السبت، 15 أغسطس 2020

زمن الصراع ولّى... والتسويات حوله ممكنة

واشنطن - من حسين عبدالحسين

على الرغم من اعتقاد البعض في العاصمة الأميركية، بأن دونالد ترامب وصهره كبير مستشاريه جاريد كوشنر، يحاولان استغلال الإعلان عن اتفاقية سلام وتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، لأغراض سياسية انتخابية، ضمن محاولات الرئيس الأميركي الفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، إلا أن الاتفاقية حصدت مديحاً وتأييداً من السياسيين والمسؤولين الأميركيين، من الحزبين، وكذلك من الخبراء والمراقبين.وتصدر مؤيدو الاتفاقية، المرشح الديموقراطي للرئاسة نائب الرئيس السابق جو بايدن، الذي وصف الاتفاقية بـ«الخطوة التاريخية»، ووصف الخطوة الإماراتية على أنها «مرحب بها، وجريئة، وخطوة تنم عن أن القادة الاماراتيين رجال دولة». 
وعلّق مبعوث السلام السابق دينيس روس بالإشارة إلى أن «الإمارات كانت تعني ما تقوله حول خياري إسرائيل»، وأنه يمكن لإسرائيل إما أن «تحصل على التطبيع، أو أن تقوم بضم أراض فلسطينية، لكنه لا يمكن لإسرائيل الحصول على الاثنين معاً». 
وأضاف أن بعض «الفلسطينيين قد لا يعجبهم أن الإمارات منعت الضم وحافظت على خيار الدولتين، وهو أمر مهم».
بدوره، قال الديبلوماسي السابق رئيس مركز أبحاث مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس، وهو من الجمهوريين المعارضين لترامب، إن السلام الإماراتي - الإسرائيلي «يمثل منعطفاً مهماً» في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وانه أوقف عملية ضم إسرائيل لأراض فلسطينية، «وهو ما كاد يقوّض السلام الإسرائيلي مع الأردن، وكاد يقوّض مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية». 
وفي تعليق لـ«الراي»، رأى الباحث السوري الأميركي في معهد الشرق الأوسط، إبراهيم الأصيل، أن الخطوة الاماراتية «قرار كبير سيعيد ترتيب الكثير من الأوراق في المنطقة، وأنه سيكون هناك الكثير من المؤيدين والمعارضين للاتفاقية، ولكن آثارها ستطول الجميع». 
وتابع: «سنبدأ بملاحظة الأثر السياسي بشكل سريع في علاقات البلدين، وربّما تحذو دول خليجية أخرى حذو دولة الإمارات، ولكن هناك آثاراً مستقبلية أعمق على مستوى الاقتصاد والتبادل التجاري بين البلدين والطاقة، وربما الدفاع أيضاً». 
وأضاف الباحث السوري الأميركي: «لدينا الآن في المنطقة المحور الإيراني والمحور التركي، وهذه الاتفاقية تعزز من ظهور محور جديد من التحالفات في المنطقة يضم دولة الإمارات وحلفائها في الخليج، ويمتد إلى الأردن ومصر... وسيحاول هذا المحور تعزيز علاقاته مع اليونان والاتحاد الأوروبي لمواجهة النفوذ التركي في المتوسط، خصوصاً للتنافس على حقول وإمدادات الطاقة».
بدوره، قال ماثيو برودسكي، لـ«الراي» إنه «في الوقت الذي يُفرط فيه كثيرون في استخدام عبارة غير مسبوق وتاريخي لوصف الخطوة الإماراتية، فإن اتفاقية السلام المبرمة بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل تعتبر تاريخية حقاً، وهي تظهر الى العلن ما كان معروفاً دائماً بعيداً عن دائرة الضوء، وهو أن إسرائيل، من ناحية، وبعض دول الخليج العربي، من ناحية ثانية، يشتركان في العديد من المصالح التي تتخطى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي».
وبرودسكي، هو أحد المقربين من إدارة ترامب، سبق أن كان من الحاضرين في «القاعة الشرقية» في البيت الأبيض يوم قام الرئيس الأميركي بالإعلان عن «خطة كوشنر» للسلام العربي - الإسرائيلي، وهي مناسبة حضرها يومذاك عدد من السفراء الخليجيين. 
وقال برودسكي: «لا ينبغي أن تكون العلاقات الثنائية بين إسرائيل والدول العربية رهينة لبعض الفصائل الفلسطينية، التي، لأسباب مختلفة، وجدت الكثير من الراحة في استمرار الوضع الراهن». 
واعتبر الباحث الأميركي أن الاتفاقية هي تذكير بأن «المنطقة ما زالت تسير قدما، سواء بمشاركة بعض الفصائل أو من دونها». 
وختم برودسكي أن «الوقت حان للتوصل لاتفاقية سلام عربية - إسرائيلية، اذ أن وقتاً طويلاً مرّ منذ الجلوس للمرة الأولى إلى طاولة المفاوضات السلمية والتفاوض»، مشيراً إلى أن الاتفاقية الإماراتية - الإسرائيلية «تمت على أساس خطة ترامب للسلام التي أطلقها في يناير».
وفي وقت أجمعت الأوساط الأميركية على الترحيب بإعلان السلام المفاجئ، انشغلت الأوساط نفسها بمحاولة معرفة من هي الدولة الخليجية المقبلة التي ستحذو حذو الإمارات وتعلن توصلها لاتفاقية سلام مع إسرائيل، حسب ما ورد في تصريحات المسؤولين الأميركيين. 
وتأتي اتفاقية السلام، والحديث عن إمكانية اتفاقية مشابهة مع دولة خليجية أخرى، في وقت يتحدث الأميركيون المتابعون للشأن اللبناني عن ضرورة توصل لبنان الى إجماع حول مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي، الداعية لحياد إيجابي، أي أن يمتنع لبنان و«حزب الله» عن الانخراط في أي نزاعات مسلحة في المنطقة، ان ضد إسرائيل أو في سورية أو غيرها، من دون التوصل لاتفاقية سلام منفردة مع إسرائيل، ومع الالتزام بالموقف العربي من الصراع مع إسرائيل، والذي تعبّر عنه الجامعة العربية.
ويرى مسؤولو إدارة ترامب، أن زمن الصراع العربي - الإسرائيلي ولّى، وأن التسويات حوله ممكنة، ومن شأنها أن تقلّص الصراعات وأن تسحب ذريعة تستخدمها الفصائل المتطرفة، التي تصنفها واشنطن «إرهابية»، لمواصلة حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
إيران هي التي تنشر عدم الاستقرار هذا وتفيد منه، حسب المسؤولين الأميركيين من الحزبين. لهذا السبب، يتمتع أي إعلان سلام بتأييد شامل من الحزبين معا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق