الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014

أوباما للأميركيين: أنا فهمتكم

حسين عبدالحسين

تحوّل وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، إلى أول كبش فداء للسياسة الخارجية المترنحة، التي يقودها الرئيس باراك أوباما، منذ تسلمه الحكم في العام 2009. صحيح أن عدداً لا بأس به من العاملين في فريق أوباما، بدأوا يقفزون من السفينة قبل سنتين من نهاية حكمه، فخرج وزير العدل أريك هولدر، الشهر الماضي، ووجد نائب مستشارة الأمن القومي انتوني بلينكن نفسه في مواجهة مجلس الشيوخ لتولي منصب وكيل وزارة الخارجية، إلا أنه لم يكن مقرراً يوماً أن يخرج هاغل قبل نهاية حكم أوباما، فالرجل جاء إلى الإدارة بخروجه من التقاعد، وهو يتمتع بثروة جمعها في الصين، قبل دخوله مجلس الشيوخ في العام 1996، وخروجه منه في العام 2008.

لكن الضغط السياسي الداخلي تصاعد في وجه الرئيس الأميركي، وخصوصاً بعد الهزيمة الضخمة التي مني بها حزبه في الانتخابات النصفية مطلع تشرين ثاني/نوفمبر، وفشل الولايات المتحدة في وقف تمدد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي شن هجوماً ضد الرمادي بعد ثلاثة أشهر من الضربات الجوية، التي تكلف الأميركيين حوالي 8 ملايين دولار يومياً. ما دفع باتجاه مراجعة سياسة أوباما في العراق وسوريا، من وجهة نظر غالبية الأميركيين.

ولطالما كان هاغل، على الرغم من انتمائه للحزب الجمهوري، من المؤيدين لـ"تسوية كبرى" مع الإيرانيين، حتى قبل خروجه من مجلس الشيوخ. وهو سبق أن التقى الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في دمشق، ودعا إلى تسوية مع الإيرانيين شبيهة بتلك التي توصلت إليها أميركا مع الصين، في عهد الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون في العام 1972.

وأدى موقف هاغل اللين إلى تقاربه مع زميله السناتور أوباما المرشح للرئاسة، ثم مع الرئيس أوباما الذي عينه وزيراً للدفاع بتكلفة سياسية عالية، إذ تعرض هاغل لهجوم عنيف من مجلس الشيوخ أثناء جلسة المصادقة على تعيينه، ولم يبل بلاء حسناً أمام هجوم زملائه السابقين من الحزبين.

وراح هاغل يشرف على سياسة أوباما القاضية بـ"تقليص" التواجد الأميركي في الشرق الأوسط، وتخفيض موازنة وزارة الدفاع عموماً، ولكنه لم يجد نفسه يوماً في دائرة المقربين من الرئيس، على الرغم من متانة الصداقة التي تجمع بينهما. فهاغل لم يشارك في صناعة قرار تعليق الضربة التي كانت مقررة ضد قوات الرئيس بشار الأسد، على إثر مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق صيف 2012، بل علم بالقرار، الذي اتخذه أوباما بالتشاور مع مسؤولين أدنى مرتبة من هاغل، عبر الهاتف.

والصيف الماضي، كان رئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي هو من أقنع أوباما بضرورة شن ضربات جوية لوقف هجوم تنظيم الدولة ضد كردستان العراقية، بدلاً من أن يلعب هاغل هذا الدور.

ولضعفه وقلة نفوذه، لم تكن مفاجأة، أن يتحول هاغل إلى أول كبش فداء للفشل الذي تعاني منه واشنطن في مجهودها العسكري ضد تنظيم الدولة. هكذا، أرسل أوباما رسالة إلى معارضيه، مفادها أنه يدرك الحاجة لاستبدال وزير دفاعه المحسوب على الحمائم، بآخر من الصقور. بكلام آخر، استقالة هاغل هي بمثابة رسالة وجهها أوباما للأميركيين يقول فيها ضمناً: "أنا فهمتكم"، وسأعمل على تغيير في السياسة الدفاعية في مواجهة تنظيم الدولة.

لكن من يعرف الرئيس الأميركي، يدرك أن تضحيته بهاغل هي عبارة عن مناورة سياسية لا غير. فتعيين خلف له، والمصادقة عليه، وتثبيت الخلف نفسه في المركز، سيستغرق شهوراً قبل التوصل إلى استراتيجية أميركية جديدة لمواجهة التنظيم. وهذا سيكون على غرار المماطلة المستمرة في المفاوضات النووية مع الإيرانيين، التي يبدو أنها تحولت إلى هدف بحد ذاته، وتحولت عملية تمديدها إلى تهدئة سياسية يستفيد منها الطرفان في واشنطن وطهران.

ومن نافل القول، إن تمديد المفاوضات يقلص من الفترة التي يمكن لأوباما رفع العقوبات خلالها على إيران بمراسيم تنفيذية، بعيداً عن موقف الكونغرس الرافض لرفعها، من دون التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني. ومع تمديد المفاوضات إلى حزيران/يونيو، وفي حال تمخضت عن التوصل لاتفاقية نهائية، ما يتيح للرئيس تعليق العقوبات لمدة لا تتجاوز السنة ونصف، حتى خروجه من البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 2017.

استقالة هاغل، كما تمديد المفاوضات مع إيران، تكتيكان متشابهان لرئيس بنى برنامجه السياسي على تقليص النفوذ الأميركي حول العالم، وهو لا يرغب في تعديله، بل يسعى إلى كسب الوقت حتى يحين وقت خروجه من الحكم، لتصبح المشاكل برسم خلفه للتعاطي معها.

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

هيغل أول الضحايا السياسيين للحرب ضد «داعش»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تحول وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل الى أول الضحايا السياسيين للحرب الأميركية المتعثرة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، فقدم استقالته بعد أقل من 21 شهراً على تعيينه وزيراً في فبراير 2013، ليصبح بذلك وزير الدفاع صاحب ثاني أقصر مدة خدمة في منصبه في التاريخ الأميركي.

وعادة يتسابق المسؤولون في أي إدارة الى رمي أنفسهم خارجها في السنتين المتبقيتين في حكم أي رئيس، من قبيل خروج نائب مستشارة الأمن القومي انتوني بلينكن، الذي مثل أمام مجلس الشيوخ في جلسة مصادقة على تعيينه وكيلاً في وزارة الخارجية، في وقت يسعى مسؤولون كثر الى البحث عن مناصب في القطاع الخاص ومراكز الأبحاث المختلفة.

لكن هيغل لم يكن مقرراً ان يكون من هؤلاء، فهو عاد الى السياسة من تقاعده في العام 2008 على إثر ولايتين في مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، وهو كان من المرجح أن يخرج مع الرئيس باراك أوباما من الحكم الى تقاعد نهائي هذه المرة، على غرار وزير الخارجية جون كيري.

لكن هيغل كان متعثراً في منصبه منذ اليوم الأول، فهو قدم أداء مزرياً في جلسة المصادقة على تعيينه امام زملائه السابقين في مجلس الشيوخ. ومع أنه قام بالدور المطلوب منه بالإشراف على انهاء حربي العراق وأفغانستان والاقتطاع من الموازنة السنوية لوزارة الدفاع، عملاً باتفاقيات التقشف بين الرئيس الديموقراطي والمعارضة الجمهورية، الا ان هيغل بقي على مدى الأشهر العشرين الماضية خارج دائرة الثقة المحيطة بالرئيس. فأوباما أبلغ هيغل قراره بتفادي الضربة ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد في سبتمبر 2012، على إثر المجزرة الكيماوية في غوطة دمشق، عبر الهاتف ومن دون ان يستشيره مسبقاً، وبعد ان اتخذ أوباما القرار مع مجموعة من المحيطين به في البيت الأبيض.

كذلك، كان رئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي هو الذي تسبب بتغيير رأي أوباما حول ضرورة التدخل العسكري في العراق في وجه تمدد «داعش» الصيف الماضي، بعد ان تسلل ديمبسي الى الليموزين الرئاسية التي كانت تهم بالعودة من وزارة الخارجية الى البيت الأبيض بعد جلسة لأوباما مع رؤساء الدول الافريقية.

هكذا، لم يساهم هيغل لا في قرار تفادي توجيه ضربة الى قوات الأسد، ولا في قرار توجيه ضربة الى «داعش»، وهو بقي مسؤولاً هامشياً في معظم أيام عمله وزيراً للدفاع، وكان غالباً ما يبدو ملحقاً بديمبسي، اثناء جلسات الاستماع المتكررة التي شارك بها الرجلان في الكونغرس.

وفي سياق استقالة هيغل، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في الإدارة قولهم ان أوباما أراد توجيه رسالة الى الاميركيين مفادها انه أدرك ان الوزير الحالي ليس مناسباً لمهمة الحرب على «داعش»، وأن هيغل تم توظيفه لإنهاء الحروب، وانه لا يملك الرصيد السياسي الكافي او الحنكة لشنها.

وأشارت الصحيفة الى ثلاثة مرشحين لخلافة هيغل هم المسؤولون السابقون في وزارة الدفاع ميشال فلورناي وآش كارتر، والسناتور السابق جاك ريد. وعلمت «الراي» من مصادر في الإدارة الأميركية ان عملية الاختيار انتهت فعلياً، وانه ما لم تحدث مفاجآت في آخر لحظة، من المتوقع لان يعين أوباما ريد خلفا لهيغل.

وسبق لريد ان خدم في فرقة المارينز 82 المحمولة جواً، وهو يتمتع بخبرة عسكرية ممتازة وعلاقات بالعسكر وبالحزبين، ما يجعله الأكثر كفاءة لتولي منصب وزير الدفاع في وقت تتحول الوزارة، والبلاد عموماً، من طي صفحتي الحربين في العراق وأفغانستان الى فتح صفحة الحرب ضد «داعش»، مع ما يعني ذلك من استحصال الموافقات اللازمة من الكونغرس عبر استصدار قانون جديد «يخول استخدام القوة العسكرية».

وكان الكونغرس عقد جلسات استماع مع هيغل وديمبسي وبيلنكن على مدى الأسبوعين الماضيين، لكن أعضاء في الكونغرس وجهوا نقداً لاذعاً للحكومة وقالوا ان إدارة أوباما لم تقدم استراتيجية واضحة يمكن للكونغرس التصويت على أساسها ومنحها تخويلاً لاستخدام القوة العسكرية. وساهم وجود كيري في فيينا للمشاركة في المفاوضات النووية مع إيران في المزيد من التأخير. ومن المتوقع ان يساهم استبدال هيغل في المزيد من التأخير كذلك حتى يتسنى لوزير الدفاع القادم المشاركة في صياغة استراتيجية الحرب الجديدة وتقديمها للسلطة التشريعية والحصول على موافقة للمباشرة بتطبيقها.

وفي اعلانه استقالة وزيره وقد أحاط به نائبه جو بايدن والوزير نفسه، قال أوباما ان الوزير توصل الى استنتاج بان الوقت الحالي «ملائم لإنهاء خدمته».

الكونغرس: الضرائب في أميركا تصاعدية وتعاود توزيع الثروة بين الأغنياء والفقراء

حسين عبدالحسين - واشنطن

في تقرير أنعش اليمين الجمهوري وأسكت اليسار الديموقراطي، اعتبر «مكتب موازنة الكونغرس» أن ضرائب الحكومة الفيديرالية تصاعدية وتقدمية وتنجح في إعادة توزيع الثروة من الأغنياء إلى الفقراء. وأظهر التقرير أن 1 المئة من الأميركيين الأكثر ثراء، يسددون نحو ربع إجمالي الضرائب التي تستوفيها الحكومة، فيما لا تتعدى المساهمة الضرائبية للخُمس الأدنى من السكان، بحسب مدخولهم، الاثنين في المئة من دخولهم.

ويأتي التقرير في وقت ما زالت نظرية الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي حول اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء في العالم الغربي وتأثيرها السلبي على نمو الناتج المحلي، تثير نقاشاً حاداً بين اليمين الجمهوري، الذي يدعو إلى نسبة ضرائبية موحدة على الأغنياء والفقراء ومنخفضة إلى حد أدنى، واليسار الديموقراطي الذي يرى أن نسبة الضرائب على فوائد الأرباح، وخصوصاً من أرباح أسواق المال، منخفضة جداً وتعطي أصحاب الرساميل أفضلية على العمال ومداخيلهم.

واستناداً إلى أرقام عام 2011، احتسب التقرير معدل ما سماه «مدخول السوق» للعائلة الواحدة، أي الذي يتضمن مجموع الرواتب، والمدخول من الأعمال، والمدخول من الاستثمارات، والمدخول من الرواتب الحكومية التقاعدية، الذي بلغ 81 ألف دولار سنوياً. ثم احتسب كمية مدخول العائلة من صناديق الرعاية الاجتماعية مثل الضمان الصحي والطبي والتقاعدي، والذي بلغ 13 ألف دولار. واعتبر أن مجموع الرقمين، أي 94 ألفاً، هو «معدل مدخول العائلة الأميركية قبل حسم ضرائبها».

أما الضرائب المفروضة على كل عائلة أميركية فتتضمن ضريبة الدخل، وضريبة صندوق الضمان الاجتماعي، وضرائب الشركات، والتعريفات الأخرى كالجمركية، ليصل مجموعها إلى 17 ألف دولار للعائلة الواحدة، أي أن معدل مدخول العائلة الأميركية بلغ 77 ألف دولار بعد حسم الضرائب، ما يعني أن معدل نسبة الضرائب يبلغ 17.6 في المئة من مدخول كل منزل أميركي.

ولفت التقرير إلى أن المدخول قبل احتساب الضرائب عام 2011 «لم يكن موزعاً بشكل متساوٍ»، كما أن مدخول الخُمس الأدنى بلغ 25 ألف دولار سنوياً، فيما بلغ مدخول ثلاثة أخماس السكان في الوسط 66 ألفاً، ومعدل مدخول الخمس في رأس القائمة 246 ألفاً. وفيما بلغت ضرائب الخُمس الأدنى اثنين في المئة، كانت الضرائب على الطبقة المتوسطة عند نحو 11 في المئة، فيما سدد أغنى 20 في المئة من الأميركيين ضرائب بلغت 23 في المئة من إجمالي مداخيلهم، ما دفع التقرير الى التأكيد أن «الضريبة الفيديرالية تصاعدية، بمعنى أن المعدل الضريبي يرتفع مع ارتفاع المدخول».

وأشار التقرير إلى أن الأميركيين من أصحاب المداخيل المنخفضة سددوا ما معدله خمسة في المئة من مداخيلهم كضرائب، فيما أنفقت الحكومة عليهم نحو ستة في المئة من نسبة هذه المداخيل. أما أصحاب المداخيل المرتفعة، فسددوا 52 في المئة من مداخيلهم وأنفقت الحكومة عليهم 48 في المئة منها.

وتساءل مكتب الموازنة «كيف أثرت التغيرات في قوانين الضرائب في معدلاتها بين عامي 2011 و2013»، ليجيب بأن الضرائب التي خفضت بمرسوم تشريعي عام 2001، انتهت مفاعيله عام 2011، الذي شهد أيضاً انتهاء مفاعيل خفوضات ضرائبية منحتها الحكومة للطبقة المتوسطة لتنشيط الاقتصاد عامي 2011 و2012. وكذلك، أضافت الحكومة الفيديرالية ضريبة «قانون الرعاية الصحية» مع حلول عام 2013، وكل هذه التغيرات ساهمت في زيادة معدل الضريبة الفيديرالية 1.7 في المئة.

وبقيت الضريبة الأميركية تقدمية، إذ ارتفعت 1 في المئة على معظم الأميركيين، و4.3 في المئة على الواحد في المئة الأكثر دخلاً من الأميركيين. وأضاف التقرير: «مقارنة بعام 1979، ومع أخذ نسب التضخم في الاعتبار، ارتفعت الضريبة على الواحد في المئة الأكثر ثراء 200 في المئة مع حلول عام 2011، أما الـ20 في المئة من الأميركيين الأقل دخلاً، فارتفعت ضرائبهم 48 في المئة فقط خلال الفترة ذاتها».

واعتبر أن الفارق بين الزيادتين على مدى العقود الثلاثة الأخيرة يرتبط أساساً بارتفاع هائل في ثروات الأغنياء، يقابله ارتفاع طفيف للأقل غنى. ولكن الضرائب التصاعدية تلعب دوراً في الفارق كذلك، وفق مكتب الموازنة.

ويخلص التقرير إلى أن «اللامساواة بحسب مقياس جيني هي أدنى في شكل متواصل لمدخول ما بعد الضريبة مقارنة بمدخول ما قبلها»، و«التقديمات الحكومية تقلص اللامساواة في المدخول لأن من يحصلون عليها من أصحاب الدخل المنخفض، يحصلون عليها في شكل أكبر من أصحاب الدخل المرتفع». فعلى سبيل المثال، تقدم الحكومة رعاية طبية (ميديكير)، لأصحاب المداخيل المنخفضة والمتقاعدين، وتقدم قسائم غذائية للمعدمين، وتموّل مآوي نوم للمشردين.

وأضاف: «إذا أخذنا في الاعتبار الفارق الضريبي، يظهر أن الأغنياء يتحملون عبئاً أكبر مما يتحمله الفقراء بسبب إعادة الحكومة الفيديرالية توزيع الدخل، والعطاءات الحكومية والفوارق الضريبية هي في مصلحة أصحاب المداخيل المنخفضة عام 2011 أكثر مما كانت عليه عام 1979، ما يدحض ادعاءات القائلين بأن الحكومة ساهمت في زيادة الأثرياء ثراءً والفقراء فقراً».

وصحيح أن الواقع الحالي يجافي الوصف الذي يطلقه الديموقراطيون على الحكومة ودورها في اتساع الهوة بين الطبقات، إلا أن ما يريد الجمهوريون الوصول إليه من شأنه أن يقوّض الدور التوازني الذي تلعبه الحكومة حالياً، ما يعني أن على الحزبين التراجع عن مطالباتهما واعتبار أن الوضع القائم جيد، ويحتاج فقط إصلاحات طفيفة لا انقلابات جذرية.

مكاسب أوباما في الاتفاقات مع الصين لم تخفف التنافس على شراكات دولية

حسين عبدالحسين - واشنطن 

مئة وستون ألف وظيفة أميركية جديدة و150 بليون دولار من العائدات للشركات الأميركية سنوياً، هي غنائم زيارة الرئيس باراك أوباما الصين ومشاركته في قمة دول آسيا والمحيط الهادئ، وفق التقديرات الأولية في العاصمة الأميركية.

وتنقسم الغنائم الأميركية إلى مئة ألف وظيفة يمكن أن تولدها 60 بليوناً إضــافيــــة من أموال الصينيين الوافدين إلى الــولايات المتحدة سنوياً للسياحة أو الاستشفاء أو العلم، تُضاف إلى حوالى 20 بليوناً سنوياً تجنيها أميركا حالياً.

أما القسم الثاني من الغنائم فهو 100 بليون دولار، يُتوقع أن تجنيها شركات المعلوماتية الأميركية من مبيعات تكنولوجية في الصين، بعد توصل الدولتين إلى اتفاق يقضي بإسقاط التعرفات الجمركية بينهما حول لائحة طويلة من هذه الصناعات.

وتشير التقارير الحالية إلى أن الصين تعتمد في وارداتها الإلكترونية على اليابان وكوريا الجنوبية، وهي الواردات التي تنوي الشركات الأميركية المزاحمة داخل السوق الصينية على زبائن لها. وتتضمن هذه الصناعات أجهزة تحديد المواقع العالمية وأدوات طبية، وألعاباً إلكترونية.

وكانت المحادثات للتخلص من هذه الرسوم الجمـــركية انـــهارت العـــام الماضي بين أكبر اقتصادين في العالم، ليعـــود الطرفان ويتوصلان إلى اختراق في المفاوضات بينهما في الأسابيع المــاضية، أدى إلى ولادة الاتفاق الأخير.

التجارة

ولا يُستبعد أن يؤدي الاتفاق الأميركي - الصيني إلى تبني منظمة التجارة العالمية، خلال اجتماعاتها المقررة في جنيف الشهر المقبل، أكبر خفوضات للرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء للمرة الأولى منذ أكثر من 15 سنة، ما يفضي إلى رفع الرسوم عن تريليون دولار من التجارة العالمية في حقل المعلوماتية والصناعات الإلكترونية.

ولكن، على رغم فتح جزء من أسواق الصين للمبيعات الإلكترونية الأميركية، إلا أنه ليس متوقعاً أن يحـــدث الاتفاق الجديد تعديلاً جذرياً فــــي ميزان المدفوعات بين البلدين الذي يميل في شكل ملحوظ لمصلحة الصين التي تصدر إلى الولايات المتحدة ما قيمته أربـــعة أضعاف من واردات أميركا إليها. وبلغ حجم التجارة بين البلدين 425 بليون دولار الشهر الماضي، وسجل العجز الأميركي فيها 315 بليوناً.

ويتوقع الخبراء أن تبلغ المبيعات الإلكترونية الأميركية الصافية إلى الصين، مع حسم كمية المبيعات الإلكترونية الصينية التي بات يُسمح بدخولها إلى أميركا، حوالى 20 بليون دولار سنوياً، أي أن تبيع أميركا الصين إلكترونيات بقيمة 60 بليون دولار، وأن تستورد منها بـ40 بليوناً.

وفي حال صحت هذه التوقعات، فهي تعني أنها ستساهم في تقليص العجز الأميركي مع الصين بأقل من بليوني دولار شهرياً، وهو رقم ضئيل نسبياً.

وفي الصين أيضاً، توصل أوباما والوفد المرافق له إلى اتفاق مع نظرائهم الصينيين يقضي بخفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري مع حلول عام 2025. والصين هي أكبر منتج لهذه الغازات، تليها الولايات المتحدة. ويضخ البلدان حوالى 40 في المئة من الإنتاج الحراري العالمي.

التلوث

وأعلن أوباما أن بلاده ستخفض انبعاثاتها من الغازات بما يتراوح بين 26 و28 في المئة من إنتاجها الحالي، مقارنة بها عام 2005، مع حلول عام 2025. أما بكين، فتعهدت اقتطاع متقارب مع حلول عام 2030، ولكن من دون أية تفاصيل. ويأتي الاتفاق في وقت من المقرر أن يعقد ممثلو الدول على صعيد الخبراء، اجتماعات لمناقشة الأمور المناخية في باريس الشهر المقبل.

على أن اتفاقات خفض الرسوم الجمركية واقتطاع كميات الغازات المنبعثة، لا تعني تآلفاً وتوافقاً بين الولايات المتحدة والصين، إذ لم يتوانَ أوباما عن عقد اجتماعات، على هامش القمة التي تستضيفها بكين، مع زعماء الدول الـ11 الأعضاء في معاهدة «شراكة عبر الهادئ»، التي تستثني الصين من عضويتها.

وتسعى الولايات المتحدة إلى إقامة منطــقة حرة مع دول من القارات الأميركية والأسترالية والآسيوية تمثل حوالى نصف إنتاج الاقتصاد العالمي. فيما تسعى الصين أيضاً إلى تأسيس مصرف آسيوي يلعب دور البديل من «البنك الدولي»، الذي تتزعمه أميركا، و «بنك التنمية الآسيوي» الذي تتزعمه اليابان.

كما يسعى الصينيون إلى عقد شراكات إقليمية في غرب آسيا واستقطاب الدول الـ21 الأعضاء في «قمة آسيا والمحيط الهادئ» لإقامة منطقة تجارة حرة تقودها الصين، وهو ما يظهر أن المنافسة بينهما لا تزال حامية الوطيس، على رغم التعاون التجاري وربما المناخي بين الدولتين العملاقتين.

الخميس، 20 نوفمبر 2014

فورد: أميركا هي سلاح جو الأسد شرق سورية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

اعتبر السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد ان الولايات المتحدة هي بمثابة سلاح الجو التابع للرئيس السوري بشار الأسد في شرق سورية.

وفي شهادة امام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس تضمنت انتقادات لاذعة للسياسة الأميركية في سورية، توقع الديبلوماسي المتقاعد ان «تتمتع الدولة الإسلامية (داعش) بقاعدة آمنة، في شرق سورية ووسطها، في المدى المنظور»، معتبرا ان «العمق الاستراتيجي الذي ستتمتع به الدولة الإسلامية في سورية سيعرقل جهود تدمير قواتها في العراق».

وبينما كان فورد، ومسؤولون سابقون آخرون، وخبراء، وأعضاء الكونغرس من الحزبين يشنون هجوماً لاذعاً ضد سياسة أوباما في سورية والعراق في قاعات مجلس النواب جنوبي مبنى الكابيتول، كانت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، شمالي الكابيتول، تقذع نائب مستشارة الأمن القومي انتوني بلينكن، الذي حضر جلسة للمصادقة على تعيينه في المنصب الثاني في الخارجية، خلفا لوكيل الوزارة المتقاعد بيل بيرنز.

في مجلس النواب، قال فورد: «نحن ندك مواقع الدولة الإسلامية في كوباني، حيث تقاتل مجموعة كردية مرتبطة بتنظيم بي كي كي الإرهابي، ونحن سلاح الجو للكرد على الرغم من ان ذلك يثير غضب الترك، الذين تمثل مساعدتهم ضد الدولة الإسلامية عاملاً حيوياً إذا ما قررنا القضاء على تنظيم الدولة».

وتابع فورد: «لم نهاجم ابدا الدولة الإسلامية بالقرب من حلب حيث تواجه مقاتلين سوريين معتدلين»، مضيفا: «يقاتل المعتدلون على جبهتين ضد الأسد وضد الدولة الإسلامية، وهم لم يستفيدوا من أي من ضرباتنا الجوية».

عوضا عن ذلك، يقول فورد: «آذت عملياتنا الجوية في شمال سورية الغربي المجموعات المسلحة المعتدلة بشكل مباشر، وضرباتنا ضد عناصر من جبهة النصرة أدى الى اشتباه جبهة النصرة بأن المعتدلين الذين ساعدناهم، هم في الواقع طابور أميركي خامس ضد الجهاديين، فشنت الجبهة قبل أسبوعين هجوماً استباقياً ضد العناصر المعتدلة شمالي غربي سورية، وقضت عليهم بشكل كبير».

وأضاف: «لم نحذر المقاتلين المعتدلين من عواقب استراتجيتنا، فكانوا غير مستعدين وتفاجأوا بالضربات الجوية، وبرد جبهة النصرة ضدهم»، مستغربا عدم تنسيق واشنطن استراتجيتها مع هؤلاء المقاتلين المعتدلين ان كانت تحسبهم حلفاءها.

ومما قاله فورد، في شهادته التي حازت اهتماماً واسعاً بين أعضاء الكونغرس وفي الأوساط المعنية بالسياسة الخارجية في واشنطن، ان مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة مضغوطون بين نظام الأسد والجهاديين، وانهم لن ينجوا ان استمرت مقاربة أميركا – التحالف الدولي على هذا الشكل.

وتابع فورد عن الثوار المعتدلين: «معنوياتهم بالأرض فهم معزولون سياسيا لأن اللوم يقع عليهم باتهامهم انهم عملاء أميركا عندما يتعرض معارضي الأسد الآخرين للقصف الجوي الأميركي»، موضحا انه «في أشهر قليلة، أشك ان يبقى معارضة معتدلة شمال» سورية.

واقعيا، يعتقد فورد انه «إذا لم نعدل تكتيكاتنا بشكل جذري، لن ينجح المعتدلون في احتواء جهاديي النصرة والدولة الإسلامية، حتى لو قررنا يوما ما تدريب خمسة او عشرة الاف مقاتل (من المعتدلين)».

في هذه الاثناء، يرى السفير السابق أن «نظام الأسد يفتقر للعدد الكافي لاستعادة شمال سورية الشرقي، وحتى لو تمكن من حشد العدد المطلوب، فقوات النظام السوري تتقدم فقط بمساعدة قوات الإيرانيين وحزب الله، ووجود قوات ايران وحزب الله شرق سورية يثير الشبهات عند العرب السنة غرب العراق من ان ايران ووكلاءها يحاصرونهم من الشرق والغرب، وهو ما يعرقل المجيء بالعراقيين السنة العرب للمشاركة في القتال ضد الدولة الإسلامية في الجبهة الشرقية (غرب العراق)»، وهو ما يعطي، برأي فورد، «قاعدة آمنة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام للبقاء شرق ووسط سورية في المستقبل المنظور».

في هذه الاثناء، كان بلينكن يصارع الشيوخ، من الحزبين، الذين جعلوا منه «حفلة شواء»، حسب التعبير الأميركي. وحاول بلينكن، الذي عقد جلسة مغلقة مع الشيوخ أنفسهم سبقت المفتوحة، القول ان الإدارة تطلب تخويلاً جديداً لاستخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، ولكن بمهلة زمنية غير مفتوحة ومحددة يصار الى الطلب الى الكونغرس تجديدها في حال اقتضت الحاجة.

لكن كبير الأعضاء الجمهوريين، ورئيس اللجنة ابتداء من أول يناير، السناتور بوب كوركر وصف، في حديث الى الصحافيين، خطة أوباما العسكرية لمواجهة داعش «بالنصف مخبوزة»، وقال ان أعضاء الإدارة «لا يطلبون تخويلاً، وليسوا مستعدين لطلبه لأنه ليس لديهم استراتيجية بعد، ولا يمكن أبدا ان يحصلوا على تخويل استنادا الى ما قدموه».

ولم يوفر الديموقراطيون سهامهم الموجهة للبيت الأبيض، فعبر السناتور كريس كونز عن «مشاركة الإحباط» مع الجمهوريين لأن استراتيجية الادارة مازالت «قيد التطوير»، مشيرا الى ان سفر وزير الخارجية جون كيري الى فيينا للمشاركة في المفاوضات النووية مع إيران أدى الى تأجيل مناقشة الاستراتيجية والتخويل المطلوب.

بلينكن، بدوره، استبعد التوصل لاتفاق مع الإيرانيين مع نهاية مهلة اتفاقية جنيف المؤقتة الاثنين. وقال: «الأمر يعتمد بشكل كلي على إذا ما كانت إيران مستعدة لاتخاذ خطوات عليها ان تتخذها لإقناعنا، واقناع شركائنا، ان هذا البرنامج (النووي) سيكون لغايات سلمية بحتة». وختم: «ونحن نتحدث، لم نصل الى تلك النقطة مع إيران».

الأمير متعب بحث مع أوباما دور إيران «المزعزع» في المنطقة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لا يمنح البيت الأبيض عادة لقاءات مع الرئيس الأميركي الا لرؤساء الدول او رؤساء الحكومات، بصفتهم رأس السلطة التنفيذية في بلادهم، لكن للمملكة العربية السعودية استثناء، كما حصل في استقبال الرئيس باراك أوباما لرئيس الحرس الوطني ونجل العاهل السعودي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، أول من أمس.

وبعد اللقاء، قال الأمير متعب للصحافيين: «لقد سعدت بلقاء الرئيس باراك أوباما، وكان لقاء حميما ووجدت من الرئيس كل تقدير ومحبة لخادم الحرمين الشريفين ولشعب المملكة العربية السعودية». وتابع الأمير ان «العلاقات السعودية - الأميركية هي علاقات وثيقة ومتميزة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية كافة».

بدوره، أصدر «مجلس الأمن القومي» بيانا جاء فيه ان اللقاء كان مناسبة «لمناقشة مصالحنا المشتركة والتطورات في المنطقة». وأضاف البيان ان أوباما «شدد على قوة ومتانة الشراكة» بين البلدين، وانه عبر عن تقديره لمساهمة السعودية في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش).

وتابع بيان البيت الأبيض ان أوباما أشار الى «الدور السعودي الحساس في الحفاظ على السلام والأمن الإقليمي، بما في ذلك انخراطها أخيرا مع الحكومة العراقية الجديدة». وختم البيان:«كذلك ناقش الرئيس والأمير متعب جهودنا لدعم الاستقرار في اليمن، والرد الدولي لمكافحة وباء الايبولا، وتقوية الصحة والأمن حول العالم، ووضع المفاوضات النووية بين مجموعة دول خمس زائد واحد إيران».

وفي الكواليس، رددت الأوساط الأميركية ان إيران تصدرت النقاش بين الرجلين، وان الأمير متعب كرر مواقف السعودية ورؤيتها تجاه الدور المزعزع الذي يقوم به النظام الإيراني في المنطقة، وخصوصا عبر«احتلال إيران»لسورية، وتدخلها في شؤون اليمن والعراق ولبنان.

وأضافت الأوساط الأميركية ان الأمير متعب عبر للرئيس الأميركي عن دعم السعودية لأي اتفاقية مع إيران تؤدي الى رضا وكالة الطاقة الذرية الدولية، التي تصدر بيانات متوالية تشير فيها الى استمرار طهران في عدم التعاون. وتابعت المصادر الأميركية ان الرئيس الأميركي، الذي صار يلقى معارضة حتى من حزبه الديموقراطي تجاه المفاوضات مع إيران، شكر ضيفه السعودي على»ثقة السعودية بالولايات المتحدة، معربا عن ان واشنطن ستكون دوما محل ثقة للملكة وان الولايات المتحدة ستدافع دوما عن أمن السعودية ومصالح البلدين المشتركة».

الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

الجمهوريون والديموقراطيون يشنّون هجوماً ضد التوصل إلى اتفاقية دولية دائمة مع طهران

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

مع اقتراب مفاعيل اتفاقية جنيف الموقتة مع إيران من الانتهاء الاثنين المقبل، شن الحزبان الأميركيان الجمهوري والديموقراطي، عبر الكونغرس ومراكز الأبحاث، حملة مكثفة ضد التوصل الى اتفاقية دولية دائمة مع طهران لا تؤدي الى تفكيك البرنامج النووي الايراني بالكامل، وحملوا الرئيس باراك أوباما وادارته مسؤولية الانخراط في مفاوضات من دون استشارة الكونغرس، محذرين من إمكان التوصل الى اتفاقية لا تمثل توقعات الاميركيين.

«نحن نتعامل مع الشيطان والوقت ينفذ منا»، قال رئيس اللجنة الفرعية لشؤون الإرهاب الجمهوري تيد بو، في جلسة استماع خصصها لإيران، مضيفا انه «لا يمكن التوصل الى اتفاقية مع الإيرانيين من خلال محادثات خلف أبواب موصدة وبعيدا عن الرأي العام ومراقبة» الكونغرس. وتابع بو ان «عواقب وخيمة ستنتج عن هذه المفاوضات» وان الشعب الأميركي يتوقع ممثليه ان يكونوا على اطلاع على تطوراتها.

وأضاف: «يتوجب ان يوافق الكونغرس او لا يوافق على أي اتفاقية محتملة مع إيران»، مقدما ما اسماه «شكل الاتفاقية التي قد تكون مقبولة» والتي يجب ان يتصدرها «تفكيك إيران لبينتها النووية غير الشرعية»، وكشفها عن كل «نشاطاتها النووية السابقة بما في ذلك البعد العسكري المحتمل». وقال بو ان «سلطة التفتيش يجب ان تكون أكبر من تلك التي تمتع بها وكالة الطاقة الذرية الدولية حاليا»، وعلى المجتمع الدولي ان ينتدب «فريق تفتيش دائم في إيران يكون مسموحا له الذهاب الى حيث يشاء، ليرى أي شيء يشاء، في أي وقت يشاء».

واعتبر رئيس اللجنة ان الاتفاقية مع إيران يجب ان تغطي موضوع صواريخها الباليستية، فهذه الصواريخ هي التي تستخدم في الأسلحة النووية، مضيفا ان أي اتفاقية مع إيران يجب ان تؤدي «لا الى تجميد برنامج إيران النووي، بل الى تفكيكه»، وقال ان «عدم التوصل الى ذلك هو ليس اتفاقية سيئة، بل اتفاقية خطيرة».

ثم تحدث كبير الأعضاء الديموقراطيين في اللجنة براد شيرمان، وهو أحد عرابي مشروع قانون فرض عقوبات مالية على «حزب الله» اللبناني، الا ان مشروعه يصطدم منذ فترة برفض البيت الأبيض، وقال شيرمان متوجها لـ بو: «أوافق معك ان أي رفع للعقوبات على إيران يجب ان تتم المصادقة عليه في الكونغرس»، مضيفا انه يتمنى ان يعلم الإيرانيون ان أي رفع للعقوبات يقدمه هذا الرئيس لا يمكنه ان يستمر مستقبلا، اي بعد خروج أوباما من الحكم في يناير 2017.

وتظهر تصريحات شيرمان مدى الفجوة التي صارت تفصل بين أوباما وأعضاء حزبه في الكونغرس الذين صاروا يطالبون رئيسهم علنا بعدم القيام بأي خطوات منفردة تجاه الإيرانيين من دون علم وموافقة الكونغرس.

وتابع شيرمان ان رفع العقوبات يجب ان يكون بناء على «كل حالة على حدة»، بالترافق مع تجاوب طهران، والا يكون «رفعا شاملا». وقال شيرمان انه لا يعتقد ان الإيرانيين جاؤوا الى طاولة المفاوضات بسبب العقوبات، بل هم جاؤوا «للقيام برقصة كابوكي»، وهي رقصة مسرحية يابانية نسبة الى اليابانيين الذين تلكأوا في التوصل الى معاهدة سلام مع الاميركيين في الستينات بعد أكثر من عقد على انتهاء الحرب العالمية الثانية.

بعد شيرمان تحدث عضو الكونغرس الجمهوري جو ويلسون، وقال انه سعيد لرؤية «توافق غير مألوف عادة» بين الجمهوريين والديموقراطيين في اللجنة حول الموضوع الإيراني. واقتبس ويلسون من تصريح للسناتور الجمهوري ليندسي غراهام قال فيه ان «على هذه الإدارة ان تعي ان النظام الإيراني مهتم بإضعاف أميركا واخراجنا من الشرق الأوسط أكثر من التعاون معنا...وحتى ندرك هذا الواقع ونقدم سياسة تواجه النفوذ الخبيث للنظام الإيراني، سنستمر بالتسبب في الأذى لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة».

بدوره، حمل العضو الجمهوري آدم كيزينغر إيران مسؤولية مقتل نصف الجنود الاميركيين في العراق بتزويدها عبوات ناسفة للمقاتلين العراقيين. وكيزينغر هو عقيد طيار وسبق ان خدم في العراق وأفغانستان.

ومع ان أوساط الإدارة لم تستبعد إمكان تمديد ثان للمفاوضات، في الغالب لمدة شهرين تنتهي في 24 يناير، الا ان التكلفة السياسية للرئيس باراك أوباما - خصوصا امام الكونغرس الذي ينقلب جمهوريا في الكامل مع بدء يناير- ستصبح كبيرة جدا لأي تمديد او الفشل في التوصل الى اتفاق مقنع للكونغرس بحزبيه.

الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

هل يستمر أوباما في حماية "حزب الله" من العقوبات؟

حسين عبدالحسين

مشروع قانون "منع التمويل الدولي عن حزب الله للعام 2014" هو نص قدمته في أيار الماضي في مجلس الشيوخ السناتور الديموقراطية جين شاهين، زوجة المحامي الأميركي من أصل لبناني بيل شاهين. ولأن قانوناً من هذا النوع يحظى عادة بدعم واسع لدى الجمهوريين، شاركت في تبنيه مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، تصدرهم الجمهوري ماركو روبيو.

ومع مرور الأسابيع، اتسعت دائرة المؤيدين بين الأعضاء حتى تعدت الخمسين، من أصل مئة عضو، مع نهاية تموز. الا انه على الرغم من تبني الغالبية لمشروع القانون، الذي تمت قراءته في جلسة عامة وإحالته الى اللجان المختصة، بقي عالقاً في اللجان من دون أي مبرر واضح. حتى شاهين قالت لمقربين إنه على الرغم من محاولاتها الحثيثة، لم تنجح في تحديد من الذي يعطل عملية الإقرار. في هذه الحالة، تتجه الشبهات نحو "القيادة" وزعيمها في مجلس الشيوخ الديموقراطي هاري ريد، الذي يبدو انه بإيعاز من الرئيس باراك أوباما، أوحى الى رؤساء اللجان بإشاحة نظرهم عن القانون ورميه على رفوف النسيان. وتجميد أوباما لقانون العقوبات على "حزب الله" يتماهى مع طلبه من ريد تجميد مشاريع قوانين مشابهة، مثل قانون جديد للعقوبات على إيران في حال فشل التوصل الى اتفاق نووي معها.

 وعملية تجميد القوانين التي قد تثير حفيظة طهران تتماهى أيضاً مع قرار الرئيس الأميركي عدم القيام بأي مجهود عسكري – مباشر عن طريق استخدام سلاح الجو الأميركي او غير مباشر عن طريق تسليح المعارضة السورية – ضد الرئيس السوري بشار الأسد والقوات الموالية له. هكذا، بمساعدة الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، أوصد أوباما الأبواب في وجه أي محاولات لفرض عقوبات او لتصعيد سياسي ضد إيران او حلفائها في سوريا ولبنان.

لكن اكتساح الجمهوريين للكونغرس بغرفتيه، الشيوخ والنواب، مطلع هذا الشهر، قلب ميزان القوى والمزاج العام بطريقة دفعت الديموقراطية اليزابيث وارن، الأسبوع الماضي، الى إضافة اسمها الى لائحة عرابي مشروع القانون، لتصبح العضو رقم 58 الذي يتبناه. وفي حال وصل العدد الى 60، وهو أمر مرجح، يمكن للمؤيدين حينذاك اجبار اللجان وريد على مناقشة القرار والمصادقة عليه. كما تنتزع أكثرية الستين عضوا صلاحية النقض "الفيتو" التي يمكن لأوباما ممارستها ضد أي قانون يصله من الكونغرس، وتجبره على التوقيع عليه كقانون نافذ.

 وارن هي من أكثر أعضاء المجلس معارضة لحربي العراق وأفغانستان ولأي نشاط عسكري أميركي حول العالم وهي من الذين يعتبرون على يسار الرئيس الأميركي في السياسات الداخلية والخارجية، وفي تبنيها مشروع القانون إشارة الى ان المزاج الأميركي العام ينقلب، وأن الديموقراطيين قد لا يلتزمون إصرار أوباما على حماية إيران وحلفائها من قوانين عقوبات جديدة، وانهم قد يسبقون الجمهوريين في المصادقة على هذه القوانين. ماذا يعني إقرار القانون فعليا؟ يعني ان الولايات المتحدة وحلفاءها، الذين يسيطرون على الجزء الأكبر من النظام المصرفي العالمي، يمكنهم تجميد عمل أي مؤسسة يتم اتهامها بالتعامل مع "حزب الله".

حتى اليوم، العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة الأميركية تنحصر بمن تعتبرهم واشنطن أعضاء في الحزب او مؤسسات تابعة له. لكن القانون الجديد يفرض عقوبات على "كل من يتعامل" مع "حزب الله" او مؤسساته او أعضائه، أي ان الحكومة اللبنانية نفسها ومصرف لبنان والقطاع المصرفي بأسره قد يصبحون عرضة لخطر فصلهم من النظام المالي العالمي. على أن لأوباما صلاحية اختيار ما يتم تطبيقه من العقوبات حتى لو أقر الكونغرس القانون، فالقانون يطلب من الحكومة تحديد المؤسسات او الأشخاص التي ينطبق عليها الوصف المحدد واختيار نوع العقوبات التي تشملها، ما يعني ان تطبيق القانون رهن تفسير الحكومة. 

والأمر نفسه ينطبق على العقوبات التي تفرضها واشنطن حالياً على إيران، اذ يمكن للرئيس الأميركي تعليق ما يشاء منها ساعة يشاء. حماية أوباما لإيران و"حزب الله" من المتوقع ان تستمر حتى خروجه من البيت الأبيض في كانون الثاني 2017. بعد ذلك، يصبح استمرار الحماية بيد الرئيس الجديد ورؤيته للأمور وسياسته الخارجية. فهل يستمر أوباما في حماية "حزب الله" من العقوبات؟ أم ان انهيار المفاوضات النووية مع إيران سيدفعه الى تأزيم الأمور والاذعان للكونغرس؟ 

حظوظ التوصّل إلى اتفاقية مع إيران 40 إلى 50 في المئة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تكتمت أوساط البيت الأبيض عن اجتماع مجلس الأمن القومي الذي ترأسه الرئيس باراك أوباما، أول من أمس، إثر عودته من جولة آسيوية شملت الصين وبورما وأستراليا. ورغم تزايد الحديث حول سياسة أميركية جديدة في سورية، لم ترغب مصادر الإدارة في التعليق حول الموضوعين الإيراني او السوري بعد نهاية الاجتماع.

وقال مسؤولون كبار في الإدارة لصحيفة «نيويورك تايمز» ان حظوظ التوصل لاتفاقية مع إيران تبلغ «40 الى 50 في المئة»، وهي نسبة ضئيلة قياسا الى التفاؤل الذي عمدت الإدارة الى بثه حول المفاوضات على مدى العامين الماضيين. كما نقلت الصحيفة عن مقربين من أوباما قوله انه في نهاية المطاف، تشكل الاتفاقية مع الإيرانيين «خيارا سياسيا» لطهران، بغض النظر عن التفاصيل التقنية للموضوع النووي.

وتوصلت غالبية من المعنيين الاميركيين بالشأن الإيراني الى نتيجة مفادها ان طهران ومرشدها علي خامنئي لا ينحون في اتجاه التوصل الى اتفاقية، يترافق ذلك مع رغبة روسية في عرقلة الاتفاق حتى تبقى روسيا في المجموعة الدولية، بعدما فرض عليها الغرب شبه عزلة في المجموعات الدولية الأخرى. كذلك، تعتقد غالبية من المتابعين الاميركيين ان فرنسا لن تقبل باتفاقية نووية الا بشروط صارمة لا يرجح ان توافق عليها إيران، ما يستبعد فرضية التوصل الى اتفاقية الاثنين المقبل، موعد انتهاء مفاعيل اتفاقية جنيف الموقتة.

في الشأن السوري، رصدت «الراي» حركة ديبلوماسية داخل العاصمة الأميركية تقودها فرنسا وتركيا، تترافق وحركة داخلية تسعى لإقناع أوباما وفريقه بضرورة تكرار نموذج انقاذ كوباني من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في حلب ضد قوات الأسد وحلفائه.

وتشير أحدث التقارير في العاصمة الأميركية الى ان القوات الكردية السورية والعراقية، ومقاتلين من «الجيش السوري الحر»، تساندهم مقاتلات التحالف الدولي، نجحوا في قلب المشهد في كوباني، وفي طرد مقاتلي «داعش» من نحو 70 في المئة من المدينة واستعادة غربها وجنوبها وجنوبها الشرقي، ما يعني ان «داعش» لا يزال مسيطرا على مناطق في الوسط والشرق فقط.

وكان المرصد السوري لحقوق الانسان قد أشار الى سقوط قرابة 1200 قتيل منذ اندلاع المعارك في كوباني، 33 منهم من الثوار السوريين، و700 من «داعش» 23 منهم في هجمات انتحارية.

عن حلب، تحدثت التقارير الأميركية عن الثوار السوريين ممن قامت «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إي) بتدريبهم، ومعظم هؤلاء يقاتلون في حلب اليوم. وتشير التقارير الى ان الوكالة دربت 400 مقاتل شهريا، على مدى السنتين الماضيتين. ومن المقرر ان تتسلم وزارة الدفاع (البنتاغون) عملية التدريب هذه في معسكرات في السعودية والأردن.

اما الفارق الأبرز بين برنامجي التدريب هو انه فيما كانت «سي آي إي» تدرب افرادا على القتال، سيعمد البنتاغون الى تدريب فرق عسكرية متكاملة، يبلغ عديد الواحدة منها خمسة الاف مقاتل، يتم تخريجهم سنويا ابتداء من نهاية العام المقبل، ويتم تجهيزهم بالسلاح وانشاء قيادة عسكرية لهم بما في ذلك وحدة «قيادة وسيطرة» تأتمر بأوامر المعارضة السياسية في الخارج.

وحتى وصول طلائع الكتائب التي ستدربها وزارة الدفاع الأميركية، يستمر ميزان القوى مائلا، وان بشكل طفيف لمصلحة قوات الأسد، المشكلة من وحدات من الجيش النظامي، وميليشيات «قوات الدفاع المدني» و«البعث» السوريتين، و«حزب الله» اللبناني، فضلا عن مقاتلين إيرانيين وافغان، حسب آخر التقارير الصادرة عن «معهد جيمي كارتر».

ويقول التقرير المذكور انه منذ مارس 2014، تتقدم قوات الأسد من الناحية الشرقية لحلب باتجاه الشمال الغربي، «وبسرعة 2 كيلومتر في الشهر»، بهدف السيطرة على الناحية الشرقية للمدينة ومحاصرة الاحياء التي تسيطر عليها قوات المعارضة في الشمال الشرقي والجنوب الغربي.

ويوضح التقرير: «بالنظر الى الوقت الذي استغرقه تقدم القوات الحكومية، من غير المرجح ان تنجح هذه في محاصرة المعارضة في حلب في وقت قريب»،، مضيفا ان «التقدم بهذه الوتيرة سيستغرق أشهرا كثيرة وسيأتي بتكلفة عالية جدا».

ويتابع المركز ان قوات الأسد قد تتوقف عن التقدم وتعمد الى تثبيت سيطرتها على المناطق التي انتزعتها من الثوار خوفا على خطوط إمداداتها من هجوم معاكس ممكن ان يقوم به الثوار من الغرب او داعش من الشرق.

ويعتبر التقرير انه فيما كانت قوات الأسد والمعارضة منشغلة في القتال بينها للسيطرة على 40 كيلومترا مربعا في حلب، «توسعت قوات داعش مئات الكيلومترات في مناطق الحكومة والمعارضة، وقتلت المئات من الطرفين»، وان نظرة الى خريطة شمال سورية الشرقي تظهر ان «داعش» يمثل تهديدا جديا للمعارضة وللحكومة، وانه مع نهاية المعارك في كوباني، قد يتحول تركيز «داعش» ناحية حلب ويشن هجمات للسيطرة عليها.

الاثنين، 17 نوفمبر 2014

هل تؤثر مستشارة أوباما المولودة في إيران على آرائه؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين

فاليري جاريت هي أكثر المستشارين قربا الى الرئيس باراك أوباما وزوجته ميشال، اذ تجمعها بهما صداقة تعود الى العام 1991 عندما منحت جاريت وظيفة لميشال روبنسن في مكتب عمدة المدينة في شيكاغو. بعد ذلك، قدمت ميشال مديرتها جاريت الى خطيبها باراك أوباما، ونشأت صداقة بين الثلاثة قامت بعدها جاريت بفتح أبواب السياسة في شيكاغو للمحامي الشاب، الذي أصبح في ما بعد سناتور في مجلس الولاية، فسناتور في مجلس شيوخ الكونغرس، فرئيسا للولايات المتحدة.

وجاريت، وهي محامية تعمل في قطاع العقارات، ناشطة أيضا في العمل العام في مدينتها شيكاغو، المعروفة في الماضي بفساد طبقتها السياسية وارتباطها بالمافيا الإيطالية – الأميركية، مثل ابن شيكاغو آل كابوني، والذي يرتكز فيلم «العراب» الشهير على شخصيته. ولفساد سياستها، اكتسبت شيكاغو، التي تقع على ضفاف بحيرة ميشيغان الضخمة، لقب «بيروت على البحيرة».

ومنذ وصوله الى البيت الأبيض، استعان أوباما بعدد لا بأس به من طبقة شيكاغو السياسية من أمثال عضو الكونغرس سابقا وعمدة المدينة حاليا رام ايمانيويل، الذي عمل رئيسا لموظفي البيت الأبيض ولعب دورا محوريا في دفع الكونغرس الى المصادقة على «قانون الرعاية الصحية» في العام 2009. وخلف ايمانيويل في منصبه سلفه في عمادة شيكاغو ورئيس جاريت سابقا ريتشارد دالي، ابن عمدة المدينة الأسطوري الذي يحمل الاسم نفسه والذي بقي في منصبه بين 1955 و1976.

لكن حتى ايمانيول، المعروف بذكائه في السياسة، لم ينجح في التعايش مع جاريت، وحاول تعيينها في منصب سناتور عن ولاية ايلينوي، في المنصب الذي خلفه أوباما ابان فوزه بالرئاسة. لكن أوباما رفض ذلك، وقال لمقربين انه لا يستطيع اخراج جاريت من «الجناح الغربي» لأن ميشال تريدها هناك.

على ان جاريت هي التي أخرجت ايمانيول من منصبه، وبقيت هي المستشارة الأقرب للرئيس وزوجته. وراحت جاريت، يقول العارفون، تبني فريقا محيطا بها من الموالين لها، فتحول فريق أوباما من فريق مبني على خبرات استعان بها من فريق سلفه بيل كلينتون الى فريق يتألف من أعضاء يؤيدون جاريت ويؤيدونه ولا يشككون في آرائهما. وجاريت نفسها هي ممن يعرفون بـ «يس ومان»، أي ممن يوافقون أوباما في كل ما يقوله، وتحولت، حسب مجلة «نيو رببليك»، الى «المهندس الأبرز للفقاعة البارزة وأحيانا الخانقة» التي صار أوباما يعيش فيها والتي تعزله عن العالم وواقعيته.

اما في ما يعني السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فيجدر ذكر ان جاريت هي من مواليد مدينة شيراز الإيرانية في العام 1956، حيث كان والدها يعمل ضمن بعثة أميركية حكومية للأطباء الأميركيين الى المناطق النامية حول العالم. وعاشت جاريت في إيران حتى الثامنة من عمرها عندما عادت عائلتها للعيش في مدينة شيكاغو.

ومع ان جاريت من الناشطين في شؤون السياسة الداخلية الأميركية، الا ان من يعرفونها يقولون انها تتحدث الفارسية، وأنها غالبا ما تحكي عن اعجابها بإيران، كحضارة قديمة وكدولة معاصرة وكثقافة غنية. ويقول هؤلاء ان جاريت من القائلين ان الولايات المتحدة هي السبب في توتر العلاقة مع إيران بسبب الانقلاب العسكري في إيران، الذي رعته مع بريطانيا وأطاح برئيس الحكومة محمد مصدق في العام 1953.

ويبدو ان رأي جاريت في إيران وفي ضرورة استعادة العلاقة الأميركية معها خلف اثرا في موقف أوباما، غير المعروف بطول باعه في شؤون السياسة الدولية.

وفي نوفمبر الماضي، على إثر توقيع اتفاقية جنيف المؤقتة بين مجموعة دول خمس زائد واحد وإيران، والتي قضت بتجميد الأخيرة أجزاء من برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات الدولية المفروضة عليها، تناقلت وسائل الاعلام الإسرائيلية خبرا مفاده ان جاريت هي التي أشرفت على قناة المفاوضات السرية بين الاميركيين والإيرانيين في سلطنة عمان، والتي أفضت في ما بعد الى توقيع المعاهدة المؤقتة في جنيف. الا ان البيت الأبيض نفى الخبر في حينه نفيا قاطعا.

اليوم، مع تزايد الحديث عن إعادة خلط أوراق في فريق أوباما، بما في ذلك تقاعد وزير دفاعه تشاك هيغل واستبداله بنائبته السابقة ميشال فلورنوي، وتعيين نائب مستشارة الأمن القومي انتوني بلينكن في المنصب الثاني في وزارة الخارجية خلفا للمتقاعد بيل بيرنز، واستبدال وزير العدل أريك هولدر بلوريتا لينش، تصاعدت الدعوات في الاعلام الأميركي لضرورة عزل جاريت.

لكن جاريت لا يبدو انها تنوي فراق عائلة أوباما حتى «يطفئون الأضواء في البيت الأبيض عند خروجهم منه في يناير 2017»، حسب صحيفة بوليتيكو، التي نشرت مقالة بعنوان «اطرد فاليري جاريت».

لكن جاريت باقية، وكذلك المفاوضات مع إيران، رغم انه بسبب الرفض الإيراني لبرنامج نووي يكون بمثابة «زينة او ديكور»، على حد تعبير أحد المسؤولين الإيرانيين، لا يبدو ان المفاوضات ستؤدي الى أي اتفاقية مع المجموعة الدولية، او رفع عقوبات، او الى عودة العلاقات الأميركية الإيرانية الى ما كانت عليه قبل العام 1979.

ومع بقاء جاريت، يبقى الفريق المؤيد للمفاوضات، داخل الإدارة وخارجها ناشطا. وفي هذا السياق، رصدت صحيفة «واشنطن فري بيكن» ايميلا داخليا ارسله مسؤول في مركز أبحاث «مشروع ترومان للأمن القومي» يحث فيه زملاءه على التصدي «لصقور المحافظين الجدد الذين يريدون ارسال بلدنا الى حرب (مع إيران) فقط للقضاء على الرئيس (أوباما)».

وتوجيه أصابع اللوم الى «المحافظين الجدد» في عرقلة التوصل الى اتفاق هو أحد أساليب اللوبي المؤيد للنظام الإيراني داخل العاصمة الأميركية، وهي العبارة ذاتها التي يرددها زعيم هذا اللوبي تريتا بارسي في مقالاته واطلالاته الإعلامية.

أما أبرز أعضاء «مجلس إدارة» مركز الأبحاث المذكور فيتضمن فلورنوي، المرشحة لخلافة هيغل، والمسؤول السابق في وزارة الدفاع كولين كال، وهو أحد مهندسي مشروع «تسليح أميركا للجيش اللبناني» وضرورة التنسيق بينه وبين «حزب الله».

الى أي مدى تؤثر جاريت على رأي أوباما في موضوع إيران؟ وماذا يحدث ان رفضت إيران نص الاتفاقية المطروحة مع حلول 24 الجاري موعد انتهاء مفاعيل الاتفاقية المؤقتة؟ وهل يمكن ان يؤدي فشل المحادثات مع إيران الى تصلب أوباما ضدها، أم ان جاريت ومجموعاتها داخل وخارج الادارة ستنجح في إبقاء الرئيس الأميركي مراهنا على طهران؟

خبير للجنة في الكونغرس: الحيوية السياسية تعرقل جهود وقف تمويل كويتيين للإرهاب

واشنطن - من حسين عبدالحسين

اعتبر الباحث في «معهد الشرق الأوسط لدراسات الشرق الأدنى» ماثيو ليفيت ان «الحيوية السياسية» في الكويت تجعل من مهمتها وقف تمويل «تنظيمات إرهابية في سورية» أمراً أكثر صعوبة من باقي دول المنطقة.

وقال ليفيت، في شهادة امام لجنة الكونغرس للخدمات المالية، ان «الكويت هي مركز التمويل» لهذه التنظيمات، وان أي محاولة حكومية جدية لوقفها قد تصطدم بغضب قوى سياسية.

واوضح ليفيت ان بعض الدول الخليجية، مثل الكويت، تعتقد ان المصادقة على قوانين تحظر هذا النوع من التمويل «يقفل القضية»، وانه «في العام 2013، تمت المصادقة على قانون كويتي يجرم تمويل الإرهاب، ويسمح بتجميد الأصول، ويخلق وحدة استخبارات مالية، لكن مع ذلك، تصف وزارة الخزانة (الأميركية) الكويت بمركز تمويل المجموعات الإرهابية في سورية».

وقارن ليفيت بين الكويت وقطر، وقال ان الكويت أكثر حيوية سياسياً، ما يعني ان «أي محاولة جدية لوقف تمويل الإرهاب ستصطدم حتما بغضب السياسيين ورجال الدين السلفيين الأقوياء، وكذلك بالغالبية السنية التي تنتقد الحكومة لعدم تقديمها مساعدات عسكرية كافية لدعم المعارضة السورية».

ونقل ليفيت عن تقرير في مجلة «نيوزويك» ورد فيه ان عضو مجلس الأمة السابق محمد هايف المطيري «جمع تبرعات لمجموعات جهادية ذات علاقات مباشرة مع تنظيمات إرهابية في سورية».

وقدم ليفيت عدداً من التوصيات الى الحكومة الأميركية، تضمنت دعوته لها «بالمشاركة مع حكومات أخرى وهيئات دولية لمساعدة دول مثل الكويت وقطر في بناء مقدرات وحداتها لمكافحة تمويل الإرهاب وملاحقة هذه الحكومات للتأكد من تطبيقها القوانين التي صادقت عليها في هذا المضمار».

وتابع الخبير الأميركي ان السعودية والامارات «حققتا تقدماً ملموساً في مكافحة تمويل الإرهاب داخل بلديهما، فيما تبقى قطر والكويت منطقتين تشوبهما المشاكل من هذه الناحية»، مضيفاً: «يقوم مانحون راديكاليون متمولون في السعودية في نقل الأموال الى سورية، غالبا عن طريق الكويت».

وكان رئيس اللجنة عضو الكونغرس الجمهوري جب هنسارلنغ افتتح الجلسة، اول من أمس، بالقول انه في 11 سبتمبر 2011، أنفق تنظيم «القاعدة» نصف مليون دولار لتمويل الهجمات التي أدت الى مقتل ثلاثة الاف «من مواطنينا وايقاع عذاب لا يمكن قياسه ببلدنا».

وأضاف: «اليوم نواجه عدواً إرهابياً آخر يشكل مبلغ نصف مليون دولار بالنسبة له خردة جيب، وهو تنظيم يجمع مليون الى مليوني دولار يومياً».

وقال هنسارلنغ انه «على عكس القاعدة والمجموعات الإرهابية الأخرى التي تعودنا عليها، والتي تعتمد على تبرعات من مصادر خاصة وحكومية لتمويل نشاطاتها، داعش اليوم يمول نفسه بنفسه، ويبدو انه يتربع على ملياري دولار».

لذا، يسعى الكونغرس حسب هنسارلنغ، الى التأكد من ان الحكومة الأميركية تفعل ما بوسعها لوقف «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى من استخدام النظام المالي العالمي «من اجل تمويل نشاطاتها الشريرة».

الخميس، 13 نوفمبر 2014

أوباما يأمر بتعديل سياسته في سورية لتتضمّن الإطاحة بالأسد

واشنطن - من حسين عبدالحسين

وفقا لما أوردته «الراي» في عددها أول من أمس، حول التغيير الذي طرأ في الموقف الأميركي من الرئيس السوري بشار الأسد، وتوافق الرئيس باراك أوباما مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة خروج الأسد من الحكم قريبا كشرط لنجاح الحرب ضد المجموعات الإسلامية المتطرفة، نقلت محطة «سي ان ان» عن مسؤولين كبار في البيت الأبيض قولهم ان أوباما أمر فريقه بإجراء مراجعة شاملة للسياسة الأميركية في سورية، وتقديم بدائل تتمحور حول تقديم «الحل السياسي»، أي خروج الأسد وبقاء نظامه ومؤسسات الدولة، على «الحرب على الإرهاب».

وقالت المحطة ان فريق الأمن القومي أجرى أربع جلسات على مدى الأسبوع الماضي على مستوى «رؤساء الوكالات»، أي بمشاركة المسؤولين على مستوى وزراء مثل وزيري الخارجية جون كيري والدفاع تشاك هيغل، ورئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي ومدراء وكالات الاستخبارات ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس ومساعديها.

ومن المتوقع ان يعقد الفريق المذكور لقاءين أو أكثر في الأيام القليلة المقبلة، يترأس أحدهما أوباما حيث يتم «تقديم البدائل» له عن السياسة الحالية، التي يبدو ان الإدارة الأميركية صارت تجمع على فشلها في الحاق ضرر يذكر بتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).

وحسب المحطة، فان كيري يبدي معارضته للسياسة الحالية منذ زمن، ويعتقد ان لا حل لـ «داعش» مع بقاء الأسد. كذلك، ذكرت المحطة ان هيغل وجه مذكرة ذات لهجة قاسية الى رايس و«مجلس الأمن القومي» حول مكامن الخلل في السياسة الحالية.

وكما أوردت «الراي» قبل أيام، فان سقوط مدينة نوى، ثاني أكبر مدن محافظة درعا الجنوبية، وعدد من القرى في أيدي الثوار السوريين، وخصوصاً «جبهة النصرة» التي تضعها واشنطن على لائحتها للتنظيمات الإرهابية، في وقت انتزعت «النصرة» مساحات واسعة من «الجيش السوري الحر» في محافظة ادلب الشمالية الغربية، جعل المسؤولين الأميركيين يدركون ان المعارضة المعتدلة التي يعولون عليها «يتم طحنها» بين قوات الأسد من جهة، والثوار الذين تصنفهم أميركا إرهابيين من جهة ثانية.

ويعتقد المسؤولون انه على المنوال الحالي، سيجد التحالف الدولي نفسه امام سورية يسيطر عليها «داعش» و«النصرة» من جهة، وإيران و«حزب الله» من جهة ثانية، ويخرج اللاعبان اللذان كانت تعول عليهما أميركا وروسيا – أي المعارضة المعتدلة والنظام من دون الأسد – من المواجهة في سورية وتالياً من أي حل مستقبلي.

وتقول «سي ان ان» أن أوباما وفريقه توصلا الى نتيجة، مفادها انه لا يمكن القضاء على داعش بسياسة «العراق أولا»، وانه لا بد من رسم خطة ديبلوماسية وعسكرية متكاملة تشمل العراق وسورية في الوقت نفسه، وكما تم التوصل الى حلول سياسية عراقية قبل انطلاق الحرب على «داعش»، يجب ترتيب الوضع السياسي داخل سورية واختيار الافرقاء السوريين، من المعارضة والنظام، ممن يمكنهم مواكبة الحرب الدولية ضد الإرهاب والإفادة من نتائجها.

وكانت تقارير حول لقاءات أوباما وبوتين في بكين، على هامش مشاركتهما في اعمال «قمة دول آسيا والمحيط الهادئ»، اشارت الى ان الزعيمان اتفقا على أن بقاء الأسد أصبح عقبة، لا للحل السياسي في سورية فحسب، بل للحل السياسي المطلوب لنجاح الحرب على «داعش» و«النصرة».

ويقول المسؤولون الاميركيون انه لا يمكنهم التكهن بالموقف الروسي بشكل دقيق، اذ لطالما أبدى الروس استعدادهم في السر للتخلي عن الأسد في مقابل الحفاظ على نظامه وإلحاق الهزيمة بالإرهاب، لكنهم في الوقت نفسه استمروا في تأييده علناً وفي تزويده بالأسلحة والأموال.

إذا، السياسة الأميركية تجاه الأسد تنحو في اتجاه التخلي عنه تماما وضرورة ازاحته كشرط لأي مجهود في سورية، ويبدو ان واشنطن «جست نبض» موسكو لترى ان كان يمكن لها بناء تحالف دولي - عربي سياسي وديبلوماسي وعسكري لقيادة خروج الأسد والاشراف على تشكيل حكومة انتقالية جامعة. اما طهران، فيبدو انها الوحيدة التي مازالت متمسكة بالرئيس السوري.

«ربما تريد إيران ان تظهر انها صاحبة الكلمة الأخيرة في سورية»، يقول مسؤولون في الكونغرس معنيون في السياسة الخارجية في جلسات مغلقة. «أو ربما أيقن رئيسنا (أوباما) ان لا اتفاقية نووية مع إيران، وان عليه ان يتكيف مع الحياة بعد فشل المفاوضات، وان يبني سياسة شرق أوسطية بعيداً عن أوهام شراكة مع الإيرانيين تؤدي الى خروج الأسد والقضاء على داعش».

هيغل: العبادي قام بأمر أساسي بإدخال سنّة ضمن قادة الجيش

| واشنطن – من حسين عبدالحسين |

التزم وزير الدفاع تشك هيغل ورئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي بالسياسة الأميركية الحالية في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، والتي لا تعكس التطور في رؤية الرئيس باراك أوباما القاضية بضرورة خروج الرئيس السوري بشار الأسد من الحكم، وبقاء نظامه ومؤسسات الدولة، كشرط لنجاح الحملة العسكرية العالمية ضد التنظيم المذكور.

وفي جلسة استماع امام «لجنة القوات المسلحة» في مجلس نواب الكونغرس، أمس، تحدث هيغل عن التقدم الحاصل في المواجهة العسكرية منذ جلسة الاستماع الأخيرة في سبتمبر الماضي، وقال ان المواجهة مازالت في بداياتها، وانها ستحتاج الى فترة طويلة والى مجهود على أصعدة متعددة تضم، الى الشق العسكري، قطع تمويل داعش وبث رسالة إعلامية مضادة لرسالته.

اما شهادة ديمبسي، فجاءت مقتضبة جدا، الا انها عكست التطور في الرؤية الأميركية الحاصل في الأيام الأخيرة، اذ شدد الجنرال الأميركي ان الحرب ضد داعش «ليست سياسة العراق وحده»، بل تتضمن كذلك ضرورة التعامل مع خطر داعش في سورية والتخلص منه. واكد ان قادة «داعش» الحاليين هم أولئك الذين كانوا مسجونين في الولايات المتحدة.

وطالب المسؤولان الكونغرس برصد اعتمادات مالية جديدة لمواجهة الحرب المستجدة، ودعيا الى وقف التخفيضات المقررة منذ عامين لموازنة وزارة الدفاع (البنتاغون).

وتابع الوزير الأميركي: «لن نهزم داعش بالعسكر وحده، وخطتنا لمواجهته تتضمن قطع الامدادات المالية عنه والتصدي لرسالته». وقال ان «في العراق، مازال المطلوب الكثير للإصلاح السياسي»، فالعراق «انفتح على الجيران وعين وزير دفاع سني بعد أربع سنوات من الفراغ». كما أعلنت الحكومة العراقية عن نيتها انشاء «وحدات دفاع وطني، خصوصاً في الانبار».

وقال هيغل ان رئيس حكومة العراق حيدر العبادي «أعلن (اول من) أمس استبدال 36 من كبار ضباطه وإدخال قادة سنة، وهذا أساسي لا فقط لتقوية قوات الأمن بل لتقوية الحكومة المركزية». وتابع: «شكرا لديبلوماسيينا الذين نجحوا في حشد دولي كبير، فنحن لا نقوم بهذا المجهود وحدنا، بل بمؤازرة تحالف دولي، ومنذ آخر جلسة هنا، انضمت الينا 16 دولة، منها الامارات والأردن والبحرين والسعودية وقطر... وهناك 12 دولة تقوم بتنفيذ ضربات جوية». وقال هيغل ان الدول الحليفة تعهدت «بتقديم مئات المدربين العسكريين لتدريب القوات العراقية»، وان «الشركاء يمولون مجهودهم العسكري» هذا بأنفسهم.

في سورية، قال هيغل انه «على المدى الطويل، هدفنا تدريب المعارضة المعتدلة، ما يتطلب 8 الى 12 شهرا، ونعرف ان المعارضة تواجه تحديات متعددة على الأرض». وقال ان قوات المعارضة السورية «سيتم تدريبها كوحدات وليس كأفراد... استراتيجيتنا في سورية تحتاج الى وقت وصبر ولا نستطيع تحقيق كل اهدافنا دفعة واحدة، وموقفنا يبقى ان الأسد خسر شرعيته، لكن لا حل عسكرياً في سورية، وما نحتاج اليه هو تدريب القوات السورية للدفاع عن مناطقهم اولا، ثم الهجوم ضد داعش، ثم قلب الموازين في سورية».

بدوره، قال ديمبسي ان الاستراتيجية الأميركي مبنية على تقوية حلفائنا في الحكومة العراقية وبين السنة المتواجدين في غرب العراق وفي شرق سورية. وقال «ليست سياسة العراق وحده، بل عليها ان تشمل سورية، حتى ننجح في عرقلة عملهم في سورية، نحتاج الى حلفاء هناك».

وأضاف ديمبسي: «في الحوار مع الحلفاء، هناك اجماع حول الرؤية المشتركة والاهداف، وهناك رغبة في العمل عن كثب، والتقدم لن يكون متشابهاً في كل الأوقات، لكن الوقت لمصلحتنا».

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

امتعاض أميركي من توقيع روسيا اتفاقية لبناء 8 مفاعلات نووية في إيران

واشنطن - من حسين عبدالحسين

اعتبر «معهد العلوم والأمن الدولي» الأميركي ان إيران قد تكون تجاوزت بنود اتفاقية جنيف الموقتة القاضية بتجميدها أجزاء من برنامجها النووي مقابل رفع جزء من العقوبات الدولية المفروضة عليها، فيما قال مسؤولون سابقون في وكالة الطاقة الذرية ان طهران مازالت بعيدة عن الحصول على «ابراء ذمة» من الوكالة حول اتمامها التفتيش المطلوب لإتمام اتفاقية نهائية بينها وبين مجموعة دول خمس زائد واحد.

وجاء في تقرير عن المعهد انه وفقا لتقرير الوكالة الذرية، الصادر الجمعة الماضي، «حقنت إيران جهاز طرد من الجيل الخامس بمادة يو اف – 6، وان هذا تطور جديد مقارنة بتقريري الوكالة في نوفمبر 2013 وفبراير 2014». وأكد انه «بموجب الاتفاقية الموقتة، لا يجب حقن هذه المادة في جهاز طرد مركزي».

وتابع ان الوكالة أفادت ان إيران «لم تقدم أي تفسيرات لتوضيح الأمور العالقة» في ما خص الشق العسكري من برنامجها النووي، ونقل عن الوكالة ان إيران لم تقدم اقتراحات حول كيف يمكن معالجة هذه الأمور ضمن «إطار التعاون»، ما يعني ان الشق العسكري مازال عالقاً حتى يتم تحقيق تقدم في مفاوضات دول خمس زائد واحد مع إيران.

وأشار المعهد الى ان «النشاطات الأخيرة في موقع بارتشين تؤكد عرقلة موضوع التحقق من برنامج إيران الذي تسعى الوكالة للقيام به»، معتبرا انه في الوقت نفسه، مازال مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 3،5 في المئة يزداد بمعدل 320 كيلوغراماً في الشهر، وأن مخزونها من اليورانيوم المخصب بما يقارب العشرين في المئة مازال كبيراً، «ويكفي لصناعة قنبلة نووية واحدة».

وكانت تقارير في العاصمة الأميركية اشارت الى انه في الفترة الممتدة بين توقيع إيران الاتفاقية الموقتة في 24 نوفمبر الماضي واليوم، ارتفع مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بواقع ثمانية في المئة.

وفي السياق نفسه، عقد النائب السابق لمدير وكالة الطاقة الذرية الفنلندي اولي هاينونن لقاء مع صحافيين في العاصمة الأميركية قال فيه ان لإيران سوابق تتمثل بعدم تعاونها مع الوكالة في الماضي، وفي اخفاء أجزاء كبيرة من برنامجها، خصوصا في شقه العسكري. وأضاف ان أي اتفاقية مع إيران يجب ان تكون مكتوبة بعبارات واضحة ومحددة، وان تكون مقسمة الى مراحل، يقوم المجتمع الدولي برفع جزء من العقوبات إثر قيام إيران، بمصادقة الوكالة، بالالتزام بمرحلة معينة، الى ان تنهي طهران كل التزاماتها وتحوز على مصادقة نهائية من الوكالة، فيرفع المجتمع الدولي عنها كل العقوبات.

«لكن إيران ما زالت تراوغ»، يقول الخبير الفنلندي، و«تصر أن الكشف عن أي جزء من برنامجها لا يجب ان يكون محددا باتفاقية قانونية، بل بقيامها بالكشف عنه طوعيا». وفي هذا المضمار، يرجح الخبير النووي ان في حيازة إيران «400 في المئة من الطرود المركزية أكثر من التي تعلن طهران عنها»، أي ان لدى إيران نحو خمسة الاف جهاز طرد مركزي من الجيل الثاني.

ويتابع هاينونن ان الطرود الإيرانية المخبأة هي أكثر فاعلية بكثير، ما يعني ان مقدرة طهران على التخصيب أكبر من المعلنة ويمكن لها التخصيب بربع عدد الطرود، ما يجعل الكشف عن ذلك أمرا أكثر عسرا. وأضاف ان أي خطة لتأكيد سلمية البرنامج الإيراني يجب ان ترتبط بالسماح للوكالة بالتفتيش في المواقع التي تختارها هي، هذا يعني انه يمكن للوكالة الحضور فجأة لتفتيش «مستودع أو مخزن او أي مكان آخر تعتقد ان فيه طرود مركزية».

وختم هاينونن بالقول ان مصادقة الوكالة الدولية على سلمية البرنامج الإيراني هي شرط لقيام مجلس الأمن برفع العقوبات عن الجمهورية الاسلامية، اذ لا يمكن لمجموعة «5 + 1» القيام بذلك من دون مصادقة الوكالة حسب نصوص القرارات الأممية.

وفي ملف إيران النووي أيضا، أبدت الأوساط الأميركية امتعاضها من قيام روسيا بتوقيع اتفاقية لبناء ثمانية مفاعلات انتاج طاقة نووية في إيران، أربعة منها في بوشهر الى جانب مفاعل روسي يعمل حاليا، وأربعة في أماكن سيتم تحديدها لاحقا. ومع أن بناء روسيا لهذه المفاعل يعني ان موسكو ستزود طهران بالوقود النووي، ما ينفي حاجة الإيرانيين لتخصيب اليورانيوم على مستوى صناعي، الا ان مسؤولين اميركيين اعتبروا الخطوة الروسية بأنها جاءت «من دون التنسيق مع دول خمس زائد واحد».

وقال مسؤولون انه لا يمكن للمجموعة الدولية ان تتفاوض مع إيران، فيما تذهب دول من هذه المجموعة الى اتفاقات نووية من دون علم الآخرين.

وزيادة في حنق المسؤولين الأميركيين، وفي وقت تحولت رسالة الرئيس باراك أوباما السرية الى مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي الى الشغل الشاغل للأوساط السياسية والإعلامية الأميركية، وصلت أنباء رفض ايران منح تأشيرة دخول لخبير أميركي، يعمل في صفوف فريق وكالة الطاقة الذرية الذي كان يستعد لدخول طهران، لتأجج من الشعور في واشنطن ان أوباما متراخ جدا في تعامله مع طهران التي ترفض التعاون مع وكالة الطاقة الذرية، وتعلن بناء منشآت نووية إضافية، وفي الوقت نفسه، تمنع خبراء أميركيين دوليين من دخول أراضيها، ما جعل عدداً كبيراً من المعلقين يرددون ان «الولايات المتحدة تتعامل مع ايران وكأنها تستجدي صداقتها».

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

فوز الجمهوريين سيفرض على أوباما موازنة فيديرالية بفائض... لا عجز

حسين عبدالحسين - واشنطن

لم تكد نتائج الانتخابات الأميركية تعلن فوز الجمهوريين وانتزاعهم مجلس الشيوخ من الديموقراطيين ليسيطروا على الكونغرس بغرفتيه، حتى خرج زعماء الحزبين والرئيس باراك أوباما ليتحدثوا عن «تعاون» في المرحلة المقبلة بين السلطتين التشريعية التي غنمها الجمهوريون، والتنفيذية التي بقيت في عهدة الديموقراطيين.

أما نقاط التعاون الممكنة فقليلة وتكاد تنحصر في الشأن الاقتصادي، إذ يعطي الدستور الأميركي الرئيس صلاحيات واسعة تسمح له بالانفراد في قراراته في السياسة الخارجية، بغض النظر عن الهوية السياسية للكونغرس. كما لا يمكن الكونغرس الجمهوري إقرار قوانين في الحقل الاجتماعي، مثل الإجهاض وحقوق مثليي الجنس، من دون توقيع الرئيس الذي سيمارس حق النقض (الفيتو) بحق قوانين من هذا النوع.

الموازنة السنوية للولايات المتحدة هي المساحة الوحيدة التي يتمتع بها الكونغرس بسلطة أوسع من سلطة الرئيس، ما أكسب الكونغرس لقب «قوة الحقيبة».

في السنوات التي تلت فوز الجمهوريين في مجلس النواب في الكونغرس، حاول هؤلاء فرض تغييرات على الاتجاهات الاقتصادية لأوباما، الذي كان يرسل مشروع موازنة لإقراره أو يطلب تعديلاً في قانون الضرائب المنتهية صلاحياته، فيرفض الجمهوريون ويصوّت مجلس النواب على موازنة مختلفة جذرياً أو على مشروع ضريبي معاكس.

لكن بسبب سيطرة الديموقراطيين على مجلس الشيوخ، كان يمكن أوباما وحزبه الوقوف في وجه الجمهوريين، ما أدى إلى إغلاق الحكومة الفيديرالية بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، إذ يمكن خروج القوانين في الكونغرس من أي من الغرفتين، لكن المصادقة عليها تحتاج إلى موافقة كل منهما وتوقيع الرئيس.

ولا تبدأ الموازنة السنوية رحلتها لتتحول إلى قانون من عند الكـونغرس بل هي على عكس معظم القوانين الأخرى، يقدمها البيت الأبيض إلى الكونغرس للموافقة، التي تصبح نهائية من دون الحاجة إلى توقيع الرئيس.

وأرسل أوباما موازنة العام الحالي والتي تغطي الفترة الممتدة بين الأول من أيلول (سبتمبر) الماضي حتى نهاية الشهر ذاته من عام 2015. ولحظت موازنة أوباما المقترحة زيادة في الإنفاق بلغت 250 بليون دولار من 3650 بليوناً العام الماضي إلى 3900 هذه السنة. وعلّل البيت الأبيض الزيادة بأن تحسن نمو الناتج المحلي سيؤمّن للخزينة عائدات أعلى، ما يسمح بزيادة في الإنفاق.

وكانت عائدات الولايات المتحدة تجاوزت 3 تريليونات دولار العام الماضي، مع عجز انخفض إلى ما دون 3 في المئة من الناتج المحلي، وهي نسبة أدنى من المعدل السنوي على مدى السنوات الـ 40 الأخيرة.

لكن الجمهوريين يعارضون الإنفاق الحكومي في شكل شبه مطلق، وكادوا أن يدفعوا البلاد أكثر من مرة إلى التخلف عن تسديد ديونها المتوجبة عليها لولا تدخل العقلاء من قيادييهم في اللحظة الأخيرة، للتراجع عن موقفهم وإقرار اعتمادات جديدة لتمويل الدين العام وفوائده.

ولأن الجمهوريين كانوا يتوقعون فوزهم في الانتخابات النصفية، فهم وافقوا على تمديد موازنة السنة الماضية شهرين تنتهي مع نهاية هذه السنة، أي في اليوم الأخير للغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ. بعد ذلك، يصبح للجمهوريين سلطة مطلقة في الكونغرس، ويخسر الديموقراطيون القدرة على تعطيل إقرار الموازنة.

وهكذا، يمكن الجمهوريين وبدءاً من مطلع العام المقبل، لدى سيطرتهم فعلياً على الكونغرس، تسلّم مشروع موازنة من البيت الأبيض، فيفرضون الخفوضات التي تعجبهم ويقرونها في قانون يجبر أوباما على التزامها. وكان الجمهوريون في جلسة المفاوضات الأخيرة لهم مع الديموقراطيين، اقترحوا تقليص الإنفاق الحكومي نصف تريليون دولار حتى يبلغ 3.1 ترليون، إلا أن أوباما ومجلس الشيوخ رفضا العرض.

وفي حال فرض الجمهوريون رؤيتهم للموازنة مع حلول السنة المقبلة، فهذا يعني انقلاب عجز موازنة الحكومة الفيديرالية إلى فائض، حتى لو ساهم ذلك في تقليص نمو الناتج المحلي.

ويعتقد الجمهوريون أن المدارس الاقتصادية اليسارية مثل ماينارد كينز، تدعو إلى الإنفاق الحكومي في زمن الركود، وإلى تعويض الدين في الفترات التي يتمتّع فيها الاقتصاد بالنمو.

ويشير معظم البيانات الاقتصادية الأميركية إلى فترة نمو قوية، إذ بلغت نسبة نمو الناتج 3.5 في المئة في الربع الثالث، بعدما كانت 4.6 في المئة في الربع الثاني، وهي أعلى نسبة نمو لفترة ستة أشهر منذ العام 2002.

وأظهرت بيانات وزارة العمل تراجع نسبة البطالة إلى 5.8 في المئة للمرة الأول منذ تموز (يوليو) 2008، وأن الاقتصاد خلق أكثر من 200 ألف وظيفة على مدى الأشهر التسعة الماضية. وغالباً ما يتمتع الاقتصاد الأميركي بفصل رابع قوي بفضل موسم الأعياد، ما يعني أن الولايات المتحدة ستقفل العام على مزيد من البيانات الاقتصادية الإيجابية، وتالياً مزيد من الثقة للمستثمرين والمستهلكين، ما يؤدي إلى مزيد من النمو.

هكذا، حتى لو طرح التخلّص من العجز السنوي من النمو، قد يظهر الاقتصاد الأميركي قدرة على امتصاصها، ما يدفع الجمهوريين إلى القيام بهذه الخطوة التي يؤيدها ناخبوهم. أما أوباما، فسيجد نفسه مضطراً إلى الموافقة على التقشّف الذي يعارضه ناخبوه، لكنهم لا يمكن توجيه أصابع اللوم إليه. وفي حال استمر النموّ وتحوّل العجز إلى فائض في الوقت ذاته، سيجد أوباما نفسه في موقف مشابه لسلفه بيل كلينتون في السنوات الأخيرة لحكمه، ما حوّله إلى أسطورة في رأي أميركيين كثر من الحزبين.

لكن المشكلة الأكبر تكمن في أن خفض الإنفاق المتوقّع أن يفرضه الجمهوريون، ينطبق على الجزء المسمى «الإنفاق التقديري»، والذي يشمل موازنات الوزارات والوكالات الحكومية. أما المسمى «الإنفاق الإجباري»، والمتضمّن صناديق الرعاية الاجتماعية ويبلغ ضعف التقديري، فيندر أن يقتطع منه الكونغرس على رغم تمثيله مشكلة أكبر بسبب شيخوخة السكان، واتجاه هذه الصناديق إلى الإفلاس من دون إصلاحها أو إلزام الحكومة على تغطيتها على حساب النفقات الأخرى.