الثلاثاء، 28 فبراير 2012

الجمهوريون قد يطالبون أوباما بقيادة تحالف يطيح بالأسد



| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

يعقد اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ غدا جلسة استماع من المرجح ان تتحول الى «حفلة شواء»، على حسب التعبير المستخدم في العاصمة الاميركية، «يشوى» خلالها مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فليتمان والسفير الاميركي في سورية روبرت فورد.
الجلسة التي يترأسها جون كيري، السناتور الديموقراطي عن ولاية ماساشوستس والصديق السابق للرئيس السوري بشار الاسد، تحمل عنوان «سورية: الازمة وآثارها»، ومن المتوقع ان يكون نجماها كلا من السناتور الديموقراطي عن ولاية بنسلفانيا روبرت كايسي، وزميله الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، اللذين وضعا معاً مشروع قانون يحث الادارة على تقديم اكبر مساعدة ممكنة للمعارضة السورية في مواجهة نظام الاسد.
وعلمت «الراي» ان روبيو وزملاءه الجمهوريين قد يقرعون طبول الحرب الى حد مطالبتهم الرئيس باراك اوباما وادارته بقيادة تحالف دولي لشن حرب تطيح بالاسد.
واستباقا للهجوم «الكونغرسي» ضد ما يعتقده اعضاء مجلس الشيوخ «ارتباكا» و«ارتجالا» من قبل اوباما في التعامل مع الموضوع السوري، اوحت الادارة الاميركية للمقربين منها من الصحافيين والعاملين في مراكز الابحاث بالحديث سلبا ضد فكرة التدخل العسكري والثناء على الخطوات التي تتخذها الادارة حاليا.
واطل المعلق في صحيفة «واشنطن بوست» دايفيد اغناتيوس، الذي كتب في عطلة نهاية الاسبوع ان «ساحة المعركة هي نقطة قوة الاسد لا نقطة ضعفه». لذا، يقول اغناتيوس، ان الحل الافضل من اجل التوصل الى «تغيير ديموقراطي» في سورية يكمن في «مزيج من الضغوط الاقتصادية والديبلوماسية» التي تمت مناقشتها في مؤتمر «اصدقاء سورية»، الذي انعقد في تونس الاسبوع الماضي.
ويعتبر اغناتيوس ان «الاسلحة» ستصل «بشكل او بآخر» الى ايدي الثوار والى «الجيش السوري الحر»، وينقل عن الادارة اعتقادها ان احتياطي «المصرف المركزي السوري» انخفض من 18 مليار دولار عند اندلاع الازمة قبل نحو عام، الى 8 مليارات حاليا، وهذه من شأنها ان تؤمن حاجة الاسد ونظامه الى النقد لمدة «ستة اشهر اخرى».
هذه «المعلومة» الاقتصادية من المرجح ان تتصدر افادتي فيلتمان وفورد. كذلك، من المتوقع ان يركز الديبلوماسيان على نقطة اثارها اغناتيوس في مقاله، وهي ضرورة التواصل مع الاقليات السورية وابعادها عن الاسد، وتكليف «المجلس الوطني السوري» بهذه المسؤولية، على ان عددا من الخبراء الاميركيين، وخصوصا من الجمهوريين، يعتقدون ان من يدعم الاسد من بين الاقليات انما يفعل ذلك لعدم تأكده من ان رحيل الرئيس السوري صار حتميا. ويقول بعض هؤلاء انه «لو شعر السوريون ان الحسم العسكري للاطاحة بالاسد صار واردا بطريقة جدية، لرأينا عددا اكبر من الانشقاقات في الجيش والمؤسسات المدنية، كذلك لازداد عدد السوريين من الاقليات ممن يساندون الثورة».
ادارة الرئيس اوباما، التي تحاول قدر المستطاع الابتعاد عن اي مجهود عسكري في سورية خصوصا في سنة انتخابية يستعد فيها اوباما لولاية ثانية، اوعزت لمسانديها كذلك بـ «التهويل ضد الخيار العسكري».
يقول الديبلوماسي السابق ورئيس «مجلس العلاقات
الخارجية» ريتشارد هاس: «رغم مأساوية الوضع في سورية، فانه من الممكن ان يتحول الى اسوأ بكثير في حال حصول تدخل عسكري خارجي».
ويقول هاس، المقرب من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، «ان سورية بلد لديه قوة جوية حقيقية، مع اكثر من 500 طائرة مقاتلة، وجيش حقيقي يتألف من اكثر من 300 الف جندي، و100 الف في تنظيمات شبه عسكرية، و300 الف في الاحتياط». ويضيف: «هذا بلد بامكانه حقيقة الذهاب الى حرب».
لكن تصريحات هاس، التي جاءت اثناء حوار على شبكة «بي بي اس»، تشي بأنه اما لا يعرف الكثير عن سورية، او انه يطلق تصريحاته للدفاع عن مواقف الادارة التي تحاول الابتعاد عن الحرب هناك، اذ يبدو ان في الحديث عن القوة الجوية السورية بعض المبالغة خصوصا بالنظر الى المرات التي اغارت فيها المقاتلات الاسرائيلية على اهداف سورية في السنوات القليلة الماضية، ودمرت مفاعلا نوويا ورادارات طائرات واهدافا عسكرية اخرى، من دون ان تواجه اي مقاومة سورية جوية او ارضية جوية تذكر، ولا حتى ردات فعل.
ويختم هاس مدافعا عن قرار ادارة اوباما بعدم التدخل عسكريا ضد الاسد بالاشارة الى ليبيا والتعبير عن بعض الندم للحملة العسكرية التي تم شنها هناك: «في ليبيا، نرى بعض الصعوبات هناك الآن في مرحلة ما بعد الاطاحة في القذافي».
وعبر شاشة «بي بي اس» اطلت ايضا الصحافية نانسي يوسف، وهي من وكالة «ماكلاتشي نيوز»، التي كانت اولى الوكالات التي نسبت الى مصادر اميركية استخباراتية ترجيحها ان التفجيرات في دمشق وحلب كانت تحمل بصمات «تنظيم القاعدة»، رغم ان وكالات الاستخبارات الاميركية الاخرى توصلت الى استنتاجات، بناء على دلائل قدمها ثوار سوريون، تؤكد وقوف مؤيدي الاسد، وبعضهم من رجال الدين المسيحيين، خلف بعض التفجيرات المذكورة.
وفي اطلالتها، تشير يوسف الى تصريحات مدير «الاستخبارات الوطنية» جايمس كلابر، الذي تحدث عن تورط «القاعدة» في سورية اثناء احدى جلسات الاستماع. وتنسب يوسف الى كلابر قوله ان «80 في المئة من المشاة في الجيش السوري مازالوا يؤيدون الاسد». وتختم بالقول: «حول عدم الاستقرار، هل يمكننا ان نتسبب بذلك في بلد هو مفتاح العلاقات الشيعية السنية»؟
من اغناتيوس الى هاس ويوسف وكلابر، تبدو ادارة الرئيس اوباما تعمل بطاقتها القصوى للتهويل من مغبة الذهاب الى الحرب في سورية، ولتأكيد نجاعة السياسة الاميركية الحالية، على الرغم من تخطي عدد القتلى السوريين العشرة الاف حسب التقديرات الاميركية، او حسب تعبير توم مالينوسكي، المسؤول في «هيومن رايتس واتش»، الذي قال ان ما يحصل في حمص تخطى ما حدث في البوسنة في سراييفو في التسعينات، وما فعله الروس اثناء تدميرهم غروزني بين العامين 1998 و2000.
لكن رغم ارتفاع عدد القتلى السوريين، لاتزال ادارة اوباما معارضة لاي تدخل عسكري في سورية، وهو ما سيقوله فيلتمان وفورد غدا، وهو ما سيعارضه اعضاء مجلس الشيوخ بشدة، مما يرجح ان تتحول جلسة الاستماع الى مواجهة حامية بين سلطتي واشنطن التشريعية والتنفيذية.

الجمعة، 24 فبراير 2012

اوباما: رئيس بلا أسنان

حسين عبد الحسين
المجلة

تستخدم دوائر السياسة في الولايات المتحدة تعبيري "الأسنان" و"العض" للدلالة على فاعلية مشروع ما في مجلس الأمن أو قوة هذا السياسي أو الجيش أو ما شابه. وفي يونيو (حزيران) 2010، على اثر صدور قرار مجلس الأمن رقم 1929 الذي فرض عقوبات اقتصادية على إيران، علقت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالقول ان العقوبات الأممية “ستعض”، أي أنها بكلام آخر ستؤذي النظام في طهران.

هذا الأسبوع، احتفلت واشنطن بعيدها الوطني "يوم الرئيس". وللمناسبة، أصدر الكاتب المرموق جين ادوارد سميث كتابا بعنوان "ايزنهاور في الحرب والسلم" تناول فيه حياة دوايت ايزنهاور، رئيس أميركا لولايتين بين 1952 و1960. وسبق لإيزنهاور أن عمل قائدا للقوات الحليفة المسلحة، ونفذ بنجاح خطة اجتياح خليج نورماندي الفرنسي في العام 1944، ومن ثم ساهم في دحر الاحتلال الألماني لفرنسا، والقضاء على النظام النازي في برلين.

إلا أن بطل الحرب العالمية الثانية ايزنهاور، هو من الرؤساء الأميركيين القلائل ممن لم تشهد رئاستهم مقتل أي جندي أميركي، على الرغم من أن الرئيس الجنرال تسلم الحكم في وسط الحرب الكورية، فساهم في انهائها، ورفض نجدة الفرنسيين في مستنقع فيتنام، كما رفض المشاركة في العدوان الثلاثي، الإسرائيلي – الفرنسي – البريطاني، على بورسعيد في العام 1956 على اثر تأميم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر قناة السويس.

ويعتبر سميث، الذي سبق أن كتب سيرة حياة رئيسين سابقين لإيزنهاور هما جورج واشنطن وفرانكلين ديلانو روزفلت، أن الرؤساء ممن خدموا في الجيش، يندر أن يأمروا بشن حروب، ربما لأن هؤلاء الرؤساء الاميركيين يعلمون تكلفة الحرب الباهظة اثناء خدمتهم، فنراهم يتفادون الذهاب اليها أثناء رئاستهم للبلاد.

باراك أوباما هو أحد الرؤساء الأميركيين المترددين دوما في الذهاب الى أي حرب. وعلى غرار ايزنهاور وإنهائه للحرب الكورية وامتناعه عن خوض حرب في فيتنام، قام أوباما بإنهاء الحرب في العراق وهو يعمل جاهدا لإنهاء الحرب في افغانستان. أما مشاركة الولايات المتحدة في التحالف الدولي، الذي دعم ثوار ليبيا لإطاحة العقيد الليبي معمر القذافي وحكمه، فجاءت مترددة، بعدما أرفقها أوباما بعبارة "القيادة من الخلف".

بيد أن التشابه في الأسلوب بين ايزنهاور، العسكري، وأوباما، رجل القانون، في محاولتهما تفادي خوض الولايات المتحدة للحروب، ينقلب تماما عندما يتعلق الأمر بحجم النفوذ الكبير الذي مارسته واشنطن تحت حكم ايزنهاور، والضئيل جدا الذي تمارسه اليوم تحت قيادة اوباما، على الرغم من التشابه الكبير في الظروف في فترتي حكمهما، فايزنهاور ورث حكومة كانت خرجت من حرب كونية مدمية، أدت الى ديون باهظة، وكذلك تسلم اوباما بلادا خاضت حربين طويلتين واقتصادا محطما.

كما دخل الاثنان البيت الأبيض والقوة العسكرية الأميركية لا تضاهى، بل انها في زمن اوباما تبتعد بمسافات هائلة في الصدارة عن اقرب منافسيها.
لكن يبقى السؤال هنا على الشكل التالي: لماذا نجح ايزنهاور في إبقاء السطوة الاميركية حول العالم، فيما يفشل اوباما في ذلك، على الرغم من تشابه الظروف واصرار كل منهماعلى تفادي الحروب؟
الإجابة معقدة، ولكن يبدو ان جزءا اساسيا منها يتعلق باختلاف اسلوب الرجلين، فايزنهاور نجح في كبح جماح العدوان الثلاثي على مصر، باتخاذه موقفا حازما فقط، ومن دون اضطراره لتحريك اي قطعات عسكرية. اما اوباما، فغالبا ما تبدو مواقفه في السياسة الدولية مترددة، ويجزم معاونوه في مواقفهم بعدم استخدام القوة العسكرية، مغلقين باب المناورة الدبلوماسية، فيما تنقلب مواقفهم على نفسها مرات ومرات، وغالبا ما تتضارب تصريحاتهم. هذا الارتباك الاميركي أدى الى فراغ دولي، تحاول دول اقل شأنا من الولايات المتحدة، مثل روسيا وإيران، ملأه في مناطق متعددة من العالم، منها الشرق الأوسط.
ومن المقارنة بين ايزنهاور واوباما، لا يبدو أن نفوذ واشنطن العالمي يتعلق باقتصاد الولايات المتحدة، ولا بقوتها العسكرية، بل بشخصية الرئيس. هذه الشخصية، حتى لو تشابهت في تفضيلها السلم على الحرب، تبقى مختلفة في طبيعتها وجوهرها.

في حالة اوباما، يبدو حتى الآن أنه أحد أقل الرؤساء الأميركيين فاعلية في السياسة الخارجية، أو على حد التعبير الأميركي، رئيس بلا أسنان.

الخميس، 23 فبراير 2012

الرئيس الأميركي سيطلب من نتنياهو «تأجيل» ضرب إيران إلى 2013

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تتوقع مصادر اميركية ان يطلب الرئيس باراك اوباما من ضيفه رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، اثناء الاجتماع المقرر بينهما في 5 مارس «تأجيل» توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية الى المنشآت النووية الايرانية حتى مطلع العام المقبل.
وفيما سيحاول اوباما تعليل التأجيل بانتظار «اكتمال الصورة» الديبلوماسية والسياسية واللوجستية، يجمع الخبراء والمعنيين على ان جدول اوباما يرتبط حصرا بالانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل.
وكان المعلق في صحيفة «واشنطن بوست» دايفيد اغناتيوس كتب، مطلع هذا الشهر نقلا عن مصادر مقربة من وزير الدفاع ليون بانيتا، ان اسرائيل ستوجه ضربة عسكرية الى ايران «في ابريل او مايو او يونيو». ولم ينف بانيتا اثناء ظهوره على برامج تلفزيونية مختلفة اقوال اغناتيوس، ما جعل معظم الخبراء في العاصمة الاميركية يعتقدون ان تل ابيب اعلمت واشنطن فعليا بنيتها توجيه الضربة العسكرية في المستقبل القريب.
وعزز شكوك الخبراء حول قرب الضربة الاسرائيلية لايران الحركة المكثفة بين العاصمتين، اذ زار اسرائيل هذا الاسبوع كل من مستشار الامن القومي توم دونيلون ورئيس الاستخبارات الوطنية جايمس كلابر، في وقت وجه المسؤولون الاسرائيليون الكبار، من امثال نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك، نقدا لاذعا لرئيس الاركان الاميركي جايمس ديمبسي اثر تصريح للاخير، بعد زيارته اسرائيل ايضا، جاء فيه انه لا يعتقد ان على الولايات المتحدة «الاستعجال» في الذهاب الى الحرب ضد ايران.
ورد نتيناهو باتهام ديمبسي بأن تصريحاته «تخدم مصالح ايران»، وهي من المرات النادرة التي يجد فيها جنرالات الجيش الاميركي انفسهم عرضة لاي انتقادات سياسية اذ غالبا ما يؤخذ رأيهم على انه الواقعي والموضوعي بعيدا عن الحزبية والحسابات السياسية.
بعد كل تصريحات كبار المسؤولين في ادارة الرئيس الأميركي، وحتى بعد تشديد العقوبات الاميركية والحليفة على ايران، مازال اوباما يجد نفسه في مأزق مع الاسرائيليين، فالرئيس الاميركي يحاول تفادي خوض الحروب من اي نوع كانت في هذه السنة الانتخابية حتى لا يضعضع فرص فوزه بولاية ثانية، وهو في الوقت نفسه يحتاج الى صوت اليهود الاميركيين، وخصوصا في ولاية فلوريدا التي يعتقد انها - على غرار انتخابات العام 2000 التي فاز بها جورج بوش الابن بقرار من المحكمة العليا - ستكون مرجحة.
هذا المأزق الانتخابي اليهودي دفع اوباما الى ادارة دفة الموضوع الاسرائيلي - الايراني شخصيا، فقرر القاء خطاب في مؤتمر لوبي «ايباك» الموالي لاسرائيل يوم 4 مارس المقبل. وفي اليوم التالي للخطاب، سيستضيف اوباما نتنياهو في المكتب البيضاوي في البيت الابيض في جلسة سيتصدرها ملف ايران النووي.
وتقول مصادر البيت الابيض ان الرئيس الاميركي سيقدم الى ضيفه الاسرائيلي دلائل استخباراتية اميركية تؤكد انه حتى لو قررت ايران غدا بناء قنبلة نووية، «ستحتاج الى عام آخر من التخصيب ومن ثم عام او عامين لتجهيز صواريخها برؤوس نووية».
الا ان المصادر نفسها تتوقع ان يصر نتيناهو على مقولة ان «ايران نووية تشكل خطرا وجوديا على دولة اسرائيل»، وان يقدم بدوره دلائل استخباراتية اسرائيلية تظهر ان طهران في طور نقل التخصيب الى منشأة جبلية محصنة قرب مدينة قم، وهذا ان حصل، يقلص فرص نجاح اي ضربة اسرائيلية للمنشآت النووية، و»لا يعود مصير اسرائيل في يدها»، بل تصبح تحت رحمة الولايات المتحدة التي تنفرد بمقدرتها على تدمير هكذا منشأة، حتى بعد نقلها الى داخل الجبال المحاذية لقم.
وتضيف المصادر ان اوباما قد ينجح في اقناع نتنياهو بتأجيل الضربة الاسرائيلية من ابريل الى يناير 2013، وترجح في تلك الحالة احتمال ان يطلب نتيناهو من الرئيس الاميركي ان تقوم واشنطن بتزويد اسرائيل تكنولوجيا وقنابل تجعلها قادرة على اختراق تحصينات قم الجبلية.
في هذه الاثناء، لم يكتف نتنياهو بالضغط الاعلامي على ادارة اوباما لحملها على الموافقة على ضرب اسرائيل لايران، او لدفع واشنطن للقيام بتوجيه ضربة، فعمد اللوبي الاسرائيلي على حث اعضاء مجلس الشيوخ على اصدار قانون «يقفل الباب في وجه احتمال حصول ايران على السلاح النووي» وتاليا يقضي على اي سياسة «احتواء» لايران نووية.
وتبنى عدد من اعضاء المجلس مسودة مشروع القانون، واحالوه الى لجنة الشؤون الخارجية، التي يتوقع ان تصادق عليه بسرعة وتعيده للهيئة العامة. مشروع القانون الذي يحمل الرقم 380 حمل عنوان «اهمية منع حكومة ايران من حيازة قدرة بناء اسلحة نووية».
وجاء في المسودة ان مجلس الشيوخ «يؤكد ان مصالح الولايات المتحدة الحيوية تكمن في منع حكومة الجمهورية الاسلامية في ايران من حيازتها اسلحة نووية»، و»يحذر من ان الوقت» لمنع ايران «محدود».
وختمت المسودة بالقول ان المجلس يعبر عن دعمه «للطموحات الديموقراطية للشعب الايراني، ويرفض اي سياسة اميركية من شأنها ان تقوم على مجهود احتواء ايران نووية».

السبت، 18 فبراير 2012

أنتوني شديد عاشق الهجرة المتعاكسة عاكسته هجرة الحياة في شمال سورية

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

عندما التقيته للمرة الاولى كنا في مراحل متعاكسة من حياتنا: انا كنت وصلت توي من بيروت الى مهجري في العاصمة الاميركية آتيا من الشرق الى الغرب، وهو كان يستعد لهجرة معاكسة من الغرب الى الشرق ليسكن في قرية اجداده، جديدة مرجعيون، في الجنوب اللبناني. لم تكن هجراتنا وحدها المتعاكسة، بل وجهات نظرنا في مواضيع السياسة كذلك. 
انتوني شديد، مراسل «واشنطن بوست» وفي ما بعد «نيويورك تايمز» في الشرق الاوسط، كان يلقي باللائمة على الدول الغربية لتردي اوضاع الشرق الاوسط، فيما خالفته انا الرأي مرارا مصرا على ان للعوامل المحلية دورا كبيرا في تقويض دول العرب وشؤون معاشهم.
شديد، لبناني - اميركي من الجيل الثالث، اي ان أبويه ولدا في الولايات المتحدة لاجداد هاجروا من لبنان في العشرينات من القرن الماضي. والده من آل شديد ووالدته من آل سمارة، والعائلتان على مذهب الروم الاورثوذوكس. 
قال لي انتوني انه نشأ في بيئة لبنانية في ولاية اوكلاهوما الاميركية الجنوبية. كانت الكنيسة التي يرتادها انتوني وعائلته لبنانية. قساوستها لبنانيون وروادها كذلك.
الاكل في المنزل كان لبنانيا. كانت عائلته والمحيطون به يتمسكون بجذورهم حتى في المهجر. بيد ان اللغة العربية هي الشيء الوحيد الذي لم تحافظ عليه عائلتا شديد او سمارة، ما اجبر انتوني على الالتحاق بأحد معاهد القاهرة ليتعلم العربية بعد تخرجه في الجامعة في ولاية ويسكونسن فيما كان يبلغ من العمر 23 عاما.
داخل انتوني كان حبه لاستكشاف الجذور. من يعرفه يعلم انه كان يحاول في كل مرة ان يعيش القصص التي يكتب عنها. اثناء جلستنا في احد مقاهي واشنطن، اراني صورا على كمبيوتره المحمول من تغطيته للحرب الاميركية في العراق التي اطاحت بصدام حسين ونظامه. 
احدى الصور كانت لفتوى استحصلها شديد من المرجع الشيعي السيد علي السيستاني اثر اقتراح حاكم العراق المدني في حينه بول بريمر تعيين برلمان وحكومة قبل الانتخابات. ذهب شديد الى النجف، وطلب اجراء مقابلة مع السيستاني، الا ان مساعدي الاخير قالوا له ان المرجع لا يعطي لقاءات صحافية، لكنهم اقترحوا عليه كتابة سؤاله على ورقة للحصول على اجابة، وجاءت فتوى السيستاني مسجلة باسم انتوني شديد وفيها رفض المرجع لاقتراح بريمر.
الصور الاخرى كانت لاقاربي في بغداد، الذين عرفونا ببعضنا البعض، في حدائق بيوتهم، فؤاد وياسمين ولبنى، تحدثنا عنهم ولم يقل لي يومها انه كان ينوي ان يكتب قصصهم واحاديثه معهم في كتابه الثاني «عندما يدنو الليل» الذي صدر العام 2005.
انتقلنا للحديث عن لبنان.
قال لي انتوني انه كان ينوي اعادة ترميم دار جده الكبير، والد جدته، في جديدة مرجعيون، والانتقال للعيش فيه. كان يحلم ان يعود الى شرق اوسط تغيرت معالمه، الى ذلك الزمان الذي عاش فيه اجداده في لبنان. اجبته ان الواقع تغير كثيرا ورحت اروي له اقاصيص من تلك القرى، التي عرفتها عن كثب بعد الانسحاب الاسرائيلي العام 2000. 
كان انتوني يكره ما كان يعتقده «هجرة المسيحيين فقط» من مناطق الجنوب اللبناني، وكان يعتقد ان التنوع الديني والمذهبي هو «سر جمال» البلاد. لكني رويت له قصة آل طراد من المذهب الشيعي، وهم اصدقاء لي من قرية دبين المجاورة لمرجعيون. عدد كبير من اجدادهم هاجروا الى المكسيك. منهم من عاد بعدما جمع ثروة، فاشترى املاكا في بيروت وانتقل اليها. الجيل الثالث من العائلة اصبح في استراليا وكندا والخليج ودنيا الله الواسعة.
الهجرة اللبنانية لم تنحصر بمذهب، بل النمو السكاني الكبير للمسلمين في مقابل نظيره الضئيل لدى المسيحيين هو ما يفرغ القرى اللبنانية من مسيحييها.
نعود للحديث عن المسيحيين المشرقيين، ويحدثني عن قبيلة غسان ويعتبر ان اجداده منها.
اقول له انهم الغساسنة، وقد اسسوا لهم مملكة جنوب سورية، وكانوا عربا وثنيين ثم اصبحوا نصارى، ودخل كثيرون منهم الاسلام ابان الفتوحات في القرن السابع. كان انتوني مهتما بـ «المسيحيين العرب»، فأقول له انه باستثناء الكنيسة المارونية الانطاكية، يندر ان يعتبر مسيحيو الطوائف المشرقية الاخرى انفسهم الا عربا اقحاحا. أرى ابتسامة ارتسمت على وجهه.
انتوني كان مسيحيا عربيا، وكان مصمما على العودة الى جذوره في هجرة معاكسة كان يأمل ان تكبر يوما وتعيد الازدهار المسيحي الى المشرق العربي. 
لذلك، انهى انتوني زواجه من زوجته الاميركية، وهي دكتورة وله منها ابنته ليلى البالغة من العمر 10 اعوام. انتقل الى بيروت، وهناك تزوج من الزميلة مراسلة «نيويورك تايمز» ندى بكري وانجبا طفلا اسمياه مالك ويبلغ من العمر سنة ونصف السنة.
بعد لقائنا في واشنطن، انقطع التواصل بيننا حتى اندلاع الثورة المطالبة بانهاء حكم الرئيس السوري بشار الاسد في مارس الماضي. 
استفقت على مقابلة في «نيويورك تايمز» كان اجراها مع اركان حكم الاسد في دمشق، ابرزهم ابن خال الاسد رجل الاعمال رامي مخلوف. راسلته معتبرا ان الذهاب الى سورية والحديث مع المسؤولين من دون نقل الصورة كاملة بالتجول في المدن الثائرة كان بمثابة دعاية مجانية للنظام على حساب المعارضين لاستمراره. 
في اجابته، قال لي انتوني ان مخلوف حمله تهديدا الى قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان بأنها ستتعرض لهجمات في حال استمرت التظاهرات داخل سورية.
لم ينشر انتوني هذا الجزء من الحوار مع مخلوف، لكنه اتصل بكبار المسؤولين في «اليونيفيل» ونقل اليهم تهديدات ابن خال الرئيس السوري. بعدها بأسابيع، استهدفت احد التفجيرات دورية لـ «اليونيفيل» في جنوب لبنان.
لم يحاول انتوني تبرير ذهابه الى دمشق للقاء المسؤولين فقط. قال انه كان يأمل ان تكون هناك فرص مستقبلية تسمح له بنقل معاناة ضحايا عنف نظام الاسد ضدهم الى الرأي العام الدولي. 
الخميس الماضي، كانت احدى الفرص التي كان انتوني يأمل انها ستسمح له بلقاء السوريين ونقل معاناتهم. لم أكن اعرف ان تلك الفرصة ستكون الاخيرة له. دخل شديد يرافقه مصور اميركي الاراضي السورية عبر تركيا ممتطين احصنة، بمساعدة مهربين عبر الحدود. في طريق العودة، تحركت حساسية انتوني من الاحصنة وادت الى ازمة ربو خانقة وانهياره، فحمله رفيقه عبر الحدود حتى وصل الى اقرب رعاية صحية، لكنه كان رحل الى رحمة ربه.
كان انتوني شديد رقيقا، ملتصقا بالناس وحكاياتهم، نسج لنفسه عالما جميلا في المشرق العربي وحاول ان يعيش فيه. من يعرفه، لم يكن يتصور ان الرجل الذي اصيب بطلق ناري في ذراعه في الضفة الغربية اثناء تغطيته للانتفاضة الثانية في العام 2002، والذي كتب مرارا تحت القصف في بغداد اثناء حرب 2003، والذي تم اختطافه على يد مؤيدي معمر القذافي ثم تحريره في ليبيا العام الماضي، ستقتله أزمة ربو.

الأربعاء، 15 فبراير 2012

المرشّحون وانعدام الواقعية

حسين عبد الحسين
المجلة

غريب هو الشعور الذي ينتاب المرشحين إلى المناصب العامة. ويبدو أن كاميرات وأضواء الإعلام وعيون الحشود تساهم في زيادة الحماسة لدى المرشحين، فيتمادون في إطلاق الوعود التي غالبا ما يتضح ان تنفيذها هو من شبه المستحيلات.
ولا يشذ مرشحو الحزب الجمهوري الى الرئاسة الأميركية عن القاعدة، فنرى مت رومني يعد بخلق وظيفة لكل اميركي في المئة اليوم الأولى، في حال وصوله الى البيت الأبيض، وكذلك يتحدث المرشح ريك سانتوروم عن الانقلاب الفوري، الذي سيحدثه انتخابه في اسلوب التعاطي السياسي في واشنطن، كما في اعادة المبادئ المسيحية المحافظة الى صلب الحياة العامة في البلاد.
ووصلت غرابة الوعود الرئاسية، الى الحد الذي وعد فيه المرشح نيوت غينغرتش بإنشاء قاعدة اميركية على القمر، تتحول الى مدينة فيما بعد، ويمكن لسكانها ان يوقعوا عريضة ليطالبوا بانضمامهم الى الولايات المتحدة، فتصبح المدينة القمرية الولاية الواحدة والخمسين في البلاد. كل ذلك، يعتقد غينغرتش، ممكن ان يحدث قبل نهاية ولايته الثانية، اي قبل حلول العام 2020.
وعود المرشحين هذه لا تنحصر في الجمهوريين، بل هي اقرب الى كونها آفة عامة يتوجه بموجبها المرشحون حول العالم الى الناخبين مغدقين عليهم بالوعود على قاعدة “سأقول أي شيء اذا كان ذلك سيدفعكم الى انتخابي”.
والطريف في الموضوع ايضا ان معظم الناخبين، غالبا ما يدب فيهم النسيان، فلا يطالبون المرشحين بتنفيذ وعودهم بعد وصولهم الى المناصب العامة. حتى الرئيس باراك اوباما، الذي احدثت حملته الانتخابية اهتزازا شعبيا لف الكوكب بأكمله، لم يختلف عن المرشحين الجمهوريين او اي مرشحين حول العالم في تقديمه للوعود.
اوباما مثلا وعد بالتوصل الى حل سلمي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي قبل نهاية ولايته الاولى، اي هذا العام. كما وعد بإغلاق غوانتانامو في الأيام المئة الاولى من حكمه، وسحب الجيش الاميركي من العراق بعد مرور ستة اشهر على توليه الحكم، وخفض العجر السنوي في الميزانية الاميركية الى النصف مع حلول العام الحالي ايضا.
نحن اليوم في العام 2012، ولا تلوح حتى بوادر استئناف محادثات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين بعد نجاح رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتيناهو في إلحاق هزيمة سياسية بأوباما، اما معتقل غوانتانامو فبلغ السنة العاشرة على افتتاحه الشهر الماضي، مع بقاء عدد من المعتقلين داخله من دون محاكمة، ولم ينسحب الجيش الأميركي من العراق حتى حلول السنة الثالثة من حكم اوباما، فيما اظهر اعلان موازنة العام 2013 بقاء العجز السنوي على حاله اي في حدود الترليون سنويا.
وإنصافا لأوباما، فهو نجح في اقرار قانون الرعاية الصحية الذي وعد به، ولكن بعد معركة سياسية أدمت حزبه وكلفته الانتخابات النصفية في عام 2010. كما نجح الرئيس الاميركي في فرض عدد من التشريعات التي وعد بها، ان كان في تعديل بعض قوانين الخدمة العسكرية أو الحد من سطوة المصارف.
لكن بشكل عام، يبقى اوباما بعيدا كل البعد عن تحقيق حتى نصف ما وعد به، وهذا الاخلال بالوعود ليس تهمة ضد الرئيس الاميركي، بل هو سمة عامة للمرشحين الى جميع المناصب العامة، وفي كل الدول، وفي مختلف الازمان، اذ ان التجربة وحدها هي التي تصقل المرشح وتقربه من الواقعية، لذا من غير المرجح ان يقدم وعودا كبيرة في هذه الحملة الانتخابية، على غرار تلك التي قدمها ابان ترشيحه الاول قبل اربع سنوات.
على ان بحبوحة رومني الفورية، وتغييرات سانتوروم الجذرية، وغزو غينغرتش للقمر، ستستمر كجزء من الوعود غير الواقعية، والتي تقارب احيانا حد الطرافة، وهو ما يثبت فكرة انه، وبشكل عام، نادرا ما يتحلى المرشحون الرئاسيون، وغيرهم من المرشحين الى مناصب اخرى، بواقعية تذكر.

الثلاثاء، 14 فبراير 2012

واشنطن «محبطة» بعد فشل رهانها على أنقرة في إنهاء أزمة سورية واخراج الأسد من الحكم

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

تعكف دوائر رسم السياسة الخارجية الاميركية على اجراء «تقييم» روتيني للدور التركي في منطقة الشرق الاوسط، في ضوء المستجدات في المنطقة، وخصوصا في سورية وايران. 
وما يزيد في تعقيد الرؤية الاميركية تجاه تركيا الاعتقاد بأن الوضع الصحي لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان قد يرغمه على اعتزال السياسة في المستقبل القريب، ما يفتح باب «خلافته» على مصراعيه بين مرشحين محسوبين على تيارات ورؤى تركية مختلفة داخل الحزب الحاكم.
«خدمة ابحاث الكونغرس» اصدرت دراسة وصفت فيها السياسة التركية الخارجية بـ «المليئة بالتناقضات» و«الخليط غير الممكن استمراره» خصوصا لناحية «استمرار التحالف مع الولايات المتحدة والمواجهة مع اسرائيل»، اضافة الى نموذج تركيا «الاقتصادي - الاجتماعي المبني على دخول اوروبا في وقت لاتزال المحادثات مع الاتحاد الاوروبي متوقفة». 
وتحدثت الدراسة عن تناقض «بين الحماسة التركية للديموقراطية الاسلامية، واستمرار علاقات (انقرة) مع ديكتاتوريات»، فضلا عن «اظهار التقوى الاسلامية في الحياة السياسية وفي الوقت نفسه دعم الدستور العلماني».
الا ان اكثر ما يقلق مخططي السياسة الاميركية هو «اقتران التناقضات التركية باعتماد انقرة لسياسة الوجهين»، حسب احد المشاركين في الدراسة التقييمية الاميركية تجاه تركيا وسياساتها. ويقول الباحث الاميركي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان «تركيا وافقت على نشر درع ناتو المضادة للصواريخ على اراضيها، وهي خطوة موجهة ضد ايران، وفي الوقت نفسه يستمر الدفاع التركي عن اي اجراءات عقابية ضد البرنامج النووي الايراني».
وكان وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو، الذي زار العاصمة الاميركية ووصف اثناء زيارته اي ضربة عسكرية الى ايران بـ «الكارثة»، اعرب عن معارضة بلاده لفرض عقوبات اقتصادية ضد طهران، وشدد على المفاوضات كمخرج وحيد للأزمة بين العالم وايران حول برنامج الاخيرة النووي.
الا ان تصريحات اوغلو اثارت حفيظة عدد كبير من السياسيين الاميركيين، وخصوصا من الحزب الجمهوري، فتصدرت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس اليانا روس ليتنن الهجوم على المسؤول التركي، وحضّت، في بيان، تركيا على اعادة النظر في سياساتها وعلى «فعل كل ما تقدر عليه من اجل زيادة الضغط على ايران لدفعها للتخلي عن برنامجها النووي».
على ان ما لم يقوله الاميركيون علنا هو اقل ما يشغل بالهم حيال تركيا، فمسؤولو الادارة يدركون ان تركيا لا تدير ظهرها الى المجتمع الدولي فحسب في الموضوع الايراني، بل «تحاول انقرة المحافظة على الخط التجاري مع طهران والذي يقدر حجمه السنوي بخمسة مليارات دولار».
كما يعتقد عدد من المسؤولين الاميركيين ان اوغلو هو احد ابرز المرشحين لخلافة اردوغان، وان وزير الخارجية التركي، وهو «من اكثر الاسلاميين قربا الى طهران»، يتموضع بهذا الشكل في سياسته الخارجية لاسباب داخلية تتعلق في السباق على الخلافة في انقرة.
على ان اكبر خيبات الامل الاميركية من الحليفة التركية يكمن في فشل انقرة في تقديم اي حلول ملموسة للوضع السوري. 
ومع انه لم يتسرب الكثير من مضمون لقاءات اوغلو مع المسؤولين الاميركيين، الا ان مسؤولا رفيعا اكد لـ «الراي» ان «اوغلو كرر مرارا عبارة ان تركيا تعتبر سورية بمثابة الشأن الداخلي، وان انقرة لا تعتقد ان الازمة السورية تدخل في مضمار سياساتها الخارجية».
لكن رغم «الحساسية الداخلية» التركية حيال الاوضاع في سورية، يأخذ المسؤولون الاميركيون على نظرائهم الاتراك «كثرة الاقوال وقلة الافعال». 
وقال المسؤول الاميركي ان واشنطن اعتقدت لفترة انه يمكن ان تقوم انقرة «بمد الجيش السوري الحر بالدعم اللوجستي لمساعدته في حسم المعركة في وجه (الرئيس السوري) بشار الاسد». 
كما انه سبق لوزارة الدفاع الاميركية ان وضعت مسودات لخطط تدخل عسكري في سورية، سبق ان نشرت «الراي» لمحات منها، تتصدر فيها تركيا الحملة العسكرية، بمشاركة عربية واسناد اميركي اوروبي، وتؤدي الى انشاء حزام آمن، شمال سورية، للثوار والمدنيين السوريين الفارين من عنف قوات الاسد. 
الا ان «تركيا لم تبد أي حماسة لأي تدخل عسكري في سورية، وهي لم تبادر الى قطع علاقاتها التجارية مع نظام الاسد الى أن توقفت التجارة بين البلدين من تلقاء نفسها بسبب تدهور الاوضاع الامنية»، يضيف المسؤول الاميركي. 
وعن تسليح الثوار السوريين، سبق للديبلوماسي فردريك هوف، الذي زار انقرة مرارا، ان قال في جلسة استماع في الكونغرس في 14 ديسمبر الماضي: «ما قاله لنا الاتراك، ونحن ليس لدينا سبب لعدم تصديقهم، انهم لا يسلحون الجيش السوري الحر وارسالهم عبر الحدود الى سورية». واضاف هوف في حينها «اكيد ان تركيا تدرس خيارات كثيرة جدا جدا بناء على سيناريوات متعددة، لكن حسب علمي، لا توجد حتى الان خطط قريبة لاقامة احزمة آمنة على الاراضي السورية».
هذا الموقف التركي نفسه حيال سورية، اي درس خط وخيارات وعدم تسليح الثوار او نية التدخل العسكري، سمعه المسؤولون الاميركيون من اوغلو الاسبوع الماضي. «بعد ما يقارب العام على اندلاع الثورة في سورية، ورغم تصريحاتهم النارية ضد الاسد، مازال الاتراك يدرسون خياراتهم... هذه سياسة تبدو كأننا في انتظار قطار لن يصل»، يختم المسؤول الاميركي.
«الراي» سألت كذلك ديبلوماسيين اوروبيين في واشنطن عما رشح اليهم حول زيارة اوغلو والموقف الاميركي من تركيا. يقول احد الديبلوماسيين: «هناك احباط اميركي من الاتراك بعد ان راهنت واشنطن انه بامكان انقرة انهاء الازمة السورية واخراج الاسد من الحكم».
يضيف الديبلوماسي الاوروبي: «لكن ماذا تتوقع من دولة تعارض الحرب للتخلص من حكم (الليبي معمر القذافي)، ثم يقوم مسؤولوها بأول زيارة الى بنغازي عاصمة الثوار». ويختم: «وفي يوم آخر، يرسل الاتراك سفينة لكسر الحصار الاسرائيلي على غزة ويتوعدون اسرائيل بالحرب، وهم خلف الكواليس يبتاعون الطائرات من دون طيار وعتاد اسرائيلي من انواع مختلفة».

الأحد، 12 فبراير 2012

عدم واقعية السفير الأميركي في دمشق دفع مجلس الشيوخ إلى التحرّك تجاه سورية


واشنطن - من حسين عبدالحسين |
جريدة الراي

دفع فشل سياسة ادارة الرئيس باراك اوباما تجاه سورية، والتي يرسمها السفير الاميركي لدى دمشق روبرت فورد، اعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الديموقراطي والجمهوري الى الاسراع في اصدار قانون يفرض على الادارة تقديم مساعدات مادية عينية الى السوريين المطالبين برحيل الرئيس بشار الاسد ونظامه.
وتعتقد مصادر مجلس الشيوخ ان سياسة فورد، الموجود حاليا في واشنطن، والقاضية بالمطالبة بالتغيير السلمي حصرا في سورية، «فيها شيء من الخيال وعدم الواقعية، في وقت تقوم القوات الموالية للأسد بتنفيذ مجازر جماعية بحق المدنيين السوريين».
وتقول مصادر المجلس ان خدمة فورد ديبلوماسيا في العراق قد تكون اثرت في فهمه لشؤون المنطقة ودفعته الى رؤية الوضع السوري من منظور عراقي.
وكان فورد كتب، اول من امس، في صفحة السفارة الاميركية في سورية على موقع «فيسبوك» انه مازال يدعم «انتقالا سلميا للشعب السوري»، مضيفا: «نحن وحلفاؤنا الدوليون نأمل في ان نرى انتقالا يمد اليد إليهم ويشمل كل الطوائف السورية ويعطي الشعب السوري املا بمستقبل افضل». وختم «ان خدمتي لفترة سنة في سورية تنبئني ان انتقال كهذا ممكن، ولكن ليس عندما يقوم طرف واحد بالقيام بهجمات ضد الناس التي تختبئ في بيوتها».
كارثية فهم فورد لسورية تكمن في اعلانها «الحصرية السلمية» لانتقال السلطة في سورية، وهو ما يعطي الاسد ضمانات بأن هجمات قواته ضد المدنيين لن تؤدي ابدا الى حملة عسكرية تطيحه من الحكم، حسب مساعدين لاعضاء في مجلس الشيوخ شاركوا في صياغة مشروع القانون حول سورية.
وقال هؤلاء للـ «الراي»، شرط عدم الافصاح عن هويتهم، ان «الديبلوماسية غالبا ما تبنى على مبدأ الجزرة والعصا، حتى لو كانت العصا وهمية، وما يفعله فورد هو قيامه بالتأكيد للأسد ان المجتمع الدولي سيقف مكتوف اليدين ويكتفي بالدعاء للسوريين بالنجاح في مواجهتهم ضد الاسد، الى ان يقبل الاسد من تلقاء نفسه التراجع والتنازل عن السلطة». واضاف المساعدون أنفسهم ان «انهزامية فورد هذه ادت الى ضعضة بين افراد المعارضة السورية، وتراجع عدد كبير من الشخصيات عن المواجهة وقبولهم مبدأ الحوار مع الاسد، وهي فكرة لا تلقى رواجا على ما يبدو لدى المتظاهرين السوريين على الرغم من اصرار فورد عليها». وختموا ان الاستمرار في سياسة فورد تجاه سورية من شأنه ان «يقدم فرصا كبرى للأسد في نجاحه في القضاء على الثورة المطالبة له بالتنحي».
ولأن «السيل بلغ الزبى» في مجلس الشيوخ تجاه ما يراه الاعضاء «سياسة الركبتين الضعيفتين تجاه الاسد، التي تتبعها الادارة»، قام عضو المجلس الديموقراطي عن ولاية بنسلفانيا روبرت كايسي، وزميله عن ولاية فلوريدا والنجم الصاعد في الحزب الجمهوري ماركو روبيو، بتوزيع نص مشروع قانون، من المتوقع التصديق عليه بسهولة، يدعو «الى التغيير الديموقراطي في سورية».
ودعم مشروع القانون خمسة اعضاء آخرين، منهم نجمة الحزب الديموقراطي الصاعدة كريستين غيليبراند، المقربة من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. وكانت غيليبراند خلفت كلينتون في مقعدها عن ولاية نيويورك في العام 2008.
ويطالب القانون «بشار الاسد بالتنحي عن السلطة»، ويدين حكومات روسيا وايران «لتقديمها المعدات العسكرية والامنية للحكومة السورية... التي ترتكب مجازر جماعية بحق تجمعات لمدنيين سوريين غير مسلحين».
و«يحضّ الرئيس (اوباما) على دعم عملية انتقال فعّالة الى الديموقراطية في سورية بتقديم مساعدة مادية وتقنية حقيقية للمنظمات السورية التي تمثل الشعب السوري، بناء على طلب الاخيرة». ولم يذكر القانون ضرورة بقاء عملية الانتقال الى الديموقراطية في سورية في اطار سلمي حصرا.
ويترافق القانون مع دعوات من سياسيين اميركيين رفيعي المستوى، من امثال السناتور الجمهوري عن ولاية اريزونا والمرشح الى الرئاسة سابقا جون ماكين الى تدخل دولي في سورية مشابه للتدخل في ليبيا، اي دعم «الجيش السوري الحر» ولكن من دون مشاركة قوات غربية اميركية او من حلف شمال الأطلسي.

كيف يفكر أوباما حول إيران؟


حسين عبد الحسين
المجلة

تقول إحدى الروايات المنقولة من داخل البيت الأبيض مؤخرا، إن الرئيس باراك أوباما شعر في شهر أغسطس (آب) الماضي بإحباط كبير، عندما اظهرت البيانات أن عدد الوظائف التي اضافها الاقتصاد بلغت صفرا، ما حدا ببعض الجمهوريين إلى اطلاق لقب “الرئيس صفر” عليه، وهو ما دفع بأوباما إلى عقد اجتماع لكبار مستشاريه للاستماع لأفكارهم حول سبل تنشيط القطاع الوظيفي.

تصدر الاجتماع المذكور المستشار الاقتصادي جين سبيرلينغ، الذي قدم خطة مفصلة عن كمية الأموال التي يتوجب على الحكومة الفيدرالية ضخها في السوق، لتحفير الاستهلاك والدورة الاقتصادية.

وفي ختام مطالعته، التفت اليه العقل المدبر للحملة الانتخابية الرئاسية لباراك اوباما دايفيد بلوف، وقال له: “لا يهمني كم وظيفة ستخلق هذه الخطة أو كم ستكلف الخزينة، قل لي كم صوت سيأتي لنا لإعادة انتخاب الرئيس (اوباما) في نوفمبر”.

عدد الأصوات الانتخابية الأميركية هي الشغل الشاغل اليوم لأوباما وفريقه، في محاولة للفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهذا ما يملي كيفية تفكير الرئيس الأميركي تجاه الملفات المطروحة امامه كافة، ومن ضمنها امكانية شن حرب على ايران لمنعها من انتاج أسلحة نووية.

ويعتقد اوباما أن شن حرب غير مضمونة النتائج قد تؤثر في حظوظ إعادة انتخابه، خصوصا من الجانب الاقتصادي، اذ من المتوقع ان يؤدي اي عمل عسكري ضد ايران الى زيادة كبيرة في اسعار النفط، وهو ما قد يؤدي بدوره الى كبح النمو الاقتصادي الاميركي الضعيف اصلا.

ثم ان اي تراجع اقتصادي قد يوقف النمو في القطاع الوظيفي المستمر منذ خمسة اشهر، وهو ما يؤثر مباشرة في حظوظ اوباما الانتخابية.

اذن اوباما يحاول الابتعاد عن شن حرب ضد ايران قدر المستطاع، لكنه تحت ضغط داخلي كبير من اليمين المنافس، يرافقه ضغط خارجي من مغبة قيام اسرائيل نفسها بضربة عسكرية ضد المنشآت الإيرانية من المرجح ان تستدعي تدخلا اميركيا.

ولامتصاص الضغط اليميني والإيحاء لإسرائيل انه يرفع من وتيرة مواجهته مع ايران، يقوم اوباما بتشديد العقوبات على ايران، وهو يعتقد انه يصيب عصفورين بحجر، اذ ساهمت هذه العقوبات حتى الآن بأضرار كبيرة على الاقتصاد الإيراني مع انهيار العملة المحلية وخسارتها نصف قيمتها في مقابل العملات الاجنبية، وفي الوقت نفسه يبعد شبح الحرب على الأقل حتى بعد الفوز بولاية ثانية.

لم يسبق ان شن أي رئيس أميركي حربا في السنة التي يستعد فيها انتخابيا لولاية ثانية، ولا يبدو ان اوباما سيشذ عن هذه القاعدة. وحتى ذلك الحين، وعلى الرغم من صوت طبول الحرب من ايران واسرائيل، لا يبدو أن واشنطن متحمسة لهكذا حرب، وهو ما يؤخر فرضية حصولها، على الأقل حتى ما بعد الثاني من نوفمبر، تاريخ الانتخابات المنتظرة.

الخميس، 9 فبراير 2012

عبدالحسين: الحل الوحيد تنحي الاسد


في مقابلة مع فضائية روسيا اليوم، اعتبر الباحث حسين عبدالحسين ان الحل الوحيد في سوريا اليوم هو في تنحي الاسد

الأربعاء، 8 فبراير 2012

حمد جابر العلي لـ «الراي»: على النظام السوري وقف آلة القتل ضد شعبه وتطبيق المبادرة العربية

| حاوره حسين عبدالحسين |

أكد وزير الاعلام الشيخ حمد جابر العلي ان موقف الكويت من الازمة السورية «هو نفسه موقف مجلس التعاون الخليجي والاشقاء العرب القاضي بدعوة النظام السوري إلى وقف آلة القتل ضد الشعب، وتطبيق بنود المبادرة العربية بسحب الآليات العسكرية من الشوارع والسماح بحرية التظاهر ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت والبدء بإصلاحات شاملة تسمح بقيام نظام ديموقراطي حقيقي قائم على الحريات والديموقراطية وتداول السلطة».
وقال الشيخ حمد في حوار مع «الراي» و صحيفة «هفينغتون بوست» الاميركية ان وزارة الخارجية الكويتية تعمل بشكل مستمر على ضمان تأمين ارضية صالحة تسمح بحل سلمي للازمة السورية، متمنيا على السلطات السورية «مراعاة الدم السوري وحرمة الشعب السوري، لان الحل الامني لا يحصد الا الدماء والاحقاد ولا يؤدي في اي حال من الاحوال إلى الاستقرار المطلوب لبدء الاصلاحات».
ورأى الشيخ حمد ان الاحتجاجات الشعبية العربية الاخيرة جاءت «بعد كبت سياسي واقتصادي من انظمة جمهورية شمولية وراثية، ومن الطبيعي ان يكون هناك حراك شعبي بعد ارتكان هذه الانظمة على المؤسسة الامنية فقط، نائية بالشعب عن المشاركة السياسية من خلال الآليات الديموقراطية، وبعد امتلاء السجون بمئات معتقلي الرأي والمعارضين، وبعد غياب اي افق للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. بمعنى آخر لا حريات ولا ديموقراطية ولا تنمية ولا تطوير. فقط شعارات عناوينها براقة ومضامينها سلبية جدا».
وأوضح الشيخ حمد ان «البدء بالاصلاح السياسي والاقتصادي ستنتج عنه بالتأكيد اثمان معينة قد تكون صعبة لكنها ليست بالتأكيد بصعوبة استمرار القمع والبطش وانسداد الآفاق»، مشددا على ان حركة الشعوب لن تعود إلى الوراء».
واكد ان الكويت التي شهدت انتخابات نزيهة وشفافة «مستعدة لتقديم المساعدة في نشر الديموقراطية إلى الدول التي تطلب منا ذلك. وقد ساهمنا اقتصاديا وسياسيا في دعم القضايا العربية منذ اكثر من نصف قرن وما زلنا نفعل ذلك بكل شرف ومحبة وقناعة واخوة، وليس من قبيل المنة او انتظار شيء في المقابل، فهذه رسالة الكويت التي بنيت تاريخيا بالتعاون الداخلي والمشاركة وبالتعاون الخارجي والمشاركة ايضا».
وعن علاقة الكويت بدول الجوار والعراق تحديدا، قال الشيخ حمد: «نقدركل دول الجوار على قواعد التقدير والاحترام المتبادل، والعراق دولة جارة تجمعنا بها صلات التاريخ والجغرافيا والمصالح المتبادلة وعلاقة المصاهرة والاقتصاد والتجارة، وذلك منذ مئات السنين. لم تخل العلاقة طبعا من منغصات وتوترات ومشاكل لكن المصلحة والعقلانية والرغبة في التعاون لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين هي التي ستسود في النهاية، خصوصا وان التعاون في هذه المنطقة اذا احسن توجيهه لخدمة قضايا التنمية فسيخدم الدولتين وشعبيهما وينقلهما إلى مصاف دول النمور الاقتصادية».
واعرب وزير الاعلام عن امله في ان تتطور العلاقات بين الكويت والعراق إلى مصاف التعاون الايجابي في كل المجالات «على الرغم من وجود جهات كثيرة لا تريد الاستقرار لا للمنطقة عموما ولا للعلاقات الكويتية - العراقية خصوصا، لكن صوت التعقل والمصلحة والتنمية يجب ان يرتفع على ما عداه، لاننا جربنا صوت التأزيم والتصعيد والمواجهة ولم يؤد الا إلى الخراب والدمار. شعوبنا تتطلع إلى التعاون وعلينا ان نعتمد سياسة الايادي الممدودة والحوار والمصالح المشتركة».
واوضح الشيخ حمد ان ميناء مبارك «يبنى داخل اراضي الكويت لكنه سيسهم في خدمة الكويت والعراق، وسبق ان حضرت لجنة عراقية إلى الكويت وبحثت الموضوع ونأمل من وسائل الاعلام في الكويت والعراق الابتعاد عن التصعيد الاعلامي غير المبرر في هذه المسألة».
وأكد ان الكويت «لا تطمع بالعراق ولا بشبر واحد، ولا تريد إلا أن يكون العراق حرا سيدا مستقلا، وهي ساهمت في تحريره من نظام خنق العراق وخنق المنطقة، ولن نتأخر في مد يد التعاون الايجابي للعراق في كل المجالات التنموية».
وعن العلاقات الكويتية - الايرانية أمل الشيخ حمد جابر العلي من ايران «ان تكرس لغة التعاون مع جيرانها على قاعدة الحوار والعلاقات الحضارية والمصالح المشتركة، بعيدا عن لغة التهديد والوعيد. ايران جارة كبرى وما نريده هو حسن الجوار في كل المجالات فدول الخليج ليست ممرا ولا مقرا لمؤامرات ضدها، وعلى ايران بالتالي الا تعتبر منطقة الخليج ورقة تصعيد او مناورة في سجالها مع الدول الغربية. موقف الكويت هو جزء من الموقف الخليجي والعربي العام الذي يدعو ايران إلى التعاون الايجابي مع المنظمات العالمية في ما يتعلق ببرنامجها النووي والالتزام بالشرعية الدولية».
وأكد الشيخ حمد ان المملكة العربية السعودية «جارة كبرى وبُعد استراتيجي وأمني للكويت وعلاقتنا مع الاشقاء في السعودية هي علاقة ابناء دولة واحدة وليس دولتين».
وتمنى الشيخ حمد من مجلس الامة الجديد «التعاون مع الحكومة وأنا متفائل بالنجاح»، مؤكدا ان «التعاون هو الاساس بين مجلس الامة والحكومة وعلينا ألا نلتفت للوراء وان نجعل نصب أعيننا خدمة الشعب».
وقال ان الحيوية السياسية في الكويت لابد ان تصحح الأخطاء التي تراكمها التجارب «وما دمنا نحتكم إلى الشعب والامة التي هي مصدر السلطات فعلينا قبول النتائج كما هي ونحترم خيارات الناخبين».
وعن وصول اسلاميين ومتطرفين إلى البرلمان الجديد، اكد وزير الاعلام «ان التطرف لا مكان له في الكويت. التطرف مكانه في الدول القمعية التي تمنع شعوبها من حرية التعبير او في الدول المارقة او في المجتمعات التي تعيش حالات انغلاق محكومة بتجييش فكري وتعبئة مذهبية مستمرة. او في الدول التي تنفلت فيها سيطرة الدولة المركزية لحساب سيطرة مجموعات ومنظمات. في الكويت الله لا يغير علينا فنظامنا هو الاكثر انفتاحا وديموقراطيتنا متأصلة ومؤسساتنا راسخة والحريات العامة مصانة بالدستور، والاهم من ذلك كله ان الشعب الكويتي بكل اطيافه هو شعب واع يعلم تماما الحدود بين الحرية والفوضى وبين حرية المعتقد وسقف الدستور وبين حق التعبير وحق القانون».
وأوضح ان الناخب الكويتي «هو من يحدد خياراته عبر صناديق الاقتراع ثم يراقب الأداء ويحكم عليه فيعيد الانتخاب او يحجب الصوت. راقبوا خريطة تشكيل البرلمانات السابقة وسترون كيف تغيرت من فترة إلى اخرى».
وعبر عن قناعته بان المرحلة المقبلة «ستشهد نهجا جديدا من التعاون بين السلطتين في ضوء رؤية سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الداعية إلى تغليب صوت الحكمة والتعقل والانجاز واعلاء مصلحة الكويتيين والتنمية على ما عداها»، مشيرا إلى ان «المخلصين في السطتين عددهم كبير والجميع في قارب واحد همهم الاول والاخير مصلحة الكويت واستقرارها مهما اختلفت اساليب التعبير وتعددت وجهات النظر».

الاثنين، 6 فبراير 2012

عبدالحسين: اوباما يفرض عقوبات على ايران لتفادي الحرب

في مقابلة مع فضائية "فرانس 24"، اعتبر الباحث حسين عبدالحسين ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يقوم بفرض عقوبات على ايران لامتصاص الضغط اليميني الداخلي والاسرائيلي الخارجي من اجل تفادي شن حرب في سنة اعادة انتخابه.

حمد بن جاسم: على روسيا والصين اعادة النظر


في مقابلة على فضائية الجزيرة، اعتبر وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم ان على روسيا والصين اعادة النظر في موقفهما من الوضع في سوريا خصوصا بعد رؤيتهما لمشاهد "الاجرام" على شاشات التلفزة اليوم.

الجمعة، 3 فبراير 2012

التمرس في الحكم

حسين عبد الحسين
المجلة

أصدر حاكم ميريلاند الديمقراطي مارتن اومالي بيانات العام 2011 التي أظهرت نمو الاقتصاد، وخصوصا في القطاع الوظيفي، في ولايته، مهاجما بطريقة ضمنية أسلوب عمل روبرت ماكدونل حاكم ولاية فيرجينيا الجمهوري، جارة ميريلاند.
ويترأس اومالي “جمعية الحكام الديمقراطيين” في الولايات المتحدة، فيما يتزعم نظيره ماكدونل “جمعية الحكام الجمهوريين”، مما يجعل من السباق بينهما تنافسا لإظهار صحة مدرسة الحكم التي يتبناها كل حزب.
فالديمقراطيون يؤمنون بضرورة تدخل الحكومة لرعاية المنافسة الاقتصادية العادلة، وحماية أصحاب الدخل المحدود، وتمويل برامج للرعاية الاجتماعية، فيما يؤمن الجمهوريون بضرورة خفض الميزانيات، وتقليص دور الحكومات وحجمها، وإلغاء القوانين من أجل تحفيز أصحاب رأس المال على الاستثمار.
ومن يتابع المناظرات الرئاسية الحالية للحزب الجمهوري، لا بد من أن يلاحظ المزايدات بين المرشحين لخفض الضرائب، وإلغاء التشريعات، وتقليص حجم الحكومة الفيدرالية ودورها.
على أن المنافسة بين اومالي وماكدونل ليست سباقا بين فلسفتين في الحكم فحسب، بل هي جزء من عملية تمرس يخوضها حكام الولايات المختلفة كخطوة أولى على طريق ترشحهم للرئاسة، بالنظر الى أن ثلاثة من أصل خمسة رؤساء اميركيين في العقود الثلاثة الماضية، سبق ان عملوا في منصب حاكم، اذ شغل الجمهوري رونالد ريغان منصب حاكم ولاية كاليفورينا، فيما عمل الديمقراطي بيل كلينتون حاكما لولاية اركنسا، اما جورج بوش الابن فكان حاكما جمهوريا لولاية تكساس قبل فوزه بالرئاسة.
جورج بوش الأب وباراك اوباما هما الاستثناء، اذ لم يسبق لأي منهما ان شغل منصب حاكم قبل رئاسته، وهو ما يوفر ذخيرة للحزب الجمهوري الذي يركز هجومه على اوباما باتهامه انه لم يسبق ان عمل رئيسا لأي سلطة تنفيذية، وان خبرته الوحيدة في عالم السياسة تأتي من عمله “منظما اجتماعيا” قبل انتخابه سناتورا في ولايته ايلينوي.
حتى المرشحون للرئاسة غالبا ما يقدمون عملهم السابق كحكام ولايات، للدلالة على نجاحاتهم واساليبهم في العمل، ويكفي ان ثلاثة من آخر ستة كانوا يتنافسون على الفوز بترشيح حزبهم الجمهوري لانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل الرئاسية هم حكام ولايات سابقون، بمن فيهم المرشح الأبرز مت رومني الحاكم السابق لولاية ماساشوسيتس، بالاضافة الى المرشحين المنسحبين ريك بيري، حاكم ولاية تكساس، وجون هنتسمان، الحاكم السابق لولاية يوتا.
هذا العدد الكبير من الرؤساء والمرشحين من حكام الولايات، يظهر أن منصب الحاكم قد تحول الى حصة تمرينية في الحكم للرؤساء الأميركين والطامحين الى هذا المنصب.
مع نهاية ولاية أوباما الثانية في العام 2016، في حال تمت إعادة انتخابه، من المرجح أن يعلن نائب الرئيس جو بايدن، على غير العادة، عزوفه عن الترشح للرئاسة باسم حزبه الديمقراطي. والسبب الذي يرجح احتمالية عزوف بايدن عن هذا الأمر، هو أن عمره سيصبح قرابة 75 في العام 2016، وهو ما يجعله في سن غير مقبولة شعبيا للرئاسة. يذكر ان اكبر رئيس تم انتخابه في البلاد هو ريغان في العام 1980 عن عمر 70 عاما، أما أكبر مرشح للمنصب فكان الجمهوري جون ماكين في العام 2008 عن عمر 71 عاما.
في غياب بايدن، من المتوقع أن يبرز على الساحة الديمقراطية اومالي، وكذلك قد يظهر ماكدونل مرشحا لدى الجمهوريين، وقد تتحول المبارزة الحالية في حكم ولايتيهما الى مناظرة رئاسية في العام 2016 او 2020، على غرار ما حدث مع مرشحين كثيرين من الحزبين على مدى العقود الماضية.
وفيما يستعد الصف الثاني من سياسيي الحزبين للارتقاء في الحياة السياسية، يتمرس الصف الثالث من قياديي الولايات المحليين وغيرهم على اساليب الحكم وفنونه، استعدادا لمسؤوليات اكبر في المستقبل، وهو ما يضمن استمرارية وجود القادة في الولايات المتحدة، ويقلص من احتمالات الفراغ في القيادة، في حال غياب القائد الضرورة، كما يحدث في بعض دول العالم.