الخميس، 29 أكتوبر 2020

مشكلة الجمهوريين أكبر من ترامب

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يصنف علماء السياسة الأميركيون دورات الانتخابات الأميركية بدرجات متفاوتة من السهولة أو الصعوبة، بحسب موقع الحزب من الحكم والمعارضة. الانتخابات الأكثر سهولة ليكسبها الحزب المعارض هي التي تأتي في نهاية الولاية الثانية للرئيس الحاكم، إذ أن الملل يصيب الناخبين - من الحزبين - من المجموعة الحاكمة، ويمضي الناخبون في البحث عن مرشحي التغيير.

هكذا اكتسح الرئيس الديموقراطي الأسبق باراك أوباما وحزبه البيت الأبيض والكونغرس في العام 2008 بعد ثماني سنوات على حكم الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش الابن.

انتخابات أي رئيس للفوز بولاية ثانية لا تكون عادة بسهولة دخوله الحكم في ولايته الأولى، لكن يصعب على أي منافس التغلب على رئيس حاكم، إذ أن اسمه وصورته وتصاريحه تملأ الأثير الواقعي والافتراضي. هكذا، فاز بوش بولاية ثانية في 2004، وفاز أوباما بولاية ثانية عام 2012. وهكذا، اعتبر علماء السياسة الأميركيون أن محافظة الديموقراطيين على البيت الأبيض لولاية ثالثة كان أصبح صعباً في 2016، في سنة يطلق عليها الأميركيون تقليدياً اسم «السنة التغييرية».

الجمهوري دونالد ترامب لم يشذ عن القاعدة بفوزه بالرئاسة في «سنة تغييرية»، وهو كوجه جديد في السياسة، ألحق هزيمة نكراء بعائلة كلينتون التي كانت أمضت قرابة العقدين في أرفع المناصب في واشنطن، من الرئاسة الى مجلس الشيوخ فوزارة الخارجية. لكن فوز ترامب لم يكن مقنعاً البتة، بل هو كان فوزاً ضعيفاً ومهزوزاً، حصل من قبيل الصدفة، واقتصر على فوزه على هيلاري كلينتون بإجمالي 77 ألف صوت في ست ولايات متأرجحة، من أصل 140 مليون أميركي أدلوا بأصواتهم حينها.

أما على الصعيد الشعبي، فبدا ضعف الحزب الجمهوري، اذ على الرغم من فوز الوجه الجديد ترامب على كلينتون التي كان سئم منها الأميركيون في سنة 2016 «التغييرية»، الا أن كلينتون تفوقت على ترامب بإجمالي الأصوات التي حصدتها في عموم البلاد بفارق ثلاثة ملايين صوت، ولولا «الكلية الانتخابية»، لحافظ الديموقراطيون على البيت الأبيض.

في الحقيقة، لم يفز الجمهوريون بالتصويت الشعبي منذ 1988... أي أنه لولا الكلية الانتخابية، لم يكن بوش الابن ليفوز بولايتين، ولم يكن ترامب ليفوز بولايته، ولكان البيت الأبيض في أيدي الديموقراطيين منذ 1992.

وكان الجمهوريون، على اثر خسارة مرشحهم ميت رومني أمام أوباما في 2012، باشروا في ورشة تقييم مشكلة تدهور شعبيتهم، وأصدروا دراسات متعددة أظهرت أن لا مناص من الانفتاح على الأقليات، والخروج من القوقعة بين الغالبية البيضاء، التي لم تعد تكفي للحفاظ على القدرة التنافسية للحزب الجمهوري، بكلام آخر، تظهر نتائج الانتخابات المتكررة أنه لولا التحايل على رسم الدوائر الانتخابية وعلى قوانين الانتخابات، لما نجح الجمهوريون في المنافسة على السلطة في واشنطن.

ثم جاء ترامب في سنة كانت شعبوية اليمين المتطرف تجتاح أوروبا والعالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، وهي الشعبوية المبنية على تحذير البيض من خطر المهاجرين وغير البيض وغير المسيحيين وما الى هنالك من عمليات تخويف من الآخر بهدف شد العصب ودفع البيض الى الاصطفاف خلف مرشحهم، بغض النظر عن نجاعة سياسته أو قدراته الإدارية. هكذا، بدا ترامب، «تاجر الشنطة» ونجم «تلفزيون الواقع»، مخلصا للبيض الجمهوريين من خطر الآخرين، وفاز بترشيح حزبه.

لكن القاعدة الشعبية للحزب لم تتوسع، بل ان الرئيس الأميركي فاز بقوة «الكلية الانتخابية»، وراح يطعن بكل تقاليد الديموقراطية الأميركية ومؤسسات الدولة، حتى أن أنصار ترامب تبنوا مقولات تعادي الديموقراطية، وتصرُّ على أن الولايات المتحدة «جمهورية» اتحادية فيديرالية، أي أنها ليست ديموقراطية متجانسة.

ومرّت أربع سنوات، ليستنتج البيض أن الخطر المحدِق بهم لا يأتي من غير السود أو الملونين، بل من عدم كفاءة الحكام البيض، وهو ما تجلّى في فشل ترامب في مكافحة فيروس كورونا المستجد. ولم تنفع محاولات ترامب تأليب الأميركيين ضد الصين، ولم تنفع مقولاته أن المرض «مزيف» وأن الإعلام يضخم المواضيع، اذ راح الفيروس يحصد البيض في مآوي الطاعنين في السن، فدخل الموت بيوت ربع مليون أميركي، من الجمهوريين منهم ممن صدقوا ترامب أكثر من الديموقراطيين، ممن التزموا تعاليم الخبراء والعلماء.

هكذا، فقد الرئيس الجمهوري أبرز قطاع سكاني كان انقلب من تأييده أوباما والديموقراطيين في 2012 الى تأييده ترامب في 2016، وهو قطاع البيض من المتعلمين وخريجي الكليات ممن يسكنون ضواحي كبرى المدن، ولم يبق مع ترامب والجمهوريين إلا فئة واحدة من السكان، وهي غالباً من الريفيين البيض من الأقل علماً وأقل دخلاً، وأغلبهم من الرجال الكهول.

وهكذا، تفوقت حملة المرشح الديموقراطي للرئاسة نائب الرئيس السابق جو بايدن على ترامب وحملته في كل الحقول. مثلاً، غالباً ما يتمتع الرئيس برصيد مالي من التبرعات الانتخابية أكبر من منافسه، اذ ان الرئاسة تمنح المرشح بريقا يدفع محبي الأضواء، خصوصاً من كبار المتمولين، للتبرع للرئيس وحضور المناسبات التي يشارك فيها.

لكن في دورة الانتخابات الرئاسية المقرّرة الثلاثاء المقبل، جمع بايدن من المال الانتخابي ثلاثة أضعاف ما جمعه ترامب، حتى ان الرئيس اضطر لوقف حملته الدعائية في ولاية فلوريدا المتأرجحة والحساسة قبل أسبوع من موعد الانتخابات، في وقت ضخت حملة بايدن ثمانية ملايين دولار لتمويل دعايتها في الولاية نفسها على مدى الأسبوع ذاته.

ويعزو الخبراء سبب تفوق بايدن مالياً الى أن قاعدته تتشكل من غالبية من الطبقة المتوسطة الأكثر ثراء، مقارنة بالريفيين المؤيدين لترامب، من ذوي القدرات المالية الأدنى من نظرائهم سكان المدن.

والأموال الانتخابية ليست للدعاية فحسب، بل هي تمول افتتاح مكاتب انتخابية في عموم البلاد، خصوصا الولايات المتأرجحة، والمكاتب تحتاج لموظفين لإدارتها، والموظفون يديرون «الحملة الأرضية»، ولكل هذه الدورة اقتصاد خاص ينعش البلدة التي يجري فيها، وهو ما فعلته حملة بايدن، في وقت كانت حملة ترامب توقف دعايته، وتغلق مكاتبها وتسرّح موظفيها.

حتى لو فاز ترامب، صار من شبه المؤكد أن التركيبة السكانية تتطور في مصلحة الديموقراطيين، وعلى حساب الجمهوريين، وهو ما سيدفع الحزب الجمهوري - عاجلاً أم آجلاً - الى الخروج من قوقعته بين اليمين الأبيض. أما في حال خسارة ترامب، فسيتأكد الجمهوريون أن الفوز الجمهوري «اليتيم» في 2016 كان فلتة شوط لا أكثر، وأن المطلوب المباشرة بالتغييرات في عقيدة الحزب وتوجهاته منذ اللحظة التي تلي إعلان فوز جو بايدن.

وفي وقت اقترع أكثر من 75 مليوناً من الناخبين في التصويت المبكر، يداهم الوقت مساعي المرشّح الجمهوري لقلب مسار الأمور.

وقد تعيد الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية الى الواجهة قضايا تجيّش الشارع على غرار عنف الشرطة والعنصرية، التي أطلقت شرارة تحرّكات احتجاجية حاشدة على خلفية مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد على يد شرطي أبيض في أواخر مايو في مينيابوليس.

وفرض حظر تجول الأربعاء في مدينة فيلادلفيا الواقعة في ولاية بنسلفانيا المتوقّع أن تشهد معركة انتخابية حامية، بعد مقتل الإفريقي الأميركي والتر والاس الذي كان يعاني من مشاكل نفسية برصاص الشرطة، ما تسبّب بتظاهرات وأعمال نهب.

الأربعاء، 28 أكتوبر 2020

ترامب يحذّر الناخبين من قتل «الحلم الأميركي»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قبل أيام من الانتخابات الأميركية الرئاسية يوم الثلاثاء المقبل، وفي وقت تجاوزت نسبة المقترعين مبكراً أو بريدياً، نصف إجمالي المقترعين الذين بلغ عددهم نحو 130 مليوناً في انتخابات العام 2016، أظهرت بيانات الانفاق الانتخابي أن حملة الرئيس دونالد ترامب أوقفت بث دعايتها في ولاية فلوريدا المتأرجحة، والتي غالباً ما تحسم السباق الى البيت الأبيض، بينما خيّر الرئيس الجمهوري، الناخبين، بين قتل وباء «كورونا - 19» أو قتل الحلم الأميركي.

وكان مقرراً أن تنفق حملة ترامب على حملتها الدعائية في الولاية خمسة ملايين دولار، لكنها تراجعت عن ذلك بعدما تبين أن في صندوق الحملة أقل من 400 ألف دولار، في وقت خصصت حملة منافسه الديموقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن، 8.3 مليون دولار، للأيام القليلة المتبقية، في الولاية نفسها.

وبررت حملة ترامب انسحابها من فلوريدا بالقول إنها سبق أن نجحت في شن «حملة أرضية» تضمنت القرع على أبواب قرابة 400 ألف ناخب وتسجيلهم، وهو ما قلص الفارق مع الديموقراطيين الى أقل من مئة ألف ناخب حزبي مسجّل.

واعتبرت أن «الحملة الأرضية» كفيلة بدفع المصوتين نحو صناديق الاقتراع والاستعاضة بذلك عن الدعاية الانتخابية. وأسفرت جهود الحملة عن تفوق الجمهوريين في الاقتراع المبكر، شخصياً، بواقع 310 آلاف ناخب أكثر من الديموقراطيين، الذين تفوقوا بدورهم في التصويت البريدي على منافسيهم بـ 615 ألف صوت.

وعلى الرغم من تفوق الديموقراطيين في التصويت بريدياً في ولاية فلوريدا الجنوبية الشرقية، تظهر أحدث استطلاعات الرأي تعادلاً بين ترامب وبايدن، بعدما أمضى بايدن معظم الشهر الجاري متقدما على منافسه بمعدل نقطتين مئويتين.

وكان التفوق في الاقتراع بريدياً للديموقراطيين تحول الى مصدر قلق بعدما ظهر أن خدمة البريد الحكومية، والتي عين ترامب مديرها قبل مدّة وجيزة، تعمد الى التأخر في جمع وتسليم أصوات الناخبين الى مراكز الفرز في الولايات، وهو ما حمل بايدن الى شن حملة توعية في صفوف الديموقراطيين لحثّهم على تفادي ارسال أصواتهم بالبريد، والاستعاضة عن ذلك بايداع الأصوات في صناديق حكومية مخصصة لها وتابعة لهيئات الفرز.

وفي وقت يسعى الديموقراطيون لمحاصرة كل «الحيل» الانتخابية التي قد يلجأ اليها ترامب والجمهوريون، كرر قادة الحزب الديموقراطي اعتقادهم بأن فوز بايدن يجب أن يكون ساحقاً بالكامل بشكل يحرم ترامب والجمهوريين امكانية تأخير بعض الأصوات أو الغائها لتحقيق تعادل، وربما انتصار عن طريق المحاكم، على غرار انتصار الرئيس السابق جورج بوش الابن على منافسه الديموقراطي نائب الرئيس السابق آل غور في العام 2000، وهو العام الذي لعبت فيه ولاية فلوريدا دور الترجيح، وأعادت عدّ الأصوات، قبل أن تحسم المحكمة الفيديرالية العليا السباق لمصلحة بوش، وهو سيناريو يتخوف منه الديموقراطيون في هذه الدورة، خصوصاً بعدما أدى تعيين القاضية إيمي كوني باريت الى قلب موازين الأصوات في المحكمة الى ستة للجمهوريين وثلاثة للديموقراطيين.

وفي حين شكك ترامب، بالتصويت عبر البريد، قدم بايدن رسالة من أجل الوحدة في تجمعين انتخابيين في ولاية جورجيا في سعيه لغزو منطقة مؤيدة تقليدياً للجمهوريين.

وتجاوز التصويت المبكر سواء بالبريد أو بالحضور الشخصي 70 مليوناً يوم الثلاثاء. ويسارع الأميركيون إلى الإدلاء بأصواتهم بأرقام قياسية في الوقت الذي يتطلعون فيه لتجنب التعرض لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

ويقول الخبراء إن الحجم الضخم من بطاقات الاقتراع بالبريد - أكثر من 46 مليوناً أدلوا بأصواتهم بالفعل - قد يستغرق أياما أو أسابيع حتى يتم فرزها مما يعني أنه قد لا يتم إعلان الفائز ليلة الثالث من نوفمبر، عندما تغلق مراكز الاقتراع.

وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض قبل مغادرته للمشاركة في تجمعات انتخابية في ثلاث ولايات: «سيكون من المناسب جداً واللطيف للغاية أن يتم إعلان الفائز في الثالث من نوفمبر بدلاً من فرز بطاقات الاقتراع لمدة أسبوعين، وهو أمر غير مناسب على الإطلاق ولا أعتقد أن هذا مسموح به بموجب قوانينا».

والتصويت عبر البريد، سمة قديمة العهد في الانتخابات الأميركية، وأدلى ناخب من كل أربعة ناخبين بصوته بهذه الطريقة في 2016.

وأمام تجمّع لمئات من مناصريه في ميتشيغن، الولاية التي منحته الفوز في انتخابات 2016، قال ترامب «عليكم الاختيار بين مشروعنا لقتل الفيروس، ومشروع بايدن لقتل الحلم الأميركي».

وتابع أن بايدن «يريد أن يفرض إغلاقاً جديداً»، وأضاف «هذه الانتخابات هي خيار بين انتعاش خارق بقيادة ترامب وكساد بقيادة بايدن».

في المقابل، اكتفى خصمه الديموقراطي بزيارة ولاية جورجيا في الجنوب المحافظ حيث لم يكن أحد، حتى الأمس القريب، يتصوّر أن ترامب يمكن أن يُهزم.

وقال بايدن «يمكننا السيطرة على الفيروس وسنفعل ذلك»، مستغلاً تصريحا أطلقه كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز في نهاية الأسبوع الماضي قال فيه «لن نسيطر على الجائحة، سنسيطر على واقع تلقي اللقاحات».

في سياق متصل، يبدو أن السباق على الكونغرس صار شبه محسوم في مجلس النواب، الذي من المتوقع أن يحافظ الديموقراطيون على الغالبية فيه، في وقت لا يزال من الصعب تكهن هوية الحزب الذي سيسيطر على مجلس الشيوخ. ويعتقد المراقبون أن الحزب الذي يفوز بالبيت الأبيض هو الذي يرجح أن يفوز في «الشيوخ»، إذ إن الفوز الرئاسي غالبا ما يعني أداء أفضل للحزب الفائز، وينعكس تالياً على انتخابات الشيوخ.

وإن فاز بايدن بالرئاسة من دون الشيوخ، ستتحول الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الى عائق لكل التشريعات التي سيسعى الرئيس الديموقراطي الى إقرارها. اما ان لم تحصل مفاجآت وتحققت أرقام الاستطلاعات، يفوز الديموقراطيون بغالبية تبلغ 51 من المئة في «الشيوخ»، وهي نسبة ضئيلة ولكن كافية - الى جانب الغالبية في مجلس النواب - للسماح لبايدن بتنفيذ وعوده الانتخابية وخططه، على الأقل حتى انتخابات 2022 النصفية.

واعتبر كبير الخبراء الأميركيين في شؤون استطلاعات الرأي والانتخابات تشالز كوك، أن ما كان متوقعاً أن تكون دورة انتخابية عادية يمكن التنبؤ بها لمجلس الشيوخ، صارت واحدة من أكثر الدورات تعقيداً في الذاكرة الحديثة.

وكتب على موقعه «تقرير كوك»، أن «لمعرفة الأسباب، علينا أن نبدأ بالمخاطر، فالعواقب السياسية لفقدان الجمهوريين لمقعد أو مقعدين فقط والتمسك بغالبية ضئيلة يختلف اختلافاً كبيراً عما إذا كانت خسائر الجمهوريين الصافية خمسة أو ستة أو سبعة أو ثمانية مقاعد، وهي خسارة ممكنة تماماً بالنظر إلى العشرات من مقاعد الحزب الجمهوري التي لا تبدو مضمونة».

وتابع كوك أنه، إن تحققت الاستطلاعات الحالية، «فسيجد الفريق الجمهوري نفسه في مواجهة غالبية من الديموقراطيين تراوح بين 52 و55 مقعدا»، وهو ما يعني انه لو «أراد الديموقراطيون التخلي عن القوانين التي تسمح للأقلية بتعطيل بعض التشريعات والتعيينات، فسيتم لهم ذلك».


ميلانيا... لوحدها

شاركت السيدة الأميركية الأولى ميلانيا ترامب، الثلاثاء، في تجمّع انتخابي دعماً لحملة زوجها الرئيس دونالد ترامب، في أول فعالية تنظّمها لوحدها من دون أن يحضرها الرئيس الساعي للفوز بولاية ثانية. وقالت أمام حشد من أنصار زوجها في أتغلين (بنسلفانيا)، «أنا لا أتّفق دائماً مع طريقته في قول الأمور».

وتابعت عارضة الأزياء السابقة السلوفينية الأصل البالغة من العمر 50 عاماً، دفاعها عن زوجها بالقول إنّ «دونالد مقاتل. هو يحبّ هذا البلد ويقاتل من أجلكم كلّ يوم. وللمرة الأولى في التاريخ، يمكن لمواطني هذا البلد سماع رئيسهم بشكل مباشر وفوري كل يوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

الإسلاميون أعداء المسلمين

حسين عبدالحسين

أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية عزمها حلّ جمعيتي "متحدون ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا" و"مدينة البركة"، بعدما قام إرهابيون إسلاميون فرنسيون بقتل أستاذ مدرسة كان استعرض رسومات يعتبرها الإسلاميون مسيئة لرسولهم.

وللقراء من غير المطلعين على الفارق في التسميات، كلمة إسلاميين تعني من يستخدمون الدين الإسلامي كبرنامج سياسي ينجم غالبا عنه العنف، فيما تسمية مسلمين تعني المؤمنين بالدين الإسلامي كمنظومة روحانية للعبادة.

قصة "الإسلام السياسي" بدأت في العام 1798 مع رسو سفن الفرنسي نابليون بونابارت على شواطئ مصر، وقيامه وجيشه باجتياحها وإقامته بعثات اكتشاف علمي فيها. التفوق الذي رآه مسلمو مصر والمشرق دفعهم إلى التأمل في تأخر عالم المسلمين عن أوروبا المسيحية، ومع حلول العام 1850، علت أصوات المسلمين المطالبين بالتغيير للحاق بركب الحضارة، وتصدّر تلك الأصوات رجلا الدين جمال الدين الأفغاني والمصري محمد عبده.

احتار مفكرو "النهضة العربية" في كيفية الإصلاح: هل يتطلب الحل إصلاح النصوص الإسلامية أم إصلاح المسلمين؟ تطور فكر النهضة في اتجاهين، واحد نقدي تجديدي، من أمثال طه حسين، سعى لثورة داخل الإسلام على طراز الإصلاح والتنوير في أوروبا، وآخر محافظ من أمثال رشيد رضا وحسن البنا، ثم سيد قطب، رأى أن الحل يكمن في العودة إلى ماض ٍذهبي ـ متخيل في الغالب ـ أي زمن الخلفاء الراشدين.

لاحقا، استهوت عسكر العرب فكرة فصل الدين عن الدولة، إذ هي أعطت جنرالات الانقلابات شرعية قومية غير دينية لم تكن معتادة في دول المسلمين. وعزز صعود النازية والفاشية في أوروبا، وبعدها طغيان الشيوعية في الاتحاد السوفياتي، ارتباط الدولة المدنية العربية بالدكتاتورية. أما المؤسسة الدينية غير الرسمية، فحوّلت المساجد إلى منابر ضد الجنرالات ودولهم المدنية، وتحول أئمة المساجد إلى قادة ثوريين، وتجلى التحام الإسلام بالثورة في إيران، التي مزج إسلاميوها الشيعة بين إمامهم الحسين، المقتول في كربلاء، والشيوعي الأرجنتيني الفنزويلي تشي غيفارا، المقتول في بوليفيا.

ودخل الصراع بين العسكر والإسلاميين الحلبة الدولية، فاصطف العسكر خلف موسكو، ودعمت واشنطن الإسلاميين ضد الشيوعية الملحدة، إلى أن انهارت الشيوعية، فأدار "الإسلام السياسي" عدوانه ضد أميركا والغرب لاعتقاده أنه نجح في تدمير قوة عظمى واحدة، ومضى في طريقه لتدمير القوة العظمى المتبقية.

حوّلت هذه الحروب الدين الإسلامي والمسلمين إلى ضحية المواجهة بين العسكر و"الإسلام السياسي"، من ناحية، وبعد ذلك بين "الإسلام السياسي" والغرب، من ناحية ثانية. وأسبغ "الإسلام السياسي" صورة عنفية غير صحيح على الدين الإسلامي، وتحولت النصوص التي يستند اليها الإرهابيون الإسلاميون في عنفهم إلى شأن عالمي، وأقنعت الكثيرين في الغرب والعالم أن مشكلة المسلمين هي نصوصهم ودينهم وتعاليمهم، وهذا غير صحيح، والدليل أنه على مدى القرون الأربعة عشر الماضية، أي منذ ظهور الإسلام، مرت قرون كثيرة تعايش فيها المسلمون مع اليهود والمسيحيين بود ووئام، على رغم من أن النصوص بقيت نفسها على مدى الألفية والنصف.

طبعا هذا لا يعني أن تاريخ المسلمين خال من العنف، إذ على العكس من ذلك، لطالما حمّل بعض المسلمين نصوصهم ما لا تحتمله، وشنوا حروبا دموية، غالبا ضد بعضهم البعض، فحروب المسلمين الأهلية أكثر من أن تحصى، إلى أن قامت الدول القومية المدنية، فخرج الدين الإسلامي من حلبة الصراعات السياسية، إلى أن أعاده الإسلاميون.

قام الإسلام في أساسه على الهداية، واعتبر نفسه دينا عالميا لكل البشر، لا للمسلمين وحدهم، وقال كتاب المسلمين إن عيسى المسيح بشّر بنبي بعده اسمه أحمد، وبشر يسوع المسيح في الإنجيل بالفارقليط مخلّصا بعده، واعتبر المسلمون نبيهم فارقليطا. والخلاص هنا هو خلاص روحي وعبادة توحيدية، لا دولة وسبايا وأمراء وفكرا قرسطويا معاديا للحرية والإنسانية.

في التقليد الإسلامي، محمد ليس رسولا للمسلمين وحدهم، بل للبشرية أجمع، وهذا يعني أن من يؤمن به ورسالته يؤمن، ومن لا يؤمن به، حسابه يوم الحساب. لكن الإسلاميين الإرهابيين نصبوا أنفسهم ذراع العدالة الإلهية، فراحوا يقتلون من يكفر، ويفرضون الدين عنوة، مستندين إلى آية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه حولها فقه واجتهاد واختلاف، وهي لا تعني في أي وجه من وجوهها استخدام العنف أو الإكراه، حتى في المجتمعات ذات الغالبية السكانية الإسلامية.

"الجمهورية الإسلامية" الشيعية في إيران، أكبر راعية للإرهاب في العالم، و"الدولة الإسلامية" الدموية في العراق، وبعدها "في العراق والشام"، وقبلها "الإمارة الإسلامية" طاغية أفغانستان، كلها ثمرة اجتهادات وفقه لا إجماع عليه، وهي ناجمة عن فكر غيبي سطحي، يقدم غطاء دينيا كاذبا لعنف العصابات، ويصوّره جهادا في سبيل الإسلام، فيما المسلمون ودينهم منه براء.

لم يشهد التاريخ على دولة إسلامية واحدة ناجحة أو مفيدة للمسلمين. حتى الخلافة "الذهبية" الراشدية شهدت اغتيال ثلاثة من خلفائها الأربعة، وبدأت بحروب ردة بين العرب وانتهت بحرب أهلية بين المسلمين.

هذا الفشل المزمن للإسلام السياسي دفع المسلمين إلى الفرار من دولهم إلى دول العالم التي فتحت أبوابها لهم، وبدلا من أن يكافئ بعض المسلمين هذه الدول بالتآخي مع سكانها والتساوي معهم في المواطنية، أقاموا "دويلات إسلامية" أسموها جمعيات، واستنبطوا عداوات وهمية مع نظرائهم في الوطن، من قبيل "إسلاموفوبيا"، وراحوا يمارسون عنفا لطّخ صورة المسلمين جميعا.

اليوم، يعرف المسلمون أنه مشتبه بهم في كل مطار في العالم، والسبب هو قيام الإسلاميين باستغلال ثقة أمن المطارات لقتل وتفجير الأبرياء. ويعرف المسلمون أن غير المسلمين ينظرون إليهم على أنهم برابرة يعادون الحرية، وتسودهم العصبية، وأن شرّهم مستطير.

في كل واحدة من هجمات الإسلاميين يموت أبرياء، مسلمون وغير مسلمين، وفي كل واحدة من هجمات الإسلاميين يضعون فيها المسلمين ودينهم في قفص الاتهام بالعنف والبربرية. الإسلاميون هم أعداء المسلمين.

الخميس، 22 أكتوبر 2020

زيارة وفد أميركي لسورية تثير حفيظة معارضي نظام الأسد

واشنطن - من حسين عبدالحسين

ثار الكشف عن زيارة وفد أميركي رفيع المستوى للعاصمة السورية، أخيراً، حفيظة معارضي نظام الرئيس بشار الأسد، خصوصاً من السوريين الأميركيين، وهو ما دفع وزير الخارجية مايك بومبيو الى محاولة تبرير الزيارة بالقول إنه لا ارتباط بينها وبين الموقف الثابت من الأسد، والقاضي بمنع أي علاقات ديبلوماسية معه أو الافراج عن أي مساعدات مالية دولية من دون حصول تسوية بينه وبين معارضيه تفضي الى قيام حكومة وحدة وطنية بموافقة واجماع كل الأطراف السورية.

وقال بومبيو، ليل الأربعاء: «طلبنا أن يفرج السوريون عن (الصحافي أوستن) تايس، وأن يخبرونا بما يعرفونه»، مضيفاً أن السوريين «اختاروا عدم القيام بذلك»، وأن الولايات المتحدة ستواصل العمل من أجل عودة «ليس فقط أوستن، ولكن كل أميركي محتجز (حول العالم)، ولن نغير السياسة الأميركية للقيام بذلك».

ونفت المصادر الأميركية أن تكون عرضت على الأسد سحب 600 جندي أميركي يتمركزون شرق سورية ويحرمون وصول النظام الى مصادر النفط.

وقالت المصادر لـ «الراي»، إن «أساس التفاوض مع السوريين، وكذلك مع بعض الوسطاء اللبنانيين، هو تفاوض مبني على اعتبارات أنسانية بحتة، وعلى تحييد المدنيين عن الصراعات العسكرية والسياسية بين الحكومات».

وكانت أوساط لبنانية وعربية، ذكرت ان محادثات المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، في واشنطن أخيراً، تناولت امكانية تقديمه أي مساعدة ممكنة في الافراج عن المفقودين الأميركيين في سورية، الصحافي تايس والطبيب مجد كم الماز.

وتسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب الى تحقيق انتصار يعينها في المواجهة الانتخابية المتعثرة على ما يبدو حتى الآن، والتي تخوضها للفوز بولاية رئاسية ثانية، ضد مرشح الديموقراطيين نائب الرئيس السابق جو بايدن.ويتصور بعض العاملين في حملة ترامب، أنه لو نجحت الادارة في الإفراج عن تايس وكم الماز، يمكن أن يقوم الرئيس الجمهوري باستقبالهما في المكتب البيضاوي، في استعراض سياسي قد يتحول الى «مفاجأة أكتوبر»، أو بالأحرى «معجزة أكتوبر» التي يبدو أن ترامب يحتاجها للتغلب على منافسه الديموقراطي.

لهذا السبب، أوفدت إدارة ترامب كبير مسؤولي مكافحة الإرهاب كاش باتيل، الذي التقى مستشار الأمن القومي في دمشق علي مملوك، من دون أن يفضي اللقاء الى النتائج التي كانت تصبو إليها إدارة البيت الأبيض.

وفي شأن تشكيل حكومة في لبنان، كررت المصادر ما دأب المسؤولون الأميركيون على قوله، لناحية ان أميركا لا تتدخل في الشؤون الداخلية.

وأعربت عن أملها في أن تقوم أي حكومة مستقبلية بالعمل على الاصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي مقابل حصول لبنان على أموال تساعد في تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية. وأضافت أن واشنطن على اتصال دائم مع بيروت للتنسيق «في مواضيع مكافحة الإرهاب».

والشهر الجاري، بدأت مفاوضات لبنانية - اسرائيلية برعاية أميركية لترسيم الحدود البحرية، وبعد ذلك البرية، وهو ما يسمح للدولتين العمل على التنقيب عن الطاقة في مياههما الإقليمية وانتاجها في حال العثور عليها.

الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

عودة بايدن للاتفاقية النووية مع إيران بين الوعود الانتخابية... والواقع الصعب!

واشنطن - من حسين عبدالحسين

يكاد يجمع المراقبون في الولايات المتحدة وبقية دول العالم، على أنه في حال وصوله إلى البيت الأبيض منتصف يناير المقبل، سيقوم المرشح الديموقراطي للرئاسة جو بايدن بالعودة الفورية إلى الاتفاقية النووية مع إيران، وهو ما أعلنه نائب الرئيس السابق في أكثر من إطلالة انتخابية.

لكن في واشنطن وعالمها، قلّما يتحول الكلام الانتخابي حقيقة. مثلاً في العام 2008، أعلن المرشح الديموقراطي باراك أوباما أنه في حال انتخابه رئيساً، سيقوم بسحب القوات الأميركية من العراق في مهلة أقصاها ستة أشهر من موعد دخوله البيت الأبيض في يناير 2009. لكن القوات الأميركية لم تنسحب من العراق حتى نهاية العام 2011.

الواقع غالباً ما يفرض سياسات مختلفة عن الوعود الزهرية التي تلاقي حفاوة شعبية. في حالة الاتفاقية النووية مع إيران، سيواجه بايدن، في انتخابه رئيساً، سلسلة من العوائق، بعضها بسبب تصميم الاتفاقية النووية، وبعضها الآخر بسبب سياسات الرئيس دونالد ترامب تجاه إيران.

وكان الرئيس السابق أوباما صمم الاتفاقية النووية على أساس أنها مفتاح بناء الثقة بين الولايات المتحدة وإيران، وأعلن مراراً أنها ستؤدي إلى توليد طاقة إيجابية يمكن استثمارها في المجالات الأخرى من العلاقات بين واشنطن وطهران، وصولاً إلى إعادة العلاقات الديبلوماسية وتبادل السفارات بين الطرفين.

وأثمرت اتفاقية أوباما توقيع شركة «بوينغ» الأميركية العملاقة لصناعة الطائرات عقدين مع الحكومة الإيرانية بقيمة 30 مليار دولار، ومثلها فعلت منافستها الأوروبية «إيرباص»، فضلاً عن شركة «توتال»، التي وقعت عقداً بقيمة خمسة مليارات دولار لاستثمار حقل بارس 11. وكان متوقعاً أن تصبح الشركة الفرنسية مسؤولية عن إنتاج ما يقارب ثلث الإنتاج اليومي للطاقة في إيران.

وكان أوباما يأمل في أن تضمن المصالح التجارية استمرارية الاتفاقية النووية ومسار تحسن العلاقات، وهو ما حصل فعلاً مع الأوروبيين، الذي آثروا الانفصال عن ترامب، لدى انسحابه من الاتفاقية النووية، والبقاء على علاقة جيدة مع طهران على أمل إعادة استئناف العقود التجارية بعد رحيل ترامب ورفع بايدن، العقوبات.

لكن على عكس أوروبا التي تتراخى في شؤون الإرهاب وحقوق الإنسان لحساب مصالحها المالية، تعاني الولايات المتحدة من الأذى الذي تسببه «نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة»، حسب التعبير الأميركي، بمصالح الولايات المتحدة ومصالح حلفائها الشرق أوسطيين. لهذا السبب، قام ترامب، فضلاً عن إعادته العقوبات المتعلقة بالملف النووي التي كان أوباما علّقها إثر التوصل لاتفاقية مع إيران نهاية العام 2015، بفرض عقوبات جديدة غير النووية التي كانت مفروضة.

ولا ترتبط غالبية عقوبات ترامب على إيران بملفها النووي، بل هي تتركز في مجملها على مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال. مثلاً، قام ترامب بإعلان تنظيم «الحرس الثوري» الإيراني، إرهابياً. ويتهم الأميركيون هذا التنظيم بمسؤوليته - بطرق مباشرة وغير مباشرة - عن مقتل عسكريين ومدنيين أميركيين على المدى العقود الأربعة الأخيرة.

على عكس في أوروبا، التي تنقسم في مواقفها تجاه الميليشيات الموالية لإيران، مثل «حزب الله» اللبناني، في العاصمة الأميركية اجماع جمهوري وديموقراطي على اعتبار كل هذه الميليشيات تنظيمات إرهابية. هذا يعني أنه يمكن لبايدن التراخي في العقوبات التي أعادها ترامب والمتعلقة بشؤون ملف إيران النووي، لكن عقوبات كثيرة أخرى - وأشد قسوة - قام ترامب بفرضها بداعي الإرهاب، واستهدفت «الحرس الثوري» وقادته، وهذه عقوبات لا مجال لبايدن بالتساهل في رفعها.

هذا يعني أنه في حال سعى بايدن إلى رفع عقوبات الإرهاب عن إيران، سيعاني من مشكلة سياسية. حتى أوباما، أكثر أصدقاء إيران في صفوف القيادة الأميركية على مدى العقود الماضية، لم يرفع العقوبات المتعلقة بالإرهاب، بل إن الرئيس السابق استخدم العقوبات على الإرهاب كجائزة ترضية لمعارضي رفع العقوبات الأميركية النووية، وكان ذلك في سياق توقيعه على قانون أقرّه الكونغرس ضد «حزب الله». هكذا، يصبح السؤال: حتى لو صار بايدن رئيساً وسعى لعودة أميركا للاتفاقية النووية، هل ترضى إيران برفع الرئيس الأميركي المحتمل لجزء من عقوبات ترامب، أم أنها ستصرّ على قيام بايدن برفعها كلها، بما في ذلك إبطال تصنيف «الحرس الثوري» تنظيماً إرهابياً؟ في حال أصرّت إيران على رفع بايدن كل العقوبات، قد يجد نفسه الرئيس المحتمل أمام معضلة، إذ إن رفع عقوبات تتعلق بالإرهاب مكلف سياسياً، وقد يواجه معارضة قاسية داخل حزبه ضد ذلك. أما في حال رفع بايدن العقوبات النووية، من دون المتعلقة بالإرهاب، قد لا يؤثر ذلك في وضع الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني من انهيار متواصل منذ إعادة ترامب العقوبات في 2017.

ويعتقد العارفون أن أقسى العقوبات الأميركية على إيران هي التي أضافها ترامب، وهي تستهدف قطاعي النفط والمال، وهو ما أدى إلى شلل شبه تام في الاقتصاد الإيراني. ترامب كان يسعى لإجبار إيران على الموافقة على تحويل الاتفاقية النووية مع إيران دائمة، من دون أن تنتهي في العام 2040، ومن دون أن تنتهي صلاحية أي من بنودها قبل ذلك التاريخ وتصبح إيران حرة في تخصيب اليورانيوم، مع ضابط وحيد هو توقيعها البروتوكول الإضافي في اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. لكن هذا التوقيع لا قيمة له، وهو البروتوكول نفسه الذي رمته كوريا الشمالية في سلة القمامة قبل أكثر من عقد، وباشرت بصناعة الأسلحة النووية بعد ذلك.

لكن في حال لم ترضخ إيران، تقضي خطة ترامب بفرض عقوبات تجعل من الصعب على أي إدارة أميركية مقبلة حلّها من دون التوصل الى تسوية في موضوع الميليشيات الإيرانية و«نشاطات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة».

مصادر بايدن تقول إن من السذاجة أن يتوقع الإيرانيون أن يعود الرئيس المحتمل إلى الاتفاقية النووية وكأن شيئاً لم يكن، وأن العودة تتطلب بعض التسويات مع طهران، وهو ما يتطلب مفاوضات، والمفاوضات عرضة للاستعراض السياسي، بحسب من سيخلف الرئيس حسن روحاني في الانتخابات الإيرانية المقررة في يونيو المقبل.

ويعتقد الباحث الإيراني الأميركي اليكس فاتانكا، أن«الوضع السياسي الإيراني ماضٍ في التغيير نحو الأكثر تشدداً، وأن الرئيس المقبل سيكون على الأرجح أقرب إلى المرشد والحرس، وهو ما يرفع من إمكانية استمرار المواجهة ضد الولايات المتحدة أكثر من التسوية».

ويقول فاتانكا لـ«الراي» إنه «حتى لو حاول بايدن العودة للاتفاقية النووية مع إيران، قد لا تكون طهران مستعدة، وقد يكون المرشد علي خامنئي، يعمل على سياسته القاضية بمحاولة فصل أميركا عن أوروبا، أو ما يسميها سياسة الغرب ناقص أميركا».

هكذا، في وقت يجمع كثيرون على أن انتخاب بايدن يعني عودة أميركية تلقائية الى الاتفاقية مع إيران، قد تبدو وعود بايدن انتخابية أكثر منها حقيقية، وقد تعني أن «حساب البيدر قد لا ينطبق على حساب الحقل».

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

هل أخطأ بايدن بإحجامه عن قرع الأبواب بسبب «كورونا» ... وهل يخبئ ترامب مفاجأة يفجّرها يوم الانتخابات؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين

قبل نحو أسبوعين من الانتخابات الأميركية المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، عبّر بعض القياديين في الحزب الديموقراطي عن تخوفهم من أن ينعكس إحجامهم عن شن حملة قرع على الأبواب لتسجيل الناخبين وحثّهم على الاقتراع سلباً على نتائج الانتخابات، في وقت شن الجمهوريون «حملة أرضية» فائقة التنظيم نجحت في تقليص الفارق بين الناخبين المسجلين بين الحزبين، والذي كان يتفوق فيه الديموقراطيون.

في فلوريدا، الولاية المتأرجحة التي من المتوقع أن تشهد «أم المعارك»، والتي قد تشكل نتائجها الحسم في هوية الفائز، على غرار انتخابات العام 2000، كان الديموقراطيون يتقدمون على الجمهوريون بفارق نصف المليون مقترع مسجلين في خانة الحزب الديموقراطي. لكن المرشح الديموقراطي، نائب الرئيس السابق جو بايدن، رفض أن تدير حملته «حملة أرضية»، على غرار السنوات الماضية، معللاً رفضه بأن قرع الأبواب في زمن وباء فيروس كورونا المستجد من شأنه أن يعرّض حياة الناشطين والناخبين للخطر.

أما الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، فرفض الإذعان لمتطلبات السلامة العامة لوقف انتشار الوباء، بل اعتبر أن الفيروس مؤامرة حيكت ضده لإخراجه من البيت الأبيض، ورفض ارتداء الكمامة، وعقد لقاءات انتخابية حاشدة شارك فيها مناصروه من دون كمامات، وهي لقاءات - مثل ولاية آريزونا الجنوبية - أفضت لانتشار الوباء بين صفوف الحاضرين، وكان منهم المرشح الجمهوري السابق للرئاسة ومناصر ترامب هيرمان كاين، الأفريقي الأميركي الذي توفي جراء إصابته بالوباء.

لكن إصرار ترامب على تجاهل الوباء أدى الى تنفيذ «حملة أرضية» قرع بموجبها الناشطون الجمهوريون عشرات ملايين الأبواب، خصوصاً في الولايات المتأرجحة، وقاموا بتسجيل الناخبين، وحثّوهم على التبرع مالياً والحضور الى اقلام الاقتراع شخصياً للانتخاب يوم الثالث من نوفمبر. وفي الأثناء، كرر ترامب أنه يرفض الانتخابات عبر البريد، وأنه يعتقد أن هذا النوع من الانتخابات هو عرضة للتزوير.

أما بايدن الذي تفادى شن «حملة أرضية»، فاستعاض عنها بحملة اتصالات عبر الهاتف والبريد الإلكتروني، وعمدت حملته إلى حثّ الناخبين على الاقتراع عبر البريد لتفادي تعريض أنفسهم للفيروس باقتراعهم شخصياً. وتنص قوانين الولايات التي تسمح التصويت بالبريد لمن يرغب (كل الولايات تسمح التصويت البريدي لفئات معينة مثل أفراد الجيش والقوات الأمنية) على قيام المواطن بالطلب، عبر الإنترنت، ورقة اقتراع رسمية، ويتم التحقق من هوية المواطن إلكترونياً عبر مقارنة بياناته. وبعد إرسال ورقة الاقتراع الرسمية بالبريد، يصبح ممنوعاً على المواطن الاقتراع شخصياً، واذا فعل ذلك، لا يتم احتساب صوته الى ما بعد الانتهاء من الفرز والتأكد أنه لم يقترع بريدياً حتى لا يتم احتساب صوته مرتين.

مع حلول مطلع هذا الأسبوع، قاربت نسبة المقترعين المبكرين - في البريد أو شخصياً - 30 مليونا، أو ما يوازي 20 في المئة من اجمالي ناخبي العام 2016، الذين بلغ عددهم 139 مليوناً.

في 2016، وصل عدد المقترعين قبل يوم الانتخاب، 40 في المئة من إجمالي من أدلوا بأصواتهم، واذا ما تواصل الاقتراع المبكر على هذه الوتيرة، من المحتمل أن يتحول عدد المقترعين يوم الانتخاب الى أقلية نسبة للمقترعين المبكرين. في نوعي الانتخاب، البريدي والشخصي، تفوّق الديموقراطيون بشكل واسع على الجمهوريين. بريدياً، بلغ عدد المقترعين الديموقراطيين 55 في المئة من الإجمالي، مقابل 20 في المئة للجمهوريين. كذلك في التصويت شخصياً، اكتسح الديموقراطيون منافسيهم الجمهوريين بـ 54 - 25.

على أن التفوق الديموقراطي تراجع في الفارق بين «المسجلين للانتخابات» في فلوريدا من 327 ألفاً الى 134 ألفاً فقط، بسبب «الحملة الأرضية» لحملة ترامب، والتي دفع نجاحها بايدن الى التراجع عن معارضته لمواجهتها بـ «حملة أرضية» ديموقراطية، لكنها جاءت متأخرة.

وأثمرت حملة ترامب زيادة واسعة في التسجيل في صفوف البيض من غير حاملي الشهادات، وهي الفئة التي يعوّل عليها للفوز بولاية ثانية، وتوزعت الزيادة على ثلاث ولايات متأرجحة، هي بنسلفانيا وويسكونسن وميتشيغن، وهو ما ساهم بنشر بعض التفاؤل في صفوف الحملة الجمهورية، رغم أن الاستطلاعات لا تزال تظهر تقدماً شاسعاً لبايدن، وهو فارق يقول الخبراء إنه لم يسبق أن نجح أي مرشح في التغلب عليه.

ويقول البروفيسور في جامعة فلوريدا مايكل ماكدونالد، إنه في وقت «يشعر الديموقراطيون بالرضا عن العدد القياسي للناخبين المبكرين، أعتقد أن القصة الأكثر أهمية الآن هي القصة التكتيكية، فحملة ترامب أنفقت ملايين الدولارات على إرسال رسائل بريدية لتشجيع مؤيديه على طلب بطاقات الاقتراع عبر البريد والتصويت شخصياً».

ويتابع ماكدونالد، على موقعه المتخصص «مشروع الانتخابات الأميركية»، أن «حملة ترامب أرسلت ثلاثة رسائل بريدية إلى منزلي، منها موجهة إلى من كان يسكن بيتي قبلي لتشجيعه على طلب الاقتراع بالبريد والتصويت شخصياً مبكراً».

وأضاف أن من سكن منزله قبله «لم يعش هنا منذ سنوات عدة، ولم يعد موجوداً في ملف الناخبين، وهذا نوع من الاستهداف السيئ، واهدار أموال الحملة إلى حد كبير، لأن أنصار ترامب يستمعون إلى خطابه حول التزوير في الاقتراع البريدي ويحجمون عنه، حتى لو أخبر مؤيديه أحياناً على مضض بالتصويت عبر البريد أو التصويت مبكر، فإن الجمهوريين لم يفعلوا ذلك بعد».

وتابع الخبير أن إهدار الأموال يعني أن حملة بايدن تتمتع بفعالية أكبر من حملة ترامب، إذ تقوم بتحليل بيانات التصويت المبكر للناخبين نفسها، وبشطب الأسماء ممن تغيرت عناوين سكن أصحابها، وتعيد تركيز جهودها على الناخبين ممن لم يشاركوا بعد، وهذا يعني أن «بايدن قادر على استخدام الأموال التي لديه بشكل أكثر فعالية».

المفاجأة الأخيرة التي يطمح إليها ترامب هي أن تنجح حملته في شطب أصواتاً بريدية كثيرة - أثناء الفرز - واعتبارها أوراقاً باطلة بسبب أخطاء قد يرتكبها الناخبون البريديون، وأن تكون المشاركة الانتخابية الشخصية يوم الانتخابات لمصلحته، إذ يندر أن تقع أخطاء في الانتخاب الشخصي الذي يجري عبر ماكينات إلكترونية وبإشراف المسؤولين عن القلم.

والسؤال: هل يخبئ ترامب مفاجأة للديموقراطيين يفجرها يوم الانتخابات بمشاركة مناصريه بصورة غير مسبوقة أم أنه في وضع سيئ دفعه الى الخروج عن طوره أثناء لقاء لأركان حملته، وهو لقاء أكثر خلاله من استخدام الكلمات النابية والشتائم؟ وهذا إن صحّ، يشي أن الرئيس الأميركي نفسه ليس مرتاحاً لكيفية تطور الأمور قبل نحو أسبوعين على موعد الانتخابات...

... الشريك أم الظل؟

مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، يقدّم قادة في المنطقة الدعم لشريكهم الرئيس دونالد ترامب، الساعي للفوز بولاية ثانية يُتوقع أن تواصل «حرق الجسور» مع إيران.




وتتناقض علاقات ترامب الوثيقة مع دول الخليج مع العلاقة الفاترة التي ربطت هذه الدول بسلفه باراك أوباما، الذي أثار بإبرامه الاتفاق مع إيران حول ملفها النووي، مخاوف الخليج.




ويقول مسؤول خليجي لـ «فرانس برس»، طلب عدم الكشف عن هويته: «الزيارة التاريخية في مايو 2017 (للسعودية) كانت بداية لعلاقة استثنائية مع رئيس أميركي. لقد فتحت أبوابا كثيرة».




ويضيف: «صنّاع القرار هنا يريدون منطقياً أن تظل تلك الأبواب مفتوحة، لكنهم يستعدون للسيناريو الآخر». في أول رحلة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة في مايو 2017، حظي ترامب باستقبال حار في السعودية... تقلّد ميدالية ذهبية وخاطب زعماء مسلمين، مطلقا العنان لمواجهة مع إيران.




في السنوات التي تلت، ولّدت استراتيجيته الاندفاعية وغير التقليدية سلسلة من الأحداث المتسارعة التي أعادت رسم المشهد الإقليمي. فقد انسحب ترامب من الاتفاق النووي، وأمر باغتيال قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس. وتقول كبيرة محللي الخليج في معهد «مجموعة الأزمات الدولية» إلهام فخرو، إن «السعودية والإمارات تشتركان في تصوّر أن إدارة أوباما تخلّت عن حلفائها التقليديين في الخليج».




وترى أنّ دول الخليج قلقة من إمكانية «العودة عن العقوبات على إيران» في ظل إدارة ديموقراطية.




ومع ذلك، تستعد منطقة الخليج، لاحتمال العودة إلى التعامل مع إدارة ديموقراطية، تعتبر «ظل أوباما» ستحاول على الأرجح جرّ طهران مجدّداً إلى طاولة المفاوضات.







لا ميكروفونات















فيما تتجه الانظار الى المناظرة الثانية والأخيرة المقرّرة غداً، بين الرئيس دونالد ترامب والمرشح الديموقراطي جو بايدن، أعلنت لجنة المناظرات الرئاسية أنه سيتم تعديل قواعد هذه المناظرة خصوصاً قطع الميكروفون عن المرشّح حين لا يكون دوره في الكلام، للحؤول دون تكرار التشويش الذي ساد المناظرة الأولى.




وتابعت اللجنة أنّه خلال المناظرة سيكون أمام كلّ من ترامب وبايدن مدّة دقيقتين للإجابة عن سؤال يطرحه عليهما أو على أحدهما مدير الندوة، وخلال هذا الوقت سيكون الميكروفون مقطوعاً عن المرشّح الآخر المفترض به أن ينصت إلى إجابة منافسه.




وما أن يُنهي كلا المرشّحين دقيقتيه المخصّصتين للإجابة، يتحوّل الأمر عندها إلى نقاش مفتوح بينهما فيصبح بإمكانهما التحاور مباشرة وتكون تالياً ميكروفوناتهما مفتوحة في الوقت نفسه.




وأوضحت اللجنة في بيان أنّها «ترغب في أن يحترم المرشّحان وقت الكلام الخاص بهما، الأمر الذي سيدفع النقاش العام لما فيه صالح المشاهدين». وسارع ترامب إلى انتقاد قرار اللجنة. لكنه قال إنه سيشارك رغم الشروط «غير العادلة». وخلال مناظرتهما الأولى في سبتمبر الماضي، قاطع ترامب منافسه الديموقراطي 71 مرة، في حين قاطعه نائب الرئيس السابق 22 مرة.

هل كان المسيح فلسطينيا؟

حسين عبدالحسين

أعنت هوليوود أن الممثلة الإسرائيلية غال غادوت ستلعب دور كليوباترا في فيلم سينمائي مقبل، فثارت ثائرة أشاوس مقاومة "الاستيلاء الثقافي" لاعتقادهم أن كليوباترا كانت ملكة مصرية، وتاليا عربية، وأن الأفضل أن تؤدي دورها ممثلة عربية، بدلا من الإسرائيلية غادوت، التي يراها أشاوس "الاستيلاء الثقافي" مع "الرجل الأبيض" الاستعماري.

المشكلة تكمن في انعدام الثقافة التاريخية لدى شرطة مكافحة "الاستيلاء الثقافي"، فلا كليوباترا كانت عربية، ولا الإسرائيليون أوروبيين، حتى لو أن الرواية التقليدية الفلسطينية تعتبر أن الشعب الإسرائيلي الحالي ينحدر بأكمله من جذور أشكنازية، أي يهودية أوروبية، وهذا غير صحيح، لأن نصف اليهود الإسرائيليين ينحدرون من جذور عربية.

حضارة وادي النيل الفرعونية لم تكن عربية. صحيح أن اللغة الفرعونية تنتمي إلى أسرة اللغات الأفرو آسيوية، شأنها شأن اللغات السامية مثل العربية والعبرية، إلا أن هذا العنصر المشترك يكاد يكون الوحيد بين الحضارتين الفرعونية والعربية، بل أن حضارة الفراعنة ـ في القرون الأخيرة لوجودها ـ امتزجت بحضارتي اليونان وروما، فانحدرت كليوباترا من البطالمة، وهم من نسل بطليموس خليفة الإسكندر المقدوني، الذي أعطى اسمه للإسكندرية. كليوباترا صادقت مارك أنطوني، الجنرال في جيش يوليوس قيصر الروماني، إلى أن هزمهما أوكتافيوس أوغسطس.

وعندما باشر الفرنسي جان فرنسوا شامبليون بتفكيك رموز الهيروغليفية، استند إلى حجر الرشيد المنقوش باللغتين الفرعونية واليونانية، إذ لا تواصل زمني بين الفرعونية والعربية، حتى أن الروايات تقول إنه بعدما عجز عن فك طلاسم اللغة الفرعونية، أمر الخليفة العباسي المأمون بدكّ هرم الجيزة بالمنجنيق، واستخدم المصريون الأهرام كمقالع حجارة لقرون، إلى أن وصل "الرجل الأبيض" الفرنسي مصر، وفكك رموز التاريخ، وأقنع المحليين العرب بضرورة الحفاظ عليه.

لا عرب ولا عروبة في قصة حياة كليوباترا، باستثناء سيطرتها، بالاشتراك مع عشيقها الروماني مارك أنطوني، على مناطق في المشرق العربي، بما في ذلك أراض تابعة للعرب النبطيين والتدمريين. والعرب نظروا إلى كليوباترا بإعجاب، حتى أن ملكة تدمر، زنوبيا ـ زوجة الملك أذينة وأم ولي العهد وهب الله ـ صوّرت نفسها على شكل كليوباترا.

وفي التاريخ الأساطيري، المبني بعضه على وقائع تاريخية، كان سليلو إبراهيم، أي العبران والعربان، يسيّرون قوافل تجارية من المشرق إلى وادي النيل، حيث باع العرب يوسف، وهو عبراني إسرائيلي غير يهودي، إذ أن اليهود ينحدرون من نسل أخيه غير الشقيق يهودا.

لكن الحروب والمواجهات بين العرب والإسرائيليين، التي سبقت وتلت قيام دولة إسرائيل، حوّلت التاريخ إلى أداة مواجهة، فرفض العرب الربط بين إسرائيليي الماضي، الشعب السامي الذي يشترك مع العرب بتاريخ طويل، وإسرائيليي اليوم، وأصرّوا على اعتبار أن إسرائيليي اليوم هم شعب أوروبي أبيض مستعمر، لا علاقة له بالسامية ولا بتاريخ المشرق ومصر، ما يجعل من إسرائيل دولة أوروبية كولونيالية دخيلة على المنطقة وتاريخها وحضارتها، وهذه نظرية عسكرية حزبية أكثر منها تاريخية أكاديمية.

كذلك رفض العرب المسلمون مقولة إن كلمة إسرائيل نفسها واردة في القرآن حوالي أربعين مرة، وقالوا إن شعب إسرائيل القرآني هو في سياق الأساطير الدينية، ولا علاقة له بإسرائيل اليوم. لكن المسلمين أنفسهم لجأوا إلى القرآن لتأكيد قداسة الأرض عندهم، وقدموا سورة الإسراء كدليل على أن رسول المسلمين زار القدس. وتضيف الأحاديث النبوية أنه امتطى في رحلة الإسراء من مكّة إلى القدس براقا. والبراق هو حصان مجنّح من الجنة، قام الرسول بربطه قرب حائط المبكى اليهودي، فصار اسمه "حائط البراق" عند المسلمين، قبل أن يعرج الرسول من القدس إلى السماء، ويعود.

لا يرد في سورة الإسراء ذكر رسول المسلمين باسمه، محمد، ولا يرد ذكر اسم مدينة القدس، بل تقول الآية "سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى". حتى كلمة مسجد لها تأويل، إذ يتم تفسيرها على أنها تعني مكان سجود فحسب، لا مبنى على شكل المساجد الإسلامية المعروفة، إذ أنه في حياة محمد، كانت القدس تحت حكم بيزنطي مسيحي، ولم يكن فيها مساجد. لكن على الرغم من كل التأويلات والتفسيرات الأساطيرية، يقبل المسلمون رواية أن رسولهم زار القدس على ظهر حصان مجنح، ويرفضون الربط بين إسرائيليي اليوم وإسرائيليي القرآن الذين عاشوا في الجليل في زمن المسيح. أي قبل ستة قرون فقط من ظهور الإسلام ورسوله.

تقفز شرطة مكافحة "الاستيلاء الثقافي" مجددا إلى الواجهة في موضوع الإسرائيليين، وتصرّ أن إسرائيل ومسيحيي الغرب يصادرون المسيح، لأن المسيح كان فلسطينيا داكن البشرة، ولم يكن إسرائيليا "أوروبيا" من ذوي البشرة البيضاء.

لكن القرآن يصف المسيح على أنه كان من بني إسرائيل ومبعوثا إليهم مصدقا لما بين أيديهم من كتب سماوية، كالتوراة. في إسرائيل اليوم، شعب يتكلم لغة سامية قريبة جدا من العربية، نصف الشعب ذات جذور عربية، وهو يسمي نفسه إسرائيل، ويسمي كتابه التوراة، ومع ذلك، يقول العرب إن لا شعب إسرائيل إسرائيليا ولا هو الذي ورد ذكره في القرآن، وهو القرآن نفسه الذي لم ترد فيه تسميات مثل العرب أو فلسطين.

كليوباترا لم تكن عربية، بل كانت يونانية مصرية، والمسيح لم يكن فلسطينيا، بل كان عبرانيا من بني إسرائيل، وبني إسرائيل ليسوا من المجر أو بولندا أو روسيا البيضاء، بل مشرقيين سكنوا حوض الأردن، وانتشروا منه إلى العالم، وانتشرت ديانتهم، وكما يعتقد الهندي المسلم أن مكة أرضه المقدسة، يعتقد اليهودي النمساوي أن القدس أرضه المقدسة.

هو تاريخ عاش فيه المسيح، الإسرائيلي، تحت سلطة حاكم الجليل هيرود انتيباس، الإسرائيلي، وزوجته فصائل العربية، بنت الملك النبطي الحارثة الرابع. وعندما طلّق انتيباس زوجته وقتل يوحنا المعمدان، اجتاحت قوات الحارثة أراضي الملك اليهودي، وهلل الإسرائيليون المسيحيون لانتقام ملك العرب من حاكمهم.

الأرض وتراثها وتاريخها اليوم هي للعرب والعبران وكل من يعيش عليها، وكليوباترا تراث عالمي، يمكن أن تلعب دورها إسرائيلية، أو إماراتية، أو أوزبكية، وما الحديث عن "استيلاء ثقافي" إلا جهل بالتاريخ، وإمعان في العنصرية، فيما المطلوب شراكة في التاريخ والعيش سوية في المستقبل.

الخميس، 15 أكتوبر 2020

هل عثرت إسرائيل على غاز في المنطقة البحرية الحدودية مع لبنان؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بعد حملة من العلاقات العامة تضمنت نشر إعلانات حملت شعارات «لبنان دولة نفطية» و«شكراً (النائب) جبران باسيل»، وبعد صعود الرئيس ميشال عون إلى باخرة التنقيب التابعة لشركة «توتال» الفرنسية وقيادته جهاز التحكم عن بُعد بأدوات الحفر البحري، مرّت مهلة الأسابيع الثلاثة التي تحدّدها شركات التنقيب تقليدياً للعثور على مخزونات من الغاز أو النفط من دون أن تعثر الشركة الفرنسية على مخزون الغاز الموعود في بلوك رقم 4 في المياه الإقليمية اللبنانية.

ولتفادي الحرج، عمدت أوساط عون الى التسريب للصحف المحلية ما مفاده بأن «توتال» عثرت على مخزون كبير من الغاز، وأن الشركة تمتنع عن الإعلان عنه في بيان صحافي عملاً بالمبدأ القائل بالإعلان في وقت محدد لتفادي إمكانية الإثراء غير المشروع عبر شراء أسهم الشركة قبل إعلانها عن عثورها على الغاز.

لكن الأسابيع الثلاثة مرّت، ومرّت بعدها أسابيع أخرى، وبناء على طلب عون وفريقه، امتنعت «توتال» عن التصريح أنها لم تعثر على أي مخزون من الغاز، وغادرت سفينتها المياه الإقليمية اللبنانية. لكن فريق عون استجدى الشركة الفرنسية لإقناعها بعدم سحب كادرها والفريق الذي أشرف على التنقيب للايحاء وكأن العملية متواصلة.

والفريق قاده مهندس من أصول أرجنتينية، وهو تحول الى شبه أسير للدعاية السياسية في لبنان. أما «توتال»، فأصدرت بياناً مبهماً، ووعدت بالعودة للتنقيب في بلوك 9، الذي يشترك جنوبه مع شمال البلوك الإسرائيلي رقم 72.

وكانت إسرائيل عثرت، على مدى العقد الماضي، على عدد من حقول الغاز الكبيرة في مياهها الاقليمية، وأدارت عملية التنقيب والانتاج شركة «نوبل انيرجي» الأميركية، وهي من الشركات ذات الحجم الصغير نسبياً في السوق العالمية، اذ تملك أصولاً بقيمة خمسة مليارات دولار، وراكمت ديوناً بواقع ثمانية مليارات.

هذه الشركة الأميركية الصغيرة هي التي فازت أيضاً بعقد التنقيب في بلوك 72 الاسرائيلي، المعروف سابقا بـ «آلون دال»، لكن يبدو أن تعثرها المالي دفعها الى تأجيل التنقيب والانتاج في البلوك المتنازع على أجزاء منه مع لبنان. وتواصل تلكؤ الشركة الأميركية سنوات، الى أن قررت اسرائيل سحب ترخيص «نوبل انيرجي» وإعادة طرح البلوك 72 لمناقصة جديدة، وكان ذلك في شهر يونيو، وهي خطوة دفعت الجانب اللبناني الى الإدلاء بسلسلة من التصاريح التحذيرية من مغبة المواجهة التي قد تنجم عن الخطوة الاسرائيلية.

لكن قبل أن تفوز أي شركة بمناقصة البلوك 72، قامت شركة «شيفرون» الأميركية العملاقة للطاقة، والتي يبلغ حجم أصولها أكثر من 60 مليار دولار، بشراء «نوبل انيرجي» بالكامل، وهو ما أحال حق التنقيب والانتاج في حقول الغاز الاسرائيلية، تامار وليفياتان ومعهما البلوك 72، الى «شيفرون».

وعلمت «الراي» أن شركة «نوبل انيرجي» قامت بمجهود واسع لاقناع «شيفرون» بشرائها، وأن عملية الاقناع هذه تخللها اعتقاد خبراء «نوبل انيرجي» أن بلوك 72 يحوي مخزوناً لا بأس به من الغاز، وأن الدليل الأبرز يأتي من حقل غاز «قرش» الإسرائيلي المجاور.

في المنطقة البحرية الموازية لبلدة رأس الناقورة، يبلغ عمق البحر أكثر من ألفي متر، وهناك عثرت شركات التنقيب عن الطاقة على ركام سفن تاريخية يعتقد الخبراء أنها تعود للعقد البرونزي. لكن التنقيب ليس مهتماً بالآثار، بل بالغاز، ويبدو أن المنطقة المذكورة تتمتع بمخزون كاف لاستغلاله تجارياً.

كذلك يبدو أن المسؤولين الأميركيين ألمحوا لنظرائهم اللبنانيين أنه، على عكس البلوك اللبناني رقم 4، فإن البلوك رقم 9 يحوي مخزوناً من الغاز، وهو البلوك الأخير والأمل الوحيد للعثور على أي طاقة في المياه الاقليمية. هكذا وافق اللبنانيون على ترسيم الحدود البحرية، برعاية أميركية.

لكن لم تقدم أي شركة تنقيب إثباتات علنية على وجود أي طاقة في المنطقة البحرية المتنازع عليها، وكل المتوافر حتى الآن هو مسح جيولوجي يشير الى إمكانية وجود مخزونات غاز، والمسح يخطئ أحيانا، على غرار ما حصل في البلوك رقم 4.

على أن دخول «شيفرون» العملاقة على خط التنقيب والانتاج، في منطقة شرق المتوسط التي تحولت الى ساحة نزاع حول الطاقة بين القوى الاقليمية والدولية، قد يشي بأن لدى بعض الجهات مثل أميركا أو إسرائيل معلومات - أكثر من المسح الجيولوجي - تؤكد وجود مخزون غاز يمكن للبنان، الذي يعاني من تهاو اقتصادي غير مسبوق، الافادة من مبيعاته.

والى ترسيم الحدود البحرية، تعمل الولايات المتحدة على رعاية المفاوضات من أجل ترسيم 13 نقطة حدودية متنازع عليها، أعقدها منطقة مزارع شبعا، التي تطالب اسرائيل، لبنان باستحصال تنازل من الحكومة السورية عنها حتى تعيدها إليه، وهو تنازل ترفض دمشق الموافقة عليه وتصرّ على إبقاء الوضع مبهماً، وهو ما يبقى منطقة المزارع سورية بعيون القانون الدولي.

أما النقاط الـ 12 الحدودية المتبقية، فالاختلاف عليها لا يتعدى عشرات الأمتار، ويرى المتابعون الأميركيون أن لا مطالب لاسرائيل تجاه لبنان، بل أن القوات تراجعت عن الحدود الدولية في بعض المناطق لمصلحة إقامة نقاط مراقبة على تلال مرتفعة داخل الأراضي الإسرائيلية.

الديموقراطيون لا يستخفون بترامب والجمهوريون يراهنون على... «معجزة»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في وقت تظهر استطلاعات الرأي فارقاً شاسعاً لمصلحة الديموقراطيين ومرشحهم للرئاسة نائب الرئيس السابق جو بايدن على الجمهوريين والرئيس دونالد ترامب في الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، يبدي الديموقراطيون خوفهم من أن تؤدي الأرقام الباهرة في استطلاعات الرأي - التي تؤكد استعادتهم البيت الأبيض ومجلس الشيوخ وحفاظهم على مجلس النواب - الى تراخٍ لدى ناخبيهم واعتقادهم أن الفوز صار حتمياً، وتالياً استخفافهم بالجمهوريين وتقاعسهم عن الاقتراع.

ويعتقد الخبراء أن في جيب بايدن 226 صوتاً من أصوات موفدي الكلية الانتخابية، بما في ذلك أصوات الولايات المحسومة للديموقراطيين، مثل كاليفورنيا ونيويورك التي يبلغ مجموع أصواتهما 84. ويحتاج المرشح الى 270 من 538 صوتاً للفوز، ويأمل بايدن في الحصول على 44 صوتا من الولايات التي تقوم بفرز نتائج انتخاباتها بسرعة حتى لا يضطر الانتظار الى أن يتم فرز الولايات التي ستتأخر نتائجها، خصوصا في ظل الزيادة غير المسبوقة المتوقعة في عدد الأصوات عبر البريد، وهي أصوات تتطلب مهلة أطول للفرز وللإخراج من المظاريف والتأكد من صحة التوقيع وقانونية كل ورقة.

بدورهم، يأمل الجمهوريون بتحقيق معجزة تؤدي لفوز ترامب بولاية رئاسية ثانية وباحتفاظهم بالغالبية التي يسيطرون عليها حالياً في مجلس الشيوخ. كما يأملون بأن تجري أحداث هذا العام بشكل مطابق للأسابيع والأيام التي سبقت انتخابات العام 2016، يوم كانت الاستطلاعات تظهر اكتساحاً لا ريب فيه للمرشحة الديموقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، بفارق أكثر من عشر نقاط مئوية على الأقل، لتأتي نتائج الانتخابات معاكسة للتوقعات والاستطلاعات، وليفوز ترامب وإن بفارق ضئيل من الأصوات لم يتعد الـ 80 ألف صوت، من أصل 128 مليون مقترع أدلوا بأصواتهم.

لكن انتخابات الكونغرس النصفية في 2018 أظهرت موجة ديموقراطية شعبية عارمة، اذ تفوق الديموقراطيون على الجمهوريين في صناديق الاقتراع بأكثر من سبعة في المئة من إجمالي الناخبين الذين تعدى عددهم المئة مليون، وكان ذلك رقماً قياسياً إذ يندر أن يبدي الأميركيون حماسة للاقتراع في الانتخابات النصفية، التي تنخفض فيها نسبة الناخبين عموماً.

هذا العام، من غير الواضح إن كانت حماسة الاقتراع المبكر مؤشرا لحماسة في الاقتراع العام، إذ قبل أقل من ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات، أدلى أكثر من 12 مليون أميركي بأصواتهم، إما عن طريق البريد إما في عملية الاقتراع المبكر. وكان عدد الناخبين في الوقت نفسه من 2016 بلغ ثلاثة ملايين فقط، وهو ما يشي بأن الحماسة هذا العام للاقتراع غير مسبوقة، خصوصاً في صفوف الديموقراطيين الذين يشنون - عبر وسائل التواصل الاجتماعي - حملة بعنوان «لنرميه خارجاً»، أي ليرموا بأصواتهم ترامب خارج البيت الأبيض.

على أن عدداً من الخبراء اعتبروا أن الأرقام المرتفعة وغير المسبوقة في الانتخابات المبكرة قد لا تكون دليل حماسة، بل هو ارتفاع سببه الخوف من فيروس كورونا المستجد، إذ يعمد أميركيون كثر للانتخاب عن طريق البريد، لتفادي الذهاب الى مراكز الاقتراع واحتمال التقاط العدوى، أو يقومون بالانتخاب شخصياً في أوقات مبكرة لتفادي ازدحام الناخبين يوم الاقتراع.

وفي وقت واصلت مراكز استطلاعات الرأي المتخصصة تقديم الاستفتاء تلو الآخر، والتي تشير بغالبيتها المطلقة الى تفوق بايدن على ترامب في عموم الولايات، اعتبرت مجلة «ايكونوميست» البريطانية المرموقة، والتي تعمل على تحديث صفحة حول آخر استطلاعات الرأي، في مقالة أن الفارق بين بايدن وترامب قد لا يكون في الحقيقة كبيراً بالشكل الذي تظهره الاستفتاءات.

وأوردت الصحيفة، أن عدداً كبيراً من مناصري ترامب لا يجيبون صراحة، المستفتين، حول نيتهم انتخاب ترامب، وربما يعاني هؤلاء من ضغط اجتماعي، لكن إمكانية تحسن أرقام الرئيس الجمهوري في نتائج الانتخاب، مقارنة بأرقام الاستفتاءات التي تجريها مراكز الاحصاء، هي امكانية حقيقية.

على أن لاري لاسكن، نائب رئيس شركة «آي سي أف» المتخصصة بالاستطلاعات، اعتبر أن نظرية الخجل في صفوف مؤيدي ترامب، تم تفنيدها قبل سنوات، وأن «مشكلة الاستطلاعات في 2016 أنها ركّزت كثيراً على الاستطلاع الشعبي العام، وهو ما تحقق إذ تفوقت كلينتون على ترامب بفارق أربعة ملايين صوت على صعيد البلاد لكنها خسرت في الكلية الانتخابية بسبب خسارتها الولايات المتأرجحة».

وصرح لاسكن، لـ «الراي»، بأنه «منذ 2016، قامت مراكز إحصاء الرأي الأميركية المتعددة بالتنبه لمكامن الخلل في توقعاتها والعمل على إصلاحها»، و«توقعت بدقة ونجاح نتائج الاكتساح الديموقراطي في الانتخابات النصفية قبل عامين، والأرجح أنها أدق هذا العام عن ما كانت عليه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة».

وأعلن لاسكن أنه «ما لم يشعر الديموقراطيون بنشوة الانتصار التي قد تتسبب بامتناعهم عن الإدلاء بأصواتهم للاقتراع لمصلحة بايدن والديموقراطيين، لا أرى أي سبب يمنعهم من الفوز بالرئاسة ومجلس الشيوخ، فضلاً عن المحافظة على مجلس النواب».

في سياق مشابه، نشر موقع 538 المتخصص بالاستفتاءات الشعبية مقالاً اعتبر فيه أن استطلاعات الرأي في 2016 لم تكن خاطئة، بل أن «ما حدث بشكل أساسي هو فوز ترامب في استطلاعات الرأي بفارق نقاط قليلة في بضع ولايات فقط، ما يعني أن الاستفتاءات التي جرت على مستوى الولاية الواحدة كانت أقل دقة، رغم أن الفارق بين أرقام الاستفتاءات في الانتخابات الماضية والنتائج النهائية كان ضمن هامش الخطأ، الذي يراوح غالباً بين 2 و3 في المئة».

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2020

لا انسحاب لـ «التحالف» من العراق قبل حلّ الميليشيات

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تعليقاً على إعلان الميليشيات العراقية الموالية لإيران بدء فترة وقف إطلاق نار تعطي رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي متسعاً من الوقت للطلب من التحالف الدولي سحب قواته التي قادت حرب القضاء على تنظيم «داعش»، والإشراف على هذا الانسحاب، قالت مصادر أميركية إن «الميليشيات ليست في موقع فرض شروط أو مهل زمنية على أحد»، وأن «قرار بقاء أو انسحاب التحالف هو في يد الحكومة العراقية صاحبة السيادة».

وأضافت أن «الحشد الشعبي، وهو الاسم الذي يتلطى خلفه تنظيم كتائب حزب الله الإرهابي، لا يمكنه أن يقرّر أي قوات أجنبية موجودة في العراق أو المدة الزمنية».

وتعتقد المصادر الأميركية أن «الهدنة المزعومة هدفها منح الميليشيات الوقت حتى تلتقط أنفاسها، فالأموال الإيرانية شحّت، وهو ما أوقف جهود بناء قواعد عسكرية وتجنيد مقاتلين، ثم أن هذه الميليشيات تعاني من عزلتها بعدما طالب (السيد علي) السيستاني بمصادرة الأسلحة غير التي بحوزة القوى الأمنية، وبعدما بدأت الحكومة إجراءات فرض سيادتها وتطبيق القانون على حساب أمراء الحرب وميليشياتهم».

ونفت مصادر واشنطن أن تكون الولايات المتحدة تعيش في قلق بسبب قيام الميليشيات باستهداف محيط السفارة الأميركية ومقار تواجد المستشارين العسكريين الأميركيين في العراق بصواريخ «كاتيوشا»، واعتبرت أن «مشكلة الميليشيات أنها تقوّض سيادة الحكومة وحكم القانون، أما أمن بعثاتنا الديبلوماسية والعسكريين الأميركيين في العراق، فهو في عهدة الحكومة، وان لم تحم بغداد ديبلوماسيينا وقواتنا، فإن الميليشيات تعرف أن وقوع أي ضحية أميركية سيؤدي إلى رد صاعق على غرار الرد الذي نفّذته قواتنا مطلع العام».

وكانت واشنطن استهدفت قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني وأبومهدي المهندس بضربة جوية قرب مطار بغداد في يناير، رداً على قيام الميليشيات بقصف قاعدة أميركية، ما أدى إلى مقتل متعاقد أميركي من أصل عراقي.

«أي إهراق لأي دم أميركي ستكون عواقبه وخيمة جداً على الميليشيات وطهران»، بحسب المصادر الأميركية.وضربت المصادر مثالاً على قيام المقاتلات الأميركية باستهداف مقاتلي «الطالبان» التي كانت تشن هجمات على القوات الحكومية في محافظة هلمند الأفغانية، ما دفع واشنطن الى إشراك القوة الجوية للدفاع عن حليفتها كابول.

«الأمر نفسه سيحصل في حال اضطرت الولايات المتحدة الى دعم الحكومة العراقية للدفاع عن سيادتها في وجه الميليشيات الإرهابية»، تقول المصادر، التي تتوقع أن تقوم بغداد بالعمل على حلّ الميليشيات، بالافادة من دعم المرجعية الدينية في النجف والتأييد الشعبي لخطوة من هذا النوع، وبالافادة من الدعم اللوجستي لقوات التحالف الدولي.

وتتابع أن «الميليشيات الموالية لايران تريد خروج قوات التحالف حتى تتحكم هي بالحكومة العراقية وقواتها، على غرار حزب الله في لبنان، ولكن هذا لن يحدث، والتحالف باق حتى تستعيد بغداد سيطرتها وسيادتها وتحلّ كل الميليشيات».

بعد حلّ الميليشيات، ينتهي دور القوات الأميركية وقوات التحالف، ويتحول دورها الى تقديم دعم مادي ونصائح لكيفية مكافحة الارهاب وتأكيد عدم عودة «داعش» أو «كتائب حزب الله» الى إعادة تنظيم نفسيهما. «في المحصلة، الميليشيات لن تكون موجودة لتشهد على انسحاب قوات التحالف من العراق، بل هي ستنحل قبل هذا الانسحاب وكشرط لحصوله».

وسبق لجول رايبرن، وهو أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية، أن وصف الميليشيات على أنها التهديد «الأكثر حدة وفورية» للعراق.

وفي ندوة نظّمها «مجلس الأطلسي» عبر الانترنت، قال رايبرن إن الميليشيات التي تطلق الصواريخ وقذائف الهاون على المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأميركية في بغداد، وتقوم بعمليات اغتيال سياسية، صارت خطراً، لا على الولايات المتحدة واسرائيل فحسب، بل «في كل مكان في كل أنحاء الشرق الأوسط وأفغانستان وجنوب آسيا»، وهو رأي يتشارك فيه الأميركيون والإسرائيليون مع شركاء أميركا الإقليميين، حسب المسؤول الأميركي.

وتابع رايبرن أن وجهة النظر السائدة في واشنطن هي أنه في العراق وسورية ولبنان واليمن، «الهدف الإيراني هو استخدام الميليشيات كوكلاء لكسب النفوذ والسلطة»، وأن سورية هي ابرز الأمثلة حيث حوّل الرئيس بشار «الأسد سورية إلى قاعدة عسكرية إيرانية» وذلك فقط بهدف «الحفاظ على قبضته على السلطة».

وأشار خبراء شاركوا في ندوة «مجلس الأطلسي» أن الكاظمي لا يسيطر بشكل مباشر إلا على الجزء الاستخباراتي من الحكومة ومكافحة الإرهاب، معتبرين أن وزارة الداخلية، التي تسيطر على الشرطة الوطنية والجيش، «لا تطيع بالضرورة أوامر رئيس الحكومة» في تنفيذ الاعتقالات أو في منع الإرهابيين من مهاجمة السفارات والقنصليات في بغداد والمنشآت الحكومية التابعة لها في أماكن أخرى.

تختم المصادر أن «مهمة التحالف الدولي كان استعادة سيادة الحكومة العراقية من داعش» وأن «هذه المهمة مستمرة حتى تستعيد الحكومة سيادتها من كل الميليشيات الاخرى وتؤكد عدم عودتها الى الحياة وعدم عودة التنظيم الإرهابي».

نظام إيران عدو العراق

حسين عبدالحسين

لا حاجة لتنميق الكلام. النظام الإسلامي في إيران عدو العراق والعراقيين. يضمر لهم الشر. يغتال ناشطيهم. لا تعنيه مصالحهم. يستولي على مواردهم وعائدات نفطهم، ويستخدمهم كأدوات لابتزاز الولايات المتحدة وحكومات المنطقة، وفي طليعتها السعودية وإسرائيل.

ولا حاجة لتنميق الكلام. تحويل المذهب الشيعي من حوزة صامتة معنية بشؤون المؤمنين الروحانية إلى إسلام سياسي وحكومة إسلامية مستوحاة من الفكر الضحل لأمثال حسن البنا وسيد قطب ليس من تاريخ العراق ولا تقاليده ولا ثقافته.

ولا حاجة لتنميق الكلام. العراق هو موطن الشيعة الأول في العالم (وليس دولة شيعية بل دولة كل العراقيين). فيه الكوفة عاصمة إمامهم الأول علي بن أبي طالب، وفيه النجف مرقده، وكربلاء مرقد ابنيه الحسين والعباس. ولا عصمة للنساء في المذهب الشيعي، وعصمة فاطمة أخت عليّ الرضا، المدفونة في قم المسماة مقدسة، هي بدعة أدخلها الصفويون على المذهب، وستبقى المرجعية عربية في النجف، حتى لو كدّس الشيعة الفرس صواريخا باليستية، بل نووية. وستبقى المرجعية الشيعية روحانية صامتة وفردية، لا سياسية جماعية على طراز بدعة الولي الفقيه.

ولا حاجة لتنميق الكلام. الولايات المتحدة أنقذت العراقيين من طغيان صدام حسين، الذي طالت دمويته العراقيين من كل المذاهب والأعراق، شيعة وسنة وعربا وكردا، ولولا الدبابات الأميركية، لكان قادة ما أصبحت اليوم ميليشيات "الحشد الشيعي" الموالية لإيران ما تزال مختبئة خارج العراق، ولظل بعض السياسيين العراقيين، من أصحاب المليارات اليوم، يبيعون المسابح أمام ضريح السيدة زينب في دمشق.

ولا حاجة لتنميق الكلام. مصلحة العراقيين تكمن في نمو اقتصادهم، وعيشهم في بحبوحة يقتضي إنهاء الحروب التي يعانون منها على أنواعها، وبـ "تصفير العلاقات" الخارجية مع دول الجوار والعيش بسلام، مع إسرائيل والسعودية وتركيا وإيران وباقي الدول، والالتزام بعلاقات ندية تنحصر بالقنوات الدبلوماسية والتبادل التجاري والسياحي والثقافي وغيره.

ولا حاجة لتنميق الكلام لأن إيران تستعين باحتياطي النقد الأجنبي، من المصرف المركزي العراقي، للتعويض عن فقدانه في إيران تحت وطأة العقوبات الأميركية.

ولا حاجة لتنميق الكلام لأن الميليشيات العراقية الموالية لإيران تتقاضى أموالها من عائدات ثروة العراق الوطنية، أي النفط، فيما يعيث السياسيون الموالون لإيران فسادا في موازنة الدولة وخزاناتها.

ولا حاجة لتنميق الكلام لأن المرجعية الشيعية في النجف أعلنت انقضاء فتوى الجهاد الكفائي التي تأسست بموجبها ميليشيات "الحشد الشعبي"، ولأن المرجع علي السيستاني طلب صراحة حلّ كل الميليشيات العراقية ومصادرة سلاحها وحصر استخدام العنف بالقوات الأمنية الفدرالية التابعة للحكومة المنتخبة.

واتهاماتنا لنظام إيران ليس عداء بين الفرس والعرب، فالفرس والعرب أشقاء منذ الماضي السحيق. المشكلة هي بين الشعبين العراقي والإيراني، من جهة، وحكم الإسلام السياسي الشيعي في إيران والعراق ببطش وطغيان، من جهة ثانية.

الوقت ليس في مصلحة العراق، إذ صار مطلوبا ـ على وجه السرعة القصوى ـ أن يصدر رئيس حكومة العراق مصطفى الكاظمي مراسيم اشتراعية تعلن وقف تسديد مرتبات مقاتلي "الحشد الشعبي"، ووقف أي دعم مالي حكومي لهم، وحلّ هذه الميليشيات ومصادرة سلاحها، تحت طائلة شن حملة عسكرية عليها على غرار حملة القضاء على تنظيم "داعش"، حتى لو تطلب الأمر طلب مساعدة دولية من الأمم المتحدة، وهو الطلب الذي أدى لتشكيل تحالف دولي ما تزال قواته في العراق تساعد الحكومة العراقية على تعزيز سيادتها ومنع عودة "داعش".

"الحشد الشعبي" في العراق انتهى فعليا، وتحوّل إلى غطاء لميليشيا إيران الأبرز في العراق، أي "كتائب حزب الله"، التي تصنفها وزارة الخارجية الأميركية تنظيما إرهابيا. هذه الميليشيا، بزعامة "الخال" عبد العزيز المحمداوي، المعروف بأبي فدك، مصممة على طراز "حزب الله" اللبناني.

هذا يعني أن لـ"حزب الله" العراقي جزر أمنية خارج سيادة الحكومة العراقية، في جرف الصخر جنوب بغداد، وعلى الحدود العراقية مع سوريا، وهي مناطق تدعي الميليشيا أنها خاصة تعود ملكيتها لـ "الأهالي". والأهالي هؤلاء في جنوب لبنان يرشقون قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بالحجارة كلّما حاولت تفتيش مواقع تكديس أسلحة "حزب الله".

وفي العراق، كما في لبنان، تمضي ميليشيات "الحرس الثوري الإيراني" هذه في إقامة مصانع صواريخ وتطويرها. ثم تطلق هذه الصواريخ على مقار البعثات الدبلوماسية لتظهر أن الكلمة العليا في العراق هي لإيران، لا للحكومة العراقية، وأن الصواريخ على الأميركيين في العراق تتوقف فقط عندما ترفع واشنطن العقوبات عن طهران، كما في زمن الرئيس السابق باراك أوباما، وتعود الصواريخ عندما تعود العقوبات، ولا يهم إن مات مدنيون عراقيون بالصواريخ، أو إن أدى عدم الاستقرار الأمني لانهيار اقتصادي، كما في لبنان.

الإرهاب هو العنف المنظم الذي تمارسه جهات غير حكومية، وهو تعريف ينطبق على "حزب الله" اللبناني، وعلى "كتائب حزب الله" العراقية، كما على "داعش" و"النصرة" و"القاعدة" وباقي تنظيمات الإسلام السياسي العنفية. نظام إيران يدعم هذه الميليشيات الإرهابية بما يتناسب ومصالحه، وعلى حساب مصلحة العراقيين كما اللبنانيين.

أما الهرطقة القائلة إن هذه مجموعات "مقاومة"، فعبثية فكرية، فهذه الميليشيات ليست مقاومة ولا فيها مقاومين، بل عصابات خارجة عن القانون، تقوّض مصلحة الناس وأرزاقهم وحياتهم الكريمة، على مدة مساحة تمتد من إيران إلى العراق، فبعض سوريا، وكلّ لبنان، ولا تقرير مصير، ولا حكومة تمثل الناس في أي من إيران أو العراق أو سوريا أو لبنان، بوجود المرشد وميليشياته، فإما الدولة الوطنية في كل من هذه البلدان وإما الدويلات الخارجة عن القانون.

الخميس، 8 أكتوبر 2020

إسرائيل تشن «حرباً سرية» على الميليشيات الموالية لإيران

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يكن إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في خطابه عبر الإنترنت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، عن وجود مصانع تصنيع صواريخ دقيقة في مناطق سكنية في بيروت، تصريحاً سياسياً لكسب تأييد في الداخل، بل جاء بطلب من وكالات الاستخبارات الإسرائيلية، حسب المصادر في العاصمة الأميركية.
المسؤول عن كشف ما تعتبر إسرائيل أنها مصانع صواريخ، هو «قسم الأبحاث في مديرية الاستخبارات العسكرية»، والتي يرأسها الجنرال درور شالوم، الذي لعب دوراً محورياً في الكشف عن مفاعل «الكبر» النووي السوري، ودمرته الدولة العبرية في العام 2008. 
وكان شالوم قال في مقابلة قبل عام، أن الحرب ضد «حزب الله» والميليشيات الموالية لإيران في العراق وسورية هي عبارة عن «مزيج من النشاط السري والضغط الديبلوماسي الدولي على نطاق واسع».
السرية نفسها، تقول المصادر الأميركية، تستخدمها إسرائيل في مواجهتها الأوسع ضد إيران. لكنها لا تؤكد سلسلة التفجيرات التي طاولت مواقع استراتيجية في الداخل الإيراني، بما في ذلك مفاعل ناتانز النووي. ومثل ذلك، تفجيرات ضربت مخازن سلاح تعود لـ «الحشد الشعبي» في العراق، فضلاً عن غارات جوية ضد قاعدة «الإمام علي» التابعة للحرس الثوري على الحدود العراقية - السورية وأهداف تابعة لإيران داخل سورية.
وتشير المصادر الى أن الحكومات العراقية السابقة قامت بتأجير مساحات واسعة من الأراضي المخصصة للتطوير الزراعي لـ «كتائب حزب الله» العراقية، وهي الأقرب إلى إيران ويقودها عبدالعزيز المحمداوي، المعروف بـ «أبي فدك». ولهذه الميليشيا مناطق أمنية، عصية على القوات الحكومية في منطقة جرف الصخر، جنوب بغداد، وعلى الحدود مع سورية. 
وتعتقد الاستخبارات الإسرائيلية، وتؤيدها في ذلك المصادر الأميركية، أن الميليشيات تعكف على صناعة وتخزين صواريخ دقيقة في هاتين المنطقتين العسكريتين.
وفي لبنان، خمسة أحداث على الأقل كشفت بعداً من أبعاد الحرب السرية، منها كشف إسرائيل عن أنفاق عبر الحدود، كان حفرها «حزب الله» استعداداً لهجوم بري في حال اندلاع حرب بين الجانبين. تلا ذلك، هجوم طاول موقعاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، وآخر أدى لسقوط عنصر لـ«حزب الله» في سورية، فضلاً عن تفجير طاول أخيراً مخزن أسلحة للحزب في بلدة عين قانا الجنوبية. 
وبين التفجيرات الغامضة في لبنان، كان انفجار مرفأ بيروت الكارثي. ورغم نفي «حزب الله» أن يكون استخدم المرفأ لتخزين أي أسلحة، ومسارعة إسرائيل لعرض مساعدات، لم يحسم الخبراء فرضية أن الإسرائيليين استهدفوا، بتفجير أرضي عن بعد، مخزناً للأسلحة تابعا للحزب، من دون أن يكونوا على علم بوجود نيترات الأمونيوم على مقربة من الانفجار، وهو ما أدى للانفجار التدميري الثاني.
ومن الضربات المنسوبة لإسرائيل، هجوم بطائرة من دون طيار على الموقع الرئيسي لتطوير الصواريخ الدقيقة في بيروت، وهو ما أدى إلى إغلاق الموقع، بحسب ما تنقل المصادر عن الإسرائيليين.
وكان شالوم وصف المشروع الصاروخي بأنه «تهديد استراتيجي كبير يجب إيقافه»، معتبراً أن الهجمات المتتالية ساهمت في تأخير المشروع. 
ويعتقد شالوم أنه في تقييمه للمخاطر، يشعر الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله بـ«الحصانة في لبنان، وبأن هناك معادلة تقول إنه لا يتخذ أي إجراء من جانبه ولا نحن نتخذ إجراء ضده، أي لا نقتل شعبنا ولا نقتله». 
وتنقل المصادر الأميركية عن الإسرائيليين أنهم لا يقيمون وزنا للمعادلة التي يتخيلها نصرالله. البعد الثاني للحرب ضد الميليشيات، تتطلب إمكانات الولايات المتحدة، التي تصنف أبرز تنظيمين تابعين لايران، «حزب الله» في لبنان و«كتائب حزب الله» في العراق، على لائحة التنظيمات الإرهابية.
وتعتقد المصادر أن العقوبات على إيران أدت الى وقف بناء عدد من القواعد في العراق وسورية، وعدم ترميم قواعد استهدفتها الضربات، لذا، الى التفجيرات السرية غير المعلن عنها، تولي الدولة العبرية في لبنان، ومثلها أميركا، في العراق، أهمية كبيرة لملاحقة تمويل ميليشيات طهران.
«وكالات الاستخبارات الأميركية التي تحقق في الشبكة الإجرامية لحزب الله ليس لديها حتى صورة كاملة لتدفقات إيراداتها»، يقول الباحث في «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» طوني بدران. 
ويضيف: «تدر على حزب الله عائدات نقدية كبيرة من الأنشطة غير الشرعية… مثل مخططات معقدة لغسيل الأموال، وهذه قائمة على شبكة تجارية تمتد من أميركا الجنوبية إلى أفريقيا إلى الولايات المتحدة». 
ويشرح بدران أن الحزب يستخدم «النظام المالي الرسمي اللبناني والدولي» لنقل أمواله عبر القارات، وأن مكاتب الصيرفة اللبنانية «تنقل الأموال بالجملة للعديد من العملاء، وغالباً ما يكون من المستحيل تتبع معاملاتها، إذ هي تعتمد على نظام الحوالة، الذي ينقل الأموال عبر آلية تعويض غير رسمية».ويختم بدران: «سعى حزب الله إلى النأي بنفسه عن الانهيار المالي في لبنان، وحاول توجيه تهم التبذير والفساد إلى أعضاء آخرين في الطبقة السياسية والمصارف، في حين قدم نفسه كقوة لمكافحة الفساد، وهذا وصف يشوّه حقيقة علاقة الحزب بالقطاع المصرفي».

سليماني «نجم» معركة منصب نائب الرئيس

| واشنطن - «الراي» |

تحوّل اغتيال قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، إلى محور الانقسام بين الجمهوريين والديموقراطيين، في الشق المتعلق بالسياسة الخارجية في المناظرة الوحيدة بين المرشحين لمنصب نائب رئيس في الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، نائب الرئيس الحالي مايك بنس ومنافسته الديموقراطية السناتور عن ولاية كاليفورنيا كامالا هاريس. 
وافتتحت هاريس، النقاش بالقول إن نائب الرئيس الأسبق جو بايدن أخبرها أن «السياسة الخارجية قد تبدو معقدة، ولكنها عبارة عن علاقات شخصية فحسب، ويجب أن نكون مخلصين لأصدقائنا، وأن نعرف من هم خصومنا ونراقبهم». 
وقفزت هاريس فوراً الى موضوع تدخل روسيا في انتخابات العام 2016، وأعلنت: «لنأخذ روسيا، على سبيل المثال، أخبرتنا وكالاتنا الاستخباراتية أن روسيا تدخلت في انتخابات 2016، وتحاول التدخل في هذه الانتخابات، وهذا ما قاله مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي كريس راي، الذي عينه (الرئيس دونالد) ترامب». 
وأضافت: «لكن ترامب صدّق أقوال (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين بدلاً من أن يصدّق معلومات استخباراتنا». 
ثم انتقلت هاريس الى الملف الإيراني، وقالت: «انظروا إلى الاتفاق النووي، ترامب وضعنا في موقف أقل أماناً بانسحابه من الاتفاقية لأن الإيرانيين الآن يبنون ترسانة نووية كبيرة». 
وأضافت: «كنا هناك. كنا في الاتفاقية، لكن ترامب سحبنا منها وجعلنا أقل أمانا، وعلينا أن نحافظ على كلمتنا، لكن ترامب لا يفهم ذلك لأنه لا يفهم ما يعنيه أن نكون صادقين».بدوره، افتتح بنس مداخلته حول السياسة الخارجية بالإشارة الى أن ترامب قام بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، التي أسماها عاصمة اسرائيل. 
وقال: «لقد عززنا تحالفاتنا حول العالم، ووقفنا بقوة ضد أولئك الذين يؤذوننا، وعندما تولى الرئيس ترامب منصبه، كان تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قد أنشأ دولة بحجم ولاية بنسلفانيا، لكن قواتنا دمرتها وقتلت (زعيم التنظيم أبو بكر) البغدادي». وهاجم بنس، نائب الرئيس السابق، بالقول إنه يوم كان بايدن نائباً للرئيس، «أتيحت له فرصة تدمير داعش ورفضها، فيما نحن دمرنا خلافة داعش». وأشار الى رواية متداولة في واشنطن مفادها بأنه عندما أراد الرئيس الأسبق باراك أوباما اصدار أمر قتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، كان بايدن من المشككين، وحذّر الرئيس السابق من إمكانية فشل العملية وتالياً توتر العلاقة مع باكستان.
ثم بدا وكأن بنس تذكّر فجأة الموضوع الإيراني، الذي غالبا ما تتباهى به إدارة ترامب وتضعه في صدارة إنجازاتها، الداخلية والخارجية. وقال: «بموجب الاتفاقية النووية مع إيران، شحنت الإدارة السابقة 1.8 مليار دولار إلى دولة (إيران)، أكبر راعية للإرهاب في العالم، والرئيس ترامب أخرجنا من هذه الاتفاقية، وعندما كان سليماني يحاول إيذاء الأميركيين، أطاح به ترامب في أول فرصة سنحت لقواتنا».
هاريس بدورها، تنبهت لموضوع سليماني، وحاولت تبنّي موقف الديموقراطيين الذي انتقد الاغتيال منذ حدوثه. وقالت: «سليماني، لنبدأ من هناك، بعد الضربة على سليماني، كانت هناك ضربة (إيرانية) مضادة لقواتنا في العراق، وقد عانوا (الجنود) من إصابات خطيرة في الدماغ». 
وأضافت هاريس: «هل تعرفون كيف وصف ترامب الإصابة؟ قال إنها صداع». 
وتابعت المرشحة لمنصب نائب الرئيس، أن «ترامب ذهب إلى مقبرة أرلينغتون (العسكرية) ووقف فوق قبور أبطالنا الذين سقطوا، وتساءل ما الذي يدفعهم على القيام بذلك».
وأضافت: «لنأخذ ما قاله (ترامب) عن (السناتور الجمهوري الراحل) جون ماكين، قال إن ماكين لم يكن بطلاً لأنه كان أسير حرب». ثم ان هناك «تسجيلاً علنياً يفيد بأن روسيا وضعت مكافآت على رؤوس الجنود الأميركيين في أفغانستان»، حسب هاريس، التي ختمت بالقول إن ترامب تحدث «ست مرات على الأقل مع بوتين ولم يفاتحه بهذا الموضوع أبدا، أما بايدن في حال انتخابه رئيساً، فهو سيحاسب روسيا على أي تهديد لقواتنا».
أما نائب الرئيس الجمهوري، فختم بالعودة إلى موضوع سليماني، قائلاً: «سليماني كان مسؤولاً عن قتل المئات من القوات الأميركية، ولم يتردد الرئيس ترامب في قتله، لكن هاريس وبايدن انتقدا عملية القتل هذه، مثلما شك بايدن في عملية تصفية بن لادن».
صحياً، قالت هاريس (55 عاماً) إنّ «الأميركيين كانوا شهوداً على أضخم فشل لأي إدارة رئاسية في تاريخ بلدنا»، في إشارة إلى فيروس كورونا المستجد. 
وقد وجد نائب الرئيس (61 عاماً) الذي لا تظهر أي انفعالات على وجهه، نفسه في معظم الأحيان في موقف دفاعي للدفاع عن حصيلة أداء أربع سنوات في المنصب إلى جانب الملياردير المتقلب.
أما هاريس التي كانت مبتسمة، فعرضت ما تعتبره نجاحات اقتصادية لبايدن عندما كان نائبا لأوباما من 2009 إلى 2017، مقابل أداء الثنائي ترامب - بنس، اللذين تنتهي ولايتهما بـ«ركود يشبه الكساد العظيم». واتهمت الملياردير الجمهوري باتباع سياسة مناسبة للأثرياء.
ورد بنس قائلاً إن «بايدن سيزيد ضرائبك من اليوم الأول».
وتم تعزيز الإجراءات الاحترازية الصحية، ليل الأربعاء، بالمقارنة مع تلك التي اتخذت للمناظرة بين المرشحين للرئاسة في 29 سبتمبر الماضي. فقد وضع حاجزان زجاجيان ليفصلا بين نائب الرئيس والسناتور اللذين جلسا خلف مكتبين يفصل بينهما أربعة أمتار في المناظرة التلفزيونية في سولت ليك سيتي (ولاية يوتا).
ورغم أنّ نائب الرئيس الجمهوري والسناتور الديموقراطية قاطعا بعضهما البعض أحياناً أثناء المناظرة، إلا أنّهما تبادلا مراراً عبارات الشكر والاحترام، وكان الواحد منهما منصتاً للآخر في معظم الوقت.
ولم يخرج من المناظرة فائز واضح بينما يتعين على المرشحين الجمهوريين (الرئيس ونائب الرئيس) أن يعوضا عن التأخير الذي يتزايد في استطلاعات الرأي.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2020

إجماعٌ في الكونغرس الأميركي على ضرورة مواجهة «حزب الله»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

على غير عادة، سرق «حزب الله» اللبناني الأضواء في كواليس مجلس النواب الأميركي على مدى الأيام القليلة الماضية، مع موافقة الحزبين الديموقراطي والجمهوري على إصدار قرار، وهو بمثابة موقف سياسي، يعبّر عن رؤية الكونغرس للأزمة اللبنانية، في وقت بادر عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا جو ويلسون، وهو من غير المعروف عنه متابعة شؤون الشرق الأوسط، بتقديم تشريع يقضي بتوسيع العقوبات على «حزب الله» حتى تندرج تحت خانة تبييض الأموال بدلاً من مكافحة تمويل الإرهاب، كما هو سائد حالياً، وهو قانون إن تمت المصادقة عليه أو على مثيله مستقبلاً، يمثّل تغيراً كبيراً في كيفية تعامل واشنطن مع الحزب.

بادئ ذي بدء، لا بدّ من الإشارة إلى أن الموقفين يؤكدان ما عكف العارفون في العاصمة الأميركية ومتابعي الشأن اللبناني على تكراره، لناحية أن لا سياسة أميركية خارجية حول لبنان، بل ان سياسة أميركا، تتمحور حول «حزب الله».

أهمية القرار في مجلس النواب حول «دعم لبنان» تكمن في هوية من قام بتدبيج نصه وبادر الى طرحه للمصادقة عليه، وهو عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية ايلينوي دارن لحود، وهو أميركي من أصل لبناني ونجل عضو الكونغرس السابق راي لحود.

عائلة لحود هذه تنتمي الى الحزب الجمهوري، لكنها في الوقت نفسه من أقرب المقربين الى الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما. وكان راي لحود عمل وزيراً للنقل في ولاية أوباما الأولى، ومازال الاثنين يتمتعان بصداقة وعلاقة متينة.

قرار لحود سانده عدد من أعضاء الكونغرس من الحزبين، في طليعتهم عضو الكونغرس الديموقراطية عن ولاية فلوريدا دونا شلالا، وهي سبق أن زارت لبنان يوم كانت تعمل وزيرة للصحة في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، واستضافها نظيرها اللبناني وقتذاك كرم كرم. وتمت الموافقة على القرار في لجنة الشؤون الخارجية، التي كانت أحجمت عن ذلك بتعطيل من «أصدقاء إيران» في الكونغرس.

وينص قرار لحود على ست نقاط، أولها أن «الولايات المتحدة تقدم المساعدة لشعب لبنان من أجل دعم الخدمات والأمن للمواطنين، خصوصاً لمواجهة التأثير المتزايد والتأثير السلبي لحزب الله والجهات الفاعلة الأخرى المزعزعة للاستقرار»، وثانيها أن الكونغرس يدعو «الحكومة اللبنانية إلى العمل بنشاط لمكافحة الفساد في الحكومة، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتدابير مكافحة الفساد، والعمل مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإجراء الإصلاحات اللازمة من أجل استقرار الاقتصاد»، وثالثها دعوة لبيروت لتأمين «السلامة وحرية الحركة والوصول لقوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان» لأي مواقع تطلب تفتيشها، وذلك «للتخفيف من أي آثار مزعزعة للاستقرار على لبنان، وفي الوقت نفسه دعم التطبيق الصارم لقرار مجلس الأمن الرقم1701».

كذلك أعرب الكونغرس عن دعمه «حق الشعب اللبناني في الانخراط في تظاهرات وتجمعات سلمية لمساءلة الحكومة»، ولتعزيز«التمثيل السياسي الديموقراطي، وزيادة الحقوق المدنية».

وعلى عكس ما يدعو إليه «صقور» الجمهوريين لناحية وقف الدعم الأميركي للجيش اللبناني، أعرب قرار الكونغرس عن اعترافه بالجيش «باعتباره المؤسسة الوحيدة المسؤولة عن الدفاع عن سيادة لبنان»، كما يدعم القرار تعزيز الشراكة الأميركي مع الجيش «لمنع الجماعات الإرهابية، مثل حزب الله وداعش والقاعدة، من ممارسة النفوذ في لبنان».

ختاماً، أشار القرار الى اعترافه «بدور لبنان ومؤسساته، مثل القضاء المستقل والصحافة الحرة والحكومة التمثيلية متعددة الطوائف، كأمثلة تاريخية للقيم الديموقراطية في الشرق الأوسط، ويعرب عن دعمه لاستمرار الديموقراطية والمثل الديموقراطية في لبنان».

بدوره، اتخذ مشروع «قانون ويلسون» - الذي لم يتم الكشف عن نصه بعد - منحى مختلف عن دعم لبنان، رغم توافق التشريعيين على مواجهة «حزب الله».

وفي بيان صحافي على إثر تقديمه مشروع القانون، الذي حظي برعاية عشرة مشرعين جمهوريين ولكن من دون أي دعم ديموقراطي، وصف ويلسون تشريعه بأنه «بعيد المدى»، وقال إنه جاء «بناء على التوصيات التي قدمتها استراتيجية الأمن القومي الصادرة عن اللجنة المركزية للحزب الجمهورية»، معتبراً أن «من شأن القانون أن يوقف أنشطة غسل الأموال التي تقوم بها منظمة حزب الله الإرهابية المدعومة من إيران في كل أنحاء العالم، خصوصاً في لبنان وأميركا اللاتينية»، وذلك من خلال مطالبة البيت الأبيض «باتخاذ قرار بأن المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي - في جنوب لبنان وفي منطقة الحدود الثلاثية في أميركا الجنوبية - تشكل مخاوف أساسية بشأن غسل الأموال بموجب المادة 311 من قانون باتريوت».

وتابع في بيانه أن مشروع القانون يمثل أشد العقوبات التي اقترحها الكونغرس حتى الآن على «حزب الله»، وذلك من خلال «قطع البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الإرهابية عن النظام المالي الدولي»، وهو ما يعني أن «القانون سيقطع شوطاً طويلاً نحو تجفيف الموارد» التي يستخدمها الحزب «لشن هجمات قاتلة ضد الولايات المتحدة وحلفائنا».

واعتبر ويلسون «أن مشروع القانون هذا سيجعل من الصعب على حزب الله تنفيذ ما تريده إيران لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد... والحوثيين في اليمن، ومواصلة زعزعة استقرار الشرق الأوسط».

إلى ذلك، من المتوقع إقرار، قرار لحود الداعي الى دعم دولة لبنان لإضعاف «حزب الله»، في الهيئة العامة، في أقرب فرصة لانعقادها، أي أنه قد يصدر قبل منتصف يناير المقبل على أبعد تقدير، وهو لا شك سيتحول الى سياسة عامة للولايات المتحدة في حال وصول المرشح الديموقراطي للرئاسة نائب الرئيس السابق جو بايدن الى البيت الأبيض في الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل.

أما في حال فوز الرئيس دونالد ترامب بولاية ثانية، فالتعامل مع «حزب الله» سيدخل في سياق زيادة الضغط على إيران، هذا ما لم تقبل طهران تحويل بعض البنود في الاتفاقية النووية من التي تنتهي صلاحيتها في السنوات المقبلة إلى «بنود دائمة».

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2020

ترامب يعود إلى البيت الأبيض... والكمامة في جيبه والجمهوريون يتباهون بإصابته بـ«كوفيد - 19»


لم يكد الرئيس دونالد ترامب يعلن نيته مغادرة مستشفى وولتر ريد العسكري، بعدما دخله بشكل طارئ تحسباً لمضاعفات قد تنجم عن إصابته بفيروس كورونا المستجد، حتى راحت القنوات التلفزيونية الموالية للحزب الجمهوري، مثل «فوكس» الإخبارية، تشير الى تفوق الرئيس الجمهوري على منافسه الديموقراطي للرئاسة الأميركية، وذلك بسبب شفاء ترامب من الفيروس الذي لم يصب به جو بايدن. 

ومنذ إعلان إصابته بالفيروس، أثارت كل خطوة من خطوات ترامب عاصفة من الانتقادات، فهو ركب سيارته الرئاسية وراح يتجول حول مدخل المستشفى، أمام عدسات كاميرات الإعلام المسلطة على حرم المستشفى لتغطية آخر تطورات وضعه الصحي. وكان الرئيس يقصد توجيه تحية الى عدد من مناصريه ممن تجمهروا على الجهة المقابلة من الشارع لكاميرات الإعلاميين للتعبير عن تأييدهم أمام مدخل حرم المستشفى. 

لكن خروج مريض يحمل فيروساً معدياً من المستشفى، كسر كل تقاليد وأعراف الاستشفاء، وعرّض للخطر حياة أفراد الأمن السري، المولجين حماية الرئيس، ممن كانوا معه في السيارة. ويوم الاثنين، أعلن ترامب في تغريدة أنه «سيترك» المستشفى، ودعا الأميركيين ليعيشوا حياتهم من دون الخوف. 

وفيما راح ترامب يتعامل مع موضوع إصابته بخفة، عكف الخبراء الأميركيون على محاولة فهم تطورات مرضه وابلاله منه، في غياب تام للشفافية من قبل البيت الأبيض، الذي قدم تقارير متضاربة حول الإصابة والعلاج وشفاء الرئيس. 

وعلى اثر تغريدة ترامب عن خروجه المتوقع من المستشفى، قال طبيبه شون كونلي، في مؤتمر صحافي، ليل الاثنين ان الرئيس سيعود إلى البيت الأبيض بعدما أمضى ثلاث ليال في مركز وولتر ريد الطبي، رغم أن ترامب «لم يخرج من الغابة بعد»، وهو التعبير الذي يستخدمه الأميركيون للدلالة على أن الخطر لم يزل تماما. 

وأكد كونلي: «نتطلع إلى نهاية هذا الأسبوع، وإذا تمكنا من الوصول إلى يوم الاثنين، مع بقائه على حاله أو التحسن بشكل أفضل، نتنفس الصعداء». 

وعاد ترامب مساء الاثنين الى البيت الأبيض إثر قضائه أربعة أيام في المستشفى للعلاج من مرض «كوفيد - 19» الذي لم يُشفَ منه بعد، ووجه فوراً دعوة الى الأميركيين «للخروج» لكن مع «توخّي الحذر»، واعداً باستئناف حملته الانتخابية قريباً. 

وفور وصوله إلى شرفة البيت الأبيض، وقف الرئيس الجمهوري، الساعي للفوز بولاية ثانية في انتخابات الثالث من نوفمبر المقبل، أمام عدسات المصوّرين الذين كانوا بانتظاره في الأسفل ونزع الكمامة الطبية ورفع إبهاميه علامة على النصر وأدّى التحيّة العسكرية. 

وكان ترامب خرج من بوابة المستشفى العسكري في بيتيسدا بضاحية واشنطن العاصمة، واضعاً كمامة ومرتدياً بزة رسمية بربطة عنق مقلّمة، وسار بضع خطوات رافعاً إبهامه علامة على النصر ثم استقلّ سيارة سوداء أقلّته إلى طوافة «مارين وان» الرئاسية التي نقلته في غضون دقائق معدودات إلى البيت الأبيض. 

وفي دليل على الأهمية التي أراد ترامب إعطاءها لهذه اللحظة في وقت أثر فيه مرضه على الحملة الانتخابية وتشير استطلاعات الرأي على تقدم بايدن عليه، نشر حسابه على «تويتر» شريطي فيديو يظهر أحدهما، على طريقة هوليوود، وصوله الى البيت الأبيض. 

وقال ترامب في تلك الرسالة المصورة: «لا تخافوا منه، ستهزمونه. لدينا أفضل المعدات الطبية» في وقت سجلت فيه الولايات المتحدة 210 آلاف وفاة بالمرض وتعتبر الأكثر تضرراً بالوباء في العالم. 

وأضاف: «لا تدعوه يسيطر على حياتكم، اخرجوا، توخّوا الحذر». 

وقال ترامب: «أنا الآن أفضل وربّما أكون منيعاً، لا أدري»، مشيراً إلى أنّه عندما أصيب بالفيروس «كنت على خط المواجهة الأول». 

وأقرّ الرئيس الجمهوري بأنّه إثر إصابته بالفيروس «لم أشعر بأنني على ما يرام، وقبل يومين، كان بإمكاني أن أخرج (من المستشفى) قبل يومين. لقد شعرت بأنني ممتاز، بأنني (...) أفضل مما كنت عليه قبل 20 عاماً». 

وتابع ترامب رسالته التطمينية إلى مواطنيه، قائلاً لهم «لدينا أفضل الأدوية في العالم، كلّ شيء يسير بسرعة، كلّها (الأدوية) بصدد المصادقة عليها، واللقاحات آتية بين لحظة وأخرى». 

وفي تغريدة على «تويتر» نشرها بينما كان يستعدّ لمغادرة وولتر ريد، كتب ترامب «سأعود إلى مسار الحملة قريباً!!! وسائل الإعلام المضلّلة لا تنقل إلا استطلاعات الرأي المزوّرة». 

وصور ترامب نفسه على أنه رجل هزم المرض وخرج من التجربة أقوى حالاً. 

وغرد قائلاً: «إذا عاد الرئيس إلى الحملة الانتخابية، فسيكون بطلا لا يقهر، لم ينج من كل خدع الديموقراطيين القذرة فحسب، بل انتصر على الفيروس الصيني أيضا». 

وسرعان ما نشر بايدن على «تويتر» صورة له واضعاً كمامة بجوار صورة لترامب وهو خالع كمامته، وتحت الصورتين عبارة «الكمامات مهمة... تنقذ أرواحاً». 

وبنبرة غاضبة، قال نائب الرئيس السابق في مقابلة مع قناة «لوكال 10» التلفزيونية المحليّة في فلوريدا «لقد رأيت تغريدة كتبها، لقد أروني إياها، لقد قال: لا تدعوا كوفيد يتحكّم بحياتكم. اذهب وقل ذلك لـ205 آلاف أسرة خسر كلّ منها شخصاً» بسبب الجائحة. 

سياسياً، أظهرت أحدث استطلاعات الرأي أنه، على عكس ما كانت تأمل حملة ترامب لانتخابه لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، لم تؤد إصابة الرئيس بالفيروس ودخوله المستشفى الى تعاطف شعبي وارتفاع في شعبيته، بل أن ثلثي الأميركيين، بمن فيهم نصف الجمهوريين المستفتين، ألقوا باللائمة على ترامب لعدم احتراسه ضد العدوى. 

وبعد مناظرة أولى سادتها الفوضى في 29 سبتمبر، حاول ترامب وسط استطلاعات الرأي السيئة، ان يربط بين اكتسابه مناعة ضد الفيروس ومناعة مماثلة ضد الهزيمة الانتخابية، وكتب في تغريدة أمس، «أتطلع للمناظرة مساء الخميس 15 أكتوبر في ميامي. ستكون عظيمة». 




اللقاح قد يكون جاهزاً نهاية العام 

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس، إن لقاحا ضد «كوفيد - 19» ربما يكون جاهزاً بحلول نهاية العام. وأضاف في ختام اجتماع استمر يومين للمجلس التنفيذي للمنظمة حول الجائحة: «سنحتاج إلى لقاحات وثمة أمل أن يكون لدينا لقاح بنهاية هذا العام. ثمة أمل». من ناحية ثانية، أصبح إلزامياً وضع الكمامات في البوندستاغ الألماني، اعتباراً من يوم أمس، بسبب تسارع وتيرة إصابات الفيروس خصوصاً في برلين. 


«المريض الوحيد على الكوكب» 

كشف خبراء صحة أميركيون، أن بعض العلاجات التي يحصل عليها الرئيس دونالد ترامب ضد فيروس «كورونا» المستجد غير متاحة لمعظم المرضى الأميركيين. 

وبحسب ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أشار الخبراء إلى أن ترامب قد يكون «المريض الوحيد على هذا الكوكب الذي يحصل على هذه الأدوية». وتلقى ترامب قبل دخوله المستشفى علاجاً تجريبياً مكوناً من مزيج من الأجسام المضادة، قد يُقلّل من مستويات الفيروس وأظهر نتائج واعدة في تجربة شملت 275 مريضاً. 

لكن العلاج لم يحصل بعد على الإذن لاستخدامه في حالات الطوارئ من هيئة الغذاء والدواء. 

بجانب العلاج التجريبي بالأجسام المضادة، حصل ترامب أيضاً على عقاري «ريمديسفير» و«ديكساميثازون»، ولم يحصل الأول على موافقة هيئة الغذاء والدواء لعلاج «كورونا». وأظهرت التجارب السريرية أن دورة العلاج لمدة خمسة أيام من «ريمديسفير» يمكنها أن تسرع وقت الشفاء لدى بعض المرضى. 


دواء جديد سرّي! 

| واشنطن - «الراي» | 

عبّر الدكتور مهند قنطار، وهو أميركي من أصل لبناني وتعامل ويشرف على علاج مرضى «كوفيد - 19» في ولاية ايلينوي، عن مفاجأته لشفاء الرئيس دونالد ترامب العاجل وغير المألوف. وقال لـ «الراي»، إن «وضع ترامب تحوّل من حالة نقص شديد في الأكسجين في الدم، يوم الجمعة، إلى التنفس بشكل جيد ومن دون مساعدة طبية، يوم السبت». 

وأضاف: «إما أن كوكتيل الأجسام المضادة الذي قدّمه الأطباء للرئيس حقق معجزة، أو أن هناك دواءً جديداً لفيروس كورونا لا نعرف عنه ومازال طي الكتمان». 

وختم الطبيب اللبناني الأميركي: «لم أرَ قط مثل هذا التحسن السريع لدى مرضى كوفيد - 19، خصوصاً في حالات مَنْ يبلغون من العمر 74 عاماً ويعانون من السمنة المفرطة، كما في حالة ترامب».