السبت، 16 مايو 2020

دراسة أميركية: إسرائيل ستشن حرباً مدمّرة حال حصول «حزب الله» على صواريخ دقيقة

واشنطن - من حسين عبدالحسين

افادت دراسة أميركية صادرة عن «مجلس الأطلسي»، بأن اسرائيل صنّفت امكانية حصول «حزب الله» على صواريخ إيرانية دقيقة، في مصافي ثاني أكبر خطر يتهددها، بعد البرنامج النووي الايراني، وأن حكومتها مستعدة للانخراط في حرب لمنع حصول الحزب على مثل هكذا صواريخ. 
الدراسة أعدّها الباحث في المجلس نيكولاس بلانفورد، وهو بريطاني يقيم في بيروت منذ عقود، بمشاركة الجنرال الإسرائيلي المتقاعد عساف أوريون، الذي سبق أن ترأس وحدة «التخطيط الاستراتيجي»، وقاد الوفد العسكري في لقاءاته الشهرية مع الجيش اللبناني، برعاية قوة حفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل). 
وأشارت الدراسة الى تصريحات مسؤولين إسرائيليين جاء فيها أن الدولة العبرية «لن تسمح باقامة مشروع حزب الله للصواريخ الدقيقة على الأراضي اللبنانية»، ورفعت «المشروع» إلى أولوية أمنية وطنية عليا، «في المرتبة الثانية بعد البرنامج النووي الإيراني»، بالإضافة إلى أن المسؤولين «اتخذوا قراراً بوقف مشروع الصواريخ الدقيقة (في لبنان)، حتى لو أدى ذلك لاندلاع حرب». 
وأضافت أنه منذ حرب العام 2006، «يبدو أن حزب الله وإسرائيل يقتربان أكثر نحو الحرب من أي وقت في العقد الماضي»، وأنه «منذ 2006، نما حزب الله من حيث الحجم والقدرات والهيكل والخبرة، واليوم تصل قوته العاملة إلى نحو 30 ألف مقاتل، مع احتياطي يمكن أن يصل الى 10 - 20 ألف مقاتل اضافي». 
وتابعت الدراسة، أن تل أبيب تقدّر أن ترسانة الحزب تحوي ما بين 130 - 150 ألف صاروخ أرض - أرض، أي أكبر بعشر مرات من مخزونه في 2006، وتحمل بعض هذه الصواريخ 500 كيلوغرام من الرؤوس الحربية، ويعتقد أنها دقيقة إلى حدود 10 أمتار من أهدافها. 
من ناحيته، قال بلانفورد لـ»الراي»، إن «الصراع العسكري سيكون فتاكاً، وسيحاول كل جانب إلحاق أكبر عدد من الضحايا بالجانب الآخر، وسيتم التنافس على الموازاة بين قوة حزب الله النارية، التي تستهدف الشعب الإسرائيلي والبنية التحتية الوطنية وجهود الجيش لحمايتهم من خلال الإجراءات الهجومية والدفاعية». 
وأضاف أنه «نظراً لتزايد حجم حزب الله وترسانته منذ 2006، يمكن للمرء أن يفترض بسهولة أن الأضرار التي ستلحق بلبنان في الحرب المقبلة ستكون أسوأ عشر مرات على الأقل مما كانت عليه في 2006». 
وأشار بلانفورد إلى المثل الذي يقول «لا يمكنك دخول النهر نفسه مرتين، والحرب المقبلة لن تكون إعادة تحميل 2006». 
وتابع الباحث البريطاني، أنه «يمكن لحزب الله من حيث حجمه وموارده وقوته العسكرية أن يتسبب لإسرائيل بأنف مدمى، لكنه لن يتمكن من وقف غزوها للمناطق الشيعية، وهي ساحة المعركة التي اختارها الحزب. ولن يتمكن من وقف الدمار الشامل الذي سيلحق بلبنان بالضربة المضادة الإسرائيلية».
على الجانب الإسرائيلي، يمكن للمرء أن يتوقع ضرراً غير مسبوق للجبهة الداخلية، يتابع الخبير البريطاني، كما يمكن ان يتكبد الاسرائيليون خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، فضلاً عن أزمة سياسية يمكن التنبؤ بها بعد كل صدمة وطنية من هذا النوع. 
أما على الجانب اللبناني، فيتوقع بلانفورد أن تكون تكلفة الحرب التي سيدفعها لبنان والحزب وأنصاره باهظة، وقد يخاطر الحزب بفقدان معظم المكاسب «المادية والاجتماعية والسياسية التي حققها منذ 1982». 
وسيساهم في تعميق مشكلة «حزب الله»، أن النتيجة القاتمة لأي حرب «ستكون أكثر حدة بسبب النطاق المحدود للقضايا الخلافية الفعلية بين لبنان وإسرائيل»، وأن اللبنانيين، بمن فيهم مؤيدو الحزب، سيرون أن سبب خسارتهم هي «طاعة حزب الله المسلحة لإيران ضد إسرائيل، فالخلافات الإقليمية، وقضايا المياه بين البلدين لا تكاد تذكر، في وقت يتضاءل الشتات الفلسطيني في لبنان بسبب وجود 10 أضعاف من اللاجئين السوريين»، يقول بلانفورد. 
ويرد في الدراسة، أن إسرائيل تنظر «إلى لبنان فقط كمنصة لتهديد إيراني لأمنها القومي»، وأنه يمكن لها أن «تظهر بعض المرونة لحل معظم القضايا العالقة الأخرى، لكن من الواضح أن تهديد إسرائيل هو مصلحة إيرانية، ما يعني أن استخدام سيف إيران له ثمن على حامله، ما يخاطر بالتدمير الكامل للبنان نتيجة لذلك».
وتشير الدراسة الى أن الحزب اللبناني يتصرف تجاه القضية الفلسطينية بشكل «ملكي أكثر من الملك». حتى حركة «حماس»، تفيد الدراسة، «ليست أقل حماسة للقضية الفلسطينية من حزب الله، لكن إسرائيل والحركة تتفقان على أن الصراع بينهما لا يحول دون التواصل، بما في ذلك التوصل لترتيبات سياسية جزئية وتدريجية، حتى لو كانت غير مباشرة». 
وفي شأن النقاش في الأمم المتحدة حول تجديد ولاية «يونيفيل» في أغسطس المقبل، ترى الدراسة أن لا حاجة لبقاء 10 آلاف عسكري دولي ما لم يتم تعديل مهمة القوة لتصبح قادرة على اجراء تفتيش في أي بقعة في المساحة التي تمتد بين ثلاثة وخمسة كيلومترات عن الحدود الاسرائيلية داخل لبنان، بما في ذلك قيام «يونيفيل» بالتفتيش في مواقع تعود ملكيتها لمواطنين. 
أما اذا لم يتم تعديل مهمة القوة، فالأفضل تخفيض عديدها الى ما كانت عليه قبل 2006، أي ألفي جندي، والاكتفاء بدورها كقناة تواصل بين اللبنانيين والاسرائيليين، وفق ما تضيف الدراسة. 
وكان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس قال في وقت سابق، إن «العديد من الجماعات في لبنان تمتلك أسلحة خارج سيطرة الحكومة»، وأن «حزب الله هو أكثر الميليشيات المدججة بالسلاح». 
وأضاف أنه يواصل حض الحكومة والجيش في لبنان على «اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى من الحصول على الأسلحة وبناء القدرات شبه العسكرية خارج سلطة الدولة». 
ودعا الدول القريبة من«حزب الله» إلى تشجيعه على أن يتحول الى حزب سياسي مدني فقط، ونزع سلاحه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق