخارجية الاميركية، التي نفت بدورها الأمر. 
في التفاصيل، كما تحرت عنها «الراي»، ان ايرانيين من اصل اميركي اتصلوا بفاينستاين قبل نحو ستة اسابيع، وابلغوها ان ظريف سيزور الولايات المتحدة، وانهم على استعداد لتدبير لقاء بينهما ان كانت مستعدة لذلك. وفاينستاين هي من الاميركيين اليهود، وسبق لها ان ترأست لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، وهي نائبة رئيس اللجنة نفسها اليوم. 
اما سبب اختيار اللوبي الايراني الاميركي لها لاقامة قناة اتصال مع حكومة الجمهورية الاسلامية، فمرده في الغالب الى الثقل الذي يتمتع به الايرانيون الاميركيون في كاليفورنيا، وخصوصا في اكبر مدنها لوس انجليس، المعروفة بين الايرانيين باسم «طهران جلوس»، بسبب كثافة عدد الايرانيين الاميركيين المقيمين فيها، والذين يشكلون ثقلا انتخابيا، ما يمنحهم اهتمام مشرعي الولاية، مثل فاينستاين. 
وعلمت «الراي» ان الايرانيين الاميركيين ابلغوا فاينستاين ان طهران تعرض على واشنطن صفقة تبادل سجناء، تفرج بموجبها عن خمسة اميركيين (ثلاثة منهم من اصول ايرانية) معتقلين في سجونها، مقابل افراج الولايات المتحدة عن خمسة ايرانيين معتقلين في اميركا بتهم تجاوز العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على ايران، قبل رفعها بموجب الاتفاقية النووية التي توصلت اليها المجموعة الدولية مع الجمهورية الاسلامية قبل اربعة اعوام. 
وعلى الرغم من تكتم ظريف عن الكشف عن اسماء من تطالب ايران اميركا بالافراج عنهم، وقول ظريف لوسائل الاعلام الاميركية، اثناء زيارته، ان واشنطن تعلم من الذين تسعى ايران لاطلاق سراحهم، قال المتابعون ان في صدارة لائحة من تسعى طهران للافراج عنهم هو رجل الاعمال التركي الايراني رضا ضرّاب، المعتقل في نيويورك منذ العام 2016، والذي قدم لوزارة الخزانة الاميركية «معلومات قيمة» حول كيفية قيام نظام ايران وحكومات الدول المجاورة له باختراق العقوبات، مقابل قيام الحكومة الاميركية بتخفيف الحكم الصادر عليه واخراجه من سجن شديد الحراسة، ووضعه تحت اقامة جبرية. 
ويعتقد المتابعون في العاصمة الاميركية ان طهران تحاول الايحاء انها تسعى للافراج عن مواطنين لها معتقلين في اميركا، لكن الغالب ان ايران اقترحت فكرة «تبادل السجناء» كبادرة حسن نية، ولتعزيز الثقة بينها وبين اميركا، كمقدمة لمفاوضات اوسع تفضي الى رفع العقوبات الاميركية عن ايران، والى ادخال بعض التعديلات التي تطلبها واشنطن على الاتفاقية النووية.
ويبدو ان محاولة الاتصال الايرانية اقلقت بعض دوائر القرار، خصوصا بين الصقور، داخل ادارة ترامب، فعمد هؤلاء الى الاشارة الى خطر ايراني ما. وفي الايام الاولى، صرّح بعض الصقور ان معلوماتهم حول الخطر الايراني كان مصدرها الاستخبارات الاسرائيلية. وبعد ارسال تعزيزات عسكرية اميركية الى الخليج، راح بعض المسؤولين الاميركيين يرددون ان وكالات الاستخبارات الاميركية هي التي قدمت المعلومات التي تطلبت التصعيد العسكري الاميركي في الخليج.
لكن الرئيس دونالد ترامب، الذي يبدو انه كان على علم بقناة فاينستاين ظريف، اصدر سلسلة من التصريحات التي كانت تعاكس التطورات على الأرض، ففيما كانت القوات الاميركية تتوافد الى المياه الخليجية، كان ترامب يردد ان ايران ستتفاوض، في تصريحات بدت خارج السياق، ولكنها الآن يبدو انها كانت تستند الى مبادرة ظريف وقناته مع فاينستاين.
وتسمح قناة فاينستاين ظريف لترامب بالتفاوض «بلا تكلفة سياسية»، اذ ان انكشاف امر القناة يسمح له بنفي علم ادارته بها، وهو ما فعلته وزارة الخارجية، بل انه يمكن لترامب قلب الموضوع على رأس الديموقراطيين، واتهامهم بالعمالة لدولة عدوة بالاتصال مع مسؤوليها. وسبق لترامب ان حاول تشتيت الانتباه عن امكانية حصول اتصال بين حملته الانتخابية وموسكو، في العام 2016، بالاشارة الى لقاء بين وزير الخارجية السابق جون كيري ومسؤولين ايرانيين، ابان خروج اميركا من الاتفاق النووي. وقال ترامب انه لم يتعامل مع روسيا، وان العملاء الفعليين هم الديموقراطيون الذين يتحاورون سرا مع الايرانيين.
في المحصلة، تبدو الديبلوماسية تجري على قدم وساق، عبر قناة فاينستاين - ظريف، او عبر الوساطة السويسرية. اما الحشد العسكري الاميركي في الخليج، فمن باب الاستعراض الذي يسبق اي اتفاق، ويبرره، حسب اعتقاد عدد من المتابعين في العاصمة الاميركية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق