الخميس، 17 ديسمبر 2020

عدم كبح جماح نشاط الحوثيين قد يجرّ واشنطن إلى صراع مع طهران

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تداولت الأوساط المعنية في واشنطن، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، في شهرها الأخير في الحكم، تستعد لإدراج تنظيم «أنصار الله» اليمني، الذي يتزعمه عبدالملك الحوثي، على «لائحة التنظيمات الإرهابية» التابعة لوزارة الخارجية، وهو ما قد يحسم جدلاً دائراً منذ سنوات حول جدوى هذه الخطوة، وتأثيرها على العملية الديبلوماسية الهادفة لإنهاء الحرب في اليمن، وحرمان يمنيين كثيرين ممن يسكنون تحت سيطرة الحوثي من تحويلات أقاربهم في الخارج ومن المساعدات الإنسانية الدولية.

ومنذ أن تصاعد النقاش حول إمكانية تصنيف إدارة ترامب، للحوثيين «تنظيماً إرهابياً»، تحركت دوائر كثيرة في العاصمة الأميركية، تصدرتها مجموعة «أصدقاء إيران»، وقامت بنشر دراسات ومقابلات ومقالات معارضة للخطوة المحتملة، في وقت قام مؤيدو التصنيف بمحاولة تفنيد الادعاءات المؤيدة للحوثيين.

ويقول معارضو التصنيف، إنه من شأن إدراج «أنصار الله» على لائحة الإرهاب أن يؤدي الى تعثر المفاوضات الجارية معهم بهدف إنهاء الحرب، بينا يرد مؤيدو التنصيف بأن بعض كبار قادة الحوثيين هم من المصنفين على لوائح الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، وأن ذلك لم يعرقل أي مفاوضات معهم، بما فيها التي جرت برعاية موفدين دوليين.

المعارضو يشيرون أيضاً الى أن التنظيم لا يستوفي شروط التنظيمات الإرهابية، اذ هو بمثابة تمرد محلي مسلّح. ويشير الباحثان في معهد بروكنغز جون آلن وبروس ريدل، إلى أن تنظيم الحوثيين «لم يسبق أن اعتدى على أميركيين أو على إسرائيليين»، رغم أن شعار التنظيم فيه دعوات الموت لأميركا وإسرائيل ولعنة على اليهود.

ويطالب «أصدقاء إيران» بأن تحصر الولايات المتحدة رؤيتها للتنظيم اليمني على أنه تمرد مسلح، على غرار تنظيم «طالبان» الأفغاني، والذي لا تدرجه واشنطن على لائحة التنظيمات الإرهابية، بل دأبت على عقد جلسات مفاوضات مع «الطالبان» للتباحث في إنهاء الحرب وانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

لكن مركز الأبحاث الأميركي «مشروع مكافحة التطرف» يشير الى أنه سبق للحوثيين، في العام 2015، أن قاموا باختطاف خمسة أميركيين في اليمن، قضى أحدهم أثناء الاعتقال، فيما أفرج عن الآخرين في وقت لاحق.

وعلمت «الراي»، أن وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والعاملة في اليمن، عمدت الى سحب نحو 20 من العاملين فيها ممن يحملون الجنسية الأميركية تحسباً لإمكانية قيام إدارة ترامب بادراج «أنصار الله» على «لائحة الإرهابية»، مع ما قد يعني ذلك من ردود فعل حوثية تتضمن الاعتداء على عمال الإغاثة الإنسانية الأميركيين أو اختطافهم.

الخوف الأكبر لدى معارضي «التصنيف الإرهابي»، يتمحور حول تأثيره على عمل وكالات الإغاثة الدولية الإنسانية في اليمن، ويضربون مثالاً على ذلك سورية، حيث يشير تقرير صادر عن «مكتب مدير التنسيق المقيم في سورية»، التابع لوكالة «الأسكوا»، أن للعقوبات الأميركية والأوروبية، بعض التأثير، وان كان طفيفاً، على عمل منظمات الإغاثة.

وجاء في التقرير الأممي أنه «من خلال طرق مختلفة، تمنح عقوبات، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (على سورية) أذونات محددة للسماح بأنشطة في سياق العمل الإنساني».

ويضيف: «مع ذلك، وجد التقرير أن التطبيق العملي لاستخدام هذه الأذونات يقترن بمخاطر تنظيمية واسعة، ويمكن في بعض الأحيان أن يعوق إيصال المساعدة للسكان المدنيين المحليين».

وأضاف أن المشاركين في تقديم المشاريع الإنسانية يشيرون باستمرار الى أن «طبيعة المحظورات، وإطار الترخيص ومتطلبات الرقابة على الصادرات، والعناية الواجبة المرتبطة بها، وتوقعات إدارة المخاطر، غالباً ما تتطلب تحليلاً قانونياً مكلفاً، وتعمل كعائق في السلاسة والتسليم السريع للمساعدات الإنسانية».

وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي تيموثي ليندركينغ قال للصحافيين، في حوار الأسبوع الماضي، إن استهداف المدنيين من قبل حوثيي اليمن و تعميق علاقاتهم مع «الحرس الثوري الإيراني»، وقيامهم بعمليات الخطف، كلها تدفع إدارة ترامب لتدارس إدراج الحركة على لائحة التنظيمات الإرهابية.

وأضاف: «لو كانت هذه الأشياء لا تحدث لما كنا اليوم نتناقش في إمكانية تصنيفهم حركة إرهابية، فسلوك الحوثيين يشبه سلوك التنظيمات الإرهابية». وتابع: «إذا كان الحوثيون ينوون لعب دور كلاعب سياسي شرعي داخل اليمن، فعلى أنشطتهم هذه أن تتوقف».

إلا أن الأنشطة الحوثية التي تصفها وزارة الخارجية بـ«الإرهابية»، قد لا تكون الوحيدة التي تزعج واشنطن. ويشير تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، المرموق، إلى أنه في وقت «اتخذت الأطراف في اليمن بعض الخطوات نحو إنهاء العنف، فإن استمرار حيازة الحوثيين واستخدامهم للصواريخ البعيدة المدى والطائرات من دون طيار يعقد آفاق عودة الاستقرار».

ويورد التقرير، الذي أعده ايان وليامز وشعان الشيخ، أن «وجود جهة معادية على جانب السعودية الجنوبي ترمي مقذوفات بعيدة المدى يزيد، بشكل كبير، من المخاطر بالنسبة للمملكة، ما يجعلها أقل استعداداً لقبول دور قوي للحوثيين في حكومة يمنية مستقبلية».

ويتابع أنه «اذا لم يتم كبح جماح نشاط الحوثيين الصاروخي، فقد يؤدي إلى توسيع الصراع عن غير قصد، وربما يجر الولايات المتحدة إلى صراع مباشر مع إيران».

ويختم: «سيكون التخفيف من تهديد الصواريخ الحوثية مكوناً ضرورياً لأي سلام دائم».

التوصل لسلام في اليمن يبدو عملية معقدة. والحكومة طالبت واشنطن بإدراج «أنصار الله» على لوائح الإرهاب، فيما يشير الخبراء الأميركيون الى صعوبة التوصل الى سلام من دون قيام حكومة يمكنها وقف الخطر الصاروخي الذي يمثله التنظيم على السعودية، ويصرّ «أصدقاء» إيران وبعض الخبراء أن تصنيف الحوثيين، إرهابيين، يفاقم في الأزمة ويعرقل سبل الحل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق