الثلاثاء، 30 يونيو 2015

الأميركيون باقون في فيينا حتى الحصول على اتفاق أو انسحاب الإيرانيين

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تقول مصادر أميركية رفيعة المستوى، ان تعليمات الوفد الاميركي المفاوض هي «البقاء في فيينا» حتى تحقيق هدف من اثنين: إما الحصول على توقيع ايران على اتفاقية نووية صارت تجمع عليها مجموعة دول «خمس زائد واحد»، او انسحاب ايران من فيينا ومن المفاوضات لعدم قدرة وفدها على التوقيع بسبب الانقسامات الداخلية في ايران والمواقف المتشددة الاخيرة التي أطلقها مرشد الثورة علي خامنئي.

بكلام آخر، تقول المصادر لـ «الراي» انه «إما نحصل على اتفاقية نووية مع ايران، او نظهر للعالم من هو الطرف الذي انسحب وأفشل التوصل لاتفاقية، وهو هذه المرة سيكون من دون شك ايران».

وينقل الاميركيون المتابعون للمفاوضات في فيينا ان الوفد الاميركي يعتقد ان نظيره الايراني «تراجع حتى عن المواقف التي سبق ان ابدى موافقته عليها في لوزان». ويضيف هؤلاء انه «في لوزان، توصلنا الى احتفاظ ايران بستة آلاف طرد مركزي من الجيل الاول، واقل من 60 كيلوغراما من اليورانيوم المنخفض التخصيب، والابقاء على كل المنشآت النووية الايرانية مفتوحة رغم تغيير وظيفة بعضها الى مراكز بحثية فقط».

ومقابل المكاسب الايرانية، وافقت طهران في لوزان - حسب الاميركيين - على توقيع البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل.

ويقول الخبراء الاميركيون انه تم وضع هذا البروتوكول بعد عدد من التجارب التي أظهرت ان «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» كانت تحصر مراقبتها للمواقع التي تعلن عنها الدول، لتكتشف في وقت لاحق ان هذه الدول نفسها كانت تقيم منشآت خفية نووية في مواقع سرية، وان هذا ما دفع الوكالة على تبني سياسية مفادها انه يحق لمفتشيها تفتيش «اي مكان، في اي وقت»، بما في ذلك القواعد العسكرية.

وحسب الاميركيين، سبق ان وافق الوفد الايراني على «دخول متفق اليه الى موقع بارشين العسكري، لكن يبدو اننا نواجه اليوم تراجعا بعد خطاب خامنئي».

كذلك، فرض خطاب المرشد الايراني تراجعا عن السماح لمفتشي الوكلة بمقابلة علماء نوويين ايرانيين للاطلاع منهم على اجمالي جهودهم ولتكوين فكرة متكاملة حول نوعية وحجم البرنامج النووي الايراني.

«لا نعرف لماذا انسحب (وزير الخارجية الايراني جواد) ظريف، فهو عقد لقاءات ثنائية مع وزراء خارجية الدول الكبرى، ثم عاد فجأة الى ايران تحت مبرر ضرورة التشاور مع القيادة»، يقول مسؤولون اميركيون، ويتساءلون: «مر 90 يوما منذ كتابة تفاهم لوزان، اذا لم يتوصل ظريف الى اتفاق مع قيادته حول هذا الاتفاق، على غرار ما فعلنا نحن مع الكونغرس، فما الذي كان يفعله على مدى الاشهر الثلاثة الماضية؟».

ويبدو ان الاميركيين توصلوا الى قناعة مفادها ان «ظريف وصل الى خط النهاية، وان كل وعوده السابقة اظهرت انها كانت مناورات اعلامية، وانه عندما حان وقت الجد والتوقيع، لم يقو ظريف على الالتزام باتفاقية نهائية».

«الوفد الاميركي باق في فيينا حتى وصول الامور الى خواتيمها»، حسب قول احد المواكبين للوفد في فيينا، «فإما التوقيع، أو الاظهار للعالم من هو الذي يعرقل اتفاقية نووية سلمية بين ايران والعالم، ومن هو الذي يحبّذ خيار المواجهة الديبلوماسية وربما العسكرية على حساب التسوية السياسية»، تختم المصادر الاميركية.

لوبي إماراتي في واشنطن.. قوة خفية للاسد وإيران

حسين عبدالحسين

يكتب كبير الباحثين في "معهد دول الخليج العربي"، الصديق حسين ايبش، أن "سياسة قطر الخارجية الحذرة قد تكون مؤشرا أن قطر قررت أن التنسيق مع جيرانها الخليجيين سيعود عليها بنتائج افضل من أن تحاول أن تتصرف كقوة عظمى صغيرة". وفي مقالته التي نشرها في صحيفة "نيويورك تايمز"، يوحي ايبش وكأن قطر تراجعت وتغيرت، ويعزز مصداقيته أنه يكتب مقالته من الدوحة، فضلا عن ارتباط اسمه بمركز ابحاث يوحي وكأنه منبثق عن "مجلس التعاون الخليجي". لكن ما خفي في مقالة ايبش أعظم مما ظهر.

اولا، من غير المفهوم كيف غيرت قطر سياستها الخارجية، فهي منذ اندلاع حرب العراق عانت من حكامه الجدد، فكان "مجلس الحكم" الذي عينته واشنطن أول من حظر عمل فضائية الجزيرة في العراق وأغلق مكاتبها. وكما في العراق حيث وقفت في صف المعارضة العراقية، كذلك في سوريا، كانت قطر من اوائل الدول التي أيقنت أن الحلول مع الرئيس بشار الأسد غير ممكنة، وسارت في دعم معارضيه. اما في مصر وليبيا، فما زالت الدوحة تنحاز الى جانب الثوار منذ ايام الربيع العربي في العام ٢٠١١.

ثانيا، من غير المفهوم تهكم ايبش واتهامه الدوحة بمحاولة التصرف كقوة عظمى. ولكن متى انكشف السبب بطل العجب، فـ "معهد دول الخليج العربي" الفاخر، الذي تم افتتاحه مؤخرا في واشنطن، يعمل بتمويل كامل من الامارات العربية المتحدة. وعلى عكس ادعاءات ايبش أن قطر هي التي تحاول التصرف كقوة عظمى، تشير بيانات الانفاق على شراء النفوذ داخل واشنطن، اي العملية المعروفة بـ "اللوبي"، أن الامارات العربية المتحدة تصدرت الانفاق العالمي بأنفاقها ١٤ مليون دولار في العام ٢٠١٤، متفوقة على دول عظمى ذات علاقات تجارية ضخمة مع اميركا مثل المانيا وكندا.

ومن يطالع بيانات اللوبي الاماراتية في واشنطن، وهي بيانات واجب تقديمها علنا حسب القانون، يرى بأن اللوبي الاماراتي يكاد أن يبتاع لنفسه تأييدا مع كل عامل في السياسة الخارجية الاميركية. هكذا، شن السيد مارك لينش المحرر في مجلة "فورين بوليسي" العام الماضي هجوما ضد قطر والكويت بتهمة التراخي مع متمولين يرسلون اموالا الى "تنظيمات اسلامية متطرفة" في سوريا. وألّفت دراسة لهذا الغرض اليزابيث ديكنسون، التي سبق أن عملت في صحيفة "ذي ناشونال" التي تملكها حكومة ابوظبي، والتي ينشر فيها ايبش مقالا اسبوعيا. وخلصت ديكنسون الى أن متمولين خليجيين في قطر والكويت يرسلون اموالا الى تنظيمات اسلامية "تقاتل الى جانب تنظيمات ارهابية". طبعا الشيطان في التفاصيل، فالدراسة لم تثبت تمويلاً خليجياً للتنظيمات الارهابية نفسها، ولكن الدراسة ولدت انطباعا تلقفه آخرون من اصدقاء الامارات في واشنطن، من امثال صديق اسرائيل جوش روغان، الذي اتهم في مقالة الحكومة الكويتية نفسها بالتورط في تمويل ارهابيين في سوريا.

وشارك في الحملة عدد من اصدقاء الامارات ممن سبق أن عملوا في وزارة المالية في عهد الرئيس السابق جورج بوش، ومن ديبلوماسيين اميركيين سابقين في الامارات، وهؤلاء استخدموا علاقاتهم بمساعد الوزير دايفيد كوهين، الذي يعمل اليوم نائبا لمدير "وكالة الاستخبارات المركزية" (سي آي اي)، فقام الأخير بتسريب ادعاءات الى ديكنسون، ما لبث أن قالها حرفيا في خطاب علني له.

ومن اصدقاء اسرائيل الآخرين، ممن تظهر بيانات اللوبي اتصال اماراتي معهم، جوديث ميلر، وهذه الاخيرة هي بطلة قصة أسلحة الدمار الشامل العراقية عندما كانت تعمل في "نيويورك تايمز". وبعد فضيحة عدم العثور على هذه الاسلحة، طردت الصحيفة "جودي"، التي صارت تعمل مع شبكة "فوكس" اليمينية. ومن يراقب مواقف جودي منذ ربيع العام ٢٠١١ سيلاحظ انقلابا حادا في موقفها من الثورة المصرية، التي أيدتها بشدة، قبل أن تنقلب عليها وتتحول الى الداعمة الاولى للانقلاب، ما دفع القاهرة الى منحها مقابلة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي بثتها "فوكس". وبين مواقف جوديث الداعمة للثورة وللديموقراطية المصرية ومواقفها المستجدة الداعمة للانقلاب لقاء مع عاملين لمصلحة الامارات في واشنطن.

من هي الدولة التي تلتزم أكثر الاجماع الخليجي: قطر ام الامارات؟ لنأخذ سوريا مثلا، حيث تتطابق مواقف قطر مع السعودية و"مجلس التعاون". اما الامارات، او من يعمل في خدمتها مثل السفير الاميركي السابق في مصر ورئيس "معهد الدول الخليج العربي" فرانك ويزنر، الذي كتب علنا ومرارا مقالات جاء فيها أن الحل الوحيد في سوريا يتمثل باعادة تأهيل الأسد ودعمه للقضاء على الارهاب. وحث ويزنر زميله السابق السفير السابق ريان كروكر، مهندس الانفتاح الاميركي على ايران في افغانستان والعراق في زمن بوش، على اتخاذ موقف مؤيد للأسد، وهو ما فعله كروكر مرارا وعلنا في كبرى الصحف الاميركية.

ولنأخذ مثلا آخر: ايران، التي تحتل جزرا اماراتية. مع أن الموقف الاماراتي الظاهر يشي بالتزام الامارات الجبهة العربية ضد تدخل ايران ونفوذها المتعاظم في العالم العربي، الا أن تقارير اميركية متعددة اشارت في الماضي الى قيام طهران باستخدام الامارات كمصرف بديل لها في ظل العقوبات الدولية المفروضة على النظام الايراني. كذلك سبق أن اشارت تقارير اميركية الى قيام ايران بشراء لوازم برنامجها النووي عن طريق شركات وهمية مركزها الامارات. ولزيادة تأكيد الصداقة الاماراتية - الايرانية، تشير نظرة الى مجلس "معهد دول الخليج العربي" الى عضوية السفير الاميركي السابق توماس بكيرنغ، وهو من اكبر رعاة اللوبي الايراني في واشنطن والداعين الى رفع كامل وغير مشروط للعقوبات عن ايران والى تحالف اميركي معها.

قد يشي صوت فضائية الجزيرة الواسعة الانتشار أن الدوحة تسعى الى زعامة اقليمية او عالمية ما، ولكن اللوبي الاماراتي في واشنطن، وديبلوماسية الامارات، ومعهدها وكتّابها في "نيويورك تايمز" وغيرها، وصداقة هؤلاء المتينة مع المدافعين عن الأسد وايران، كلها تشي بعكس ما كتبه ايبش تماما في مقالته. ربما كان الأجدى للزميل ايبش أن يدبّج مقال بعنوان "الامارات مستمرة بمسارها" بدلا من مقالته التي حملت عنوان "قطر تغير مسارها". وربما كان الأصدق لو أنه ارسل مقالته من ابوظبي بدلا من كتابتها في الدوحة.

الاثنين، 29 يونيو 2015

حتى انت يا بترايوس؟

حسين عبدالحسين

قدمت مجموعة من المستشارين السابقين للرئيس باراك أوباما، ممن يعلمون حاليا في مراكز الابحاث، عريضة الى البيت الابيض شككوا فيها بامكانية نجاح اي اتفاقية مع ايران في وقف برنامجها النووي. وقدمت العريضة في الوقت نفسه نصائحا للادارة الاميركية حول ضرورة تغيير سياساتها في العراق وسوريا واليمن.
ومما ورد في العريضة دعوتها الحكومة الاميركية الى العمل على “تحييد الميليشيات التي تدعمها ايران” في العراق، والى فصل هذه الميليشيات عن “الوحدات الشيعية (المعروفة باسم الحشد الشعبي) التي لا تسيطر عليها ايران”.
ومن غير المستغرب ان يوقع “خبراء” في مراكز الابحاث على نصائح سيئة من هذا النوع، اذ تعج هذه المراكز بأشخاص يتصفون بسطحية معرفتهم وشح معلوماتهم حول العالم العربي وشؤونه، في وقت يعتقد كثيرون ان هؤلاء الخبراء غالبا ما يكتسبون مراكزهم — لا بسبب معلوماتهم — بل بسبب علاقاتهم الشخصية التي تفتح لهم الابواب للوصول الى هذه المراكز المرموقة والمشاركة في تقديم نصائح وسياسات تكون في الغالب خاطئة.
على ان من موقعي العريضة برز اسم مدير “وكالة الاستخبارات المركزية” (سي آي اي) السابق الجنرال دايفيد بترايوس. والى السمعة الكبيرة التي اكتسبها بترايوس كبطل حرب العراق، الذي أشرف على “خطة زيادة القوات” ونجح في وأد الحرب الاهلية فيه، سبق ان صنفت كبرى المجلات الاميركية الرصينة بترايوس كواحد من أذكى مئة مثقف أميركي.
ونظرا لسمعته العسكرية والفكرية، بدا مستغربا ان يوقع شخص يتعاطى السياسة الخارجية، من طراز بترايوس، على عريضة تطالب بفصل الوحدات الشيعية العراقية الموالية لايران عن وحدات “الحشد الشعبي”، فالحشد ليس تنظيما عفويا، بل ميليشيا منظمة بادر الى انشائها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي تحت مسمى “سرايا الدفاع الشعبي”، وتلقفها خلفه حيدر العبادي وتابع رعايتها، ثم تم تغيير اسمها بعد انهيار القوات العراقية في الموصل، قبل عام، حتى يتماشى الاسم مع فتوى المرجع علي السيستاني القائلة بضرورة حشد العراقيين لتنظيم دفاع الشعبي.
ومقاتلو “الحشد الشعبي” اليوم يتسلمون رواتبهم من وزارة الداخلية العراقية، التي تبلغ موازنتها السنوية 3,8 مليار دولار ويترأسها الوزير محمد الغبّان، وهو عضو “منظمة بدر”، أقدم الميليشيات الشيعية العراقية وأكثرها ولاء لايران.
ويتألف “الحشد الشعبي” من عدد من الاجنحة المسلحة لأحزاب سياسية تقسم الولاء علنا لمرشد الثورة الايرانية علي خامنئي، وتطلق عليه تسمية قائد الأمة، مثل سرايا الخرساني. وخرسان هي محافظة تقع شمال شرق ايران، وفيها مدينة مشهد التي يعتقد الشيعة انها تستضيف مرقد الامام الثامن علي الرضا، الذي يطلق عليه الايرانيون لقب “سلطان خرسان”.
وشعار ميلشيا “الحشد الشعبي” نفسه مستوحى من شعار الباسدران الايراني، والباسدران هي القوات غير النظامية الموالية للنظام، وهي ساهمت بشكل كبير في قمع “الثورة الخضراء” ضد النظام في العام 2009.
وشعار الباسدران هو غالبا عبارة عن كتابة مع سلاح كلاشينكوف مائل على خلفية صفراء، وهو ايضا شعار “الحشد” وشعار ميليشيات متعددة منضوية تحت لواء هذا الحشد، وهو كذلك يشبه شعار “حزب الله” اللبناني.
في ظل هذا التماهي بين “الحشد الشعبي” والعقائد السياسية وشعارات الميليشيات الايرانية الموالية للنظام، وفي ظل حكومة عراقية موالية بالكامل لطهران يشغل وزارة الداخلية فيها “ميليشيوي” موالي لايران كذلك، يصبح من شبه المستحيل معرفة الفارق بين الميليشيات العراقية التي تدعمها ايران وتلك التي تسمي نفسها “الحشد الشعبي”، بل يمكن القول ان ميليشيا “الحشد الشعبي” نفسها هي احدى اكثر التنظيمات الناشئة حديثا والموالية للايرانيين.
وان يعتقد الخبراء الاميركيون ان السبيل الى اصلاح السياسة الاميركية في العراق يقضي بفصل “الحشد الشعبي” الموالي لايران عن “الميليشيات التي تدعمها ايران” هو اعتقاد ممكن نظرا الى الشح الفكري الذي يسيطر على عقول هؤلاء الخبراء. ولكن ان يرد بين اسماء هؤلاء الخبراء اسم مفكر كبير وصاحب تاريخ عريق في العراق مثل دايفيد بترايوس، فذلك خيبة أمل كبيرة تشي بأن السياسة الاميركية، في عهدة أوباما كما في عهدة معارضية او خلفائه من بعده، ستستمر غارقة في الاضطراب نفسه الذي كلف منطقة الشرق الاوسط الكثير على مدى العقود الماضية، ومازال يكلفها الكثير اليوم.

الجمعة، 26 يونيو 2015

كاشف البعد العسكري لـ «النووي» الإيراني ... اختفى في 2007 وظهر شاهداً في محكمة الحريري

واشنطن - من حسين عبدالحسين

التصريح الذي أطلقه قبل أسابيع وزير الخارجية جون كيري، وقال فيه إن بلاده تعلم على وجه التأكيد أنه كان لبرنامج إيران النووي بعد عسكري في الماضي، أثار عاصفة من الردود، جاء آخرها من مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي) مايكل هايدن، الذي قال إنه لم يسمع مسؤولاً في حياته يتحدث عن معلومات استخباراتية بهذا النوع من التأكيد كالذي أدلى به كيري.

ما تعرفه الولايات المتحدة وحلفاؤها عن برنامج إيران النووي قدمته لـ «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، التي قدمت بدورها 12 سؤالاً لإيران طالبة ايضاحات حولها. أما كيف وصلت هذه المعلومات إلى العواصم الغربية، فهو موضوع ما زال يثير الشكوك والتساؤلات. وما يزيد في الطين بلّة أن طهران التزمت التسويف والصمت على مدى الأعوام الثمانية الماضية، ولم تقدم أي إيضاحات أو إجابات للوكالة حول الأسئلة المذكورة.

ويقول متابعون في العاصمة الأميركية إن القصة بدأت في العام 2005، عندما تم تهريب كمبيوتر محمول إلى خارج إيران، يقال إنه تمت سرقته من أحد مسؤولي البرنامج النووي الايراني. في الكمبيوتر تفاصيل كثيرة ومتنوعة ساعدت أميركا على فهم برنامج إيران النووي، والتأكد من أبعاده العسكرية والتجارب التي أجرتها إيران في موقع بارشين العسكري.

ومع أن المشككين اعتبروا أن المواد التي تم الكشف عنها لا تشي بأن الجهاز المسروق مصدره ايران، اذ ان الوثائق الواردة فيه كانت بالانكليزية، بدلا من الفارسية، وان بعض الوثائق تم حفظها ببرنامج «باور بوينت» وكأنه تم اعدادها ليتم تقديمها في محاضرة أو اجتماع ما، الا ان المطلعين على قضية الجهاز يؤكدون أن مصدره إيران، وأن المعلومات التي تم استخلاصها حددت تفاصيل البرنامج بدقة، وحددت هوية العاملين عليه.

وفي الاعوام التي تلت تهريب الجهاز، تمت تصفية خمسة من العلماء الايرانيين العاملين في البرنامج، في وقت اتهمت طهران تل ابيب وواشنطن بالوقوف خلف هذه الاغتيالات.

ويذهب البعض الى القول ان من هرّب الجهاز من داخل ايران قدم كذلك «معلومات حاسمة» ساهمت في تحديد هوية ومكان المسؤول العسكري السابق في «حزب الله» اللبناني عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق في فبراير 2008. ويقول متابعون لقصة الجهاز المسروق ان من ساعد في تهريبه هو نائب وزير الدفاع الايراني علي رضا عسكري، وان الأخير تم تجنيده للعمل لصالح جهاز استخبارات غربية في وقت ما من تسعينات القرن الماضي. وسبق لعسكري أن امضى عقد الثمانينات في سهل البقاع اللبناني، وساهم في صناعة «حزب الله»، وفي اعداد كوادره البشرية، وفي تدريب وتسليح جناحه العسكري.

ويذهب بعض المتابعين الاميركيين الى القول إن عسكري كان ممن خططوا واشرفوا على تنفيذ الهجومين ضد السفارة الاميركية ومقر المارينز قرب مطار بيروت الدولي في النصف الاول من الثمانينات، ما جعله في مصاف «الإرهابيين» المطلوبين امام المحاكم الاميركية.

ويضيف المتابعون أن السلطات الإيرانية اكتشفت أنها مخترقة استخباراتياً، وأنه مع حلول العام 2007، كادت أن تطبق على عسكري، الذي همّ بالفرار الى دمشق، ومنها الى اسطنبول حيث اختفى أي أثر له. وفي وقت لاحق، أعلنت إيران أن مسؤولها تم اختاطفه من قبل الأميركيين والإسرائيليين، فيما التزمت الأجهزة الغربية الصمت حول مصير المسؤول المذكور الذي بقي مكان وجوده مجهولاً حتى اليوم.

لكن عسكري ظهر مرة واحدة منذ اختفائه في العام 2007، وكان ذلك في لانسدام، في هولندا، في العام 2013. ينقل ذلك الكاتب كاي بيرد، وهو المعروف بكتاباته حول الشؤون الجاسوسية، وهو يتمتع بمصداقية عالية في هذا المضمار.

ويقول بيرد إن عسكري حضر الى هولندا للإدلاء بشهادته أمام «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، والتي أنشأها مجلس الأمن لمحاكمة قتلة رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري، الذي تم اغتياله في بيروت في فبراير 2005. ويعتبر بيرد انه حتى يظهر عسكري في هولندا، فذلك يعني انه يعيش بحماية جهاز استخباراتي يشرف على اقامته وتحركاته.

وعسكري هو واحد من الشهود الأساسيين الذين حاولت المحكمة التستر على هويتهم لحمايتهم بموجب برنامج حماية الشهود، الى جانب شاهد لبناني آخر يقال إن أحد المتورطين في عملية اغتيال الحريري حاول تجنيده، قبل أن يرفض ذلك فيقوم المتورط بالاغتيال بتجنيد المدعو احمد ابو عدس. والشاهد الثاني أمكنه التعرف على هوية من حاول تجنيده، وأدلى بشهادته في المحكمة الدولية.

هكذا، يبدو أن لدى الولايات المتحدة تفاصيل كثيرة حول البرنامج النووي الإيراني، وهو ما قد يدفع الرئيس الاميركي باراك أوباما إلى التراخي والاعتقاد بأنه يمكن لأميركا الاستمرار في مراقبة ما تعرفه، وأن تتحرك في حال اعتقادها أن طهران تحاول الوصول إلى القنبلة. أما الفضل الأكبر في ذلك، فيعود في الغالب إلى علي رضا عسكري.

مجموعة «5 + 1» وإيران تعملان على ملحق لإشراف دولي على الأبحاث والتخصيب

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
جريدة الراي

دخلت المفاوضات النووية مع ايران مرحلة حاسمة مع اقتراب الموعد النهائي المقرر لتوقيع اتفاقية نهائية الثلاثاء المقبل.

وفي وقت رجح المتابعون «تمديدا للمفاوضات لا يتعدى اسبوعين»، شن المشككون بامكانية التوصل لاتفاقية مقبولة مع ايران حملة ضمنية وعلنية، تضمنت قيام مجموعة من المستشارين السابقين للرئيس باراك أوباما، بالاشتراك مع مسؤولين سابقين في ادارة سلفه جورج بوش، بارسال رسالة مفتوحة الى البيت الابيض حاولت تفنيد ما رشح عن المفاوضين حتى الآن، معتبرة انه على ضوء ما تسرّب، فان الاتفاقية المتوقعة لا يبدو انها ستؤدي الى وقف زحف ايران نحو انتاج قنبلة نووية.

في هذه الاثناء، نقل مسؤولون في الكونغرس، تسنى لهم الاطلاع على مجرى المفاوضات، ان مجموعة دول خمس زائد واحد وايران تعمل على المصادقة على ملحق للاتفاقية ينص على قيام الدول الكبرى بالاشراف على عملية الابحاث والتخصيب النووية الايرانية، داخل ايران.

وقال مؤيدو الملحق ان من شأن الاشتراك مع الايرانيين في برنامجهم النووي تحويله الى برنامج مشترك، ما يمنع الايرانيين من القيام بتجارب سرية، ويسمح للدول المشرفة على البرنامج بالتأكد في الوقت نفسه من نوعية البرنامج واهدافه.ورجحت المصادر الاميركية ان تلعب روسيا دور «الشريك» في البرنامج النووي الايراني، في وقت هاجم معارضو الملحق هذا النوع من الشراكة، معتبرين انه في اللحظة التي تحوز فيها ايران على بنية تحتية وعلى العلوم النووية المطلوبة، بامكانها كسر الشراكة وطرد الشركاء والانفراد ببرنامج نووي يمكنها حينذاك ان تأخذه سرا في اتجاه العسكرة.

اما الرسالة المفتوحة التي نظمها «معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى»، فتضمنت بعض التواقيع البارزة تصدرها بطل حرب العراق ومدير الاستخبارات السابق ديفيد بترايوس، ومسؤول ملف ايران السابق دينيس روس، وعضو الوفد الاميركي السابق للمفاوضات مع ايران روبرت اينهورن، ونائب مدير وكالة الطاقة الذرية الدولية السابق اولي هاينونن، والسفير السابق في العراق جايمس جيفري، ومستشار الامن القومي في ادارة بوش الاولى ستيفن هادلي.

ولم تتضمن الوثيقة اي اقتراحات جديدة، بل اعادت تقديم ما دأب على تكراره معارضو الاتفاقية، لناحية انه يتوجب على طهران منح المفتشين الدوليين سلطة كاملة، لا لزيارة المواقع النووية المعلنة فحسب، بل تفقّد أي مواقع عسكرية تشتبه الوكالة بأن داخلها ابحاثا تتعلق بالبرنامج النووي، بما في ذلك مواقع تعود للحرس الثوري الايراني. وشدد الموقعون على ضرورة فتح ايران ابواب منشآتها وارشيفها وتقديم علمائها للمفتشين الدوليين حتى يتسنى للمفتشين تحديد «البعد العسكري المحتمل» للبرنامج النووي الايراني، ورصد اي نشاطات قامت بها ايران على هذا الصعيد في الماضي. واعتبر الموقعون ان الكشف كاملا عن هذا البعد المحتمل هو بمثابة شرط لرفع اي من العقوبات الدولية المفروضة على النظام الايراني.

البند الثالث في العريضة دعا الى منع ايران من استخدام اي طرود مركزية متطورة، حتى بعد نفاد تاريخ الاتفاقية بعد عشر سنوات، والتأكد انه عندما تقوم ايران بادخال اي طرود جديدة، فان ذلك يجب ان يحصل باشراف دولي وبما يتناسب مع بقاء برنامجها النووي سلميا.

البند الرابع تحدث عن ضرورة رفع تدريجي للعقوبات يتزامن مع تأكيد الوكالة الدولية تجاوب ايران مع الشروط الدولية، اما الخامس فدعا الى ربط رفع العقوبات بنص يسمح بعودتها تلقائيا، اي من دون نقاش قد يكون عرضة للنقض من أي من الدول الكبرى في مجلس الأمن، في حال لم تلتزم ايران بأي من بنود الاتفاقية.

لبنان يعاني من استمرار أزمته الوجودية

واشنطن - حسين عبدالحسين

لم يكن لبنان يوما وطنا حسب رأي غالبية سكانه، بل دائما حسب رأي الاقوى والأوسع نفوذا والاكثر عددا، ما يعني انه حتى لو تراخت قبضة “مجتمع المقاومة” المطبقة على لبنان اليوم، على اللبنانيين ان يعيدوا تعريف كيانهم بصورة جديدة مبنية على أسس أكثر حداثة بدلا من اعادة لبنان الى سابق عهده كوطن قائم على فلسفة تحمل دائما في طياتها بذور نزاعات مستقبلية.

لبنان ذو وجه عربي ام لبنان عربي؟
يعاني لبنان، منذ قيامه بشكله الحالي بمرسوم صادر عن سلطة الانتداب الفرنسي في العام 1920، من أزمة وجودية لطالما أدت الى انقسام غالبية مواطنيه الى فريقين. الفريق الاول، الذي غلبت عليه في العقود الاولى للتأسيس أكثرية مارونية مسيحية – شيعية مسلمة، بذلت جهدا لخلق هوية قومية فيها تاريخ وثقافة وطريقة معاش – وحتى لغة – مختلفة عن لغة وثقافة المحيط المشرقي ذات الغالبية السنية المسلمة. اما الفريق الثاني، الذي قادته غالبية سنية، فسعى حثيثا للتصدي لرواية لبنان الوطن القومي واستبدالها بأخرى تقول ان لبنان دولة غير قابلة للحياة، وانه اقليم عربي او مشرقي سلخته القوى الاستعمارية عن محيطه خدمة لمشاريعها التقسيمية، ويجب اعادته الى الزمن السابق للتأسيس كجزء من وطن مشرقي او عربي أكبر.
ومن نافل القول ان الروايتين يشوبهما جهل وشعبوية، ففريق الهوية اللبنانية الماروني – الشيعي بنى تصوره على بلد هجين قائم على العداء للتاريخ وللعرب والعروبة. على ان هذا التصور كاد ان يكون معقولا، على الرغم من حصريته التي تقارب العنصرية، لو ان الفريق الماروني – الشيعي قدم نموذجا لوطن قابل للحياة، فالوطن الماروني – الشيعي، الذي أطلقوا عليه تسمية “لبنان الرسالة”، هو وطن مبهم مبني على الخرافة اكثر منه على الواقع. ولاستكمال القصور الفكري في الثقافة السياسية، قدم الفريق الماروني – الشيعي الوطن اللبناني على قياس زعمائه، فجاء لبنانهم يعج بالاستثناءات في بنيته التكوينية والدستورية.
من الاستثناءات التي بنى عليها الموارنة والشيعة وطنهم هو ان لبنان “بلد أقليات”، تتعايش فيه دون ان تنصهر، ويراعي نظامه السياسي العددية الديموغرافية للمذاهب المشكلة للكيان، يوم تشكيل الكيان فقط. ومع حلول السبعينات، طرأ تغيير كبير على العددية الديموغرافية للمذاهب، فتمسك المسيحيون بـ “استثنائية” لبنان معتبرين ان تكوينه راعى العددية يوم قيامه، وان العددية لم تعد ذات مغزى. لكن المسلمين لم يوافقوا على التفسير المسيحي، فخاض الطرفان حربا اهلية دامية بين 1975 و1990، أدت الى تعديل بنيان الكيان لمراعاة التغيير العددي المذهبي، وتم اقتسام الدولة مناصفة وتوزيع السلطات التنفيذية بين كل المذاهب، بعدما كانت حصرا في ايدي الموارنة.
لكن كما في يوم تأسيس الكيان في 1920، كذلك في يوم تعديل اسسه الدستورية في العام 1990، حملت “الصيغة اللبنانية” بذور الصراع في داخلها، فالمجموعات المذهبية يتغير عددها ونفوذها بشكل مستمر، ما يجعل التعديل الدستوري مطلبا في كل وقت، وما يخلق توترات وصراعات متواصلة.
وفي “الصيغة اللبنانية” الفريدة تناقض مع فكرة الديموقراطية، التي يسميها اللبنانيون “ديموقراطية توافقية”، فالديموقراطية تعني حكم الغالبية، فيما التوافقية تعني موافقة الجميع — لا الغالبية فحسب — على أي أمر. وفي الديموقراطية اللبنانية الفريدة من نوعها تقويض لمبدأ حكم الغالبية، لناحية ان اللبنانيين لا يختارون ممثليهم بناء على موقف هؤلاء الممثلين من كذا او كذا، بل يختارونهم وفقا لهوياتهم المذهبية، وهو ما يخلق كتلا سياسية برلمانية واحزابا ذات هويات ثابتة قد تتفاعل وقد لا تتفاعل مع برامج حكم. مثلا، يكفي ان يكون رئيس مجلس النواب نبيه بري شيعيا حتى يحوز على غالبية شيعية في دائرته يوم انتخابه، بغض النظر عن مواقفه تجاه الامور التي تدخل في صلب دور الدولة كالسياسة الخارجية والاقتصاد وغيرها.
على ان الفريق المناوئ للفريق “السيادي اللبناني”، الماروني – الشيعي في العقود الاولى لقيام لبنان، لا يقدم نظريات بديلة اكثر نباهة، فالفريق “القومي العربي”، الذي قاده سنة لبنان ودروزه احيانا، يلعن اتفاقية سايكس – بيكو بين الفرنسيين والبريطانيين على أنها اتفاقية كولونيالية أدت الى قيام الكيان المصطنع الذي أسمي لبنان. لكن هؤلاء لا يتنبهون الى أن القضايا الأخرى التي يتبنوها، مثل فلسطين، هي حصيلة سايكس – بيكو كذلك. وفي نفس الوقت الذي حاول فيه الفريق “السيادي اللبناني” ابعاد لبنان عن كل ما هو عربي، حاول الفريق “القومي العربي” انكار الهوية المشرقية اللبنانية على لبنان واتهموا المتمسكين بالانعزالية وبالعمالة للامبريالية.
وفي العام 1989، استضافت المملكة العربية السعودية مؤتمرا في الطائف، توصل على اثره اللبنانيون الى تعديلات دستورية كانت ابرزها، الى جانب اعادة التوزيع لتحقيق مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، تعديل فقرة “لبنان هو دولة ذات وجه عربي” الى “لبنان عربي”. وفي العبارتين مشكلة، صحيح ان لبنان عربي، ولكنه عربي بمزايا مشرقية لا ضير من الاشارة اليها في الدستور.

هانوي ام هونغ كونغ؟
عاد نواب لبنان وزعماؤه من الطائف وأقروا التعديلات الدستورية في “مجلس النواب” في العام 1990، بعد ذلك، اجتاحت قوات الفريق الاسلامي الجيب المسيحي، وانتقل لبنان من زمن “الحرب الاهلية” الى زمن “السلم الاهلي” . لكن القوى اللبنانية التي خرجت من الحرب لاهلية كانت تختلف جذريا عن تلك التي دخلتها.
مع بدء العام 1975، بدأت عملية انشقاق الشيعة عن الموارنة، فالفرنسيين كانوا انشأوا لبنان وطنا لغالبية مسيحية بسيطة، شأنه شأن دول اخرى أقاموها في سوريا: دولة الدروز في الجنوب، والعلويين في الشمال الغربي. وكان الدروز والعلويون والموارنة بالكاد يشكلون غالبية سكانية في دولهم، وهو ما حدا بالفرنسيين الى اضافة شيعة لبنان الى موارنته تعزيزا للغالبية العددية في وجه الثلث السني المتبقي. طبعا، لم يعترض الشيعة – الذين عاشوا حتى 1920 تحت رحمة حاكمين عثمانيين سنيين واحد في عكا وآخر في دمشق. والشيعة الذين بدأوا بالانفصال عن الموارنة، في 1975، انضموا في الغالب الى احزاب علمانية وقومية تراوحت بين الاحزاب الشيوعي والبعثي والسوري القومي والناصري.
ومع نهاية الخمسينات، كانت ايران الشاه بدأت مشروع التواصل مع شيعة الشرق الأوسط، وكان أولهم في لبنان الذي وصله رجل دين شيعي ايراني من اصول لبنانية وكان اسمه موسى الصدر، وراح يقيم حركة شيعية مشابهة للتنظيمات المذهبية المارونية والدرزية والسنية الموجودة اصلا في لبنان. وفي وقت لاحق، وجد الصدر وحافظ الأسد في تحالفهما خيارا استراتيجيا، قبل ان تعود ايران الاسلامية لتجديد دخولها الى لبنان بتنظيمات عقائدية جديدة مثل “حزب الله”. اما الدروز، فهم انتقلوا من مناصرتهم للكيان اللبناني الى تحالف مع السنة في السبعينات، وانهوا الحرب وهم يتأرجحون في تحالفاتهم بين السنة ونظام الأسد.
ومع نهاية الحرب، اعطى العالم لأسد اليد العليا في لبنان، ففاز الشيعة من انصاره بأكبر حصة في جمهورية ما بعد الطائف، وتبعثر الموارنة خصومه، وحفظ الأسد حصتين تعامل معهما بحذر: حصة لسنة لبنان بزعامة الصاعد رفيق الحريري، واخرى لشيعة لبنان الموالين لايران اي “حزب الله”.
المسيحيون اسموا مرحلة “السلم الأهلي” احباطا مسيحيا، وشيعة الأسد والدروز تقاسموا الحكومة، فيما انقسم لبنان بين مشروعين اعادا لبنان الى زمن الانقسام السابق للحرب.
الحريري قاد السنة الى اعتناق مبدأ “لبنان وطن نهائي”، ووظف ثقله الدولي والمالي الضخم لتحويل لبنان الى “مقصد سياحي للمصطافين وجنة ضرائبية للمستثمرين”. واعتقد الحريري، صحيحا، ان “ميزة لبنان التفاضلية”، وهي تعبير اقتصادي، تكمن في موارده البشرية حيث يكثر عدد اللبنانيين من اصحاب الشهادات الجامعية نسبة لاجمالي السكان.
المشروع الثاني في لبنان كان بقيادة شيعة “حزب الله”، وهو مشروع مبني على تحويل لبنان الى “مجتمع المقاومة”، حسبما ورد في كتاب نائب زعيم الحزب نعيم قاسم. ومع نهاية الحرب، تراجع الحزب عن مشروعه الأولي القاضي باقامة جمهورية اسلامية في لبنان، وقلب شعاره المكتوب على رايته من “الثورة الاسلامية في لبنان” الى “المقاومة الاسلامية في لبنان”. حتى المقاومة، عمد الحزب في وقت لاحق الى لبننتها، واطلق تسمية “المجموعة اللبنانية للاعلام” على وسائله الاعلامية.
على ان مشروع “لبنان المقاومة” اصبح عاطلا عن العمل بعد انسحاب اسرائيل من لبنان في العام 2000، فراح “حزب الله” يتأرجح بين البطالة وبين قيامه بنشاطات عسكرية واستخباراتية خارج لبنان، وفي نفس الوقت، وجهّ الحزب، ومعه رئيس سوريا الجديد بشار الأسد، غضب انصارهم في اتجاه السنة والحريري.
المشروعان، اي مشروع الحريري لتحويل لبنان الى دبي، على حد قول احد مساعديه، ومشروع “حزب الله” تحويل لبنان الى “مجتمع مقاوم”، هما مشروعان متضاربان بنيويا، اذ لا يمكن لأي اعمال ان تتخذ من لبنان مقرا لها، ولا يمكن للسواح ان يصطافوا في لبنان، اذا ما ظلت مفاجآت “حزب الله” العسكرية ومغامراته ممكنة في أي لحظة.
حتى النجاح العمراني والمالي الذي حققه الحريري في عقد التسعينات، جاء بتكلفة مرتفعة جدا، لا بسبب الفساد الذي رماه “حزب الله” والأسد على الحريري حصرا، بل بسبب اضطرار الحكومة اللبنانية الى الاستدانة بفوائد مرتفعة في ظل العمليات الحربية الجارية حتى العام 2000، التي كان يمكن تفاديها واقناع اسرائيل ديبلوماسيا عبر طرف ثالث بالانسحاب لو ان الحزب لم يصنف اي مجهود ديبلوماسي من ذاك النوع بالخيانة الوطنية.
هكذا، استمر التنافس بين لبنان الأعمال ولبنان المقاومة الى درجة دفعت زعيم الدروز وليد جنبلاط، المعروف بحذاقته، الى رفع سؤال قال ان الاجابة عليه ضرورة لتحديد ماهية لبنان. اما سؤال جنبلاط فكان مفاده ان اللبنانيين يريدون ان يعرفوا اذا كان بلدهم هانوي، عاصمة فيتنام التي خاضت معركة طاحنة ضد الجيش الاميركي، او هونغ كونغ، المدينة-الدولة الرائدة في عالم المال والاقتصاد.

لبنان “وطن المقاومة”؟
بعد مقتل الحريري في 2005 وانسحاب قوات الأسد من لبنان، اصبحت البلاد في قبضة “حزب الله” بالكامل. صحيح ان زعيم الحزب السيد حسن نصرالله اقترح مرارا العودة الى الترتيب السابق، أي ان ينشغل السنة والمسيحيون والدروز بشؤون الحكم والمال والاعمال وان يتركوا شؤون الأمن والسياسة الخارجية للشيعة وحدهم، الا ان المذاهب الاخرى — خصوصا السنة — رفضوا العودة الى العيش في لبنان المتناقضوالمتورط في صراعات اقليمية.
ومع اندلاع الثورة في سوريا في ربيع العام 2011، ودخول “حزب الله” للقتال الى جانب الأسد، تضعضعت أكثر الدولة اللبنانية وخسرت سيادتها بشكل شبه كامل، وانتهت ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي كانت آرائه في الحكم غير ملزمة ومن باب الاقتراح، من دون انتخاب بديل له. وأعلن جنبلاط والدروز حيادهم في الصراع الاقليمي بين السنة والشيعة، وحصروا نشاطهم السياسي بحكومة لبنان المتقهقهرة وبمجلس نوابه المنتهية صلاحيته والباقي بقوانين تمديد يقرّها بنفسه. ومع ضعف الأسد في سوريا، ضعف شيعته في لبنان من أمثال بري. وفي نفس الوقت، استمر التراجع المسيحي عددا، بسبب الهجرة وتناقص عدد المواليد، ونفوذا بسبب شبه انهيار الاقتصاد اللبناني.
اما المجموعة الوحيدة التي فرضت سيطرتها، غالبا بفضل جناحها المسلح وتمويلها العسكري الخارجي، فكانت شيعة “حزب الله”، التي دفعت حلفاءها الى الوقوف في صفها والدخول معها في”مجتمع المقاومة”، او الخروج من دائرة الضوء السياسية حسبما فعل السنة، والى حد أقل الدروز.
لكن حتى انصار “حزب الله” بدأوا بالتململ بسبب تكاثر الخسائر البشرية والمادية للحزب في سوريا، وربما شعروا بالحنين الى ايام في الماضي القريب كان فيها للدولة اللبنانية وجود، وان ضعيف، وكان فيها الاقتصاد اللبناني يمشي، وان اعرجا.
وحتى يقرر “حزب الله” السماح للمجموعات المنافسة، كالسنة والدروز ونصف المسيحيين، بفرض وجهة نظرها حول سبب وجود لبنان وفلسفة كيانه، وحتى يتم السماح لهؤلاء بتقديم مشاريع حكم مغايرة لمجتمع المقاومة الحربي الذي يفرضه “حزب الله” اليوم، سيبقى لبنان “وطن المقاومة” حتى اشعار آخر، وان كان ذلك لا يعني موافقة غالبية سكانه على ذلك، فلبنان — منذ قيامه — لم يكن وطنا حسب رأي الغالبية، بل حسب رأي الاقوى والاوسع نفوذا والاكثر عددا مذهبيا، ما يعني انه لو تراخت قبضة “مجتمع المقاومة” يوما، على لبنان ان لا يعود الى سابق عهده، بل ان يعيد اكتشاف نفسه وكيانه على أسس اكثر حداثة لا تحمل في طياتها بذور نزاعات مستقبلية.

عندما يعاند أوباما

حسين عبدالحسين

بعد ستة أعوام على شغله البيت الأبيض، أدركت غالبية المعنيين بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة ان الرئيس باراك أوباما يمسك شخصيا بكل مفاصل وتفاصيل هذه السياسة، وانه يندر ان يستمع الى نصائح وزرائه او جنرالاته او مستشاريه. ويزيد في الطين بلّة الصلاحيات شبه المطلقة التي يمنحها الدستور الأميركي للرئيس، خارجيا، ما يسمح له بالاستئثار بكل شاردة وواردة، على عكس السياسة الداخلية، التي ما فتئ أوباما يقفز فيها من خيبة الى اخرى، على الأقل منذ استعادة معارضيه الجمهوريين للغالبية في الكونغرس في العام ٢٠١٠، وتعزيزهم سيطرتهم هذه بانتزاعهم مجلس الشيوخ، العام الماضي.

ومن مشاكل أوباما، الذي يأخذ عليه كثيرون نبرته الهادئة أكثر من المطلوب والتي تقارب العجرفة، انه لا يستمع للنصيحة، فيخطىء، وبعد أن يدرك خطأه، ينحو باللائمة على الاطراف الخارجية المعنية بالقول انها "في نهاية المطاف"، مسؤولية العراقيين او السوريين او المصريين القيام بالأمر الذي اخطأ فيه أوباما لأنها بلادهم ومصالحهم. في العراق، أنذر المقربون من أوباما وحلفاؤه الدوليون من "تقليص الانخراط" الاميركي هناك بشكل دراماتيكي. ل

لا ضير في سحب القوات الاميركية من العراق، اعتقد كثيرون، ولكن هؤلاء حذروا الرئيس الاميركي من ترك الأقليتين الكردية، وخصوصا السنية، تتدبران أمورهما مع الحكومة الفيدرالية العراقية، التي تسيطر عليها غالبية شيعية موالية لايران. لكن أوباما لم يستمع، بل راح يكرر ويؤكد ان العراق دولة مستقلة، وان القيمين عليها يدرون ما يفعلونه، وان علاقة واشنطن مع بغداد ستتحول الى علاقة ندية واستراتيجية.

لكن بغداد قبضت على الندية وادارت الاستراتيجية تجاه خصومها المحليين، فطاردت نائب الرئيس طارق الهاشمي، واطاحت بوزير المالية رافع العيساوي، وقتلت شقيق النائب احمد العلواني، وأوقفت مرتبات ميليشيات الصحوات السنية وحلّتها، واستبدلتها بسرايا الخراساني، الموالية لمرشد الثورة الايرانية علي خامنئي، وبميلشيات شيعية مشابهة. وتكررت التحذيرات لأوباما من خطر المراهنة على رئيس حكومة عراقي شيعي من طينة من سبقه، لكن أوباما أصرّ انه يعرف ما لا يعرفه الآخرون، فخسرت بغداد سيطرتها على الرمادي بعد عام على خسارتها الموصل.

واستمر أوباما في سياسته، فزاد عدد مستشاريه العسكريين في العراق الى اكثر من ثلاثة الاف، واستمر برفض نصيحة قائد قيادة "المنطقة الوسطى" الجنرال اوستن لويد، الذي كان طلب ارسال الاميركيين الى الخطوط الامامية ليزودوا مقاتلات التحالف الدولي بأهداف "الدولة الاسلامية".

ومثلما رفض أوباما نصيحة العسكر في العراق، رفض نصيحة مستشاريه الذين قالوا له ان مفتاح الحل العراقي هو في اعادة التوازن الداخلي الشيعي - السني. ومازال أوباما يرفض نصيحة التوازن نفسها على صعيد اقليمي، ويعتقد ان تزويد ايران الحليفة المتوقعة بمئة وخمسين مليار دولار من شأنه ان يؤدي الى قضائها على "الدولة الاسلامية"، بعد أكثر من عام على بدء معركة تقودها ايران نفسها ولا تبدو نتائجها ايجابية حتى الآن.

أوباما الذي لا يعترف بأخطائه في العراق، ولا في سوريا ولا تجاه ايران، يعزز الخطأ بخطأ جديد، فيصرّ اليوم على اهمية الاتفاقية النووية مع ايران، ولا يرى ضيرا من مسيرة التنازلات التي بدأت مع الاعتراف "بحق" ايران في التخصيب، ووصلت الى ما يبدو تخليا اميركيا عن مطالبة طهران بالكشف عن برنامجها النووي العسكري الذي -- وبفضل كومبيوتر لابتوب تم تهريبه الى خارج ايران في العام ٢٠٠٧ -- صار مؤكدا انه برنامج ذو ابعاد عسكرية. 

أوباما لا يهتم. يكرر ويؤكد ان اتفاقيته مع طهران تاريخية، وانها ستحرم الايرانيين النووي، وستحولهم الى حلفاء يقومون بخدمات أمنية لواشنطن في المنطقة، ويقضون على "الدولة الاسلامية"، ويحولون المآسي التي تعانيها واشنطن، منذ الخمسينات بسب سياساتها المضطربة في الشرق الاوسط، الى أفراح.

الوزراء والضباط والمستشارون، باستثناء واحدة، وسائر المعنيين بالسياسة الاميركية الخارجية في واشنطن، من الحزبين، صاروا يجمعون على اضطراب أوباما في السياسة الخارجية وعلى تراكم اخطائه، وصاروا ينصحونه سرا وعلنا بضرورة تبني سياسات بديلة. لكن أوباما، بهدوئه وعجرفته، لا يهتم للنصحية، ويستمر في عناده، او حسب القول الشعبي يستمر في "تبويمه"، اي من البومة وفألها السيء. اما تكاليف تبويم أوباما، فضحايا عراقيين وسوريين ويمنيين وليبيين وعرب متنوعين من هنا ومن هناك. 

الخميس، 25 يونيو 2015

معتقلون عند حزب الله من دون زنازين

حسين عبدالحسين

مطلع العقد الماضي، أطل حاكم ليبيا الراحل معمر القذافي في مقابلة عبر محطة تلفزيونية بثت شريط فيديو أظهر “الأخ العقيد” يقود جرافة ويهدم جدران مبنى قيل انه كان سجنا. “لا مساجين سياسيين لدينا، وانا شخصيا هدمت جدران آخر السجون”، قال القذافي في تلك المقابلة، مستخفا بذكاء المشاهدين، الذين كان مطلوبا منهم ان يصدقوا ان كل الناس كانوا احرارا في “جماهيرية” الرعب الليبية.

الاسبوع الماضي، اندلع حريق في منطقة مجاورة لمسجد المجتبى في ضاحية بيروت الجنوبية. حضرت فرق الاطفاء، وفي عقبها حضرت اختان من عشيرة “آل شمص” الشيعية، وهي من كبرى عشائر بلدة الهرمل، الواقعة في شمال سهل البقاع، شرق لبنان. راحت الاختان تلتقطان الصور لعملية الاطفاء، فحضر رجال بثياب مدنية وطلبوا معرفة هوية الاختين واسباب التصوير. ولأن الرجال لم يكونوا ببذات أمنية، رفضت الاختان الاجابة، وطلبتا معرفة “بأي حق” يسألهما الرجال اسئلة ويحققون معهما. اجاب الرجال انهم من “أمن حزب الله”، وان مسجد المجتبى هو “منطقة أمنية” تابعة لـ “المقاومة”، وتاليا لا يجوز التصوير فيها.

وتشنجت الاجواء، وربما ارتفعت الاصوات، فما كان من أمن “حزب الله” الا ان اعتقلوا الاختين، واقتادوهما في سيارة الى حيث تم التحقيق معهما، قبل الافراج عنهما. وبعد خروج الامرأتان المحجبتان الى الحرية، أطلا عبر وسائل اعلامية لبنانية “غير صديقة للحزب”، وأدلت احدى الاختين بخطاب مؤثر بدت فيه العصبية، ووجهت اسئلة الى امين عام الحزب السيد حسن نصرالله، متسائلة كيف يجوز لعناصره الامنية الاعتداء على اعراض الناس واقتياد النسوة الى مراكز تحقيق.

وتابعت الأخت العصبية القول انها رأت زنازين في مكان اعتقالها، وحملت صورة قالت انها لأخيها المقتول منذ سنوات، محملة الحزب مسؤولية موته و”دية دمه”. وانتشرت فيديوهات خطبة الاخت المفجوعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيما التزم مسؤولو “حزب الله” الصمت.

بعد مرور أيام، نقلت احدى المواقع الاعلامية عن “مسؤولين في حزب الله”، وجهة نظر الحزب فيما جرى، وبدا وكأن التصريحات تلك، التي تناقلتها مواقع حلفاء الحزب، هي الرد الرسمي على اتهامات الاختين شمص.

لم تختلف رواية الحزب كثيرا، بل اضافت ان سبب موت شقيق الاختين شمص هو ان سيارة اطفاء دهسته عن طريق الخطأ وأودت بحياته، وان الاختين تجزمان، من دون مبرر، ان السائق كان عضوا في الحزب، وتحملان الحزب المسؤولية، وهو ما بث كراهية لدى الاختين ضد الحزب دفعتهما الى افتعال المواجهة امام مسجد المجتبى.

قد يكون مسؤولو “حزب الله” محقين، اذ لا يجوز تحميل الحزب مسؤولية مقتل شخص في حادث من دون اجراء تحقيقات لازمة والتثبت من ان الأمر كان جريمة مقصودة. لكن الطامة الكبرى هي ما كشفه مسؤولو الحزب في الباقي من تصريحاتهم الى الموقع المذكور.

يقول مسؤولو حزب الله: “تم إصطحاب (الاختين) أمل ومنى إلى أحد المراكز القريبة والتحقيق معهما بعدما أثارتا الشبهات، دون أي تعرض لهما”. ويضيف المسؤولون ان عناصر “حزب الله” إكتفوا بسؤال السيدتان “عن مهمتهما ووجهتهما والهدف من التصوير والتحقّق من الصور والسؤال عن أسباب” تهديد مزعوم بالتفجير قامت به احدى الاختين. “وبعدما لم تصل الأمور حدّ التعاون أخرجا من المركز دون أن يتعرض لهما أحد بأي أذى أو كلمة”.

وتابع مسؤولو الحزب: “ما أثار إنتباه عناصر الحماية، وهو إلتقاط السيدتان الصور بالقرب من مجمع المجتبى، ما اثار شبهة حول إمكانية قيامهما بتصوير أمور أمنية خاصة في مركز معروف أنه تابع للمقاومة، وهذا ما دفعهم للحضور لمعرفة ما يجري، وهو أجراء روتيني يحصل في حال حصول هذا الأمر”.

وختم الموقع حول ما صرحت به الاختان شمص حول وضعهما في زنزانة، “نفى المصدر وجود مثل هذه الزنازين في الضاحية الجنوبية”، كاشفاً “ان ما تم التصريح به عارٍ عن الصحة وهو ملفّق ونابع من حقدٍ دفين ومحاولة لتشويه صورة حزب الله أمام الرأي العام”.

لم يتنبه مسؤولو “حزب الله” تصنيفهم مسجدا على انه “مركز معروف انه تابع للمقاومة”. كما لم يتنبه هؤلاء المسؤولون الى انه ليس امرا “روتينيا” ان يقوم شخص مدني من غير القوى الامنية اللبنانية باحتجاز او اعتقال اي مواطن لبناني او اقتياده الى مكان حيث يتم التحقيق معه.

ومن نافل القول ان مسؤولي “حزب الله” انشغلوا بنفي ان لديهم “زنازين” في ضاحية بيروت، ولكن ان كان الامر كذلك، فما هدف الاعتقال والتحقيق؟ وماذا يحصل لو تبين ان من تم اعتقالهم هم فعلا خارجين عن القانون؟

في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل “حزب الله”، معتقلون ومحققون ومراكز تحقيق من دون زنازين، كما كان في جماهيرية الاخ العقيد في ليبيا مساجين سياسيين من دون سجون.

واشنطن وضعت الخطة «باء» لتدمير منشآت إيران النووية ... في حال فشل «الاتفاق» مع طهران أو عدم التزامها به

واشنطن - من حسين عبدالحسين

الخطة «باء» لفشل المحادثات النووية مع ايران، هي ما بدأت ادارة الرئيس باراك أوباما بالحديث عنها وتسريبها الى وسائل الإعلام الاميركية، وهي خطة تتمحور حول قنبلة نجحت الولايات المتحدة بتطويرها مطلع العام الماضي بطول 7 أمتار ووزن 15 طناً من المتفجرات، تحملها قاذفة شبح «بي ستيلث» وتطير بها مسافة 12 ألف كيلومتر من اميركا الى ايران، وترميها عن ارتفاع 22 ألف قدم فوق منشأة «فوردو» النووية الإيرانية المحصّنة تحت الارض.

وتقول المصادر الاميركية ان سلاح الجو قام بثلاث طلعات تجريبية العام الماضي، حيث ارسل قاذفات «بي ستيلث»، التي تبلغ تكلفة الواحدة منها ملياري دولار، فوق صحراء ولاية نيوميكسيكو الجنوبية، وقصفت مواقع شديدة التحصين على اعماق كبيرة تحت الأرض لاختبار كيف يمكن للولايات المتحدة نسف فوردو.

ويقول المسؤولون الأميركيون انهم مازالوا يعتقدون أن الحل الأنسب هو التوصّل لاتفاقية نووية مع الإيرانيين، ولكن في حال فشلت المفاوضات، أو في حال لم تلتزم إيران بالاتفاقية التي وقّعتها، يمكن حينها للرئيس أوباما أو أي رئيس سيخلفه مطلع العام 2017 في البيت الأبيض اللجوء الى هذا الخيار. ويضيف المسؤولون ان خيار تدمير منشآت ايران النووية هي ما دأب أوباما والمسؤولون الاميركيون على قوله بتكرارهم عبارة «كل الخيارات - بما فيها العسكرية - تبقى على الطاولة».

إلا أن الخبراء اعتبروا أن خيار تدمير منشآت ايران النووية، خصوصاً المحصّنة تحت الأرض، اصبح ممكناً للمرة الاولى الصيف الماضي، بعدما اثبتت الطلعات التجريبية الاميركية نجاحها.

ومن ميزات القنبلة، التي يطلق عليها الاميركيون اسم «الماكينة المخترقة الهائلة» أو «موب» اختصاراً بالإنكليزية، أنه يمكنها أن ترتطم بالارض من دون أن تنفجر، وأن تخترق تحصينات إسمنتية وصخور طبيعية بأسرع من الصوت، ثم تنفجر بعد بلوغها الهدف، وهي تحمل عادة رأسا تفجيريا زنته 6 آلاف رطل. ويقول الخبراء ان القنبلة الجديدة هي القنبلة الاكثر تفجيراً من دون اللجوء للتقنية النووية.

وأدى شيوع الخبر الى انقسام بين مؤيدي اللجوء الى الخيار العسكري واصدقاء ايران في العاصمة الاميركية، فاعتبر مؤيدو الضربة العسكرية ضد ايران انهم «لا يعتقدون أن الرئيس أوباما سيلجأ الى خيار عسكري مع ايران»، ولكنهم قالوا ان «وجود الخيار بحدّ ذاته هو خبر جيد اذ يعطي الرئيس المقبل خياراً اساسياً لمنع ايران من حيازة تقنية عسكرية نووية».

بدورهم، استبعد اصدقاء النظام الايراني إمكانية وجود سلاح من هذا النوع، وقالوا ان التحصينات الإيرانية عميقة تحت الجبال، وانه لا يمكن لأي سلاح اميركي أو غير اميركي اختراقها، ما يجعل الحل الوحيد مع ايران حول برنامجها النووي حلاً عبر الديبلوماسية.

واشنطن تدخلت لتثبيت خطوط جبهة جنوب سوريا

حسين عبدالحسين

يتساءل الموسيقي والمسرحي اللبناني زياد الرحباني في إحدى وصلاته الإذاعية أيام الحرب الأهلية اللبنانية: "فيك تقللي ليش القوى الوطنية احتلت كوع الكحالة وانسحبت منه بعد ساعتين؟" والكحّالة قرية مسيحية جبلية على طريق بيروت – دمشق، كانت قد تحولت إلى خط تماس في زمن الحرب اللبنانية. أما الرحباني، المتحمس "للحسم" دائماً، أزعجته الترتيبات الدولية التي رسمت خطوطاً للمتحاربين اللبنانيين ومنعت تجاوزها.

والخطوط اللبنانية حافظت على شكلها على الرغم من التفوق العسكري الكبير الذي كانت تتمتع به "القوى الوطنية" المدعومة من جيش حافظ الأسد، فيما بعد في وجه "القوى اللبنانية" التي كانت تسيطر على الجيب المسيحي شرق لبنان. ولم تنهار خطوط الجبهات اللبنانية إلا بعد العام ١٩٩٠، بعدما منحت أميركا والمجتمع الدولي والعواصم الاقليمية تفويضاً للأسد باجتياح الجيب المسيحي، فانهارت القوات المسيحية برئاسة قائد الجيش ورئيس الحكومة العسكرية آنذاك ميشال عون في ساعات.

وكما في الحرب اللبنانية، يبدو أن بعض خطوط الجبهات السورية، خصوصاً الجنوبية، صارت تحظى برعاية دولية تكرسها وتمنع انهيارها، بغض النظر عن ميزان القوى العسكري على الأرض، وهو ما حصل الاسبوع الماضي في الجنوب السوري حيث شنت فصائل الثوار هجوما لطرد قوات الرئيس بشار الأسد من المناطق التي مازالت تسيطر عليها في محافظة القنيطرة. ولو قيض للثوار النصر، لأمكنهم وصل المناطق التي يسيطرون عليها جنوبا بضواحي دمشق الشرقية.

لكن واشنطن وبعض العواصم المؤثرة حول العالم لا تعتقد أن الوقت حان لتغيير جذري على الأرض السورية، من دون دخول كل الاطراف المحلية ورعاتها الدوليين في تسوية شاملة. ومع بدء هجوم الجنوب ضد مواقع الأسد، بدا أن قواته وصلت الى مرحلة من الوهن، خصوصاً بعد انهيار اللواء ٥٢ في ريف درعا الشرقي. هكذا، أطلق زعماء اقليميون تصريحات، كانت بمثابة ناقوس الخطر، حول ضعف الأسد وإمكان انهياره قبل نهاية العام لو قيض للثوار إكمال هجومهم الجنوبي.

التطورات دفعت الولايات المتحدة وبعض حلفائها الى التحرك "لوضع ضوابط"، حسب تعبير مقربين من الادارة الاميركية، ما أدى الى وقف الزخم الجنوبي للثوار. ومع أن أميركا قد تبدو من دون نفوذ أو تأثير داخل معظم سوريا، إلا أن تحركها لوقف ثوار الجنوب أظهر أن في حوزتها بعض الاوراق التي يمكنها أن تستخدمها في أوقات الحاجة، في هذه الحالة لإبعاد الكأس المرة عن قوات الأسد، وخصوصاً اللواء ٩٠ ووحداته في القنيطرة.

أوراق القوة الاميركية تتضمن مقدرة على الايعاز للأردن بقطع خطوط الإمداد لثوار الجنوب. كذلك، يمكن لواشنطن الاتصال بعواصم حليفة والطلب منها وقف تقدم فصائل الثوار المحسوبة عليها. وعلى الرغم من أن هذه العواصم لا تعير طلبات واشنطن أهمية عادة، خصوصاً في ما يتعلق بالجبهة الشمالية، إلا أن الوضع في الجنوب يختلف وطلبات واشنطن تترافق مع ضغوط كبيرة.

ومن الاوراق الاميركية معرفة وعلاقة مع عدد من المقاتلين في الفصائل الجنوبية المختلفة، فواشنطن دأبت -منذ اندلاع الثورة في العام ٢٠١١- على تدريب عدد من الثوار، لا لتأهيلهم عسكرياً، وإنما لتكوين قاعدة معلومات حول هوياتهم وولاءاتهم وعلاقاتهم مع بعضهم البعض.

أما أسباب الطلب الاميركي تثبيت خطوط جبهة الجنوب فتتصدرها رغبة اسرائيلية على ما يبدو، فتل أبيب التي عمدت الى قصف كل مخزن صواريخ للنظام يمكن ان يقع في ايدي الثوار، او كل شحنة صواريخ حاول النظام تغيير موقعها وربما تمريرها إلى حزب الله، تفضل بقاء الامور كما هي، وتخشى ان تؤدي أي عملية اتصال بين ثوار الجنوب وثوار الشمال الى فتح الجنوب لدخول عناصر جديدة أو متطرفة، فيما هي تفضل بقاء الجبهة الجنوبية شبيهة بمنطقة مغلقة قلّما تتغير هوية المقاتلين فيها.

لكل هذه الأسباب، بدا القلق على الأميركيين بعد انهيار اللواء ٥٢ وتواتر أنباء عن معارك قرب مطار الثعلة العسكري في ريف السويداء الغربي، وضد وحدات اللواء ٩٠، ولجأت الى الوسائل المتاحة لها لتجميد القتال والابقاء على خطوط الجبهة كما هي عليه الآن، كما في حرب لبنان، وهذه ظاهرة ان استمرت تنبيء بالمزيد من العبثية في الحرب السورية والمزيد من الخسائر البشرية والمادية التي تقع من دون هدف.

السبت، 20 يونيو 2015

واشنطن تشيد بضبط «خلية الجهراء» الداعشية التي خطّطت لمهاجمة أهداف حكومية ومدنية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

اعتبرت وزارة الخارجية الاميركية، في تقريرها السنوي حول مكافحة الإرهاب، أن «الكويت حليف مهم في منطقة الخليج العربي الحساسة»، موضحة أن «الكويت شريك ثمين في دعم السياسات التي تقوّي أمن واستقرار المنطقة»، وأنها «حليف أساسي في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)».

وورد في التقرير، أن الكويت استضافت في أكتوبر الماضي، مؤتمر التحالف الدولي لمكافحة ما يبثّه «داعش»، وانه في الفترة التي يغطّيها التقرير، أي العام 2015،«أظهرت الكويت التزاماً كاملاً في مواجهة خطر التنظيم، من خلال مساهماتها اللوجستية والإنسانية في مجهود التحالف، بما في ذلك اتخاذ خطوات للحد من مقدرة (داعش) للوصول الى أرصدة مالية، والانقضاض على مؤيديه، وتقديم المساعدة الانسانية للاجئين بصورة خاصة في سورية، وكذلك للاجئين العراقيين».

وأشاد التقرير بنجاح السلطات الكويتية في القبض على ما يعرف بـ«خليّة الجهراء»، وهي مجموعة كانت تتألف من 12 مؤيداً للتنظيم، كانوا يخطّطون للقيام بهجمات ضد اهداف مدنيّة وحكومية في البلاد.

وجاء التقرير، في الجزء المخصّص للكويت، في اجزاء عدة هي«مكافحة تمويل الإرهاب»، و«التعاون الإقليمي والدولي»، و«مكافحة انتشار التطرف».

ففي«مكافحة تمويل الإرهاب»، اشار التقرير الى أن الحكومة الكويتية اتخذت خطوات لتطبيق الأنظمة الداخلية للقانون رقم 106 الصادر في العام 2013، والذي ينظم كيفيّة تجريم تمويل الإرهاب، بما في ذلك تجميد أصول إرهابيين من دون تأخير. وأشاد التقرير بإنشاء لجنة حكومية لمكافحة الإرهاب برئاسة وزارة الخارجية وعضوية 11 وكالة حكومية. وأوضح أن اللجنة تعقد اجتماعات بشكل دوري لمتابعة التزام الكويت بقوانين مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب المحلية، وكذلك القوانين الصادرة عن مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة.

أما في «التعاون الإقليمي والدولي»، فأكد التقرير أن القوات الامنية الكويتية شاركت في مناورات مشتركة مع قوات إقليمية ودولية، وأنه خلال العام 2014، بصفتها الرئيسة الدورية لـ«مجلس التعاون الخليجي»و«الجامعة العربية»، اصدرت الكويت بيانات متعددة تحضّ على تعاون الاعضاء داخل هذه المنظمات لمكافحة الارهاب. إلا ان التقرير لفت إلى ان الكويت كانت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقرّ معاهدة «ميثاق الأمن الخليجي».

وبالنسبة إلى «مكافحة انتشار التطرف»، أفاد التقرير بتعاون بين وزارتي الداخلية والاوقاف لتنظيم خطب الجمعة وحظْر أي خطابات تدعو الى العنف او الطائفية.

الجمعة، 19 يونيو 2015

«محاسبة الحكومة الأميركية»: «الخارجية» تخفي تطورات برنامج إيران النووي

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أظهر تقرير نشره «مكتب محاسبة الحكومة» ان ادارة الرئيس باراك أوباما عمدت الى تأخير تقديم تقارير حول نشاطات ايران النووية الى الكونغرس خوفا من عرقلة التوصل لاتفاقية مع ايران. ويلزم قانون مراقبة نشاطات ايران وسورية وكوريا الشمالية الادارة على اطلاع الكونغرس كل ستة اشهر حول نشاطات هذه الدول، خصوصا لناحية محاولتها تجاوز العقوبات المفروضة عليها.

وحسب المكتب المستقل، والذي يموله الكونغرس ويكلفه بمراقبة اداء الوزارات والوكالات الحكومية الاميركية، فان التقرير الأخير الذي قدمته وزارة الخارجية الى الكونغرس حول نشاطات ايران وسورية وكوريا الشمالية النووية كان في ديسمبر 2014، وغطى نشاطات قامت بها هذه الدول كان آخرها في العام 2011.

وقال المكتب ان الخارجية قدمت ستة تقارير بين الاعوام 2006 و2011، بدلا من تقديم 18 تقريرا منذ العام 2006 وحتى اليوم.

ونقل موقع «آل مونيتور»، المقرب من اصدقاء سورية وايران في العاصمة الاميركية، عن مسؤولين في وزارة الخارجية قولهم ان «اعتبارات سياسية مثل المفاوضات الدولية والعلاقات مع الدول التي تزود (ايران) بمواد وسلع محظورة، تجبر الخارجية على تقديم تقاريرها لمساعدي الوزير لمراجعتها، ما يؤخر صدورها».

واعتبر الموقع ان «التأخير في فرض عقوبات على اشخاص جدد يثبت تورطهم في نقل سلع او مواد محظورة الى ايران قد يصل الى 3 سنوات، وان هذه المدة الطويلة التي تفصل حادثة تجاوز العقوبات عن توقيت التحرك ضدها تقلل من مصداقية العقوبات».

وقال خبراء اميركيون متابعون ان اتفاقية جنيف المؤقتة والموقعة مع ايران في نوفمبر 2013 فرضت المزيد من التباطؤ على ادارة الرئيس باراك أوباما في اذاعة تقارير حول اي تجاوزات ايرانية، فالاتفاقية حظرت فرض عقوبات جديدة، فيما قوانين الكونغرس تلزم الادارة بفرض عقوبات كل ستة اشهر في حال توافر اثبات على حكومات او مؤسسات او اشخاص تجاوزوا الحظر القائم.

وأوضح بعض الخبراء: «حتى تحمي الادارة مسار المفاوضات النووية مع ايران، وجدت نفسها مجبرة على رمي اي تجاوزات ايرانية في الادراج بدلا من تقديمها الى الكونغرس والزام نفسها بفرض عقوبات جديدة». واصرّ هؤلاء، كما أصر بعض اعضاء الكونغرس، على ان الادارة وضعت اعتباراتها السياسية قبل التزاماتها القانونية.

كما لفت الخبراء الى انه في الفترة الاخيرة، تعمدت الادارة تجاهل ايران في كل التقارير التي قد تجبر واشنطن على التحرك ضد طهران.

هذه التقارير تضمنت حذف ايران من تقرير «التهديدات العالمية للعام 2015»، والتي لم يرد فيها اسم ايران كدولة راعية للارهاب على جاري العادة، في نفس الوقت الذي حذفت من التقرير نفسه اسماء المجموعات المؤيدة لطهران، والتي تضعها وزارة الخارجية على لائحتها للتنظيمات الارهابية، مثل «حزب الله» اللبناني. وفي وقت لاحق، قدم وزير «الاستخبارات القومية» جايمس كلابر اعتذارا للكونغرس حول غياب ايران من التقرير معللا حصول ذلك بالسهو.

وفي السياق نفسه، كانت وكالة «رويترز» أوردت في مارس الماضي ان الاستخبارات الاميركية أوقفت تزويد خبراء الأمم المتحدة بالمعلومات التي تقوم بجمعها حول النشاطات الايرانية النووية، وهو ما دفع المنظمة الى التلميح في آخر تقاريرها ان وكالات الاستخبارات الغربية تتعمد اخفاء ما تملكه من معلومات عنها لاهداف سياسية.

إيران..ما قبل قيام داعش

حسين عبدالحسين

سرق رئيس حكومة العراق السابق نوري المالكي الأضواء بحضوره حفل "عام على حشدنا"، الذي أقيم هذا الاسبوع لاحياء الذكرى السنوية لقيام ميليشيات شيعية عراقية مسلحة وغير نظامية. وتصدرت صورة قبلة طبعها الوجه العراقي لقائد "فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني" النائب أبو مهدي المهندس على جبهة المالكي المواقع الاعلامية الموالية لطهران بطريقة اثارت حشرية المراقبين العراقيين: هل كان المهندس يشكر "ابي اسراء" لتمهيده انشاء ميليشيا الحشد؟ أم ان ايران تقبّل المالكي لتبقي خلفه حيدر العبادي متأهبا في خدمتها وتأييد مصالحها؟ ام كانت قبلة عفوية لا معاني سياسية لها؟

يوم خرج المالكي من رئاسة الحكومة لمصلحة عبادي منتصف آب-أغسطس الماضي، تنطّح الرئيس باراك أوباما وعقد مؤتمرا صحافيا خصصه للتعليق على الموضوع وتصوير سياسته في العراق على انها ناجحة، بدليل خروج رئيس الحكومة الفئوي الطائفي المنحاز للشيعة، المالكي، ودخول العبادي بدلا منه رئيسا لحكومة "وحدة وطنية شاملة" في عضويتها الكرد والسنة.

لكن العبادي لم يحد قيد أنملة عن سياسات المالكي، بل عززها. فمحضر لقاء "التحالف الوطني العراقي" البرلماني الشيعي في نيسان-ابريل ٢٠١٤ يظهر، حسب الباحث نبراس الكاظمي، أن المالكي أعلن انشاء "سرايا دفاع شعبي"، وكان ذلك قبل انهيار القوات النظامية امام تنظيم "الدولة الاسلامية" في الموصل في حزيران - يونيو.

وبعد انهيار الموصل وصدور فتوى "الجهاد الدفاعي" عن المرجع علي السيستاني، صار اسم هذه السرايا "الحشد الشعبي" تماشيا مع نص الفتوى. على أنه يبدو أن أوباما يقرأ من كتاب تاريخ قاسم سليماني، فالرئيس الاميركي قال اثناء استقباله العبادي، في البيت الابيض في نيسان-ابريل الماضي، ان ميليشيا "الحشد الشعبي" الشيعية نشأت على اثر انهيار الموصل للدفاع عن بغداد، وان سبب قيامها انتهى ما يعني ضرورة دخولها تحت جناح الحكومة العراقية.

وبعد انهيار القوات العراقية النظامية امام تنظيم الدولة في الرمادي الشهر الماضي، تخلى أوباما عن مطالبته بقاء الحشد في الصفوف الدفاعية، وأبدى تأييدا لقيادتها الهجوم في مناطق غرب العراق. اليوم صار واضحا ان الميليشيات الشيعية لم تنشأ كردة فعل على انهيار الموصل، بل هي التصور الايراني لنموذج الحكم في العراق على شاكلة الباسدران الشعبي في ايران و"حزب الله" في لبنان. حتى شعار "الحشد الشعبي"، يتطابق مع شعاري الباسدران و"حزب الله"، وهو عبارة عن صورة يد ترفع كلاشينكوف مائل على خلفية صفراء.

واليوم ايضا صار واضحا ايضا انه مثلما أبصر "حزب الله" الضوء في العام ١٩٨٢ على انه "الثورة الاسلامية في لبنان"، وفيما بعد قلب شعاره الى "المقاومة الاسلامية في لبنان" وعدّل تاريخ قيامه الرسمي الى ١٩٨٥، صار واضحا ان "الحشد الشعبي" قامت قبل انهيار الموصل وليس كردة فعل على ذاك الانهيار.

كذلك، قامت ميليشيا الحشد بمبادرة المالكي، وتلقفها العبادي وعززها، وأبقى مخازن الأسلحة الاميركية، التي كانت مخصصة للقوى النظامية، مفتوحة لهذه الميليشيا، وأبقى العبادي أموال وزارة الداخلية العراقية، ذات الموازنة الضخمة البالغة ٣,٨ مليار دولار سنويا، متاحة لرواتب "الحشد الشعبي" بميليشياته المتعددة. كمعظم سياسته الخارجية،

كان من التفاهة تصوير أوباما استبدال المالكي بالعبادي على انه ابعاد العراق عن فئويته الشيعية باتجاه عراق أكثر اتساعا للطوائف الاخرى. في الواقع، أسعد ايران استبدال المالكي، الذي حاول اقامة زعامة عراقية خاصة به في وجه ايران، برئيس حكومة عراقي اكثر قربا من طهران.

حتى العبادي، الأقرب الى الايرانيين من المالكي، لا يزور واشنطن من دون وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني، الذي كان الرجل الثاني بعد المالكي وقاد الاستدارة داخل صفوف ائتلافه ضده، اذ مثلما التصق الشهرستاني بالمالكي واستضاف سليماني في دارته لاختيار العبادي بديلا للمالكي، كذلك يلتصق الشهرستاني بالعبادي اليوم، خصوصا في زيارات خارجية مثل الى اميركا. لطالما حاول المالكي مجاراة طهران، وان بشروطه، لكن ايران استبدلته برئيس حكومة أكثر قربا منها. اما سياسة المالكي الشيعية، فتمّ استبدالها بسياسة ايرانية أكثر منها شيعية. هكذا خرج أبو اسراء من الحكم، لكن العراق غرق أكثر في احضان طهران، التي تابعت حربها على داعش، التي كانت بدأتها حتى قبل قيام داعش.

واشنطن تتراجع عن اشتراط كشف «البعد العسكري» لبرنامج إيران النووي

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

فجّر وزير الخارجية جون كيري مفاجأة بقوله ان بلاده ليست مصرة على كشف إيران عن «البعد العسكري المحتمل» لبرنامجها النووي، معتبرا ان العالم يعرف كل شيء عن تجارب طهران العسكرية النووية الماضية، وأن ما تتطلع اليه المجموعة الدولية هو النظر نحو المستقبل.

ولفت الحضور المفاجئ لكيري، الذي بالكاد شفي من إصابة تعرض لها في ساقه اثناء ركوبه دراجة هوائية في باريس، الى غرفة الصحافيين في مبنى وزارة الخارجية للقول ان واشنطن لم تغيّر موقفها، وأنها لم تكن مصرة يوما على ان تقوم إيران بالكشف عن الشق العسكري لبرنامجها النووي، وهذه احدى نقطتين لطالما اعتبرها كثيرون عالقة وتعوق التوصل لاتفاقية نووية نهائية مع طهران.

وقال كيري، ردا على سؤال لمراسل «نيويورك تايمز» مايكل غوردن حول التراجع الأميركي: «حول البعد العسكري المحتمل، بصراحة، يتم تحويره في بعض النقاشات، لم نكن مصرين يوما على قيام إيران بتقديم كشف لما قاموا به في وقت او في آخر».

وأضاف كيري: «نحن نعلم ما الذي فعله الإيرانيون، وليست لدينا شكوك، ولدينا معلومات مؤكدة حول النشاطات العسكرية (النووية) الأكيدة التي كانوا منخرطين بها».

وبعد قول كيري ان واشنطن متأكدة ان إيران قامت في الماضي بتجارب عسكرية نووية، وهو موضوع لا يعنيها اليوم، تابع القول: «ما يهمنا هو المضي قدما، فمن الأساسي لنا ان نعرف انه مستقبلا، توقفت هذه النشاطات، وانه يمكننا التأكد من ذلك بطريقة شرعية، وهذا هو أحد شروطنا لما يجب الاتفاق عليه حتى تكون هناك اتفاقية شرعية».

وختم كيري انه «حتى تكون لدينا اتفاقية تؤدي الى رفع كبير للعقوبات، نريد هذه الأجوبة».

وفور شيوع الخبر، سارع المعنيون، خصوصا من المعارضين الجمهوريين في الكونغرس، الى القول انه على عكس ما يقول كيري، فان موقف الادارة حول «البعد العسكري المحتمل» هو «موقف جديد تماما».

وقالت مصادر الكونغرس انه لم يسبق للإدارة يوما ان صرّحت بأن لديها «معلومات مؤكدة» حول النشاطات العسكرية النووية الماضية لإيران، وان الإدارة لطالما وعدت الكونغرس ان لا اتفاقية من دون تقديم طهران لكشف حساب عن ماضيها العسكري النووي، لأنه من دون ذلك، من غير الممكن للمفتشين الدوليين إحصاء حجم البرنامج النووي الإيراني لمراقبته والتأكد من انه مجمّد.

وكانت وكالة «اسوشتيتد برس» أول من أذاع خبر تراجع الولايات المتحدة عن شرط كشف إيران لماضيها العسكري النووي، ما أدى الى شجار علني، الأسبوع الماضي، بين مراسل الوكالة والناطقين باسم الخارجية قالوا فيه ان اميركا لم تشترط يوما على إيران الكشف عن نشاطاتها الماضية، بل طلبوا فقط السماح للمفتشين الدوليين بدخول المواقع التي يطلبون الدخول اليها.

كذلك، رصد الخبراء انقلابا في الموقف الأميركي لناحية ان المجموعة الدولية لطالما صرحت بأنها لا تعرف ماهية النشاط النووي الإيراني في الماضي.

وكان رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية كريستانو أمانو قال في مارس الماضي: «ما لا نعرفه هو ان كانت لديهم نشاطات لم يعلنوا عنها، ولا نعرف ما الذي قاموا به في الماضي». ومما قاله أمانو: «اذا، نحن نعرف جزءا من نشاطات (ايران النووية)، لكننا لا نعرف كل نشاطات ايران النووية، ولهذا لا يمكننا القول ان كل النشاطات (النووية) في ايران هي لأهداف سلمية». وكرر أمانو تصريحه هذا قبل أسبوعين بالقول ان وكالته «ليست في موقع يسمح لها تقديم ضمانات حول نوعية المواد والنشاطات النووية غير المعلن عنها في إيران»، ما يعني انه لا يمكنها تأكيد ان برنامج إيران النووي هو برنامج سلمي.

كما ذكّر متابعون بتصريحات أميركية سابقة تناقض ما أدلى به كيري، اول من أمس، فالوزير الأميركي كان أدلى بمقابلة لشبكة «بي بي اس» شبه الرسمية أخيرا قال فيها انه «في ما خص البعد العسكري المحتمل، على الإيرانيين ان يكشفوا عنه»، وان «على هذا الأمر ان يحصل»، وهو تصريح يتماهى مع ما سبق ان قالته مساعدته ويندي شيرمان في جلسة استماع امام «لجنة المصارف في مجلس الشيوخ» في ديسمبر 2013 من ان اتفاقية جنيف تطلب الكشف عن نشاطات إيران النووية الماضية. بعد ذلك بأشهر، كررت شيرمان موقفها امام «لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ» بقولها انه «في البعد العسكري المحتمل، على إيران ان تكشف اوراقها».

لكن انقلاب الموقف الأميركي المتسارع، منذ أسبوع، يشي، حسب الخبراء الاميركيين، بأن مجموعة دول خمس زائد واحد وإيران توصلتا الى نص اتفاقية نهائية سيتم الإعلان عنه في الأسبوعين المقبلين.

وكان مسؤولون دوليون أعلنوا الشهر الماضي ان المجموعة الدولية توصلت لآلية تنص على عودة تلقائية للعقوبات الدولية على إيران في حال عدم التزامها ببنود الاتفاقية النهائية، وهو أمر وعد به الرئيس باراك أوباما وعارضته موسكو علنا، لكن يبدو انها تراجعت عن معارضتها في وقت لاحق.

ختاما، تبقى القضية الوحيدة العالقة هي السماح للمفتشين الدوليين بلقاء العلماء النوويين الإيرانيين، وهو أمر رفضه مرشد الثورة الإيراني علي خامنئي علنا، ولكن وزير خارجيته جواد ظريف قال في الجلسات المغلقة ان إيران وافقت على هذه اللقاءات في الاتفاقية الموقتة، وان هذه اللقاءات كانت مسموحة حتى في زمن الرئيس الإيراني السابق، والمحسوب على المتشددين، محمود أحمدي نجاد.

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

لا آثار عملية لزيارة رئيس البرلمان العراقي إلى واشنطن

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يترك رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري باباً في العاصمة الاميركية إلا وطرقه، ولا وسيلة إعلامية - عربية كانت أم أميركية - إلا ومنحها مقابلة خاصة، ولا دعوة إلا ولبّاها، فحاضر في «معهد الولايات المتحدة للسلام الدولي»، وحضر مناسبات للجالية العراقية ودعوات خاصة.

وأنهى الجبوري أسبوعه بفطور في دارة نائب الرئيس جو بايدن، ثم أتْبعَه بلقاء معه في البيت الأبيض، تم توقيته لمشاركة الرئيس باراك أوباما، بشكل غير مقرر، احتراماً لبروتوكول التعامل والندّية بين الحكومات.

لكن على الرغم من كل ماقاله وفعله الجبوري، صاحب اللهجة الهادئة والأفكار الرصينة، لم تترك زيارته انطباعاً لدى الخبراء الأميركيين بأنها ستساهم في تغيير سياسة أوباما تجاه العراق، بل إن أوباما أعلن - في نفس الأسبوع الذي التقى فيه الجبوري - الاستمرار في مراهنته على السياسة الحالية، والقاضية بشن ضربات جوية ضد ما تيسّر من أهداف تعود لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وإرسال المزيد من الخبراء العسكريين الأميركيين للمشاركة في التدريب وإسداء النصح للقوات العراقية النظامية، التي يبدو انها تسير من انهيار الى آخر سنوياً.

الجبوري حاول جاهداً إقناع الأميركيين بضرورة إعادة احياء «قوات الصحوات»، وهي مجموعات مقاتلة غير نظاميّة شكّلها الجيش الاميركي اثناء وجوده في العراق من مقاتلي العشائر السنّية. ولفت الى ان السنّة انضموا الى ما كان يعرف بـ «العملية السياسية» لمرحلة ما بعد صدام حسين، وانهم ساهموا في استئصال تنظيم «القاعدة في العراق» من مناطقهم، لكن بعد الانسحاب الاميركي، لاحقت حكومة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي مقاتلي الصحوات واتهمتهم بحمل السلاح بصورة غير شرعية.

وكرر الجبوري، في إطلالاته، أنه في غياب الضمانات للسنّة بأنه لن تتم ملاحقتهم في حال انضموا للقوة المقاتلة ضد «داعش»، فهم سيبقون خارج المعركة، فيما مشاركتهم ضرورية لأن القتال يجري في مناطقهم وبلداتهم وبين اهاليهم.

وحاول الجبوري الإيحاء بأن قانون تشكيل «حرس وطني عراقي» - وهو يسمح بإقامة وحدات غير نظاميّة مقاتلة بإمرة الحكومات المحلية - يمكن ان تتم المصادقة عليه الشهر المقبل، في البرلمان العراقي. لكنه لم يوضّح كيف يمكن للكتلتيْن السنّية والكردية ان تهزما الغالبية الشيعية المعارضة للقانون في «مجلس النواب».

كذلك، بدأ حديث الجبوري عن القوانين العراقية المزمع إقرارها لإنشاء «حرس وطني» غير متناسق مع الاحداث الجارية على الارض، حسب اميركيين تابعوا زيارته.

ويقول هؤلاء الاميركيون من خبراء ومسؤولين حاليين وسابقين، إنه «يمكن لأي فرد او مجموعة شيعية عراقية ان تعلن نفسها ميليشيا مقاتلة وتذهب الى وزارة الداخلية»، وهي بعهدة الوزير محمد الغبّان عضو ميليشيا «منظمة بدر» القريبة من ايران، و«تحصل على تدريب وتمويل وتسليح ورواتب». أما السنّة، مثل الجبوري، «فهم يسعون الى إقرار قوانين تسمح لهم بالقيام بما تقوم به الميليشيات الشيعية من دون قوانين». حتى المجهود السنّي الحالي لإقرار هذه القوانين - يقول المتابعون الاميركيون - متعذّر في ظل معارضة الغالبية البرلمانية الشيعية.

ويتساءل احد المتابعين الاميركيين: «ما قيمة زيارة السيد الجبوري وبرلمانه وقوانينه في عراق تخوض معاركه قوات غير نظامية بإمرة جنرالات إيرانيين؟»

في هذه الاثناء، كانت ماكينة الرئيس الاميركي تحاول رفع العتب عن أوباما، فأوعزت للصحافيين المقرّبين منها بتدبيج مقالات تبرّر سياسته في العراق، التي صار الاميركيون يجمعون على انها متعثّرة.

وفي هذا السياق، تصدّرت صحيفة «واشنطن بوست»، اثناء عطلة نهاية الاسبوع، مقالة مطوّلة جاء فيها ان «سبب تردد أوباما في العراق يعود إلى تردد المؤسسة العسكرية الاميركية في التورط في هذا البلد».

ونقلت عن مصادر في وزارة الدفاع لم تسمّهم قولهم إن «الجنرالات الاميركيين الكبار حالياً كانوا في معظمهم في درجات أدنى قبل عقد وأشرفوا على المعارك على الأرض في العراق، وإن شبح المواجهات تلك مازال يطاردهم ويمنعهم من التورط مجدداً في قتال مشابه».

وأوردت الصحيفة ان رئيس الاركان نفسه الجنرال مارتن ديمبسي «اضطر الى توقيع 135 رسالة نعي الى اهالي جنود اميركيين سقطوا اثناء المعارك التي كان يديرها غرب العراق». لكن الصحيفة تجاهلت - في الغالب عمداً - الرواية المؤكدة بأن ديمبسي هو الذي تسلل الى الليموزين الرئاسية، التي كانت تهم بمغادرة مرآب وزارة الخارجية، حيث استضافت واشنطن لقاء قمة زعماء أفريقيا، وأقنع أوباما بضرورة بدْء الضربات الجوية ضد اهداف «داعش» على إثر انهيار القوات العراقية النظامية في الموصل في يونيو الماضي.

كذلك، ورد في مقالة «واشنطن بوست» أن مسؤولي أوباما حاولوا الالتفاف على التقارير التي أكدت ان قائد قيادة المنطقة الوسطى الجنرال لويد أوستن، كان وضع خطة تتضمن نشر جنود اميركيين في مواقع امامية في الحرب ضد «داعش» لتزويد المقاتلات الاميركية بأهداف عن قرب. لكن أوباما هو الذي عارض النصيحة العسكرية وأصرّ على إبقاء الجنود الاميركيين في أمان في ثكنات عسكرية بعيدة عن العمليات القتالية ضد التنظيم.

زيارة الجبوري كانت موفّقة بالمعايير السياسية، لكن انهيار العراق ودولته وقوانينه وانفلات الامور داخله لمصلحة جنرالات إيران وميليشياتهم العراقية، وصعود ميليشيات سنّية متطرفة مثل «داعش»، وارتباك أوباما المتواصل وقيامه بخطوات خاطئة على عكس النصيحة العسكرية، ثم محاولته التعمية على أخطائه إعلامياً، كلها ظروف تتضامن لتجعل من زيارة رئيس مجلس النواب العراقي الى العاصمة الاميركية ناجحة سياسياً، ولكن من دون تأثير خارج الفقاعة التي تعيشها واشنطن وإعلامها ومراكز أبحاثها وغالبية مسؤوليها.