الخميس، 26 أبريل 2012

الخطة «ب» في سوريا

حسين عبد الحسين
المجلة

«في هذه الأثناء، يعاني كل من الشعب السوري والأسد: الأول من حرمانه للحياة والحرية، والثاني من حرمانه لآخر موديلات الأحذية لهذا الموسم». بهذه الكلمات المعبرة ختم ريتشارد كوهين، المعلق في صحيفة «واشنطن بوست»، مقالته التي رأى فيها أن خطوات الغرب تجاه سوريا مازالت سطحية، وانها لن تمنع بشار الأسد من ارتكاب المجازر بحق شعبه.

وينضم كوهين الى ما بات يشبه الاجماع لدى المثقفين الاميركيين بضرورة ايجاد خطة بديلة، غالبا ما يطلق عليها اسم «الخطة ب»، لكيفية تعامل الولايات المتحدة مع الاحداث في سوريا. ويعتبر ان العقوبات الاميركية والاوروبية، مثل حرمان الأسد وعائلته من شراء الكماليات في اوروبا، لن تقنع الأسد بالتوقف عن قتل مواطنيه، ويقول ان العواصم الغربية تحلم بأن تساهم عقوباتها في دفع الأسد الى التوقف عن القتل، ويكتب: «في هذا الحلم، يأتي الديكتاتور الشرير الى طاولة المفاوضات، لأنه لم يعد بحوزته الا قلم مون بلان واحد».

ويختم الكاتب الأميركي بالقول ان استمرار القتال سيساهم بالمزيد من التطرف لدى الطرفين، وانه على غرار ما حدث في البوسنة في التسعينات، ساهمت «الخطوات الخرقاء وغير الفعالة» التي قام بها المجتمع الدولي بفقدان السيطرة على الوضع، وهو ما يحدث في سوريا اليوم، وهو ما يعني انه كما في البوسنة، الحل الوحيد في سوريا، أو «الخطة باء»، هو استخدام القوة الجوية لأميركا وحلفائها لقلب الموازين لمصلحة الثوار.

بيد ان خطة التدخل الجوي «مازالت في قعر لائحة خيارات ادارة (الرئيس باراك) اوباما» حسب افتتاحية «واشنطن بوست» التي جاءت بعنوان «مطلوب: خطة ب في سوريا». وذكّرت الصحيفة بأن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون المحت الى امكانية لجوء تركيا، العضو في «تحالف الاطلسي»، باللجوء الى البند الرابع من ميثاق التحالف، والذي يتطلب البحث حول كيفية التعامل مع اعتداءات على اراضي واحد من اعضاء التحالف بعدما تكررت عمليات اطلاق نار من قبل قوات الاسد باتجاه الاراضي التركية.

وكشفت الصحيفة ان تركيا وفرنسا سبق ان تقدمتا باقتراح، داخل التحالف، لاقامة «مناطق آمنة» او «ممرات انسانية» داخل سورية. هذان السيناريوان يتطلبان، حسب الافتتاحية نفسها، استخدام «متواضع» للقوة العسكرية، وقد يتسببان في سقوط نظام الاسد. وتختم «واشنطن بوست» بالقول إن «الأسد سيسقط فقط حينما يتم ايقاف هجماته ومبادلته بهجمات مضادة، ومن نافلة القول ان سياسة الولايات المتحدة يجب ان تهدف الى ذلك».



على ان اليمين الاميركي، بدأ يستخدم عجز اوباما عن التأثير في الامور في سوريا، لإظهار ضعفه في السياسة الخارجية في وقت يستعد الرئيس الاميركي لانتخابات رئاسية يطمح خلالها الى الفوز بولاية ثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وفي هذا السياق، أطل المعلق في قناة «فوكس نيوز» تشارلز كروثامر ليتهم اوباما بأنه «لم يحرك ساكنا في موضوع سوريا»، وان العجز الأميركي أظهر انه ليس لدى واشنطن «خطة باء» كبديل عن خطة المبعوث الأممي – العربي كوفي انان، التي ثبت فشلها حسب كل من كروثامر وكوهين وافتتاحية «واشنطن بوست».
اما جوزف اولمرت، الاستاذ في جامعة «ساوث كارولاينا»، فاعتبر ان شلل واشنطن تجاه الأحداث في سوريا هو بسبب السنة الانتخابية الاميركية، مما يقلص فرص قيام الولايات المتحدة بقيادة اي تحالف عسكري للاطاحة بالأسد.

ولأن الوضع كذلك، اقترح اولمرت ان تتبنى بلاده الخطة الروسية للتوصل الى حل في سوريا، والمبنية على وقف اطلاق النار، وسحب قوات الاسد من المدن، والسماح لمراقبين اجانب واعلام غير سوري بالدخول الى سوريا، كل ذلك بهدف التمهيد لعقد مفاوضات بين الأسد ومعارضيه تؤدي الى التوصل الى حل سياسي بين الاثنين.
لكن ما يفوت اولمرت هو ان الخطة الروسية، والتي سبق ان تبتها جامعة الدول العربية، وافشلتها ممارسات الأسد وفيما بعد قدمها انان على انها خطته، لم تؤد حتى الآن الى احداث اي تغيير في مجرى الاحداث، او الى وقف قيام قوات الأسد بقتل المدنيين السوريين العزل.

يقول احد الدبلوماسيين الأميركيين في جلسة خاصة: «من عجائب الأمور ان مسؤولي الأسد يطلون يوميا على الاعلام لتأكيد التزام حكومتهم بالهدنة وبخطة انان، فيما لم تتوقف قوات الأسد ولا يوما واحدا عن قصف المدن والقرى وقتل السوريين».
وفيما يتواصل البحث الأميركي عن «الخطة ب» وتتواصل تأكيدات نظام الأسد التزام الحلول الدولية، يتواصل قتل قوات الاسد للمدنيين السوريين، وهو ما لفت إليه كوهين بالقول ان منع عائلة الأسد من شراء ثياب من ماركة «برادا» في العواصم الأوروبية ليست عقوبة بفداحة الجرائم المرتكبة بحق السوريين، ولا يمكن وقفها بتدبيرات من هذا القبيل.

هناك تعليقان (2):