السبت، 29 مايو 2010

أوباما أكد للحريري دعم المحكمة الدولية بعيدا عن الضغوط السياسية

واشنطن - من حسين عبد الحسين

«حماية لبنان» من الاخطار المحدقة به هو العنوان الذي تصدر زيارة رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري الى الولايات المتحدة. هذه الاخطار، حسب مسؤولين رفيعين من الجانبين، تتضمن امكانية اندلاع حرب بين اسرائيل و«حزب الله»، وضمان استمرار عمل المحكمة الدولية مستقلة عن اي ضغوط سياسية ممكنة.

تقول جهات اميركية ان نظرة واشنطن الى الزيارة مبنية على «تفهم الولايات المتحدة لقدرة الحكومة اللبنانية على التأثير في الامور» في ما يتعلق بالموضوع الاقليمي. ويقول مسؤول اميركي: «ان يطلب منا المسؤولون اللبنانيون ممارسة الضغط على اسرائيل حتى لا تقوم باي ردة فعل، على اي فعل عدواني محتمل انطلاقه من الاراضي اللبنانية، هو طلب فريد من نوعه».

ولان بيروت غير متحكمة تماما بضبط الحدود اللبنانية في ظل الخريطة العسكرية المعروفة على خطوط التماس، فهي تحاول التأثير في الاوساط العالمية والاقليمية املا في ان يجنب نشاط من هذا النوع لبنان مخاطر اندلاع حروب اقليمية على ارضه. ولذلك ركز الوفد اللبناني على ضرورة الالتزام بالقرار الرقم 1701. وهو القرار الذي يعاني حسب تقارير صادرة عن الامم المتحدة، من خرق متواصل لبنوده على الجانبين، اللبناني والاسرائيلي.

وذكر مسؤولون اميركيون تابعوا عن قرب زيارة الحريري للولايات المتحدة ان «المفهوم اللبناني للتأثير في الوضع الاقليمي والدولي مبني على معالجة اسباب التوتر في المنطقة، اي محاولة التوصل الى سلام اقليمي شامل ينزع فتيل التوتر الدائم». هنا، يضيف هؤلاء، «المطلوب منا في واشنطن ان نتفهم انه لا يمكن للحكومة اللبنانية الحديث عن مسار مفاوضات سلمية لبناني اسرائيلي، اذ ذاك تقتصر المطالبة اللبنانية على عموميات القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية».

وبعيدا عن الوضع الاقليمي ذكر المسؤولون الاميركيون ان الرئيس باراك اوباما عبر امام الحريري عن دعم لا مواربة فيه لسير المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بشكل مستقل وبعيد عن اي ضغوطات سياسية. «

الراي» حاولت معرفة من من الجانبين اثار موضوع المحكمة الدولية وسط تكتم من الجهتين. يقول وزير لبناني شارك في وفد الحريري: «بعد صدور قرارات عن المحكمة، لا بد من مجهود سياسي لحماية الاستقرار اللبناني، وهو ما تحدثنا عنه مع الاميركيين... حماية لبنان».

وعلى الرغم من ان الوزير اللبناني قال لـ «الراي» ان المسؤولين الاميركيين ابدوا حماسة لدعم الحكومة اللبنانية في الحقول الاخرى غير المحكمة، الا ان الجانب الاميركي اوضح انه «من غير الممكن الاستمرار بالنهج السابق، اي الدعم الاميركي من دون نتائج تذكر لبنانيا، خصوصا في ما يتعلق بدعم المؤسسات الامنية والعسكرية في بيروت».

يذكر ان السياسيين الاميركيين في العاصمة الاميركية منقسمون حيال الدعم الاميركي العسكري للبنان، فبعد انفاق ما يقارب نصف مليار دولار، تتوارد الى العاصمة الاميركية تقارير عن عدم التزام المؤسسات اللبنانية الامنية مراقبة تطبيق القرار الدولي 1701 بالشكل المطلوب خصوصا لجهة استمرار تدفق السلاح وحرية تحرك مجموعات حزبية في المناطق التي حدد القرار المذكور وجوب حصر التحرك فيها بالقوى اللبنانية الرسمية وقوات اليونيفيل.

الوزير اللبناني يقول ان واشنطن تتفهم ان «الموضوع اكبر من لبنان»، وان عدم ضبط الحدود السورية - اللبنانية تسبب في تبريد «سياسة الانخراط» الاميركية تجاه دمشق.

ولكن، «ان كان الموضوع أكبر من لبنان، فهل يعني ذلك ان على واشنطن الحديث مع اصحاب الحل والربط في المنطقة، مثلا دمشق، بدل مطالبة الحكومة اللبنانية القيام بأمور خارج سلطتها لتفادي امكانية اندلاع حرب؟» يختم المسؤول الاميركي.

الأربعاء، 26 مايو 2010

الصايغ لـ «الراي»: واشنطن متشنجة لتعثر سياسة الانخراط مع دمشق

واشنطن - من حسين عبد الحسين

كثرت التكهنات عما دار في الاجتماعات المغلقة الاثنين والثلاثاء بين الوفد اللبناني، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، والمسؤولين الاميركيين الذين تصدرهم الرئيس باراك اوباما.

«الراي» التقت وزير الشؤون الاجتماعية ونائب رئيس «حزب الكتائب اللبنانية» سليم الصايغ الذي كان في عداد الوفد، وكان حوار عن مجريات الاجتماعات التي تطرقت الى احتمال اندلاع حرب، وتهريب الاسلحة الى «حزب الله»، وموقف لبنان وهو حاليا يترأس مجلس الامن من قرار العقوبات التي تنوي الدول الكبرى فرضها على ايران عقابا على عدم شفافية مشروعها النووي، والدور السوري في لبنان، والموقفين اللبناني والاميركي تجاه المحكمة الخاصة بلبنان.

ما الهدف الرئيسي لزيارة واشنطن؟

- الفكرة الرئيسية هي حماية لبنان من كل التطورات التي تحدث ان كان بعملية السلام، او التجاذبات الاقليمية، وعدم استتباب الوضع في العراق، وتطور الملف النووي، وتداعيات تعثر المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية. كل ذلك يولد نزاعات وتشنجات اقليمية، عربية - عربية، وعربية - غير عربية، تجعل لبنان يدفع الثمن. هذا من ناحية. اما من ناحية اخرى، يقترب استحقاق المحكمة الدولية وضرورة دعم نتائجها، ايما كانت هذه النتائج، ودعم مسار هذه المحكمة سياسيا وقضائيا كي تعطي اشارة واضحة ان العدالة سائرة حتى النهاية، ولكن ايضا في السياسة قد يكون لها اثر معين خاصة اذا تبين ان هناك فرقاء عرباً او لبنانيين لهم اي صلة.

هكذا تصبح امكانية خربطة الوضع في لبنان من مصلحة هذه الاطراف، لذا من المطلوب حماية سياسية وديبلوماسية وتكثيف الحوار اللبناني - اللبناني لنزع الفتيل الذي قد ينفجر في حال (صدور قرارات من المحكمة الدولية).

لبنان هو الحلقة الاقليمية الاضعف وهو المكان حيث تصفى فيه الحسابات الاقليمية، لذا نعتبر ان الحركة التي يقوم بها الرئيس الحريري مطلوبة، وهي تلاقي الحركة التي يقوم بها الرئيس (ميشال) سليمان.

ماذا يمكن للولايات المتحدة تقديمه للبنان في ظل هذا المشهد الدولي والاقليمي الذي رسمته لنا؟

- اولا، لدينا الملف النووي الايراني وقضية العقوبات على ايران. لبنان يترأس مجلس الامن، ولبنان يسعى الى تحقيق موقف عربي موحد، يتم البناء عليه داخل مجلس الامن، في يد لبنان ورقة مهمة ايضا اي عضويته في مجلس الامن وعليه ان يستخدمها لخدمة مصالحه كذلك، وهذه الزيارة الى واشنطن لم تأت عن طريق الصدفة، بل في الشهر الذي يترأس فيه لبنان المجلس.

لبنان قادر على ان يلعب دورا عن طريق استخدام هذه الورقة للتأثير وخلافا لما قد نعتقد لبنان يستطيع من خلال موقعه ان يؤثر على عواصم القرار باتخاذ الموقف المناسب ازاء العقوبات، وهذا الموقف لم يتم اتخاذه حتى الان لغياب الاجماع العربي حوله.

نحن نقول ان افضل طريقة، وهذه نقطة شدد عليها الرئيس الحريري في كل اجتماعاته، هي التعاطي مع القضايا من منظور استراتيجي، وليس معالجة افرازات المشاكل وانما اسبابها، واولها قضية فلسطين، ودفع العملية السلمية نحو مسار متقدم، وهنا دور الادارة الاميركية ومسؤوليتها.

ما هو الموقف اللبناني من الموضوع النووي الايراني، وماذا سمعتم من الاميركيين بخصوص موقفكم هذا؟

- الاميركيون يتفهمون الموقف اللبناني، وهو حتى اليوم موقفا متريثا لا حاسما، لان الموقف اللبناني يقول، نحن مع النووي السلمي، وهذا حق لكل الدول، طالما هو مضبوط من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. انما نحن ضد النووي العسكري، ولا بد ان ترتبط معالجة الملف الايراني بموضوع شرق اوسط خال من كل اسلحة الدمار الشامل، وهذا يعيدنا الى موضوع تقدم العملية السلمية. ولبنان ليس مضطرا ان يأخذ موقفا في تصويته اليوم ريثما تنتهي المشاورات العربية في هذا الشأن.

هل طلب الاميركيون موقفا لبنانيا معينا في موضوع الملف النووي الايراني؟

- الرئيس اوباما قال، اثناء الاجتماع الذي عقدناه معه، انه يتفهم الموقف اللبناني. هناك ادراك ان افضل موقف لحماية لبنان من التداعيات في المنطقة هو هذا الموقف الاميركي، وليس الطلب بان يعطي لبنان ما لا يستطيع ان يعطيه، مع التأكيد الاميركي المبدأي على التزام القرارات الدولية 1559 و1680 و1701، وهو ما ورد في بيان البيت الابيض.

هل طلب الوفد اللبناني بدوره من الاميركيين مواقف معينة؟

- الادارة الاميركية متشنجة نتيجة تعثر سياسة الانخراط مع سورية. هذه السياسة اصبحت شعارا ليس له ترجمة عملية. انا اعتقد، وموقفي هذا لا يلزم رؤية الرئيس الحريري، ان هناك نوعاً من القلق لدى الادارة الاميركية من تعثر سياسة الانخراط مع سورية، ومن عدم التزام سورية تعهداتها، وهنا تأتي ايضا قضية صواريخ «سكود».

لا يمكن الطلب من لبنان تقديم ما ليس لديه. لبنان يقول هاتوا اثباتا حول صواريخ «سكود»، وليس هناك من اثبات. • لكن هناك تقارير صادرة عن الامم المتحدة تعتبر ان تمرير السلاح ما زال قائما الى «حزب الله» حتى وان لم يكن «سكود»؟

- «سكود» هو ما يتحدثون عنه، اذا تحدثوا الى لبنان بخصوص موضوع «السكود»، هذا يعني ان لبنان في قلب اللعبة الديبلوماسية بعد ان كان تقريبا مهمشا وملحقا بالملفات الايرانية والسورية والفلسطينية. هناك تحركات من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة، ونحن نقول لسورية اننا لا نريد الاذى لها، وهي ليس لديها مصلحة في ان يكون لبنان ساحة، لان ذلك سيرتد سلبا على لبنان وعلى سورية معا وعلى العالم العربي.

الاميركيون يريدون معرفة ان كان لبنان تحول الى دولة تابعة لسورية وايران تسرحان وتمرحان فيه كما تشاءان. لبنان قال انه ملتزم القرار 1701 بكل مندرجاته وفقا لما ورد في البيان الوزاري.

هل اثار اوباما موضوع «سكود» في شكل خاص اثناء الاجتماع ام عن السلاح في شكل عام؟

- ربما يتحدث الرئيس الحريري ان شاء عما تم الحديث عنه اثناء الخلوة الطويلة بينه وبين الرئيس اوباما. طبعا (اوباما) تحدث عن السلاح في شكل عام، ولم يكن هذا الموضوع هو تركيزه الاساسي. نحن قلنا بمزارع شبعا والرئيس اوباما تحدث عن تطبيق القرار 1701، وهذا القرار لا يتحدث عن مزارع شبعا بل يقول انها مرتبطة بعملية السلام وامن اسرائيل، ونحن لا نلتزم امن اسرائيل بل امن لبنان. افضل مدخل هنا هو التزام 1701 بكل مندرجاته بما فيها السلاح الآتي الى لبنان.

لكن اوباما طالب بأمور تبتعد حكومة لبنان عن اتخاذ مواقف في شأنها، مثل مطالبته بتطبيق القرار 1559 القاضي بنزع سلاح «حزب الله» والقرار 1680 الداعي الى ترسيم الحدود اللبنانية مع سورية؟

- نحن نقول ان القرار 1559 الذي يطالب بضبط السلاح على كل الاراضي اللبنانية، هذا جزء من حوار مع سورية لضبط السلاح في القواعد العسكرية الفلسطينية، نحن عبرنا عن وجهة النظر هذه، كل طرف عبر عن وجهة نظره، كان هناك تفهم اميركي لموقفنا، لم يكن محورا للنقاش، نحن نقول كلما تقدمنا بموضوع الحوار مع سورية، نخلص من السلاح الفلسطيني، وكلما تقدمنا في طاولة الحوار المعطلة في لبنان، نخلص من سلاح «حزب الله»، ونقول ان علينا، قدر الامكان، تقوية دور الدولة اللبنانية والجيش اللبناني ليقدر على تأمين الحماية اللازمة للبنان وعملية الاستراتيجية الدفاعية.

هناك استنفار ديبلوماسي اميركي حول قضية السلاح المهرب الى لبنان وحول قضية الصواريخ الموجودة في لبنان، والتي تهدد امن المنطقة وامن اسرائيل. الاميركيون قلقون من الموضوع، ولكنهم يعلمون انه لا يمكن للبنان ان يأخذ هذا الموضوع على عاتقه فهو اكبر من لبنان. هذا الموضوع هو سبب البرودة الاميركية مع سورية. لا يمكننا ان نطلب من لبنان اكثر من طاقته. سورية هي التي يمكنها ان تضبط الحدود من جهتها وقادرة على منع التهريب.

من الذي اثار موضوع المحكمة الدولية اثناء اجتماعكم مع اوباما؟

- نحن اثرنا ضرورة حماية لبنان من اي تداعيات ممكن ان تنتج من المحكمة.

لكن على الارض، كيف يمكن تطبيق ذلك، هل تعملون على تغيير مسار المحكمة او تغيير ردة الفعل المرتقبة؟

- تغيير ردة الفعل.

ولكن ردة الفعل ضد قرارات المحكمة في لبنان ليست بيد الاميركيين؟

- بامكان الاميركيين ممارسة الضغط على جميع الاطراف التي تعمل على افشال المحكمة. سورية تهمها العلاقة مع الغرب والعالم ولا يمكنها معاداة كل الناس وان تكون صديقة ايران فقط.

وكأن سورية تنتظر من الحريري ان يقول ان المحكمة مسيسة، وكأن المطلوب منه عدم اثارتها في المحافل الدولية؟

- في خطاب له، قال (الامين العام لحزب الله السيد) حسن نصرالله اذا المحكمة مشيت مثل ما اريد، تكون محكمة جيدة، والا تكون المحكمة مسيسة. هذا تحذير مباشر وهذا تسييس مسبق. فلنكن واضحين في هذا الموضوع، نحن لن نقبل ان تكون المحكمة عرضة للتسويات. السؤال الذي يطرح امامنا، حتى لو كلفت المحكمة تفجير لبنان، وكأنه نحن كلبنانيين نقرر بهذا لموضوع، المحكمة دولية، اللبناني لا يستطيع ان يوقف المحكمة حتى لو اراد.

الاثنين، 24 مايو 2010

مع ترسّخ اللاعنف... قد تكون الدولة الفلسطينية وشيكة

على الرغم من تزايد حركات الاحتجاج والعصيان المدني غير العنيفة في الأراضي الفلسطينية في الآونة الأخيرة، فإننا مازلنا نجد أعداداً كبيرة من العرب والفلسطينيين الذين يشككون في مقاربة غاندي السلمية

ترجمته جريدة "الجريدة" الكويتية عن جريدة "ذي ناشونال" الاماراتية

حسين عبد الحسين

لم يقتنع الفلسطينيون يوماً بفكرة اللاعنف، فهم أشخاص واقعيون وعنيدون، وقد انبثقت دولة إسرائيل جزئياً من العنف وصمدت بشكل أساسي عبر أعمال العنف، لم يكن مفهوم المسامحة يوماً خياراً حكيماً أو فاعلاً في هذا الصراع المرير.

لكن ربما يشهد الوضع الراهن تغيّراً ملحوظاً... كتب زياد العسلي، رئيس بعثة العمل الأميركية من أجل فلسطين، حديثاً في صحيفة 'غارديان' البريطانية: 'ينبعث تنامي حركة اللاعنف بين الفلسطينيين تلقائياً من الشعب بتشجيع من القيادة'.

لكن تكمن المسألة الجوهرية في هذا المجال في معرفة السبب الذي دفع الأطراف إلى تقبل اللاعنف بعد كل تلك المعاناة وسفك الدماء، فالجواب بسيط: استلزم الفلسطينيون هذا الوقت كله للاعتراف بعدم جدوى استعمال العنف ضد شعب مصمم على عدم الوقوع ضحية العنف مجدداً بعد المحرقة الشهيرة.

كتب كاي بيرد الحائز على جائزة 'بوليتزر'، في سيرته الذاتية التي نُشرت حديثاً 'Crossing Mandelbaum Gate': 'كان الصراع المسلّح أسوأ تكتيك كان يمكن أن يستعمله الفلسطينيون ضد مجتمع كامل مطبوع بالصدمة والخوف'.

بحسب بيرد، منذ المحنة الكبرى التي واجهتها فلسطين بعد عام 1948، لم تبرز أي شخصية مهمة لها أثر سياسي دائم مثل الماهاتما غاندي في الهند أو مارتن لوثر كينغ في الولايات المتحدة. نتيجةً لذلك، تحوّل الفلسطينيون أنفسهم إلى الضحايا طوال عقود.

على الرغم من تزايد حركات الاحتجاج والعصيان المدني غير العنيفة في الأراضي الفلسطينية في الآونة الأخيرة، فإننا مازلنا نجد أعداداً كبيرة من العرب والفلسطينيين الذين يشككون في مقاربة غاندي السلمية. غالباً ما يقتبس مؤيدو الصراع المسلّح اللامتناهي ضد إسرائيل كلام الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر عند إلقاء خطاباتهم الشعبية وتكرار مُثلهم التي أصبحت بالية منذ نصف قرن: 'ما أُخذ بالقوة لا يُسترَدّ إلا بالقوة'.

تكمن المشكلة في القادة العرب الذين نادراً ما يقدّمون خيارات إغاثة مستدامة خلال إطار زمني محدد إلى الفلسطينيين الذين يعيشون في ظروف مزرية في الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين في البلدان المجاورة. بدل ذلك، ترتكز خطاباتهم على ثلاثة اعتراضات- لا للسلام، لا للتفاوض، لا للاعتراف بإسرائيل- أصدرتها القمة العربية التي عُقدت في الخرطوم بعد الهزيمة الكبرى التي ألحقتها إسرائيل بالجيوش العربية في حرب عام 1967، ما أدى إلى القضاء على معنويات العرب.

يدرك أشخاص مثل العسلي ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض فحوى حركة عبدالناصر الشعبية، أي 'الاعتراضات الثلاثة'.لا شك أنهم هللوا لعبدالناصر، في إحدى المرات، ونادوا بتدمير إسرائيل أيضاً، لكنّ الناس يتعلمون من تجاربهم.

يقول العسلي: 'في الماضي، كان الفلسطينيون يعتمدون حصراً على الصراع المسلّح، ثم على الصراع المسلّح الممزوج مع الدبلوماسية، ثم على الدبلوماسية دون سواها، لكن انتفاضتين أعاقتا مسار الدبلوماسية في الأراضي المحتلة'.

نظراً إلى فشل معظم الاستراتيجيات الأخرى التي كانت تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية، يبدو العسلي ورئيس الوزراء الفلسطيني مصممّين على تجربة اللاعنف... تتوقف فرص النجاح على استقرار الوضع.

على مرّ التاريخ، عُرفت حركة التحرير الوطنية الفلسطينية بعدم قدرتها على الإيفاء بوعودها، وربما عدم رغبتها في ذلك. استغلّت إسرائيل هذا الفشل لتحقيق مصالحها الخاصة، في حين عمد الفلسطينيون باستمرار إلى أداء دور مفسدي الاتفاقات، وتؤدي هذه الحلقة المفرغة إلى تخريب عملية السلام، وهو أمر يُسعد مؤيدي 'الصراع المسلح اللامتناهي' من الفريقين.

من خلال دعم اللاعنف، سيقلل الفلسطينيون من شأن الادعاءات الإسرائيلية التي تصرّ على ربط الفلسطينيين بأعمال العنف، وسيساهم ذلك أيضاً في إسكات الاتهامات القائلة إنّ قيادتهم تعجز عن الإيفاء بوعودها بتوفير الأمن، ما يعني أنّ الفلسطينيين غير مستعدين بعد للتمتع بحكم مستقلّ.

يشكّل اعتماد اللاعنف على الأرجح شكلاً من أشكال نزع الأسلحة، ويمكن أن ترسل إسرائيل قواتها لملاحقة الميليشيات الفلسطينية المسلّحة وأن تبرر احتلالها للضفة الغربية، لكنّ حججها ستضعف كثيراً حين تجد نفسها أمام مدنيين فلسطينيين سلميين يطالبون بالحصول على حقّهم بالحكم الذاتي والاستقلال وإسماع أصواتهم للعالم أجمع.

يرى حسين ابيش، مسؤول رفيع في بعثة العمل الأميركية من أجل فلسطين، أنّ الاستراتيجيات والحلول السلمية التي تنجم عنها قد لا تكون عادلة بالنسبة إلى بعض الفلسطينيين. على سبيل المثال، سيضطرّ بعض اللاجئين الفلسطينيين إلى التخلي عن حق العودة إلى المنازل التي كانوا يملكونها قبل عام 1948، وسيُجبَرون على قبول العيش في دولة فلسطينية تضمّ الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب ما قاله ابيش، مؤلف كتاب

''What’s Wrong with the One-State Agenda?'. في نهاية المطاف، التسوية تعني تقديم التنازلات.

ليست تجربة اللاعنف الفلسطينية مثالية بأي شكل، لكن استمرار التحسن الأخير في مجال الحكم في الضفة الغربية سيكون من أفضل الأمور التي يمكن أن تحصل للفلسطينيين منذ وقت طويل، ونتيجةً لذلك، سيصبح كل شيء ممكناً، حتى إقامة دولة فلسطين.

* أستاذ زائر رفيع المستوى في المعهد الملكي البريطاني 'تشاتام هاوس'.

الخميس، 6 مايو 2010

القلق الإسرائيلي مستمر من «موازين الرعب»: سورية زودت «حزب الله» صواريخ «ام - 600»

واشنطن - من حسين عبد الحسين

القدس - من محمد أبو خضير وزكي أبوالحلاوة

بيروت - الراي

ما زالت التقارير متضاربة عن امكانية وصول صواريخ من الترسانة السورية الى «حزب الله»، وطرازها، رغم ورود انباء الى واشنطن - من اسرائيل - تحدد الصواريخ بنوع «ام 600»، وهي النسخة الموجودة في مخازن الجيش السوري والمطورة عن الصاروخ الايراني «فاتح 110»، وهو الطراز الذي اوردت «الراي» انه في حوزة «حزب الله» في عددها الصادر في 15 ابريل الماضي، نقلا عن مصادر في الحزب في بيروت.

وامس، اكدت مصادر أمنية اسرائيلية - استنادا الى معلومات استخبارية وردت الى الدولة العبرية - ان سورية زودت «حزب الله» خلال السنة الاخيرة، بصواريخ «ام - 600»، واضافت ان هذا الطراز من الصواريخ يتميز بدقة الاصابة. وبمقدوره حمل رأس حربي وزنه نصف طن.

وشددت على ان «موازين الرعب» لدى «حزب الله»، تسبب قلقا كبيرا في اسرائيل.

وكان رئيس دائرة التحقيقات في الاستخبارات العسكرية الجنرال يوسي بايداتس، تطرق اول من أمس، في استعراضه أمام الكنيست إلى قضية نقل الأسلحة من سورية لـ «حزب الله»، وقال «إن الأمر يتم بصورة دائمة ومنظمة، وأن ما تقدم من حديث عن صواريخ بعيدة المدى ما هو إلا نقطة في بحر».

وبيَّنت صحيفة «يديعوت احرونوت» في تقرير نشرته امس، المسافات المختلفة التي تصل إليها الصواريخ التي تحدث عنها رئيس دائرة التحقيقات، اضافة الى قوتها التدميرية، وذكرت أن «زلزالاً» يصل مداه إلى 400 كيلومتر وله رأس تفجيري بوزن 350 كيلوغراما، بينما يصل مدى «ام - 600» إلى 250 كيلومترا برأس تفجيري بوزن 500 كيلوغرام. ويصل مدى «فجر 3» إلى 43 كيلومترا وله رأس تفجيري بوزن 90 كيلوغراما، أما «فجر 5» فيصل الى 35 كيلومترا وله رأس تفجيري بوزن 175 كيلوغراما.

وأشارت التقارير إلى أن شركة «رفائيل» الإسرائيلية تطور بالتعاون مع الولايات المتحدة منظمة دفاع جوي «شرفيت كساميم» لمواجهة صواريخ من هذا النوع.

وكانت «المصادر المعنية في الشأن العسكري في حزب الله»، اجرت مقارنة لـ «الراي» بين صاروخي «سكود - د» و«فاتح 110»، وقالت ان «سكود ظهر العام 1957 وهو يعمل بوقود السائل الذي يعوق عملية التخزين والاطلاق، في وقت يعمل فاتح - 110 بالوقود الصلبة، وانتج في العام الماضي».

وذكرت مصادر «حزب الله» في حينه، ان «سكود يستغرق إعداده للاطلاق بعد تدريبات طويلة عليه من 45 الى 60 دقيقة، بينما لا يحتاج فاتح - 110، الا لاقل من 4 دقائق بأيد خبيرة»، موضحة ان «الخطأ في سكود نحو 5 كيلومترات، بينما يتمتع فاتح بدقة الاصابة التي لا يتجاوز الخطأ فيها سوى بضعة امتار (من 5 الى 10 امتار)، وهذا ما كان اشار اليه (الامين العام لـ «حزب الله») السيد حسن نصرالله على نحو غير مباشر، حين كشف عن معادلة المرفأ بالمرفأ والمطار بالمطار والشارع بالشارع، وهو الامر الذي لا يستطيع سكود توفيره».

ولفتت المصادر الى ان ميزة «سكود» قد تكون المدى الطويل لإصابته والتي تراوح بين 1000 و1500 كيلومتر، الامر الذي لا تحتاجه المقاومة، مشيرة الى ان «فاتح 110» يصل مداه الى 250 كيلومتراً، وهي المسافة المطلوبة للاصابة الدقيقة داخل كل الاراضي في فلسطين المحتلة. واضافت في معرض هذه المقارنة ان «سكود» بطيء الانطلاق والحركة ما يجعله هدفاً سهلاً للصواريخ الاسرائيلية المعترضة كـ «حيتس» و«باتريوت» و«ثاد»، بينما «فاتح 110 » يُعد من الصواريخ السريعة والمجنحة والقادرة على المناورة عند لقاء الهدف الى حدود 10 درجات، اضافة الى ان طول سكود هو ضعفا الفاتح».

من ناحيتها، رفضت مصادر اميركية الدخول في لعبة تكهنات عن طراز الصواريخ، كما رفضت تأكيد تقارير عن وصولها الى «حزب الله»، لكنها لفتت الى انه «ما دامت مصادر الحزب تقول ان هذه الصواريخ وصلتها، فالارجح انه حصل ذلك».

ولفتت كذلك الى صعوبة تحديد نوع الصواريخ، وقالت ان «المعلومات الاستخبارية الاولية مستقاة من صور جوية». واعتبرت ان «تحديد طراز الصاروخ لم يعد بيت القصيد». المشكلة اصبحت، تقول المصادر، ان «دمشق اتخذت قرارا بتسليح صاروخي استراتيجي لحزب الله... ان كانت سكود ام لا، لدى الحزب عشرات الآلاف من الصواريخ، وهذه معلومات عامة، ولا بد ان الصواريخ دخلت من مكان ما، ونحن نعلم انها لم تدخل من حدود اسرائيل مع لبنان».

ورأت ان القرار السوري صار عبئا على «سياسة الانخراط مع سورية»، ولفتت الى ان «في ظل الاجواء التي عادت الى التوتر بين واشنطن ودمشق، تراجع المتحمسون للانفتاح على سورية، وبالامس شاهدنا الرئيس (باراك اوباما) يوقع على تمديد مجموعة من العقوبات المفروضة على سورية من دون اي تردد».

عن امكانية اندلاع حرب بين اسرائيل و«حزب الله»، علقت المصادر الاميركية: «الحسابات الخاطئة بين الاطراف تؤدي احيانا الى اندلاع حروب. نحن نحذر دوما من التصعيد».

من ناحية ثانية، أكد قائد قوة «اليونيفيل» المعززة في جنوب لبنان الجنرال البرتو اسارتا، أنه «مطمئن» الى الوضع الميداني في الجنوب، واصفاً إياه بـ«الجيد». وإذ اعلن اسارتا في تصريح صحافي، أن لا أحد ينوي التسبب بحرب «لا هنا (لبنان) ولا هناك (اسرائيل)»، قال تعليقاً على التقارير عن «سكود» يحتمل ان تكون نقلت الى «حزب الله»: «لدينا نحو 12000 جندي وثلاثة ألوية من الجيش اللبناني في منطقة صغيرة، ولم نر شيئا، وليس لدينا اي براهين. «السكود» صواريخ كبيرة. وانا متأكد ان لا صواريخ «سكود»، وخصوصا ان من الصعب جدا تخبئتها».

واشنطن: معقد بصورة استثنائية المشهد السياسي والاجتماعي في الكويت

واشنطن من حسين عبد الحسين

وصف التقرير الصادر أمس عن مكتب المدعي العام في وزارة الخارجية الاميركية النظام السياسي في الكويت بأنه « واحد من اكثر الانظمة النابضة بالحياة في منطقة الخليج، مع صحافة حرة، وواحد من اقدم البرلمانات المنتخبة، والذي يضم في عضويته حاليا اربع نساء».

وجاء في التقرير: «في السنوات الاخيرة، ادى الجدال بين الحكومة، (من جهة)، والبرلمان (من جهة اخرى)، الى جمود سياسي حول امور اساسية، من ضمنها السماح لمشاركة اجنبية في عملية تطوير طال انتظارها للبنية التحتية».

واضاف التقرير: «هذه الخلافات ادت الى انتخابات متكررة في السنوات الاخيرة بعد ان حل الامير البرلمان «المتمرد» في السنوات 2003 و2006 و2008 و2009». واعتبرت وزارة الخارجية في تقرير مكتب المدعي العام ان «قلائل هم المراقبون ممن يرون نهاية في المدى القريب للجدالات السياسية» في الكويت.

التقرير وصف «المشهد الاجتماعي والسياسي» في البلاد بالمعقد «بصورة استثنائية». وقال: «سكان (الكويت) 3 ملايين، ثلثهم فقط من المواطنين، اما الباقون فعمال مغتربون اكثرهم من جنوب وشرق آسيا ونحو 100 الف من البدون، وهم اعضاء قبائل من دون دولة مع خلاف حول اصولهم وجدال حول مطالبتهم بالجنسية».

عن المواطنين، قال التقرير ان معظمهم موظفون «في شركات مملوكة من الدولة، ويتمتعون بفوائد اجتماعية وتعليمية سخية، ولا يدفعون ضرائب للدولة». اما المقيمون، «فيعملون في القطاع الخدماتي الخاص، مع افادة محدودة من الخدمات الاجتماعية التي تمولها الدولة».

وعن العلاقات الكويتية الاميركية، اعتبر التقرير ان «دولة الكويت هي حليف ذو قيمة في منطقة مركزية لاولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة».

وقال: «ان دعم الكويت لقوات الولايات المتحدة العسكرية، وسياسات الكويت المؤيدة لاميركا عموما، واحتياطاتها النفطية الهائلة، تجعل منها حليفا اقليميا مصيريا».

واضاف: «في اي وقت من الاوقات، يتواجد في الكويت نحو 25 الفا من العاملين في القوات المسلحة للولايات المتحدة، تحت امرة القيادة الوسطى، في طريقهم من او الى العراق، او يقدمون الدعم لعمليات اخرى في المنطقة».

وتحدث التقرير عن الرؤية الكويتية عموما نحو اميركا، فقال ان «الكويتيين فوق سن 30 ينظرون بايجابية اجمالا نحو الولايات المتحدة كدولة محررة لهم، ولكن جيلا جديدا يحمل اولويات ووجهات نظر مختلفة لا يشارك هذا الرباط (الكويتي الاميركي)».

وأشار التقرير إلى أنه في ضوء التغيير الحاصل في وجهة النظر الكويتية عموما، اتخذت السفيرة ديبورا جونز ومساعدتها «سلسلة من المبادرات الديناميكية في الديبلوماسية العامة، تم تصميمها للوصول الى الكويتيين الشباب، والمجتمعات القبلية، والاقلية الشيعية».

واورد التقرير انه بين مارس وسبتمبر 2009، شاركت السفيرة في 20 اطلالة عامة، وهي، اي جونز، من «ابرز مؤيدي زوايا اميركية التي تنشط الآن في ثلاث من كبريات الجامعات الكويتية».

وعن القطاع الاعلامي في الكويت، قال التقرير انه بتاريخ 6 مارس، 2006، وافق البرلمان الكويتي بالاجماع على قانون جديد للاعلام، فارتفع عدد الصحف من 5 الى 17، وولدت التلفزيونات الخاصة. «تلفزيون الراي بدأ بثه على الهواء في العام 2004، وانضم اليه تلفزيون الوطن في العام 2008».

واورد التقرير ان ديبلوماسي اميركي من «قسم العلاقات العامة» يطل «على الاقل مرة كل شهر على «برنامج تلفزيون الراي (رايكم شباب)»، الذي يشاهده كويتيون بين الاعمار 13 و23. كما يشارك ديبلوماسي من البعثة الاميركية غالبا في برنامج «صباح الخير يا كويت» على تلفزيون الكويت، وفي الساعة الاخبارية المسائية على تلفزيون «الراي».

الثلاثاء، 4 مايو 2010

أسباب حوار واشنطن مع دمشق: دورها في السلام وعلاقتها بإيران والحاجة لمبنى جديد لسفارتها

واشنطن - من حسين عبدالحسين

«سورية دولة قمعية، يتم فيها اعتقال وسجن المعارضين السياسيين، ويجري فيها اضطهاد دعاة حقوق الانسان... مواقع الانترنت، مثل فايسبوك ويوتيوب، محظورة، فيما تحافظ اجهزة الاستخبارات على وجود كثيف في كل مكان في المجتمع».

هكذا يصف التقرير، الصادر حديثا عن «مكتب المفتش العام» في وزارة الخارجية الاميركية، سورية. ويتحدث المكتب عن الظروف التي رافقت صدور تقريره ما قبل الاخير، في فبراير 2005، «بعد فترة قصيرة من استدعاء واشنطن سفيرتها في سورية، على اثر اغتيال الرئيس الحكومة اللبناني (رفيق) الحريري في بيروت، وفي وقت اوردت فيه الامم المتحدة دلائل تشير الى تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين في عملية الاغتيال».

التقرير حدد ثلاث نقاط خلافية بين الولايات المتحدة وسورية، «ادت على مدى سنوات كثيرة الى عرقلة العلاقات الثنائية»، وهي «سياسات سورية الرافضة تجاه اسرائيل، التدخل العسكري في لبنان، ومحاولات تطوير اسلحة الدمار الشامل». واضاف «ان سياسات سورية الخارجية تبقى على خلاف مع الولايات المتحدة، اقله جراء دعم سورية المتواصل للتنظيمات الارهابية حزب الله وحماس».

و«كعواقب للسياسات السورية في المنطقة»، حسب التقرير، قامت الولايات المتحدة بفرض «عقوبات اقتصادية واسعة» على دمشق، فوضعت سورية على «لائحة الدول الداعمة للارهاب» منذ العام 1979، فيما تكفل «قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان للعام 2003» بحصر الصادرات الاميركية المسموحة الى سورية بـ «المنتجات الغذائية والطبية».

الا ان التقرير يلحظ ان «الولايات المتحدة وسورية عبرتا عن اهتمامهما في سياسة جديدة للحوار والانخراط تم تصميمها لتحسين العلاقات الثنائية». ويشير الى تصريحات للقادة العسكريين الاميركيين تحدثوا فيها عن تحسن ابدته الحكومة السورية في «تقليص عدد المقاتلين الاجانب الذين يعبرون من سورية الى داخل العراق». لكنه يلفت كذلك الى ان «العلاقات بين دمشق وبغداد ما زالت متوترة».

الاسباب الموجبة للحوار الاميركي - السوري، كما يحددها القائم بالاعمال الاميركي في دمشق تشارلز هنتر متحدثا الى «مكتب المفتش العام»، تتمحور حول نقاط ثلاث، هي «المصلحة السورية، وربما الدور (السوري) السلبي ام الايجابي، في جهود السلام الاقليمية، دعم سورية للمنظمات الارهابية وعلاقاتها الوثيقة مع ايران، والحاجة الملحة للحصول على موافقة سورية لتحديد موقع لبناء مجمع جديد للسفارة» الاميركية في دمشق.

التقرير اضاف، ان هنتر «شدد امام مكتب شؤون الشرق الادنى»، الذي يرأسه مساعد الوزير جيفري فيلتمان، على ان الامور الثلاثة التي تملي الحوار الاميركي مع دمشق لا يمكن التعاطي معها بطرق منفصلة، «لان ثلاثتها في الواقع مترابطة».

واشار التقرير، الى الدور المحوري الذي لعبته السفارة الاميركية فــي واشــــنطن، وتقـــــديمها عددا كبيرا من التوصيات عن «كيفية تحسين العلاقات الثنائية، والعقبات المتوقعة في هذه الاثناء». كما ساهمت التحذيرات المبكرة في تقارير السفارة المرسلة الى واشنطن في «منع عدد من المحاولات السورية للتملص من العقوبات» الاميركية المفروضة على سورية.

على صعيد آخر، تحدث التقرير عن الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي وعد بها الرئيس بشار الاسد، ابان انتخابه رئيسا خلفا لابيه الراحل حافظ العام 2000. وورد فيه انه «فيما لم تتبلور الوعود بالاصلاحات السياسية (مثل تشريع الاحزاب السياسية)، الا ان حكومة الاسد اتخذت خطوات عدة من اجل انفتاح الاقتصاد»، مثل انشاء بورصة اسهم وتخفيض دعم المواد الغذائية والفيول.

ورغم خطواتها على صعيد الاقتصاد، حسب التقرير، «لم تعالج سورية فعليا مشاكل بنيوية في الاقتصاد، بما فيها الفساد الواسع الانتشار وانخفاض تصدير النفط». واشار الى تصنيف منظمة «ترانسبارانسي انترناشونال» سورية في المرتبة 147 بين الدول الاقل فسادا من بين 180 دولة.