الخميس، 12 مارس 2020

ترامب يعلّق الرحلات مع أوروبا ... باستثناء بريطانيا

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في خطاب مفاجئ إلى الأمة، هو الثاني من نوعه منذ توليه الحكم، أعلن دونالد ترامب تعليق الرحلات بين الولايات المتحدة وأوروبا، باسثتناء المملكة المتحدة، لفترة 30 يوماً، وأعلن نيته دعم الاقتصاد بمبلغ 200 مليار دولار، على شكل قروض حكومية وإعفاءات ضريبية، للتخفيف من وطأة المضاعفات الاقتصادية التي يتسبب بها وباء «كوفيد - 19». 
وفي الوقت نفسه، ألغى الرئيس الأميركي رحلات انتخابية كان مقرراً أن يقوم بها الى ولايتي كولورادو ونيفادا.
وأضاف ترامب أن القيود تشمل أيضاً «الحجم الهائل للتجارة والشحن» بين أوروبا والولايات المتحدة، و«أشياء أخرى مختلفة ريثما نحصل على الموافقة».
وهذا الإجراء يدخل حيز التنفيذ منتصف ليل الجمعة بتوقيت واشنطن (4,00 ت غ السبت). وسيطبق على كل شخص دخل فضاء شينغن خلال الأيام الـ 14 التي تسبق وصوله المرتقب الى الولايات المتحدة باستثناء الأميركيين وحاملي الإقامات الدائمة.
وفي بروكسيل، عبر قادة الاتحاد الأوروبي عن استيائهم من القرار الأميركي من دون التشاور معهم. لكن الرئيس الأميركي دافع عن قراره، قائلاً للصحافيين أمس، إنّه لم يجد وقتاً كافياً لإبلاغ الأوروبيين.
وقال مسؤولا الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لايين وشارل ميشال في بيان خطي، «إن فيروس كورونا يمثل أزمة عالمية لا تقتصر على قارة بعينها وتتطلب التعاون بدلا من التصرف من جانب واحد».
وفي خطابه الذي استغرق عشر دقائق، أصرّ ترامب على وصف فيروس كورونا المستجد، بأنه «غريب»، مصدره الصين، وأن إدارته نجحت بحكمتها في وقف انتشاره في الولايات المتحدة بوقفها الرحلات من الصين في وقت مبكر. 
كما وجه أصابع اللوم الى أوروبا، التي اعتبر أنها تقاعست عن وقف الرحلات مع الصين، فتفشى الفيروس بين سكانها، وقام بعض الأوروبيين بنقله الى الولايات المتحدة، لذا، أعلن ترامب انه عازم على القيام ببعض «الخطوات الحازمة ولكن الضرورية». 
وأضاف: «هذا هو أجرأ وأشمل جهد للتصدي لفيروس خارجي في التاريخ الحديث».
وأصرّ الرئيس الأميركي على أن الفيروس لا يشكل «خطراً داهماً على الغالبية العظمى من الجمهور»، باستثناء الأكبر سناً، الذين توجه بالطلب اليهم بتفادي السفر، وتفـــــادي الانخـــــراط في التجمعات والاماكن العامة. 
ووعد بمساعدات مالية للمتضررين من توقف الأعمال بسبب الفيروس، وقال انه سيطالب الكونغرس باقرار إعفاءات على ضريبة الدخل. وكرر أن الاقتصاد الأميركي في أوجه، وأن البطالة في أدناها، وأن هذه البحبوحة تسمح لأميركا بهامش واسع للتعامل مع الفيروس.
ويبدو أن أكثر ما يشغل بال الرئيس الأميركي هو إمكانية ركود اقتصادي يقضي على حظوظ فوزه بولاية ثانية، لذا قامت إدارته بتأخير قرار إغلاق عدد من القطاعات الاقتصادية، في الوقت الذي يحاول ترامب تأمين أموال فيديرالية لدعم أي نكسة اقتصادية للابقاء على إمكانية فوزه بالانتخابات عالية. 
أسلوب ترامب في التعامل مع «أزمة كورونا» أثار حفيظة شريحة واسعة من الأميركيين، خصوصاً من معارضيه الديموقراطيين، الذين لفتوا الى أن المشكلة ليست في أن الفيروس غريباً ويحمله غرباء الى الداخل الأميركي، إذ إن الحالات في أميركا ماضية في الانتشار، والمطلوب من الادارة، تأمين أكبر عدد ممكن من فحوصات «كوفيد - 19»، فالولايات المتحدة لا تزال متخلفة عن بقية الدول في هذا المجال.
وللمقارنة، تجري كوريا الجنوبية عشرة آلاف فحص لمواطنيها يومياً، فيما أجرت الولايات المتحدة خمسة آلاف فقط على مدى الأسبوعين الماضيين. 
ويشتكي معارضو ترامب من عدم جهوزية القطاع الصحي. وأشار رون كلاين، المسؤول السابق عن مكافحة مرض ايبولا في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الى أن ثلاثة أرباع أسرة المستشفيات، «مشغولة بالمرضى من غير فيروس كورونا». 
وأضاف أنه «إذا أخذنا نسب الاصابات في الدول الأخرى وطبقناها على أميركا، لوجدنا انها تحتاج الى نحو 7 - 12 مليون سرير للتعامل مع هذه الأزمة الصحية».
وشكّل يوم الأربعاء، انقلاباً في تعامل الأميركيين مع انتشار الفيروس، مع ارتفاع الاصابات إلى 1246، ووفاة 38 منها، فيما أغلق الكونغرس، أمس، مقره مبنى الكابيتول أمام جميع الزوار، مشيراً الى وضع «قيود» على دخول مكاتب مجلسي النواب والشيوخ حتى الاول من ابريل المقبل.
وانتخابياً، علت أصوات للمطالبة بتعليق الحملات للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، اذ انها تتطلب حشوداً جماهيرية وتعاطياً بين المرشحين وناخبيهم، وبين الناخبين مع بعضهم البعض. وما يزيد في الطين بلّة، ان المرشحين الثلاثة، أي ترامب ومنافسيه الديموقراطيين جو بايدن وبيرني ساندرز، هم في سن أكبر من 74 عاماً، وهي السن التي يعتبرها الخبراء الأكثر عرضة للتأذي من الفيروس الذي يبدو أنه ما زال ماضياً بالانتشار.
وفي برازيليا، أعلنت الحكومة أمس، أنّ مسؤولاً حكومياً التقى في نهاية الأسبوع الماضي، ترامب خلال الزيارة التي قام بها الرئيس جايير بولسونارو لواشنطن، مصاباً بالفيروس. 
وأضافت أنّها أبلغت الجانب الأميركي بالأمر، وأنّ السلطات اتّخذت «كلّ الإجراءات الوقائية للحفاظ على صحة الرئيس» البرازيلي. 
لكن ترامب أكد إنه «ليس قلقاً أبداً».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق