الثلاثاء، 7 أبريل 2020

ترامب: أرى ضوءاً في آخر النفق

واشنطن - من حسين عبدالحسين

افتتح الرئيس دونالد ترامب مؤتمره الصحافي اليومي المخصص للبحث في أزمة تفشي وباء كورونا المستجد بمواقف إيجابية، مستوحاة في الغالب من بدء تراجع عدد الإصابات الجديدة في إيطاليا وإسبانيا، وحديث النمسا وتشيكيا عن نيتيهما تخفيف بعض القيود المفروضة.
وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لـ«يوم الذروة»، أي اليوم الذي تبلغ فيه الإصابات الجديدة ذروتها، وهو يوم يبدو أن حلوله متوقع في الأيام العشرة المقبلة، وربما يكون غداً في ولاية نيويورك، التي تعاني من أعلى نسبة إصابات في البلاد. 
ومما قاله ترامب إن الحكومة الفيديرالية تحادثت مع كل حكّام الولايات الذين تعاني ولاياتهم من تفشي الوباء وازدحام المراكز الصحية بالمرضى. 
وأضاف: «قالوا لنا إنهم سعداء، ربما سيتحدثون الى الإعلام ويشتكون». 
وأكد ترامب أن التجارب تجري للتأكد من سلامة لقاحين ضد الفيروس، وأنه يسمع أخباراً إيجابية حول العلاجات الممكنة. واستخدم الرئيس عبارة أميركية تدل على التفاؤل، وقال «أنا أرى ضوءاً في آخر النفق». 
لكن إيجابية الرئيس تعثرت بعدما أصرّ الصحافيون في «غرفة برايدي» للإعلام في البيت الأبيض على تحدي اصراره أن الولايات المتحدة تبلي بلاء حسناً في موضوع اجراء الفحوص للكشف عن الإصابات بالفيروس. 
وكرر ترامب أن الولايات المتحدة أجرت مليون و800 ألف فحص، وهو أكبر رقم في العالم، ولهذا السبب، يرى الرئيس، أن أعداد الإصابات ترتفع في أميركا أكثر من غيرها، لأن الدول الأخرى لا تقوم بإجراء فحوص كافية. على أن أرقام ترامب جافت الحقائق، فالنمسا، التي تستعد للتخفيف من القيود، أجرت 12 ألف فحصاً لكل مليون من سكانها، فيما أجرت الولايات المتحدة خمسة آلاف فقط لكل مليون من السكان. 
واقتبس الصحافيون من تصريحات لزعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، السناتور عن ولاية نيويورك تشاك شومر، الذي هاجم أداء ترامب وادارته، واتهمهما بالتقاعس. 
وأجاب ترامب، وهو من نيويورك أيضاً، انه يعرف شومر طيلة حياته، وأن الأخير يطلق هذه التصريحات على خلفيات سياسية فقط، و«هذا عار». 
كما أعلن الرئيس الأميركي مساء الاثنين، أنّه أجرى مع منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة جو بايدن محادثة هاتفية «ودّية» تناولت تفشي الوباء. 
وقال: «لقد استمتعت بالحوار، وآمل أن يكون هو أيضاً قد استمتع به».
وأضاف «أجرينا محادثة وديّة للغاية»، مشيراً إلى أنّ الحوار بينه وبين نائب الرئيس السابق استمر زهاء 15 دقيقة قدّم خلالها الأخير «اقتراحات». 
وسأل الاعلاميون رئيس قسم الأمراض المعدية والحساسية في مركز مكافحة الأمراض الفيديرالي انتوني فاوتشي عن رأيه حول النقاش المندلع عن موعد «عودة الحياة» الى طبيعتها، فقال إن «الاجابة تعتمد على تعريفنا لكلمة طبيعية»، و«طالما أنه ليس لدينا لقاح أو علاج فوري، فإننا سنقوم بتخفيف بعض القيود والسماح لبعض الحياة الاقتصادية باستئناف نشاطها، لكن العودة ستكون مختلفة عمّا سبق، وسيكون على الأميركيين ادخال تعديلات كثيرة على أسلوب حياتهم، الى حين التوصل الى لقاح». 
ويبدو أن الولايات المتحدة، ودول أوروبا الغربية، تنوي فك القيود، مثل حظر التجول، في المستقبل القريب، ولكن هذا لا يعني عودة كل النشاطات الاقتصادية - مثل المطاعم والفنادق - الى العمل، وحصر أنواع العمل بتلك التي لا تتطلب اكتظاظاً أو اختلاطاً، مع مراعاة الناس شروط غسل اليدين بشكل متواصل وعدم لمس الوجه. 
ومما تعوّل عليه واشنطن لإعادة فتح بعض قطاعات الاقتصاد «فحص المضادات الحيوية»، الذي يُظهر ان كان الفرد قد أصيب بالمرض وانتهى منه، مع عوارض أو من دونها، ما يعني أن أي فرد تظهر مضاداته الحيوية أن سبق لجسمه ان تعرّض لـ«كورونا» في الماضي صار يتمتع بمناعة ولا يمكن إعادة إصابته بالمرض، وهو ما يسمح لهؤلاء الناس التصرف وكأنه فعلياً تم تلقيحهم ضد المرض.
وتأمل الولايات المتحدة بإنتاج عشرات ملايين فحوص المضادات الحيوية للسماح للسلطات بالحصول على صورة دقيقة لكمية انتشار الفيروس بين الأميركيين. 
وحسب كلام الخبراء، كلما اتسعت رقعة المصابين ماضياً بالفيروس ممن نجوا منه، مع أو من دون عوارض، تتسع رقعة «مناعة القطيع». 
ولأن من يتمتعون بمناعة ضد المرض لا يمكن أن ينقلوه الى من لم يصابوا به سابقاً، فهذا يعني فعلياً انتهاء الفيروس، حتى من دون التوصل الى لقاح أو علاج.
وكانت بريطانيا حاولت تبني نظرية تنمية «مناعة القطيع»، وذلك عبر عدم فرض أي قيود على حركة الناس أو أي تباعد اجتماعي، على اعتبار أنه كلما اتسعت رقعة الناجين من المصابين، تقلصت قدرة الفيروس على الانتشار.
لكن أرقام الإصابات في المملكة المتحدة، انفجرت وتصاعدت بشكل عنيف، وهو ما هدد بالإطاحة بالنظام الصحي بأكمله، إذ ذاك تراجعت لندن عن أسلوبها، وتبنّت ما تبنته بقية دول العالم، لناحية الإغلاق الشامل وحظر التجول وفرض التباعد الاجتماعي.
على أنه لسوء حظ بريطانيا، لم تقم بخطوات الحجر في وقت مبكر، وهو ما أدى الى اصابة ولي العهد الأمير تشارلز ورئيس الحكومة بوريس جونسون، الذي دخل العناية الفائقة، ليل الاثنين.
هكذا، صار يبدو أن طموح الادارة الأميركية، الضغط على المحافظين لتخفيف القيود والسماح باطلاق عجلة الاقتصاد ابتداء من منتصف مايو المقبل، وهو ما يعتقده البعض تسرعاً. لكن الأخبار الإيجابية المتواترة من أوروبا، وأخبار نيويورك التي تشير إلى أن الولاية التي تستضيف أكبر مدينة أميركية قد تكون بلغت ذروة إصاباتها بالفيروس من دون الحاجة الى كل المستشفيات الميدانية التي تمت إقامتها في الأيام القليلة الماضية، قد تسمح ببعض التراخي، من دون الرفع الكامل للقيود. 
وكان ترامب أعلن أنه وافق، في اتصال هاتفي، على طلب حاكم نيويورك باستقبال سفينة «الرحمة»، وهي مستشفى عسكري قادر على استيعاب قرابة 2000 مريض. 
وسبق للقيادة العسكرية أن أعلنت أنها لن تستقبل مرضى الفيروس، وأنها ستكتفي باستقبال المصابين بأمراض أخرى لتخفيف العبء عن مستشفيات نيويورك والسماح لها التفرغ لمصابي «كورونا» وحدهم. لكن يبدو أنه تم تعديل الخطة الأصلية حتى تستقبل كل المراكز الصحية، بما فيها سفينة «الرحمة» الراسية في ميناء نيويورك، كل من هم بحاجة لأي نوع من الرعاية الصحية.
وكانت أعداد الوفيات في عموم الولايات المتحدة تخطت حاجز العشرة آلاف، فيما بلغ إجمالي عدد الإصابات 370 ألفاً. ويردد أميركيون كثر أنه تم تشخيصهم بالإصابة من دون أن يتم إجراء الفحص رسميا عليهم. وتم الطلب الى كثيرين من هؤلاء، خصوصاً ممن يتمتعون بصحة جيدة ومن هم تحت الستين من العمر، بالعودة الى منازلهم وحجر أنفسهم حتى زوال المرض. 
ويرى بعض الخبراء أن أرقام الوفيات قد تشي بأن المصابين بالفيروس بين الأميركيين أكثر بكثير من الرقم المعروف، وأنه إن اعتبرنا أن نسبة الوفاة خمسة في المئة من إجمالي المصابين، هذا يعني أن في عموم البلاد أكثر من 20 مليون مصاب بالفيروس، الملايين منهم من دون عوارض البتة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق