الأربعاء، 28 مارس 2012

واشنطن – بغداد.. بين الحذاقة والحماقة

حسين عبد الحسين
المجلة

في حلقة نقاش، انعقدت يوم الجمعة ما قبل الماضي في مركز أبحاث “مركز التقدم الأميركي” وحضرها نفر قليل من الخبراء، لم يجد ارفع مسؤول اميركي مكلف الملف العراقي حرجا عند قوله ان على واشنطن ان تتفهم ان حليفها رئيس حكومة العراق نوري المالكي هو في “موقف صعب” تجاه الضغط الإيراني عليه.

انتوني بلينكن قال إن على الولايات المتحدة ان تدرك ان المالكي وقف في وجه “بعض الضغوط الايرانية” عليه، في الموضوع السوري مثلا، وان هذه ايجابية تحسب للمسؤول العراقي. طبعا بلينكن كان يتظاهر بالحذاقة، وكأنه يقول لمستمعيه انه يعرف اكثر مما يعرفون في الموضوع العراقي، وان عليهم ان يثقوا بأن المالكي حليف واشنطن، حتى لو تصرف في مواضع معينة بحسب مصالح ايران.
في تلك اللحظات، تهامس بعض المستمعين تهكما على ملاحظة بلينكن حول ضرورة مراعاة ولاء المالكي لايران. قال احدهم للآخر: “يوم الاثنين (قبل اربعة ايام من الحلقة النقاشية) اتصل معلمه (نائب الرئيس جو) بايدن بالمالكي راجيا ان يقوم العراق بوقف خط امدادات الأسلحة الذي مدته طهران الى دمشق، عبر المجال الجوي العراقي”.

في نفس اليوم الذي كان بلينكن يتحاذق فيه في أحد مراكز أبحاث العاصمة الاميركية، أصدر المالكي بيانا نفى فيه أن يكون قد سمح بتمرير “السلاح في اي اتجاه ومن اي مصدر”. وقال المالكي ان “العراق ماض في تطبيق سياسته القائمة على تجفيف منابع العنف والسلاح بصورة عامة، وخاصة بالنسبة للحالة السورية”.



وتابع البيان ان بغداد “وضعت آلية للتفتيش والتحقق من أن الشحنات المارة في ارضه وسمائه تحمل بضائع وسلعا إنسانية وليس سلاحا، وذلك للتأكد من تنفيذ سياسته الرافضة للتسليح والدفع باتجاه ايجاد حل سياسي للوضع في سوريا يسهم في الحفاظ على مصالح وأهداف الشعب السوري، ويجنبه المزيد من إراقة الدماء”.

يوم الاثنين رشحت معلومات استخباراتية اميركية تؤكد أن ايران ارسلت بالفعل شحنات اسلحة الى سوريا. وقال أحد المسؤولين الاميركيين ان “طهران ارسلت ما بين 10 و20 شحنة من الأسلحة على متن طائرات اليوشين – 76، وهي طائرات شحن تابعة للخطوط السورية”، وان الأسلحة، التي بلغ مجمل وزنها اكثر من ثلاثين طنا من الأسلحة، تضمنت “قذائف هاون، وطلقات نارية، وصواريخ ومضادات للطائرات، التي يتم استخدامها ايضا لاستهداف المدنيين السوريين ومنازلهم”.

يوم الاثنين ايضا، كرر مسؤول اميركي رفيع، رفض الكشف عن اسمه، لمجلة “فورين بوليسي” القول إن “الحكومة العراقية تعمل بحسن نية” وان على “الولايات المتحدة ان تبدي حساسية لموقف المالكي الضعيف، وحاجته للابقاء على علاقات جيدة مع ايران”.

منطق مسؤولي ادارة الرئيس باراك اوباما حول ضرورة تفهم علاقات المالكي الجيدة مع ايران، يشي بأن البلاهة الاميركية تذهب أبعد من بلينكن، وبأن ما يحاول المسؤولون في واشنطن على تصويره وكأنه حذاقة في التعاطي مع الملف العراقي، لا يعدو كونه حماقة، والا كيف نفسر انعقاد قمة جامعة الدول العربية في بغداد لمناقشة تنحي بشار الأسد عن السلطة، فيما الطائرات الايرانية تمر فوق رؤوس المسؤولين العرب، في طريقها الى قوات الأسد، لقتل المزيد من الأبرياء السوريين في عموم سوريا؟

الجمعة، 23 مارس 2012

واشنطن تتخوّف من هجمات ينفذها «حزب الله» وإيران ضد أهداف داخل الولايات المتحدة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يثير «حزب الله» اللبناني وإمكان تنفيذه هجمات ضد اهداف داخل الولايات المتحدة، بأمر من او بالتنسيق مع «فيلق القدس» الايراني، قلق عدد من المسؤولين الاميركيين، ما دفع بلجنة «امن الوطن» في الكونغرس الى عقد جلسة استماع خصصتها لما اسمته خطر ايران و«حزب الله».
عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية آيوا ورئيس اللجنة ستيف كينغ افتتح الجلسة، التي انعقدت أول من امس، بالقول انه منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، نجحت السلطات الاميركية باحباط ومحاكمة 20 حالة مرتبطة بـ «حزب الله» داخل الولايات المتحدة. كذلك ابدى كينغ قلقه من نشاط الديبلوماسيين الايرانيين المقيمين في البلاد، وقال ان «هناك 55 ديبلوماسيا ايرانيا في بعثة الامم المتحدة في نيويورك، و29 مسؤولا ايرانيا هنا (في واشنطن) في مكتب تمثيل المصالح» الايرانية الملحق بالسفارة السويسرية.
«حسب ادارة (الرئيس باراك) اوباما، علينا اعتبار عدد كبير من هؤلاء بمثابة ضباط في الاستخبارات» الايرانية، يقول كينغ، الذي اضاف ان عددا من الديبلوماسيين الايرانيين في بعثة الامم المتحدة «تم ترحيلهم الى ايران بعدما ضبطتهم دائرة شرطة نيويورك وهم يصورون سكك قطار مترو الانفاق في المدينة في السنوات التي تلت 11 سبتمبر». 
وعن «حزب الله»، قال كينغ انه «لطالما اعتقد كثيرون ان قدرة اعضاء حزب الله تقتصر على جمع التبرعات للحزب الموجود في لبنان من خلال جرائم مثل تزوير العملة وتهريب السجائر». وينقل كينغ عن كبار مسؤولي الاستخبارات الاميركية قولهم ان «اعضاء الحزب في الولايات المتحدة قادرون على تحويل شبكتهم الاجرامية لجمع التبرعات في عموم البلاد الى قوة ارهابية قادرة على ارتكاب عنف كبير نزولا عند اوامر قادتهم في لبنان او ايران».
وذكّر كينغ بقول مسؤولي ادارة اوباما، في العام 2009، ان «حزب الله هو اكثر مجموعة ارهابية قادرة تقنيا في العالم»، معتبرا ان «جنود حزب الله شديدو الانضباط وتم تدريبهم على البقاء في الظل لسنوات او عقود». وختم بالقول ان تقديرات الحكومة الاميركية تشير الى ان عدد مقاتلي الحزب داخل الولايات المتحدة هو في المئات على اقل تقدير.
بدوره، تحدث ميتشل سيلبر، وهو من دائرة الاستخبارات في شرطة مدينة نيويورك، وقال انه منذ تصريحات مدير الاستخبارات القومي جايمس كلابر في يناير، والتي اعتبر فيها ان ايران اكثر استعدادا الآن لشن هجمات داخل الولايات المتحدة، يعكف هو وفريقه على دراسة «اساليب عمل الايرانيين وعملاء حزب الله في تدبير الهجمات».
وقال سيلبر ان «لدى ايران تاريخا مثبتا باستخدامها وجودها الرسمي في دول غريبة لتنسيق هجمات، والتي غالبا ما ينفذها عملاء حزب الله... الذين يتلقون دعما لوجيستيا من الجالية اللبنانية الشيعية المحلية». واضاف سيلبر ان فريقه زار بوينيس ايريس أخيرا وخرج باستنتاجين مفادهما ان ايران و«حزب الله» غالبا ما يبحثون عن اهداف يهودية او اسرائيلية لمهاجمتها، وانه في حالة هجمات الارجنتين في العامين 1992 و1994، لم يتم اختيار الارجنتين بالمصادفة بل «للضغط على بوينيس ايريس لاستئناف تعاونها النووي مع ايران، وهو ما كانت الارجنتين تراجعت عنه تحت ضغط اميركي».
وتابع انه في ظل الضغط الاميركي والغربي على ايران لوقف برنامجها النووي، «علينا ان نتوقع ان نيويورك واهدافها الكثيرة اليهودية والاسرائيلية ممكن ان يتم استهدافها من قبل ايران او حزب الله في حال اندلاع اعمال عدائية في الخليج».
سيلبر قال ان هذه التهديدات ليست جديدة، وانه ما بين الاعوام 2002 و2010، كشفت الشرطة والسلطات الفيديرالية ستة حوادث على الاقل كان ديبلوماسيون ايرانيون فيها متورطين في اعمال مراقبة» للمدينة. 
الحوادث تضمنت اعتقال افراد الشرطة شابين كانا على متن مترو الانفاق، الساعة الثانية بعد منتصف الليل، يصوران السكة، واتضح انهما من امن البعثة الايرانية وحاولا الاختباء خلف حصانتهما الديبلوماسية. 
وقال سيلبر انه رغم تحذيرات واشنطن لطهران حول تصرفات ديبلوماسييها غير المقبولة، حاولت الشرطة اعتقال ستة ايرانيين كانوا يقومون بجولة عمدوا فيها الى تصوير مرافق اساسية مثل جسري بروكلن ومانهاتن. وبعد نصيحة من مواطن اتصل بالخط الساخن للشرطة، قامت الشرطة بالتحقيق مع هؤلاء فاتضح ان «واحدا منهم يعمل في البعثة الايرانية، وخمسة منهم يحملون جوازات ديبلوماسية لمكانتهم الرفيعة في الحكومة الايرانية، فتم الافراج عنهم».
وفي سبتمبر 2008، اوقفت الشرطة اعضاء ايرانيين في الوفد الذي يشارك في الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للامم المتحدة، وكانوا يلتقطون صور في محطة القطار المركزية، ولكنهم نفوا ذلك للشرطة، التي عثرت بحوزتهم على اجهزة تصوير فيها صورا للمحطة ولمواقع اخرى للبنية التحتية. وتم الافراج عن الايرانيين لحصانتهم.
حادثة التجسس الاخيرة، حسب سيلبر، جاءت في سبتمبر 2010 عندما قام افراد الوفد الايراني المشارك في اعمال الامم المتحدة السنوية بزيارة مهبط مروحيات في منطقة «وول ستريت» والتقاط صور لها. واظهرت التحقيقات ان الصور تم اتخاذها للبنية التحتية، وانها التقطت على مستوى الخصر. وبعد التحقيقات، قال المعتقلون انهم يعملون مع مؤسسة البث الايراني، وانهم حضروا مع الوفد الايراني بصفة اعلاميين.
وعدد سيلبر كذلك حوادث وقعت مع افراد في «حزب الله»، بما فيها الكشف عن شبكة في 2009 حاول افرادها شراء وارسال اسلحة الى الحزب في لبنان، وقال ان معظم اللبنانيين ممن تم اتهامهم بالعمل لمصلحة الحزب جاؤوا من قرى في جنوب لبنان معروفة بولائها للحزب. وحدد سيلبر القرى على انها بنت جبيل ويارون وياطر.

الأربعاء، 21 مارس 2012

غالبية الأميركيين تؤيد ضربات جوية ضد قوات الأسد

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

اظهر احدث استطلاعات الرأي تأييد ثلثي الاميركيين اقامة الدول العربية وتركيا مناطق آمنة لحماية السوريين من العنف الذي ترتكبه في حقهم قوات الرئيس السوري بشار الاسد، وتأييد الاكثرية لمشاركة سلاح الجو الاميركي في حماية هذه المناطق في حال اقامتها.
كما اظهر الاستطلاع الذي اجرته مؤسسة «الرأي العام العالمي»، الاسبوع الماضي، ان غالبية الاميركيين تعارض بشدة اي تدخل يتطلب ارسال قوات برية اميركية الى سورية، وان معظم المستفتين لا يؤيدون تزويد اميركا للمتمردين السوريين بأسلحة، بل يؤيدون قيام الدول العربية وتركيا بهذه المهمة.
وجاء في الاستطلاع، الذي شمل عينة من 727 اميركيا ونشرت المؤسسة نتائجه، امس، ان 71 في المئة من الاميركيين، (85 في المئة منهم من الجمهوريين و78 في المئة من الديموقراطيين و44 في المئة المستقلين)، يؤيدون انضمام حكومتهم للعقوبات المفروضة على سورية. 
وقال 67 في المئة من المستفتين انهم يؤيدون قيام اعضاء جامعة الدول العربية وتركيا بانشاء مناطق حدودية آمنة توفر ملاذا للسوريين الذي يواجهون خطر العنف على يد قوات الاسد. وجاء في السؤال تذكير للمستفتين ان خطوة كهذه قد تخرق السيادة السورية وقد تأتي من خارج اطار مجلس الامن، لكن مع ذلك ايدت الاكثرية انشاء المناطق الآمنة. 
ثم سأل الاستطلاع الاميركيين عن السيناريوات المقبولة لديهم في حال طلبت الدول العربية وتركيا من الولايات المتحدة التدخل للمساعدة في حماية هذه المناطق الآمنة، فاجابت اكثرية بلغت 48 في المئة انها تؤيد المساهمة في تقديم غطاء جوي اميركي، فيما جزمت اكثرية بلغت 77 في المئة انه يجب على بلادهم عدم ارسال قوات برية، واعتبرت غالبية 56 في المئة ان الولايات المتحدة «لا يجب ان ترسل اسلحة الى المتمردين».
بيد ان اكثرية اميركية قاربت الثلثين اعتبرت انه على الدول العربية «تزويد المعارضة السورية بالسلاح».
وقال مدير المؤسسة ستيفن كول: «من الواضح ان الاميركيين يشعرون بالقلق حول الوضع في سورية، ويؤيدون مشاركة الولايات المتحدة في العقوبات، ويدعمون قيام دول المنطقة بخطوات لحماية المدنيين الذين هم في خطر». واضاف «انه لمثير للاهتمام ان نرى الجمهوريين والديموقراطيين موحّدين حول هذا الموضوع، وان نرى اكثرية منهم توافق على مبدأ المناطق الآمنة وعلى تأمين الولايات المتحدة للغطاء الجوي».

عبدالحسين: روسيا حققت انتصارا في مجلس الامن ومبادرة انان هي تكرار المبادرة العربية الاولى الفاشلة


في مقابلة خلال نشرة اخبار فضائية "روسيا اليوم"، اعتبر الصحافي حسين عبدالحسين ان روسيا حققت انتصارا ديبلوماسيا باهرا في البيان الرئاسي الثالث في مجلس الامن حول الوضع في سورية. وقال عبدالحسين ان مبادرة انان هي اعادة للمبادرة العربية الاولى التي تم بموجبها ارسال مراقبين عرب وانتهت بفشل ذريع.

الثلاثاء، 20 مارس 2012

تردّد رئاسي قاتل



حسين عبد الحسين
المجلة

يروي الكاتب الشهير بوب ودورد في كتابه “حروب اوباما” ان الجنرال دايفيد بترايوس، بطل حرب العراق وآمر حرب افغانستان لاحقا ومدير “وكالة الاستخبارات المركزية” (سي آي ايه) حاليا، امتعض عندما علم ان الرئيس باراك اوباما قرر تعزيز الوجود العسكري في افغانستان بعدد جنود اقل من ذلك الذي طلبه الجنرالات. وفي ذمة ودورد ان بترايوس قال بغضب عن اوباما وفريقه: “انهم يعبثون مع الشخص الخطأ”.

وينقل ودورد عن بترايوس قوله انه تسلم في ما بعد مذكرة من خمس صفحات، كتبها اوباما بنفسه، وتضمنت تفصيليا شروط “خطة زيادة القوات” في افغانستان. ويقول بترايوس: “لا يوجد رئيس في تاريخ الولايات المتحدة ممن أملوا مذكرة من خمس صفحات في حياته، هذا العمل يتقاضى العاملون في البيت الابيض اجرهم ليفعلونه”.

اوباما المحامي المتردد في قراراته، والمتدخل في تفاصيل يتعالى عنها الرؤساء، والمثير لغضب قادته العسكريين، هي الصورة التي يرسمها ودورد، وهي تنطبق على شخص الرئيس الاميركي في ادائه في افغانستان، التي فشلت فيها “خطة زيادة القوات” على عكس الخطة المشابهة التي أمر بها بوش للفوز بحرب العراق على الرغم من عاصفة الاعتراضات السياسية في وجهه في حينه.

كذلك انعكست رداءة آداء اوباما كقائد اقوى جيش في العالم اثناء مواجهة الليبيين الموت على يد حاكمهم معمر القذافي.

في حرب ليبيا، ظهر تردد اوباما القاتل منذ امر الرئيس الاميركي اركان إدارته بالجزم ان الولايات المتحدة لن تتدخل عسكريا لإنقاذ الليبيين من مذابح القذافي. هكذا، اطل وزير الدفاع السابق بوب غيتس في 2 مارس (آذار) الماضي ليحذر من عواقب اي تحرك عسكري في ليبيا ويصفه بالـ “العملية الكبيرة في بلد كبير”.

يقول العالمون ببواطن الامور في العاصمة الاميركية ان اوباما لم يوافق على المشاركة في الحرب في ليبيا الا بعد ان اقنعته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون شخصيا بذلك. ولكن حتى بعد دخول اميركا الحرب، رفض اوباما تسميتها حربا، ورفض الذهاب الى الكونغرس لاعلان الحرب، وحدد مدة التدخل الاميركي بأسبوع واحد، وقال كلمته الشهيرة، التي اصبحت في ما بعد مصدرا للتهكم، ان “الولايات المتحدة تقود (الحرب في ليبيا) من الصفوف الخلفية”.



قبل اسبوعين، اطل وزير الدفاع الحالي ليون بانيتا ورئيس الاركان مارتن ديمبسي ليحذران من قوة جهاز الدفاع الجوي السوري، ومن مغبة المشاركة في اي عمل عسكري لوقف آلة الموت التي يستخدمها الرئيس السوري بشار الاسد في قتل شعبه المطالب برحيله. طبعا يعلم المتابعون للشأن الشرق اوسطي ان القوة العسكرية السورية، الجوية او غيرها، هي اقرب الى الاضحوكة في ضعفها. لكن، ولأسباب سياسية، يجد البنتاغون نفسه مضطرا لتبرير موقف اوباما المتردد في وقف جنون الاسد، فيعمل على تضخيم قوة الاسد العسكرية ليحذر من مغبة اي تدخل.

تبريرات وزارة الدفاع (البنتاغون) الخاطئة، عبر تقديرات خبرائه ومسؤوليه، ليست مستجدة لا في ليبيا ولا في سورية. قبلها في منتصف التسعينات، برّر البنتاغون تردد الرئيس السابق بيل كلينتون في وقف مجازر الصرب بحق البوسنيين بالقول إن المشاركة في تلك الحرب كانت تتطلب 400 ألف عسكري لحفظ الامن، وهو ما ثبت خطأه.

ثم اخطأ البنتاغون مجددا عندما استخف في تقدير القوات المطلوبة لحفظ النظام في العراق بعد الاجتياح عام 2004، واخطأ في تقديرات افغانستان كذلك. كل الاخطاء سببها محاولات سياسية لتبرير مواقف الرؤساء المترددين.

اليوم في سورية، كما في البوسنة والعراق وافغانستان وليبيا، تخطئ واشنطن بسبب تردد رئيسها، وهذا ينبع من حسابات سياسية تناسب المشهد الاميركي ولكنها بعيدة عن ارض الواقع وعن ميادين الحروب.

في سورية، كما في حروب سبقتها، لا يؤدي تردد اوباما الرئاسي الا الى المزيد من القتل، وهو ما يجعل من موقف اوباما حول سورية بمثابة التردد الرئاسي القاتل.

السبت، 17 مارس 2012

دراسة أميركية: التسوية في سورية لم تعد ممكنة ولا علاقة للمتمردين بتنظيم «القاعدة»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

اعتبرت دراسة اميركية صادرة عن مركز ابحاث «فهم الحرب»، امس، انه مع التصعيد الكبير في العنف الذي مارسه نظام الرئيس السوري بشار الاسد في الاسابيع القليلة الماضية، لم يعد ممكنا «العودة عن التصعيد او التوصل الى تسوية عبر المفاوضات».
وجاء في الدراسة ان المعارضة السورية المسلحة في الداخل لا ترتبط بالمعارضة السياسية في الخارج، وان لا مركزية حركة التمرد السورية المسلحة ضرورية اذ من غير الممكن ان يقوم الثوار، في اي ثورة، بانشاء مركز قيادة عسكري مركزي، مع العلم ان الفصائل السورية المختلفة تنضوي تحت لواء «الجيش السوري الحر» وقيادته الشكلية في تركيا بزعامة العقيد المنشق رياض الاسعد.
كما ابدى التقرير اعجابا بالكفاءة العالية التي اظهرها المتمردون المسلحون السوريون، وهم مزيج من العسكريين المنشقين عن الجيش النظامي ومن المتطوعين المدنيين، ومعظمهم ممن خدموا في الجيش الزاميا في الماضي.
وقال التقرير ان الثوار انسحبوا بشكل منظم من المناطق التي سيطروا عليها بعد مواجهاتهم مع القوات النظامية، مثل حي بابا عمرو في حمص. واضاف ان الانسحابات جاءت لتفادي استنزافهم، وللحفاظ على قدراتهم القتالية للمستقبل، وللسماح للباقين من سكان الحي، والبالغ عددهم 4000، بالخروج من تحت الحصار الذي فرضته قوات الاسد.
التقرير اعده جوزف هوليداي، وهو ضابط خرج قبل اشهر قليلة من «وكالة استخبارات الجيش» الاميركي بعد ان خدم في مناطق ساخنة مثل العراق. ويعتقد هوليداي ان للولايات المتحدة مصلحة في «التسريع من سقوط نظام الاسد»، واحتواء اي تمدد محتمل للصراع السوري الى دول مجاورة، وتحقيق نفوذ لدى الدولة والقوات السورية المسلحة التي ستحكم البلاد بعد الاسد. لذا، يدعو هوليداي حكومة بلاده الى «تطوير علاقاتها مع العناصر الاساسية للحركة السورية المعارضة المسلحة للوصول الى تعريف الاهداف المشتركة معها ولادارة نتائج السقوط المحتمل لنظام الأسد».
واعتبر ضابط الاستخبارات السابق ان فرص بقاء الاسد مرتبطة بالمساعدات العسكرية والتقنية الايرانية، واحتمالا الروسية. من دون هذه المساعدة، تبدو فرص نجاة الاسد قليلة اذ ان قواته اظهرت، على مدى تسعة اشهر من القتال ضد المتمردين، انه لا يمكنها شن اكثر من حملة عسكرية مركزة في وقت واحد، وهو ما سمح للمتمردين بتحقيق نجاحات عبر قيامهم بتنفيذ هجمات ضد الجيش النظامي في نقاط متعددة ومتباعدة جغرافيا، وهو ما شتت قوات الاسد وبعثر امكاناتها.
وضرب هوليداي مثالا على محدودية امكانات قوات الاسد بترتيبها هدنة مع المتمردين الذين سيطروا على مدينة الزبداني القريبة من دمشق ومن الحدود السورية مع لبنان. وقال انه في الاثناء نفسها التي سيطر فيها المتمردون على الزبداني، نجح متمردون آخرون من دون تنسيق فعلي بالسيطرة على بعض ضواحي دمشق، مما اجبر النظام على تأجيل الحسم في الزبداني حتى تنتهي عملياته لاستعادة الضواحي.
ويعتقد هوليداي انه ما لم تطور قوات الاسد قدرات على شن اكثر من حلة عسكرية في وقت واحد، وهذا لن يحصل من دون مساعدة عسكرية روسية وايرانية، فلن يكون لديها اي فرصة للقضاء على التمرد المسلح ضد حكم الاسد.
ويتابع التقرير ان محدودية امكانات قوات الاسد تجبره على استخدام القوة المفرطة للتخلص من بؤرة توتر في اسرع وقت ممكن للانتقال الى منطقة اخرى في سعي دائم لمنع الثوار من تثبيت سيطرتهم على منطقة معينة لزمن طويل نسبيا.
ويعتبر هوليداي انه في بداية المواجهات العسكرية للثورة، والتي جاءت بعد ثلاثة اشهر على اندلاع الانتفاضة الشعبية في شهر مارس 2011، حاولت قوات الاسد استخدام العنف بطريقة انتقائية ومركزة، الا ان ازدياد عدد المتمردين ومساحة انتشارهم، بالاضافة الى تطور الاوضاع السياسية العالمية بطريقة اعطت الاسد الضوء الاخضر، سمحت لقوات النظام بتغيير اسلوبها واستخدام القوة المفرطة العشوائية للتخلص من المتمردين ومعاقبة المدنيين الذي يؤونهم.
على ان قوة الاسد المفرطة لم تنجح في القضاء على المتمردين، بل شتتهم الى مدن اخرى، مثل انتقالهم من حمص الى ادلب، او الى مناطق خارج المدن، مثل انتقالهم من بانياس وضواحي دمشق الى رنكوس والحولة، وغالبا ما يحدث الانتقال مع الابقاء على قدرات المتمردين القتالية، وهذه تعود بدورها لترهق القوات النظامية اكثر فأكثر عبر كمائن تستهدف خصوصا طرق الامداد والتنقل للنظاميين. ثم ان الازدياد في استخدام القوة المفرطة، من قبل الاسد، يساهم في تسريع وتوسيع دائرة الانشقاقات في الجيش.
هوليداي قال ايضا ان لا عمليات تزويد المعارضة المسلحة بالعتاد تجري حاليا، وذلك بالنظر الى ارتفاع اسعار السلاح في سورية وفي المناطق العراقية واللبنانية التي يتم من خلالها تهريب السلاح. واوضح هوليداي ان سعر الكلاشينكوف ارتفع من الف الى الفي دولار، وكذلك قاذفة آر بي جي، في كل من الموصل العراقية والقاع اللبنانية والمدن السورية، وهو ما يظهر ان السوق مشتركة، وان لا سلاح غير سلاح السوق السوداء متوافر حاليا، والا لكان انخفض سعر هذه الاسلحة.
وشدد هوليداي على ان استعادة الاسد بانياس جاءت بطلب ايراني خاص، على اثر زيارة قاسم سليماني الى دمشق، لان بانياس نقطة حيوية فيها مقرات للحرس الثوري الايراني وهي نقطة تزويد اسلحة لحزب الله اللبناني لقربها من مناطق جديدة يابوس ودير العشائر.
ومما ورد في تقرير هوليداي المفصل ان الضباط برتب رائد ونقيب وملازم اول هم عصب التمرد المسلح، وخص بالذكر الملازم الاول عبد الرزاق طلاس، وهو من الرستن وابن شقيق وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس. وقال هوليداي ان نجم طلاس لمع في معارك الرستن وبابا عمرو الى حد دفع بوسائل اعلام الاسد وايران الى بث تقارير عن مقتله، علما ان طلاس اطل يوم السبت الماضي في فيديو ليكذب هذه التقارير.
كذلك رسم هوليداي تصورا لاهم قطاعات الجيش السوري الحر، فقال ان ابرزها هي كتائب «خالد بن الوليد» في حمص، و«العمري» في درعا، و«هرموش» في جبل الزاوية، و«عبيدة بن الجراح» في دمشق، و«قاشوش» في حماة، و«حمزة» في مدينة ادلب، و«ابابيل» في حلب، و«سامر نونو» في بانياس وطرطوس، و«صلاح الدين الايوبي» في جسر الشغور.
وختم بتأكيد ان لا علاقة للمتمردين السوريين بتنظيم «القاعدة»، رغم محاولة الاخير تنفيذ اطلالات اعلامية توحي وكأنه يشارك في مواجهة الاسد عسكريا. كما رجح ان يكون نظام الاسد متورطا في التفجيرات الانتحارية المزعومة في دمشق ومناطق سورية اخرى.

الجمعة، 16 مارس 2012

بلينكن: قمة بغداد ستجدّد دعوة الأسد إلى الرحيل

| واشنطن من حسين عبدالحسين |
جريدة الراي

توقع مستشار الامن القومي لنائب الرئيس الاميركي انتوني بلينكن ان تقوم جامعة الدول العربية، في قمتها المقرر انعقادها في بغداد في 29 من الشهر الجاري، بتأكيد «الاجماع العربي» حول «الحاجة الى انهاء العنف في سورية والى رحيل (الرئيس السوري بشار) الاسد».
كلام بلينكن، وهو اعلى المسؤولين المكلفين بالملف العراقي في واشنطن بعد نائب الرئيس جو بيدن، جاء اثناء لقاء عقده في مركز ابحاث «مركز التقدم الاميركي»، امس، وقال فيه ان الموضوع السوري «معقد كثيرا بالنسبة للعراقيين، فالحكومة العراقية مثلا تخشى تمدد (العنف) الطائفي، وان تؤدي الاحداث في سورية الى تحريك السنة في العراق وان تؤدي الى توترات طائفية».
ويضيف بلينكن، وهو يعمل كذلك كأحد مستشاري الرئيس باراك اوباما، «لكن كما قلنا للزعماء العراقيين، في مناسبات عدة، ان سبب عدم الاستقرار في سورية، وتاليا اكثر ما قد يتسبب في خلق تمدد العنف الطائفي الذي يخشونه، هو بشار الاسد، وانه عندما يتوقف العنف ويرحل (الاسد)، هناك امكانية اكبر لتفادي ما يأمل العراق في تفاديه».
واضاف بلينكن ان العراق دعم «الاجماع العربي حول سورية، وان الحكومة العراقية صوّتت ايجابا على القرار المدعوم سعوديا في الجمعية العامة للامم المتحدة حول سورية»، والقاضي بتنحي الاسد عن السلطة، مؤكدا ان العراقيين «وقفوا في وجه بعض الضغط الايراني عليهم حول موضوع سورية».
وتابع ان العراقيين «في موقف صعب» في الموضوع السوري، «لكنهم حتى الان التزموا (بقرارات) الجامعة العربية، واعتقد اننا سنرى، في قمة جامعة الدول العربية في بغداد، تأكيداً على الاجماع حول الحاجة الى انهاء العنف في سورية والى رحيل الاسد».
الا ان مخاوف الحكومة العراقية من تمدد العنف الطائفي من سورية في اتجاه العراق تناقضت مع تأكيدات بلينكن ان العراق يبتعد بثبات عن العنف الطائفي، وتكراره ان المسؤولين العراقيين، المنقسمين طائفيا، صاروا يعرفون كيف يديرون اختلافاتهم سياسيا من داخل المؤسسات الدستورية من دون اللجوء الى العنف.
وقال: «حقيقة الامر ان العراق بلد منقسم منذ زمن حول خطوط طائفية وعرقية... اليوم، مازالت التوترات كبيرة، لكن التوصل الى صيغة للمشاركة في السلطة بين التكتلات السياسية والطائفية هي تحد مستمر».
واضاف: «طبعا من الممكن ان يتحول التوتر الطائفي والعرقي الى عنف، ولكن مرة اخرى، المهم هو انه حتى اليوم، لم يتحول التوتر الى عنف، (ما يعني) ان ابرز تطور في العراق عبر السنوات الثلاث الماضية هو ظهور الحياة السياسية كوسيلة اساسية للتعاطي ولحماية المصالح المختلفة».
ويعتقد بلينكن انه بالنظر الى هذا السجل العراقي، الذي يشمل «سنتين او ثلاثة لا شهرين او ثلاثة، لدينا امل بأن هذا سيستمر، وبأنه على رغم التوتر، ممكن ادارة الخلافات طالما يلتزم العراقيون بالنظام السياسي».
ويعود بلينكن الى سورية ليتابع: «كما قلت سابقا، هناك مصدر قلق للعراقيين بسبب احتمال التمدد الطائفي وبسبب من قد يخلف بشار الاسد (في الحكم)، وهذه مخاوف مفهومة». ويختم: «لكن رغم هذا القلق، انضم العراق الى اجماع الجامعة العربية، ورغم القلق ستلتئم قمة الجامعة العربية في بغداد في اسبوعين، واعتقد اننا سنرى استمرار الاجماع».

الثلاثاء، 13 مارس 2012

أنان والأسد والهاتف

حسين عبد الحسين

تنقل مصادر مجلس الشيوخ عن السناتور الجمهوري المخضرم جون ماكين انه، اثناء الاستعداد لجلسة الاستماع حول الوضع في سوريا الاسبوع الماضي، وقف في الغرفة الخاصة التي يدخل منها الأعضاء ومستشاروهم الى القاعة، وأبدى امام احد مساعديه، معارضته لزيارة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي انان الى دمشق ولقائه بشار الأسد.

ولما سمع احد العاملين في “لجنة الشؤون المسلحة” من الواقفين في انتظار دخول القاعة كلام ماكين، بادره الى القول: “سيدي السناتور، سيقوم انان بنقل مبادرة الجامعة العربية التي تم اقرارها في الجمعية العمومية الى الأسد وحثه على التنحي عن السلطة”. هنا اجابه ماكين: “أليس من الأسهل ان نعطي كوفي رقم الأسد ليتصل به، ويبلغه الخطة العربية عبر الهاتف؟”.

هذه الدردشة في كواليس مجلس الشيوخ الأميركي تختصر “إضاعة الوقت” التي ترافقت مع زيارة انان الى دمشق، واستمرار قوات الأسد في قتل السوريين حتى في اثناء اجتماع انان بالأسد، وهي مفارقة لم تغب عن بال وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون فأثارتها في مداخلتها في مجلس الامن، يوم الاثنين، اثناء الجلسة التي تم تخصيصها لسورية.

ومن الأخبار المتواترة من داخل كواليس مجلس الشيوخ، الذي يقود ماكين تأييده لشن غارات جوية دولية بقيادة اميركية لوقف ماكينة القتل العسكرية للأسد، ان التوجس من فشل زيارة انان بدأ منذ لحظة اعلانها يوم 5 مارس (آذار)، اذ جاء في الاعلان ان المسؤول الأممي السابق سيتوجه الى دمشق بعد خمسة ايام، اي في 10 من الشهر الحالي، ليلتقي الأسد. “هل كنا نحتاج لخمسة ايام للاعداد لزيارة تحمل طابعا طارئا مثل زيارة انان الى دمشق؟” يتساءل احد العاملين في “لجنة الشؤون المسلحة”.

على أن الطامة الكبرى في زيارة انان، تكمن في تصريحاته التي تلت الزيارة، اذ قام بالحديث عن “قتل المدنيين” باستخدام الفعل المجهول، ولم يحمل الحكومة السورية اية مسؤولية. ومما قاله انان على اثر الزيارة، وقبل لقائه المسؤولين الأتراك في انقرة، ان هناك “ثمة تقارير مروعة عن أعمال وحشية وانتهاكات في سورية”، مضيفا انه “يجب ان يتوقف قتل المدنيين الآن”، وأنه “على العالم ان “يبعث برسالة واضحة وموحدة بأن هذا الأمر غبر مقبول ابدا”.

وعلى اثر الزيارة وتصاريح انان، تحلق عدد من اعضاء مجلس الشيوخ ومساعديهم في كافيتيريا مبنى ديركسون، حيث مكاتب اعضاء المجلس، اثناء تناول وجبة الغذاء وتبادلوا اطراف الحديث حول الزيارة. فقرأ أحد المساعدين تصريحات انان على جهاز بلاكبيري الخاص به، وعلق قائلا: “على العالم ان يبعث برسالة؟ الى من يبعثها اذا كان السيد انان يتحدث عن أعمال وحشية يرتكبها مجهولون؟”
فرد صاحبه بالقول: “لا بد انه يعتقد ان مصداقيته ازدادت على اثر الزيارة، فتحدث عن الأعمال الوحشية التي ينفيها الأسد، وكأن انان ينقل الصورة من داخل السورية”.

هنا تدخل أحد أعضاء مجلس الشيوخ، الذي لن نذكر اسمه لأن المجالس بالأمانات، وقال: “وهل كان ضروريا ان يذهب انان الى سورية ليعرف ان الأسد يقوم بأعمال وحشية؟”.

الجمعة، 9 مارس 2012

عبدالحسين: لا امل من زيارة انان دمشق



في مقابلة مع فضائية روسيا اليوم اعتبر الباحث حسين عبدالحسين ان لا امل في الخروج بحلول ملموسة من اللقاء المقرر بين كوفي انان وبشار الاسد.

الأربعاء، 7 مارس 2012

بانيتا: نضع احتمالات الحل العسكري إذا دعت الضرورة وعلى الأسد التنحي والسماح بانتقال سلمي للسلطة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يستبعد وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا خيار التدخل التدخل العسكري في سورية، لكنه قال ان التدخل يحتاج الى تحالف دولي بناؤه ليس بالسهل، وان بلاده تركز حاليا على الحلول الديبلوماسية، فيما اعتبر قائد الاركان مارتن ديمبسي ان قواته قادرة على فرض حظر جوي وحصار بحري على قوات الرئيس السوري بشار الاسد، وفرض اقامة ممرات للمساعدات انسانية.
كلام المسؤولين الاميركيين جاء اثناء جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، امس، وكرر فيها بانيتا اعتقاده ان سقوط الاسد حتمي، حسب "تقديرات الاستخبارات الاميركية"، فيما حذر السناتور الجمهوري جون ماكين من ان الاوضاع على الارض تنقلب لمصلحة قوات الاسد، ودعا الى التدخل العسكري بالمشاركة مع الحلفاء لوقف المجازر التي يرتكبها الاسد بحق المواطنين السوريين.
ولخص السناتور المستقل والمرشح سابقا الى منصب نائب الرئيس في العام 2000 جو ليبرمان الاوضاع في سورية بالقول ان "الاسد سيغادر سورية اذا ما اصبحت حياته ونظامه في خطر. الآن المبادرة مازالت في يده، مما يعني اننا كلما اسرعنا في وضع ضغط عسكري عليه، كلما غادر بسرعة اكبر".
اما رئيس اللجنة السناتور الديموقراطي كارل ليفين فتوجه الى بانيتا بالسؤال: "هل طلبت الدول العربية التدخل العسكري في سورية؟" فاجاب الوزير: "لا". واضاف ليفين: "هل طلبوه في ليبيا؟" فقال بانيتا "نعم". ثم توجه ليفين الى ديمبسي بالسؤال حول القدرات العسكرية الاميركية، فقال قائد الاركان: "لدينا قدرة كبيرة على ضرب قوات الاسد... السؤال هو ان كنا نفعله لوحدنا ام مع شركاء... غارة جوية واحدة ممكنة، لكن حملة جوية اطول تفرض تحديات اكثر".
ديمبسي، الذي تكلم بتحفظ ودعا الى نقل النقاش الى جلسة مغلقة، قال ان دفاعات الاسد الجوية اكثر تطورا بخمسة اضعاف من دفاعات القذافي في ليبيا، وتابع ان دفاعات الاسد الجوية تغطي "خمس (عشرين في المئة من) الاراضي السورية، خصوصا من الغرب حيث تجمعاتهم السكانية".
وكشف ديمبسي ان قيادة الاركان قامت بمناقشة الخيارات المتاحة في سورية مع فريق الامن القومي للرئيس باراك اوباما.
اما بانيتا فقال انه يعتقد ان على "تحالف الاطلسي القيام" بعملية التدخل العسكري في سورية، مضيفا انه يشارك تقديرات استخبارات بلاده بأن "السؤال ليس ان كان الاسد سيسقط بل متى". وقال بانيتا: "قوة هذه الانتفاضة انها عميقة جدا وانها ستستمر حتى تتسبب بسقوطه".
وكان بانيتا قال في كلمته الافتتاحية ان اوباما والمجتمع الدولي "قالوا بوضوح انه على الاسد وقف عملية القتل والجرائم بحق شعبه، وان "عليه التنحي والسماح بانتقال سلمي للسلطة". واضاف: "هذا النظام فقد شرعيته وحقه في حكم شعبه، والولايات المتحدة تقود حملة للضغط على الاسد لوقف قتل شعبه والتنحي".
واعتبر وزير الدفاع ان "لا اجابات سهلة لذلك. هناك البعض ممكن يعتقدون اننا لا نفعل بما فيه الكافية، وهناك من يحذرون من مغبات الذهاب الى حرب".
وتابع: "العنف في سورية هو جزء من صورة اكبر من التغيير في العالم العربي، وهدفنا هو حث الحكومات على فعل المزيد للسماح لشعوبها العيش بسلام". وقال بانيتا: "هذه الادارة تفعل ما بوسعها من اجل ضمان الانتقال الاسهل. لايمكن ان يكون هناك حل مستنسخ".
وحدد الوزير سياسة بلاده تجاه الثورات العربية بالقول: "اولا نحن نعارض العنف والقمع ونساند حق التعبير والتجمع والتفكير والعبادة والانتخابات، وثانيا ندعم الاصلاحات السياسية والاقتصادية... هذه القواعد حكمت ردنا على الاحداث في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن والان سورية".
بانيتا اشار الى ان بلاده تعمل مع المجتمع الدولي "من اجل نهاية حكم الاسد وبداية الديموقراطية"، مضيفا ان الجمعية العامة للامم المتحدة اعطت دعمها الكامل لخطة جامعة الدول العربية القاضية بانتقال السلطة، كاشفا ان محاولات تجري حاليا من اجل تمرير قرار مشابه في مجلس الامن.
واضاف بانيتا: "ما نعمل عليه هو وضع الخطة موضع التنفيذ... اولا وضع عقوبات لها تأثيرها، ثانيا، نزود مساعدات انسانية عاجلة قيمتها 10 ملايين دولار، ثالثا، نعمل مع اصدقاء سورية للعمل على تقوية المعارضة للتوحد ووضع خطة للانتقال الى حكومة ديموقراطية تعترف بالجميع بما فيها الاقليات، رابعا، نفكر بخطوات تحمي الشعب السوري ونضع احتمالات استخدام الحل العسكري اذا دعت الضرورة".
الا ان بانيتا اعتبر ان واشنطن مازالت تؤمن بأن "هناك وسائل سلمية"، وانه في حال اللجوء الى الحل العسكري، "نعتقد انه من المهم ان نبني اجماعا دوليا حول اي خطوة نقوم بها، وان نحصل على دعم اقليمي عربي، وان يكون لدينا اساسا قانونيا لما نفعله".
وقال ان "النظام السوري ما تزال لديه قدرة عسكرية قوية"، وان "التدخل الخارجي لا يستطيع ان يوقف الحرب الاهلية في حال اندلاعها، بل قد يجعلها اسوأ".
لكن بانيا اختلف في تقييمه مع ماكين الذي اعتبر ان الوضع ينقلب لمصلحة الاسد، فقال الوزير: "هذا النظام سيصل الى نهايته... لا لبس في ذلك". وختم بانيتا: "استقرار سورية اساسي للمنطقة، لتركيا والعراق ولبنان واسرائيل... كلها تريد تفادي ازمة انسانية في سورية. ولكن كما قال السناتور ماكين، سورية حليف ايران الوحيد. والاحداث اضعفت ايران، ومن الواضح ان ايران ستخسر اكثر مع ضعف الاسد اكثر".
ماكين كان افتتح بكلمة قال فيه ان "اكثر من 7500 سوريا قتلوا حتى الان" وان "سورية اليوم هي مسرح اسوأ احداث عنف منذ البلقان". واضاف ماكين ان نظام الاسد "معزول دوليا ويواجه عقوبات قاسية من اميركا واوروبا والجامعة العربية، وللادارة الفضل في تنسيق ذلك".
لكن للأسف، حسب ماكين، "يزداد العنف ويبدو ان الاسد يقاتل حتى النهاية بدعم روسيا والصين وايران". وقال: "من الواضح ان الاسد يحقق ما يريد تحقيقه، وقواته تتمتع بزخم على الارض". واعتبر السناتور الجمهوري انه "من دون التدخل العسكري، يبقى الاسد في السلطة في المدى المنظور".
واوضح ان اوباما قال انه "على الاسد الرحيل وعلينا التزام ذلك"، معتبرا ان "الوقت ينفد"، وان "تزويد الجيش السوري الحر بالسلاح ضروري، لكنه قد لا يكون كافيا". واضاف ماكين بالقول ان "الطريقة الوحيدة هي عبر ضربات جوية تعرقل عمل قوات الاسد" وتؤمن مناطق آمنة للقوات المناوئة.
"هذا لا يعني انه علينا ان نذهب بانفسنا"، حسب ماكين، الذي قال ايضا: "علينا التنسيق مع حلفائنا العرب السعودية والامارات وقطر ومع حلفائنا في اوروبا وتحالف الاطلسي. الاسد كان يعرف انه لن يفوز. للأسف لا يبدو هذا اعتقاده الآن اذ هو يعتقد ان بامكانه الحسم عسكريا".
واتهم ماكين الادارة بانها "منفصلة عن الواقع". وتوجه الى وزير الدفاع بالقول: "الوزير بانيتا، انت كنت رئيس اركان البيت الابيض في زمن الرئيس كلينتون اثناء مجازر البوسنة ولاحقا كوسوفو. يومها سمعنا اعتراضات ضد التدخل، وانها معقدة، واننا لا نعرف من ندعم على الارض، وان لا تحالفا دوليا ممكنا".
وتابع ماكين: "سمعناهم في البوسنة، وتغلبنا عليهم ولله الحمد، على امل ان نتغلب عليهم الان".
ماكين اقتبس كلمات الرئيس السابق بيل كلينتون ابان الذهاب الى الحرب في البوسنة وقال: "هناك اوقاتا تكون فيها اميركا، واميركا وحدها، قادرة على القيام بالشيء الصحيح". واضاف ماكين: "هذه كلمات رئيس ديموقراطي، يومها عملت انا مع السناتور بوب دول لحشد التأييد الجمهوري. السؤال نفسه مطروح اليوم في سورية".
وقال: "على اميركا القيادة بدلا من التصريحات التي تقول اننا لن نتدخل مهما حدث. نحن لا نقود سيدي الوزير".

الثلاثاء، 6 مارس 2012

فوضى غير خلاقة

حسين عبد الحسين
المجلة

عاني السياسة الاميركية تجاه سوريا من “فوضى غير خلاقة”، على عكس “الفوضى الخلاقة” التي كتب عنها مدير “معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى” روبرت ساتلوف إبان حملة نشر الديمقراطية التي قادتها ادارة الرئيس السابق جورج بوش.

تجلت الفوض الاميركية تجاه سوريا بقيام عضو الكونغرس من الحزب الديمقراطي عن ولاية تكساس “الافريقية – الاميركية” شيلا جاكسون لي بدعوة زملائها الى الانضمام إليها في زيارة قامت بها الى السفارة السورية في واشنطن، والتقت خلالها القائم بالاعمال فيها زهير جبور، وسلمته عريضة طالبت فيها “الرئيس الاسد بالتنحي فورا كرئيس”.

هذه السطحية في التعاطي مع الشأن السوري من قبل عضو مغمور في الكونغرس من امثال لي تظهر جانبا من جوانب تخبط واشنطن في سياستها نحو سوريا.

ويعزو المراقبون هذا التخبط الى فراغ في قيادة الرئيس باراك اوباما في الموضوع السوري، مما يفسح المجال امام الطفوليين والمبتدئين في عالم السياسة الخارجية في القيام بخطوات محرجة، كالتي قامت بها لي، الى درجة انه من اصل 434 من زملاء لي في الكونغرس ممن دعتهم الى الانضمام إليها في لقائها جبور، لم يشارك ولا عضو واحد، اذ اعتبر معظمهم ان من شأن خطوة كهذه ان تسبغ شرعية على السفارة السورية وتاليا على نظام الاسد.

وفي يوم آخر من الاسبوع الماضي، دعا عضو الكونغرس الديمقراطي عن ولاية واشنطن آدم سميث الصحافيين الى تناول طعام الفطور على مائدته، وتوجه إليهم بالقول: “لا يجب ان نفعل اي شيء في سوريا في الوقت الحالي”. واضاف سميث، وهو عضو في لجنة القوات المسلحة وسبق ان زار دمشق في الماضي والتقى الاسد، انه لا يتوجب على الولايات المتحدة ولا على العالم تقديم اي مساعدات، لا انسانية ولا خلافها، الى المدنيين السوريين الذي يتعرضون للعنف على ايدي القوات التابعة للنظام السوري.

واعتبر سميث ان “مسؤولية حماية المدنيين”، وهي جزء من عقيدة السياسة الخارجية الاميركية منذ الحرب العالمية الثانية، “هي بمثابة عذر للتدخلات الاميركية في شؤون الدول حول العالم”.

الاسبوع الماضي ايضا، اطلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في الكونغرس، واعتبرت انه لا يجب على العالم تصنيف الاسد كمجرم حرب حتى يبقي المجتمع الدولي على خياراته مفتوحة للتوصل الى حل سياسي مع الاسد يقضي بخروجه من السلطة طوعيا.

كما اطل مساعد كلينتون لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان ليؤكد حتمية سقوط الاسد ونظامه، وليشدد على تمسك بلاده بتنازل الرئيس السوري عن السلطة طوعيا كحل حصري للازمة السورية. وفي جلسة فيلتمان نفسها، قال سفير الولايات المتحدة في سوريا روبرت فورد ان تسليح المعارضة والذهاب الى حرب ضد قوات الاسد هو السيناريو الذي وضعه الاسد، ويريد ان يرى العالم يشارك فيه ليبرر عنفه، لذلك يعتقد فورد ان استمرار الثورة السورية سلمية هو من الشروط المطلوبة لنجاحها.

وفي الجلسة نفسها قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي جون كيري ان “الكونغرس والعالم” يناقشان تزويد المعارضة السورية بالسلاح، فيما اعتبر زميله الجمهوري في اللجنة ريتشارد لوغار ان تزويد الاسلحة لاي طرف في العالم هو من مسؤولية الكونغرس لا الادارة، لذلك حث لوغار ادارة اوباما على عقد نقاشات مع الكونغرس لدرس فكرة تزويد المعارضين السوريين بالسلاح.

في واشنطن “فوضى غير خلاقة” في السياسة تجاه سوريا تتنوع بين عضو في الكونغرس يزور السفارة السورية، وآخر يدلي بتصريح للصحافيين مؤكدا وجوب بقاء اميركا بعيدة عن الازمة، فيما تقول كلينتون ان مسايرة الاسد واجبة لجعله يتنحى طوعيا، ويؤكد مساعدها حتمية سقوطه، ويشدد السفير على ضرورة بقاء الثورة السورية سلمية، فيما يتوجه إليه عضوان من مجلس الشيوخ بالحديث عن تسليح المعارضة.. إنه التخبّط بعينه!

الاثنين، 5 مارس 2012

قائد «الأطلسي»: يطيح بالأسد تسليح المعارضة السورية

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

قال القائد العسكري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) الادميرال جايمس ستافريديس، ان «من شأن تسليح المعارضة السورية وتزويدها بانظمة اتصالات ومعلومات استخباراتية تكتيكية ان يؤدي الى الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد»، الذي يواجه انتفاضة شعبية تطالب باسقاطه وحكمه منذ عام.
كلام الادميرال ستافريديس، الذي يشغل ايضا منصب قائد القيادة الاوروبية للقوات الاميركية، جاء خلال جلسة استماع، اول من امس، عقدتها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ لمناقشة موازنة العام المقبل، وقام خلالها السناتور الجمهوري المخضرم والمرشح الرئاسي السابق جون ماكين بشن هجوم على «الأطلسي» والادارة الاميركية ضد ما وصفه بالتقاعس امام المجازر التي يرتكبها الاسد ونظامه بحق المدنيين في سورية.
ماكين توجه الى ستافريديس بالقول: «هل من شأن تزويد الاسلحة وانظمة الاتصال والمعلومات الاستخبارية التكتيكية ان يساعد المعارضة السورية في تنظيم نفسها في شكل افضل ودفع الاسد خارج السلطة»؟ فاجاب الادميرال الاميركي: «نعم سيدي، اعتقد ان من شأنه ذلك».
وهنا اضاف ماكين: «اذا، ها نحن امام الناتو الذي كان مستعدا للتدخل (لمنع المجازر) في البوسنة وكوسوفو، لكنه غير مستعد حتى لوضع خطط طوارئ لمواجهة المجازر التي تقع في سورية». وتابع: «اعتقد اني لست بحاجة الى تعليق منك هنا، فكلامي يقول ما فيه الكفاية عن دور الناتو».
وكان ماكين افتتح حديثه حول سورية بالاشارة الى مقابلة ادلى بها الامين العام للحلف الأطلسي اندرس فوغ راسموسن، الخميس الماضي، قال فيها الاخير: «لم نجر أي محادثات حول دور الناتو في سورية، وانا لا ارى اي دور من هذا القبيل للتحالف». 
وسأل ماكين: «هل صحيح ان الناتو ليس لديه اي خطط طوارئ (في حال طلب منه التدخل في سورية) بما في ذلك خطط لتزويد السوريين بالدواء والمساعدات الانسانية»؟ فاجاب ستافريديس: «حضرة السناتور، لا نضع اي خطط مفصلة لأي حالات طوارئ في الوقت الحالي وهناك سبب لذلك». واضاف: «داخل قيادة الناتو، نحتاج الى تفويض من مجلس شمال الاطلسي قبل ان نتمكن من القيام بوضع خطط مفصلة».
وقاطعه ماكين: «قبل ان تضعوا اي خطة»؟ فاجاب الادميرال: «قبل وضع خطط مفصلة». ورد ماكين بغضب: «انا سألت ان كنتم تضعون اي نوع من الخطط؟»، فاجاب ستافريديس: «لدينا مراقبة عن كثب للوضع، ولكن لا يمكنني وصف ذلك باننا نقوم بوضع خطط مفصلة». 
وتحول ماكين الى سورية، فسأل: «هل تعتبر الازمة في سورية صراعا بين قوات الاسد وبين قوات المعارضة؟» فقال ستافريديس: «نعم سيدي هو كذلك».
وكان راسموسن، الذي يزور العاصمة الاميركية، كشف في مقابلة مع «ذي كايبل» بأن تحالف الناتو لا يقوم بوضع اي خطط حول سورية لانه «لم تتقدم اي دولة عضو في التحالف بطلب ذلك».
وما قاله راسموسن ان سورية اكثر تعقيدا من ليبيا على الصعيد الاثني والسياسي والديني، ما يحتم حلولا مختلفة، وما يقلص من فرص نجاح اي مهمة قد يقوم بها التحالف ضد الاسد. بيد ان كلام ستافريديس ناقض تماما ما قاله راسموسن. 
يذكر ان ستافريديس في طريقه الى التقاعد الصيف المقبل، وهو ما يجعل تقييمه للاوضاع في سورية اكثر موضوعية واقل تأثرا بالحسابات السياسية لزملائه في قيادة التحالف او للدول الاعضاء.

الجمعة، 2 مارس 2012

روس: ستكون هناك ضربة عسكرية إذا حاول الإيرانيون التلاعب بالمفاوضات

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

توقع المستشار الرئاسي الأميركي السابق لشؤون ايران، دنيس روس، ان تعود طهران الى طاولة المفاوضات حول ملفها النووي، لكنه حذر من ان «قيام ايران بأي الاعيب قد يؤدي الى استنفاد الحلول الديبلوماسية وتاليا الى ضربة عسكرية».
كلام السياسي الاميركي المخضرم، والذي يعمل منذ خروجه من الادارة قبل اشهر قليلة في مركز ابحاث «معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى»، جاء اثناء دردشة مع صحافيين استشرافا للقاء الرئيس باراك اوباما ورئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في البيت الابيض غدا.
واعتبر روس ان «الولايات المتحدة لن تدع ايران تصل الى نقطة اللاعودة، حيث يمكنها تحويل برنامجها النووي المدني الى عسكري، لكنها في الوقت نفسه لن توجه ضربة عسكرية استباقية ضد ايران من شأنها ان تزعزع الاجماع الدولي، الذي ادى الى فرض عقوبات اقتصادية وديبلوماسية هائلة ضد الجمهورية الاسلامية».
«اين هي نقطة اللاعودة»؟ يقول روس «ان تحديد هذه النقطة يختلف حسب اختلاف الامكانات العسكرية للدول، فبالنسبة لاسرائيل، هذه النقطة تقترب بسرعة، اما بالنسبة للولايات المتحدة، التي تتمتع بامكانات عسكرية اكبر بكثير، لاتزال هذه النقطة ابعد».
كذلك يعتقد روس ان «اسرائيل تحاول تفادي توجيه ضربة الى ايران لأن الموضوع هو العالم في مواجهة ايران لا اسرائيل في مواجهة ايران، رغم اعتقاد الاسرائيليين ان توصل طهران الى انتاج السلاح النووي يشكل خطرا وجوديا على الدولة العبرية».
وبرأي روس، «لا تباين بين الرؤيتين الاميركية والاسرائيلية حول سؤال: اين اصبح البرنامج النووي الايراني. التباين يكمن حول تقييم هدف هذا البرنامج».
ويكشف روس، الذي ادار الحملة الاميركية لفرض عقوبات دولية على طهران، اعتقاد واشنطن بوجود «اجماع وطني ايراني حول البرنامج النووي»، في وقت لا يبدو ان «السعي الى اسلحة (نووية) يحوز على الدعم نفسه، على الاقل بالنظر الى تصريحات (المرشد الاعلى للثورة علي) خامنئي».
كما يكشف روس ان «ادارة اوباما تعول على نوع من الوعي لدى المستشارين المحيطين باصحاب القرار في طهران». ويضرب روس مثالا على ذلك «ان المرشد الراحل الخميني وعد بالاستمرار في حربه ضد العراق 20 عاما، او مهما طالت، لكن عندما قال له مستشاروه انه لا يمكن للبلاد الصمود اكثر، رأينا الواقعية وسمعنا الخميني يقول انه يوافق على وقف اطلاق النار مع العراقيين كمن يتجرع السم».
ويضيف روس: «عندما يشعرون ان الثمن باهظ، سنكون بحاجة الى طريقة لتخفيف الضغط وتقديم طريق لهم للخروج، وهذا دور ممكن ان تلعبه المفاوضات». ويتابع: «المشكلة الحقيقية هي في ان تكون نتائج المفاوضات جيدة بما فيه الكافية لنا، وفي نفس الوقت تقدم له (خامنئي) تسوية مقبولة».
على ان روس يعتقد ان «هناك الكثير من الامور التي يجب تحديدها، من قبل المجتمع الدولي، قبل الذهاب الى المفاوضات مع ايران. على سبيل المثال، كم من الوقت ممكن ان تستمر هذه المفاوضات، وما يمكن اعتباره تقدما». واضاف ان «احد الاقتراحات يقضي بأن يتسلم الايرانيون الوقود النووي من بنك وقود دولي، او يمكنهم التخصيب الى حد معين، او الاكتفاء بالتخصيب المنخفض، او شحن كميات من اليورانيوم المخصب الى خارج ايران».
المهم بنظر روس «الا تصل ايران الى مرحلة يكون لديها امكانية الاختراق، او الزحف، او التسلل الى برنامج نووي عسكري». وقال: «ليس مسموحا لهم الحصول على تقنية يمكن تحويلها (من مدنية الى عسكرية)، ولا يمكنهم ان يصبحوا اليابان... ببساطة لا يمكنهم ان يصلوا الى ذلك الموقع بالنظر الى تاريخ تصرفاتهم».
وتابع روس انه «في حال فشلت المفاوضات وتم استنفاد الحلول الديبلوماسية، سيكون هناك استخدام للقوة»، معربا عن اعتقاده بأن «اي ضربة عسكرية ستبقى في اطار الموقف الدولي الحالي تجاه ايران». بكلام آخر، ستسعى اميركا الى تأخير البرنامج النووي الايراني بضع سنوات عبر توجيه ضربة عسكرية، لكنها تحرص على ألا تعطي الضربة المجال للايرانيين للفوز بتعاطف دولي وتاليا الهروب من العقوبات الاقتصادية المفروضة حاليا، او على حد تعبير روس، لا يمكن للضربة وحدها تحقيق هدفها باعاقة البرنامج النووي الايراني، بل ستأتي الاعاقة من عدم مقدرة الايرانيين على اعادة تركيب برنامجهم بسبب العقوبات التي ستستمر حتى ما بعد الضربة.
متى ستبدأ المفاوضات الدولية مع ايران؟ يقول روس: «سنبدأ في شهر او اثنين، وسنعلم بسرعة كبيرة اذا كان الايرانيون يريدون ان يلعبوا العابا، ام اذا كانوا جديين». واضاف انه «قبل عام، اولا في جنيف ثم في اسطنبول، رفض الايرانيون الخوض في النقاش حول برنامجهم النووي مع مجموعة دول خمسة زائد واحد... اليوم (الايرانيون) يقولون شيئا مختلفا».
وقال روس ان المجتمع الدولي يعلم بالضبط اين اصبح ملف ايران النووي، وان العالم كشف مرارا المنشآت السرية الايرانية، وان «الايرانيين لا يعلمون ما نعرفه نحن عنهم، ولقد نجحنا في فضحهم مرارا».
وعما اذا كان نتنياهو سيطلب ضمانات اميركية من اوباما لعدم السماح لايران بالحصول على السلاح النووي، قال روس «لقد عرفت كل رئيس حكومة اسرائيلي منذ ثلاثين عاما، والعامل المشترك بينهم كلهم انهم يريدون ان يحافظوا على حريتهم في التحرك العسكري لأن الامن القومي موضوع هام لديهم».
وختم روس بتأييد الموقف الاميركي والاسرائيلي المعارض لـ «احتواء ايران» او «التعايش مع ايران نووية». وقال ان حصول ايران على سلاح نووي غير مقبول، من وجهة نظره، وانه في حال حدوثه سيؤدي الى «شرق اوسط نووي»، مع عدم امكان تدارك اي مواجهة نووية نظرا لقصر المسافات بين العواصم المتنازعة، على عكس في زمن «الحرب الباردة» حيث كانت المسافة التي تفصل بين الجبارين الاميركي والسوفياتي كبيرة، وكانت تسمح بتوجيه ضربة معاكسة قبل ان تصل الضربة الاولى، مما عزز من فكرة الردع المتبادل، «وهذا غير ممكن في الشرق الاوسط».

الخميس، 1 مارس 2012

فيلتمان: جلسة البرلمان الكويتي تعكس الرأي العام العربي تجاه الأسد

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

اعتبر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان ان جلسة مجلس الامة الكويتي امس التي تم تخصيصها للوضع في سورية تعكس الرأي الكويتي والعربي عموما تجاه الرئيس السوري بشار الاسد.
وقال فيلتمان في جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ برئاسة السناتور جون كيري، الذي توجه اليه بالسؤال حول جلسة مجلس الامة وحول التغيير الحاصل في الموقف العربي تجاه نظام الاسد، ان المسؤولين العرب يدركون ان عليهم مجاراة الرأي العام في وقوفه الى جانب الشعب السوري، وان «جلسة البرلمان الكويتي تعكس الرأي الكويتي والعربي عموما».
الا ان فيلتمان اوضح انه لا يعرف متى تأتي لحظة انهيار الاسد ونظامه، لكنها ستأتي حتما، مضيفا: «اتمنى لو ان لحظة التغيير تأتي غدا... أتمنى لو كان لدينا عصا سحرية تمكننا من جعلها تأتي غدا».
وكشف كيري ان النقاش داخل أروقة الكونغرس بدأ حول تسليح «الجيش السوري الحر»، ولكنه شدد على ضرورة ان يتبع هذا الجيش هيئة سياسية مدنية سورية، من هنا ضرورة توحيد صفوفه مع «المجلس الوطني السوري» كمقدمة للدعم الاميركي والدولي له.
وقال كيري: «يبدو واضحا ان نظام الاسد سينهار، ولكن كلما طالت اللعبة، كانت النتيجة اكثر فوضوية». وتابع ان «كل قوى المنطقة والتنظيمات لديها اهتمام بما يحصل في سورية»، معتبرا ان تنظيم «القاعدة يحاول الافادة مما يحصل كذلك».
واضاف كيري ان «تسعة آلاف سوري قتلوا حتى الان وانه في حمص، هناك قصف عشوائي منذ ثلاثة اسابيع، مات المئات والمدينة تعاني من نقص في الغذاء والدواء». 
واقترح كيري تحركا دوليا ضد الاسد مشابها للتحرك الذي اطاح بالعقيد الليبي معمر القذافي، وقال: «العام الماضي اظهر العالم انه عندما يتحرك بصوت واحد، لا يعود احد يخشى الديكتاتور، لذلك قامت روسيا والصين بمد شريان الحياة للاسد». 
وحض السناتور الديموقراطي الادارة على السعي «لاقناع روسيا والصين بايجابية التخلي عن الاسد» تماشيا مع الموقف العالمي في هذا السياق، فالجامعة العربية زادت من الضغط الاقتصادي على النظام السوري، وتركيا ايضا، اما الجمعية العمومية فصوتت 137 مقابل 12 لادانة النظام». واضاف كيري: «قبل اسبوعين صادق هذا المجلس (الشيوخ) على قرار لمساندة الشعب السوري». 
واضاف: «ماتزال هناك اسئلة حول المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر، هما يشتركان في سعيهما لاسقاط الاسد، ولكنهما لم يندمجا على غرار ما حصل في ليبيا». 
وتحدث بعد كيري كبير الاعضاء الجمهوريين في اللجنة السيناتور ريتشارد لوغار، فأيد زميله رئيس الجلسة بحث الادارة على التفكير في امكانيات تسليح «الجيش السوري الحر»، وقال: «قرار اي تسليح هو لدى الكونغرس دستوريا، وادعو الادارة الى مناقشتنا في ذلك». 
كما دعا لوغار الى التفكير جديا بخيارات التدخل العسكري في سورية وقال: «علينا ابقاء كل الخيارات على الطاولة».
وسرد فيلتمان التطورات منذ آخر جلسة استماع عقدتها اللجنة، وقال انه منذ ذلك الوقت، «قامت الدول العربية بفرض عقوبات، ووضعت جامعة الدول العربية خطة انتقال للسلطة، وادانت اكثر من 137 دولة عنف النظام، وشاركت اكثر من 60 دولة ومنظمة في مؤتمر تونس». 
واضاف فيلتمان: «نحن اعلنا تبرعنا بـ 10 ملايين دولار كمساعدات انسانية، والامم المتحدة والجامعة العربية أعلنتا تعيين كوفي انان مبعوثا الى سورية، فيما صدر قرار عن مجلس حقوق الانسان جاء فيه ان ما يحصل في سورية هو كارثة من صنع بشري».
فيلتمان اعتبر انه على الرغم من «كل هذه الارادة الدولية، مازال الاسد يزيد من عنفه، والوضع مأسوي، خصوصا في حمص، وهناك عدد كبير من السوريين يعيشون في وضوع كارثي من دون غذاء او دواء او رعاية صحية... لكن على الرغم من دموية النظام، يظهر الشعب السوري شجاعة خارقة».
المسؤول الاميركي كرر تأكيدات الادارة ان نظام الاسد سينهار، لكنه قال هذه المرة ان الادارة لا يمكنها تحديد موعد هذا السقوط: «انا متواضع لاقول اني لا اعرف متى ستأتي لحظة التغيير، ولكني اعرف انها ستأتي... من المهم ان تأتي بسرعة لان اطالة امد الازمة يعقد مرحلة ما بعد الاسد وكل جهودنا تنصب في هذا الاتجاه».
وقال: «نحن نحث دول العالم على زيادة العقوبات والعزلة على الاسد، ونشدد على خطة انتقال السلطة، ونتواصل مع المعارضة السورية للوصول الى سورية ديموقراطية للجميع بغض النظر عن دين او عرقية المواطنين. ما نريد رؤيته هو ان يقوم السوريون بقيادة انتقال للسلطة الى سورية ديموقراطية». 
وقال السفير الاميركي في سورية، والمقيم حاليا في واشنطن، روبرت فورد ان «نظام الاسد تحت ضغط اكبر مما كان عليه حتى قبل شهرين او ثلاثة... الانشقاقات متواصلة... القوى الامنية تحافظ على تماسكها، ولكنها تحت ضغط اكبر اليوم... الطبقة التجارية انقلبت لان مصالحها تأذت وتخشى من ردة فعل السوريين في مرحلة ما بعد الاسد».
وتحدث فورد عن «المجلس الوطني السوري» و«الجيش السوري الحر» بالقول ان لدى «كل منهما قيادة منفصلة، ولكنهما يتواصلان، وعلى الارض نرى تعاونا».
وعن الوضع الاقتصادي، قال فورد: «انهار سعر صرف الليرة السوري 50 في المئة وازدادت اسعار المواد الغذائية 50 في المئة... المستهلكون يمتنعون عن الشراء، ما يزيد في تقلص الاقتصاد». واضاف: «نحن نحاول تفادي احداث اي تأثير سلبي اقتصادي على المواطنين باستهداف اموال المسؤولين والحكومة السورية. في المرة الاخيرة التي كنت فيها في دمشق، كان لا يوجد غاز للطبخ ولا مازوت تدفئة، ودمشق مدينة باردة في الشتاء».
وتابع فورد ان الاسد يحاول اثارة النعرات الطائفية للاختباء خلفها واطالة امد حكمه، وقال: «في اسوأ اوقاته، سيحاول نظام الاسد اظهار الامر وكأنه قتال ضد العرب السنة ويطلب من الاقليات الوقوف معه. أتمنى من الاميركيين فهم ان القصة ليست مواجهة بين العلويين والسنة فاثناء حكم الاسد، لطالما عانى العلويون من الاسد».
واوضح: «حضضنا المعارضة مرارا على التأكيد للاقليات العلويين والدروز والمسيحيين وغيرهم، ان جميع السوريين سيكونون متساوين ما بعد الاسد. لكني لا اعتقد ان المعارضة ستكون بالضرورة في تنظيم واحد كبير. لذا، اعتقد ان عليهم ان يتشاركوا برؤية وبخطة وان يتوحدوا خلف هذه الخطة».
وبعد مرور ساعة على زمن الجلسة، تسلم السيناتور روبرت كايسي الرئاسة، وتوجه الى الديبلوماسيين الاميركيين بالقول: «عدد منا فقد صبره مما تفعله واشنطن حيال سورية. هذه الجلسة هي من اجل قرار آخر يعبر عن التضامن والالتزام، لا التعبير عن الغضب و الكلام حول التضامن، بل وضع استراتيجية تبرهن عن تضامننا فعليا على الارض».

كوميديا الانتخابات الأميركية

مت رومني (الى اليمين) وجايسون الكسندر
حسين عبد الحسين
المجلة

جتاح عدد من الممثلين الكوميديين الأميركيين، الحياة السياسية الأميركية أخيرا، وركزوا هجومهم على مرشحي الحزب الجمهوري، في وقت يعتقد فيه عدد من الأميركيين ان الانتخابات التمهيدية للجمهوريين طالت، وتحولت بحد ذاتها الى كوميديا سياسية.

الكوميديا السياسية بدأت أثناء المناظرة الرئاسية الأخيرة التي اقامتها محطة “سي.ان.ان” للحزب الجمهوري، حيث اقتبس المرشح مت رومني، في معرض ترحيبه بالتصفيق الكبير الذي ناله في بداية الحوار، جملة من المسلسل الكوميدي الذائع الصيت منذ التسعينات وحتى اليوم “ساينفلد”. وقال رومني: “على ما يقول جورج كوستانزا، عندما يصفقون، توقف”.

جايسون الكسندر، الذي لعب دور جورج كوستانزا، علق على ما قاله رومني في تغريدة وقال: “شعرت بسعادة غامرة ان الحاكم (في ولاية ماساشوسيتس سابقا مت) رومني تعجبه الشخصية القديمة التي لعبتها في مسلسل ساينفلد. وانا كذلك معجب بالشخصية التي كان يلعبها هو في الماضي”.

تغريدة الكسندر ضربت على وتر حساس للمرشح رومني، الذي يتهمه كثيرون بأنه كان سياسيا ليبراليا اثناء ولايته حاكما في ماساشوسيتس، وانه انقلب الى سياسي محافظ فيما بعد، في وقت يقوم خصوم رومني دوما بمهاجمته بحجة أنه كثير التقلب في مواقفه السياسية.
وختم الكسندر تغريدته بالقول: “لو عاد (رومني) الى تلك الشخصية، لجعله ذلك مرشحا عظيما”.

الكسندر ليس وحيدا من مشاهير السينما والتلفزيون الأميركيين ممن يتدخلون اليوم في شؤون السياسية من دون الخوض في غمارها فعليا.

بيلي كريستال الكوميدي الهوليودي المشهور، ادلى بدلوه كذلك في هجوم لاذع ضد الحزب الجمهوري، اثناء تقديمه لحفل الاوسكارات السنوي الرابع والثمانين، يوم الاحد الماضي. وفي معرض تقديمه للممثل كريستيان بايل، اثنى كريستال على بايل بالقول: “لقد سبق لك ان لعبت دور الفارس الأسود، والمجنون الأميركي، ومدمن الكوكايين صاحب الكاريزما”. ثم توجه كريستال الى الجمهور بالقول: “سوف يكون بإمكانكم اختيار أحد هؤلاء اثناء الثلاثاء الكبير”، اي يوم الانتخابات التمهيدية للمرشحين الجمهوريين في عدد كبير من الولايات في 6 مارس (آذار).

ولم يكتف كريستال بهجومه الضمني على المرشحين الجمهوريين، بل تعرض لمسألة الضرائب المخفضة للأغنياء، والتي يؤيدها الجمهوريون، فقال ان عددا من الافلام في هوليوود حقق ارباحا بلغت ملايين الدولارات. ثم اضاف، “وطبعا سدد كل واحد من المنتجين 14 في المئة كضريبة دخل”، بدلا من الـ 30 في المئة المفروضة على عموم الأميركيين.

هذا التباين الضريبي موضوع جدل، ويحاول الرئيس باراك اوباما تمرير زيادة على ضرائب الأغنياء لتجعلهم متساوين مع اصحاب الدخل المتوسط، فيما يصر الجمهوريون ومرشحوهم على ابقاء التعرفة منخفضة للأغنياء، لأن هؤلاء يشكلون العمود الفقري لممولي الحملات الانتخابية للحزب الجمهوري.

الى الكسندر وكريستال، أعلن بيل ماهر، صاحب برنامج كوميدي شهير باسمه، تبرعه بمبلغ مليون دولار لـ “سوبر باك”، وهي لجنة تدعم اوباما دعائيا من دون التنسيق معه أو مع حملته.
وكان أوباما رفض في البدء اعطاء الضوء الأخضر لإنشاء لجنة مشابهة باسمه، لأنه كان اول المعترضين على قرار المحكمة العليا الذي سمح بإنشاء لجان كهذه.

الا ان “السوبر باك” التابع لرومني، والذي يحصد الملايين من الدولارات، اثبت فعاليته بشنه هجمات دعائية تلفزيونية ضد خصوم رومني الجمهوريين، مما اسهم في فوز رومني في عدد من الولايات كان متأخرا فيها. ومما حمل اوباما على تغيير رأيه خوفه من اعطاء الجمهوريين فرصة اكبر للتقدم عليه انتخابيا.

ولأن اوباما وافق متأخرا على انشاء لجنته، فهي لم تجمع الشهر الماضي اكثر من 54 الف دولار، مما دفع الكوميدي ماهر الى تقديمه مليون دولار كأول المتبرعين لـ “سوبر باك” اوباما.

هكذا، عندما يصل الأمر الى الكوميديا، يظهر تقدم اوباما والديمراطيين على منافسيهم الجمهوريين، الاسبوع الماضي، بثلاثة كوميديين للديمقراطيين مقابل صفر للجمهوريين، فيما يعتقد عدد من المعلقين الاميركيين ان الحزب الجمهوري لا يحتاج الى كوميديين يناصرونه، اذ انقلبت مناظراته العشرين التي اقامها لمرشحيه للرئاسة حتى الآن، الى كوميديا متواصلة.