الجمعة، 27 مارس 2020

الولايات تشدد «العزل» وترامب يستعجل إنهاءه

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في وقت باشرت الولايات الأميركية بتشديد إجراءات العزل للتخفيف من انتشار «كوفيد 19»، كرر الرئيس دونالد ترامب، ان تعليق الاقتصاد مشكلة أكبر من الوباء نفسه، وأن الولايات المتحدة لم تقم على وقف العمل، بل على العمل، في حين أقرّ مجلس الشيوخ، ليل الأربعاء، بغالبية ساحقة خطة «تاريخية» بقيمة تريليوني دولار لدعم أكبر اقتصاد في العالم في مواجهة التداعيات الكارثية للجائحة التي حصدت حتى اليوم أرواح أكثر من ألف شخص في الولايات المتحدة.
والخطة المدعومة من ترامب، هي ثمرة مفاوضات شاقة بين مجلس الشيوخ والبيت الأبيض ولا تزال بحاجة لإقرارها في مجلس النواب، اليوم، قبل أن يحيلها الكونغرس على الرئيس لنشرها.
وفي وقت سابق، الأربعاء، أكد الرئيس الأميركي إنه سيمنح عملية العزل والإغلاق مهلة تنتهي مع عيد الفصح في 12 أبريل المقبل، وإنه سيعمل على تقييم النتائج، ويقرر في ضوئها ان كانت أميركا ستواصل سياستها الحالية، أم أنها ستوقفها وتعيد الأعمال والاقتصاد الى ما كان عليه قبل بدء انتشار الوباء.
وتتضارب سياسة الرئيس مع توقعات الخبراء، الذين يرون أن وقف انتشار الوباء يتطلب مدة زمنية تراوح بين ستة وثمانية أسابيع. أما المشكلة فتكمن في أن الولايات الخمسين لم تبدأ اجراءاتها في الوقت نفسه، اذ باشرت أوهايو وميريلاند وفرجيينا إغلاق المدارس والأعمال في 14 الجاري، وهو ما يعني أن مهلة ثمانية أسابيع تنتهي في منتصف مايو، فيما أعلنت ولايات مثل ميسوري وفلوريدا بدء الاغلاق قبل أيام فقط. 
وما لم تلتزم البلاد خطاً زمنياً موحداً، ستبقى عرضة لانتشار الفيروس في حال خففت كل الولايات من الاجراءات الصارمة في التاريخ نفسه.
ويشير الخبراء الى أنه مضى قرابة أربعة أسابيع على قيام إيطاليا بإجراءتها المشددة لوقف انتشار الوباء، وأن هذه الإجراءات لم تشِ بعد بنجاحات تذكر. على أن الخبراء توقعوا أن تبدأ أرقام الحالات الجديدة في ايطاليا بالتراجع ابتداء من منتصف أبريل.
وكان محافظ ولاية نيويورك أندرو كومو قال إن نسبة تزايد المرضى في المستشفيات كانت تتضاعف كل ثلاثة أيام، ومنذ فرض الاقفال في الولاية، صارت أرقام المرضى تتضاعف كل خمسة أيام. 
صحيح أنه ما زال مبكراً إعلان النصر أو الإشارة الى تحسن، لكن كومو اعتبر انه لا شك أن الاقفال يساهم في تأخير انتشار الحالات، ويسمح للمؤسسات الصحية بالتعامل مع المصابين على مدى فترة أطول، بدلاً من مواجهة «تسونامي» في أعداد المرضى تؤدي الى تعطيل النظام الصحي بأكمله وتمنع المؤسسات من استقبال مرضى يعانون من أي طارئ.
وقام عدد من الولايات، مثل ميريلاند وفرجينيا، بالانضمام الى نيويورك، أكثر الولايات التي تعاني من تفشي الوباء، وأعلنت إقفالاً شاملاً، باستثناء محال المواد الأساسية، مثل مخازن التموين والسوبرماركت والصيدليات. حتى هذه المحلات، صارت تمنع تجمهر الزبائن داخلها، وراحت تنشر موظفين على مداخلها يسمحون بدخول عدد قليل من المتسوقين الذين اصطفوا على الأبواب مع مراعاة مسافة مترين المطلوبة بين المنتظرين. 
على أن أمنيات ترامب بإعادة تشغيل الاقتصاد قد تكون خارج قدرته على فرضها، فالاقفال يتم بأوامر من حكومات الولايات ومحافظيها، وحتى يجبرهم الرئيس على انهاء الاقفال، يتطلب ذلك تشريعاً فيديرالياً في الكونغرس (القانون الفيديرالي يسمو على قوانين الولايات). 
لكن مع مجلس نواب تسيطر عليه غالبية من الديموقراطيين، من غير المرجح أن ينجح الرئيس في استصدار قانون يجبر الولايات على وقف الاقفال.
ويبدو أن اكثر ما يشغل ترامب في «أزمة كورونا» ليس عدد ضحايا الوباء، بل فرص فوزه بولاية ثانية، وهو ما قاله صراحة في تغريدة، اعتبر فيها أن الاعلام الأميركي يسعى، بكل ما أوتي من قوة، لتصوير أن اداءه في التعامل مع أزمة الفيروس كان أداء باهتاً، وأن الهدف، حرمانه من ولاية ثانية.
إلى ذلك، أظهرت حصيلة لجامعة جونز هوبكنز، أنّ عدد الوفيات بالفيروس بلغ أكثر من 1031 بينما تجاوز عدد الذين ثبتت مخبرياً إصابتهم الـ70 ألفاً.
وتتصدّر نيويورك قائمة الولايات الأكثر تضرّراً بالوباء، إذ سجّلت وفاة 280 شخصاً بالفيروس، حتى الآن.
ويبلغ عدد سكان الولايات المتحدة 327 مليون نسمة، وقد حذّر تقرير أحيل على الكونغرس هذا الشهر من أنّ الفيروس قد يصيب في نهاية المطاف ما بين 70 إلى 150 مليوناً.

البنتاغون
عسكرياً، جمدت البنتاغون، الأربعاء، لمدة شهرين كلّ تنقلات العسكريين الأميركيين حول العالم، بما فيها عمليات إرسال الجنود إلى مناطق القتال أو إعادتهم إلى وطنهم. 
وأوضحت في بيان، أنّ قرار التجميد الذي سيسري على نحو 900 ألف عنصر «سيكون له أثر على عمليات التدريب والانتشار وإعادة الانتشار وتحركات أخرى للقوات».
ولغاية صباح الأربعاء، أحصت وزارة الدفاع 435 إصابة في صفوف موظفيها العسكريين والمدنيين وأفراد أسرهم والمتعاقدين معها. وتوفي متعاقد واحد بسبب الفيروس.
والثلاثاء، أعلنت البحرية تسجيل ثلاث إصابات بالفيروس على متن حاملة الطائرات «يو إس إس ثيودور روزفلت» التي تبحر في المحيط الهادئ، في أول عدوى تسجّل على متن سفينة حربية أميركية.

خلافات
وفي مجلس الأمن، أثار الفيروس خلافاً عميقاً بين أميركا والصين.
ونقلت شبكة «أن بي سي»، عن 4 ديبلوماسيين لم تسمهم، إصرار الولايات المتحدة، على تضمين نص قرار مجلس الأمن الذي يتم التشاور بشأنه حالياً عبارة «الأصول الصينية لفيروس كورونا».
ووفقاً للقناة، فإن الصينيين يحاولون إدراج إشارة واضحة في نص القرار تشيد بـ«جهود الصين الجبارة لاحتواء الفيروس».

أميركا تستجدي العالم: 
أعطونا «كل شيء»

ناشدت إدارة الرئيس دونالد ترامب دولاً عدة حول العالم، لمنحها أو بيعها مستلزمات طبية، مثل مطهر اليدين وأجهزة التنفس، لمكافحة الجائحة المتسارعة.
وفي قائمة حصلت عليها شبكة «سي إن إن»، حددت وزارة الخارجية 25 مستلزماً، وطلبت من الديبلوماسيين أن يطلبوا من دولهم المضيفة الحصول على هذه الإمدادات.
وذكرت الشبكة أن الولايات المتحدة طلبت من الدول التي ناشدتها «كل شيء»، بداية من المطهر اليدوي إلى أجهزة التنفس.
وتشمل القائمة مجموعة من المعدات التي تسعى المستشفيات الأميركية المثقلة بالأعباء للحصول عليها، ومنها أكياس النفايات الطبية، وأقنعة N-95، والقفازات، والأثواب الطبية، وقبعات الجراحة، وأغطية الأحذية، والحاويات، والنظارات الواقية، ومعقم اليدين، وسترات الحماية. كما تضم أجهزة الاستنشاق المخصصة لمرضى الربو، وأجهزة التنفس الصناعي.
والجمعة، قال ترامب إنه وضع قانون الإنتاج الدفاعي موضع التنفيذ.
ويمنح القانون، الذي يعود إلى الحرب الكورية في الخمسينات، الرئيس الأميركي سلطة واسعة «لتسريع وتوسيع إمدادات الموارد من القاعدة الصناعية الأميركية لدعم برامج الجيش والطاقة والفضاء والأمن الداخلي».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق