الجمعة، 14 أغسطس 2009

واشنطن تبذل جهدا لمنع المزيد من الانفلات الأمني في أفغانستان وتكرار المأساة العراقية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تبذل الحكومة الاميركية قصارى جهدها لمنع المزيد من الانفلات الامني في افغانستان، ولمنع تكرار المأساة العراقية، التي كلفت الاميركيين الكثير من الارواح والمال، ولتأمين انسحاب مشرف لوحداتها المقاتلة من هناك مع حلول نهاية العام المقبل.

وينتظر «مجلس الامن القومي» خطة ستقدمها قيادة الاركان الاميركية مع نهاية الشهر الجاري ليوافق عليها، على غرار خطة زيادة القوات التي عملت بموجبها القوات الاميركية المتواجدة في العراق لتثبيت الوضع هناك العام الماضي.

وافادت مصادر عسكرية لـ «الراي» ان الخطة «تأخذ بعين الاعتبار التغيير في الاهداف الاميركية في افغانستان، كما ستعمل على تدويل المجهود هناك قدر المستطاع، وستحاول تكرار التجربة الناجحة في العراق».

وتقول المصادر انه «على الرغم من الاختلاف في نظرة المواطن الاميركي للحربين، اي الحرب التي يعتبرها اكثر الاميركيين غير مبررة في العراق، وتلك التي ما زالت تخوضها اميركا في افغانستان، والتي توافق عليها غالبية الاميركيين لايمانهم بان

هجمات 11 سبتمبر انطلقت من هناك، فان ادارة الرئيس باراك اوباما لا ترى فارقا كبيرا بين الاثنين».

«على عكس (سلفه الرئيس السابق جورج) بوش، لا يرى الرئيس (باراك) اوباما ضرورة انخراط اميركا في بناء مؤسسات الدولة في اي من البلدين، بل يستخدم مقياس المصلحة الامنية الاميركية في رؤيته اليهما»، حسب مصادر عسكرية.

وتضيف المصادر: «ان هدفنا الرئيسي في افغانستان هو منع اعادة تشكل تنظيم القاعدة هناك، من حيث قام بشن هجماته ضد اميركا وعواصم غربية، وهذا الهدف يبدو انه قد تحقق تقريبا وقد اضعفت المواجهات هذا التنظيم الى حد بعيد».

كذلك تعتبر هذه المصادر ان «ما تبقى من تنظيم القاعدة يتمركز اليوم في المنطقة القبلية الحدودية من الجانب الباكستاني، وهو ما يجعل القتال في افغانستان غير ذات فائدة، ويفرض علينا اغلاق صفحة افغانستان واللجوء الى وسائل اخرى للتعاطي مع الموضوع الباكستاني».

اما عن الطالبان، فتقول المصادر الاميركية ان «هذه تشبه بعض المجموعات في العراق حيث يمكن استقطاب اكثر مقاتليها». وتضرب المصادر الاميركية مثلا على المقاتلين الذين وافقوا على الاشراف على امن الانتخابات الافغانية المقررة في 20 اغسطس: «لقد وافق اكثر من 45 الف مقاتل افغاني محلي الانضمام الى قوات حفظ سلام الانتخابات لقاء بدل اتعابهم، ونتوقع ان يستمر هؤلاء في العمل الى جانب قوات التحالف في افغانستان والحكومة الافغانية».

عن تدويل الازمة الافغانية، تشير المصادر الى زيارة خاطفة قام بها وزير الدفاع روبرت غيتس الى مقر حلف الناتو في بروكسل يوم الاثنين، برفقة كبار قياديي الجيش الاميركي، التقوا اثناءها نظراءهم الاوروبيين لحثهم على الابقاء على اعداد كبيرة لمقاتليهم هناك.

كذلك تشير الارقام الى وجود ما يقارب السبعين الف جندي اميركي في افغانستان، يضاف اليها حوالي ستين الفا من جنود تحالف الناتو. وتوقعت المصادر الاميركية ازديادا في عديد القوات الاميركية ليصل الى 100 الف خاصة في ظل التخفيض المستمر لعدد القوات الاميركية في العراق.

وتشرح المصادر: «مع حلول مطلع السنة المقبلة، من المتوقع ان يكون عدد القوات الغربية المقاتلة في افغانستان قد ناهز الـ 175 الفا، وهو رقم كبير جدا، اضف الى ان نوعية القتال هناك تختلف عن العراق إذ ان المقاتلين مبعثرون ولا يتمركزون في المدن، وهو ما يعطي التكنولوجيا العسكرية، وخاصة الطائرات من دون طيار، افضلية في وجه الارهابيين لم تكن متوافرة في العراق».

بدورها، تتحدث مصادر قريبة من «مجلس الامن القومي» عن اعطاء افغانستان فرصة اخيرة. وتقول: «في فترة 12 شهرا، سيستتب الوضع كثيرا في افغانستان تمهيدا لانسحاب القوات الاميركية وقوات حلف الناتو. على الحكومة الافغانية ان تحاول الاعتماد على نفسها وبناء مؤسساتها وخاصة جيشها في هذا الوقت، والا، تفوتها فرصة كبيرة لابقاء البلاد تحت السيطرة الحكومية».

اما عن دور دول الجوار، مثل ايران، فيقول المسؤولون الاميركيون ان «ايران ترغب في رؤية المستنقع الافغاني يستمر طالما ان قواتا اميركية موجودة هناك، ولكن مع خروجنا من هناك، ستنعكس الفوضى في حال استمرارها على ايران نفسها وقد تجبر طهران على مساعدة الحكومة الافغانية لتدارك الوضع، ووضع حد لاي فوضى ممكنة على المدى البعيد».

وتدحض المصادر الاميركية تقارير في الماضي تحدثت عن دخول القوات الاميركية الى افغانستان اصلا وبقائها هناك من اجل انشاء انبوب نفطي يمر في طول البلاد وعرضها. وتقول: «هذه سيناريوات مأخوذة من افلام هوليود... اذا كانت حرب افغانستان هدفها انشاء انبوب نفطي هناك، فلا شك ان النفط الذي سينقله هذا الانبوب المزعوم سيكون اغلى نفط في العالم نظرا لتكلفة الحرب، وهو عكس الفرضية القائلة بالاعتماد على النفط كمصدر رخيص للطاقة».

وتقول المصادر الاميركية بالقول انه في معظم الاوقات، «ما ترونه هو ما يحدث فعلا... دخلنا الى افغانستان لفرض العدالة على من اعتدوا على مدنيينا، ونجحنا الى حد بعيد في تعطيل تنظيمهم وقدراتهم، ونحن الان نعمل على ايجاد السبيل الافضل للخروج من تلك البلاد نهائيا».

وتختم: «كان بودنا لو ان الشعب الافغاني استفاد من فترة وجودنا الى جانبه كفاية ليبني لنفسه دولة حديثة، ولكن للاسف، لا تبدو النتائج في افغانستان على قدر التضحيات، بالامس تحدث رئيسنا عن ابتعادنا عن ازمة هندوراس كي لا يتهمنا العالم بالتدخل في شؤون الشعوب، ونحن نوافق اليوم ان هندسة العالم ليست مهمة الولايات المتحدة، بل مسؤولية الشعوب انفسها، ونأمل ان يفهم العالم مقصدنا».

واشنطن تبذل جهدا لمنع المزيد من الانفلات الأمني في أفغانستان وتكرار المأساة العراقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق