الخميس، 8 يوليو 2021

«تشاتام هاوس» البريطاني: «حزب الله» لا يسعى للإصلاح في لبنان

واشنطن - من حسين عبدالحسين

اعتبرت دراسة أصدرها «تشاتام هاوس»، وهو مركز أبحاث مقره لندن، أن «حزب الله» هو المنظمة السياسية الأكثر نفوذاً في لبنان، وأنه يتمتع بشرعية داخل الدولة، ومع ذلك لا يخضع لأي مساءلة من مؤسسات الدولة ولا يتحمل المسؤولية الكاملة تجاه الشعب اللبناني.

وجاء في دراسة لمديرة قسم الشرق الأوسط في المركز لينا خطيب، وهي من أصل لبناني، أن «التمسك بالقوة من دون مسؤولية هو أمر مثالي لحزب الله»، وأنه على الرغم أن «من الناحية النظرية، يمتلك الحزب القدرة العسكرية على الاستيلاء على السلطة في لبنان بالقوة، لكن ليس من مصلحته القيام بذلك» لأن «قوة حزب الله لا تتحقق من خلال الإكراه المطلق، بل أن الحزب عزز سيطرته من خلال اتفاقيات مع الزعماء ومن خلال الاستفادة من نقاط الضعف في نظام الدولة اللبنانية».

وقدمت الدراسة «الطرق المختلفة» التي يسيطر بها «حزب الله» على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وكيف يسمح «النظام السياسي في لبنان لحزب الله والجهات الفاعلة الأخرى بممارسة السلطة دون مسؤولية أو محاسبة، واعتبرت أنه على الرغم من أن «حزب الله يستخدم خطاب مكافحة الفساد، إلا أن ساسته لم يستخدموا نفوذهم لدفع الإصلاحات من أجل إصلاح نظام الدولة، وهو نظام يناسبهم» بوضعه الحالي.

وقالت الخطيب إن الأحزاب الحاكمة الأخرى «تستغل التحالف مع الحزب كما تستغل بعض نقاط الضعف نفسها في النظام اللبناني»، من بينها «التراخي في التمويل والتشريعات وتدابير العقود العامة»، وذلك لمصلحة هذه الأحزاب.

لكن على عكس الأحزاب الأخرى، «فإن حزب الله قادر على الحفاظ على اليد العليا في السيطرة على حلفائه السياسيين لتوسيع نفوذه بشكل غير مباشر»، وهو ما يعني أن «الحزب يبرز بين جميع اللاعبين السياسيين بسبب سيطرته الفعلية على حدود لبنان مع سورية». كما يبرز مدى استخدام الحزب لمرفأ بيروت، حسب الخطيب، «لنقل المخدرات والأسلحة والمواد المتفجرة داخل لبنان وخارجه، من دون أي رقابة حكومية على عملياته، أو تفتيش مواقع يسيطر عليها».

ورأت الدراسة أن شرعية «حزب الله» جاءت من البيانات الوزارية المتعاقبة منذ عام 2008، وهي بيانات أعطت الحزب حقاً استثنائياً في امتلاك واستخدام السلاح تحت ذريعة الدفاع الوطني، من دون تحديد واجباته أو مسؤولياته في المقابل، وهو ما سمح للحزب باستخدام القوة حسب ما يراه مناسباً ومن دون استشارة المؤسسات اللبنانية، ويكون ذلك غالباً بذريعة الأمن القومي.

ويتوسع استخدام «حزب الله» لقوته العسكرية بشكل يختلف عن الأحزاب السياسية الأخرى، إذ إن «أجهزته الأمنية تلعب دوراً مركزياً في قدرة الحزب على السيطرة على مؤسسات الدولة اللبنانية، العسكرية منها أم المدنية».

هذا الوضع الهجين مثالي للحزب ويسمح له بـ «التحكم بلبنان، من دون الخوف من احتمالات نشوب حرب أهلية، أو فرض عقوبات دولية على البلاد»، وهو وضع يتيح للحزب أيضاً «العمل كسلطة أمر واقع في لبنان، من دون الحاجة إلى تلبية احتياجات الشعب».

وفي تقديمها النصح للحكومات الغربية في كيفية التعامل مع الأزمة المستفحلة وسيطرة «حزب الله» على لبنان، اعتبرت الخطيب أن محاولات الحكومات الغربية لتقليص نفوذ الحزب، من خلال التركيز على كبح أنشطته - عن طريق العقوبات مثلاً - «ليست كافية»، وأنه في ظل النظام السياسي الحالي، «لن يكون ممكنا إضعاف قبضة حزب الله على الدولة اللبنانية، من دون الإصلاح الجذري، وهذا بدوره أمر معقد وطويل الأمد، وينبغي أن يقوده اللبنانيون أنفسهم. أما السياسات الغربية الهادفة إلى استقرار لبنان، فعليها العمل من أجل دعم تحقيق اللبنانيين هدف الإصلاح الجذري».

في سياق متصل، دعا الباحث طوني بدران، الحكومة الأميركية إلى ممارسة حق النقض (الفيتو) على تمديد التفويض لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل).

ومن المتوقع أن يصوّت مجلس الأمن، في الأسابيع المقبلة، على تمديد عمل «اليونيفيل» لسنة اضافية، مع ما يتطلب ذلك من تخصيص نصف مليار دولار مطلوبة لتمويل عمل القوة الأممية، وهي أموال تأتي في غالبها من الحكومة الأميركية.

بدران، الذي يعمل في «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات»، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، قال إن «من المستبعد أن يوافق مجلس الأمن، والدول المساهمة في اليونيفيل، على التغييرات الهيكلية اللازمة للقوة حتى تتجاوز العوائق على عملها التي يفرضها حزب الله والسلطات اللبنانية».

عليه، يرى بدران أن «فشل اليونيفيل المستمر في فرض منطقة عمليات خالية من أي أفراد مسلحين وأسلحة لا يتم استخدامها في أنشطة عدائية من أي نوع (حسب نص تفويض القوة الأممية) هو فشل محتوم».

لذلك، يرى الخبير الأميركي أن «الطريقة الوحيدة المقنعة للمضي قدما تقضي باستخدام حق النقض ضد تجديد ولاية اليونيفيل» في أغسطس المقبل.

بعد حل القوة، يمكن «نقل مهمة الارتباط»، أي التنسيق الذي تقوم به بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، إلى مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص بلبنان.

وتشرف «اليونيفيل» على «الارتباط»، الذي يشارك فيه الجيشان اللبناني والاسرائيلي، وهذه إحدى الوظائف التي يشير إليها مؤيدو الإبقاء على القوات الدولية. لكن بدران يرى أن الارتباط لا يتطلب نصف مليار دولار سنوياً لتمويل عمل «طاقم عمل لا يزيد عدد أفراده عن عشرة أشخاص».

ودعا الكونغرس الأميركي إلى «حجب التمويل، في حال مددت إدارة (الرئيس جو) بايدن الوضع الراهن، وجددت تفويض اليونيفيل، التي فشلت في تعزيز المصالح الأميركية».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق