الخميس، 23 يناير 2020

أبناء المسؤولين الإيرانيين يثيرون الريبة في أميركا

واشنطن - من حسين عبدالحسين

أثار قيام السلطات الأميركية بترحيل الطالب الإيراني شهاب دهقاني، إثر وصوله الى مطار لوغان في بوسطن، استياء عدد من السياسيين الاميركيين و«أصدقاء إيران»، وسلّط الضوء على نشاطات هؤلاء الايرانيين السياسية، وعلى تمسك عدد ممن ينالون الجنسية الاميركية بولائهم للنظام الايراني، وانخراطهم في نشاط سياسي قد يصل احياناً حد تنفيذ عمليات استطلاع أو تخريب أمنية.
في سياق متصل، واعتباراً من يوم أمس، حظرت الولايات المتحدة، دخول الإيرانيين بتأشيرات التجارة والاستثمار.
وعزت دائرة خدمات الجنسية والهجرة التغيير إلى إنهاء معاهدة صداقة في أكتوبر 2018 مع إيران.
وتسمح تأشيرات إي-1 وإي-2، التي تُمنح لغير المهاجرين، لمواطني دول أخرى بدخول الولايات المتحدة من أجل التجارة الدولية أو استثمار قدر كبير من المال.
وجرى توقيع المعاهدة، التي لم يكن الضوء مسلطاً عليها، قبل فترة طويلة من الثورة الإسلامية عام 1979.
وفي سياق متصل، لم يسمح الأمن في مطار لوغان الدولي، للطالب في جامعة «نورث ايسترن» في ولاية ماساشوسيتس، بالدخول، وأعاده الى باريس، من حيث أتى قادماً من طهران. وبرر خطوته بأن قرابة تجمع دهقاني مع أركان النظام، ومنهم من الممنوعين من السفر الى اميركا او فرضت عليهم عقوبات مالية.
وفور شيوع الخبر، نظمت الشبكات الإيرانية - الأميركية الموالية لطهران تظاهرات في المطار، ونفت ان يكون لدهقاني ارتباطات بالنظام. وأصدرت السناتور الديموقراطية عن ماساشوسيتس والمرشحة للرئاسة إليزابيث وارن، بيانا دانت فيه القرار، وقالت إن الشاب يحمل تأشيرة دخول طالب، وان على إدارة الرئيس دونالد ترامب التخلي عن عنصريتها ضد غير الاميركيين.
على ان المعارضين للنظام تحركوا بدورهم، وأطلقوا هاشتاغ «اطردوا الباسيج». وكشفوا ان ترحيل دهقاني هو نجل النائب كمال دهقاني فيروز ابادي، الذي تربطه بأركان النظام علاقات وثيقة. وتظهره احدى الصور مع الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله.
وهاجم المعارضون، الإدارة، لمنحها مثل هذه التأشيرات، وقالوا انه في وقت يتضور الايرانيون جوعاً، يتمتع ابناء المسؤولين، المعروفين في الداخل بلقب «آغازاده»، بحياة رفاهية في دول الغرب، ومنها أميركا.
وكانت انتشرت العديد من الصور التي تظهر نجل وزير الخارجية محمد جواد ظريف، يعيش حياة باذخة في ايران وخارجها.
ولا يبدو ان ترحيل دهقاني جاء صدفة، فقد سبق لمسؤول الملف الايراني في وزارة الخارجية برايان هوك، ان قال للخدمة الفارسية لـ «صوت اميركا»، الشهر الماضي، ان ادارة ترامب تعيد النظر في تأشيرات الدخول التي تمنحها للطلبة الايرانيين، وانها لا تريد ان تمنعهم من الدراسة، لكنها تسعى الى تحقيق العدالة، اذ ان ابناء المسؤولين يفيدون من اموال غير متاحة لعامة الطلبة الايرانيين.
وفي الحملة التي شنها معارضو النظام، اعادوا نشر تغريدات تظهر ان معظم هؤلاء الطلبة يعبرّون عن دعمهم للنظام ورموزه، وآخرها كان تعبير بعضهم عن الحزن بسبب مقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني.
وكان سليماني مصنفاً على «لائحة الارهابيين»، وهو ما يضع أي مؤيدين له في اميركا تحت ضوء الاتهام. كما ينظم الطلبة الايرانيون نشاطات يرفعون فيها صور الخميني وخلفه المرشد الأعلى علي خامنئي.
وتعدى النقاش ابناء المسؤولين ليصل إلى الإيرانيين الاميركيين، وحتى بعض المسؤولين الاميركيين أنفسهم، اذ نشر موقع «برايتبارت» اليميني المتطرف، الذي كان يرأسه مستشار ترامب السابق ستيف بانون، مقالة أشار فيها الى احتمال وجود ارتباط بين وارن، والايرانيين، عن طريق زوج ابنتها سوشيل تياغي، الذي سبق ان انتج افلاماً سينمائية من إخراج الايراني مجيد مجيدي، وبتمويل من «المنظمة الثقافية والفنية في طهران» و«منظمة الرعاية الاجتماعية»، التابعتين لحكومة طهران.
وتتبنّى وارن مواقف متشددة ضد قتل سليماني، وضد عقوبات ترامب على طهران، وتدعو إلى اعادة العمل بالاتفاقية النووية ورفع العقوبات عن إيران.
ومثل وران، يتبنى سناتور ديموقراطي آخر المرشح للرئاسة بيرني ساندرز، مواقف تنحاز لطهران. ويعلل رفضه أي ضغط على إيران بمعارضته للحروب الاميركية حول العالم بشكل عام. لكن قد يكون وراء الاكمة ما وراءها، اذ سبق ان عيّن ساندرز عضو الكونغرس عن ولاية كاليفورنيا، رو خانا، مديراً لحملته الانتخابية.
وخانا، أميركي من اصل هندي، وهو أحد اكثر المؤيدين لايران ممن يهاجمون المملكة العربية السعودية، كما في اقتراحه لقانون منع الادارة من بيع اسلحة للرياض. وسبق لخانا ان هاجم دولة الامارات في مقالة في صحيفة اميركية معروفة. وبعد مقتل سليماني، كتب خانا في مجلس النواب مشروع قانون يمنع ترامب من الانخراط في حرب مع ايران، او من استهداف اي مواطن ايراني حول العالم. واستخدم نسخة مشروع القانون لاستصدار قانون مماثل في مجلس الشيوخ.
وقد يبدو غريباً الدعم المطلق من هندي اميركي مثل خانا لايران، لكن الامر قد يرتبط بأن دائرة كاليفورنيا 17 التي يمثلها خانا، في سان فرانسيسكو، يسكنها عدد كبير من الايرانيين الاميركيين، الذين أعلن 15 منهم من كبار المتمولين والعاملين في سيليكون فالي، عاصمة التكنولوجيا الاميركية، دعمهم لخانا.
ومثل خانا، في دائرة رئيسة الكونغرس نانسي بيلوسي - كاليفورنيا 5، وهي في مدينة سان فرانسيسكو كذلك، عدد من الايرانيين الاميركيين ممن يساهمون في انتخابها كل عامين، وابرزهم الملياردير بيار عوميديار، مؤسس موقع «اي باي» التجاري وصاحب موقع «ذا انترسبت»، المعروف بتأييده لنظام ايران.
ومن ايرانيي الدائرة 5 الاميركيين، الصحافي في «واشنطن بوست» جايسون رازايان، والذي رغم اعتقاله في ايران والافراج عنه في صفقة تبادل سجناء مع واشنطن، الا انه من اشد مؤيدي النظام، وكتب يعارض تصنيف ترامب «الحرس الثوري» تنظيماً ارهابياً. لذا، تصدرت بيلوسي الهجوم على ترامب ضد مقتل سليماني، وتسعى إلى تقييد يدي اي رئيس لمنعه من الانخراط في اي مواجهة عسكرية ضد ايران.
الشبكة الموالية للنظام الايراني في أميركا، والتي يبدو انها ابتلعت سياسياً معظم الحزب الديموقراطي ومرشحيه للرئاسة، يبدو انها صارت تحوز على اهتمام الادارة والوكالات الامنية، وما ترحيل دهقاني إلا بداية مواجهة من المرجح ان تكون بقسوة المواجهة التي يخوضها ترامب في وجه نظام «الجمهورية الاسلامية».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق