الاثنين، 23 مارس 2020

الأميركيون يحبسون أنفاسهم بانتظار نتائج علاج «كورونا»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

يحبس الأميركيون أنفاسهم في انتظار نتائج علاج لمرضى فيروس «كوفيد - 19» المسبب لمرض «سارس كوفيد 2». والعلاج الجديد مبني على مزيج ثلاثة أدوية، معروفة في الأوساط الطبية منذ زمن، هي كلوروكوين، وهيدروكسيكلوروكوين، وزيثروماكس. وأعلن بعض الأطباء، منهم في جامعة ستانفورد العريقة، أنهم قاموا بإجراء تجارب لهذين الدواءين على مرضى تماثلوا للشفاء التام في غضون ستة أيام فقط.
وارتفع عدد الوفيات بالفيروس في الولايات المتحدة إلى نحو 500، بينما تجاوزت الإصابات المؤكدة الـ36 ألفاً، ما يضع البلاد في المرتبة الثالثة عالمياً على خريطة التفشي، بعد الصين وإيطاليا.
هادي خوري، وهو طبيب متخصص في الأبحاث السريرية، شرح لـ«الراي» أن العلاج الجاري التجارب عليه ليس علاجاً لكل حالات «سارس كوفيد 2»، بل للحالات الحرجة فحسب. وقال إن هذا العلاج يجري تقديمه وفق عناية طبية فقط، وإن الناس ممن سارعوا لشرائه، مثل في فرنسا أو لبنان، لا يعرفون انه لا يمكن استخدامه من دون إشراف طبي، وأنه يحتاج الى مضادات حيوية لتفادي تعقيدات قد تنتج عن استخدامه، وأن استخدامه من دون إشراف طبي قد يؤدي الى فشل كلوي.
وتابع خوري، وهو أميركي من أصل لبناني ويقيم في واشنطن، أن تكلفة هذا العلاج، المضاد للملاريا، رخيصة جداً، وأن سعر الحبة أقل من سنت واحد، وأن لدى شركات الأدوية مخزونات كبيرة بملايين الحبوب، وهي قامت بتقديمها للحكومات حول العالم، التي مررتها للمستشفيات، التي ستستخدمها لعلاج مرضى «كورونا» مجاناً.
وكان الرئيس دونالد ترامب أعلن في مؤتمره الصحافي، يوم الجمعة، أن الأوساط الطبية توصلت إلى دواء، وأن ادارة الأدوية الفيدرالية المعروفة بـ«أف دي أي»، اعتبرت أن استخدام الدواء آمن، ومنحته موافقتها. 
لكن الدكتور أنتوني فاوتشي، رئيس مصلحة الأمراض المعدية والحساسية في مركز مكافحة الأمراض الفيديرالي، والذي كان واقفاً الى جانب ترامب ودعاه الرئيس الأميركي للادلاء بدلوه حول الموضوع، دعا الصحافيين الى التريث في القفز لاستنتاج أن العلاج صار متوافراً. 
وأدى موقف فاوتشي الى غضب شعبي من تصريح ترامب، واعتبره معلّقون معلومة مضللة، وتصريحا غير مسؤول، من صاحب أعلى سلطة في البلاد.
لكن قيام حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، والذي نالت إجراءاته استحساناً بفرضه حظر تجول على مدينة نيويورك «التي لا تنام»، أثبت صلاحية ما سبق أن أعلنه ترامب عن العلاج. وقال الأحد، ان الولاية ستقوم بتأمين 750 ألف جرعة من «كلوروكوين»، و70 ألفاً من «هيدروكسي كلوروكوين»، و10 آلاف جرعة «زيثروماكس»، لمستشفيات نيويورك. 
على أن كومو شدد أن نتائج الشفاء ليست مضمونة، وأن الجسم الطبي في ولايته سيقوم باستخدام هذا العلاج لأنه آمن، على أمل أن ينجح العلاج في شفاء أكبر عدد من المصابين. 
ويستخدم الأطباء «كلوروكوين» لشفاء مرض الملاريا، المنتشر خصوصا في أفريقيا حيث تنقله لسعات البعوض. كما يستخدمون «هيدروكسيكلورين» لأمراض الروماتيزم. أما «زيثروماكس»، فهو نوع من المضادات الحيوية الذي يتم اعطاؤه للمرضى لتأكيد عدم إصابتهم بأمراض فرعية بكتيرية قد تنجم عن «سارس كوفيد 2».
وفي لفتة أظهرت أن الحزبين الديموقراطي والجمهوري وضعا خلافاتهما السياسية جانبا لمواجهة أزمة لم تشهدها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، قال كومو الديموقراطي في مؤتمره الصحافي ان «الرئيس (الجمهوري) متفائل في نجاعة هذا العلاج، ونحن جميعنا متفاؤلون أن العلاج قد ينجح». 
وكان ترامب غرّد، يوم السبت، دراسة فرنسية ورد فيها ان أدوية مكافحة الملاريا يمكنها أن تقلّص عدد أيام المرض التي يعانيها المصابون. 
ونيويورك ليست وحدها بين الولايات التي بدأت باخضاع مرضى «سارس كوفيد 2»، إذ بدأ الأطباء في مستشفيات ولايات أخرى بوضع مرضاهم تحت هذا العلاج. 
وقال طبيب الأمراض الداخلية في مستشفى هنري فورد ماكومب في ولاية ميشيغن عبدالحفيظ شرف، أنه يوافق الرأي ان العلاج قد ينجح. 
وفي مقابلة مع «الراي»، قال الطبيب الأميركي من أصول سورية إن «الدراسات الأولية أشارت الى نتائج جيدة»، مضيفاً: «أنا بدأت باعطاء العلاج لمرضى سارس الجديد بناء على الدراسات التي قرأتها، وبناء على موافقة وكالة أف دي أي».
وتابع: «لا توجد أدلة كافية على أن هذا العلاج يعمل على معالجة مرضى كورونا على وجه الخصوص، ولكن النتائج جيدة حتى الآن، وأنا أستخدمه مع مرضاي بسبب هذه الدراسات التي قرأتها من الصين وإيطاليا وفرنسا».
وأكد أن «هذه الأدوية سليمة بشكل عام، لكننا بحاجة إلى فحص المريض بشكل متواصل لمتابعة انتظام ضربات القلب، لأن كلا الدواءين يمكن أن يؤديا الى عدم انتظام هذه الضربات». 
ومن الأمور التي ما زال الجسم العلمي بحاجة لحسمها تتعلق بكمية الجرعات المطلوب اعطاؤها للمرضى.
في انتظار الأيام الستة الموعودة التي تفصل الولايات المتحدة عن امكانية التوصل الى علاج، يحبس الأميركيون أنفاسهم على أمل أن ينجح العلاج في شفاء المصابين من ذوي الحالات الحرجة وتالياً تخفيض معدلات الوفاة، ويواصلون، حتى إشعار آخر، تطبيق سياسة «العزل الاجتماعي» والتعقيم المتواصل.
في سياق متصل، قال ترامب في مؤتمر صحافي مساء الأحد، إنّه «مستاء قليلاً» من موقف الصين حيال انتشار الفيروس، معتبراً أنه كان ينبغي على بكين «أن تُعلمنا. كان يمكن إنقاذ الكثير من الأرواح في العالم كله».
ورغم أنّه بدا وكأنّه يُحمّل بكين بعض المسؤوليّة عن انتشار الفيروس الذي اكتُشف للمرّة الأولى في ديسمبر في مدينة ووهان، فإنّ ترامب أكّد أنّ علاقته جيّدة للغاية مع نظيره الصيني شي جينبينغ. 
ولم يوفر الفيروس الكونغرس نفسه، حيث أعلن السناتور الجمهوري راند بول الأحد، أنه خضع لفحص كشف إصابته بالوباء، وذلك بعدما خالط زملاءه في الكونغرس. وفي مجلس النواب، أعلن نائبان الأسبوع الماضي إصابتهما. 
وفي بوركينا فاسو، أعلن السفير الأميركي أندرو يونغ، إصابته بالفيروس، مؤكداً فرض حجر صحي على جميع موظفي السفارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق