الأربعاء، 30 أبريل 2014

وثائق كلينتون الرئاسية (الحلقة الأولى): إدارة كلينتون انشغلت بدور إيران في دعم الإرهاب.. ودرست توجيه ضربات عسكرية لها


صحيفة «الشرق الأوسط» هي التي «تضع جدول أعمال النقاش الفكري» في العالم العربي.. هكذا وصفها ديفيد غود، مستشار وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، في مذكرة من «وكالة المعلومات»، التي حُلَّت لاحقا، إلى المسؤول في «مجلس الأمن القومي» جوزيف مارتي، في نوفمبر (تشرين الثاني) 1998. في المذكرة، يحث غود مارتي على الموافقة على إجراء مقابلة هاتفية بين أسرة «الشرق الأوسط» وبروس ريدل، المساعد الخاص للرئيس الأسبق بيل كلينتون لشؤون الشرق الأدنى، عادّا أن من شأن مقابلة كهذه أن تصل إلى أنحاء العالم العربي، الذي كانت الولايات المتحدة تسعى للحصول على دعمه من أجل «سياسة ناجحة في العراق»، على حد تعبير غود.

هذه المذكرة هي واحدة من 75 تعود إلى أيام رئاسة كلينتون (1992 - 2000)، الذي قامت المكتبة التي تحمل اسمه وتحوي أرشيفه، برفع السرية عنها على دفعات خلال الأسابيع الماضية. ومع أن القانون الأميركي ينص على ضرورة كشف الوثائق الحكومية بعد عشر سنوات من إبقائها طي الكتمان، فقد أبقى كلينتون الحظر حتى نهاية العام الماضي، عندما كشفت مكتبته عن مجموعة واسعة من الوثائق التي قدمت للرأي العام المشاورات المغلقة والمحادثات التي رافقت دخول أميركا في حرب كوسوفو.

على أنه رغم ضرورة رفع السرية التي يمليها القانون الأميركي، فإن بعض الوكالات تتمتع بصلاحية إبقاء الحظر على وثائق محددة بموجب تسعة أسباب يشكل أي واحد منها تهديدا للأمن القومي الأميركي، مما يسمح بتمديد السرية حتى 25 عاما، وفي أحيان أخرى حتى 50 عاما، ونادرا حتى 75 عاما.

وفي الفهارس المرافقة للوثائق المفرج عنها، عناوين لوثائق بقيت سرية، أما في ذيل الفهارس، فالأسباب التي تمنع رفع السرية، وهذه تتضمن اعتبار رفع السرية قد «يكشف نصائح خصوصية بين الرئيس ومستشاريه، أو بين المستشارين بعضهم بعضا». تبرير آخر في تذييل الفهارس يعد أن رفع السرية قد يسمح «باجتراح الخصوصية الفردية» لبعض المستشارين. وفي تبرير ثالث أن رفع السرية قد يؤدي إلى كشق معلومات مالية حساسة أو أسرار تجارية.

الدفعة الأخيرة من وثائق كلينتون الرئاسية ما زالت تخفي أسرارا أكثر مما تفشي. أما الانطباع الأولي الذي يتولد عن هذه الوثائق فيرتبط بالتوقيت، واختيار الوثائق التي جرى الكشف عنها، الذي يبدو أنهما مبنيان على اعتبارات سياسية تتعلق باحتمال ترشح زوجة كلينتون ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسة عام 2016.

ففي الدفعات التي جرى الإفراج عنها خطاب أو أكثر للسيدة الأولى سابقا، وفي أحد الخطابات تعليق مفصل كتبته كلينتون بخط يدها لتعديل أحد خطاباتها، مما يظهر اطلاعها على تفاصيل الأمور وعدم استنادها إلى عمل مستشاريها فقط.

الانطباع الثاني هو أن الوثائق تظهر تطور وجهة نظر واشنطن في مفهومها للإرهاب، ففي الوثائق الرئاسية رسائل إلكترونية متبادلة بين عدد من كبار المستشارين في البيت الأبيض والعاملين في «مجلس الأمن القومي» تظهر النقاش الذي رافق وقوع الأعمال الإرهابية المتفرقة خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، والتي جاءت على رأسها هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

النقاش الأميركي حول الإرهاب، الذي يجري على مستوى أعلى مسؤولين في الحكومة الأميركية، تركز في بادئ الأمر على اعتبار أن الجمهورية الإسلامية في إيران، أو مجموعات تابعة لها مثل حزب الله اللبناني، هي التي تقف خلف أعمال التفجير المتفرقة. ويظهر النقاش أن أحد الخيارات التي استعرضتها واشنطن وقتذاك كان يتضمن توجيه ضربة لأهداف داخل إيران ردا على هذه التفجيرات.

بيد أن الدفعة الأخيرة من وثائق كلينتون الرئاسية ليست مكتملة، فكثير من الوثائق تظهر عناوينها فقط، ولكنها تبقى طي الكتمان والسرية. على سبيل المثال، تظهر إحدى الصفحات حجب خمس وثائق تحمل الأولى منها عنوان: «تحديث حول تحطم الطائرة في بنما»، ويعود تاريخها إلى 25 يوليو (تموز) 1994. أما الثانية، فتحمل عنوان: «حزب الله»، ويعود تاريخها إلى 27 من الشهر نفسه. وفي 19 أغسطس (آب) من العام نفسه، مذكرة ثالثة بعنوان: «حزب الله»، تليها مذكرة رابعة بعنوان: «تحديث حول التحقيقات» بتاريخ 28 فبراير (شباط) 1995. أما المذكرة الخامسة، وهي غير مؤرخة، فتحمل عنوان: «الإرهاب». ولأن هذه المذكرات محجوبة، فإنه لا يمكن الاطلاع على مضمونها، ولكن يسمح تسلسلها التاريخي ببعض التكهنات.

«تحطم الطائرة في بنما» هو من دون شك نقاش داخل «مجلس الأمن القومي» الأميركي حول الانفجار الذي وقع على متن الرحلة «901» التي كانت تقل 18 راكبا، 12 منهم من اليهود، في رحلة داخلية في بنما من مدينة كولون إلى مدينة بنما العاصمة. ومع أن الرحلة تستغرق 20 دقيقة عادة، لم تلبث الطائرة أن انفجرت في الجو، ما أودى بحياة جميع ركابها وأفراد طاقمها الثلاثة. ومع أن تنظيما غير معروف يحمل اسم «أنصار الله» أعلن مسؤوليته، ودارت تكهنات بأن متهما انتحاريا يحمل اسما عربيا كان على متن الرحلة، إلا أن التحقيقات لم تتمكن من تثبيت الرواية المذكورة.

لكن داخل أروقة البيت الأبيض، يبدو أن أصابع الاتهام اتجهت إلى حزب الله، خصوصا أن الحادثة وقعت بعد يوم واحد من التفجير الذي طال مقر «جمعية التضامن الإسرائيلية الأرجنتينية» في بيونس آيرس، الذي راح ضحيته 85 شخصا. ومع أن التحقيقات الأميركية لم تكن حينذاك قد توصلت إلى ربط الفاعل في أي من الحادثتين بحزب الله، إلا أن تفجيرا مشابها كان وقع في مارس (آذار) 1992 مستهدفا السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين وراح ضحيته 29 شخصا، تبنته مجموعة «الجهاد الإسلامي»، وهي مجموعة تعتقد «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية (سي آي أي)، على وجه التأكيد، أنها ترتبط بحزب الله والنظام الإيراني.

وفي الوقت الراهن، لم يعلن ما الذي توصلت إليه التحقيقات الأميركية أو الانطباعات حول تحطم الطائرة البنمية، وربما يجب الانتظار 11 عاما أخرى حتى تصبح هذه النقاشات في المتناول العام. لكن ما كشف عنه هو أن كبار مسؤولي إدارة كلينتون كانوا يرجحون وجود صلة بين الأعمال الإرهابية، مثل انفجاري بنما وبيونس آيريس، وحتى «تفجير الخبر» في السعودية بعد ذلك بعام، وحزب الله وإيران، وهو ما حاول المسؤولون الأميركيون التعامل معه واستنباط السياسات الملائمة لمواجهته.

ولكن فيما راح مسؤولو إدارة كلينتون يتباحثون حول مفهوم الإرهاب، وتأثيره سياسيا، وكيفية تحديد من يقوم به وإمكانية الرد عليهم، قامت واشنطن بسلسلة من الإجراءات لحماية مطاراتها وخطوط طيرانها. طبعا أظهرت هجمات «11 سبتمبر» فيما بعد عدم نجاعة الإجراءات الأميركية، التي قدمها وزير النقل فيديركو بينيا في مؤتمر صحافي في صيف عام 1995. قبل إطلالته الإعلامية، أرسل الوزير مذكرة إلى رئيس موظفي البيت الأبيض ليون بانيتا، الذي عينه فيما بعد الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما في منصبي مدير «سي آي إيه» ولاحقا وزير دفاع.

وجاء في مذكرة بانيا: «وزارة النقل - مكتب الوزير - 8 أغسطس 1995، مذكرة إلى رئيس موظفي البيت الأبيض... بناء على معلومات من قوى حفظ النظام ووكالات الاستخبارات في اجتماع 3 أغسطس 1995، أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية توجيهات أمنية في 4 أغسطس أمرت بموجبها بزيادة أمن المطارات وشركات الطيران بدءا من الساعة 11 صباحا يوم 10 أغسطس 1995». وأضاف بانيا: «أنا اقترح عقد مؤتمر صحافي غدا بعد الظهر في واشنطن لتقديم النصح للمسافرين من العامة حول زيادة الأمن في مطارات الولايات المتحدة وللطلب من العامة التعاون. سأقول إن الطيران آمن. وسأعلن أن وزارة النقل تطلب من وسائل النقل الأخرى، التي لا سلطة لوزارتي على شؤونها، أن تراجع إجراءاتها الأمنية الخاصة بها».

وتابع الوزير الأميركي: «وفيما سأقول إنه لا يوجد تهديد محدد للطيران المدني، سأقول إن تقييمي مبني على قوى الأمن ومعلومات استخباراتية لا يمكن الحديث عنها. تركيز الإعلام سيكون حول سؤال: لماذا؟ مما سيدفعني إلى إرشادهم للاتصال بالبيت الأبيض ووزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لمتابعة هذه الزاوية».

ويختم بانيا مذكرته بالقول إن «إطار الإعلان مهم»، وإن «عمل وزارة النقل هو جزء من مجهود الإدارة لمراجعة وزيادة الأمن على صعيد الحكومة، بناء على (المرسوم الاشتراعي) (بي دي دي 39)، ومذكرة السياسة الأميركية لمكافحة الإرهاب، التي وقعها الرئيس في 21 يونيو (حزيران) 1995».

وفيما انهمكت واشنطن في اتخاذ إجراءات كانت تعتقد أنها ستعزز أمنها، استمرت الهجمات الإرهابية ضد مصالحها حول العالم.

إحدى وثائق كلينتون الرئاسية المثيرة للاهتمام حملت عنوان: «تفجير الخبر»، وهو هجوم وقع شرق السعودية في 25 يونيو 1996 استهدفت خلاله شاحنة محملة بالمتفجرات مبنى من ثمانية طوابق كان مسكنا لمجموعة من الطيارين الحربيين الأميركيين، مما أدى إلى مقتل 19 منهم.

وفي يوليو (تموز) 1996، كتب ويل ويشسلر الذي كان يعمل في «مجلس الأمن القومي» إلى مسؤوله ديك كلارك مذكرة مفصلة حملت عنوان: «التأثيرات السياسية لتفجير ثالث». ويشسلر، الذي انتقل لاحقا إلى العمل في وزارة الدفاع مسؤولا عن الوحدات الخاصة لمكافحة الإرهاب، وهو منصب ما زال يشغله حتى اليوم، كان يخشى وقوع «تفجير ثالث»، بعد تفجير الخبر وتفجير سابق له في الرياض في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 راح ضحيته ستة؛ منهم خمسة أميركيين يعملون في التدريب العسكري.

«الإرهاب سلاح نفسي».. كتب ويشسلر، و«من غير المرجح أن يثنينا الإرهاب ضد القوات المسلحة للولايات المتحدة في السعودية عن إتمام مهمتنا العسكرية في المنطقة». وأضاف: «لكن، في مرحلة ما، يمكن أن تصبح الخسائر من سلسلة هجمات إرهابية غير مقبولة سياسيا. وبحسب الظروف، يمكن لتفجير ثالث في السعودية أن يبلغ هذه العتبة السياسية».

وكان ويشسلر يعتقد أنه «بعد حصول تفجير جديد، إن كنا لا نزال غير قادرين على تحديد الفاعل أو الأمر برد فعل، فمن شأن الضغط السياسي على الرئيس أن يتصاعد بحدة من أجل القيام بخطوات حاسمة». هذه الخطوات، حددها المسؤول الأميركي بـ: «إما الانسحاب من العربية السعودية كما فعل (الرئيس الراحل رونالد) ريغان في لبنان، أو القيام بعمل عسكري غير مدروس كما فعل (الرئيس السابق جيمي) كارتر في إيران».

استنتج ويشسلر أنه على الرئيس مواجهة أي ضغط سياسي في مراحله الأولى؛ إذ إن أي رد فعل لتفجير ثالث سيظهر كلينتون «في مظهر من يرغي بالكلام»، وسيجبره على «اتخاذ قرار حول ما يجب أن تكون عليه الإجراءات الدفاعية أولا مثل تعزيز الأمن، وإرسال معدات مضادة للإرهاب، واستمرار التحقيقات.. ثم الرضوخ للضغوط السياسية لفعل شي ما».

ومن شأن الضغوط السياسية على كلينتون، حسب المسؤول الأميركي، أن تدفع الرئيس «ليفعل في الغالب ما هو أسوأ، (أي أن) يرسل سفنا حربية إلى الخليج من دون مهمة محددة، أو يضرب إرهابيين مشتبها بهم والمخاطرة بوقوع ضحايا مدنيين، أو القيام بأفعال سابقة لوقتها ضد إيران أو سوريا». لذلك، يعتقد ويشسلر، أنه «منذ بداية الأزمة، على الرئيس أن يرفض الخيارين، وأن يؤكد على التزامه برد موزون ومتناسق».

والرد «الموزون والمتناسق» لن يأتي، حسب المسؤول الأميركي، من دون «تكلفة سياسية»، ولكن كذلك «البدائل» ستكون مكلفة أيضا. «المفتاح يكمن في إبعاد عملية اتخاذ الرئيس للقرار عن تطورات الساعة، وربطها بمواجهة الموضوع في أول مرحلة ممكنة من الأزمة، ثم ضمان أن قراره يجري فهمه جيدا».

هكذا، تظهر مذكرة ويشسلر أن العاملين في البيت الأبيض حاولوا، منذ منتصف التسعينات، التوصل إلى سياسة «موزونة ومتناسقة» للرد على الاعتداءات الإرهابية ضد الولايات المتحدة أو سفاراتها أو قواتها المنتشرة حول العالم. وحاول المسؤولون الأميركيون في ذلك الابتعاد عما كانوا، وربما ما زالوا حتى اليوم، يعدونها ردود فعل وليدة ساعتها، مثل توجيه ضربة عشوائية للدول التي ترعى حكوماتها هذه الهجمات، التي كانت في التسعينات، كما اليوم في الغالب، في إيران وسوريا. كذلك، حاول المسؤولون الأميركيون، كما تظهر نقاشاتهم في ذلك الوقت، وما زالوا يحاولون اليوم، الابتعاد عن ردود فعل «استعراض العضلات»، أي إرسال سفنهم الحربية المخيفة إلى خليج هنا أو بحر هناك من دون مهمة حربية محددة.

وفي محاولة لتعريف الإرهاب والإرهابيين، وتحديد أهدافهم وكيفية التعامل معهم، كتب المسؤول في «مجلس الأمن القومي» في حينه ستيفن سايمون مذكرة، في 4 سبتمبر 1996 حملت عنوان: «إفطار الإرهاب». و«الإفطار» كان عبارة عن لقاء صباحي عمل المجلس على تنظيمه لأفراده ولخبراء أميركيين مرموقين يعملون في كبرى مراكز الأبحاث في واشنطن.

في المذكرة، تحليل سياسي وتساؤلات قدمها سايمون في محاولة للحصول على إجابات أثناء الإفطار المذكور، وفيها تعداد للهجمات الإرهابية حول العالم في عامي 1995 و1996، منها هجوم الخبر، وانفجار طائرة «تي دبليو آي» في صيف عام 1996، الذي تبين في وقت لاحق أنه نجم عن خلل فني، والهجوم بغاز السارين في مترو الأنفاق بطوكيو، وتفجير استهدف مركز تدريب للجيش الأميركي في الرياض عام 1995، وقتل موظفين بالسفارة الأميركية في كاراتشي، وقتل إرساليين أميركيين في كولومبيا، ومحاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا، وقتل معارض إيراني في باريس، وتفجيرات في فرنسا ولندن ومانشستر، وإحباط مخطط تفجير 12 طائرة أميركية مدنية فوق الأطلسي. وتوضح الوثيقة أن «هذه اللائحة الجزئية من الهجمات قام بها فاعلون متعددون: طائفة متطرفة (في اليابان)، وحركات سياسية متطرفة برعاية حكومات أو من دون رعاية، وأجهزة استخبارات حكومات راعية للإرهاب، وحركات انفصالية وعصابات إجرامية انشقت عن فصائل سياسية مسلحة.. وهو ما يطرح مواضيع ثلاثة»، كتب المسؤول الأميركي.

الأسئلة الثلاثة حددها سايمون على الشكل التالي: «(الأول): ما الذي يمكن فعله لهزيمة أو ردع هجمات يشنها إرهابيون لا يحركهم برنامج سياسي بل الغضب؟ (الثاني): هل يفوز المهاجمون لأن الأسلحة المتاحة لهم صارت أكثر فتكا، خصوصا لناحية مقدرتهم على إيقاع أعداد كبيرة من الضحايا؟ وإلى جانب الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التي تتبادر فورا إلى الذهن، يمكن لكيماويات ذات طاقات مرتفعة، حتى من غير سماد الحيوانات، إلحاق أضرار فادحة. (الثالث): هل نحن نسير باتجاه حقبة يكون فيها الإرهاب تهديدا استراتيجيا بدلا من تكتيكي؟ على الرغم من أننا لم نعطِ في الماضي الإرهاب أهمية استراتيجية، تظهر هجمات حماس في إسرائيل أنه كانت لديها تأثير استراتيجي. وعلى افتراض أن الولايات المتحدة واجهتها سلسلة من القنابل المدمرة في السعودية، هل يمكن للتأثير أن يكون ذا مدى استراتيجي؟».

أسئلة أخرى قدمها سايمون، كانت: «كيف نرد على مهاجمين يحركهم الغضب والحماس الديني بدلا من الأجندة أو العقيدة السياسية؟ (و) ما خياراتنا في التعامل مع الدول الفاشلة، مثل أفغانستان، التي تقدم مأوى لهذه المجموعات؟ (و) هل لهذه المجموعات دورة حياتية يمكننا بعدها أن نتوقع ضمورها، أم إنهم هنا للبقاء؟».

ويختم سايمون: «هل يمكن أن يعرضنا للخطر حصول المجموعات الإرهابية على أسلحة دمار شامل، بما في ذلك قنابل تقليدية ضخمة؟ وما الذي يمكن فعله لمواجهة ذلك؟ (و) هل يحول مزيج النهيلية الإرهابية والتقدم التكنولوجي الخطر من تكتيكي إلى استراتيجي؟».

حاول «مجلس الأمن القومي» الأميركي في عهد كلينتون، على الأقل منذ منتصف التسعينات، رسم سياسة كاملة لتعريف الإرهاب وفهمه والتعامل معه، أكان برعاية حكومات مثل إيران وسوريا، أو من دون رعاية حكومية. كذلك، حيرت الدول الفاشلة، مثل أفغانستان التي كانت تؤوي تنظيمي «طالبان» و«القاعدة»، مسؤولين كبارا مثل سايمون، ولا شك أن هذه الحيرة ساهمت، بعد هجمات 11 سبتمبر، في القرار الأميركي لا باجتياح أفغانستان فحسب، بل البقاء فيها ومحاولة «بناء الدولة»، وهو مجهود ثبت فشله بعد أكثر من عقد على الوجود الأميركي هناك.

ولا شك أن فشل محاولات «بناء الدولة» في العراق وفي أفغانستان ساهم في إقناع المسؤولين الأميركيين أنفسهم، وفيما بعد أوباما، بأنها محاولات غير ذات جدوى، وأن الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الدول هو الانسحاب منها ومحاولة تحييدها أمنيا عن طريق مراقبتها عن كثب، وربما الشراكة مع حكوماتها أو تجاوز هذه الحكومات باستخدام تقنيات أميركية، مثل طائرات من دون طيار أو قوات خاصة لتصفية من تسعى أميركا للنيل منهم. ومن المفيد أيضا، بالإضافة إلى استعراض النقاش الذي كان دائرا في العاصمة الأميركية حول الإرهاب في منتصف التسعينات، الالتفات للأشخاص الواردة أسماؤهم على لائحة النقاش الإلكتروني.

سايمون نفسه خرج من العمل الحكومي وانضم إلى مركز أبحاث «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، ومقره لندن. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما تحدث وزير الدفاع تشاك هيغل عن التزام الولايات المتحدة بأمن الخليج، على الرغم من المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، جاءت تصريحاته في لقاء الحوار السنوي الذي ينظمه المركز في البحرين، وكانت إطلالة هيغل في الغالب بإشراف سايمون نفسه.

أما الآخرون ممن وردت أسماؤهم فهم أنتوني بلينكن، ودان بنجامين، وستيف نابلان، وريتشارد كلارك.

بلينكن خرج من «مجلس الأمن القومي» لإدارة كلينتون الديمقراطي إلى عالم مراكز الأبحاث خلال فترة رئاسة جورج بوش الجمهوري، وأثناء عمله باحثا، قدم أبحاثا مشتركة في السياسة الخارجية مع باحثتين هما سوزان رايس وسامانتا باور. وفي وقت لاحق، انضم الثلاثة بلينكن ورايس وباور إلى حملة أوباما الرئاسية، ولعبوا دورا محوريا في صناعة برنامج السياسة الخارجية لأوباما المرشح وفيما بعد الرئيس.

وكان من المقرر أن تتبوأ رايس منصب وزيرة خارجية، وباور منصب موفدة بلادها الدائمة لدى الأمم المتحدة، وبلينكن مركز «رئيس مجلس الأمن القومي». إلا أن تصريحات قالت فيها باور إنها لا تعتقد أن أوباما، في حال انتخابه، سيقدم على سحب القوات الأميركية في غضون ستة أشهر من العراق، وإنه سيستمع إلى نصيحة جنرالاته على الأرض، وهو قول كان ينافي تشديد أوباما على حتمية وسرعة الانسحاب من العراق، أجبرها على الخروج من الأضواء وبقائها في منصب عضو في «مجلس الأمن القومي» لأوباما في إدارته الأولى، حيث يظهر كتاب مذكرات وزير الدفاع السابق روبرت غيتس أنها كانت تملك نفوذا كبيرا على الرغم من تواضع منصبها، خصوصا في الأيام التي رافقت دخول أميركا في حرب ليبيا.

أما منصب وزارة الخارجية، فاضطر أوباما لمنحه لمنافسته هيلاري كلينتون مقابل انسحابها لمصلحته مرشحا للحزب لديمقراطي، مما أجبره على منح رايس منصب سفيرة لدى الأمم المتحدة وتعيين بلينكن مستشارا لشؤون الأمن القومي، ولكن لنائب الرئيس جو بايدن، مما عنى فعليا تسليم بلينكن الملف العراقي بأكمله.

في الولاية لثانية، وبعد خروج هيلاري كلينتون من الخارجية، حاول أوباما الوفاء بوعده وتعيين رايس مكانها، إلا أن الجمهوريين نسفوا ترشيحها على خلفية تصريحاتها بعد هجوم بنغازي الذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي لدى ليبيا كريس ستيفنز في 11 سبتمبر 2012. وكتعويض، أعطى أوباما رايس رئاسة «الأمن القومي»، وبلينكن موقع نائبها، فيما حصلت باور على مقعد الأمم المتحدة.

مسؤولون آخرون من إدارة كلينتون ممن وردت أسماؤهم في الوثائق المرفوعة عنها السرية حديثا، والدور الذي لعبوه في إدارتي الرئيسين بوش وأوباما، والنصائح التي قدمها كلينتون لبوش في خطابه الوداعي، والعلاقة التي حاول كلينتون إقامتها مع المسلمين، خصوصا من الأميركيين.. كل هذا في الحلقة الثانية من سلسلة «وثائق كلينتون الرئاسية» غدا.

* وثائق كلينتون تكشف الخوف من «إرهاب الطائرات» منذ 1995

* شركات الطيران حذرت من تأثير التحذيرات على أرباحها

* من بين الوثائق التي رفعت السرية عنها من وثائق الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون الشهر الماضي، وثائق تشرح المخاوف من هجمات إرهابية تتعلق بالطيران. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 1995، أي ستة أعوام قبل تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، تقدمت الإدارة الأميركية بخطة متكاملة خاصة بالطيران، ولكن كانت تفاصيل الخطة من بين الوثائق التي لم ترفع السرية عنها.

وأقرت إدارة كلينتون إجراءات جديدة في المطارات الأميركية وعلى متن الطائرات في الأجواء الأميركية ابتداء من 10 أغسطس (آب) 1995. وفي رسالة بتاريخ الثامن من أغسطس، وقعها فيدريكو فابيان بينا، الذي شغل منصب وزير النقل الأميركي بين عامي 1993 و1997 خلال الولاية الأولى لكلينتون، اقترح بينا عقد مؤتمر صحافي لشرح تداعيات الإجراءات الجديدة على المسافرين مع التأكيد بأنه «لا خطر من الطيران». وأضاف بينا في الرسالة الموجهة إلى مستشار الأمن القومي الأميركي أنتوني ليك أنه في حال عقد مؤتمر صحافي «سأقر بعدم وجود تهديد محدد للطيران المدني بينما سأقول إن المعلومات الاستخباراتية التي لا يمكنني الحديث عنها تؤكد ضرورة تصرفاتنا». ولفت بينا إلى أن الإجراءات الجديدة ضرورية ضمن «سياسة الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب التي وقعها الرئيس في يونيو (حزيران) 1995» التي وجهت جميع الدوائر الحكومية للنظر في الوضع الأمني واتخاذ إجراءات محددة لضمان «أمن الشعب الأميركي»، ولكن نبه بينا إلى أن «صناعة الطيران عبرت عن قلقها من التأثير على صناعتهم في حال أصبح الطيران المدني نقطة الاهتمام الوحيدة للإجراءات الأمنية الجديدة»، مما جعله يطلب من البيت الأبيض «الإعلان بأن الإجراءات التي تتخذها وزارة النقل ضمن جهود الحكومة كلها للرد على زيادة احتمال الإرهاب المعادي للولايات المتحدة».

وبينما قررت الحكومة الأميركية حجب المزيد من الوثائق المتعلقة بإجراءات الإرهاب، ولكن بقيت ورقة واحدة من وثيقة جرى حجبها حول مكافحة الإرهاب. وفي تلك الورقة، نص مكتوب بخط اليد يقول إنه من الضروري «إرسال مسلم» للحديث عن جهود مكافحة الإرهاب «كي تكون الجهود مكرسة للقضية الحقيقية، (الإرهاب) بدلا من التصور (الخاطئ) بأنها مسألة دين». وأضاف المسؤول الذي لم يوقع اسمه: «إنني أقترح الطلب من وزارة الخارجية (الأميركية) البحث عن مسلم معروف يمكنه التواصل بشكل مباشر وغير مباشر مع الحكومة الأميركية» لمواجهة آفة الإرهاب، وعدم جعل القضية متعلقة فقط بشأن الدين الإسلامي. وكانت هذه المناقشات الداخلية الأميركية آنذاك للتعامل مباشرة مع مسلمين ضمن مكافحة الإرهاب.

عندما كنت عراقيا

حسين عبدالحسين

اصدقائي من العراقيين المرشحين والمؤيدين لهم في الانتخابات النيابية، تحية وبعد.

آسف لتخلفي عن الاقتراع للمرة الأولى منذ ادلائي بصوتي في العام 2003 في يوم الزحف الكبير لتجديد البيعة للسيد الرئيس القائد صدام حسين. يومها دونت اسمي في سجل المتطوعين لقتال علوج بوش دفاعا عن إنجازات ثورة تموز المجيدة. ثم صفقت مشاركا في هوسة "بوعدي اسمك هز أمريكا".

بعد ذلك، اقترعت لمصلحة إقرار دستور لم أوافق على معظم بنوده، لأن الخيار كان الدستور او العدم. بعدها اقترعت في الانتخابات النيابية، على وقع اهازيج "على عناد البعث شيعة وشيوعية"، وادليت بتصريحات لتلفزيونات أميركية كانت تبحث بيأس عن بصيص امل يشير الى ديموقراطية العراق، وان عرجاء.

واقترعت بعد ذلك في غرفة كاد ينشب فيها العراك الطائفي بعد ان ادلى الموظف المسؤول، حامل اللقب السني حسب بادجه، بملاحظة حول اسمي، فتنطح شيعي بطل يقف خلفي للدفاع عن اسمي فيما حاولت ان أقنعه عبثا أنى لم اشعر بالإهانة، وان لا ضير في مزاح الموظف.

في كل استفتاء، شاركت. وفي كل انتخابات، اقترعت. في كل مرة كنت اذهب متأبطا "هوية الأحوال المدنية"، الصادرة قبل ان تتكون معالم وجهي. لا رسمي الشمسي عليها، وطولي فيها 50 سنتمترا، وحالتي العلمية امي. الى جانب هويتي كنت احمل جوازي العراقي المنتهية صلاحيته، والذي شاركني المذلة في مطارات العالم وعواصمه على مدى عقود.

تلك كانت عراقيتي التي كنت احملها معي للاقتراع: أوراق ثبوتية يستحيل تجديدها في سفارات العراق المتمسكة دائما ببطاقة الحصة التموينية، الصادرة بعدما كنت اغتربت أصلا، وشهادة الجنسية التي لم أكن بلغت السن القانونية للحصول عليها قبل هجرتي.

لم اهتم يوما ان سفارات العراق الجديد لم تجدد لي عراقيتي، فانا كنت على موعد دائم مع تجديد عراقيتي بنفسي، بشعوري أنى متساو مع باقي العراقيين، أصحاب بطاقات الحصص التموينية وشهادات الجنسية او بدونها. انا والعراقيين كنا نتساوى بابداء الرأي، بالاقتراع، بالقول ان العراق حاضر في اذهاننا وان كنا بعيدين عنه، وان لا خلاص للعراق او العراقيين من دون ديموقراطية، وان الديموقراطية عملية تحتاج الى عقود من الزمن، والى مثابرة وصبر. كنا نقترع، العراقيون وانا، لإيماننا بأن مستقبل العراق سيكون أفضل من ماضيه.

هذا العام لم اذهب الى مركز اقتراع ولم انتخب. لا لأني اضعت اوراقي الثبوتية المتهالكة، فهذه محفوظة قرب مرقد رأسي الليلي، الى جانب صور احبابي واوراقي الثبوتية الأخرى غير منتهية الصلاحية.

هذا العام لم اذهب الى مركز الاقتراع لأن عراقيتي باتت في الماضي، وأنا لم اعد عراقيا في المستقبل. الماضي كان لي وحدي. المستقبل لي ولأولادي.

لأولادنا حق علينا. لا يجوز ان نرهن مستقبلهم بذاكرتنا. لا يجوز ان نعيق طموحاتهم بطموحاتنا. لا يجوز ان نبقيهم رهن احلامنا حول العراق وديموقراطيته التي لا تأتي. مستقبل اولادنا سيتناسب وذكرياتهم، وذكرياتهم عن العراق شحيحة، متواترة في بعض الالحان ولمحات الكتب، وفي قصص امهاتهم وآبائهم، وفي أحاديث جداتهم واجدادهم.

لم اعد عراقيا. الأيام مرت. السنوات مرت. وانا انتظر. في اثناء انتظاري، تغيرت. صرت انتمى لمكان آخر ولزمان آخر. زرعت روحي في وطن جديد. ذكريات جديدة. علاقات جديدة. أصدقاء جدد. مصالح. كلها من دون العراق. وان عدت يوما، فأعود اليه غريبا مغتربا، والغرباء لا يشاركون في صناعة الأوطان، ولا في تحديد مصيرها، ولا في الاقتراع.

على موقع فيسبوك صفحة "مدرسة المنصور التأسيسية". امضي ساعات وانا أحدق في الصور، ربما أرى وجها اتذكره واعرفه. ربما أرى صورتي انا مع اقراني في شعبة البرتقالي. لا أجد شيئا. هذه صورة المدخل. اتذكره. هذه صورة الممرات. هذه اتذكرها أيضا. الصورة الأولى التي عرفتها تعود لمعلمتي "الست لمعان". بالكاد عرفتها لأني لم أرى وجهها منذ عقود. "الله يرحمك يا ست لمعان ويجعل مثواج الجنة"، كتبت احدى تلامذتها.

انا لم اعد عراقيا. عراقيون غيري سيولدون ويكبرون ويعيشون في العراق. اما يهجرونه بحثا عن مستقبل أفضل، او يراهنون على مستقبله ويتمسكون به، حتى لو هجروه قسرا. هم سيقترعون. ربما يفهمون ان المعركة بين الحسين ويزيد انتهت قبل أربعة عشر قرنا، وان المعركة التي تنتظر هي معركة اخراج العنف من الحياة العامة، والخاصة، والتداول على ادارة البلاد، لا بين الطوائف، بل بين الأجيال، وإدراك الفارق بين العام والخاص، واحترام الآخر، والاستماع لرأيه المغاير، والصبر، والأناة.

اما انا، فقلت، وكتبت، ومشيت. لم اعد عراقيا.

الجمعة، 25 أبريل 2014

الكيماوي السوري المشروع

حسين عبدالحسين
المدن

عندما قصفت القوات الأميركية المتمردين في الفلوجة، بقنابل الفسفور الأبيض لتقليص الخسائر بين قوات المشاة الأميركية، التي كانت تستعد للاقتحام بعد انتهاء عملية القصف، كانت القيادة العسكرية تدرك أن هذا النوع من القنابل سيثير اعتراضات أخلاقية لدى كثيرين.

لكن القيادة كانت تعلم أيضاً أن الفوسفور الأبيض، هو سلاح كيماوي، ليس محظوراً دولياً إن تم استخدامه لأهداف الإضاءة، أو للتضليل بحجب الجنود عن الجهة المعادية، أو حتى لإحداث أضرار فادحة، مثل الحرائق لدى العدو، على شرط عدم استخدام هذه القنابل في مناطق على مقربة من مدنيين أو ضد أهداف مدنية.

تصريحات الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين باساكي، لناحية أن الادارة الاميركية تجري تحقيقات للتأكد من مزاعم استخدام قوات الرئيس السوري، بشار الأسد، لقنابل مزودة بغاز الكلور السام ضد المدنيين في بلدة كفرزيتا في ريف حماه، هي من باب الإيحاء أن واشنطن ما تزال صارمة في مواجهة الأسد.

لكن، قراءة بين السطور، توضح النية الأميركية. فكميات غاز الكلور في مخزون قوات الأسد ليست في المواد الكيماوية السامة المحظورة، من تلك التي وردت في لائحة مخزون الأسد الكيماوي، الذي تعهد بتسليمها. لا من المصنفة من النوع الأول، الأكثر خطورة وفتكاً، ولا من النوع الثاني، الأقل خطورة، ولكن المحرمة دولياً كذلك، ما يعني أن الأسد سيحتفظ بالمواد الكيماوية مثل غاز الكلور، أو أي مواد مشابهة لها غير محظورة بشكل مباشر.

وبعيداً عن الوجه الأميركي الصارم، والزائف في الوقت نفسه، تستعد وزارة الخارجية للاحتفال بما تعتبره إنجازاً، تتوقع أن يتحقق مع نهاية هذا الشهر، إذ أصبحت تقارير منظمة حظر الاسلحة الكيماوية الدولية، تشير إلى اقتراب الأسد من التزامه بموعد إخراج ١٣٠٠ طن من مخزونه الكيماوي، مع نهاية هذا الشهر من الأراضي السورية. على أن يتم تدميرها في البحر على متن سفن عسكرية، أميركية وأوروبية بحلول نهاية الشهر المقبل، والذي من المتوقع أن يتزامن مع تدمير الأسد لمعامل الإنتاج الكيماوية.

وعلى الرغم من تقديم نظام الأسد لاقتراحٍ يقضي بإغلاق معامل الإنتاج الكيماوية التابعة له، بدلاً من تدميرها، يصر الأميركيون على التدمير الكامل، وهو ما يرجح الخبراء في العاصمة الأميركية حدوثه.

ولأن القوى السياسية في العاصمة الأميركية تدرك أن الأسد صار يعرف قواعد اللعبة، أي أنه يستخدم مواداً كيماوية غير محظورة وينفي مسؤوليته عن استخدامها، أصدر بعض السياسيين المعروفين بتأييدهم للمعارضين السوريين، والمطالبين بتدخل أميركي أكبر للمساهمة في الاطاحة بالأسد، بيانات خلت من إداناتهم الصريحة المعتادة.

وفي هذا السياق، أصدر السناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا، والمعروف بتأييده لتدخل أميركي أوسع في سوريا، جون ماكين، بياناً، اعتبر فيه أن هجوم كفرزيتا "يخرق روحية الاتفاقية" الأميركية - الروسية، الصادرة بقرار عن مجلس الأمن الدولي، والتي تطلب من الأسد تسليم ترسانته من الأسلحة الكيماوية المحظورة وتدمير معامل إنتاجها.

في موازاة ذلك، راح وجه الإدارة الآخر، الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني، يستفيض في الحديث عن التحقيقات التي تجريها الحكومة الاميركية لتثبيت نوع المواد الكيماوية المستخدمة في كفرزيتا، وعن مزاعم مفادها أن حكومته تبحث أيضاَ عن المسؤول عن القيام بالهجوم. مع أنه لم يستطرد إلى حد القول بأن أي هجوم كيماوي، لو ثبت وقوعه، سيحرك القوات الأميركية ضد قوات الأسد.

بدروها، شاركت فرنسا كذلك في الضجة المثارة حول هجوم كفرزيتا، وجاء البيان الفرنسي مشابهاً للتصريحات الأميركية الرافضة للتلويح بأي تهديدات لقوات الأسد، في حال ثبت استخدامها موادا كيماوية.

التصريحات الاميركية والفرنسية المتنوعة حول هجوم كفرزيتا لم يكن هدفها الحفاظ على أرواح المدنيين السوريين، أو التلويح بالعصا للأسد أو قواته، فالعواصم الغربية تعتقد أن "الأسد تعلم درسه" كيماوياَ، وأنه سيسلم كل المواد الكيماوية الممنوعة التي بحوزته، وأن أي حديث عن هجمات كيماوية جديدة، أو ردود فعل دولية عسكرية، هو من باب الثرثرة الإعلامية والسياسية، وأنه بتخليه عن ترسانته الكيماوية، التي كانت القيادة السورية تكرر أن هدفها إحداث توازن استراتيجي عسكري مع اسرائيل، نجح الأسد بتحييد الغرب، وسحب أي ذرائع كان يمكن للحكومات الغربية استخدامها للتدخل عسكرياً في سوريا.

«الحرس» أطاح بأبو طالبي بتحريضه واشنطن على عدم منحه تأشيرة

واشنطن - من حسين عبدالحسين

كشفت مصادر اميركية رفيعة المستوى ان مسؤولين في الحرس الثوري الايراني هم الذين عملوا على الاطاحة بتعيين حميد ابوطالبي مبعوثا دائما لايران في الامم المتحدة، وعمدوا الى الاتصال بواشنطن وتحذيرها من تاريخ ابوطالبي ومشاركته في عملية احتجاز الرهائن الاميركيين في العام 1979، ومن مغبة موافقة اميركا على منحه تأشيرة دخول واقامة في نيويورك حيث مقر المنظمة، ومن امكانية انعكاس ذلك سلبيا على الرئيس باراك أوباما وموقفه امام الرأي العام الاميركي، مع ما قد يؤدي ذلك من نسف لأي عملية تقارب مستقبلية بين اميركا وايران.

اما عن قناة الاتصال بين «الحرس الثوري الايراني» وادارة أوباما، فقالت المصادر ان «عباس عرقجي هو قناة الاتصال الرئيسية المباشرة بين طهران وواشنطن منذ الصيف الماضي، في المواضيع النووية وفي غيرها».

وأوضحت المصادر ان «عرقجي ايضا هو الوحيد من اعضاء الوفود الايرانية المتعاقبة في المفاوضات النووية الذي بقي في منصبه من دون اي تغيير منذ بدء المفاوضات قبل سنوات».

وتابعت المصادر الاميركية انها تعتقد ان «عرقجي ايضا هو من القلائل في وزارة الخارجية الايرانية من المحسوبين على الحرس الثوري الايراني، وهو من يلعب دور عيون وآذان الحرس داخل المفاوضات النووية وداخل الخارجية الايرانية عموما».

اما عن مصلحة «الحرس الثوري» في تحذير أوباما من تاريخ ابوطالبي؟ فتعتقد المصادر الاميركية ان الامر يتعلق بالصراع الداخلي الدائر بين الاجنحة الايرانية الحاكمة المختلفة، وان «الاطاحة بابوطالبي هي واحدة من الصفعات الكثيرة التي حاول الحرس توجيهها للرئيس (الايراني حسن) روحاني»، وان الاخير «يبادل الحرس بصفعات من ناحيته»، وان «الصراع بين روحاني والحرس ليس وليد اليوم، بل هو يعود الى ايام الثورة الاولى، خصوصا اثناء الحرب الايرانية مع العراق».

وتضرب المصادر الاميركية مثالا بقولها انها رصدت محاولة قيام روحاني بعملية استبدال معظم الكادر الحكومي الايراني، خصوصا في الوزارات الحساسة، بموظفين من الاستخبارات الايرانية والجيش بدلا من العاملين في الحرس.

هل يعتقد أوباما ان من مصلحته الدخول في ترجيح كفة اي من الطرفين الايرانيين في المواجهة الدائرة بينهما؟ تجيب المصادر الاميركية ان «الحرس الثوري كان يعرف ان تاريخ ابوطالبي لن يترك لاوباما خيارات»، وانه «لو تغاضى اوباما عن الامر، لفتح ذلك في المجال امام معارضيه في شن حملة ضده وضد خيار الانفتاح على ايران برمته».

وتتابع المصادر الاميركية انه على عكس الاعتقاد السائد، فان «الحرس الثوري الايراني لا يخشى التسوية مع الولايات المتحدة، ولا يعتقد انها ستأتي على حسابه، بل على العكس يبدو ان الحرس يعتقد ان أوباما سيمنح ايران افضل تسوية يمكن ان تحصل عليها مع المجتمع الدولي، وان التسوية في حال حدوثها ستعود بمردود ايجابي مالي وسياسي كبير على الحرس وايران».

وتعتقد المصادر ان هناك «صورة خاطئة عن الحرس انهم من العقائديين، وهم في الواقع ليسوا كذلك، بل هم عملانيون وواقعيون ويبحثون عن مصلحتهم».

وفي هذا السياق، يقول اميركيون عاملون في مجال العلاقات العامة و«اللوبي» ان مسؤولين كبارا في الحرس الثوري الايراني عمدوا في الآونة الاخيرة الى شن حملات بالتنسيق مع بعض الاعلاميين الاميركيين. وتقول بعض الاوساط الاميركية ان بعض المسؤولين في الحرس يعملون على تسويق صورتهم، بالشكل الذي يحلو لهم، امام الجمهور الاميركي، وان بعض هؤلاء المسؤولين الايرانيين قدموا انفسهم وكأنهم الاقوى في الشرق الاوسط، ربما كجزء من عملية اقناع واشنطن والاميركيين ان لا مفر من التعاون مع طهران في حال ارادت اميركا الخروج من المنطقة والحفاظ على مصالحها.

اما المرشد الأعلى علي خامنئي، فهو قد يكون عقائديا اكثر من الحرس حسب المصادر الاميركية، ولكنه يدرك ان لا مفر من التوصل الى تسوية تخرج بلاده من العقوبات، وانه لا يمكنه السيطرة على الحرس او على روحاني كليا، لذا فهو يعمد من الحين الى الآخر الى الافادة من الخلافات بينهما ولعب دور الحكم للحفاظ على تأييد وولاء الطرفين له.

وعن مدى سرعة الوصول الى اتفاقية بين مجموعة دول خمس زائد واحد وايران حول ملف الاخيرة النووي، تستمر المصادر الاميركية في تأكيدها ان الاتفاق اصبح قريبا، وانه شبه مبرم، رغم محاولة الطرفين تكرار ان صعوبات مازالت تواجهه.

وتقول مصادر واشنطن انه صحيح ان بعض العوائق مازالت قيد التذليل، الا ان «الانطباع السائد لدينا مفاده ان المفاوضات لن تذهب باتجاه» تمديد الاتفاقية المؤقتة التي تم توقيعها في نوفمبر في جنيف، والتي تنتهي مفاعيلها في شهر يوليو المقبل (لأن بنود الاتفاقية وتفاصيلها تم وضعها قيد التنفيذ بعد اسابيع من التوصل اليها). وتنص الاتفاقية على مهلة ستة اشهر للتوصل الى اتفاق، قابلة للتمديد لستة اشهر اخرى.

الادارة الاميركية تعتقد انها ليست في عجلة من امرها، وان امامها حتى خروج الرئيس أوباما من الحكم في الشهر الاخير من العام 2016 للتوصل الى اتفاقية مع ايران وتنفيذها. اما الايرانيون، حسب ما تقول المصادر الاميركية، فهم «اكثر عجلة من امرهم للوصول لاتفاق نهائي لرفع العقوبات الدولية المفروضة على ايران في اسرع ما يمكن».

من يخطب ود واشنطن قبل الآخر: الحرس الثوري الايراني ام روحاني؟ الاجابة قد تبدو ذات اهمية بالنسبة للمشهد الايراني الداخلي، ولكن من وجهة النظر الاميركية، لا شك ان هناك سباقا ايرانيا على مبادلة الانفتاح الاميركي على ايران بانفتاح مشابه يخدم السياسة الخارجية لاوباما وادارته.

الاثنين، 21 أبريل 2014

دعم عسكري للمعارضة السورية لمنع انتصار الأسد

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تقول مصادر اوروبية في العاصمة الاميركية ان «اصدقاء سورية»، تتصدرهم واشنطن، يعملون منذ اسابيع على دعم المعارضة السورية عسكريا، و«تزويدها بأسلحة وعتاد، توازي في نوعيتها وكميتها تلك الموجودة في ايدي قوات (الرئيس السوري بشار) الاسد والفصائل المقاتلة الى جانبه، بمن فيها (حزب الله) والميليشيات السورية والعراقية».

ورغم التكتم الاميركي الشديد على موقف اميركا المتحول من تسليح الثوار، الا ان المسؤولين الاميركيين لا ينفون علمهم بوصول اسلحة اميركية متطورة نسبيا الى الثوار السوريين، تتصدرها صواريخ «تاو» المضادة للآليات. ومن المتوقع ان تصل، في اي لحظة، صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف من نوع «سام 7»، او نماذج صينية مشابهة.

وتقول المصادر الاوروبية ان «اصدقاء سورية» توصلوا الى نتيجة مفادها انه «طالما ان في ايدي مقاتلي مجموعات مثل «حزب الله» اللبناني اسلحة من هذا النوع، فلا مشكلة من وصول اسلحة مشابهة الى مجموعات الثوار السوريين ممن عملت اجهزة الاستخبارات العربية والاميركية على تحديد هويتهم وتدريبهم والتأكد من ان لا علاقات تربطهم بالمجموعات التي تصنفها واشنطن في خانة المتطرفة».

وتضيف مصادر الديبلوماسية الاوروبية ان شحنات الاسلحة المتطورة الاولى وصلت شمالا عن طريق تركيا، وان نتائج وصولها الى ايدي الثوار من المتوقع ان تبدأ بالظهور في الاسابيع المقبلة. كذلك، يقول الاوروبيون ان شحنات اخرى متوقع وصولها الى ايدي الثوار جنوبا عن طريق الاردن.

لائحة الاسلحة التي يتحدث عنها «اصدقاء سورية» تتضمن، الى صواريخ «تاو» المضادة للآليات، كيمة كبيرة من الاسلحة الرشاشة من عيارات فردية ومتوسطة، وكمية كبيرة من الطلقات والقنابل اليدوية، وقاذفات القنابل، ومناظير يومية وليلية، واجهزة اتصالات.

وتلخص المصادر القول بأن الهدف الاول هو الوصول الى تعادل في «قوة النيران الارضية بين الطرفين، ماعدا المدفعية الثقيلة التي بحوزة الاسد». وتضيف ان قوات الاسد تعتمد على مدافع ارضية، ومدافع دبابات سريعة الحركة ويمكنها مؤازرة القتال في شكل اسرع من المدافع، الا ان تركيز الجهات التي تدعم الثوار حاليا يتمحور حول تحييد دبابات الاسد، والمدافع المتحركة المثبتة على آليات رباعية الدفع كالتي يستعملها «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية.

في المرحلة الثانية، ينصب اهتمام الجهات الداعمة لثوار سورية على مساعدتهم على تحييد المروحيات التي تستخدمها قوات الاسد لرمي البراميل المتفجرة في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار. وتحييد المروحيات هو امر يسير، حسب المصادر الاوروبية، وممكن بمضادات ارضية تقليدية ولا يحتاج بالضرورة الى الصواريخ المحملة على الكتف المعروفة بـ «مانباد».

اما مقاتلات الاسد، فلا يبدي داعمو ثوار سورية خوفهم منها لان المقاتلات تحتاج الى عمليات صيانة كبيرة، وتفتقر الى الدقة في اصابة الاهداف او مؤازرة القوات الارضية للأسد وحلفائه.

اذا، لائحة طويلة من الأسلحة والتقنيات العسكرية المختلفة التي تزعم المصادر الاوروبية ان «واشنطن وافقت ان يقوم بعض حلفائها بتزويدها للثوار السوريين، وبكثافة». ويتابع الاوروبيون ان على مدى العام الماضي، اضطر ثوار سورية للانسحاب من عدد لا بأس به من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها فقط بسبب نفاد ذخيرتهم وتفوق قوات الاسد عليهم بالقوة النارية، وهو امر تعمل دول «اصدقاء سورية» على عدم تكراره.

في هذه الاثناء، تتواتر التقارير في العاصمة الاميركية ان التغيير في رأي الرئيس باراك أوباما وسماحه بوصول اسلحة نوعية وبكميات كبيرة الى ثوار سورية، حصل قبل اسابيع قليلة جدا، اي قبيل عودته من الزيارة التي قام بها الى المملكة العربية السعودية ولقائه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 28 مارس الماضي.

حتى ذلك التاريخ، كان التفكير الاميركي يدعو الثوار الى استبدال تكتيكاتهم، والتخلي عن تكتيك دفاعهم عن الاراض التي يسيطرون عليها، وتبني بدلا من ذلك تكتيك «اضرب واهرب»، واستهداف خطوط امداد قوات الاسد واهداف استراتيجية اخرى.

الا انه بعد زيارة السعودية، يبدو ان واشنطن وافقت على دعم «مجموعة لندن 11» للثوار السوريين على الارض، ومساعدتهم لا على المحافظة على الاراضي التي يسيطرون عليها فحسب، بل شنهم «هجمات عسكرية متكاملة في الشمال وفي الجنوب لدفع قوات الاسد على التراجع نحو منطقة الوسط».

أوباما إلى طوكيو لإقناع آبي بفوائد «اتفاق الشراكة عبر الهادئ»

حسين عبدالحسين - واشنطن

تتواصل الاستعدادات الأميركية للزيارة المقررة للرئيس باراك أوباما إلى اليابان في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، حيث يلتقي رئيس حكومة اليابان شينزو آبي في 24 منه، ويتوقع أن تتصدر اللقاء المحادثات الاقتصادية الهادفة إلى انضمام البلدين إلى «اتفاق الشراكة عبر الهادئ» المعروف مجازاً بـ «تي بي بي».

والاتفاق الذي يضم 12 دولة من ضمنها أميركا صاحبة اكبر اقتصاد في العالم، واليابان التي يحتل اقتصادها المرتبة الثالثة عالمياً، إلى كندا واستراليا والمكسيك وماليزيا وفيتنام والبيرو وسنغافورة ونيوزيلندا وتشيلي وبروناي، وكان مفترضاً إبرامه نهاية العام الماضي، لكن الخلافات أخرت ذلك. وفي شباط (فبراير) الماضي، عقد ممثلو هذه الدول اجتماعاً لم ينجح هو الآخر في تذليل العقبات.

ويتمثل أحد أبرز المعوقات بإصرار القطاع الزراعي الأميركي، على منع واشنطن من الانضمام إلى أي اتفاق تجارة حرة لا تقوم بموجبه الدول الموقعة على إسقاط الحماية الجمركية على وارداتها من المنتجات الزراعية والحيوانية. فيما تحاول القطاعات الزراعية في عدد من الدول المتوقع انضمامها مثل اليابان وكندا، الإبقاء على هذه الحماية خوفاً من منافسة الصادرات الأميركية، التي تنخفض أسعارها بسبب المساحات الشاسعة والموارد الأولية في الولايات المتحدة، وتجعل منها واحدة من «سلال الخبز» القليلة في العالم.

وعلى رغم انخفاض مساهمة القطاع الزراعي في اقتصاد أميركا والبالغة 1.2 في المئة من الناتج المحلي السنوي، فهي لا تتعدى في اليابان نسبة واحد في المئة من حجم اقتصادها، إلاّ أن التكتلات المؤيدة للقطاعات الزراعية والمزارعين تتمتع بنفوذ كبير لدى السلطتين التشريعيتين في البلدين، ما يساهم في تأخير المصادقة على انضمام أي منهما إلى الاتفاق.

وعقد ممثل التجارة الأميركي مايكل فرومان الأسبوع الماضي في واشنطن، سلسلة لقاءات مع عدد من الأعضاء في الكونغرس خصوصاً ممّن يمثلون «الولايات الزراعية»، محاولاً إقناعهم بمكاسب الاتفاق حتى لو أبقى بعض الدول الأعضاء على بعض الحماية لقطاعه الزراعي.

وأشار إلى أن من شأن دخول أميركا واليابان في اتفاق تجارة حرة أن تعود على الاقتصاد الأميركي بـ76 بليون دولار، وعلى اليابان بنحو 105 بلايين مع حلول عام 2025. لكن أحد الأعضاء في الكونغرس من الحاضرين رد سائلاً «كيف أُقنع الناخبين في ولايتي بأننا نوقع اتفاق تجارة حرة مع طوكيو، وهم لا يستطيعون تصدير أبقارهم إلى اليابان من دون دفع رسوم باهظة»؟

دفع تردد المشرعين الأميركيين تحديداً مع اقتراب الولايات المتحدة من انتخابات الكونغرس المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، قياديي الحزب الديموقراطي في الكونغرس إلى حجب السلطة التي طلبها الرئيس أوباما الديموقراطي أيضاً، بهدف التسريع في إقرار الاتفاق في الكونغرس بالتصويت عليه بنعم أم لا، أي من دون مناقشة بنوده. ويعتقد المراقبون أن السبب الرئيس لتعطيل الديموقراطيين مساعي رئيسهم الانضمام إلى «تي بي بي»، هو اقتراب الانتخابات، التي يبدو فيها الديمقراطيون في وضع مهتز جداً ويُرجّح أن يكلفهم الغالبية في مجلس الشيوخ، التي ستنتقل إلى غريمهم الحزب الجمهوري المسيطر على غالبية الغرفة الثانية في الكونغرس أي مجلس الممثلين (البرلمان).

وتقليداً فإن الديموقراطيين أكثر قرباً من الاتحادات الزراعية وجمعيات الفلاحين وعمال المصانع، ويخشى هؤلاء خصوصاً من أن يؤدي انضمام بلادهم إلى الاتفاق، إلى خسارة أعمالهم بانتقال معاملهم إلى دول تتدنى فيها كلفة اليد العاملة. أما بالنسبة إلى الجمهوريين، فهم يمثلون حزب الشركات وأصحاب الأعمال، وهم يؤيدون اتفاقات التجارة الحرة بالمطلق، لأنها تفتح لأرباب العمل أسواقاً جديدة وتعود عليهم بأرباح كبيرة، على رغم تأثيرها سلباً على العمال.

هكذا، يُفترض في حال سيطر الجمهوريون على الكونغرس بغرفتيه إثر انتخابات الخريف، أن يطلقوا يد أوباما في المفاوضات التي يجريها من أجل الانضمام إلى اتفاق الشراكة المزعوم. لكن معارضة الجمهوريين لأوباما، ورغبتهم الدائمة في تكبيده هزائم سـياسية، ربما تتقدم على عقيدتهم السياسية ورغبتهم في رؤية بلادهم تدخل الاتفاق.

ولأن اقتصاد أميركا يشكل ربع الاقتصاد العالمي، ولأن من شأن إضافة الاقتصاد اليـــاباني إليه خلق سوق تمثل 40 في المئة من السوق العالمية، تصبح الموافقة الأميركية المتوقفة على قبول اليابانيين إسقاط الحماية الجمركية الزراعية، أمراً محورياً في نجاح الـ «تي بي بي» أو فشلها. ويصبح لقاء أوباما - آبي في الأسبوع الأخير من هذا الشهر مصيرياً بالنسبة إلى مستقبل هذا الاتفاق عموماً.

ودفع هذا التأرجح السياسي إلى الارتباك لدى بـعض الدول الأخرى الساعية إلى الانضمام أيضـــاً. رئيس حكومة كندا كولن هاربر وحزبه (المحافظون)، اللذان نجحا في توقيع اتفاقات تجـــارة متعددة مع الاتحاد الأوروبي، يسعيان أيـــضاً إلى الانضمام إلى الاتفاق «الباسيفيكي»، لكــــن كاليابان سيتطلب انضمام كندا إسقاطها الحماية الزراعية خصوصاً في قطاع تربية الدجاج، ما يمكن أن يكلف المحافظين من رصيدهم السياسي، وهي كلفة يبدو أنهم مســـتعدون لتحمّلها لو قُيّض لهم ضمان استمرار الاتفاق، لأن عائداته اقتصادياً ستكون كبيرة جداً بالنسبة إلى كندا. ويُعدّ ذلك إنجازاً يمكن لهاربر وحزبه تقديمه للناخبين الكنديين في الانتخابات العامة المقررة العام المقبل.

ولكن حتى يقبل الأميركيون، على اليابانـــيين القبول أولاً، وبعد ذلك يستقر الكنديون وربما الأستراليون، وقد تؤدي المفاوضات المضنية المستمرة منذ عام 2005 إلى قيام سوق ربما تكون الأكبر في العالم. ويمكن أن تساهم في تحريك الاقتصاد العالمي بعيداً من الصين محرك الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة، والتي يبدو أنها تتباطأ وتجبر شركاءها مثل أميركا على السعي إلى استبدالها بشركاء جدد.

الجمعة، 18 أبريل 2014

مسؤولون أميركيون: الأسد يصفي قادة عسكريين ... منعاً لتقويض سلطته

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

نقل أحد المعنيين عن كبار المسؤولين في الادارة الأميركية ان «احدى الضربات الاسرائيلية داخل سورية استهدفت مستودعا لصواريخ فاتح 110 وصواريخ ياخونت المضادة للسفن التي كانت في طريقها من ايران الى حزب الله اللبناني»، معتبرا ان «اللافت في الموضوع هو ان الشحنة الايرانية كانت في طريقها الى الحزب اللبناني، وللمرة الاولى، بطريقة مباشرة ومن دون مشاركة استخبارات الاسد او التنسيق معها او اشرافها على مرور هذه الشحنة».

وتستحوذ هذه الدينامية الجديدة بين الايرانيين وحليفهم «حزب الله» من جهة، والأسد من جهة اخرى، اليوم على اهتمام كبار المسؤولين المعنيين الاميركيين.

ويقول هؤلاء ان اسرائيل سمحت في العام 2011 بمرور بعض صواريخ «فاتح 110 وياخونت»، وهذه صواريخ تعتبرها اسرائيل مصدر خطر كبير عليها. وكان حزب الله استهدف السفينة الحربية ساعر قبالة الشاطئ اللبناني اثناء حرب يوليو 2006 بصاروخ ياخونت. لكن مع بعض الاستثناءات، قامت اسرائيل بشن غارات وتدمير معظم الشحنات من هذه الصواريخ التي كانت متجهة الى الحزب اللبناني على مدى العامين الماضيين.

ويعتقد بعض الاميركيين ان «(الرئيس السوري بشار) الأسد كان يعلم مخاطر تمرير انواع معينة من الصواريخ الايرانية الى حزب الله، وكان يعمل على ضبط ما يمر من صواريخ، ولا يتعدى الخطوط الاسرائيلية الحمراء»، ولكن ان «يتجاوز عملية المرور الاسد تعني ان قواعد جديدة للعبة صارت معتمدة، وهو ما دفع الاسرائيليين في اكثر من مناسبة الى ارسال مقاتلاتهم» لتدمير هذه الشحنات.

هل هذا يعني نوعا من الافتراق بين الايرانيين وحليفهم في دمشق، سألت «الراي»؟

لايرجح المسؤولون الاميركيون افتراقا، الا انهم يرددون انهم يتابعون منذ فترة «عبر المصادر المفتوحة» الانباء التي تشير الى ان الأسد، الذي صار يعتقد انه حسم حربه في سورية وان استعادته السيطرة على غالبية الاراضي السورية صار مسألة وقت، يعمل في الوقت نفسه على تثبيت الى من تعود الكلمة الفصل داخل سورية، وانه يعمل على ضبط دور حزب الله والميليشيات الاخرى التي قاتلت الى جانب قواته».

وفي الوقت نفسه، يرسل الأسد باشارات أن أي «اتفاقية مع ايران حول ملفها النووي لا تؤثر في الوضع في سورية»، وان الجهة الوحيدة المخولة البت في مستقبل سورية هو الاسد نفسه، وبدعم من الروس كذلك.

وتقول المصادر الأميركية ان «هناك عملية تمايز يحاول الأسد رسمها لنفسه والوقوف بين الايرانيين والروس حتى يبقي لنفسه هامش مناورة يأمل ان يعود من خلاله الى المجتمع الدولي كشريك في الحرب ضد الارهاب».

وترصد بعض الاجهزة الاستخباراتية الغربية قيام قوات الاسد بسلسلة من الاغتيالات بحق كبار المسؤولين والضباط المقاتلين في صفوفه، سوريين وغير سوريين، ممن تمتعوا بقرار ذاتي اثناء المعارك واكتسبوا شعبية في صفوف المقاتلين، وممن يخشى الاسد ان يعمدوا الى استخدام شعبيتهم المستجدة مستقبلا لتقويض سلطته الكاملة والمطلقة.

وتقول المصادر الاميركية: «لأن الاسد يعتقد انه قارب اجتياز خط النهاية، فعملية استعادته سورية تتضمن اعادة رسم علاقته مع حلفائه، وخصوصا الذين شاركوا معه القتال، ويعمل على وضعهم تحت سيطرته الكاملة او تصفية الكوادر التي لا تمتثل لاوامر ضباطه».

كذلك، تقول المصادر الاميركية ان الاسد في سباق مع الزمن لتثبيت سيطرته على اكبر مساحة ممكنة من الارض السورية قبل اجرائه انتخابات تثبيت نفسه لولاية رئاسية ثالثة مدتها سبع سنوات.

وتضيف المصادر: «يعتقد الاسد انه سينجح في الاسابيع العشرة المقبلة في السيطرة على قرابة 70 في المئة من الاراضي السورية. وهو في سباق مع الزمن للتمسك بالجدول الزمني هذا من اجل اجراء انتخابات نفسه لولاية رئاسية ثالثة وهو قد استعاد مساحات شاسعة تسمح له باعتبار ان غالبية المناطق السورية صوتت لمصلحة بقائه في السلطة».

على ان غالبية المسؤولين والمراقبين الاميركيين لا يعتقدون أن الاسد «تجاوز القطوع»، وانه رغم تقدمه، فهو لا يستطيع تثبيت الارض التي يستعيدها، وغالبا ما يعود الثوار اليها، وهو ما بدا واضحا في تراجع قوات الاسد في عموم الشمال السوري، وخصوصا في مدينة حلب وضواحيها، بسبب تركيز قواته على مثلث القلمون في الشمال الغربي لدمشق.

وتتابع المصادر ان «الاسد سيجري انتخاباته الصورية وسيفوز بها، وسيبقى في الحكم، ولكن المعارضة المسلحة ستستمر، والمجتمع الدولي سيستمر في اعداد ملفات محاكمته بتهم جرائم حرب. هذه المواجهة لن تنتهي في موعد قريب، وتوقعاتنا ان يستعيد الثوار بعض زمام المبادرة في المستقبل القريب، وربما من المبكر للأسد ان يصفي حلفاءه خوفا من اي دور مستقبلي لهم».

الخميس، 17 أبريل 2014

لا اسف، لا ندم، لا اعتذار


حسين عبدالحسين

بعد أن قدم المخرج ايرول موريس وزير الدفاع السابق في زمن حرب فيتنام روبرت ماكنمارا، الذي راح يعتذر لضحايا تلك الحرب ويعرب عن ندمه للمشاركة في قرار شنها، سأل موريس وزير الدفاع السابق وأحد أبرز شخصيات حرب العراق دونالد رامسفيلد حول رأيه في الفيلم الذي حمل عنوان «ضباب الحرب» وحصد جوائز رفيعة، فما كان من رامسفيلد إلا أن أجاب موريس بأنه لم يكن على ماكنمارا الاعتذار.

هذه المرة، قدم موريس وثائقيا عن رامسفيلد نفسه بعنوان «المعلوم غير المعلوم»، وهي عبارة مقتبسة من أحد اجتهادات رامسفيلد أثناء حرب العراق واستخدمها لتبرير الأخطاء الكثيرة التي وقعت فيها إدارة الرئيس السابق جورج بوش في شنها الحرب، وفي إدارتها للعراق بعد انهيار نظام رئيسه صدام حسين.

34 ساعة من المقابلات المتلفزة التي أجراها موريس مع رامسفيلد على انفراد والتي قدمها في الوثائقي الذي يبلغ 96 دقيقة، تنوعت فيها الأسئلة، فتاريخ رامسفيلد السياسي طويل، ويتضمن عمله عضوا في الكونغرس، ورئيسا لموظفي البيت الأبيض في زمن الرئيس جيرالد فورد، ثم وزيرا للدفاع في عهد بوش الابن.

عن رأيه في فيتنام يعتقد رامسفيلد أن «بعض الأشياء تنجح، وبعضها لا تنجح، وفيتنام لم تنجح». عن العراق يقول الوزير السابق لنترك الحكم للتاريخ. هل رامسفيلد نادم على تأييده ومشاركته في إدارة تلك الحرب؟ لا يبدو ذلك، إذ يمعن المسؤول الأميركي السابق في الكلام معتمدا على مقدرة مهولة في لي المعاني والتلاعب بالعبارات. مرة واحدة فقط بدا فيها رامسفيلد متأثرا كانت عندما تحدث عن زيارته لجرحى الحرب من الجيش الأميركي. عدا عن ذلك، علت وجهه الابتسامة بين الإجابة والأخرى.
ولأن غالبية الأميركيين كانوا يتوقعون اعتذارا من رامسفيلد، الذي يبلغ الواحدة والثمانين من العمر، على غرار اعتذار ماكنمارا، الذي كان يبلغ من العمر 85 في عام 2003 عندما قدم اعتذارا مؤثرا تخلله أكثر من مشهد بدا فيها وقد اغرورقت عيناه بالدموع، لم يعتذر رامسفيلد.

هكذا، جدد رامسفيلد الصورة المعروفة عنه، فوزير الخارجية السابق هنري كيسنجر، الذي تزامن عمله مع عمل ماكنمارا ورامسفيلد في السبعينات، أطلق على رامسفيلد لقب «الرجل الأكثر قسوة» في واشنطن.
لكن إصرار رامسفيلد الدفاع عن حرب تعتقد غالبية الأميركيين أنها كانت واحدة من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها بلادهم، بعد فيتنام، أثار زوبعة من الانتقادات. حتى المخرج موريس نفسه، أطل في لقاءات قال فيها إن رامسفيلد من دون حياء ويلجأ إلى السفسطة والتلاعب بالكلام من أجل الدفاع عن نفسه وتبرير أفعاله، وخصوصا في العراق، أو أن الرجل يعيش في عالم لا واقعي ويؤمن بما يقوله، ما يجعله إنسانا سطحيا.

الوثائقي عرض للمرة الأولى في الصالات الأميركية الأسبوع الماضي، وهو أثار نقاشا واسعا استعاد حرب العراق، والظروف التي رافقت ذهاب أميركا إلى الحرب، ودور رامسفيلد

أوباما يستميت للتوصل إلى اتفاق مع إيران

حسين عبدالحسين

يقول عميل سابق في «وكالة الاستخبارات الاميركية» (سي آي اي) ويعمل اليوم في احد مراكز الابحاث انه سافر الى فيينا لمواكبة المفاوضات حول ملف ايران النووي، الاسبوع الماضي، وان الوفد الاميركي كان يأتي الى الاجتماعات بمجموعة مطالب، يرفضها الايرانيون، فيتراجع الاميركيون عنها ويعودون بمجموعة مطالب «ذات سقف ادنى».

اسلوب المفاوضات هذا، حسب عدد كبير من المراقبين الاميركيين، سببه «استماتة» ادارة الرئيس باراك أوباما للتوصل الى اتفاق مع ايران حول ملف الاخيرة النووي «بغض النظر عن مضمون الاتفاق».

ويقول المعنيون بالملف الايراني في واشنطن ان أوباما «يضع ثقله شخصيا» للدفع باتجاه التوصل الى اتفاق مع طهران، وانه يعتقد ان هكذا اتفاق سيكون بمثابة انتصار لسياسته الخارجية وديبلوماسيته.

ويضيف المعنيون ان التوصل الى اتفاق مع ايران يستحوذ على اهتمام أوباما، بل يتصدر سياسته الخارجية، ويحل في المرتبة الثانية في اولوياته بشكل العام، بعد حماية «قانون الرعاية الصحية». ويضيف هؤلاء ان أوباما سينفق السنتين ونصف السنتين المتبقيتين من حكمه لحماية «قانون الرعاية الصحية» والسهر على تطبيقه، وللتأكد من تطبيق الاتفاق النووي مع ايران والعمل على رفع العقوبات عنها وتوطيد العلاقات معها.

ولأهمية الموضوع الايراني، شن أوباما حملة ساحقة واستباقية ضد اي من يمكن له عرقلة الاتفاق او الوقوف في وجهه، وفي طليعة هؤلاء «لجنة العلاقات العامة الاميركية. الاسرائيلية»، وهي اللوبي المؤيد لاسرائيل والمعروف بـ «ايباك».

وبعدما حاولت «ايباك» تمرير قانون في الكونغرس يفرض المزيد من العقوبات «في حال انهيار المفاوضات مع ايران او في حال مرور مهلة الاثني عشر شهرا التي حددتها اتفاقية جنيف الموقتة في نوفمبر الماضي للتوصل الى اتفاق نهائي بين مجموعة خمس زائد واحد وايران حول ملف الاخيرة النووي، تصدى أوباما لها بشراسة لا سابق لها.

ويقول عاملون في مجلس الشيوخ انه بعدما نجحت «ايباك» في حمل مجلس الممثلين في الكونغرس على المصادقة على القانون، اقنعت «ايباك» غالبية اعضاء مجلس الشيوخ، وغالبيتهم من الحزب الديموقراطي المؤيد لاوباما، ان من حقهم توجيه اسئلة الى الادارة حول «ما تتفاوض من اجله مع الايرانيين، وما ادنى توقعاتها من هذه المفاوضات، وما الحد الاقصى لتوقعاتها؟».

وراح اعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين يطالبون ادارة أوباما بتقديم اجابات حول اسئلتهم هذه لمعرفة ما الذي تفاوض واشنطن من اجله مع الايرانيين، الا ان الادارة راحت تتملص وتسوف، ولم تقدم اي اجابات. ويعتقد العاملون في مجلس الشيوخ ان أوباما يخشى تقديم اي تصور لرؤيته لشكل الاتفاق النهائي مع الايرانيين لاعضاء الكونغرس، اذ في حال رفضه الايرانيون، لا يمكنه التراجع عنه هو، وبذا ينسف فرص التوصل الى اتفاق. لذا، تمسك أوباما بالغموض، ويبدو ان وفده في فيينا تراجع عن مطالب كثيرة مع الايرانيين بهدف التوصل الى اتفاق.

ولكن اعضاء مجلس الشيوخ لم يتراجعوا، وعمد 59 منهم على تبني قانون العقوبات المؤجلة المفعول على ايران بهدف الضغط على أوباما، فما كان من الاخير الا ان «استدعى كل سناتور في الحزب الديموقراطي الى البيت الابيض على انفراد، وطلب منه شخصيا عدم دعم القانون، وهو ما افشل اقرار القانون في مجلس الشيوخ، وادى تاليا الى وقفه».

ومن يعرف أوباما واسلوب عمله، يعلم ان أوباما بطبعه غير اجتماعي، ومتعجرف، وبعيد عن السياسيين، حتى اعضاء الكونغرس من حزبه، ما يعني ان دعوته اليهم الى لقاءات منفردة في البيت الابيض تظهر حجم اصرار أوباما على التوصل الى اتفاق مع طهران، وحجم الاولوية التي يمنحها هو شخصيا، كما ادارته، لذلك.

وبعدما رفض أوباما تقديم اي تصور او تعهد حول رؤيته للشكل النهائي للاتفاق مع ايران، وبعدما قام شخصيا بوقف قانون عقوبات جديدة على طهران، يقول العاملون في مجلس الشيوخ انهم يتوقعون ان يعود الوفد الاميركي الى واشنطن باتفاقية تبدو انجازا ديبلوماسيا وسلميا، ويصبح من الاصعب على اعضاء الكونغرس معارضتها لأنهم سيبدون في موقف دعاة الحرب ومعارضي التوصل الى اتفاق سلمي مع الايرانيين.

كذلك، يقول المعنيون بالملف الايراني، من خارج ادارة أوباما، ان عاملين في فريق أوباما يقومون بتلقين الناشطين في اللوبي المؤيد للنظام الايراني داخل العاصمة الاميركية بنقاط الكلام، ويعملون على رسم استراتيجية لهذا اللوبي وتوحيد جهوده مع جهود الشبكات اليسارية المعارضة لحربي العراق وافغانستان، والمؤيدة لاي اتفاقية مع ايران، والمقربة من أوباما وفريقه.

اذا، هذه هي الصورة خلف الكواليس الاميركية: الرئيس أوباما يرمي ثقله خلف التوصل الى اتفاق مع الايرانيين، بأي ثمن وبغض النظر عن مضمون الاتفاق، ومجموعة معارضة لاتفاق غير واضح المعالم.

وفي الانتخابات المقررة في نوفمبر، من المتوقع ان يسيطر الجمهوريون على غالبية مجلس الشيوخ، وهو ما يعني ان قانون العقوبات على ايران المجمد حاليا من شأنه ان يمر، وهو ما يجعل أوباما في سباق مع الزمن للتوصل الى اتفاق قبل ذهاب الكونغرس الحالي الى عطلته الصيفية في الاول من اغسطس، ويعود بعدها للانعقاد في ايام تشريعية معدودة لانشغال اعضائه بحملاتهم الانتخابية في ولاياتهم ومقاطعاتهم.

ولكن، حتى لو سيطر الجمهوريون على الكونغرس بغرفتيه وراحوا يصادقون على قوانين العقوبات على ايران، يمكن لاوباما ممارسة حق النقض الفيتو الذي يعيد بموجبه القوانين الى الكونغرس، فان نجح «مجلس الممثلين» في تأمين غالبية ستين في المئة من اعضائه، وهو امر صعب اذ لا تتعدى الغالبية الجمهورية النصف بقليل، يمكنه وقتذاك كسر فيتو أوباما.

لكن كسر فيتو أوباما يبدو امرا متعسراً، فضلا عن ان صلاحيات الرئيس الاميركي تخوله رفع العقوبات عن ايران بمراسيم اشتراعية من دون حاجة العودة الى الكونغرس، وهو ما يعني ان الوقت المتبقي في حكم أوباما كاف لتمرير اتفاقية مع ايران والدفاع عنها لسنتين، وهو وقت كفيل بتثبيتها قبل قدوم رئيس جديد في العام 2016، الذي لن يرى على الأرجح مصلحة في التخلي عن اتفاقية سارية المفعول.

أميركا وإيران: مصالحة أم مواجهة؟

حسين عبدالحسين

"نحن سنشهد تحطم العقوبات في الاشهر المقبلة"، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني اثناء زيارة قام بها الى محافظة بلوشستان الايرانية على الحدود مع باكستان. روحاني محق، او على الاقل هذا ما تعتقده اوساط الادارة الاميركية، فالاتفاق بين مجموعة دول ال"5+1" وايران انجز، وهو ينتظر اللمسات الاخيرة المتعلقة بصياغته، وتتوقع واشنطن ان يتم الاعلان عنه مع نهاية الشهر المقبل، أي قبل شهرين من نفاد صلاحية اتفاقية جنيف المؤقتة، والتي كانت قابلة للتمديد ستة اشهر أخرى.


إيران، يقول المسؤولون الاميركيون، بدت في عجلة من امرها لاتمام الاتفاق حتى يتم رفع كامل للعقوبات التي يفرضها مجلس الامن عليها بسبب برنامجها النووي.

أما الحل الذي تم التوصل اليه، يتابع المسؤولون، فمبني على حفظ ماء الوجه للايرانيين بقبول المجتمع الدولي استمرار برنامجهم النووي، وفي نفس الوقت وضع البرنامج تحت مراقبة دولية شاملة وتأكيد انه حتى لو قررت طهران استخدام برنامجها المدني لاغراض عسكرية، ستحتاج الى مدة 12 شهراً على الاقل لانتاج يورانيوم مخصب بدرجة عالية لتصنيع قنبلة واحدة، وهو ما يعطي المجتمع الدولي مهلة كافية لمنعها.

اما وقد اصبحت الاتفاقية في حكم الناجزة، انتقلت غالبية المعنيين بالشأن الايراني في العاصمة الاميركية الى الخوض في نقاش يتمحور حول السؤال التالي: كيف ستكون العلاقة بين اميركا وايران بعد التوصل الى اتفاق ورفع العقوبات؟

فريق أول داخل الإدارة الاميركية وخارجها، وهو الفريق الذي دفع في اتجاه المفاوضات ويتضمن اللوبي الايراني - الاميركي المؤيد للنظام في طهران، يعتقد ان على البلدين انهاء حالة الصراع بينهما، وتوطيد العلاقة بينهما، وانشاء تحالف يلحظ دور الجمهورية الاسلامية في منطقة الشرق الاوسط ويساعد اميركا في الحفاظ على مصالحها.

ولاشك أن عدداً كبيراً من مؤيدي المصالحة الاميركية - الايرانية هم من رجال الاعمال او الديبلوماسيين الاميركيين السابقين، الذين تحولوا الى القطاع الخاص، وهؤلاء يأملون في الفوز بعقود نفطية وتجارية كبيرة في حال انفتاح واشنطن على طهران.

وفي الايام الاخيرة، انخرط الفريق المذكور في مجهود كبير لاقناع ادارة الرئيس باراك أوباما بضرورة "فتح صفحة جديدة" مع ايران، وذلك عبر منح الديبلوماسي الايراني حميد أبو طالبي تأشيرة دخول ليتبوأ منصبه كمبعوث دائم لبلاده في الأمم المتحدة، وهو ما رفضته واشنطن، معللة رفضها بالقول إن أبو طالبي يشكل تهديداً على أمن الولايات المتحدة، ومتهمة اياه بلعب دور في ازمة احتجاز الديبلوماسيين العاملين في السفارة الاميركية في ايران كرهائن، في العام 1979.

ويقول مؤيدو توطيد العلاقة الاميركية - الايرانية ان أوباما نفسه سبق ان صرح انه ينوي مد يده، وفتح صفحة جديدة، وان المخابرة بينه وبين روحاني في نيويورك العام الماضي كانت تصب في هذا الاتجاه، وانه في حال استئناف العلاقة بين البلدين، لا يمكن ابقاء فيتو اميركي على اي من الايرانيين لان ذلك سيعرقل عملية توطيد العلاقات.

اما الفريق الاميركي الثاني، فيعتبر ان التوصل الى اتفاق نووي يعني حكماً مواجهة اميركية - ايرانية، إذ ان ايران، التي ابدت عزيمة هائلة في محاولة تحقيق هيمنة اقليمية حتى تحت العقوبات الدولية القاسية، ستجد نفسها في موقع افضل بكثير بعد رفع العقوبات، وستستخدم الاموال الجديدة في تعزيز نفوذها وتوسيعه، وهو ما سيأتي حكماً على حساب حلفاء أميركا العرب، واسرائيل.

هذا الفريق يعتقد انه على عكس ما كان مرجو، فالاتفاق النووي مع ايران لن يسمح لأميركا بالخروج من الشرق الاوسط، بل سيجبرها على العودة اليه والانخراط فيه اكثر، اذ ستجد واشنطن نفسها مجبرة على زيادة جهودها الديبلوماسية والسياسية والاستخباراتية والعسكرية لحماية حلفائها من النفوذ الايراني الذي سيتصاعد حتماً.

ويشير من يعتقد أن مستقبل العلاقة الاميركية مع ايران هي مواجهة حتمية الى تصريحات المسؤولين الايرانيين وخطاباتهم. مثال على ذلك، يقول هؤلاء ان المرشد الاعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي أدلى بخطاب بمناسبة رأس السنة الايرانية "النوروز"، قال فيه إن بلاده تنوي إنشاء استقلالٍ اقتصادي، ينحصر بايران وجيرانها، وإن طهران لا تنوي الخوض في اي انفتاح اقتصادي على أميركا أو الغرب من شأنه ان يضعها تحت رحمة العقوبات الدولية مستقبلاً.

مصالحة أم مواجهة، النقاش بين الفريقين داخل واشنطن لم يحسم بعد، ولكن من يتذكر اقوال أوباما في اوئل مراحل الانفتاح على ايران قد يتذكر ان الرئيس الاميركي يعتقد انه لا يمكن النظر الى مستقبل افضل بمنظور العداء الحالي، وان المصالحة بين اميركا وايران من شأنها ان تخلق ديناميكية مستقلة خاصة بها، وهذه يمكنها ان تدفع باتجاه توطيد العلاقات وتغيير المواقف والتصريحات من الجانبين. 

على أن هذه عملية لن تكون سهلة، وقد تكون شاقة، حسب أوباما، الذي يتمتع بأفضلية بقائه سنتين ونصف على الأقل في الحكم، وهو وقت أكثر من كاف لتأكيد بقاء الاندفاعة الاميركية نحو مصالحة مع الايرانيين، إلى أن تولد هذه المصالحة نفسها علاقات طيبة مستقبلاً.

السبت، 12 أبريل 2014

انقسام داخل الإدارة الأميركية حول «اليوم التالي» للاتفاق مع إيران

حسين عبدالحسين

تقول الروايات المتواترة من داخل أروقة القرار في العاصمة الاميركية ان ادارة الرئيس باراك أوباما صارت تتصرف وكأن الاتفاق مع ايران، حول ملف الاخيرة النووي، صار ناجزا، وان المطلوب الآن هو تحديد كيفية التعامل مع طهران في مرحلة ما بعد الاتفاق، وهو ما ادى الى وقوع انقسام حاد داخل صفوف الادارة بين فريقين، الاول يقوده وزير الدفاع تشاك هيغل، الذي يدعو لاستئناف العلاقة مع الايرانيين بشكل فوري ومبشار وتوطيدها، وفريق آخر بقيادة وزير الخارجية جون كيري ومستشارة الامن القومي سوزان رايس يدعو الى التريث، والى استخدام اي علاقة مستجدة مع الايرانيين للطلب منهم «تغيير تصرفاتهم» في المنطقة.

وتنقل الاوساط الاميركية عن فريق « الديبلوماسيين والتقنيين» العائد من احدث جولات المفاوضات في العاصمة النمساوية فيينا، الاسبوع الماضي، ان «الاتفاق بين مجموعة دول «خمس زائد واحد» وايران صار بحكم المؤكد»، وان «المتبقي هو صياغة الاتفاقية النهائية»، مع ترجيح توقيعها في يونيو المقبل، اي قبل انتهاء مفاعيل اتفاقية جنيف الموقتة في يوليو.

وما عزز الانطباع بالتوصل الى اتفاقية مع الايرانيين هو اعلان الرجل الثاني في وزارة الخارجية وليام بيرنز خروجه الى التقاعد، اول من امس، وهو امر كان مؤجلا بطلب من الرئيس باراك أوباما شخصيا حتى يدير بيرنز عملية التوصل الى اتفاق مع الايرانيين.

وتلخص الاوساط نفسها الاتفاقية على الشكل التالي: «اهم ما حدث من وجهة نظر الولايات المتحدة ان ايران قدمت تنازلين رئيسيين، الاول سماحها بمراقبة كل النشاطات المتعلقة ببرنامجها النووي، ابتداء من استخراج اليورانيوم من المناجم وحتى تخصيبه واستخدامه، والثاني هو قبول ايران تخفيض عدد الطرود المركزية في مفاعلي ناتانز وفوردو الى مستوى يجعل انتاج يورانيوم مخصب بدرجة التسليح تأخذ عاما على الاقل».

وينقل البعض ان ايران وافقت حتى على تحويل المفاعلين، او احدهما، الى منشأة نووية للابحاث عن غرار تلك الموجودة في طهران. وتضيف الاوساط الاميركية ان طهران وافقت كذلك على «اعادة تصميم مفاعل آراك للمياه الثقيلة ووضعه تحت المراقبة».

اما الاهم، من وجهة نظر الايرانيين، فهو ان «التخصيب سيستمر، وهو ما من شأنه ان يحفظ للنظام ماء الوجه، ويجعله يبدو بمظهر المنتصر في مواجهة كلفت الايرانيين الكثير، وخصوصا من اقتصادهم ومعاشهم»، حسب المصادر الاميركية.

خلاصة القول ان الاتفاقية ستسمح لايران بالاستمرار بتخصيب اليورانيوم بكميات يستحيل ان توفر المطلوب لصناعة قنبلة نووية، وان ذلك سيجري بمراقبة اممية لصيقة وكاملة. كذلك، ستتضمن الاتفاقية ما يشبه «البند الجزائي»، اي آلية تتضمن العواقب التي ستواجه الايرانيين في حال قرروا التخلي عن الاتفاقية، او الاخلال ببنودها.

بدورها، ستعمل مجموعة «خمس زائد واحد» على ترجمة الاتفاقية النووية مع ايران الى قرار يصدر عن مجلس الامن، يرفع عنها العقوبات الدولية المفروضة عليها، ويستبدلها بـ «البند الجزائي»، الذي قد يتضمن عبارات تسمح باستخدام القوة ضد اهداف ايرانية في حال اخلال ايران بتعهداتها.

«الكيمياء ممتازة بين المجموعة الدولية وايران»، تنقل الاوساط عن احد المشاركين في مفاوضات فيينا.

هكذا، يستعد أوباما لاعلان انتصار ديبلوماسي يتمثل بنزع الفتيل النووي الايراني، ومن المرجح ان يقترن انتصاره هذا بانتصار آخر على صعيد حظر اسلحة انتشار الدمار الشامل يتمثل باتمام الرئيس السوري بشار الاسد تسليم ترسانته الكيماوية، في وقت يعتقد البعض ان أوباما وادارته سيعملان على استثمار هذين الانتصارين لمساعدة الحزب الديموقراطي، صاحب الحظوظ المتهاوية، في انتخابات الكونغرس المقررة في نوفمبر المقبل.

ولأن الاتفاق مع ايران صار في حكم المبرم، راح العاملون في ادارة الرئيس الاميركي يتباحثون في مستقبل العلاقة الاميركية - الايرانية، مع ما يعنيه ذلك من وجوب استعدادات في كلتا الحالتين: المضي في التطبيع مع الايرانيين او قرار مواجهتهم سياسيا وديبلوماسيا على صعيد المنطقة.

وتطور النقاش حول ايران حتى وصل الى خارج الادارة، فأطل الجنرال المتقاعد، بطل حرب العراق والمدير السابق «لوكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي) دايفد بترايوس في مقالة تصدرت الصفحة الاولى لصحيفة «واشنطن بوست».

«رفع العقوبات سيؤدي الى تعزيز الوضع الاقتصادي لحكومة تتصدر حكومات العالم في رعاية الارهاب»، كتب بترايوس، مضيفا انه «حتى تحت عقوبات ادت الى شللها، نجحت ايران في تأمين دعم ثابت لوكلائها المتطرفين كجزء من اجندتها الجيوسياسية الاكبر في الشرق الاوسط وما بعده، وهي نشاطات تتناقض ومصالح الولايات المتحدة ومصالح اقرب حلفائها».

ويقول بترايوس انه من الممكن ان الاتفاق مع ايران سيؤدي الى تقارب بينها وبين اميركا وحلفائها، الا ان الارجح ان ايران ستستخدم قوتها المستجدة لبسط نفوذها في سورية، ولبنان، والعراق، والجزيرة العربية.

ويتابع بترايوس انه لا يعتقد ان على واشنطن التخلي عن الديبلوماسية، فهي الوسيلة الافضل لنزع فتيل ايران النووي، لكنه يقترح خمس خطوات لتخفيف تأثير رفع العقوبات عن ايران.

الخطوات الخمس هي، حسب الجنرال الاميركي، القول علنا للايرانيين انه لن تكون هناك مصالحة معهم في حال استمروا في تصرفاتهم التي تزعزع استقرار المنطقة، وانه على واشنطن ان تؤكد لطهران انها ليست متحمسة للخروج من الشرق الاوسط الى درجة انها ممكن ان تقبل هيمنة ايرانية فيه.

الخطوة الثانية هي المزيد من المشاورات مع حلفاء اميركا العرب واسرائيل من اجل الاستعداد لمواجهة ايران اكثر قوة بسبب رفع العقوبات الاقتصادية عنها، اما الثالثة فتكمن في زيادة الدعم العسكري لتسليح المعارضة السورية «لقلب مكتسبات الاسد» هناك.

الخطوة الرابعة، والتي يصفها بترايوس بالمفارقة، تكمن في ان التوصل الى حل نووي يؤدي الى رفع العقوبات عن ايران لن يؤدي الى تخفيف المشاركة الاميركية في الشرق الاوسط، بل سيؤدي الى «تعميق وجودنا العسكري والديبلوماسي والاستخباراتي في المنطقة من اجل مساعدة الحلفاء على موازنة القوة الايرانية المتزايدة».

ختاما، دعا بترايوس الى تحصير نسخة جديدة من العقوبات الاقتصادية حتى تفرضها اميركا وحلفاؤها على طهران، هذه المرة لا بسبب ملفها النووي، بل بسبب رعايتها ودعمها للارهاب.