الثلاثاء، 2 مارس 2021

10 سنوات على «الجرائم الجماعية» في سورية: تقارير أممية وندوات... وإدارة بايدن «صامتة»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في الذكرى العاشرة للثورة السورية، التي يعتقد النشطاء أنها انطلقت على اثر تظاهرة في منطقة الحريقة في دمشق في منتصف مارس 2011، تنهمر على العاصمة الأميركية تقارير حول جرائم الحرب ومعتقلات نظام الرئيس بشار الأسد، في وقت يقيم الناشطون السوريون الأميركيون، سلسلة من النشاطات لتسليط الضوء على الكارثة الانسانية المعروفة بالأزمة السورية، والتي تشير التقديرات الى أن عدد ضحاياها تعدى نصف المليون، وأن عدد اللاجئين الفارين من أعمال العنف وغياب الاستقرار، تعدى الخمسة ملايين. 
أهم التقارير عن سورية هذا الشهر، هو الصادر عن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والذي أشار الى أن عشرات الآلاف ما زالوا معتقلين في سجون النظام في ظروف سيئة، ويتعرضون للتعذيب. 
وعلّق على التقرير باولو بانهيرو، رئيس «لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول الجمهورية العربية السورية»، وقال إن العقد الماضي شهد «موجات متقلبة من حملات الاعتقال التعسفي على اختلاف أنواعها... من اعتقالات جماعية للمتظاهرين في الأيام الأولى، إلى الاعتقالات الجماعية للرجال والنساء والأطفال اليوم».
وأضاف أنه في كل موجات الاعتقال هذه، «كان هناك ثابت واحد»، وهو أن «عشرات الآلاف من الأشخاص في سورية محرومون بشكل غير قانوني من حريتهم». 
وحسب رئيس اللجنة الأممية، التي رفضت دمشق التعاون معها، «كان الاعتقال التعسفي من قبل القوات الحكومية للمعارضين السياسيين والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان والمتظاهرين سبباً جذرياً للنزاع، ثم بدأت الجماعات المسلحة ومنظمات مثل هيئة تحرير الشام وداعش، المصنفة إرهابية من قبل الأمم المتحدة، بحرمان الناس من حريتهم، وارتكاب انتهاكات شنيعة ضدهم، غالباً بدوافع طائفية».
وتابع المسؤول الأممي أن «المعتقلين السابقين الذين عاشوا ليصفوا ظروف الاحتجاز البغيضة (تحدثوا عن) عدم رؤية ضوء النهار لأشهر عدة، وعن شرب مياه غير نظيفة، وأكل طعام متعفن». 
وأضاف أن «مئات المحتجزين يتشاركون في زنزانة واحدة مكتظة بلا مرحاض، ويضطرون إلى النوم جالسين، ولا رعاية طبية لهم، (ثم) عند إطلاق سراحهم، بدا العديد منهم هزيلين وعلى شكل هياكل عظمية». 
وقال بانهيرو إن المعتقلين السابقين «يصفون التعذيب بأنه يتضمن ضرباً وصعقاً بالكهرباء، وخلع الأسنان، والإجبار على التعليق من طرف أو طرفين، أو الطي في إطار سيارة، أو التقييد لفترات طويلة أثناء الضرب مرة أخرى، فضلاً عن اجبار المعتقلين على كتابة اعترافات قسرية، أو التوقيع على وثائق لم يُسمح لهم حتى بقراءتها، كما تعرضت النساء والرجال والفتيات والفتيان الذين تقل أعمارهم عن 11 عاماً للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي». 
وختم أن «مصير عشرات الآلاف ممن اختفوا على أيدي القوات الحكومية لا يزال مجهولاً»، وأن «مئات الآلاف الأسر مازالت تبحث عن أحبائها، في وقت تعمد الحكومة والأطراف الأخرى الى إطالة معاناة الأهل... وإخفاء الجرائم المرتكبة في مرافق الاحتجاز... كما يُظهر تحقيقنا في المقابر الجماعية». 
في سياق متصل، أجرى الباحث في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» كينيث روزن، مقابلة مع مسؤول في أجهزة أمن النظام حول عمليات الابتزاز التي يتعرض لها المواطنون لزيارة أقاربهم المعتقلين أو تسديد رشاوى للإفراج عنهم». 
وقال المسؤول، الذي لم يكشف عن اسمه، إنه «يتم القبض على ابنك، فتبحث عن الضابط في الفرع الذي تعتقد أن ابنك موجود فيه، ثم تتصل بهم وتسأل عن ابنك، فيقول لك الضابط إنه سيبحث عن الابن للحصول على معلومات». وتابع المسؤول: «ثم يأتي الضابط إليك ويقول إن الضابط فلان يعرف مكان إبنك، أو ما الذي يريده، أو ما الذي سيطلق سراحه، ويريد هذا القدر من المال لتزويدك بالمعلومات، ويقول لك إنه بمجرد أن تدفع لي، يمكنني نقل المال له». 
هكذا، تدفع الأسرة «للضابط الأول الوسيط، الذي يأخذ المبلغ المقطوع، ويسلم البقية إلى الضابط المسؤول. ثم تكتشف الأسرة مكان ابنها أو يتم خداعها، فتقول مخابرات القوات الجوية إن الابن هنا، لكن المخابرات العسكرية تقول إنه هناك، وتضيع الفلوس من دون الافراج عن فرد الأسرة».
وحسب المقالة، تراوح تعريفات رشوة الزيارة بين 20 و300 دولار، فيما تصل رشوة الإفراج عن المعتقل إلى نحو 20 ألف دولار. وكانت «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا» أصدرت تقريراً مشابهاً، ذكرت فيه أن النظام السوري «يستخدم عمليات الاخفاء القسري والاعتقال كوسيلة لجني ومراكمة الثروات، وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية وقادتها والنافذين في حكومته وبعض القضاة والمحامين». 
وأجرى التقرير 508 مقابلات مع عائلات، مختفين قسراً منذ خريف العام 2018. واعتبر أن 2012 كان «عام الاختفاء القسري في سورية»، وأن «الجيش العربي السوري مسؤول عن أكثر من ثلث حالات الاختفاء القسري التي حصلت في البلاد، تليه شعبة الأمن العسكري بنحو 19 في المئة، ثم إدارة المخابرات الجوية وشعبة الأمن السياسي بحدود خمسة في المئة»، وأن أكثر عمليات الاختفاء القسري حصلت في محافظة دمشق، تليها محافظة ادلب، وأن سجن صيدنايا«هو المكان المفضل لدى النظام لممارسة عمليات الاختفاء القسري». 
ويعتبر التقرير أن «آخر مشاهدة لأكثرية المختفين كانت في مراكز احتجاز تابعة لوزارة الدفاع، مما يجعلها المسؤول الأول عن حالات الاختفاء القسري، كما تمت مشاهدة أكثر من نصفهم في مراكز تابعة للشرطة العسكرية، حيث يتصدر سجن صيدنايا رأس القائمة في مراكز الاحتجاز المسؤولة عن الاختفاء القسري، وهو مسؤول عن أكثر من 80 في المئة من هذه الحالات». 
في هذه الأثناء، تواصل واشنطن تسليط الضوء على الأعمال الوحشية في سورية عبر الفعاليات والندوات، والتي ينظم أهمها، منتصف مارس الجاري،«متحف المحرقة اليهودية (الهولوكوست) في واشنطن»، حيث من المتوقع أن يتحدث فيها أعلى أربعة مشرعين في الكونغرس في اللجان المعنية بالسياسة الخارجية، وهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الديموقراطي روبرت مينينديز، وزعيم الأقلية الجمهورية في اللجنة السيناتور جايمس ريش، وكذلك رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الديموقراطي غريغوري ميكس، وزعيم الأقلية الجمهورية في اللجنة مايكل ماكول. 
والى هذا الحشد الكونغرسي رفيع المستوى في الندوة التي ستحمل عنوان «10 سنوات على الجرائم الجماعية في سورية: عقد من معاناة المدنيين»، سيتحدث كذلك عضو الكونغرس الجمهوري آدم كيزينغر، وهو رئيس كتلة «أصدقاء سورية حرة ومستقرة وديموقراطية». 
كل هذه الفعاليات تجري في العاصمة الأميركية في وقت لم يصدر عن أي من العاملين في ادارة الرئيس جو بايدن أي تصريحات حول الموضوع السوري. حتى بايدن نفسه لم يسبق أن تطرق للموضوع، لا كمرشح ولا كرئيس، وهو ما يحير غالبية المتابعين في واشنطن حول ما الذي يجري في خلد المسؤولين الأميركيين حول الأزمة المستمرة منذ عقد من دون انقطاع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق