الأحد، 31 يناير 2021

تباين بين الغرب وإسرائيل حول «النووي» الإيراني

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والذي تتابعه واشنطن عن كثب واختتم أعماله الخميس، بدا التباين واضحاً بين إسرائيل، من ناحية، والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، من ناحية ثانية، حول كيفية التعامل مع إمكانية عودة واشنطن إلى الاتفاقية النووية مع إيران.

وكان أبرز المتحدثين من السياسيين، وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الذي توجه إلى المؤتمر بالقول إن مفتاح التعامل مع التحدي الإيراني هو تبني سياسة قائمة على القوانين.

وذكر أن «سلوك إيران المتهور، خلال الأسبوع الماضي، ذكّرنا لماذا يجب علينا منعها من امتلاك سلاح نووي». واعتبر أن أفضل وسيلة لمنع حيازة طهران سلاحاً نووياً، هي الاتفاقية، «رغم أنها اتفاقية قد تكون بعيدة عن الكمال، إلا أنها تمنحنا أكثر شفافية» حول برنامج إيران النووي أكثر «من أي وقت مضى».

وتابع ماس: «أنا أتفق معكم أن (الاتفاقية النووية) ليست كافية، وأنه علينا أن نتعامل مع برنامج إيران الصاروخي الخطير، وتصرفاتها الإقليمية العدوانية، ولكن مواجهة (الصواريخ والتصرفات) سيكون أسهل بكثير أن سيطرنا (أولا) على الموضوع النووي عبر الاتفاقية النووية».

ويتماهى الموقف الألماني، والأوروبي عموماً، مع سياسة إدارة الرئيس جو بايدن، التي دأب مسؤولوها على تكرار ما مفاده بأن واشنطن مستعدة للعودة للاتفاقية وتأجيل البحث في ملفي الصواريخ والميليشيات إلى ما بعد إعادة العمل بالاتفاقية.

لكن إدارة بايدن رمت ما يبدو أن من شأنه «عرقلة العودة»، وتالياً رفع العقوبات الأحادية التي أدت إلى انهيار الاقتصاد الإيراني، إذ تطالب بأن تعود طهران أولاً لالتزاماتها ببنود الاتفاقية حتى تعود إليها، فيما تصر طهران على أن أميركا هي التي انسحبت أولاً، وعليها العودة قبلاً حتى تعود إيران بعدها.

لكن لا يبدو أن الإسرائيليين يبنون مواقفهم على المماطلة الناجمة عن تعقيدات أميركا وإيران، بل أن رئيس المعهد عاموس يدلين قال، في ملاحظاته الختامية، إن «العودة إلى اتفاقية 2015 ستكون مشكلة كبيرة جداً لإسرائيل».

وتطرق يدلين إلى العلاقات الإسرائيلية مع الصين، قائلاً إنه «يجب أن يتم تنسيقها بالكامل مع أميركا».

وأضاف أنه يجب الحفاظ على التنسيق مع روسيا، «الذي تسمح لإسرائيل بحرية الحركة في سورية، رغم التباين في المواقف الإستراتيجية مع موسكو في لبنان وسورية وإيران».

على أن رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، سرق الأضواء، خصوصا بتصريحاته التي قال فيها إنه «لو تم تطبيق الاتفاقية النووية، لتمكنت إيران من الحصول على قنبلة نووية مع انتهاء مفاعيل الاتفاقية، التي لا تمنعها من ذلك».

وأضاف: «علينا إعداد خطط إضافية، غير الخطط التي نملكها حالياً، لمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية».

وأردف أن «اتخاذ قرار بشان التنفيذ سيعود بالطبع للقيادة السياسية، لكن الخطط يجب أن تكون على الطاولة».

وعن الصراعات الأخرى التي تنخرط فيها إسرائيل في المنطقة، قال كوخافي إن لإسرائيل 6 مسارح عمليات في «سورية ولبنان وقطاع غزة والقيادة المركزية والضفة الغربية وإيران»، وأن ميادين القتال تتضمن ستة أصعدة منها «الجو، والبحر، والأرض، والفضاء السيبراني».

وتابع: «نتحدث عن إمكانية اضطرارنا للعمل في ستة مسارح في الوقت نفسه، على ستة أصعدة، وعلينا أن نكون واعين على مدى 360 درجة، وبشكل متواصل». وأضاف: «نهتم بالعراق بسبب عدم إمكان حكومته العمل كدولة سيدة، وهو ما يسمح لإيران بالتصرف عسكرياً عبر أراضيه».

ويعتقد الجنرال الإسرائيلي أن هناك تصوراً «بأن الدولة العبرية يمكنها القتال في عموم الشرق الأوسط، ونتيجة ذلك، فإنها قادرة على الدفاع عن نفسها وعن حدودها».

وتابع أن هناك انطباعاً عاماً آخر مفاده بأن «إسرائيل هي التي تهاجم وتشن حملات، وهذا الانطباع يساهم في الردع».

إستراتيجياً، حسب كوخافي، «وضع إسرائيل يتحسن، وكذلك الردع»، مؤكداً «بالطبع يمكن كسر الردع، لكنه تحسن، والدليل أنه لا يوجد أي من أعدائنا ممن ينوي شن حرب علينا».

العام الماضي، حسب كوخافي، «كان مستقراً، ولم تقع فيه ضحايا من جهتنا، وهذا لا يحدث بالصدفة، بل بنجاحات استخباراتية، وبنجاح في العمليات العسكرية لدرجة أنها أثنت جيوش الإرهاب المختبئة في الأحياء السكنية عن الانخراط في حروب ضدنا».

واعتبر كوخافي أن في مواجهة «الهلال» الذي تقوده إيران، يوجد تحالف قوي ومتين وقادر على مواجهته، وتشارك فيه إسرائيل ودول عربية «وقبرص واليونان، وهو أمر غير مسبوق، ويرى الإيرانيون في هذا التحالف ما يضيّق عليهم».

وعن حلفاء طهران، ذكر كوخافي أنه «في العقد الماضي، بنى حزب الله وحماس قوات يعتقدان أن بإمكانها اجتياح إسرائيل، ونحن نقوم بكل ما بوسعنا للتصدي لذلك، لكنه تطور سلبي، ولديهم أسلحة متطورة».

وتساءل: «من كان يحسب أن تنظيماً إرهابياً يملك صواريخ دقيقة أو صواريخ كروز»؟ ليجيب أن ما يحصل شمال إسرائيل هو التالي: «نقوم بنشاطات لوقف الإيرانيين، لكن الإيرانيين لا يتوقفون، لذا فإن نشاطاتنا لن تتوقف، وهذه اسمها الحرب بين الحروب». كما أن تنظيم «داعش» لم يختف، حسب كوخافي.

وأشار إلى أن للجيش الإسرائيلي «أربع أولويات»، هي «منع قيام قواعد التحالف المتطرف في الشمال، وتعطيل سعي الأعداء للحصول على أسلحة إستراتيجية، والبقاء على استعداد لشن ضربة ضد إيران، والدفاع عن حدودنا»، مضيفا أن «رد إسرائيل سيكون أينما كان، إن على الجبهات المفتوحة، أو ضد الأعداء المختبئين في الأحياء السكنية، وسنعطي السكان مهلة لمغادرة الأحياء».

ولتعزيز وجهة نظره القائلة بأن الميليشيات الموالية لإيران، مثل «حزب الله» و«حماس» متمركزة في الأحياء السكنية، قال كوخافي إن «في سبتمبر، انفجر مستودع أسلحة كامل في لبنان، والأسبوع الماضي في غزة، لأن هذه الأحياء تغرق بالصواريخ والسلاح، وسيقوم الجيش بإغراقها بالهجمات» في حال اندلاع حرب.

«هذا واقع خلقوه هم، وسنحاول تغييره (في حال الحرب)، ويجب تغيير مفهوم استخدام القوة (في الرد) بشكل يتناسب (مع حجم الهجوم) لأنه من دون ذلك، لن نتمكن من الدفاع عن إسرائيل»، بحسب كوخافي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق