الأحد، 27 أكتوبر 2019

خطوات إيرانية لـ«بناء الثقة» مع ترامب!

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تقول مصادر أوروبية رفيعة المستوى في العاصمة الأميركية، إن طهران تسعى إلى فتح قناة حوار مع واشنطن ومباشرة خطوات لإعادة بناء الثقة بين الحكومتين... أولى بوادر الحوار المنشود، هو قيام الجمهورية الإسلامية بتقديم لائحة بأسماء الإيرانيين والإيرانيين الأميركيين المسجونين في الولايات المتحدة بعد إدانتهم بتهم تجاوز العقوبات المفروضة على طهران أو محاولتهم تمرير تكنولوجيا حساسة إلى الجمهورية الإسلامية.
لكن الإيرانيين، يشكون في الوقت نفسه، من انهم لم يسمعوا جواباً من الأميركيين حول إمكانية إبرام صفقة تبادل سجناء.
على أن الأوروبيين الذين حاول، الفرنسيون منهم خصوصاً، القيام بوساطة بين طهران وواشنطن، يعتقدون ان الاختلاف بين العاصمتين كبير، بما في ذلك الاختلاف في أسلوب المفاوضات.
وترى المصادر الأوروبية، أنه في مخيلة دونالد ترامب، يجب أن تكون المفاوضات فورية وكبيرة، ويتم الإعلان خلالها عن قرارات حاسمة وتاريخية.
ويعتقد الرئيس الأميركي أن الأسلوب الوحيد لإجبار إيران على تبني مطالبه هو بفرض حصار قاس عليها، وفي الوقت نفسه، إغداق الوعود عليها بمستقبل اقتصادي باهر إن هي تراجعت ووافقت على مطالبه القاضية بتخليها عن برنامجيها النووي والصاروخي، وتخليها عن دعم المجموعات التي تسميها أميركا «إرهابية» في عموم منطقة الشرق الأوسط.
أما إيران، تشير المصادر الأوروبية نفسها، فتتمسك بالأسلوب التقليدي المعروف، والقاضي بفصل الملفات عن بعضها البعض، والبدء بعملية بناء ثقة مبنية على التوصل لاتفاقيات في الشؤون الصغيرة، ليصار بعد ذلك الى الاتفاق على الشؤون الكبيرة والأكثر تعقيداً.
ويعتقد الإيرانيون أن عملية تبادل السجناء، من المواضيع المحببة الى قلب الرئيس الأميركي، إذ هي تعطيه انتصاراً إعلامياً فورياً، على غرار ما فعله اثر قيام كوريا الشمالية بالإفراج عن معتقلين أميركيين في سجونها، أو حتى جثث سجناء أميركيين أو رفات جنود.
ويقول الأوروبيون إنهم سمعوا من الإيرانيين انهم يفضلون تفادي أسلوب ترامب في التوصل لاتفاقات سريعة وفورية وشاملة، وان التجربة تظهر أن لا أمان للاتفاقيات التي يتم التوصل إليها مع ترامب، فهو غالبا ما ينقلب على اتفاقياته وينكث بوعوده.
وإن صحت التقارير الأوروبية، فهي تعني أن طهران تتخلى عن سياستها القاضية بانتظار نهاية رئاسة ترامب. ويعتقد الأوروبيون أن التغيير في السياسة الإيرانية مرده الى الانهيار الاقتصادي الكبير الذي تعانيه الجمهورية الإسلامية، فإنتاجها النفطي بلغ أدنى مستوى له منذ العام 1988.
وتوقع تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، ضمور الاقتصاد الإيراني بنسبة تقارب عشرة في المئة العام المقبل، مع نسبة تضخم تصل 60 في المئة، وهذه الأرقام هي الأسوأ في تاريخ إيران منذ العام 1984.
أمام الوضع الاقتصادي الكارثي، يبدو أن طهران تحاول إرسال إشارات إلى واشنطن مفادها بأنها مستعدة لاستئناف المفاوضات بما يحفظ ماء الوجه للطرفين. اما انتظار خروج ترامب، والذي قد يحصل العام المقبل أو في 2024، فهذه سياسة لا يبدو أن الإيرانيين قادرون على تحمل تكلفتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق