الثلاثاء، 12 يناير 2010

اتجاه عربي - أميركي لتبني اقتراح مبارك بترسيم الحدود... ثم استئناف المفاوضات

واشنطن - من حسين عبد الحسين

اصبح من شبه المؤكد، ان الولايات المتحدة، والدول المعنية بعملية السلام العربية - الاسرائيلية، تبنت خيار العمل على ترسيم الحدود بين اسرائيل والدولة الفلسطينية المرجو قيامها، ثم استئناف محادثات السلام لايجاد الحلول للقضايا العالقة الاخرى، وهو اقتراح قدمه اولا الرئيس المصري حسني مبارك، اثناء زيارته لواشنطن في اغسطس الماضي.

وفي هذا السياق، تأتي عودة الروح فجأة الى الديبلوماسية العربية والاميركية، فوزيري خارجية الاردن ومصر ناصر جودة واحمد ابوالغيط وصلا العاصمة الاميركية، اول من امس، وعقدا لقاءات مع نظيرتهما الاميركية هيلاري كلينتون، ومع مبعوث السلام جورج ميتشيل. وكانت الخارجية الاميركية اعلنت، في وقت سابق، نيتها تكثيف ديبلوماسية السلام، واستئناف ميتشيل لجولاته، في منطقة الشرق الاوسط، في الاسابيع القليلة المقبلة. وحدد ميتشيل، في مقابلة مع محطة اميركية، مهلة 24 شهرا للتوصل الى حل سلمي.

جودة قال اثر لقائه ميتشيل، تلاه لقاء مع كلينتون، اول من امس (وكالات): «اذا ما حليت سؤال الحدود، تكون حليت اوتوماتيكيا لا (مشكلة) المستوطنات في القدس فحسب، بل حددت على الارض طبيعة حل الدولتين وشكليهما». وتابع: «اتفقنا على ضرورة اطلاق مفاوضات جدية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، مفاوضات محددة زمنيا وبخطة واضحة».

كلينتون، بدورها، اشارت ضمنيا الى تبني ادارتها لاقتراح مبارك، وقالت: «كما تحدثنا الوزير جودة وانا، حل موضوع الحدود يؤدي الى حل للمستوطنات وحل للقدس». واضافت: «نعمل مع الاسرائيليين والسلطة الفلسطينية والاردن والدول العربية لوضع الاجراءات الضرورية لتحريك المفاوضات في اسرع وقت ودون شروط مسبقة».

واعربت عن املها في التوصل الى حل «يضع حدا للنزاع عبر تحقيق الهدف الفلسطيني بدولة مستقلة قابلة للحياة على اساس خطوط العام 1967 وتبادل متفق عليه (لاراض) والهدف الاسرائيلي بدولة يهودية بحدود آمنة ومعترف بها».وكان الرئيس المصري كتب في افتتاحية صدرت في صحيفة «وول ستريت جورنال»، في 12 يونيو الماضي، انه «رغم الانتكاسات في الاعوام القليلة الماضية، من المهم التذكير دائما ان عناصر كثيرة من الحل (للصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين) قد تم التفاوض عليها».

لذا يكمن الحل، حسب مقالة مبارك، بترسيم الحدود بين الدولتين، ثم المباشرة بايجاد الحلول للمسائل الاخرى.وكانت «الراي» ذكرت، في تغطيتها لزيارة مبارك، ان الادارة الاميركية تبنت الاقتراح المصري في حينه، ووعدت بالعمل بموجبه.وفي تكرار شبه حرفي لافتتاحية مبارك قبل 6 اشهر، قالت كلينتون: «كلنا نعرف ما على الحل النهائي ان يتضمن: الحدود، الامن، القدس، اللاجئين، والمياه. نحن نعرف العناصر التي يجب ان يتضمنها الحل النهائي».والتقى ميتشل وكلينتون ايضا ابو الغيط الذي قال انه يحاول «احياء» السلام في المنطقة، بحضور مدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان.

ونقلت «وكالة انباء الشرق الاوسط» المصرية عن ابو الغيط بعد اختتام زيارته لواشنطن: «في الوقت الحالي ليس هناك الأرضية أو الظروف التي تمكن الطرفين من استئناف مفاوضات ذات مصداقية».كما نفى عقد لقاء قريب بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال: «عندما يوضع الأساس المناسب للقاء بين الأطراف، لاستكشاف المواقف وليس للتفاوض، فعندئذ يمكن لهذا الاجتماع أن يعقد إذا وافقت الأطراف على ذلك».

وفي المعلومات المتوافرة، ان القيادة المصرية سمعت من الاسرائيليين، اثناء زيارة نتنياهو للقاهرة، ما مفاده ان تل ابيب مستعدة للسير بموضوع «الحدود اولا».الا ان الاختراق المرجو في عملية السلام يحتاج الى توافر عناصر سياسية معينة، منها تأمين مخرج لكل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي توعد بعدم العودة الى المفاوضات قبل ايقاف اسرائيل بناءها المستوطنات في الضفة الغربية وفي محيط القدس، ولنتنياهو، الذي توعد بدوره بالاستمرار ببناء هذه المستوطنات، وبتحويل القدس الى عاصمة دولة اسرائيل فقط.واستغرب ديبلوماسي عربي رفيع المستوى، في جلسة مغلقة مع الصحافيين المعتمدين في واشنطن، تحول المستوطنات الى عائق ادى الى ايقاف المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

وقال ان «المفاوضات في الماضي بين عباس و(رئيس حكومة اسرائيل السابق ايهود) اولمرت لم تتوقف، رغم استمرار اسرائيل في بناء المستوطنات وقتذاك».واجاب بدوره مسؤول اميركي رفيع المستوى عن تساؤل نظيره العربي بالقول ان «سبب العرقلة هو التهور الاميركي، اذ هاجم الرئيس (باراك) اوباما المستوطنات واعتبرها غير شرعية، فسلط الضوء عليها عالميا وعربيا، وجعل من الصعب على المفاوضين الفلسطينيين تجاهلها، مع ان مصيرها النهائي هو التفكيك، في حال نجاح المفاوضات والتوصل الى سلام».الديبلوماسي العربي قال كذلك ان سيناريو «ترسيم الحدود اولا» سيجعل من الممكن تجاوز «الطريق المسدود»، الذي تواجهه العملية السلمية حاليا.

واوضح: «ترسيم الحدود سيؤدي الى الوصول الى آخر المطاف، ثم نعود من هناك لتذليل العقبات الاخرى كالمستوطنات والقدس، وهذا سيشكل اختراقا».واضاف ان «البدء بعملية ترسيم الحدود ستحتاج الى غطاء سياسي، وهذا سيأتي على شكل مؤتمر للسلام، تشارك فيه الدول الراعية للعملية السلمية والدول العربية، على غرار مؤتمر مدريد، ويؤمن للطرفين، الفلسطيني والاسرائيلي، تفادي الحرج من العودة الى المفاوضات للبدء بالترسيم».

لكن مؤتمر كهذا يحتاج الى مرجعية ما، وهو «ما تعمل على توفيره الادارة الحالية على شكل رسائل خطية وضمانات الى الاطراف المعنية كافة، وهذه الضمانات مستوحاة من خطاب اوباما امام الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر الماضي». وان كانت هذه الخطة السلمية تحتاج الى توحيد الكلمة الفلسطينية، قال الديبلوماسي العربي: «ملف المصالحة الفلسطينية ما زال في يد المصريين، اما السعوديون فقالوا انهم اثناء استضافتهم (لرئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد) مشعل، توجهوا اليه بصراحة بسؤاله ان كان يعتبر نفسه جزءا من المنظومة العربية التي تسعى الى السلام، او انه جزء من المشروع الايراني في المنطقة».

اقرأ المقالة في

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق