الجمعة، 29 يناير 2010

بارزاني من واشنطن: المطلك لم يتورط في الدماء ولم يستشرنا أحد عند شطب المرشحين

واشنطن - حسين عبد الحسين

قال رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني انه لا يمانع في ترشح اعضاء سابقين في حزب البعث المنحل للانتخابات البرلمانية المقبلة في آذار(مارس) ، شرط ان لا يكونوا متورطين بمقتل عراقيين. وكشف انه لم تتم استشارة السياسيين الكرد في اي مرحلة من مراحل شطب ترشيح مرشحين.

وجاء كلام الزعيم الكردي اثناء حوار عقد في معهد بروكنغز الاميركي في واشنطن مساء الأربعاء، وتكفل رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان فلاح مصطفى الترجمة لبارزاني، الذي تحدث بالكردية.

والتقى بارزاني، بعد الحوار، نائب الرئيس جو بايدن، للمرة الثانية في غضون ثلاثة ايام من زيارة رئيس اقليم كردستان الى الولايات المتحدة.

وقال رئيس إقليم كردستان خلال الحديث مع جمهور ضم وسائل إعلام وباحثين وخبراء «لقد قرأنا اخبار شطب الترشيح مثلكم في وسائل الاعلام... الموضوع لا يتعلق بالنائب الذي طلبت هيئة المساءلة والعدالة شطب ترشيحه صالح المطلك، بل بايجاد معايير عادلة للجميع».

واضاف «بالنسبة للمطلك، لم اسمع انه قام بقتل عراقيين... برأيي طالما يتعهد المرشحون بالولاء للدستور والعملية السياسية فلا ضير من ترشيحهم، وانا شخصيا ليست لدي مشكلة معهم».

واشار بارازني الى دور ايراني في عملية اقصاء بعض المرشحين، وقال «لكل دول الجوار اجندات في العراق، خصوصا ايران». واضاف ان «ايران دولة مهمة، وهي تسعى الى لعب دور اكبر في المنطقة، ولكن الامر يعود الى اميركا واوروبا في السماح لها بلعب دور كهذا».

وعن الانتخابات المقررة في 7 آذار (مارس)، قال انها ستحدث تغييرا في الخريطة السياسية في العراق، مع انه «ليس بمقدور احد من الكيانات المرشحة الحصول على اكثرية المقاعد في البرلمان، مما سيدفع بالضرورة الى مفاوضات لعقد تحالفات وتشكيل الحكومة المقبلة» مشيرا الى ان الاهم في الانتخابات المقبلة هو شفافيتها ونزاهتها والمشاركة الشعبية العالية فيها.

بارزاني اعتبر ان الكتلة الكردية «ستدخل في تحالف لتشكيل الحكومة المقبلة على اساس التزام (الشركاء في التحالف) الاحترام بالدستور»، وخصوصا المادة 140، والتي تنص على ضرورة اجراء استفتاء شعبي لتحديد اذا كان اغلبية سكان مدينة كركوك يؤيدون الانضمام للاقليم الكردي.

واضاف، ردا على سؤال ان كانت الادارة الاميركية قد قدمت له ضمانات ما في شأن المادة 140، ان «الحكومة الاميركية تكرر تأييدها للمادة 140 علنا».

وبالاجابة عن سؤال «العالم» حول اعتراضات زعيم المعارضة الكردية نيشروان مصطفى ضد مضايقات يتعرض لها وانصاره، واذا كانت مشاركة حركة التغيير التي يرأسها نائب طالباني السابق في الانتخابات المقبلة ضمن قائمة مستقلة، ستؤثر سلبا على حظوظ قائمة التحالف الكردستاني، قال بارزاني «هناك فرق بين موقف الاحزاب الكردية، وتحالفاتها، فالاحزاب الكردية كافة تعقد اجتماعا قبل الانتخابات وتعلن تأييدها للامور الاستراتيجية المتعلقة بمصلحة الاقليم، ثم لا مشكلة بعد ذلك ان يعقد كل كيان تحالفاته حسبما يراه مناسبا».

واضاف «في الانتخابات السابقة، لم تكن قائمتنا هي الجهة الكردية الوحيدة، بل كانت هناك احزاب كردية اخرى ترشحت منفصلة».المسؤول الكردي انتقد الحكومة الفيدرالية في شؤون متعددة، وقال ان الكرد يطالبون «باجراء مسح سكاني، فحكومة الاقليم تحصل على 70 في المئة فقط من عائدات النفط المستخرج من الشمال». واضاف «لا نريد ان نبقى تحت رحمة بغداد».

كذلك انتقد عدم تخصيص الحكومة الفيدرالية الاموال لقوات البيشمركة، وقال ان هذه تعمل كـ «حرس الاقليم»، وانها «قانونية بموجب الدستور».

كما انتقد تركيبة الجيش العراقي، وقال ان 48 في المئة هم من الشيعة، و44 في المئة هم من السنة. وطالب بزيادة العنصر الكردي فيه.

وختم البرزاني بالحديث عن العلاقات مع تركيا، وقال ان الحوار جار لحل عدد من المشاكل العالقة والتوصل الى سلام. واجاب عن سؤال لاحد الحاضرين من الكرد الاتراك حول المطلوب من هؤلاء فعله، وقال: «تعاملوا مع الحكومة، ولا تستخدموا العنف حتى لا تخسروا الفرصة المتاحة لتحقيق السلام بين الكرد والحكومة التركية».

الثلاثاء، 26 يناير 2010

البنك الدولي: الكويت في المرتبة الأخيرة من حيث الانفتاح التجاري

واشنطن - من حسين عبد الحسين

اظهر تقرير البنك الدولي الاخير عن «التنمية في منطقة الشرق الاوسط» ان الكويت جاءت في المرتبة الاخيرة لناحية «الانفتاح التجاري». كما لم تبل بلاء حسنا في الحقول الاخرى التي تضمنت «الوصول الى التمويل»، و«ملكية الاراضي»، و«رواتب القطاع العام»، مع انها حلت الخامسة بين الدول العربية الاقل فسادا، وفي طليعة الدول الى جانب لبنان وقطر المستفيدة من رأس المال البشري المستورد.

وورد في التقرير الذي نشره البنك يوم الجمعة الماضي ان «خفض التعرفة الجمركية في دول منطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا، بين العامين 2000 و2007، تصدرت الخفوضات في بقية مناطق العالم كافة».

واورد التقرير رسما عن «التحسن في الانفتاح التجاري»، ظهرت فيه كل من مصر ولبنان والاردن في المراتب الثلاث الاولى، فيما حلت الكويت في المرتبة الاخيرة.

واعتبر التقرير ان الكويت «تحاول البناء على نجاحات امارة دبي في تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط»، ولكنه اشار الى ان الكويت هي واحدة من ثلاثة دول الى جانب السعودية والامارات ممن ما زال القطاع العام يلعب حيزا كبيراً في اقتصاداتها، على عكس بقية دول المنطقة.

وقال التقرير ان القطاع الخاص يمسك بنحو 80 في المئة من «اجمالي الناتج المحلي» في دول المنطقة، على غرار معظم الدول النامية في أوروبا الشرقية وآسيا، باستثناء الكويت والسعودية والامارات، حيث يمسك القطاع الخاص بنحو 60 في المئة او اقل من اجمالي الناتج المحلي.

واستندت وثيقة البنك الدولي، في موضوع الفساد، الى تقرير «منظمة الشفافية العالمية» للعام 2007، والذي تظهر فيه الكويت الخامسة بين الدول العربية الاقل فسادا، وفي المرتبة الستين عالميا، على الرغم من ان تقرير منظمة الشفافية للعام 2009 اظهر تراجعا كويتيا الى المرتبة الثامنة عربيا والسادسة والستين عالميا.

التقرير اعتبر ان «الاختراق في القطاع المصرفي» منخفض عموما في المنطقة، وظهرت الكويت في المرتبة الخامسة بعد لبنان والبحرين والاردن، وتساوت مع ايران، في عدد المصارف وفروعها المتوفرة لكل 100 الف من السكان، والتي بلغت ثمانية في الكويت، مقارنة بـ 18 في لبنان.

وعن ملكية الاراضي، ورد في التقرير ان «في الجزائر ومصر وايران والكويت والمغرب وسورية واليمن، تؤذي الملكية العامة للاراضي الصناعية تنمية الاعمال، وتفصل عرض الاراضي عن طلب السوق، فتخلق نقصا في الاراضي المتوفرة للاعمال، وتضع اسعار خاطئة لهذه الاراضي...»

وفي الرسم الذي اظهر مقارنة بين «الرواتب في القطاع العام نسبة لاجمالي الناتج المحلي» جاءت الكويت في المرتبة الثانية، بعد الاردن، اذ بلغ حجم رواتب القطاع العام 16 في المئة من الناتج المذكور. يذكر ان البنك الدولي اعد دراسة خصيصا في هذا المضمار من اجل «ترشيد» الانفاق العام على وظائف الدولة وتوحيدها مع القطاع الخاص، الا ان مقترحات الدراسة ما زالت قيد التداول.

الأحد، 24 يناير 2010

حسين عبد الحسين : موقع فضائية العراقية... مثلا

ينحصر وضع العراق، من وجهة نظر مغترب، بالمواقع الالكترونية. معظم هذه المواقع، التابعة للدولة العراقية منها خصوصا، تشي بان البلاد لم تستوعب، حتى اليوم، الا النذر اليسير من الديمقراطية.

بيد ان الاسوأ بين المواقع الرسمية، من دون منازع، هو موقع تلفزيون "العراقية"، اذ على الرغم من ان "سلطة الحكم المؤقتة" – التابعة للحاكم الاميركي السابق بول بريمر – انشأت في حينه ما عرف لاحقا بـ "شبكة الاعلام العراقي"، على غرار "مجلس امناء البث" الذي يشرف على الاعلام الاميركي الممول من الكونغرس، الا ان التجربة الاعلامية الرسمية العراقية بقيت بعيدة كل البعد عن مبدأ الاستقلالية.

ولان تقييم عمل زملائنا من الصحافيين العاملين في "العراقية" يجافي اصول المهنة، فسنقوم بحصر تقييمنا بالموقع الالكتروني فقط.

لقد دأب الموقع المذكور على نشر اعلانات دينية فيها شعارات مثل "من كنت مولاه، فهذا علي مولاه"، او "السلام على ساقي عطاشى كربلاء"، مع صور دماء ومقاتلين من العصور الوسطى. للوهلة الاولى، يخال المتصفح ان الاعلانات تعود لبرامج او افلام وثائقية مقرر بثها، او انها اعلانات مدفوعة من قبل جمعيات دينية، الا ان المفاجأة تكمن في ان هذه الاعلانات هي مادة ترويجية تقوم بها القناة نفسها. هنا، سيجد العراقيون انفسهم امام خيارين: الاول اعتبار ان موقع "العراقية" يروج للاديان المختلفة التي يعتنقها العراقيون، مثلا نفتح الموقع في ذكرى صلب المسيح وقيامته، حسب اعتقاد المسيحيين العراقيين، فنرى اعلانا عليه صليب وكتب تحته "المسيح قام، حقا قام". اما الخيار الثاني فمبني على اعتبار ان موقع "العراقية" منحاز ويروج لمذهب الشيعة، من دون اديان العراقيين الباقين كائنا من كانوا.

في الاعتبار الاول، اي ان يقوم موقع التلفزيون الرسمي العراقي ببث اعلانات دينية للطوائف كافة، سيشكل ذلك عملية مضنية لكثرة الطوائف ومناسباتها. ثم ان مناسبات السعادة لدى بعض الطوائف، مثل رأس السنة الهجرية، تصادف مناسبات حزن لدى طوائف اخرى، وهذا سيخلق اختلافاً حتمياً.

ولان المتابع للموقع سيلاحظ حتما انه يروج لمذهب الشيعة فقط، وهذا انحياز ممول من الخزينة العامة للدولة، فان الوضع يحتاج الى تصحيح. هكذا تصحيح لا يعني اننا ضد معتقدات المذهب الشيعي او اننا ضد المواقع الخاصة التي تروج لها، بل يعني اننا نؤيد معتقدات جميع الاديان القائلة بالعدل والامانة، وعدم انفاق المال العام من اجل معتقد خاص بجماعة دون اخرى.

ولاننا نؤمن بواجب المواطن لفت نظر الموظف العام الى اخطاء الدولة، كما هو الحال في الدول الديمقراطية التي نقيم فيها، قمنا منذ اشهر بمراسلة موقع تلفزيون "العراقية" على عنوان "المفتش العام"، الموجود على الموقع نفسه. وحتى اليوم، لم نلق اي جواب، وهذا بحد ذاته ضد اعراف الشفافية في اي ديمقراطية، اذ لم الاعلان عن بريد الكتروني للشكاوى مصيرها سلة المهملات؟

المواقع الرسمية الاخرى، اي التي تمولها الاموال العامة العراقية ايضا، لا ترفع شعارات دينية معينة، ولكنها مشغولة بعبادة الفرد، التي ما زالت الاجيال العراقية تتوارثها من حاكم الى حكام من بعده.

في موقع رئاسة الجمهورية، ترى صورة الرئيس جلال طالباني في صلب التصميم، وكأنه ان تم انتخاب خليفة للطالباني يوما ما، سيضطر الفريق الرئاسي القادم الى تغيير التصميم باكمله. اما في موقع رئاسة الحكومة، فتنقسم النرجسية بين رئيس الوزراء نوري المالكي، والامين العام للمجلس علي العلاق.

حتى في موقع وزارة المالية، تسيطر صور وتصريحات الوزير باقر جبر الزبيدي، وكأن الزبيدي قد حاز للتو على جائزة نوبل للاقتصاد.

اما موقع وزارة التربية، فافضل حالا، اذ يكتفي بنشر صورة للوزير خضير الخزاعي، مع نسخة عن سيرته الذاتية على الجهة اليمنى للموقع. ولكنك عندما تقرأ النصوص المختلفة في الموقع – ولان وزير التربية لا يتحدث عادة في شؤون سياسية – تظهر عليك النرجسية وعبادة الفرد مجددا في عبارات على طراز "بتوجيه من معالي الوزير"، اي على غرار الايام "الخوالي"، التي كان فيها في العراق قائد وحيد اوحد يفهم في كل شيء، ولديه تعليمات في كل موضوع.

ان رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، كما الوزراء، هم موظفون في الخدمة العامة، يمنحهم العراقيون الثقة لاتخاذ قرارات لمدة معينة، وللانفاق من المال العام، من اجل الصالح العام، لمدة معينة كذلك، ويتقاضون بدل اتعابهم كرواتب من الخزينة العامة.

كذلك المواقع الالكترونية الرسمية، موجودة بتمويل من المال العام من اجل الخدمة العامة.

ولكن، حتى تخترق هذه الثقافة الديمقراطية عقول العراقيين، مواطنين ومسؤولين، ستبقى المواقع الالكترونية التابعة للدولة مستباحة لهذه العقيدة او تلك، دينية او قومية او اثنية، وستبقى هذه المواقع معرضا لصور هذا الوزير، او تصريحات ذاك الرئيس.

ان المواطنية ليست منة من نائب او وزير او رئيس، بل هي اساس وجود الجمهورية العراقية.

كذلك، فان الرئاسة او الوزارة او النيابة ليست حقا مكتسبا لفلان، وليست "كشخة"، وليس الرئيس او النائب او الوزير من صنف بشري متفوق او من انصاف الالهة كي يتحفونا بتصاريحهم وصورهم وبيانات عن جدول استقبالاتهم المملة، بل هم مواطنون تطوعوا للخدمة العامة، فمنحهم العراقيون الثقة لاجل محدود، وعليهم التفاني في خدمة المصلحة العامة، لا خدمة المواطنين افرادا وقبائل، من اجل الفوز بتجديد الثقة التي يمنحهم اياها المواطن.

من دون الديمقراطية وثقافتها، سيبقى العراق بعيدا عن قيام دولة القانون والمؤسسات كبعد المغتربين عن وطنهم.

* كاتب ومراسل « العالم» في واشنطن

الجمعة، 22 يناير 2010

أوباما يدخل على خط المواجهة بين الديموقراطيين والجمهوريين: اذا كان هؤلاء يريدونها معركة فهي معركة ... أنا مستعد لخوضها

واشنطن - من حسين عبد الحسين

بلغت المواجهة السياسية بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري ذروتها، مع دخول الرئيس باراك اوباما النزاع طرفا من بابه العريض، اذ قال: «اذا كان هؤلاء يريدونها معركة، فهي معركة انا مستعد لخوضها».

ومع ان عبارة اوباما كانت موجهة، في الاساس، ضد زعماء المصالح الاقتصادية الكبرى، وجاءت اثناء ادلاء الرئيس الاميركي بخطابه عن الاصلاحات الاقتصادية، اول من امس، الا انها جاءت على خلفية احتقان سياسي بين الحزبين، ظهر الى العلن ليل الثلاثاء، اثر الهزيمة التي ألحقها المرشح الجمهوري سكوت براون بمنافسته الديموقراطية مارثا كوكلي في الانتخابات الفرعية لملء مقعد السناتور الديموقراطي تيد كينيدي، شقيق الرئيس الاسطوري الراحل جون كينيدي.

الانتصار الجمهوري في انتخابات مجلس الشيوخ الفرعية في ولاية ماساشوستس، ذات الغالبية الديموقراطية الساحقة، كان لافتا، اذ كبد الحزب الديموقراطي خسارة المقعد الذي شغله كينيدي طيلة الاعوام الـ 46 الماضية.

والخسارة الديموقراطية ادت كذلك الى رمي المزيد من التعقيدات في طريق الاقرار النهائي لقانون الاصلاح الصحي، الذي طرحه اوباما، ان لم تكن قد نسفته تماما.

هذه الضعضعة الديموقراطية المفاجئة، بعد عام فقط على دخول الرئيس الديموقراطي الى البيت الابيض، دفعت الاعلام الاميركي الى الاسترسال بالتكهنات عن الاسباب الكامنة خلف ضعف اوباما، وعدم تحقيقه الا النذر اليسير من وعوده الانتخابية، وحتى تضاؤل فرص اعادة انتخابه الى ولاية رئاسية ثانية.

وترافق التراجع الديموقراطي امام الجمهوريين مع بدء تململ داخل صفوف الديموقراطيين انفسهم، خصوصا من اقصى اليساريين من بينهم، فاستعاد هؤلاء، وهم من اوائل مناصري اوباما، تحركاتهم الشعبية من اعتصامات وتظاهرات من اجل اغلاق معتقل غوانتانامو والانسحاب من افغانستان.

ونظمت جمعية «شاهدون على التعذيب» تظاهرة على جادة بنسلفانيا، التي تربط البيت الابيض بمبنى الكابيتول، حيث الكونغرس. وارتدى عدد من المتظاهرين زيا برتقاليا مشابها لزي معتقلي غوانتانامو ووضعوا رؤوسهم داخل اكياس سوداء للاشارة الى مناهضتهم لاي تعذيب للمعتقلين.

ولزيادة الطين بلة في وجه اوباما والديموقراطيين، دخلت المحكمة الفيديرالية العليا، وغالبية قضاتها ممن عينهم رؤساء جمهوريون، على خط المواجهة، واصدرت حكما سمحت بموجبه لاصحاب المصالح المالية الكبرى تمويل عمليات اللوبيات المختلفة، وهو ما يهدد الاصلاحات المالية التي ينوي اوباما ادخالها.

كل هذه العوامل دفعت اوباما الى التخلي عن حذره والسير في مواجهة اختار لبداياتها ان تكون اقتصادية، فأعلن عن نيته اجراء اصلاحات في القطاع المالي. اما رمز المواجهة الرئاسية مع الجمهوريين ومناصريهم من اصحاب المصالح الكبرى، فهو بول فولكر، وهو رئيس «مصرف الاحتياط الفيديرالي» بين الاعوام 1979 و1987.

والمعروف عن فولكر انه ساهم في اخراج الولايات المتحدة من ازمتها الاقتصادية في السبعينات عبر سن عدد من التشريعات، التي وضعت ضوابط على اعمال الشركات المالية الكبرى، خصوصاً البنوك من بينها. وساهمت خطة فولكر، في حينه، في خفض التضخم من 11 الى 3 في المئة.

الا ان الضوابط والتشريعات على القطاع المالي اقلقت الجمهوريين، فقام الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان باستبدال فولكر بالان غرينسبان، الذي يعزو كثيرون الازمة الحالية الى سياساته القاضية بشطب التشريعات، واطلاق يد المصالح المالية.

ومع ان اوباما عين فولكر رئيسا للمجلس الاستشاري «للانتعاش الاقتصادي» في فبراير الماضي، الا انه لم يمنحه صلاحيات حتى يوم اول من امس، في دلالة على نية اوباما البدء بمواجهة الجمهوريين والمصالح الاقتصادية التي تدعمهم.

وفي وقت لاحق، دان اوباما قرار المحكمة العليا الذي يسمح للشركات بتمويل اعمال اللوبيات، ووعد بمواجهة القرار «بمساعدة زعماء الكونغرس من الحزبين».

الأربعاء، 20 يناير 2010

فيلتمان وابرامز: إسرائيل فتحت الباب لسورية للخروج من عزلتها

واشنطن - من حسين عبد الحسين

قال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان، ان عدم تقديم ايران لاجابات عن اقتراحات المجتمع الدولي حول ملفها النووي، لا يعني ان العالم ينتظر، بل انه «يتم استعراض كل الخيارات، في كل الاوقات».

وأكد في جلسة حوارية، عقدها مركز ابحاث هدسون، اول من امس، وجمعته مع نائب رئيس مجلس الامن القومي السابق والباحث حاليا في «مجلس العلاقات الخارجية» اليوت ابرامز، ان ايران تمثل «التحدي الاكبر»، الذي تواجهه الولايات المتحدة في المنطقة. واضاف «ان السؤال، كيف يمكن للمجتمع الدولي التحرك مجتمعا لاظهار العواقب لدولة تتحدى التزاماتها الدولية، وترفض ان تلعب حسب القوانين»؟

فيلتمان اثنى على سياسة الرئيس باراك اوباما حول «الانخراط» مع ايران، وقال: «كان من الواضح ان الرئيس حاول التواصل مع الايرانيين... اليوم، لم تعد النظرة الى الولايات المتحدة على انها هي التي تعرقل الحلول الديبلوماسية للمشكلة الايرانية، بل ان التركيز الدولي ينصب على ايران».

وتابع: «من دون اي شك ان جواب ايران لاقتراح دول الخمس زائد واحد لم يكن مشجعا... بدا الاجتماع في جنيف في اول اكتوبر وكأنه بداية جيدة، ولكن الايرانيين لم يتابعوا في ذلك الطريق، بل تابعوا في طريق العنف وعدم التعاون». وشدد على ان عدم التجاوب الايراني لا يعني ان لاشيء يحصل في هذه الاثناء، بل «في كل الاوقات، يتم استعراض كل الخيارات، وهناك استشارات تحصل مع الشركاء، وهناك تركيز على البعد المتعدد الطرف، وعلى ما الذي سنفعله كي نري ايران العواقب لتجاهلها قوانين اللعبة».

عن العراق، قال فيلتمان ان «على السعوديين، وجيران العراق من العرب الاخرين، ادراك واقع ان العراق الان يتحول الى قوة رئيسية في المنطقة». واضاف: «عندما تنظر الى العراق بعد 10 سنوات من اليوم، عندما تنظر الى العقود التي تتم المفاوضات حولها، عندما تنظر الى واقع النظام الانتخابي، الذي يكون لنفسه تاريخا وتقليدا والذي يضرب جذورا في المجتمع العراقي، سترى ان العراق يصبح قوة رئيسية في المنطقة مرة اخرى».

اما عن سورية، فقال «ان اسرائيل هي من فتحت الباب لسورية للخروج من عزلتها عبر مفاوضات سلام غير مباشرة مع تركيا». واضاف: «ثم قام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي باحتضان سورية، على اعتبار انه قد يؤدي ذلك الى جعل مواقفها اكثر اعتدالا، ثم بالطبع جاء التقارب السعودي - السوري، وهو قد يكون مرتبطا بموقف البلدين من العراق».

وختم فيلتمان بالقول انه يعتبر ان «الانخراط» مع سورية هو احدى الوسائل الديبلوماسية، وهو لا يعني ان واشنطن توافق على السياسة السورية. واعتبر ان نتائج الانخراط مع سورية مازالت «متواضعة في احسن الاحوال» حتى الان. واضاف ان العقوبات التي تستمر اميركا بفرضها على سورية هي نوع آخر من الادوات التي تستخدمها اميركا في تعاطيها مع سورية.

بدوره، اعتبر ابرامز انه كان لدى واشنطن سياسة معينة تجاه ايران، لكن هذه السياسة تغيرت مع «سرقة النظام الايراني للانتخابات الرئاسية في يونيو الماضي، وما نتج عنه من معارضة». واضاف انه «غير سعيد» بتصريحات وزير الدفاع روبرت غيتس ورئيس الاركان الجنرال مايكل مولن، اللذان اعتبرا اي عمل عسكري ضد ايران بمثابة الكارثة. وقال: «حتى لو كانا يعتقدان ذلك، فلماذا يقولانه علنا؟ انظروا الى تصريح (قائد المنطقة الوسطى) ديفيد بترايوس، الذي قال ان لدى الولايات المتحدة خطط للتعامل مع ايران».

وعن سورية، ذكر ابرامز ان سياسة الرئيس السابق جورج بوش «كانت لطيفة، وان سياسة اوباما تشبهها كذلك. ووصف «سياسة الانخراط» مع سورية بانها «عديمة النتائج»، وقال ان رئيس حكومة اسرائيل السابق ايهود اولمرت هو من فتح الباب لسورية للخروج من عزلتها، ووصف سياسة الانفتاح الاسرائيلية تجاه سورية حينذاك بـ «الخاطئة».

فيلتمان لـ ‹‹العالم››: قلنا لبغداد إن اجتثاث المرشحين مجازفة بشرعية الانتخابات

واشنطن - حسين عبد الحسين

عشية الزيارة المرتقبة لنائب الرئيس الاميركي جو بايدن الى العراق، اكد مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان ان الولايات المتحدة «تعتقد ان الانتخابات العراقية يجب ان تكون شاملة» للمرشحين كافة، واعتبر في سياق آخر انه «على السعوديين وجيران العراق ان يدركوا ان العراق الان يصبح قوة رئيسة في المنطقة».

«العالم» تحدثت الى فيلتمان وهو مساعد رفيع للوزيرة هيلاري كلينتون، على هامش حلقة حوارية عقدها مركز ابحاث هدسون في واشنطن، اول امس.

وسبق لنائب الرئيس الاميركي ان اجرى اتصالا الاثنين الماضي مع كبار المسؤولين في بغداد، وأبلغهم ان واشنطن «لا تثق» بقرار هيئة الاجتثاث حرمان المئات من المرشحين بزعم ارتباطهم بحزب البعث المنحل، خاصة وأن القرارات شملت شخصيات بارزة مثل وزير الدفاع الحالي عبد القادر العبيدي، وزعيم جبهة الحوار صالح المطلك.

وتابع فيلتمان «نحن نعتقد ان الحق يعود للناخبين في الاختيار من بين المرشحين... بشكل عام، نحن نؤيد الانتخابات الشاملة».

واضاف «لقد كان نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي هنا في واشنطن الاسبوع الماضي، وسمع من مسؤولي ادارة (الرئيس باراك) اوباما، على ارفع مستوى، عن نوع الانتخابات الشاملة التي نعتقد انها تكون ذات مصداقية وشفافية».

وقال المسؤول الاميركي «اعتقد اننا رأينا نائب الرئيس بايدن فعالا في الانخراط (مع المسؤولين العراقيين) على مدى اليومين الماضيين... حتى الامم المتحدة، مدير يونامي (اد ملكرت)، اوضح (الموقف) للعراقيين».

لكن فيلتمان يبدو متفائلا حيال زيارة بايدن المرتقبة والحوارات التي سيجريها في بغداد، فبناء على النصائح الاميركية والاممية، يعتقد مساعد الخارجية الاميركية ان «السياسيين العراقيين باتوا ينظرون الى الموضوع بطريقة مختلفة».

وتابع «هناك مجازفة بأن لا يتبنى عراقيون هذه الانتخابات (في حال عدم شموليتها)... هذه مجازفة حقيقية، ولكننا نعتقد ان القيادة العراقية باتت تنظر الى الموضوع في الاتجاه الصحيح الان».

وحول العلاقة المتأزمة بين العراق وبعض دول الجوار مثل السعودية، قال فيلتمان «لا اعتقد اني افصح عن سر من اسرار الدولة حينما اقول اننا شجعنا، تحت ادارة (الرئيس جورج) بوش وادارة الرئيس باراك اوباما، السعوديين وجيران العراق من العرب الاخرين، بادراك واقع ان العراق الان يتحول الى قوة رئيسة في المنطقة».

واضاف «عندما تنظر الى العراق بعد عشر سنوات من اليوم، عندما تنظر الى العقود النفطية التي تتم المفاوضات حولها، عندما تنظر الى واقع النظام الانتخابي، الذي يكون لنفسه تاريخا وتقليدا والذي يضرب جذورا في المجتمع العراقي... سترى ان العراق يصبح قوة رئيسة في المنطقة مرة اخرى».

وقال الديبلوماسي الاميركي متوجها الى دول المنطقة «نحن نعتقد انه في مصلحة الجميع ان يفهموا ذلك، وان يبدأوا بالتعامل ايجابيا مع الحكومة العراقية».

لكن فيلتمان استدرك «انا لا اتحدث هنا عن الاشخاص الموجودين في الحكومة العراقية حاليا او من ليسوا في الحكومة، انا اتحدث عن مستقبل منطقة الخليج الذي سيتضمن عراقا مستقرا وآمنا ومعتمدا على نفسه».

وحذرت العديد من التقارير الاميركية من ان خطط اوباما للانسحاب من العراق قد تتلكأ بسبب تداعيات شطب مئات المرشحين، او احتمالات استئناف العنف الطائفي، كما دعا مسؤولون اميركان وجهات دولية الى مراعاة الجو السياسي العام ومتطلبات المصالحة الوطنية خلال تطبيق قوانين الاجتثاث او المساءلة والعدالة

الأحد، 17 يناير 2010

مسؤول أميركي: إسرائيل ستقصف أهدافا في دمشق في حال سلمت «حزب الله» صواريخ «اس ايه 2»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

«لن تندلع الحرب بين لبنان واسرائيل في المستقبل المنظور، الا اذا تجاوزت سورية الخطوط الحمر المتفق عليها»، حسب مسؤول اميركي رفيع المستوى، طلب عدم ذكر اسمه.

كلام المسؤول جاء في سياق سؤال توجهت به «الراي» حول التصعيد الكلامي بين لبنان و«حزب الله»، والمناورات العسكرية الاسرائيلية المقبلة على الحدود مع لبنان.

وقال المسؤول الاميركي ان «حرب يوليو 2006 ساهمت في تحويل الوضع الامني في الجنوب اللبناني الى ما يشبه هضبة الجولان» السورية المحتل، والذي «يتمتع بهدوء تام منذ توقيع اتفاقية وقف اطلاق النار بين اسرائيل والرئيس السوري الراحل حافظ الاسد في العام 1974». واضاف: «منذ انتهاء الحرب، ترصد الاستخبارات الدولية كافة، اضافة الى مراقبي الامم المتحدة، تهريب للسلاح من سورية الى حزب الله في لبنان، حتى ان سورية لا تتنصل من هذه التقارير في معظم الاحيان».

الا ان «تهريب السلاح»، حسب المسؤول، يبقى ضمن الخطوط الحمر «المتفق عليها بين اسرائيل وسورية». ويقول ان الخطوط بين دمشق وتل ابيب لم تنقطع «حتى في ذروة حرب يوليو 2006، حينما ارسل السوريون رسائل استعداد للسلام ورفض دخول الحرب الى جانب حزب الله».

وتابع: «هناك عدد من المسؤولين الاسرائيليين ممن اعلنوا هذه الاتصالات على الملأ، وممكن ان تتوجهوا اليهم للمزيد من التأكيد».

ويقول: «في موضوع تسليح حزب الله، ما يهم اسرائيل هو عدم تسليم سورية للمنظمة اللبنانية صواريخ اس ايه 2، وهي صواريخ ارض - جو موجهة من مركز للقيادة». واضاف: «اذا ما سلمت سورية هذه الصواريخ، فإن حربا ستندلع من دون شك، وستقصف اسرائيل اهدافا في دمشق هذه المرة».

وسألت «الراي» المسؤول عن مدى «تهديد» هذه الصواريخ للمقاتلات الاسرائيلية في حال اندلاع الحرب، فاجاب: «هذه صواريخ سام 2... في العام 1982، دمرت اسرائيل 17 بطارية صاروخ سام 7 سورية، وعطلت اثنين. ان سلاح الجو الاسرائيلي قادر على تجاوز هذه الصواريخ المضادة للطائرات». واضاف: «في صيف 2007، اجرى سلاح الجو الاسرائيلي جولات تجريبية في اليونان في مواجهة منظومة اس 300 الروسية، وهي توازي سام 20، على افتراض ان روسيا قد تزود ايران هذه الصواريخ، لكنها لم تفعل ذلك».

وسألت «الراي» كذلك عن الاسباب المحتملة خلف التخوف الاسرائيلي من صواريخ ارض جو وضعت في الخدمة في 1957، فرد: «هذه الصواريخ بامكانها اسقاط عدد كبير من الطائرات الاسرائيلية غير المقاتلة مثل الطائرات من دون طيار». واضاف: «التقارير الاستخباراتية تشير الى ان السوريين سمحوا لعناصر من حزب الله بالقيام بدورات تدريبية في سورية من اجل استخدام منظومة اس -2، الا ان تل ابيب كررت تحذيرها لدمشق من مغبة تزويدها الصواريخ لحزب الله».

ويستطرد المسؤول الاميركي: «لا حرب بين اسرائيل وحزب الله من دون دخول هذه الصواريخ الى لبنان، او من دون اعتداء من قبل حزب الله على اسرائيل، عبر الحدود الدولية، كما في 2006».

وبالاجابة عما يجعل المسؤول يجزم بأن «حزب الله» لن يبادر الى عمل عسكري من نوع او من آخر ضد الاسرائيليين، يقول: «هناك نوع من الحسرة لدى حزب الله اثر حرب 2006، حتى لو كان يعلن عكس ذلك، فحرب 2006 كشفت انه حتى مع اتخاذ مزارع شبعا كعذر لاستمرار العمل العسكري، الا ان هذا العذر لا يبرر امام اللبنانيين عموما ومؤيدي حزب الله خصوصا حرب شاملة مع اسرائيل، بل عمليات محصورة النطاق في محيط المزارع تبرر احتفاظ حزب الله بسلاحه».

اليوم، حسب المسؤول، «ينصب اهتمام حزب الله على العودة الى الموقف الذي كان سائدا حتى 11 يوليو 2006، وهو كان يعترف بعمل عسكري محدود للحزب في منطقة المزارع، وكان مبني على قرارات اممية غير 1701». ويوضح «ان التكتيك السياسي الحالي لحزب الله والسوريين، من خلال وزارتي الخارجية اللبنانية والسورية، هو العودة الى تفاهم ابريل 2006، معطوفا على قرار مجلس الامن الرقم 425، فهذان الاثنان، اعطيا الحزب حق العمل العسكري بشروط، اما اليوم، فلا شروط، واي استفزاز يقوم به حزب الله سيقابله الاسرائيليون بحرب شاملة وموجعة، وعامة اللبنانيين يرفضون هكذا حرب في غياب احتلال اسرائيلي فعلي لهم كما في 1996... اذن فالمعادلة الحالية لا ترضي الحزب، لكنها لا تدفعه الى الحرب ولا تدفع اسرائيل الى الحرب كذلك».

«الراي» لفتت نظر المسؤول الى ان «السياسة الرسمية اللبنانية متمسكة بالقرار 1701»، فاجاب: «لكن وزير الخارجية اللبناني (علي الشامي) يصدر اوامر شفوية للديبلوماسيين اللبنانيين في العواصم الغربية بالتشديد على 425». عنصر ثالث، غير وضع «حزب الله» الحرج بين مطرقة سخط لبناني من حرب شاملة وسندان الغياب التام عن العمل العسكري، يقول المسؤول الاميركي ان «اسرائيل ارتكبت خطأ في العام 2006 بابقائها سورية خارج الحرب».

واضاف «ان سياسة الردع الاسرائيلية، التي استنبطها ارييل شارون حينما كان وزيرا للخارجية في حكومة (رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو في التسعينات، مبنية على انزال عقوبة اكبر بكثير من الفعل نفسه، وهكذا، رأينا شارون يعطي الاوامر بهجوم على رادار سوري في لبنان، او بتحليق المقاتلات الاسرائيلية فوق القصر الرئاسي السوري».

المسؤول يعتقد ان اسرائيل استعادت هذه السياسة، وفي حال «اي تحرش من قبل حزب الله باسرائيل، لن تبقى دمشق خارج ردة الفعل الاسرائيلية».

لكل هذه الاسباب، وباستمرار هذه المعطيات والظروف، يعتقد ان لا حرب مقبلة بين لبنان وسورية واسرائيل، «وهو ما يدفع حزب الله الى الاكثار من حربه في الاعلام لتعذرها في الواقع، وردة الفعل الاسرائيلية مشابهة لفعل حزب الله، وهي عبارة عن تصعيد اعلامي لا غير».

حسين عبد الحسين : العراق بين بيروت وأبوظبي

يندر ان تعطي الاقدار الشعوب فرصا للخروج من ازماتها واعادة تكوين نفسها بصورة افضل من سابقتها.

اما العراق، فاستثناء. طبعا لا مجال هنا للعودة بالحديث عن الظروف التي رافقت الحرب الاميركية، ولكن ما حصل قد حصل، ووجد العراق نفسه في المحصلة النهائية امام فرص متعددة سياسية وامنية واقتصادية.

في السياسة، تعثر العراقيون. انفقوا اوقاتا طويلة في تشكيل مجلس الحكم ثم الجمعية العامة ثم خليفتها مجلس النواب. لم يكن التأخير السياسي مجانيا، بل دفع العراقيون ثمن المشاجرات السياسية انهيارا امنيا مريبا، استمر لسنوات ما بعدها سنوات.

لكن السياسيين توصلوا في خاتمة المطاف الى حلول، او اشباه حلول. مقعد نيابي هنا، وآخر وزاري هناك، وتبويس لحى وتكاذب والتفافات ونفاق... ووصل العراق الى تكوين نوع من السلطة السياسية.

ومع استتباب السلطة السياسية، وبعزيمة اميركية ونية شعبية عراقية، وصل العراق الى افضل حالاته الامنية، وهي بدرجة مقبول. هذا كله جيد.

الا ان السيىء في اعادة تكوين السلطة السياسية في العراق يكمن في استيراد النموذج اللبناني، الذي ما فتئ يولد الازمة تلو الاخرى في بلد لم يعرف الاستقرار منذ استقلاله في العام 1943.

طبعا لبنان هو الاقرب الى النماذج الديموقراطية المعروفة، ولكنه بعيد كل البعد عن الديموقراطية الصحيحة. فاللبنانيون يطلقون على نظامهم اسم الديموقراطية التوافقية، وهذا خطأ، اذ ان الديموقراطية تعني حكم الاكثرية، فيما التوافق يعني موافقة كل طرف سياسي في البرلمان على كل موضوع مطروح للنقاش. وفيما الديموقراطية تحسم الامور، فان التوافق يعقدها بل يساهم في شل الحكم على غرار الشلل المستدام لدى الدولة اللبنانية، واليوم العراقية.

وتقوم الديموقرطية التوافقية اللبنانية على الغاء المساواة في المواطنية، وتحويل المواطنين الى رعايا ينتمون الى طوائف مذهبية اسلامية ومسيحية. هكذا، يصبح رئيس لبنان – حسب الدستور – مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النواب مسلما شيعيا، ورئيس الحكومة مسلما سنيا.

اما المشكلة في العراق فتكمن في ان بغداد قامت باستيراد نموذج بيروت، وافاضت في مسخه، فقسمت رئاسة الجمهورية الى ثلاثة تتوزع على الشيعة والسنة والكرد، ورئاستي البرلمان والحكومة الى ثلاثة كذلك، وهو ما يتفوق في تخلفه على تخلف النظام السياسي اللبناني.

طبعا، الحل في العراق كان ممكنا بالعلمنة – وهي لا تعني الغاء الدين او ممارسته او اغلاق دور العبادة – بل الغاء الهوية الدينية في الدستور ومؤسسات الدولة، والحفاظ على التباين الثقافي للمجموعات الاثنية، مثل الكرد، في المدارس والاعياد الرسمية، في نظام علماني فيدرالي، على غرار كندا، حيث تختلط الاقلية الفرنسية في ولاية كيبيك مع سائر الولايات الانجليزية. لكن بدلا من استيراد النموذج الفيدرالي الكندي الناجح، استلهم العراق من بيروت ونظامها الطوائفي المأزوم اصلا.

على ان التغيير في السياسة اليوم يحتاج الى عملية برلمانية معقدة، وصار اصعب بكثير من البناء من الصفر كما في العام 2003.

ولكن ما فات العراقيين في السياسة يجب ان لا يفوتهم في الاقتصاد، فالعراق واحد من دول العالم المحظوظة نسبة الى الاحتياطي النفطي الهائل الذي يتمتع به.

بيد ان البحبوحة النفطية لا تعني من تلقاء نفسها بحبوحة اقتصادية للعراقيين، وعلى اصحاب القرار في العراق استلهام النموذج الناجح، من دول نفطية اخرى، لتطبيقه والافادة من تجاربه.

وبلمحة سريعة، يمكن استبعاد النموذج الايراني وسياسة الانفاق على التسليح والاجهزة الامنية والاتباع في الدول الاخرى، وهو نموذج خبره العراق فافقره وادى الى هلاكه. كذلك، لا بد من استبعاد نموذج السعودية، ان وجد، لانه ريعي لا مؤسساتي، يعيش بموجبه عدد لا بأس به من السعوديين في حيز الفقر.

من الدول النفطية في المنطقة ذات التجارب الجيدة تبرز الكويت والامارات، حيث انفقت الحكومتان اموالا طائلة على تحسين البنية التحتية، وخصصتا جزءا من العائدات النفطية لصناديق سيادية، تستثمر من خلالها الاموال حول العالم، وتدخرها من اجل الاجيال القادمة والايام العصيبة.

لكن الكويت تعاني، حسب البنك الدولي، من تضخم القطاع العام فيها، وهو موضوع على العراق تفاديه. اما الامارات، وخصوصا ابوظبي، فهي تتدخل بشكل كبير في الاقتصاد اذ تملك الحكومة صحفا وتلفزيونات وخطوط طيران وابنية.

اما العراق، فالاجدى له اقتصاديا انشاء صناديق سيادية، والاستثمار في البنية التحتية، والتقليص قدر الامكان من حجم القطاع العام، ما عدا الضروري منه كقوات الامن.

وترشيق القطاع العام والاعتماد على القطاع الخاص ليس بالامر السهل عراقيا، في بلد اعتاش شعبه على مدى عقود، على ما تصدق عليه الحكام من اموال النفط والخزينة العامة.

ثم ان على العراقيين محاولة تفادي الاعتماد على الموازنة النفطية، على الرغم من ضخامتها المتوقعة في السنين المقبلة. ولا بد من تطوير صناعات متعددة اخرى كالسياحة، الدينية في الجنوب، وغير الدينية في الشمال، والاستفادة من الموارد المائية والحفاظ عليها.

ان التجربة الاقتصادية الناجحة تتطلب ورشة حكومية وبرلمانية تصاغ فيها التشريعات والقوانين، ويعمل الوزراء على تحسين قطاعاتهم لاستقطاب الاستثمارات الخارجية، لا حصر انفسهم بمحاولة تحصيل موازنات كبرى من الحكومة والبرلمان للانفاق على الازلام والمحاسيب.

لقد تبنى العراق نموذج بيروت السياسي بمصائبه ودفع ثمن ذلك. اما في النموذج الاقتصادي، فالطريق ما زالت في اولها، ولا ضير من الافادة من نموذج ابو ظبي والبناء عليه وتحسينه. والوقت والجدية كفيلان بصقل التجربة، ودفعها باتجاه الكمال.

* كاتب ومراسل “العالم” في واشنطن

الجمعة، 15 يناير 2010

قضية اعتقال تقي خلجي في إيران تتفاعل أميركيا

واشنطن - من حسين عبد الحسين

تفاعلت قضية اعتقال السلطات الايرانية لرجل الدين الايراني آية الله محمد تقي خلجي، فاصدر رئيس وعضوة لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس هاورد بيرمان واليانا روس- ليتننن بيانا دانا فيه الاعتقال، وطالبا بايقاف «التهديدات والسجن اللذين يمارسهما النظام (الايراني) بحق رجال الدين الذين يوجهون انتقادات للحكومة الحالية».

واصدر نجل آية الله المعتقل، مهدي خلجي، وهو خبير في مركز ابحاث «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى»، بيانا لفت فيه الى ان اعتقال والده جاء على خلفية تأييد الاخير لرجل الدين الراحل حسين علي منتظري، ومشاركته في حفل التأبين.

وقال خلجي ان السلطات قامت بمصادرة الممتلكات الفردية العائدة لوالده ولعائلته، كما صادرت جوازات سفرهم لمنعهم من الرحيل. وعقد «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى» جلسة على وجه السرعة للبحث في موضوع الاعتقال، وموضوع ايران عموما، شارك فيها عدد كبير من الخبراء والديبلوماسيين وتحدث فيها، الى مهدي خلجي، الخبير الايراني الاميركي راي تقية، والاميركي باتريك كلوسن.

وقال تقية: «يعتبر المرشد الاعلى علي خامنئي ان اي تنازلات قد يقدمها الى المعارضة في ايران قد تكون بداية النهاية لنظام الجمهورية الاسلامية، فخامنئي ما زال يتذكر كيف قدم الشاه (الراحل محمد رضا بهلوي) تنازلات صغيرة ادت الى تخليه عن السلطة في 1979».

واضاف: «كذلك، من غير المضمون ان التنازلات ستؤدي الى انفراط عقد الثورة الخضراء، فلا احد يعلم كيف تعمل هذه، ولا نعرف ان كان مير حسين موسوي او مهدي كروبي يسيطران عليها، والارجح ان لا احد يسيطر عليها». ووصف تقية تأثير الغرب في «الثورة الخضراء»، ومجرى الاحداث في ايران عموما، على انه «محدود جدا وهامشي».

كذلك، قال تقية انه يعتذر ويتراجع عن دعواته السابقة المطالبة بفتح الحوار مع النظام الايراني. واضاف: «لا اعتقد ان هناك مجالاً لاي حوار، فخامنئي يعتقد ان الغرب سيطالبه بتنازل بعد الاخر، ان هو تنازل عن التخصيب النووي».

وختم تقية بالقول انه لا يرى انفراجا في ايران حتى لو تم التوصل الى اتفاق ايراني دولي حول الملف النووي، فالحركة الاعتراضية تتعلق باسباب داخلية ولا تهتم كثيرا للموضوع النووي.

بدوره، ايد كلوسن اقوال تقية، واعتبر ان خامنئي لن يتنازل في اي موضوع. وقال: «خامنئي هو الذي اعتبر ان الحوار بين ايران واميركا هو كالحوار بين الخروف والذئب».

كما لفت كلوسن الى انه من غير الصحيح ان معظم الايرانيين يعارضون العقوبات او الضربة العسكرية. واقتبس من التصاريح الاخيرة لمنتظري وقال ان «الراحل اجاب عن سؤال حول الملف النووي الايراني بالقول انه على الشعب التصدي للنظام، واذا لم ينجح، فلا ضير من تدخل اجنبي يتضمن استخدام كل الوسائل المتاحة لمنع ايران من الحصول على السلاح النووي».

مصدر أميركي: لسنا معنيين بشكاوى العراقيين ضد بعضهم

واشنطن – حسين عبد الحسين

كشفت مصادر أميركية لـ”العالم” امس الجمعة، ان نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي اعرب عن لومه لرئيس الوزراء نوري المالكي اثناء اجتماعات مع كبار المسؤولين الاميركيين الليلة قبل الماضية، لكنها ذكرت ان تلك الطروحات “لم تلق تجاوبا” من قبل البيت الأبيض.

وكان عبد المهدي بدأ امس الأول زيارة الى واشنطن والتقى الرئيس الاميركي باراك اوباما ونائبه جو بايدن ومسؤولين آخرين في الادارة الاميركية. في وقت يعتزم رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني القيام بزيارة مماثلة أواخر الشهر الجاري، وعلى جدول الزيارات أيضا، النائب الثاني لرئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي سيجري لقاءات في الولايات المتحدة مطلع الشهر المقبل، حسب تقارير صحفية أفادت ان الثلاثة تلقوا دعوات رسمية بهذا الشأن.

وعلم مراسل “العالم” في واشنطن ان عبد المهدي “ألقى باللائمة على رئيس الحكومة نوري المالكي في الخروقات الامنية، وانه قدم ضمنيا نفسه وحزبه، المجلس الاعلى، بديلا في رئاسة الحكومة، بعد اتمام الانتخابات المقبلة” خلال لقائه بأوباما وبايدن.

وقالت مصادر اميركية رفيعة انها حرصت على ابداء “مستوى حياد عال” تجاه السياسيين العراقيين كافة “وان المسؤولين الاميركيين ابلغوا نائب الرئيس العراقي انهم ليسوا بوارد التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، وفي طليعتها الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في 7 آذار (مارس) المقبل”.

وتابعت المصادر انها ابلغت عبد المهدي حرفيا ان “الولايات المتحدة حليفة اساسية للعراق وصديقة له، وهي على مسافة متساوية من جميع المسؤولين ممن يختارهم العراقيون، وستتعامل معهم جميعا وفق اصول التعامل بين الدول الصديقة”.

المصادر الاميركية المطلعة على اجواء الاجتماعات التي عقدها عبد المهدي قالت ان “واشنطن غير معنية بشكاوى المسؤولين العراقيين ضد بعضهم البعض”، وهو ما اوضحته للمسؤول العراقي. وقالت له انها “ستتعامل معه كرئيس للحكومة في حال انتخابه، وانها لن تتدخل لدى الفرقاء العراقيين لتسويقه كمرشحها لرئاسة الحكومة”.

وعقد عبد المهدي، الذي اقام في فندق “ريتز – كارلتون” القريب من مقر وزارة الخارجية في واشنطن، سلسلة من اللقاءات، كان ابرزها الخميس مع نظيره الاميركي جو بايدن. وانضم الى اللقاء الرئيس باراك اوباما، فيما صار يشبه العرف عندما يلتقي الرئيس الاميركي زوارا ليسوا نظراءه، فينضم بصورة غير رسمية الى اجتماعهم مع نائبه.

وقال البيان الرسمي الصادر عن مكتب نائب الرئيس الاميركي “اجتمع نائب الرئيس جو بايدن مع نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي، وانضم الرئيس اوباما الى جزء من النقاش... القياديان ناقشا التحضيرات للانتخابات في آذار(مارس) ، بالاضافة الى الجهود المبذولة لحل المسائل الوطنية العالقة”.

وختم البيان “تستمر حكومة الولايات المتحدة بالتزامها لشراكة طويلة الامد مع الحكومة العراقية والشعب العراقي”.

“العالم” سألت عن مستوى اللقاءات الذي منح لعبد المهدي، والذي كان اقل من اللقاءات التي منحت للمالكي في زيارته الأخيرة، وارفع بكثير من تلك التي اعطيت لرئيس الوزراء السابق اياد علاوي، اثناء زيارته الى العاصمة الاميركية برفقة النائب صالح المطلك قبل بضعة أشهر.

وأجاب المسؤولون الاميركيون ان واشنطن تعامل المسؤولين العراقيين “حسب ترتيبهم الوظيفي، فزيارة المالكي هي زيارة دولة، اما عبد المهدي، فهو نائب رئيس وتمت المعاملة معه على هذا الاساس... علاوي نائب في البرلمان، وتم منحه لقاءات مع نظرائه في الكونغرس”.

وعلى صعيد متصل، علمت “العالم” ان عبد المهدي استغل زيارته الرسمية الى العاصمة الاميركية لعقد لقاءات مع مناصريه، و”شحذ الهمم”، من اجل “اوسع مشاركة انتخابية” للجالية العراقية المقيمة في العاصمة الاميركية وضواحيها.

كما قال بيان لمكتبه انه بحث مع وزير الدفاع الاميركي الاوضاع الامنية في البلاد وتنفيذ الاتفاقية الامنية المشتركة والانتخابات المقبلة، بحسب بيان صدر عن المكتب الصحفي لرئاسة الجمهورية.

وجاء في البيان ان عبد المهدي “التقى خلال زيارته الحالية الى واشنطن، وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس، وتم خلال اللقاء استعراض الاوضاع الامنية في العراق ومراحل تنفيذ اتفاقية سحب القوات، واتفاقية الاطار الإستراتيجي بين البلدين”.

وأضاف البيان، ان “الجانبين ابدى ارتياحهما لعملية تنفيذ هاتين الاتفاقيتين، وللتحسن الحاصل في الاوضاع الامنية”، واكدا في الوقت ذاته “ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر والاستعداد لمواجهة أي اعتداءات محتملة قد يقوم بها الإرهابيون في هذه المرحلة”.

وبحسب البيان، فقد “تطرقت المباحثات الى موضوع الانتخابات المقبلة، وشدد الطرفان على اهمية توفير الاجواء الامنية المناسبة مع الحرص على نزاهتها، وضمان مشاركة شعبية فيها لما يضمن تحقيق افضل تعبير لارادة الشعب العراقي واختيار الحكومة الوطنية الواسعة التي تمثله باسرع وقت ممكن”، وتابع “كما جرى التأكيد على أهمية دعم الاقتصاد العراقي، وتنفيذ بنود الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في هذا المجال.