الثلاثاء، 16 فبراير 2021

الأحواز عروس عروبتكم

حسين عبدالحسين

أعدم النظام الإيراني العربي الايراني علي المطيري. وكان النظام قبل ذلك بشهرين اختطف فرج الله الكعبي، وهو من العرب الإيرانيين المطالبين بانفصال الجنوب العربي، وكان يقيم في السويد إلى أن استدرجته إيران إلى تركيا، حيث تم اختطافه، وهو معتقل الآن في إيران وسيواجه في الغالب حكما بالإعدام.

وسط الحركة العالمية المعادية للكولونيالية والمطالبة بإعادة الحقوق للسكان الأصليين، يسكت عرب كثيرون، ومعهم اليسار الليبرالي الغربي والعالمي، عن واحدة من أكثر المظالم وضوحا في العصر الحديث، والتي يرتكبها النظام الإيراني بحق الأقلية العربية. 

في إيران، حوالي خمسة ملايين عربي من إجمالي السكان البالغ 80 مليونا. تعيش غالبية العرب في محافظة خوزستان الجنوبية (عربستان سابقا)، التي تحتوي أكثر من ثلاث أرباع احتياطي إيران النفطي، وهو من الأكبر في العالم. كذلك تتمتع عربستان بثروة مائية ضخمة.

لم تكن عربستان في إيران، بل ضمّها الشاه رضا في العام 1926 بعدما ساعدته بريطانيا في اختطاف حاكمها الشيخ خزعل الكعبي. وأدت المشاريع النفطية في أراضي إيران العربية إلى تدفق العاملين اليها، فتحولت الغالبية السكانية العربية إلى أقلية، وتم استبدال اسم المحافظة وأسماء المدن العربية باسماء فارسية.

وتمارس طهران سياسة محو الثقافة العربية، فتحرم مداس العرب من التمويل اللازم، وتمنعها من تعليم العربية خارج المناهج الدينية، وتفرض على السنة منهم دراسة المنهاج الديني الشيعي، وتفرض على المواليد أسماء فارسية، وتمنعهم من تسجيل أسماء عربية لا تعجب طهران، وتمتنع عن تمويل البنية التحتية، بما في ذلك إحجامها عن إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب الإيرانية - العراقية. 

ومؤخرا قام النظام الإيراني بتحويل مياه عربستان إلى المحافظات الشمالية، ففاقم أزمة العرب المعيشية، وتفشي البطالة، وتدهور الوضع البيئي بسبب المنشآت النفطية التي تبث سمومها في الهواء فترفع معدلات الأمراض المزمنة بين السكان، في وقت تمطر السماء الكثير من الكيماوي والكبريت وباقي مشتقات النفط والغاز، وتؤدي الأمطار غالبا إلى سيول، وتودي بضحايا بسبب انعدام البنية التحتية.

وتمارس طهران سياسة عنف منظم ضد العرب، وتقوم أجهزتها باعتقالات تعسفية وقتل عشوائي، مثل إطلاق النار على مناطق العرب، فتردي منهم مارة ومن يستقلون دراجات نارية أو هوائية. كما تتأخر الحكومة الإيرانية عن تسديد مرتبات العمال لديها، مثل من يقومون بجمع القمامة، وكلما تظاهر هؤلاء، تشن السلطات حملات اعتقال بحقهم، ويتم رميهم في السجن سنوات بلا محاكمة، وإن خضعوا لمحاكمات، فغالبا ما تكون ظالمة، مثل إنزال عقوبة 40 عاما سجن بحق مراهقين بتهمة إحراق صور لخامنئي.

ويمارس النظام الإيراني سياسة تهجير وتغيير ديموغرافي ممنهجة بمنعه العرب من بناء سكن بإحجامه عن منحم تراخيص بناء، ويقوم بهدم مساكنهم بحجة بنائها بصورة غير شرعية في أراضيهم المصنفة زراعية لا سكنية.

ما الذي ينقص عرب عربستان حتى لا يتضامن معهم العرب والعالم ويجعلوا من قضيتهم قضية مركزية؟ عرب عربستان هم من الأقدم في التاريخ، أما مملكتهم التاريخية، ميسان، فعاشت 350 عاما حتى انتهت في العام 222، ميلادية ما يجعلها ثاني أطول مملكة عمرت في التاريخ العربي، بعد الخلافة العباسية التي عاشت 509 سنوات كانت آخرها في 1258 ميلادية.

وفي ميسان، كانت أولى عواصم العرب، المحمّرة، التي تسميها إيران اليوم خرمشهر، وكان اسمها شاراكس في الماضي السحيق، أسسها الصافين في العام 127 قبل الميلاد، وتوالى على حكمها أكثر من 20 ملكا من العرب، كانت أسماء كثيرين منهم المتيم بالله، وهو موازي لاسم عبدالله اليوم. مملكة ميسان هذه حكمت الخليج العربي، على ضفتيه، وصولا إلى شبه جزيرة عمان، حيث تم العثور على نقود ميسانية في أم الدور، في إمارة أم القيوين الإماراتية. 

وكان الميسانيون شركاء عرب آخرين في الحضر وتدمر والنبط في تحالف تجارة دولي كان عابرا للقارات بين الهند والبحر الأبيض المتوسط، وهو التحالف الذي كان يفيد من رحلتي الشتاء والصيف المرتبطتين باتجاه الرياح الموسمية فوق المحيط الهندي من والى الهند. 

بعد ضم عربستان، قامت طهران بمحاولات لتعديل الرواية التاريخية، وأذاعت أن عرب عربستان وبوشهر وهرمزكان هاجروا إلى هذه المحافظات (التي تشكل ساحل إيران على الخليج) في القرن السابع عشر، وهذا غير صحيح، فهؤلاء العرب يسكنون ضفتي الخليج وجزره منذ ما قبل الميلاد، ودلائل الحفريات تثبت سكن العرب جزر فيلكا الكويتية، ودلمون (أي البحرين)، وخرك الإيرانية — حيث القبور التدمرية والمسيحية النسطورية العربية — وجزر الطنب وأبو موسى، التي انتزعتها إيران من الإمارات في 1970. كلها جزر عربية، فالخليج عربي، ينبثق من بحر العرب، ويسكن ضفتيه وجزره عرب. حكمه الفرس في سني حكمهم للعرب في العراق والجزيرة في أيام البارثيين والساسانيين، لكن لا الجزيرة فارسية، ولا العراق فارسي، ولا الخليج فارسي، بل كلها عربية.

يعيش عرب إيران، وهم السكان الأصليون في مناطقهم، ظروفا صعبة، ويعانون من تمييز حكامهم الفرس ضدهم، ويعانون من الاضطهاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. هؤلاء عرب أقحاح منذ الزمن السحيق، ولا يستحقون ظلم الفرس ولا تجاهل العرب والعالم لهم، وهو ما يطرح الأسئلة التالية: أين حركات التحرر العربية؟ أين "جيش الإنقاذ العربي"؟ أين البطولات؟ أين حملات المقاطعة ونصرة أخواننا في عبادان والفلاحية؟ أين القصائد؟ أليست الأحواز عروس عروبتكم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق