الخميس، 15 أكتوبر 2020

الديموقراطيون لا يستخفون بترامب والجمهوريون يراهنون على... «معجزة»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في وقت تظهر استطلاعات الرأي فارقاً شاسعاً لمصلحة الديموقراطيين ومرشحهم للرئاسة نائب الرئيس السابق جو بايدن على الجمهوريين والرئيس دونالد ترامب في الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، يبدي الديموقراطيون خوفهم من أن تؤدي الأرقام الباهرة في استطلاعات الرأي - التي تؤكد استعادتهم البيت الأبيض ومجلس الشيوخ وحفاظهم على مجلس النواب - الى تراخٍ لدى ناخبيهم واعتقادهم أن الفوز صار حتمياً، وتالياً استخفافهم بالجمهوريين وتقاعسهم عن الاقتراع.

ويعتقد الخبراء أن في جيب بايدن 226 صوتاً من أصوات موفدي الكلية الانتخابية، بما في ذلك أصوات الولايات المحسومة للديموقراطيين، مثل كاليفورنيا ونيويورك التي يبلغ مجموع أصواتهما 84. ويحتاج المرشح الى 270 من 538 صوتاً للفوز، ويأمل بايدن في الحصول على 44 صوتا من الولايات التي تقوم بفرز نتائج انتخاباتها بسرعة حتى لا يضطر الانتظار الى أن يتم فرز الولايات التي ستتأخر نتائجها، خصوصا في ظل الزيادة غير المسبوقة المتوقعة في عدد الأصوات عبر البريد، وهي أصوات تتطلب مهلة أطول للفرز وللإخراج من المظاريف والتأكد من صحة التوقيع وقانونية كل ورقة.

بدورهم، يأمل الجمهوريون بتحقيق معجزة تؤدي لفوز ترامب بولاية رئاسية ثانية وباحتفاظهم بالغالبية التي يسيطرون عليها حالياً في مجلس الشيوخ. كما يأملون بأن تجري أحداث هذا العام بشكل مطابق للأسابيع والأيام التي سبقت انتخابات العام 2016، يوم كانت الاستطلاعات تظهر اكتساحاً لا ريب فيه للمرشحة الديموقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، بفارق أكثر من عشر نقاط مئوية على الأقل، لتأتي نتائج الانتخابات معاكسة للتوقعات والاستطلاعات، وليفوز ترامب وإن بفارق ضئيل من الأصوات لم يتعد الـ 80 ألف صوت، من أصل 128 مليون مقترع أدلوا بأصواتهم.

لكن انتخابات الكونغرس النصفية في 2018 أظهرت موجة ديموقراطية شعبية عارمة، اذ تفوق الديموقراطيون على الجمهوريين في صناديق الاقتراع بأكثر من سبعة في المئة من إجمالي الناخبين الذين تعدى عددهم المئة مليون، وكان ذلك رقماً قياسياً إذ يندر أن يبدي الأميركيون حماسة للاقتراع في الانتخابات النصفية، التي تنخفض فيها نسبة الناخبين عموماً.

هذا العام، من غير الواضح إن كانت حماسة الاقتراع المبكر مؤشرا لحماسة في الاقتراع العام، إذ قبل أقل من ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات، أدلى أكثر من 12 مليون أميركي بأصواتهم، إما عن طريق البريد إما في عملية الاقتراع المبكر. وكان عدد الناخبين في الوقت نفسه من 2016 بلغ ثلاثة ملايين فقط، وهو ما يشي بأن الحماسة هذا العام للاقتراع غير مسبوقة، خصوصاً في صفوف الديموقراطيين الذين يشنون - عبر وسائل التواصل الاجتماعي - حملة بعنوان «لنرميه خارجاً»، أي ليرموا بأصواتهم ترامب خارج البيت الأبيض.

على أن عدداً من الخبراء اعتبروا أن الأرقام المرتفعة وغير المسبوقة في الانتخابات المبكرة قد لا تكون دليل حماسة، بل هو ارتفاع سببه الخوف من فيروس كورونا المستجد، إذ يعمد أميركيون كثر للانتخاب عن طريق البريد، لتفادي الذهاب الى مراكز الاقتراع واحتمال التقاط العدوى، أو يقومون بالانتخاب شخصياً في أوقات مبكرة لتفادي ازدحام الناخبين يوم الاقتراع.

وفي وقت واصلت مراكز استطلاعات الرأي المتخصصة تقديم الاستفتاء تلو الآخر، والتي تشير بغالبيتها المطلقة الى تفوق بايدن على ترامب في عموم الولايات، اعتبرت مجلة «ايكونوميست» البريطانية المرموقة، والتي تعمل على تحديث صفحة حول آخر استطلاعات الرأي، في مقالة أن الفارق بين بايدن وترامب قد لا يكون في الحقيقة كبيراً بالشكل الذي تظهره الاستفتاءات.

وأوردت الصحيفة، أن عدداً كبيراً من مناصري ترامب لا يجيبون صراحة، المستفتين، حول نيتهم انتخاب ترامب، وربما يعاني هؤلاء من ضغط اجتماعي، لكن إمكانية تحسن أرقام الرئيس الجمهوري في نتائج الانتخاب، مقارنة بأرقام الاستفتاءات التي تجريها مراكز الاحصاء، هي امكانية حقيقية.

على أن لاري لاسكن، نائب رئيس شركة «آي سي أف» المتخصصة بالاستطلاعات، اعتبر أن نظرية الخجل في صفوف مؤيدي ترامب، تم تفنيدها قبل سنوات، وأن «مشكلة الاستطلاعات في 2016 أنها ركّزت كثيراً على الاستطلاع الشعبي العام، وهو ما تحقق إذ تفوقت كلينتون على ترامب بفارق أربعة ملايين صوت على صعيد البلاد لكنها خسرت في الكلية الانتخابية بسبب خسارتها الولايات المتأرجحة».

وصرح لاسكن، لـ «الراي»، بأنه «منذ 2016، قامت مراكز إحصاء الرأي الأميركية المتعددة بالتنبه لمكامن الخلل في توقعاتها والعمل على إصلاحها»، و«توقعت بدقة ونجاح نتائج الاكتساح الديموقراطي في الانتخابات النصفية قبل عامين، والأرجح أنها أدق هذا العام عن ما كانت عليه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة».

وأعلن لاسكن أنه «ما لم يشعر الديموقراطيون بنشوة الانتصار التي قد تتسبب بامتناعهم عن الإدلاء بأصواتهم للاقتراع لمصلحة بايدن والديموقراطيين، لا أرى أي سبب يمنعهم من الفوز بالرئاسة ومجلس الشيوخ، فضلاً عن المحافظة على مجلس النواب».

في سياق مشابه، نشر موقع 538 المتخصص بالاستفتاءات الشعبية مقالاً اعتبر فيه أن استطلاعات الرأي في 2016 لم تكن خاطئة، بل أن «ما حدث بشكل أساسي هو فوز ترامب في استطلاعات الرأي بفارق نقاط قليلة في بضع ولايات فقط، ما يعني أن الاستفتاءات التي جرت على مستوى الولاية الواحدة كانت أقل دقة، رغم أن الفارق بين أرقام الاستفتاءات في الانتخابات الماضية والنتائج النهائية كان ضمن هامش الخطأ، الذي يراوح غالباً بين 2 و3 في المئة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق