الجمعة، 5 أكتوبر 2012

كبوة لأوباما أم نهاية الطريق ... بعد هزيمته في المناظرة الأولى؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تبدو المناظرات الرئاسية الاميركية اكثر شعبية من الانتخابات نفسها او هوية الرئيس، فالاميركيون غالبا ما يتذكرون لحظات من هذه المناظرات تعود الى عقود، ويعتبرون ان بعض هذه اللحظات ساهمت في تغيير او ترسيخ حظوظ مرشح رئاسي في وجه الآخر.
ولا ينسى الاميركيون ابدا ان المرشح الجمهوري ومحافظ كاليفورنيا رونالد ريغان، الذي كان متأخرا في الاستطلاعات الشعبية حتى منتصف اكتوبر من العام 1979، اي قبل اسبوعين من الانتخابات، عن منافسه الرئيس الديموقراطي جيمي كارتر، نجح في قلب الانتخابات لمصلحته عندما توجه في واحدة من المناظرات الثلاث الى الشعب الاميركي بالقول: «اسألوا انفسكم، هل انتم اليوم (في عهد كارتر) افضل حالا مما كنتم عليه قبل اربع سنوات؟».
كذلك يتذكر الاميركيون اللحظة التي قلبت السباق لمصلحة محافظ اركنسا الديموقراطي بيل كلينتون في وجه الرئيس الجمهوري جورج بوش الاب في اكتوبر من العام 1993 عندما قال كلينتون جملته الشهيرة التي ما زال الاميركيون يرددونها حتى اليوم: «انه الاقتصاد يا غبي».
لكن الهفوات قد لا تطيح بصاحبها، فالرئيس الجمهوري جورج بوش الابن نظر الى ساعته اثناء مناظرته مع المرشح الديموقراطي السناتور جون كيري في اوكتوبر 2003. ومع ان تلك الهفوة تحولت الى فضيحة شعبية في حينه، الا ان بوش فاز في الانتخابات لولاية ثانية.
ولاهمية المناظرة الشعبية في العقل السياسي الاميركي، سيطر النقاش حول نتائج المناظرة الرئاسية الاولى يوم الاربعاء بين الرئيس باراك اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني، والتي تابعها 58 مليون اميركي، على وسائل الاعلام الاميركية وعلى مداخلات المتصلين في الاذاعات وحتى على احاديث العامة في محطات المترو والباصات. 
اما الانطباع الاميركي السائد على اثر المناظرة فكان تفوق رومني على اوباما الى حد دفع بالكثيرين الى ترجيح فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات المقررة بعد شهر بالتمام من اليوم.
وفي اول رد فعل له، شن اوباما هجوما على منافسه الجمهوري، متهما اياه بالتقلب في مواقفه السياسية مجددا، وقال في خطاب ادلى به قبيل مغادرته مدينة دنفر في ولاية كولورادو، المتأرجحة انتخابيا والتي استضافت المناظرة الاولى، انه «لم يتعرف على ذلك الرجل المفعم بالحيوية الذي ادعى انه ميت رومني». 
وقال اوباما: «من غير الممكن ان يكون ميت رومني، لان ميت رومني الحقيقي ما لبث يجوب البلاد العام الماضي مقدما الوعود بتخفيض الضرائب 5 ترليون دولار لمصلحة الاغنياء». واضاف ان «الرجل الذي كان على المسرح ليلة امس (الاربعاء) قال انه لا يعرف شيئاً عن هذا التخفيض».
ويبدو ان شكوى اوباما صحيحة الى حد ما، فهو توقع ان يواجه منافسا يقدم افكار اليمين الاميركي من حيث خفض الضرائب وانهاء برامج الحكومة للرعاية الاجتماعية، الا ان رومني فاجأ اوباما بعودته الى الوسط سياسيا، وهو الموقف الذي كان يحتله في الماضي عندما كان محافظا لولاية ماساشوستس ذات الغالبية الديموقراطية سكانيا. 
ويقول المقربون من اوباما ان انقلاب رومني فاجأ اوباما، واثار حنقته التي بدت جلية اثناء المناظرة، وانه والحال هذه، خشي اوباما من نبش تاريخ رومني كي لا يقوم الاخير بنفيه بشراسة كما فعل في موضوع الضرائب.
لكن الغائب عن المسرح لم يكن رومني الحقيقي، من وجهة نظر معظم الاميركيين، بل كان الغائب فعليا هو اوباما المحاور البارع، الذي سمح لرومني بتحديد ايقاع النقاش والمواضيع، ومهاجمة برنامج الرئيس مع ابقاء برنامجه خارج دائرة البحث. 
كذلك هاجم معظم الاميركيين المحاور الاعلامي جيم ليهرر، واعتبروا انه حصر الاسئلة بمواضيع اقتصادية من دون التطرق الى مواضيع اجتماعية مثل زواج المثليين او الاجهاض او موقف المرشحين من المهاجرين غير الشرعيين في البلاد.
والانطباع الاميركي حول تفوق رومني قد يبدو مبالغا فيه بعض الشيء، ويبدو انه جاء متأثرا بالتوقعات التي سبقت المناظرة حيث توقع اميركيين اثنين مقابل واحد تفوق الرئيس على المحافظ السابق. 
خبراء اميركيون رأوا ان اوباما لم يكن متقهقرا الى ذلك الحد، فهو لم يرتكب اي هفوات تذكر، كذلك لم يقدم رومني اي ومضات تشي انها ستتحول الى جمل يرددها الاميركيون لاجيال قادمة. 
وفي الوقت الذي اظهر استطلاع شعبي فوري اجرته محطة «سي ان ان» فوز رومني على اوباما بـ 38 نقطة مئوية في المناظرة، اعتبر ابرز المحللين للارقام نات سيلفر ان الاستطلاعات لليوم التالي للمناظرة اظهرت تقدما شعبيا لمصلحة اوباما. وقال سيلفر انه مازال يرجح فوز الرئيس بولاية ثانية بنسبة 85 في المئة. 
لكن سيلفر قال انه عموما، وبالنظر الى المناظرات الماضية وتأثيرها على استطلاعات الرأي، «هناك علاقة واضحة بين الفائز في الاستطلاعات الفورية بعد المناظرة، وبين تقدمه في استطلاعات الرأي على منافسه لاحقا، على الرغم من ان العلاقة ليست ذات اهمية من وجهة نظر احصائية».
واضاف سيلفر انه «كائنا ما كانت الاستطلاعات المباشرة بعد المناظرة، تشير الارقام الماضية الى ان السيد رومني سيتقدم باثنين فاصلة اثنين نقاط مئوية في هذا الوقت من الاسبوع المقبل»، مقلصا بذلك فارق الاربعة نقاط مئوية الذي ما زال يفصله عن اللحاق باوباما.
وعلى ضوء انقلاب الصورة الانتخابية المفاجئ، يصبح السؤال هو التالي: هل تكون مناظرة الاربعاء كبوة لاوباما يستفيق من بعدها في المناظرتين المتبقيتين ويستعيد تفوقه الشعبي؟ ام ان الهزيمة ستجر الاخرى وستساهم في قلب السباق الرئاسي للحزب الجمهوري ومرشحه رومني بعدما كاد الحزب ان يقارب مرحلة اليأس من امكانية استعادة البيت الابيض بعد ولاية واحدة فقط للديموقراطيين؟
الاجابة ستأتي في المناظرتين المقبلتين المقررتين يومي الثلاثاء في 16 اكتوبر في نيويورك والاثنين في 22 منه في فلوريدا. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق