الأربعاء، 17 يوليو 2019

هل ينقلب التحالف الأميركي - التركي إلى عداوة؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين
جريدة الراي

يأسف عاملون في اللوبي الاميركي المؤيد لتركيا لما آلت اليه الاوضاع بين واشنطن وأنقرة، ويخشون انه - على عكس المرات السابقة - سيتسبب شراء تركيا منظومة «اس - 400» الدفاعية الجوية الروسية بأزمة طويلة، ستكون أعمق وأطول من جفاء وعتاب، وربما تؤدي الى طرد تركيا من حلف شمال الأطلسي (الناتو). 
وبدأت أنقرة بعملية تسلم اجزاء من المنظومة الروسية، التي تعتقد واشنطن ان من شأنها ان تسمح لموسكو بالتجسس على انظمة الاسلحة الاميركية التي تستخدمها تركيا، خصوصا مقاتلات «اف 35» المتطورة، والتي كان من المقرر ان يشارك الاتراك في صناعتها على اراضيهم والحصول على العشرات منها لاسطولهم الجوي. 
لكن مع اصرار الرئيس رجب طيب اردوغان على شراء المنظومة الروسية، قامت واشنطن باعداد مجموعة من العقوبات المالية التي تستعد لفرضها على انقرة. ولم يؤد اللقاء الذي عقده الرئيس دونالد ترامب مع اردوغان، على هامش قمة العشرين في اليابان، في يونيو الماضي، إلى اي اختراق في المفاوضات بين الجانبين. 
وكان من المقرر ان يعلن المسؤولون الاميركيون فرضهم عقوبات على تركيا، إلا ان الاعلان تم تأجيله لاسباب لم تعلن واشنطن عنها. ويتداول العارفون انباء مفادها بان مفاوضات ربع الساعة الاخير تجري على قدم وساق بين صهري الرئيسين ومستشاريهما، الاميركي جاريد كوشنر والتركي بيرات البيرق، وان هذه المفاوضات هي التي أدت الى تأجيل إعلان العقوبات. 
ويتوقع الخبراء ان تؤدي العقوبات على تركيا الى اهتزاز في اقتصادها، الذي يعاني من تراجع قيمة الليرة التركية مقابل العملات العالمية، وهو ما دفع اردوغان الى القول - استباقا لعقوبات اميركية محتملة - ان مصرف تركيا المركزي ينوي تخفيض الفائدة بنسب كبيرة، وهو ما من شأنه تعزيز الودائع بالعملات الصعبة وحماية النقد الوطني. 
ويتوقع المسؤولون الاميركيون ان يؤدي التصعيد مع انقرة الى تصعيد مضاد. وكانت واشنطن رصدت انتشار حشود عسكرية تركية على حدودها مع سورية. ويعتقد الاميركيون ان تركيا ستعمد الى شن هجوم واسع ضد الجيب الذي تسيطر عليه القوات الاميركية وحليفتها الكردية، التي تصنفها تركيا، ارهابية، في المناطق السورية شرق الفرات. وفي حال تقهقر القوات الكردية، قد تضطر واشنطن الى تعزيز عديد جنودها، البالغ حاليا الف جندي، وهي عملية قد تضطر الاميركيين الى اللجوء الى الاردن، كممر بري وحيد والزامي، اذ ستغلق تركيا ابوابها في وجه الجنود الاميركيين. 
كذلك يتوقع المسؤولون ان تعمد انقرة الى المطالبة باغلاق قاعدة انجرليك، التي ترابط فيها قوات اميركية ومقاتلات، شرق تركيا. وتشير تقارير غير مؤكدة إلى ان اميركا احتفظت برؤوس نووية تكتيكية في هذه القاعدة في زمن الحرب الباردة. ومن غير المعروف ان كانت واشنطن لا تزال تحتفظ بهذا النوع من السلاح الاستراتيجي في القاعدة الاستراتيجية. 
والمواجهة مع تركيا ليست اميركية فحسب، اذ ان تسلم انقرة، المنظومة الروسية من شأنه ان يوتر علاقاتها مع اعضاء «تحالف الاطلسي»، الاوروبيين، وسط مواجهة مندلعة بين الاوروبيين والاتراك حول قيام انقرة بالتنقيب عن الطاقة في محيط جزيرة قبرص، التي تحتل تركيا جزءها الشمالي منذ العام 1974. 
ووسط التوتر المتصاعد، طالب بعض خبراء الاستراتيجية الدولية الاميركيين حكومتهم بالتروي قبل الاستغناء عن تركيا والسماح لها بالانضمام الى محور روسيا وايران. وفي هذا السياق، حذر والتر راسل ميد في صحيفة «وول ستريت جورنال»، من مغبة تحول التحالف مع تركيا عداء. 
الا ان خبراء آخرين اعتبروا ان سياسات اردوغان وضعت تركيا في موقع يجعل من الصعب التعاون معه. وأنقرة، التي تعمل على التقارب مع روسيا وايران لاستبدال اميركا واوروبا، ستجد نفسها ايضاً في مواجهة تحالفات اقليمية ليست سهلة، ففي المتوسط، يعاني الاتراك من نشوء تحالف متين بين اسرائيل ومصر واليونان وقبرص، ومع الدول العربية، تنحصر علاقات انقرة القوية بالدوحة دون غيرها، مع فتور علاقاتها مع بقية العواصم العربية. 
«مع تدهور الوضع الاقتصادي، يركب اردوغان حصان القومية كوسيلة للحفاظ على التأييد الداخلي»، يقول جايسون ابستين، رئيس «ساوث فايف ستراتيجي»، وهي شركة علاقة عامة تتمتع باتصالات واسعة مع انقرة. ويضيف: «مع ذلك، للعداء ضد اميركا حدود، ولا يمكن لتركيا ان تواجه عقوبات قاسية قد تفرضها الادارة والكونغرس». 
ويوضح ابستين، لـ «الراي»، ان «ترامب يفضل العمل مع تركيا وكل الدولة السنية في المنطقة للضغط على النظام الايراني وتقليص إمكانية استخدام القوة العسكرية ضد الملالي».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق