الأربعاء، 28 يناير 2009

هل تقفل «الحرة» بعد نصف عقد من الفشل كلف الخزينة الأميركية أكثر من نصف مليار دولار؟

رغم سعي إدارة أوباما إلى تطوير «الديبلوماسية العامة» تقرير / هل تقفل «الحرة» بعد نصف عقد من الفشل كلف الخزينة الأميركية أكثر من نصف مليار دولار؟ |واشنطن - من حسين عبد الحسين| تعكف ادارة الرئيس باراك اوباما، على تطوير ما يعرف بالديبلوماسية العامة، اي تحسين صورة اميركا في الخارج، خصوصا في ما يتعلق باداء فضائية «الحرة»، بعد الفشل الذريع الذي منيت به هذه المحطة، وفقا لاحدث استطلاعات الرأي والدراسات الجامعية الاميركية. واظهرت احصاءات للرأي غير معدة للنشر، تجريها مؤسسة «انترميديا» الاميركية المعروفة، تصدر فضائيتي «الجزيرة» و«العربية» بين المشاهدين في 15 دولة عربية. وبلغ عدد مشاهدي «الجزيرة» الاسبوعي، حسب الاحصاءات، 71 مليون ونصف المليون، وحلت الاولى بين القنوات «غير المحلية» في الدول كافة، ماعدا العراق والسعودية. متابعو «العربية» الاسبوعيون، بلغ عددهم 48 مليونا و300 الف، واظهرت الارقام منافسة شديدة من هذه الفضائية لـ «الجزيرة» في اربع دول هي لبنان والاردن والكويت والبحرين، فيما حلت «العربية» الاولى، بين القنوات «غير المحلية»، في العراق والسعودية . اما «الحرة» الاميركية، فبلغ عدد مشاهديها الاسبوعي 25 مليونا و800 الف، ولم تظهر الارقام اي جمهور لها في مصر، فيما حلت في المرتبة الـ 17 في السعودية، متقدمة تلفزيون «المنار» التابع لـ «حزب الله» بفارق طفيف. وفي لبنان، حلت «الحرة» في المرتبة العاشرة الاخيرة، بعدد مشاهدين اسبوعي لم يقارب المليون، وهي نسبة ضئيلة بالمقارنة بفضائية «ال بي سي»، التي حلت اولى بعدد مشاهدين تجاوز الثلاثة ملايين، و«الجزيرة» و«العربية»، اللتان حلتا في المرتبتين الرابعة والخامسة بمعدل مشاهدين بلغ مليونين و300 الف ومليونين على التوالي. اداء «الحرة» الضعيف، دفع عددا من وسائل الاعلام الاميركية الى شن هجوم على القيمين على المحطة من اميركيين وعرب، والى التساؤل عن جدوى انفاق مبلغ فاق نصف المليار دولار، من اموال دافعي الضرائب الاميركيين، منذ انشاء القناة في فبراير 2003. دافنا لينزر، المراسلة في موقع «بروبابليكا» المعني بمراقبة اداء الاعلام، شكلت رأس الحربة في الهجوم الذي افتتحته في 22 يونيو، بالاشتراك مع برنامج «60 دقيقة» الذائع الصيت على محطة «سي بي اس». وتحدثت لينزر عن فساد داخل «الحرة» في ارسال الاموال نقدا الى العراق، وعن اموال دفعتها القناة «لمستشارين في البيت الابيض» و«عاملين في لوبيات» مختلفة، من اجل تحسين موقع المحطة في عيون اصحاب القرار. وفي يوليو، اتهمت لينزر، القيمين العرب على المحطة بالولاء لاطراف معادية لسياسات الولايات المتحدة واتهمت مدير الاخبار دانيال ناصيف بالولاء للنائب اللبناني، حليف «حزب الله» وسورية، ميشال عون. كما اشارت الصحافية الى مقالة كتبها مدير «الحرة عراق» سالم مشكور، على موقع «اسلام اونلاين» في يونيو 2000، حملت عنوان «حسن نصرالله... المنتصر بلا غرور». وشككت لينزر حينذاك بمهنية رئيس مجلس ادارة القناة الاميركي بريان كونيف وناصيف، والاثنان لم يعملان في حقل الاعلام قبل انضمامهما للمؤسسة التي تشرف على عمل تلفزيون «الحرة» وراديو «سوا»، والمعروفة بـ «ميديل ايست برودكاستينغ نتويرك» او «ام بي ان». كما تحدثت لينزر عن خلافات داخل المحطة قاربت العراك بالايدي داخل مكتب ناصيف. ادى خروج مشاكل «الحرة» الى دائرة الضوء الى تكثيف وكيل وزيرة الخارجية لشؤون «الديبلوماسية العامة» جايمس غلاسمان من ظهوره الاعلامي ودفاعه عن القناة. غلاسمان قريب من المحافظين الجدد، وشغل عضوية «مجلس امناء البث»، الذي يشرف على عمل «الحرة»، الى جانب الديموقراطيين نورمان باتيز، احد ابرز مؤسسي القناة وصاحب شبكة اعلام مسموع في كاليفورنيا، والسناتور تيد كوفمان، رئيس موظفي نائب الرئيس جو بيدن سابقا والذي حل مكان بيدن في مجلس الشيوخ. في مؤتمر صحافي عقده غلاسمان في «مركز الاعلام الاجنبي» في العاصمة الاميركية في منتصف يوليو، سألت «الراي» المسؤول الاميركي عن صحة الاتهامات التي وجهتها لينزر الى كل من ناصيف ومشكور لعدائهما للولايات المتحدة، فانبرى غلاسمان للدفاع عن ناصيف، من دون ذكر مشكور، وقال ان الاول ابلى بلاء حسنا، معتبرا ان غالبية الاتهامات الموجهة الى «الحرة» مصدرها «منافسين». واشار غلاسمان الى ارقام اخر استطلاعات الرأي، التي تجريها مؤسسة «انترميديا» الاميركية والتي نشرها «مجلس امناء البث» على موقعه، للدلالة على حسن اداء ناصيف. وقال غلاسمان: «ان الجمهور المشترك اليوم لراديو سوا والحرة هو 35 مليوناً». واضاف في معرض اجابته عن سؤال اخر: «ان ادارة الحرة لا ترى نفسها منافسة للجزيرة او للعربية او لاي شبكة عربية اخرى... ان الجزيرة هي اكبر قناة عربية على القمر الاصطناعي، ونحن لا نشعر انه علينا ان نخرجهم من السباق ونأخذ مكانهم». لكن غلاسمان سبق ان افتتح مؤتمره الصحافي بمقارنة «الحرة» بـ «الجزيرة»، اذ قال ان «للحرة جمهورا اكبر من الجزيرة في العراق، وجمهورا كبيرا في سورية ودول عربية اخرى... يشاهدها (الحرة)، كل اسبوع كما اسلفت، اكثر من نصف البالغين في سورية». خبراء اميركيون، رفضوا الافصاح عن هويتهم، رأوا ان غلاسمان حاول عبر تصريحه المذكور، كما حاول معظم القيمين على القناة ممن سبقوه، «التلاعب في الكلام للايحاء بان اداء فضائية الحرة مقبول في حده الادنى». وقال المراقبون، الذين اطلعتهم «الراي» على الاحصاءات غير المنشورة التي حصلت عليها، ان «غلاسمان ومجلس امناء البث يرددان ان المشاهدة الاسبوعية لفضائية الحرة بلغ 25 مليوناً، مع عدم وضع هذا الرقم في سياقه، اذ بالمقارنة مع الفضائيات الناطقة بالعربي، يتضح ان جمهور الحرة هو ثلث جمهور الجزيرة ونصف جمهور العربية، وهذا اداء سيء باي مقياس اعلامي». ويضيفون: «ثم اذا كان السيد غلاسمان وقناة الحرة لا يرغبان في منافسة الجزيرة، فلماذا يتباهى غلاسمان بتقدم قناته على الجزيرة في العراق»؟ ويؤكد الخبراء: «صحيح ان الارقام الاميركية عن نسب المشاهدين في العراق للعام 2007 (وبعضها منشور على موقع «مجلس امناء البث»)، تظهر تقدم الحرة على الجزيرة، الا ان ما لم يقله غلاسمان هو انه ورغم ان لدى فضائية الحرة فريقا خاصا للعراق وقناة تبث ارضيا وفضائيا في العراق هي «الحرة عراق»، فان القناة الاميركية لم تعد كونها الخامسة، بعد الشرقية والعراقية والعربية وام بي سي». وعن شعبية قناة «الحرة» في سورية، يعتبر الخبراء ان «في حديث غلاسمان قطبة مخفية ايضا لدى قوله ان اكثر من نصف السوريين البالغين من العمر 15 وما فوق يتابعون القناة». ويضيفون: « حسب الدراسة المنشورة، جرى الاحصاء في سورية عن طريق التلفون، وهو ما دفع كاتبي الدراسة الى ارفاق ملاحظة تشير الى ان الاحصاء في سورية يغطي 75 في المئة من الشعب السوري». «هذا يعني»، حسب الخبراء، «ان الرقم الفعلي لمتابعي الحرة في سورية هو ثلاثة ارباع نصف البالغين الذين يتحدث عنهم غلاسمان، لا النصف كما يقول... هذا تلاعب في الكلام». الارقام غير المنشورة عن الدراسة التي اجريت في فبراير الماضي في سورية، تظهر «الحرة» في المرتبة الحادية عشرة، حسب المشاهدة الاسبوعية. اما في الصدارة في سورية فتأتي «الفضائية السورية»، تليها «ام بي سي»، فـ «الجزيرة»، ثم «سورية 1» و«المنار»، فـ «سورية 2»، ثم «العربية»، وتأتي بعدها «ال بي سي» و «تلفزيون المستقبل» فـ «نيو تي في». هذا الواقع المزري لاداء «الحرة» دفع الكونغرس الى الضغط على «مجلس امناء البث» للايعاز لكلية الاعلام في «جامعة ساوث كارولينا» باجراء دراسة تسمح لاصحاب القرار تقييم عمل المحطة واتخاذ القرارات المناسبة في شأنها. وحاول القيمون على القناة التلاعب بهذه الدراسة قدر الامكان، فلم يسمحوا للخبراء المكلفين اجراء اي مقابلات مع العاملين في المحطة واصروا على اختيار مواد البث التي قدموها لاجراء الدراسة عليها. بعد انتهاء الدراسة، لم يشأ «مجلس امناء البث» اعلان النتائج ومنع الجامعة، بموجب العقد الموقع بينهما، من تسريب الدراسة. الا انه وبعد تجدد الضغط من الكونغرس، افرج القيمون عن المحطة عن الدراسة المذكورة. الدراسة اعتبرت ان «نوعية الاعلام الذي تقدمه الحرة هو تحت المستوى المطلوب على مستويات عديدة». واضافت ان مواد «الحرة» تفتقر «الى التوازن المطلوب واسناد المصادر... وغالبا ما تعتمد على معلومات غير مسندة». وتابعت ان «الحرة» تسمح تكرارا لمذيعيها ومقدمي برامجها «بالتعبير عن اهوائهم الشخصية مباشرة على الهواء»، وان «الحرة فشلت في تقديم الرأي الاخر في اكثر من ستين في المئة من تقاريرها الاخبارية». واضافت: «تقييمنا هو ان الحرة لا تعمل على المستوى الذي تحتاج ان تصل اليه لتكون ناجحة». ومما اوردته الدراسة ان «تحليل مؤهلات العاملين في الحرة وبنية اتخاذ القرار الاعلامي في المحطة كان خارج نطاق الدراسة، ولكن تحليل كهذا هو الخطوة المنطقية المقبلة لاولئك الذين سيقررون مستقبل الحرة». واكدت ان «الحرة» لا تقدم «عملا جيدا» يتناسب والمعايير التي وضعتها لنفسها. وختمت بالسؤال: «هل تنجح الحرة بعد اصلاحها؟» لتجيب: «من وجهة نظرنا، نعم». وفي دراسة اخرى قامت بها «جامعة ميسوري» وابدى الخبراء فيها تعاطفا اكبر مع اداء «الحرة»، كرر الخبراء ضرورة اتخاذ القناة «لخطوتين كبيرتين: تحسين مراقبة المواد في شكل راديكالي للتخلص من الانحياز وعدم التوازن في التغطية، وتدريب فريق العاملين على افضل الممارسات الصحافية في البث التلفزيوني للاخبار وانتاجها». فهل تقفل واشنطن، «الحرة» بعد نصف عقد من الفشل كلف الخزينة الاميركية اكثر من نصف مليار دولار، حسب تحقيقات اعلامية ودراسات جامعية اميركية؟ الجواب يحير المراقبين في العاصمة الاميركية، اذ اعتبر عدد منهم ان «الحرة» باقية، خصوصا بعد انتخاب جو بيدن، الاب الروحي للمحطة، نائبا للرئيس، وتعيين مساعده كوفمان، الضالع في اطلاق المشروع مع باتيز وغلاسمان وكونيف واخرين، في مجلس الشيوخ. لكن مساعي اوباما التغييرية قد لا تتناسب وطموحات الطاقم القديم، وبداية الغيث لانقاذ هذه الفضائية من مأساتها كان تكليف الرئيس الاميركي لعميد كلية اعلام «جامعة ساوث كارولينا» ايرنست ويلسن، بين الخامس من ديسمبر ونهايته، الاشراف على اعادة هيكلة «مجلس امناء البث»، وتنظيم عمله وعمل وسائل الاعلام التي يشرف عليها، ومنها «الحرة». واثر انتهائه من مهمته وعودته الى جامعته في ولاية ساوث كارولينا، القى ويلسن محاضرة، الخميس الماضي، اعتبر فيها ان «كمية الانتقادات التي وجهت الى الحرة تساوت، اذا ما اعتبرنا انها تجاوزت، كمية الانتقادات التي وجهت الى (وكالة الاستخبارات المركزية) سي اي ايه». وقال ويلسن، ان «امام الادارة الحالية فرصة تعيين اربعة اعضاء في مجلس امناء البث، وبامكان هؤلاء احداث فرق حقيقي في مقاربة (الموضوع) وفي (تحديد) كمية الاموال التي تنفق على الاعلام كوسيلة من وسائل الديبلوماسية العامة». http://alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=108521

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق